الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِاخْتِصَاصِهِ بِتَعَلُّقِ النُّسُكِ بِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَلَوْ عَيَّنَ فِي نَذْرِهِ غَيْرَ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ لِلصَّلَاةِ، وَفِي وَجْهٍ وَقِيلَ: قَوْلُ يَتَعَيَّنُ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ مُخْتَصٌّ بِالْمَسْجِدِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ. (وَيَقُومُ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ مَقَامَهُمَا وَلَا عَكْسُ) لِمَزِيدِ فَضْلِهِ عَلَيْهِمَا. (وَيَقُومُ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ مَقَامَ الْأَقْصَى وَلَا عَكْسُ) لِأَنَّ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. قَالَ صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلَوْ عَيَّنَ زَمَنَ الِاعْتِكَافِ فِي نَذْرِهِ تَعَيَّنَ عَلَى الصَّحِيحِ فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَأَخَّرَ كَانَ قَضَاءً. (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الِاعْتِكَافِ لُبْثُ قَدْرِ مَا يُسَمَّى عُكُوفًا) أَيْ إقَامَةً يُقَالُ عَكَفَ وَاعْتَكَفَ أَيْ أَقَامَ فَلَا يَكْفِي فِيهِ أَقَلُّ مَا يَكْفِي فِي الطُّمَأْنِينَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ السُّكُونُ بَلْ يَكْفِي التَّرَدُّدُ (وَقِيلَ يَكْفِي الْمُرُورُ بِلَا لُبْثٍ) كَأَنْ دَخَلَ مِنْ بَابٍ وَخَرَجَ مِنْ آخَرَ. (وَقِيلَ) لَا يَكْفِي لُبْثُ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ أَيْ أَقَلُّ مَا يَصْدُقُ بِهِ بَلْ (يُشْتَرَطُ مُكْثُ نَحْوِ يَوْمٍ) أَيْ قَرِيبٍ مِنْهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ مُعْتَادٌ فِي الْحَاجَاتِ الَّتِي تَعِنُّ فِي الْمَسَاجِدِ، فَلَا يَصِحُّ لِلْقُرْبَةِ وَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ سَاعَةٍ صَحَّ نَذْرُهُ، وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا مُطْلَقًا خَرَجَ مِنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِأَنْ يَعْتَكِفَ لَحْظَةً.
(وَيَبْطُلُ بِالْجِمَاعِ) إذَا كَانَ ذَاكِرًا لَهُ عَالِمًا بِتَحْرِيمِ الْجِمَاعِ فِيهِ سَوَاءٌ جَامَعَ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ لِانْسِحَابِ حُكْمِ الِاعْتِكَافِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ. (وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ بِشَهْوَةٍ) فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ (كَلَمْسٍ وَقُبْلَةٍ تُبْطِلُهُ إنْ أَنْزَلَ وَإِلَّا فَلَا) كَالصَّوْمِ وَالثَّانِي تُبْطِلُهُ مُطْلَقًا لِحُرْمَتِهَا وَالثَّالِثُ لَا تُبْطِلُهُ مُطْلَقًا
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (قَالَ صلى الله عليه وسلم صَلَاةٌ إلَخْ) الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَمِنْ مِائَتَيْنِ فِي الْأَقْصَى وَمِنْ مِائَةِ أَلْفٍ فِي غَيْرِهِمَا، وَأَنَّهَا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتَيْنِ فِي الْأَقْصَى وَمِنْ أَلْفٍ فِي غَيْرِهَا، وَأَنَّهَا فِي الْأَقْصَى أَفْضَلُ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ فِي غَيْرِهَا. رَدٌّ ذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ مَا يُخَالِفُ هَذَا أَخْذًا مِنْ الْأَحَادِيثِ غَيْرِ الْمَذْكُورَةِ.
قَوْلُهُ: (أَقَلُّ مَا يَكْفِي إلَخْ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَيُنْدَبُ يَوْمٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ اعْتَكَفَ دُونَهُ وَضَمَّ إلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لَيْلَةً أَيْضًا. قَوْلُهُ: (صَحَّ نَذْرُهُ) وَيَخْرُجُ مِنْ عُهْدَتِهِ بِلَحْظَةٍ وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا سَاعَةً فَلَكِيَّةً. قَوْلُهُ: (لَحْظَةً) فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا وَقَعَ الْجَمِيعُ فَرْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى بَقَاءِ الِاعْتِكَافِ بَعْدَ فَرَاغِ تِلْكَ اللَّحْظَةِ وَلَا قَائِلَ بِهِ لِأَنَّ اللَّحْظَةَ الْمَحْمُولَ عَلَيْهَا النَّذْرُ كَالْمُعَيَّنَةِ بِالنَّذْرِ وَالنَّذْرُ الْمُقَيَّدُ بِمُدَّةٍ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا لَا يَدُومُ بَعْدَ فَرَاغِهَا لِمَنْ دَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَافْهَمْ وَلَا تَغْفُلُ. وَبِهَذَا سَقَطَ مَا هُنَا مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَلَا يُقَالُ إنَّ النِّيَّةَ تَعُمُّ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ كَمَا هُوَ فِي الصَّلَاةِ مَثَلًا لِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ: (بِالْجِمَاعِ) أَيْ الْمُوجِبِ لِلْغُسْلِ بِخِلَافِ الْخُنْثَى فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْخُرُوجِ) أَيْ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (لِانْسِحَابِ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهُ مُعْتَكِفٌ حَالَةَ خُرُوجِهِ أَمْ لَا، إذْ الْكَلَامُ فِي اعْتِكَافٍ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالْجِمَاعُ حَرَامٌ فِي الْوَاجِبِ مُطْلَقًا وَفِي الْمَنْدُوبِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ حَيْثُ الْمَسْجِدِيَّةُ. قَوْلُهُ:(كَالصَّوْمِ) يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ فِي
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فِي نَذْرِهِ الِاعْتِكَافَ) مِثْلُهُ الصَّلَاةُ. قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: (صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي إلَخْ) إذَا تَأَمَّلْت فِيهِ عَلِمْت مِنْهُ أَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، فَإِنْ قُلْت: فَهَلْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى؟ قُلْت: الْوَجْهُ أَنْ تَعْدِلَ مِائَتَيْ صَلَاةٍ فِيهِ فَقَطْ، لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، يَجِبُ حَمْلُ مَا سِوَاهُ عَلَى غَيْرِ الْأَقْصَى، وَإِلَّا يَلْزَمُ أَنَّ الْوَاحِدَةَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ تَزِيدُ عَلَى الْأَلْفِ فِي غَيْرِ الْأَقْصَى، مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْوَاحِدَةَ فِي الْأَقْصَى أَفْضَلُ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ فِي غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ إلَخْ) هُوَ يُفِيدُك أَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ فِيمَا سِوَاهُ لَا يَشْمَلُ الْأَقْصَى لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْأَلْفِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْأَقْصَى. قَوْلُهُ:(قَدْ يَكْفِي فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلِاعْتِكَافِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَكْفِي إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ لَبِثَ وَالْوَجْهُ الَّذِي بَعْدَهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ يُسَمَّى عُكُوفًا
[مُبْطِلَات الِاعْتِكَاف]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَبْطُلُ بِالْجِمَاعِ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَقْبَلِ أَمَّا الْمَاضِي فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَنْذُورًا مُتَتَابِعًا فَيَسْتَأْنِفُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَتَابِعًا لَمْ يَبْطُلْ مَا مَضَى، سَوَاءٌ كَانَ مَنْذُورًا أَمْ نَفْلًا، وَإِنَّمَا بَطَلَ بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ تَعَالَى نَهَى عَنْهُ فِيهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] الْآيَةَ وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَةِ يَقْتَضِي الْفَسَادَ. قَوْلُهُ: (لِحُرْمَتِهَا) اسْتَدَلَّ غَيْرُهُ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:
كَالْحَجِّ، وَهِيَ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ قَالَ تَعَالَى:{وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] وَلَا بَأْسَ بِاللَّمْسِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَلَا بِالتَّقْبِيلِ عَلَى سَبِيلِ الشَّفَقَةِ وَالْإِكْرَامِ. (وَلَوْ جَامَعَ نَاسِيًا) لِلِاعْتِكَافِ (فَكَجِمَاعِ الصَّائِمِ) نَاسِيًا فَلَا يَضُرُّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَذَا جِمَاعُ الْجَاهِلِ بِتَحْرِيمِهِ.
(وَلَا يَضُرُّ التَّطَيُّبُ وَالتَّزَيُّنُ) بِلُبْسِ الثِّيَابِ وَتَرْجِيلِ الشَّعْرِ
(وَ) لَا (الْفِطْرُ بَلْ يَصِحُّ اعْتِكَافُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ) وَحُكِيَ قَوْلٌ قَدِيمٌ إنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ الصَّوْمُ فِي الِاعْتِكَافِ.
(وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ هُوَ فِيهِ صَائِمٌ لَزِمَهُ) الِاعْتِكَافُ يَوْمَ صَوْمِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، فَلَوْ اعْتَكَفَ فِي رَمَضَانَ أَجْزَاهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِالنَّذْرِ صَوْمًا. (وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا لَزِمَاهُ) أَيْ الِاعْتِكَافُ وَالصَّوْمُ (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ جَمْعِهِمَا) وَالثَّانِي لَا يَجِبُ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا أَوْ يُصَلِّيَ مُعْتَكِفًا لَا يَجِبُ جَمْعُهُمَا. وَقِيلَ بِطَرْدِ الْوَجْهَيْنِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الصَّوْمَ يُنَاسِبُ الِاعْتِكَافَ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْكَفِّ وَالصَّلَاةُ أَفْعَالٌ مُبَاشِرَةٌ، لَا تُنَاسِبُ الِاعْتِكَافَ، وَالثَّالِثُ يَجِبُ الْجَمْعُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَصْلُحُ وَصْفًا لِلصَّوْمِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، فَإِنَّ الصَّوْمَ مِنْ مَنْدُوبَاتِ الِاعْتِكَافِ.
(وَيُشْتَرَطُ نِيَّةُ الِاعْتِكَافِ) فِي ابْتِدَائِهِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فِي الِاعْتِكَافِ وَعَبَّرَ فِيهَا فِي الرَّوْضَةِ كَالْوَجِيزِ بِالرُّكْنِ. (وَيَنْوِي فِي النَّذْرِ الْفَرْضِيَّةَ) وُجُوبًا. (وَإِذَا أَطْلَقَ) نِيَّةَ الِاعْتِكَافِ. (كَفَتْهُ نِيَّتُهُ) هَذِهِ (وَإِنْ
ــ
[حاشية قليوبي]
لَمْسٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ بِلَا حَائِلٍ كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا وَإِنَّ الِاسْتِمْنَاءَ يُبْطِلُهُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (لِحُرْمَتِهَا) أَيْ فِي الْوَاجِبِ لِمَا مَرَّ
. قَوْلُهُ: (وَلَا يَضُرُّ التَّطَيُّبُ إلَخْ) وَلَا الْأَكْلُ وَلَا الشُّرْبُ وَلَا الْأَمْرُ بِإِصْلَاحِ مَعَاشِهِ وَلَا كِتَابَةُ الْعِلْمِ، وَإِنْ كَثُرَتْ وَلَا الصَّنْعَةُ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ وَلَا تُكْرَهُ الصَّنْعَةُ فِيهِ مَا لَمْ تَكْثُرْ وَلَا غَسْلُ يَدِهِ فِي نَحْوِ إنَاءٍ مَا لَمْ يَكُنْ إزَارًا وَلَا الْوُضُوءُ فِيهِ أَوْ عَلَى حُصُرِهِ. وَالْأَوْلَى لِلْمُعْتَكِفِ الِاشْتِغَالُ بِالْعِبَادَةِ وَمُجَالَسَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَقِرَاءَةُ الْوَثَائِقِ وَالْمَغَازِي غَيْرِ الْمَوْضُوعَةِ وَإِلَّا فَتَحْرُمُ كَفُتُوحِ الشَّامِ وَقَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ وَحِكَايَتِهِمْ الْمَنْسُوبَةِ لِلْوَاقِدِيِّ.
فَائِدَةٌ: ذَكَرَ الْإِمَامُ الشَّعْرَاوِيُّ فِي الْمَتْنِ مَا نَصُّهُ وَيُحَذَّرُ مِنْ مُطَالَعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِ إحْيَاءِ الْعُلُومِ لِلْغَزَالِيِّ، وَمِنْ كِتَابِ قُوتِ الْقُلُوبِ لِأَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ، وَمِنْ تَفْسِيرِ مَكِّيٍّ، وَمِنْ كَلَامِ ابْنِ مَيْسَرَةَ الْحَنْبَلِيِّ، وَمِنْ كَلَامِ مُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ الْبَلُّوطِيِّ، وَمِنْ مُطَالَعَةِ كُتُبِ ابْنِ حِبَّانَ أَوْ كُتُبِ إخْوَانِ الصَّفَاءِ أَوْ كَلَامِ إبْرَاهِيمَ النَّجَّامِ، أَوْ كِتَابِ خَلْعُ النَّعْلَيْنِ لِابْنِ قُسَيٍّ، أَوْ كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ الظَّاهِرِيِّ، أَوْ كَلَامِ الْمُفِيدِ بْنِ رَشِيدِيٍّ، أَوْ كُتُبِ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ الْعَرَبِيِّ، أَوْ تَائِيَّةِ مُحَمَّدِ بْنِ وَفَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ انْتَهَى. قَوْلُهُ:(وَلَا الْفِطْرُ) وَإِنْ وَجَبَ كَالْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ كَمَا مَرَّ
. قَوْلُهُ: (يَوْمَ صَوْمِهِ) وَلَوْ نَفْلًا وَيَلْزَمُهُ اعْتِكَافُ يَوْمٍ كَامِلٍ وَهُوَ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِهِ، فَلَوْ اعْتَكَفَ مِنْ أَوَّلِهِ وَنَوَى الصَّوْمَ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَكْفِهِ. قَوْلُهُ:(صَائِمًا أَوْ يَصُومُ مُعْتَكِفًا) أَوْ بِاعْتِكَافٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ الِاعْتِكَافُ وَالصَّوْمُ) وَيَكْفِيهِ لَحْظَةٌ عَنْ الِاعْتِكَافِ وَلَا يُجْزِئُهُ صَوْمُ غَيْرِ مَا نَذَرَهُ وَلَوْ وَاجِبًا وَلَا أَقَلَّ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ لِأَنَّهُ أَقَلُّهُ. قَوْلُهُ: (وَالصَّلَاةُ أَفْعَالٌ) وَمِثْلُهَا الْإِحْرَامُ فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا أَوْ عَكْسَهُ لَزِمَاهُ لَا جَمَعُهُمَا وَلَوْ نَذَرَ الْقِرَانَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ جَازَ لَهُ مُقْتَضَيَانِ وَهُوَ أَفْضَلُ.
قَوْلُهُ: (وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ) أَيْ الْقَاطِعُ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ وَالثَّانِي لَا يَجِبُ وَحَيْثُ لَزِمَاهُ فَيَكْفِيهِ لِلِاعْتِكَافِ لَحْظَةً، وَمِنْ الصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ وَلَوْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ وَجَبَ فَلَوْ كَانَ أَيَّامًا لَزِمَهُ لِكُلِّ يَوْمٍ رَكْعَتَانِ فِيهِ، وَلَا يَكْفِيهِ جَمْعُهَا فِي يَوْمٍ. وَلَوْ عَيَّنَ زَمَنًا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ مَعَهُ لَزِمَهُ الِاعْتِكَافُ فَقَطْ. وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا مُتَتَابِعًا فَجَامَعَ لَيْلًا بَطَلَ وَلَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ.
قَوْلُهُ: (الْفَرْضِيَّةُ) أَوْ النَّذْرُ وَلَمْ يَجْرِ هُنَا الْخِلَافُ فِي نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ لَفْظَ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ مَثَلًا يُرْشِدُ إلَى الْفَرْضِيَّةِ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ، وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ سَبَبِهِ
ــ
[حاشية عميرة]
{وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ} [البقرة: 187] . قَوْلُهُ: (وَهِيَ حَرَامٌ إلَخْ) حَاوَلَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَنْعَ التَّحْرِيمِ فِيهَا إذَا كَانَ الِاعْتِكَافُ تَطَوُّعًا، وَقَضِيَّةُ الشَّرْحِ كَالرَّوْضَةِ خِلَافُهُ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَضُرُّ التَّطَيُّبُ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ تَرْكُهُ، وَلَا الْأَمْرُ بِتَرْكِهِ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَزِمَهُ) أَيْ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ بِالصَّوْمِ أَفْضَلُ فَصَحَّ الْتِزَامُهُ لِحَدِيثِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا) مِثْلُهُ مَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ بِصَوْمٍ، لِأَنَّهُ حَالٌ أَيْضًا. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَيَنْبَغِي فِيهِمَا أَنْ يَكْتَفِيَ بِاعْتِكَافِ لَحْظَةٍ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ بِطَرْدِ الْوَجْهَيْنِ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ لَا يَجِبُ جَمْعُهُمَا
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَنْوِي فِي النَّذْرِ الْفَرْضِيَّةَ) لَمْ يَحْكُوا هُنَا خِلَافَ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ تَقْيِيدَ
طَالَ مُكْثُهُ لَكِنْ لَوْ خَرَجَ) مِنْ الْمَسْجِدِ (وَعَادَ) إلَيْهِ (احْتَاجَ إلَى الِاسْتِئْنَافِ) لِلنِّيَّةِ سَوَاءٌ خَرَجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّ مَا مَضَى عِبَادَةٌ تَامَّةٌ وَالثَّانِيَ اعْتِكَافٌ جَدِيدٌ. (وَلَوْ نَوَى مُدَّةً) كَيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ. (فَخَرَجَ فِيهَا وَعَادَ فَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ) لِلنِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ لِقَطْعِهِ الِاعْتِكَافَ. (أَوْ لَهَا فَلَا) يَلْزَمُهُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ مِنْهَا فَهِيَ كَالْمُسْتَثْنَى عِنْدَ النِّيَّةِ (وَقِيلَ إنْ طَالَتْ مُدَّةُ خُرُوجِهِ اسْتَأْنَفَ) النِّيَّةَ لِتَعَذُّرِ الْبِنَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَطُلْ وَسَوَاءٌ خَرَجَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَمْ لِغَيْرِهِ. (وَقِيلَ لَا يَسْتَأْنِفُ مُطْلَقًا) لِأَنَّ النِّيَّةَ شَمَلَتْ جَمِيعَ الْمُدَّةِ بِالتَّعْيِينِ. (وَلَوْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فَخَرَجَ لِعُذْرٍ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ) وَعَادَ (لَمْ يَجِبْ اسْتِئْنَافُ النِّيَّةِ وَقِيلَ إنْ خَرَجَ لِغَيْرِ الْحَاجَةِ وَغُسْلِ الْجَنَابَةِ) يَعْنِي مِمَّا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ كَالْأَكْلِ، فَإِنَّهُ مَعَ إمْكَانِهِ فِي الْمَسْجِدِ يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَحْيِ مِنْهُ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ فِيهِ بِخِلَافِ الشُّرْبِ فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ لَهُ مَعَ إمْكَانِهِ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحْيَا مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ. (وَجَبَ) اسْتِئْنَافُ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ الْعِبَادَةِ بِمَا عَرَضَ وَالْأَصَحُّ لَا يَجِبُ لِشُمُولِ النِّيَّةِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ أَمَّا مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ كَالْحَيْضِ فَهُوَ كَالْحَاجَةِ قَطْعًا، وَلَوْ خَرَجَ لِعُذْرٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِغَيْرِ النَّذْرِ. قَوْلُهُ: (أَطْلَقَ نِيَّةَ الِاعْتِكَافِ) أَيْ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةٍ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ) وَلَا يَضُرُّ فِي النِّيَّةِ قَصْدُ قَطْعِهَا، وَلَا قَصْدُ قَطْعِ الِاعْتِكَافِ، وَلَا قَصْدُ الْخُرُوجِ مِنْهُ كَمَا فِي الْحَجِّ نَعَمْ يَضُرُّ رَفْضُهَا. قَوْلُهُ:(احْتَاجَ إلَى الِاسْتِئْنَافِ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْزِمْ حَالَ خُرُوجِهِ عَلَى الْعَوْدِ لِلِاعْتِكَافِ وَإِلَّا كَفَاهُ ذَلِكَ الْعَزْمُ مِنْ النِّيَّةِ عِنْدَ دُخُولِهِ مَسْجِدًا سَوَاءٌ الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ اعْتِكَافٌ وَلَا يَضُرُّ فِي نِيَّتِهِ جِمَاعُهُ حَالَ خُرُوجِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اعْتِكَافٍ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ) أَيْ مَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى الْعَوْدِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى إذْ هُنَا قَوْلٌ بِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ مُطْلَقًا وَشَيْخُنَا لَمْ يُوَافِقْ فِي هَذِهِ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ مَا يُوَافِقُهُ إذَا عَادَ إلَى مَسْجِدٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَكْثَرُ مَسَافَةً مِنْهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا عَادَ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا، وَإِلَّا فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الِاعْتِكَافِ مُطْلَقًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ نِيَّةٍ. قَوْلُهُ:(بِالتَّعْيِينِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمِقْدَارُ كَمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا فِي التَّقْدِيرِ لَا مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ كَيَوْمِ كَذَا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ نَذَرَ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَوَى مُدَّةً مُعَيَّنَةً نَفْلًا كَمَا يَدُلُّ لَهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَعَادَ) أَيْ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ حَالًا وُجُوبًا فِي النَّذْرِ وَإِلَّا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ. قَوْلُهُ: (بُدَّ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ
ــ
[حاشية عميرة]
الْبَالِغِ الصَّلَاةَ بِكَوْنِهَا ظُهْرًا مَثَلًا يُرْشِدُ إلَى الْفَرْضِيَّةِ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا هُنَا تَعْيِينَ سَبَبِ وُجُوبِهِ وَهُوَ النَّذْرُ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِهِ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ: وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى نِيَّةِ الْمَنْذُورِ كَفَتْهُ عَنْ الْفَرْضِيَّةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ) قَدْ سَلَفَ فِي الصَّلَاةِ وَجْهٌ فِي مِثْلِ هَذِهِ النِّيَّةِ، لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَةٍ، وَقِيَاسُهُ هُنَا الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يُسَمَّى عُكُوفًا وَوُجِّهَ، لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَقِيَاسُهُ هُنَا الِاقْتِصَارُ عَلَى يَوْمٍ قَوْلُ الْمَتْنِ:(وَلَوْ نَوَى مُدَّةً) مِثْلُهُ لَوْ نَذَرَهَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ التَّتَابُعَ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ) أَيْ لِيَصِحَّ اعْتِكَافُهُ الثَّانِي، وَأَمَّا أَصْلُ الْعَوْدِ فَلَا يَجِبُ فِي النَّفْلِ لِجَوَازِ الْخُرُوجِ مِنْهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا الْخِلَافُ الَّذِي فِي التَّطَوُّعِ جَارٍ فِيمَا إذَا نَذَرَ مُدَّةً، وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِيهَا التَّتَابُعَ، وَكَذَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ لَفْظِ الْكِتَابِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً) يَحْتَمِلُ أَنَّ نِيَّتَهَا كَنَذْرِهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْإِرْشَادِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ كَالشَّيْخَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا خِلَافُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَوْلُ الْمَتْنِ:(لِعُذْرٍ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَالْأَكْلِ وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالْحَيْضِ وَالْمَرَضِ وَالْخُرُوجِ نَاسِيًا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي إيضَاحُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَجِبْ اسْتِئْنَافُ النِّيَّةِ) وَلَكِنْ اشْتَرَطَ الْمُبَادَرَةَ إلَى الْعَوْدِ عِنْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَغُسْلُ الْجَنَابَةِ) أَيْ غَيْرُ الْمُفْطِرِ. قَوْلُهُ: (يَعْنِي مِمَّا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ) حَاوَلَ بِهَذَا دَفْعَ مَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: تَخْصِيصُ الْخِلَافِ بِهَذَيْنِ غَلَطٌ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ، فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ قَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ آخِرَ الْبَابِ، فَقَالَ: أَمَّا الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي مَعْنَاهُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالِاغْتِسَالِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذَانَ إذَا جَوَّزْنَا الْخُرُوجَ لَهُ، وَأَمَّا الَّذِي مِنْهُ بُدٌّ أَيْ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، فَفِيهِ وَجْهَانِ، أَظْهَرُهُمَا لَا يَجِبُ وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ مِثْلَهُ. قَالَ: أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ رحمه الله فَتَلَخَّصَ أَنَّ جَمِيعَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَذَلِكَ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْمَرَضِ وَقَضَاءِ الْعِدَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَيْفَ يُتَخَيَّلُ اغْتِفَارُ الِاغْتِسَالِ، وَالْآذَانِ دُونَ الْحَيْضِ وَنَحْوِهِ اهـ.
ثُمَّ