الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية: عنايته بآراء العلماء
.
لم يكن بِدْعًا أن يَصْرِف ابن هشام عنايته إلى آراء العلماء المتقدمين، ويجلوَها؛ لينظر أيها أقرب إلى الحق والصواب، فهذا نَهْجٌ سَلَكه في مصنفاته مطولها ومختصرها، وتجلَّى ذلك في حاشيتيه على الألفية في صور، منها:
1 -
ذكرالخلاف بين البصريين والكوفيين في مسائل عدة، مع الترجيح أحيانًا لِمَا ظهرت حجته بالدليل.
فمن المسائل التي ذكرها:
- منع البصريون تقدم خبر "ما زال" وأخواتها عليها، وأجازه الكوفيون
(1)
.
- أعمل البصريون "لا" المشبهة بـ"ليس"، ولم يعملها الكوفيون
(2)
.
- إعمال "ما" المشبهة بـ"ليس" إذا انتقض نفيها؛ أجازه الكوفيون إذا كان الخبر وصفًا، أو منزَّلًا الاسم منزلته، ومنعه البصريون؛ وأجازوا نصبه بفعل مضمر إن كان مصدرًا، أو دل دليل على تقدير الفعل
(3)
.
- اسم "لا" النافية للجنس إذا كان شبيهًا بالمضاف؛ أجاز الكوفيون فيه النصب والبناء على الفتح، ولم يجز فيه البصريون إلا النصب، وأوَّلوا ما سمع مبنيًّا على الفتح، كقولهم: لا آمِرَ بمعروفٍ، على أن المجرور متعلق بغير اسم "لا"
(4)
.
- أجاز الكوفيون مجيء الفاعل جملةً، ومنعه البصريون
(5)
.
- أعمل البصريون الثاني في باب التنازع، وأعمل الكوفيون الأول
(6)
.
(1)
المخطوطة الأولى 7/ب.
(2)
المخطوطة الأولى 8/أ.
(3)
المخطوطة الثانية 30.
(4)
المخطوطة الأولى 9/ب.
(5)
المخطوطة الأولى 11/أ.
(6)
المخطوطة الأولى، الرابعة الملحقة بين 18/ب و 19/أ.
- المصدر أصل للفعل عند البصريين، وفرع عنه عند الكوفيين
(1)
.
- سمَّى البصريون المفعول فيه ظرفًا، وسمَّاه الكوفيون محلًّا وصفةً
(2)
.
- أجاز الكوفيون إتباع المستثنى في الإيجاب، ولم يجز فيه البصريون إلا النصب
(3)
.
- إذا كان العامل مضمنًا معنى الفعل دون حروفه لم يجز البصريون تقديم الحال عليه، وأجازه الكوفيون، وأعربوه خبرًا
(4)
.
- أجاز الكوفيون وقوع التمييز معرفة، ومنعه البصريون
(5)
.
- زاد الكوفيون في معاني الإضافة: أن تكون بمعنى "عند"، مثل: رَقُود الحَلَب، وجعله البصريون من المبالغة في الوصف، فوُصف الحلب بأنه رقود؛ لَمَّا كان الرقاد عنده
(6)
.
- منع الكوفيون إعمال صيغ المبالغة، وأجازه بعض البصريين، كسيبويه، وأجاز بعضهم إعمال بعضها دون بعض
(7)
.
- عمل المصدر إذا كان بـ"أَلْ" ضعيف عند البصريين، ممتنع عند الكوفيين
(8)
.
- عمل ضمير المصدر ممتنع عند البصريين، جائز عند الكوفيين
(9)
.
- اسم المصدر لا يعمل عند البصريين، ويعمل عند الكوفيين
(10)
.
(1)
المخطوطة الأولى 13/أ.
(2)
المخطوطة الأولى 14/أ.
(3)
المخطوطة الأولى 14/ب.
(4)
المخطوطة الأولى 15/ب.
(5)
المخطوطة الأولى 16/أ.
(6)
المخطوطة الثانية 56.
(7)
المخطوطة الثانية 74.
(8)
المخطوطة الأولى، الأولى الملحقة بين 13/ب و 14/أ.
(9)
المخطوطة الثانية 71.
(10)
المخطوطة الثانية 71.
- اسم الفاعل الذي بمعنى المضي لا يعمل عند البصريينفي المفعول، ويعمل عند بعض الكوفيين
(1)
.
- في نحو: نعم رجلًا زيد؛ جعل البصريون "زيد" مبتدأً، وفاعلَ "نعم" ضميرًا مفسَّرًا بالتمييز "رجلًا"، وجعل الكوفيون "زيد" فاعلَ "نعم"، و"رجلًا" حالًا أو تمييزًا
(2)
.
- منع البصريون توكيد النكرة، وحملوا ما سمع منه على البدل، وأجازه الكوفيون
(3)
.
- أجاز الكوفيون وقوع عطف البيان بين النكرات، ومنعه البصريون
(4)
.
- عدَّ الكوفيون "ليس" من حروف العطف، وتأوَّل البصريون ما أوهم ذلك
(5)
.
- ألحق بعض الكوفيين الفاء بالواو في مطلق الجمع، ولم يجز فيها البصريون إلا الترتيب
(6)
.
- أجاز الكوفيون العطف بـ"لكن" في الإيجاب، ومنعه البصريون إلا في النفي
(7)
.
- أجاز الكوفيون ترخيم المنادى المضاف، ومنعه البصريون
(8)
.
- أجاز الكوفيون اجتماع الساكنين وصلًا في توكيد الفعل المسند إلى ألف الاثنين بالنون الخفيفة، ومنعه البصريون
(9)
.
(1)
المخطوطة الثانية 72.
(2)
المخطوطة الثانية 91.
(3)
المخطوطة الثانية 106.
(4)
المخطوطة الأولى 23/ب.
(5)
المخطوطة الأولى 24/أ، والمخطوطة الثانية 111.
(6)
المخطوطة الأولى 24/أ.
(7)
المخطوطة الثانية 115.
(8)
المخطوطة الأولى 26/ب.
(9)
المخطوطة الأولى 28/أ، والمخطوطة الثانية 146.
- نون التوكيد الخفيفة حرف برأسه عند البصريين، ومخففة من الثقيلة عند الكوفيين
(1)
.
- ينصب المضارع بعد لام الجحود بـ"أَنْ" مقدرة عند البصريين، وباللام نفسها عند الكوفيين
(2)
.
- أجاز بعض الكوفيين دون شذوذ حذف جواب القسم عند تقدمه على الشرط، ومنعه البصريون
(3)
.
- أجاز الكوفيون مد المقصور، ومنعه البصريون
(4)
.
- الاسم المقصور الزائد على ثلاثة أحرف تقلب ألفه ياء عند البصريين، وتحذف عند الكوفيين
(5)
.
- علة مجيء وزن "مُفْعِل" صفةً للمؤنث بغير تاء في بعض الألفاظ المسموعة عدم التباسه بالمذكرعند الكوفيين، وكونه للنسب عند البصريين
(6)
.
- التاء في "كلتا" عند البصريين عوض من اللام المحذوفة، والكلمة دالة على التثنية، وعند الكوفيين التاء للتأنيث، والألف للتثنية
(7)
.
- لا تكون الألف الممدودة في "فِعْلاء" عند البصريين إلا للإلحاق، وتكون للتأنيث عند الكوفيين
(8)
.
- عند تكسير الاسم الخماسي يحذف خامسه، أو رابعه إن كان شبيهًا بالزائد
(1)
المخطوطة الأولى 28/أ.
(2)
المخطوطة الثانية 6.
(3)
المخطوطة الأولى 30/ب.
(4)
المخطوطة الأولى 33/ب.
(5)
المخطوطة الأولى 33/ب.
(6)
المخطوطة الأولى 33/أ.
(7)
المخطوطة الأولى 36/ب.
(8)
المخطوطة الأولى 33/أ.
عند البصريين، وأجاز الكوفيون حذف غيرهما
(1)
.
- أثبت الكوفيون وزن "فُعْلَل"، ولم يثبته البصريون
(2)
.
- أجاز الكوفيون الحركات الثلاث في آخر الفعل إذا كان مضعَّفًا ساكنًا متصلًا بهاء الضمير، ولم يجز فيه البصريون إلا الفتح
(3)
.
- أجاز الكوفيون تتميم "مفعول" واوي العين، ومنعه البصريون
(4)
.
- المحذوف عند البصريين عند اجتماع تاءين أول الكلمة الثانية؛ لأن الثقل منها نشأ، وعند بعض الكوفيين الأولى
(5)
.
2 -
الاحتجاج لآراء العلماء، والاستشهاد لها بما يزيدها قوة ومتانة.
ومن ذلك:
- احتج للمازني في أن "أَلْ" حرف تعريف لا موصولة بأربعة أمور
(6)
.
- استشهد للبصريين في تجويزهم تقديم الخبر مطلقًا بشواهد عدة
(7)
.
- قوَّى إجازة الكوفيين بناء اسم "لا" النافية للجنس على الفتح إذا كان شبيهًا بالمضاف بشواهد مسموعة
(8)
.
- قوَّى مذهب الكوفيين في إجازة حذف غير الخامس أو الرابع الشبيه بالزائد في التكسير بحكاية الزمخشري تصغير: جَحْمَرش على: جُحَيْرِش
(9)
.
(1)
المخطوطة الثانية 166.
(2)
المخطوطة الثانية 198.
(3)
المخطوطة الثانية 192.
(4)
المخطوطة الأولى 41/ب.
(5)
المخطوطة الأولى 42/ب.
(6)
المخطوطة الأولى، الثانية الملحقة بين 4/ب و 5/أ.
(7)
المخطوطة الأولى 6/ب.
(8)
المخطوطة الأولى 9/ب.
(9)
المخطوطة الثانية 166.
3 -
الاعتراض على آراء العلماء التي خالفت الصواب في نظره، أو باينتها الحجة، والاستدراك على بعضها بما يقوِّيها ويقوِّمها.
ومن ذلك:
- رأى الخليل أنك إذا سمَّيت رجلًا بـ: "قَدْ" قلت: هذا قَدٌ قد جاء، فرد عليه بأن إعراب ثنائيِّ الأصل فيه نظر، بخلاف: يَدٍ، ودَمٍ، وقال:«حقُّ هذا عندي الحكايةُ»
(1)
.
- ناقش الكسائي في إجازته نداء المضاف، استدلالًا بقوله تعالى:{قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا} ، على أن "سبحانك" نداءُ مضافٍ، وأن المعنى: يا سبحانك؛ بأنه لا يجوز: يا غلامَك، وإنما يجوز في الندبة خاصةً، نحو: وا غلامَك
(2)
.
- استدل أبو علي القالي على مجيء: أَرْسى بمعنى: رسا بقوله تعالى: {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا} ، فرد عليه بأن هذه همزةُ النقل، مثلُها في: جَلَس وأَجْلسته، وأقام وأَقَمته
(3)
.
- رد على الفارسي تأويله قراءة: {جَعَلَهُ دَكًّا} على أنها بتقدير مضافٍ، أي: ذا دَكٍّ، أو "جَعَلَ" بمعنى: خَلَقَ وعَمِلَ، فكأنه قيل: دَكَّه دَكًّا، وقال:«فيه نظر؛ لأن الكلام لم يتمَّ»
(4)
.
- رد على أبي البَقَاء تقديره: {لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} : بـ: ما أَمَرَه به، بأنه إن قُدِّر إسقاطُ الخافض فقط لَزِم: ما أَمَروهوه؛ فيتَّحدَ الضميران متصلين، أو: ما أَمَرَه إيَّاه؛ فيُحذَفَ المنفصلُ
(5)
.
- منع ابن بابشاذ: عليكَني؛ لأن أسماء الأفعال لم تتمكَّنْ تمكُّنَ الأفعال، فتوصلَ بها الضمائرُ كما توصل بالأفعال، فرد عليه بأنه سمع: عليكَني، ولم يستضعفه أحد من
(1)
المخطوطة الأولى 37/ب مع 38/أ.
(2)
المخطوطة الثانية 132.
(3)
المخطوطة الثانية 93.
(4)
المخطوطة الثانية 104.
(5)
المخطوطة الثانية 19.
هذه الجهة
(1)
.
- مثَّل ابنُ الحاجِّلتقديم معمول الخبر بـ: في دراهمك ألفٌ بِيضٌ، على أن "بِيضٌ" الخبرُ، واستشهد بأن س نصَّ على جواز: إنَّ في دراهمك ألفًا بِيضٌ، فرد عليه المثال بأنه لا يَظهر معنًى لقول القائل: ألفٌ بِيضٌ، وإنما الظاهر أن "بِيضٌ" صفةٌ، وأن "في دراهمك" الخبرُ، ثم لا معنى لقوله: إن "بِيضٌ" عاملٌ في الجار والمجرور
(2)
.
- رأى ابن إيازأنك إذا عَطفت على الجار والمجرور النائب عن الفاعل رفعت، نحو: سِيرَ بزيدٍ وعمرٌو، فرد عليه بعدم وجود شرط العطف على المحل؛ لأن الحرف غيرُ زائد
(3)
.
- قال ابن الناظم: إن عَمَلَ المصدر المضاف أكثر، وعمل المنوَّن أقيس، فرد عليه بأنه لا يشبه الفعل؛ لأن فيه التنوينَ
(4)
.
- خرَّج أبو حيان قولَ الشاعر:
فَأَصْبَحَ مِنْ أَسْمَاءَ قَيْسٌ كَقَابِضٍ
…
عَلَى الماءِ لَا يَدْرِي بِمَا هُوَ قَابِضُ
على الضرورة؛ لأنه نظير: مررت بالذي فرحت، فرد عليه بأن أصله: قابضُه، والباء زائدة، والعائدُ حُذف منصوبًا، على رأي الأخفش، ومخفوضًا على رأي غيره، فهو ضرورةٌ من هذا الوجه لا غيرُ
(5)
.
4 -
استحسان رأي بعض العلماء في مسائل ظهر فيها دقة كلامهم، وصواب رأيهم.
ومن ذلك:
- ذكر وجهين في علة حذف عجز المركب عند النسب، واستحسن منهما
(1)
المخطوطة الأولى 27/ب، 28/أ.
(2)
المخطوطة الثانية 23.
(3)
المخطوطة الأولى 11/ب.
(4)
المخطوطة الأولى، الرابعة الملحقة بين 18/ب و 19/أ.
(5)
المخطوطة الثانية 19.
رأي سيبويه أنه مشبه بتركيب الإضافة؛ إِذْ تَجوز فيه الإضافة، ولولا انعقاد الشبه بينهما ما جاز؛ ولأنهم شبَّهوه في إسكان ياء الأول بالممزوج
(1)
.
- استحسن استدلال أبي علي الفارسي على أن ما كان على "فُعُل" فإنه يجوز في مفرده "فُعْل"، نحو: كُفْء، ويُسْر؛ بأنه لَمَّا كان يحصل بتقدير "فُعُل" الثِّقَلُ رُفِض "فُعْل" في الجمع
(2)
.
- علَّلعبدالقاهرالجرجاني بناء "قبلُ" و"بعدُ" على الحركةبأنه للتنبيه على أنه ليس عريقًا في البناء، بل عَرَض له عدمُ التمكُّن، وعدل عن قولهم: بني على الحركة؛ لئلا يلتقيَ ساكنان، فاستحسن ابن هشام تعليله؛ لأن ما علَّلوا به مفقود في "أوَّلُ"، وهما بابٌ واحد.
وعلَّل بناءهما على الضم بأنهأقوى الحركات، والموضعُ موضعُ الدلالة على التمكُّن، فاختير له أقوى الألفاظ، وصارت الضمة علمًا على هذا الحذف، وعدل عن قولهم: إنهما بنيا على الضم؛ لأنه حركة لا تكون له في الإعراب، فاستحسن ابن هشام تعليله؛ لأن ما علَّلوا به مفقود في "حسبُ" و"أوَّلُ"، وهما أيضًا بابٌ واحد
(3)
.
- فضَّل قولَ ابنِ الحاجِب في الكافية: «و"يا ابنَ أُمّ"، "يا ابنَ عَمّ" خاصةً مثلُ بابِ: يا غلام» على قول ابن مالك في الألفية:
وفتحٌ او كسْرٌ وحذف اليا استَمرّ
…
في يابنَ أُمَِّ يابن عمَِّ لا مَفَرّ
لأن الأخير يعطي الجوازَ في نحو: يا غلامَ أخي
(4)
.
- ذكر تقدير أبي عَلِيٍّ الفارسي قول الشاعر:
وَقَدْ جَعَلَتْنِي مِنْ حزيمة إِصْبَعَا
بـ: ذا مقدارِ مسافةِ إصبعٍ، وتقدير ابن الناظم بـ: ذا مسافةِ إصبعٍ، ثم استحسن هذا
(1)
المخطوطة الثانية 181.
(2)
المخطوطة الأولى 34/ب.
(3)
المخطوطة الأولى 18/أ.
(4)
المخطوطة الأولى 26/أ.
الأخير
(1)
.
- استحسن اشتراط ابن الناظم أن لا يكون عطف البيان بلفظ الأول
(2)
.
5 -
تبيينآراء العالم الواحد إن كان له في مسألةٍ أكثرُ من رأي، والتبيُّن في بعض المواضع: هل ذلك منه رجوع من قول إلى آخر، أو تعدُّدُ أقوالٍ؟
فمن ذلك:
- ذكر أن للمبرد قولين في موضع الضمير في نحو: الضاربك: النصب والجر، ولم يرجح
(3)
.
- ذكر للفارسي قولين في "ما" إذا وليت "نعم" و"بئس"، نحو: نعم ما يقول الفاضل: أنها معرفة تامة، وأنها نكرة مميزة
(4)
.
- ذكر أن ابن عصفور أجاز في "شرح جمل الزجاجي" في قول الشاعر:
وَهَذَا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ
أن يكون "تحملين" خبرًا، وحمله على تعدد الخبر، كقولهم: حلوٌ حامضٌ، وأنه منعه في "المقرَّب"، وأسند ذلك إلى علةٍ نحويةٍ، قال:«فمقتضى الحال فساد أحد قولَيْه»
(5)
.
- ناقش أبا حيان فيما نسبه إلى ابن عصفور من أنه لم يُجِزْ في: عسى أن يقوم زيد؛ أن يكون "زيد" فاعلًا بـ"عسى"، فبيَّن أن اختيار ابن عصفور المنسوب إليه هو قولُه في "المقرَّب"، وأنه رجع عنه، فاختار في "شرح جمل الزجاجي" الجوازَ
(6)
.
- بيَّن أن أبا حيان منع في "البحر المحيط" ما أجازه الزمخشري من كون "هدى ورحمة" في قوله تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى
(1)
المخطوطة الأولى 18/ب.
(2)
المخطوطة الأولى 23/ب.
(3)
المخطوطة الثانية 58.
(4)
المخطوطة الثانية 92.
(5)
المخطوطة الأولى 7/أ.
(6)
المخطوطة الأولى 8/ب.
وَرَحْمَةً} معطوفين على محل "لتبين"، ثم إنه أجاز في موضع آخر كون نظيرهما -وهو "هدى وبشرى" في قوله تعالى:{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} - معطوفين على المصدر المنسبك من "أَنْ" والفعل، فرجع إلى قول الزمخشري
(1)
.
6 -
الاحتجاج لصحة ما قرره في مسألةٍ برأي أحد العلماء فيها؛ لأنه نظيره.
ومن ذلك:
-ذكر أن المضاف كثيرًا ما يُحمَل في أحكامه على الجار؛ واحتج لذلك بأن ابن جني ذكر في باب "تدريج اللغة"من "الخصائص" أنه إنما جاز: غلامَ مَنْ تضربْ أضربْ؛ حملًا على: بمَنْ تمررْ أمررْ
(2)
.
7 -
العناية بآراء ابن مالك عناية خاصة، لكونه صاحب الكتاب المحشَّى عليه.
وظهر ذلك في أمور، أبرزها:
أ- تفسير مراده في موضعٍ ما في الألفية بما يضاهيه في موضع آخر منها، أو في كتاب آخر من كتبه. ومن ذلك:
- فسر مراده بقوله:
واجْرُرْ أَوِ انصِبْ تَابِعَ الَّذِي انْخَفَضْ
…
كمبتَغِي جاهٍ وَمَالًا مَن نَهَضْ
بأنه: الذي انخفض وهو مخفوضٌ بذي الإعمال، لا الذي انخفض مطلقًا، واستدل على ذلكبأنه يَلِي قولَه:
وانصِب بذي الإعمالِ تِلْوًا واخْفِضِ
…
وهْوَ لِنَصْب ما سِواه مقتضي
-بيَّن أن مراده بـ: «ونحوَه» في قوله:
إياك والشر ونحوه نصب
…
محذِر بما استِتاره وجب
نحوَه من الألفاظ المبدوءة بـ"إيَّا" المختومةِ بعلامة المخاطب، كـ: إيَّاك، وإيَّاكما،
(1)
المخطوطة الأولى 13/ب.
(2)
المخطوطة الثانية 49.
وإيَّاكم، وإيَّاكنَّ، ويخرُج عنه: إيَّاي، وإيَّانا، وإيَّاه إلى: إيَّاهنَّ، ثم قال: «يدلُّ على أنه أراد ما ذكرتُه: جَعْلُه بعدُ "إيَّاي" و"إيَّاه" شاذَّيْنِ-يعني في قوله:
وشذ إياي وإياه أشذ
…
وعن سبيل القصد من قاس انتبذ-
فهذا يفسِّر أن مراده بالنحو ما كان من ذلك للمخاطب»
(1)
.
- فسَّر قوله: «قد يُعَرَّى» من قوله في باب النداء:
وغيرُ مندوبٍ ومُضمرٍ وما
…
جا مستغاثا قد يُعرّى فاعْلَما
بأنه يعني: قد يُعرَّى من "يا"، واستدل له بأنه قيَّده بذلك في "شرح التَّسْهيل"
(2)
.
- قال في تفسير قوله:
علامةُ الفعل المُعَدَّى أَن تَصِل
…
ها غيرِ مَصْدر به نحو عَمل:
«فإن قلت: لِمَ لا اعتُبر بوقوعه على اسمٍ، ولم يخصَّص ذلك بالهاء؟ قلت: لأنه قد يُحذف الجار، فيَصِلُ إليه بنفسه، وأما مع الضمير فيجب أن تَرُدَّ الشيءَ إلى أصله، وهذا معنى كلام المصنف في مثل هذا؛ فإنه قال
(3)
: إنه -وإن جاز: قعدت الصراطَ- لا يجوز: صراطٌ مقعودٌ، حتى تقول: عليه»
(4)
.
- فسَّر قوله في باب الترخيم:
والتزم الأول في كمُسْلِمه
…
وجوّز الوجهين في كمَسْلَمه
فبيَّن أنه لا يريد بقوله: «كـ: مُسْلِمَه» الصفةَ، بل كل ما أدَّى إلى لَبْسٍ، حتى الأعلامَ، ثم قال: «كذا رأيت عن المصنف، فلْيُنْظَرْ في أيِّ كتابٍ قاله
(5)
، وهو حقٌّ، وأيضًا لو أراد الصفةَ لوَرَدَ عليه: يا هُمَزة، و: يا لُمَزة؛ فإنه لا إلباسَ؛ لأنه لا يكون إلا بالهاء،
(1)
المخطوطة الثانية 138.
(2)
المخطوطة الثانية 122.
(3)
أي: فيشرح التسهيل 2/ 149.
(4)
المخطوطة الأولى، الثانية الملحقة بين 12/ب و 13/أ.
(5)
قاله فيشرح عمدة الحافظ 1/ 298، 299.
فيجوز فيه اللغتان»
(1)
.
- قال في بيان مراده بـ «حُوتٍ» في قوله في "فِعْلان" من جموع التكسير:
وشَاعَ فِي حُوتٍ وقَاعٍ معَ ما
…
ضاهاهُما وقَل في غيرهما:
(2)
.
- ذكر معلقًا على قوله في باب جمع التكسير:
فَعْلَى لوصفٍ كقتيل وزَمِن
…
وهالكٍ وميِّتٌ به قمن
أنه لا يريد بقوله: «زَمِن» "فَعِل" صفةً كيفما كان، وعلَّل ذلكبأنه نصَّ
(3)
على ندور: ذَرِب وذَرْبى
(4)
.
ب- بيان مقاصده من أبواب الألفية، وربطها بسابقها ولاحقها، وتفسير بعض مصطلحاته التي يكثر دورها. ومن ذلك:
- بيَّن أنه لمَّا فَرَغَ من ذكر المعارف إجمالًا شَرَع في ذكرها تفصيلًا، وبدأ بالضمير؛ لبَدْئه به في البيت، وبَدَأ به في البيت؛ لأنه أعرفُ المعارف
(5)
.
- بيَّن أنه لَمَّا ذكر إعمال المصادر وأسماءِ الفاعلين والمفعولين أراد تكميلَ الكلامِ على ذلك بتعريف أبنيتهنَّ
(6)
.
-ذكر أنه رتَّب أبواب التوابع على هذا النحو: النعت والتوكيد والعطف والبدل؛
(1)
المخطوطة الأولى، الثالثة الملحقة بين 22/ب و 23/أ.
(2)
المخطوطة الثانية 163.
(3)
يريد: في شرح الكافية الشافية 4/ 1854.
(4)
المخطوطة الثانية 159.
(5)
المخطوطة الأولى 3/ب.
(6)
المخطوطة الأولى 19/ب.
لأنها تُرَتَّبُ كذلك في الذكر إذا اجتمعت؛ إلا عطفَ النسق؛ فإنه يُؤخَّر عن البدل
(1)
.
- علَّل تقديمهالمقصور في باب المقصور والممدودبأنه هو الأصل؛ لأن الممدود مزيد فيه، ولهذا جاز عند البصريين قصرُ الممدود، ولم يجز العكس
(2)
.
-علَّل ذكره سبب الإمالة الحرفي قبل الحركيبأنه أقوى، وهما أقوى من المناسَبة، فلهذا أخَّرها عنهما، وبدأ بالمقدَّر؛ لأنه أقوى في هذا الباب من الظاهر، عكسُ ما يقتضيه القياس
(3)
.
-بيَّن أن مراده بالاطراد في بابَيْ أبنية المصادر وجمع التكسير: كثرةُ النظائر، لا أنَّ لنا أن نَقُولَه وإن لم يُسمَعْ
(4)
.
ج- الموازنة بين كتبه في المسألة الواحدة؛ لمعرفة ما بينها من زيادة ونقصان واختلاف.
ومن ذلك:
- ذكر أنه اختار في الألفية قلَّةَ لحاق "أَنْ" بعد "أوشك"، مخالفًا ما اختاره في "شرح الكافية الشافية" من أن لحاقها وعدمه قريبان من السواء، ثم رجَّح ما في الألفية؛ لأن سيبويه لم يسمع لحاقها
(5)
.
- قال: «وكان ينبغي أن يؤخِّر الكلامَ على مصدر "استَفعلَ" معتلِ العينِ على الكلام على مصدر "استَفعلَ" الصحيحِ العينِ
…
وكذا فَعَل في "التَّسْهِيل" و"الفَيْصَل" و"سَبْك المنظوم"»
(6)
.
- قال في باب الندبة: «قولُه: إن النكرة والمبهم لا يُندَبان: زاد في "المُؤَصَّل":
(1)
المخطوطة الثانية 104.
(2)
المخطوطة الأولى 33/ب.
(3)
المخطوطة الثانية 191.
(4)
المخطوطة الثانية 76.
(5)
المخطوطة الثانية 41.
(6)
المخطوطة الثانية 79.
التابعَ»
(1)
.
- قال في تفسير قوله: «ما للمُنَادَى» في البيت 601:
ما للمنادى اجعل لمندوبٍ ومَا
…
نُكِّرَ لم يُندَبْ ولا ما أُبْهِما:
إنه يعني: ما له من أقسامٍ وأحكامٍ إلا ما يُستثنى، وإنه كذا صنع في "سَبْك المنظوم"
(2)
.
-قال في قوله:
ويُندب الموصولُ بالذي اشتهر
…
كبئر زمزمٍ يلي وامن حَفَر:
إنه أرسلَ القولَ في الموصول، وقيَّده في "سَبْك المنظوم"، فقال: شرطُ المندوب أن لا يكون مبهمًا غيرَ "مَنْ" الموصولةِ بمعيَّنٍ، كـ: مَنْ حَفَرَ بئرَ زمزم
(3)
.
- ذكرعند قوله:
وبِفُعول فَعِلٌ نحو كَبِدْ
…
يُخَصُ غالبا كذاك يطَّرد
أنه في "التَّسْهِيل" بعد أن ذكر أن "فُعُولًا" يشارك "فِعَالًا"قال ما نصُّه: وانفرد مقيسًا بنحو: كَبِد، وأنه في "سَبْك المنظوم" بعد أن ذكر مثلَ ذلك قال: وانفرد "فُعُول" مقيسًا بنحو: نَمِر. وأن قوله:"غالبًا" زائدٌ على ما في "التَّسْهِيل"و"سَبْك المنظوم"، واحتَرَز به عن نحو: كَتِف وأَكْتاف
(4)
.
- عند قول الناظم:
واحذف لوقف في سوى اضطرار
…
صلةَ غير الفتح في الإِضمار
بيَّن أنه لم يذكر قَيْدَ الضرورة في "تَسْهِيله"، ولا في "كافِيته"، ولا في "شرحها"، ولا في "سَبْك المنظوم"، ولا في "العُمْدة"، ولا في "شرحها"
(5)
.
- ذكرأن معنى البيت:
(1)
المخطوطة الثانية 131.
(2)
المخطوطة الثانية 131.
(3)
المخطوطة الثانية 131.
(4)
المخطوطة الثانية 162.
(5)
المخطوطة الثانية 185.
كذا رويد بله ناصبين
…
ويعملان الخفضَ مصدرين
لم يرد في "الكافِية" ولا في "شَرْحها"
(1)
.
- وازن كلامه في الألفية بكلامه في غيرها عند قوله في باب الإمالة:
إن كان ما يَكف بعدُ متَّصِل
…
أو بعد حرف أو بحرفين فصِلْ
فبيَّن أنهقال في "التَّسْهِيل" و"السَّبْك" و"المُؤَصَّل" بعد أن ذكر حرفَ الاستعلاء في الكَفِّ وشروطَه: وإن فُتحت الراء المتصلةُ بالألف أو ضُمَّت فحكمُها حكمُ المستعلي غالبًا
(2)
.
د- عدُّ أساليب الألفية ضرورةً؛ لأنها شعر، والاستشهاد لها بالقرآن، ومن ذلك:
- أعرب قوله:
ولا تضف لمفرد معرف
…
أيا وإن كررتها فأضف
أو تنو الاجزا واخصصن بالمعرفه
…
موصولةً أيا وبالعكس الصفه
فقال: «"تَنْوِ": عطفٌ على:"كرَّرتها"، و:"كرَّرتها" شرطٌ، والمعطوفُ على الشرط شرطٌ، لكن لا جوابَ لـ «تَنْوِ» في اللفظ، ولا يُحذف جواب الشرط إلا إذا كان ماضيًا أو مجزومًا بـ"لم"؛ اللهمَّ إلا في الشعر، وهذا شعرٌ»
(3)
.
-قال في البيت السابقأيضًا: «قولُه: "تَنْوِ" فيه سؤالان
…
الثاني: "تَنْوِ" عطفٌ على الشرط، والمعطوفُ على الشرط [شرطٌ]، فيلزم تقديمُ الجواب على الشرط. والجوابُ: أنه قد جاء في التنزيل العظيم: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى} ، فـ"أجلٌ" عطفٌ على "كلمةٌ"، و"كلمةٌ" من جملة الشرط، فإذا جاز للمفرد أن يُعطف على المفرد بعد مضيِّ الجواب؛ فأَنْ يجوز ذلك في الجملة أحقُّ وأَوْلى؛ لأن مبناها على الاستقلال»
(4)
.
(1)
المخطوطة الثانية 141.
(2)
المخطوطة الثانية 193، 194.
(3)
المخطوطة الثانية 63.
(4)
المخطوطة الثانية 63.
هـ- مناقشة شراح الألفية في مواضع أشكلت من كلامهم، خاصة ابن الناظم، وربما لم يسم من يناقشه. ومن ذلك:
- ذكر عند قوله في حذف الخبر:
وبعدَ واو عيَّنَتْ مفهومَ مَع
…
كمثلِ كلُ صانعٍ وما صنع
قولَ ابن الناظم: فإن لم تكن الواو للمصاحبة لم يَجُزِ الحذف، وقال:«وهذا فاسدٌ، بل جاز الحذفُ والإثباتُ، نصَّ عليه الناظمُ في "شرح التسهيل"»
(1)
.
- قال معلقًا على قوله: «والكسرَ» في البيت 173:
والفتح والكسر أجز في السين من
…
نحو عسيت وانتقا الفتح زكن
(2)
.
- قال عند حديثه عن مواضع كسر همزة "إنَّ" في قوله:
أو حكيت بالقول أو حلت محل
…
حال كزرته وإني ذو أمل
(3)
.
- ناقش ابن الناظم في إجازته رفع المكرر على التحذير؛ حملًا على قول الناظم:
وكمحذر بلا إيا اجعلا
…
مُغْرًى به في كل ما قد فُصّلا
بأن قوله: "قد فُصِّلا"يأباه، وقال: «ولو أنه قال: في سائر أحكامه؛ لكان قد يمكن بكُلْفةٍ كبيرةٍ. وله أن يقول: مرادُه: في كلِّ ما قد فَصَّل النحويون من الأحكام، لا: في
(1)
المخطوطة الثانية 26.
(2)
المخطوطة الثانية 43.
(3)
المخطوطة الأولى 8/ب.
كلِّ ما قد فصلتُه أنا، إشارةً إلى أنهما لا يفترقان في شيءٍ»
(1)
.
(2)
.
- قال في التعليق على قوله:
وذو تمام ما برفع يكتفي:
(3)
.
(1)
المخطوطة الثانية 139.
(2)
المخطوطة الثانية 119.
(3)
المخطوطة الأولى 7/ب.