المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الاستِثْناءُ ما استثنت إلا مع تمام ينتصب … وبعد نفي أو - حاشيتان لابن هشام على ألفية ابن مالك - جـ ١

[ابن هشام النحوي]

فهرس الكتاب

- ‌مستخلص الرسالة

- ‌أقسام البحث:

- ‌المقدمة

- ‌الأهمية العلمية للمخطوطتين:

- ‌أسباب اختيار المخطوطتين:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌خطة المشروع:

- ‌منهج التحقيق:

- ‌الدراسة

- ‌المبحث الأول: ابن مالك وابن هشام الأنصاري، (ترجمة موجزة)

- ‌أولا: ابن مالك

- ‌ثانيًا: ابن هشام الأنصاري

- ‌المبحث الثاني: حاشيتا ابن هشام على الألفية

- ‌المطلب الأول: تحقيق عنوان المخطوطتين، وتوثيق نسبتهما إلى ابن هشام

- ‌المطلب الثاني: منهجهما. وفيه ثلاث مسائل:

- ‌المسألة الأولى: طريقة ابن هشام في عرض المادة العلمية

- ‌المسألة الثانية: عنايته بآراء العلماء

- ‌المسألة الثالثة: اختياراته وترجيحاته

- ‌المطلب الثالث: مصادرهما

- ‌المطلب الرابع: موازنة بينهما وبين أوضح المسالك

- ‌المطلب الخامس: تقويمهما. وفيه ثلاث مسائل:

- ‌المسألة الأولى: المحاسن

- ‌المسألة الثانية: المآخذ

- ‌المسألة الثالثة: التأثر والتأثير

- ‌المطلب السادس: وصف المخطوطتين، ونماذج منهما

- ‌الكلام وما يأتلف منه

- ‌المعرب والمبني

- ‌النكرة والمعرفة

- ‌العلم

- ‌أَسْماءُ الإشارة

- ‌الموصول

- ‌المعَرّف بِأَداةِ التعرِيفِ

- ‌الابْتِدَاءُ

- ‌كانَ وأخواتها

- ‌أفْعالُ المقاربة

- ‌إِنَّ وأَخَواتُها

- ‌لا التي لنفي الجنس

- ‌ظن وأخواتُها

- ‌أَعْلَمَ وأَرى

- ‌الفاعِلُ

- ‌النَّائبُ عَنِ الفَاعِلِ

- ‌اشتِغالُ العامل عن المعمول

- ‌تعدِّي الفعْلِ ولزومُه

- ‌التنازع في العمل

- ‌المفْعولُ المطلقُ

- ‌المفعُولُ له

- ‌المفعولُ فيْهِ، وهو المسَمَّى ظَرْفا

- ‌المفعول مَعَهُ

- ‌الاستِثْناءُ

- ‌الحَالُ

- ‌التَمْييزُ

- ‌حُرُوفُ الجَرّ

- ‌الإِضَافَةُ

- ‌المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌إِعْمَالُ المصْدَرِ

- ‌إِعْمَالُ اسمِ الفاعِلِ

- ‌أبنية المصادر

- ‌أبنيةُ أسْماء الفاعلين والمفعولين(1)والصِّفات المشبهة بها

- ‌الصفة المشبهة باسْمِ الفاعل

- ‌التعجب

- ‌نِعْمَ وبئْسَ وما جرى مجراهما

الفصل: ‌ ‌الاستِثْناءُ ما استثنت إلا مع تمام ينتصب … وبعد نفي أو

‌الاستِثْناءُ

ما استثنت إلا مع تمام ينتصب

وبعد نفي أو كنفي انتخب

(خ 1)

* قال السِّيرَافيُّ

(1)

: ومما يجري مَجرى الفعل الواجبِ نحوُ: لِيَقُم القومُ إلا زيدًا، وفعلُ الشرط، نحو: إِنْ قام القومُ إلا زيدًا أكرمتك، وكذا: لو قام القومُ إلا زيدًا أكرمتك، وقياسُ قولِ أبي العَبَّاسِ

(2)

أن يجريَ فعلُ الشرط مَجرى النفي

(3)

.

* قولُه: «وبَعْدَ نفيٍ أو كنفيٍ» : مثلُ النفي: التقليلُ، فتقول: أقلُّ رجلٍ يقول ذلك إلا زيدٌ؛ لأنه في معنى: ما أحدٌ يقول ذلك إلا زيدٌ، يدلُّك على ذلك: قولُ الشاعر

(4)

-فيما أنشده أبو عَلِيٍّ في "التَّذْكِرة"

(5)

-:

دَعَا دَعْوَةً دُودَانُ وَهْوَ بِبَلْدَةٍ

قَلِيلٍ بِهَا المعْرُوفُ بَلْ هُوَ مُنْكَرُ

(6)

(7)

* [«أو كنفيٍ»]: يُشبِهُ النفيَ: النهيُ والاستفهامُ بـ"هَلْ"، نحو: هل قام أحدٌ إلا زيدًا، لا الأمرُ، وفيه نظرٌ؛ فإنهم جعلوا الأمرَ في باب ما يُنصَب من الجواب كالنفي، وهنا لم يجعلوه كذلك، ولا فرقَ، وحُكِي لي عن بعض الكوفيين

(8)

أنه مَنَع النصبَ في جواب الأمر، قال: لأنه لم يَجْرِ عندنا في الاستثناء مَجرى النفي، فكذا هنا

(9)

.

إتباع ما اتصل وانصب ما انقطع

وعن تميم فيه إبدال وقع

(1)

شرح كتاب سيبويه 8/ 202، 203.

(2)

المقتضب 4/ 408، وينظر: الانتصار 166.

(3)

الحاشية في: 14/ب.

(4)

لم أقف على تسميته.

(5)

لم أقف عليه في مختارها لابن جني.

(6)

بيت من الطويل. ينظر: حواشي المفصل 247.

(7)

الحاشية في: 14/ب.

(8)

لم أقف على تسميته، ولا على رأيه.

(9)

الحاشية في: 14/ب.

ص: 563

(خ 1)

* مذهبُ كـ

(1)

الإتباعُ مع الإيجاب، وأنشدوا للأَخْطَل:

وَبِالصَّرِيمَةِ مِنْهُمْ مَنْزِلٌ خَلَقٌ

عَافٍ تَغَيَّرَ إِلَّا النُّؤْيُ وَالوَتِدُ

(2)

قال الشَّلَوْبِينُ

(3)

: ويجوز أن تكون "إلَّا" هنا حرفَ ابتداءٍ، كما قيل في: {فَشَرِبُوا [مِنْهُ]

(4)

إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ}

(5)

، ومِن أناشيدهم في ذلك أيضًا:

عَلَى أَطْرِقَا بَالِيَاتُ الخِيَا

مِ إِلَّا الثُّمَامُ وَإِلَّا العِصِيُّ

(6)

وفيه ما فيه من الاحتمال

(7)

.

* قولُه: «وانصِبْ ما انقطع» : قال ابنُ بَابَشَاذَ

(8)

: لأن انقطاع معناه يقتضي انقطاعَ إعرابِه.

ع: هذا لا يمكن أن يقالَ في: ما ضربت أحدًا إلا وَتِدًا، أو: إلا حمارًا، لكنه

(1)

ينظر: اللامات 40.

(2)

بيت من البسيط. الصَّرِيمة: موضع، وأصله: الرملة المنصرمة من معظم الرمل، وخَلَق: بالٍ، وعافٍ: دارس، والنُّؤْي: حفرة حول الخيمة تمنعها من ماء المطر. ينظر: الديوان 297، وشرح التسهيل 2/ 281، والتذييل والتكميل 8/ 206، 284، ومغني اللبيب 363، والمقاصد النحوية 3/ 1083.

(3)

حواشي المفصل 237.

(4)

ما بين المعقوفين ليس في المخطوطة، وهو في الآية الكريمة.

(5)

البقرة 249. وهي قراءة أُبَيّ بن كعب وابن مسعود والأعمش. ينظر: مختصر ابن خالويه 22، وشواذ القراءات للكرماني 96.

(6)

بيت من المتقارب، لأبي ذُؤَيب الهذلي. أَطْرِقا: موضع، والثُّمَام: شجر يجعل فوق الخيام. ينظر: الديوان 72، وديوان الهذليين 1/ 65، وشرح أشعار الهذليين 1/ 100، والحلبيات 242، وتهذيب اللغة 9/ 15، وأمالي ابن الحاجب 1/ 333، وشرح التسهيل 1/ 171، والتذييل والتكميل 2/ 309، والمقاصد النحوية 1/ 360، وخزانة الأدب 7/ 333.

(7)

الحاشية في: 14/ب.

(8)

شرح الجمل 449.

ص: 564

ممكنٌ في نحو: ما فيها أحدٌ إلا حمارًا، ثم هو جُنُوحٌ إلى نظير ما يقول الكوفيون

(1)

من أنَّ لنا نصبًا يسمَّى النصبُ على الخلاف، ونصبًا يسمَّى النصبُ على الصرف، أي: سَبَبُهما قصدُ الخلاف والصرف، وهو فاسد من قول الكوفيين مع استمراره، فكيف هذا مع تخلُّفِه؟

(2)

* ش

(3)

: ابنُ كَيْسَانَ

(4)

: لا يكون الاستثناءُ المنقطعُ إلا في شيءٍ ينضمُّ فيه ما قبلَه وما بعده في المعنى، لو قلت: قام القومُ إلا دارَ زيدٍ؛ لم يصحَّ؛ لأن القيام لا تصحُّ نسبتُه إلا

(5)

الدار.

ع: لا بدَّ من اعتبار هذا الذي قاله ابنُ كَيْسَانَ، والناسُ غافلون عنه، ومعنى المنقطع: الذي ليس داخلًا في المستثنى منه، لا: الذي هو منقطعٌ عن معنى الكلام

(6)

.

* أجاز الزَّمَخْشَريُّ

(7)

والزَّجَّاجُ

(8)

في: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا}

(9)

أن يكون "أَنْ يقولوا" بدلًا، قال الزَّمَخْشَريُّ: من "حَقٍّ"، وقال الزَّجَّاجُ: من "بغير حَقٍّ".

ع: فيما أظنُّ. انتهى.

ويُبطِلُه: أن البدل في الإيجاب لا يصحُّ، ويُبطِل قولَ الزَّمَخْشَريِّ: أن التقدير يصير: بغير إلَّا.

(1)

ينظر: معاني القرآن للفراء 1/ 33، 115، 221، 391، والإنصاف 1/ 197، واللباب 2/ 40، والتبيين 376، 379.

(2)

الحاشية في: 14/ب.

(3)

حواشي المفصل 242.

(4)

لم أقف على كلامه عند غير الشلوبين.

(5)

كذا في المخطوطة، والصواب: إلى.

(6)

الحاشية في: 14/ب.

(7)

الكشاف 3/ 160.

(8)

معاني القرآن وإعرابه 3/ 430.

(9)

الحج 40.

ص: 565

ع: الذي أَفْهَمُه أن المعنى: لم يَنْقِموا منهم إلا قولَهم: ربُّنا الله، فهذا استثناءٌ من محذوفٍ هو وعاملُه، دلَّ عليهما قولُه:"أُخرجوا بغير حقٍّ"؛ فإن ذلك مما يُسأل عنه، أو قولُه

(1)

: "أُخرجوا" بمعنى النفي، أي: لم يُقَرُّوا في ديارهم بغير حقٍّ إلا قولَهم: ربُّنا الله، والاستثناءُ غير متصلٍ، أي: أَخرجوهم بلا حقٍّ إلا قولَهم: ربُّنا الله، بتقدير: لكنْ قولُهم

(2)

.

وغير نصب سابق في النفي قد

يأتي ولكن نصبه اختر إن ورد

وإن يفرغ سابق إلا لما

قبل يكن كما لو الا عدما

وألغ إلا ذات توكيد كلا

تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا

وإن تكرر دون توكيد فمع

تفريغ التأثير بالعامل دع

في واحد مما بإلا استثني

وليس عن نصب سواه مغني

ودون تفريغ مع التقدم

نصب الجميع احكم به والتزم

(خ 1)

* ع: مِنْ غريب ما وَقَع لي: قولُ الشاعر

(3)

:

قَالَتْ سُعَادُ وَغَرَّهَا مِنْ عَيْشِهَا

بَرْدُ المَقِيلِ وَسَرَّهَا تَعْنِيفِي:

مَا إِنْ أَرَاكَ وَأَنْتَ إِلَّا شَاحِبًا

بَادِي الجَنَاجِنِ نَاشِزَ الشُرْسُوفِ

(4)

قال أبو عَلِيٍّ في الجزء الحادي والعشرين من "التَّذْكِرة"

(5)

: هكذا رواه مُحَمَّدُ بنُ

(1)

انقطعت في المخطوطة، ولعلها كما أثبت.

(2)

الحاشية في: 14/ب.

(3)

لم أقف على تسميته.

(4)

بيتان من الكامل، لم أقف عليهما في مصدر. الجَنَاجِن: عظام الصدر، وناشز: مرتفع عن مكانه، والشُّرْسُوف: غضروف معلق بكل ضلع في طرفه المشرف على البطن، كما في القاموس المحيط (ج ن ن) 2/ 1561، (ن ش ز) 1/ 725، (ش ر س ف) 2/ 1097.

(5)

لم أقف عليه في مختارها لابن جني.

ص: 566

السَّرِيِّ

(1)

بالنصب، وقال: أراد: إلا وأنت شاحِبٌ، قال -يعني: ابنَ السَّرِيِّ-: هكذا يقول أهلُ العربية، والصوابُ رفعُ "شاحب"؛ لأن حكم إعرابِ ما بعد "إلَّا" إذا كانت "إلَّا" في غير موضعها على حكمه إذا كانت في موضعها.

ع: يظهر لي أنه قد يجوز النصبُ على التوهُّم؛ لأن "إلَّا" في التقدير داخلةٌ على الحال، فموضعُ الجملةِ يكون بعدها نصبًا، فلما توسَّطتْ بين جزئَيْ الجملة تَوَهَّم أنها في موضعها في أوَّل الحال، فجاءت الحالُ مفردًا، فنَصَبَها

(2)

.

وانصب لتأخير وجئ بواحد

منها كما لو كان دون زائد

كلم يفو

(3)

إلا امر

(4)

إلا علي

وحكمها في القصد حكم الأول

واستثن مجرورا بغير معربا

بما لمستثنى بإلا نسبا

(خ 1)

* أنشد في "الكَامِل"

(5)

:

وَإِنِّي لَعَبْدُ الضَّيْفِ مَا دَامَ نَازِلًا

وَمَا مِنْ خِلَالِي غَيْرَهَا شِيْمَةُ العَبْدِ

(6)

وقال: "غيرها" استثناءٌ مقدَّم، يعني: فلهذا نُصِب، كما تقول: ما قام إلا زيدًا القومُ

(7)

.

* فإن قلت: كيف أجاز س

(8)

في:

(1)

لم أقف على روايته.

(2)

الحاشية في: 14/ب.

(3)

كذا في المخطوطة، والوجه: يفوا.

(4)

كذا في المخطوطة، والوجه: امرؤ.

(5)

2/ 709.

(6)

بيت من الطويل، لقيس بن عاصم المنقري، وقيل لغيره. ينظر: عيون الأخبار 1/ 377، 3/ 263، وقواعد الشعر 44، وأمالي القالي 1/ 281، والأغاني 14/ 302، وشرح الحماسة للمرزوقي 3/ 1180، والتذييل والتكميل 8/ 220.

(7)

الحاشية في: 15/أ.

(8)

لعله المراد بهذا الرمز هنا: السيرافي لا سيبويه؛ فإنه لم يجوِّز فيه الرفع، ولعل ابن هشام نقله من حواشي الشلوبين على المفصل 244. ينظر: شرح كتاب سيبويه 8/ 204.

ص: 567

وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ

(1)

أن تَرفع "غيرًا"؟

قلت: قال: إنه على الوصف، كأنك جعلت ذلك عيبًا لهم؛ لأنه عيبٌ لغيرهم

(2)

، ويكون إذ ذاك على لغة تَمِيمٍ.

ولا يجوز أن تَحمِل "غيرًا" على "إلَّا" في ابتداء الاسمِ بعدها، لا تقول: ما أتى أحدٌ غيرُ زيدٍ خيرٌ منه، بمعنى: إلا زيدٌ خيرٌ منه.

ع: قولُه: «ويكون ذلك» ، لعله: أو يكون ذلك؛ لأن البدل غير الصفة

(3)

.

ولسوى سوى سواء اجعلا

على الأصح ما لغير جعلا

واستثن ناصبا بليس وبخلا

(4)

وبعدا وبيكون بعد لا

(خ 1)

* ابنُ بَابَشَاذَ

(5)

: في "ليس" و"لا يكونُ" مذهبان:

قيل: لا موضعَ لهما، بل هما جملتان دلَّتا على الاستثناء، ولم يتعلَّقا تعلُّقَ المعمولِ

(1)

صدر بيت من الطويل، للنابغة الذبياني، وعجزه:

بهنَّ فُلُولٌ من قِرَاع الكتائب

ينظر: الديوان 44، والكتاب 2/ 326، والحيوان 4/ 394، والزاهر 1/ 280، وشرح التسهيل 3/ 132، ومغني اللبيب 155، وخزانة الأدب 3/ 327.

(2)

قوله: «لأنه عيب لغيرهم» كأنه مضروب عليه، ولعل صوابه: لا أنَّه عيب لغيرهم.

(3)

الحاشية في: 15/أ.

(4)

كذا في المخطوطة، ولم يشر محقق الألفية إلى ورود ذلك في شيء من نسخها العالية، ولا يستقيم الوزن به، والصواب:«وخلا» . ينظر: الألفية 111، البيت 328.

(5)

شرح الجمل 446، 447.

ص: 568

بالعامل، بل هما كقوله تعالى:{وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ}

(1)

بعد قوله تعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا}

(2)

.

والحقُّ: أنها في موضع الصفة بعد النكرة، والحالِ بعد المعرفة، كـ: جاءني رجالٌ ليس زيدًا، و: القومُ ليس زيدًا، والدليل عليه: أنه قد سُمع من العرب

(3)

: أتَتْني امرأةٌ لا تكون فلانةَ، فأنَّث الفعلَ لمَّا جَعَله صفةً.

ع: في التمثيل بـ"رجالٌ ليس زيدًا" نظرٌ؛ لأنه لا يصحُّ فيه الاستثناء بعد

(4)

يستثنى منه، ثم ولو سُلِّم؛ فالتأنيثُ غيرُ مستلزمٍ للصفة، بل هو مراعاةٌ لِمَا تقدَّم، ثم هو مخالفٌ لتقدير الاسم. لفظُ البَعْض

(5)

.

* ع: الصواب عندي: أن يقال في مثال ابنِ بَابَشَاذَ: رجالٌ لا يكونون زيدًا، وأنه يجب التأنيثُ في مثال المرأة، والجملةُ إذ ذاك فيهما صفةٌ لا غيرُ، وأنه يقع "لا يكونُ" موقعَ "إلَّا"، فتحملَ عليها في أنه لا يكون بعدها جزءان، وإنما هي صفةٌ، كقولك: خَلَوا عن زيدٍ، وأما: القومُ لا يكون زيدًا؛ فاستثناءٌ، وبثبوت الوصفية بـ"لا يكونُ" يصح إثباتُ الاتصال في مسألة "القوم"، وأنه مخصَّص متصلٌ مخالف للآية ولنحوها، فاستدلالُه جيد، وأمثلتُه فاسدة

(6)

.

واجرر بسابقي يكون إن ترد

وبعد ما انصب وانجرار قد يرد

(خ 1)

* مسألةٌ: إذا استثنيت بـ"خلا" وبـ"عدا" مع "ما" وجب نصب المستثنى، فقلت: قام القومُ ما خلا زيدًا، و: ما عدا عَمْرًا، والنصبُ على المفعولية، والفاعلُ مستتر عائد

(1)

التوبة 99.

(2)

التوبة 97.

(3)

ينظر: الكتاب 2/ 348، والمقتضب 4/ 428.

(4)

موضع النقط مقدار سطر انقطع في المخطوطة.

(5)

الحاشية في: 15/أ.

(6)

الحاشية في: 15/أ.

ص: 569

على البعض المفهوم من القوم، يدلُّك على ذلك: قولُك: قام النسوةُ ما خلا هندًا، فلو كان الضمير للنسوة لقلت: ما خَلَوْنَ، أو لهندٍ لقلت: ما خَلَتْ، ولكن

(1)

لَمَّا كان للبعض -وهو مذكر- ذَكَّرْت، ونظيرُه: استشهادُنا بـ: ما قام إلا هندٌ؛ على أن ثَمَّ فاعلًا محذوفًا في ذلك، وفي: ما قام إلا

(2)

.

وأما حكم: ما خلا، و: ما عدا؛ فإنهما في موضع نصب على الظرفية، وذلك أن "ما" مصدرية، كالتي في قوله

(3)

:

يَسُرُّ المَرْءَ مَا ذَهَبَ اللَيَالِي

(4)

و"ما" المصدريةُ تصح نيابتُها عن ظروف الزمان، كالمصادر الصريحة؛ أَلَا ترى إلى قولك: أصحبُك ما دام زيدٌ عندَك؛ فإنه بتقدير: مدَّةَ دوامِ زيدٍ عندك؟ كما أنَّ: أتيته طلوعَ الشمس، بتقدير: وقتَ طلوعِها، فكذلك هنا المعنى: وقتَ خُلُوِّهم عن زيد، و: وقتَ مجاوزتِهم.

وينبغي أن تُلَخَّص هنا أسئلةٌ، فيقال أوَّلًا: اعلمْ أنه إذا استُثني بـ"خلا" و"عدا" المسبوقتين بـ"ما" وجب نصب المستثنى، فتقول:

(1)

انقطعت في المخطوطة، ولعلها كما أثبت.

(2)

موضع النقط مقدار كلمة انقطعت في المخطوطة.

(3)

لم أقف له على نسبة.

(4)

صدر بيت من الوافر، وعجزه:

وكان ذهابُهنَّ له ذَهَابا

ينظر: المفصل 375، والبديع لابن الأثير 2/ 437، وشرح التسهيل 1/ 225، والتذييل والتكميل 6/ 174.

ص: 570

أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللهَ بَاطِلُ

(1)

و: قام القومُ ما عدا زيدًا، إذا تحقَّق ذلك:

فنقول: لِمَ وجب النصب؟

فنقول: لأن المستثنى مفعول؛ لأن "خلا" و"عدا" فِعْلان.

فيقال: فأين الفاعل؟

فنقول: ضمير مستتر مفرد مذكَّر أبدًا، عائد على البعض المفهوم من القول.

فيقال: وما الذي دلَّ على أن "خلا" و"عدا" فِعْلان؟

فنقول: وقوعهما صلةً لـ"ما" المصدرية، وهي لا توصَل إلا بالجمل الاسمية أو الفعلية، وليس هنا اسميةٌ، فتعيَّنت الفعليةُ.

فيقال: مَنْ قال: إن "ما" مصدرية؟

فنقول: لأنه لا يصح غيرُها.

فيقال: فمَنْ قال: إن ذلك الضمير عائد على البعض؟

فنقول: لأنه مفرد مذكَّر مطلقًا، ولو كان للأول لوجب: قام القومُ ما خَلَوا زيدًا، أي: ما جانَبوا زيدًا، و: قام نسوةٌ ما خَلَوْنَ زيدًا، أي: ما اجتَنَبْن زيدًا.

فيقال: فما موضع "ما"؟

فنقول: نصب على الظرفية، والمعنى: مدَّةَ خُلُوِّهم عن زيد، فحُذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مُقامَه، كما تقول: أتيتك طلوعَ الشمس، أي: وقتَ طلوعِها.

(1)

صدر بيت من الطويل، للَبِيد بن ربيعة رضي الله عنه، وعجزه:

وكلُّ نعيمٍ لا محالةَ زائلُ

ينظر: الديوان 256، والشعر والشعراء 1/ 271، والفاضل 9، وشرح القصائد السبع 510، واللباب 1/ 311، وشرح التسهيل 2/ 310، والتذييل والتكميل 8/ 246، ومغني اللبيب 179، والمقاصد النحوية 1/ 111.

ص: 571

فيقال: مَنْ قال: إن هذا يجوز في المصادر غيرِ الصريحة؟

فنقول: قالت العرب

(1)

: لا أصحبك ما دام زيدٌ صديقَك، قالت النحاة -والمعنى يُصدِّقهم-: إن المعنى: مدَّةَ دوامِ زيدٍ صديقَك، فثبت أن الأصل: خُلُوَّ بعضِهم عن زيد، ثم: مدَّةَ خُلُوِّهم، ثم: ما خلا.

فيقال: "ما" المصدرية لا توصَل إلا بالأفعال المتصرفة؛ أَلَا ترى أن النحاة يجعلون قولَ الشاعر

(2)

:

بِمَا لَسْتُمَا أَهْلَ الخِيَانَةِ وَالغَدْرِ

(3)

من الضرورات؟ وعلَّةُ ذلك: أنها لا بدَّ أن تُقدَّر مع الفعل بالمصدر، فإذا كان الفعل جامدًا لم يمكن ذلك.

فنقول: فرقٌ بين الفعل الذي وُضع

(4)

غيرَ متصرف وغيرِه، فالذي وُضع غيرَ متصرف لا يجوز فيه هذا، والذي وُضع متصرفًا، ثم وقع صلةً، فلا مانعَ فيه، ثم إنه حين ذلك يلزم صيغةَ

(5)

الماضي، بسبب وقوعه صلةً لـ"ما"، لا لسببٍ في نفسه، كما في: ما دام، وهذا الجمود العارض لا يمنع من التقدير بالمصدر، بخلاف ما لو كان الجمود مقارِنًا للوضع

(6)

.

(1)

ينظر: شرح كتاب سيبويه للسيرافي 2/ 358، 359، والصحاح (غ ب س) 3/ 955، والمحكم 2/ 297، 6/ 460.

(2)

لم أقف له على نسبة.

(3)

عجز بيت من الطويل، وصدره:

أليس أَمِيري في الأمور بأنتما؟

...

ينظر: الشيرازيات 2/ 599، وشرح جمل الزجاجي 2/ 157، والتذييل والتكميل 3/ 151، ومغني اللبيب 403، والمقاصد النحوية 1/ 387، وشرح أبيات مغني اللبيب 5/ 244.

(4)

انقطعت في المخطوطة، ولعلها كما أثبت.

(5)

انقطعت في المخطوطة، ولعلها كما أثبت.

(6)

الحاشية في: 44/ب.

ص: 572

* يمكن أن يقال في: ما خلا زيدًا: أي: خُلُوَّهم عن زيد، ثم: خالِينَ عن زيد، فهو مصدر في موضع الحال، مثل: جاء زيدٌ مَشْيًا.

قال بَدْرُ الدِّينِ

(1)

: "ما" المصدرية إما في موضع الحال هي والصلةُ، أي: قاموا مجاوِزًا بعضُهم زيدًا، أو الظرف على حذف المضاف، أي: مدَّةَ مجاوزتِهم زيدًا

(2)

.

* الدليلُ على تعدِّي "خلا": قولُهم

(3)

: افعَلْ هذا وخَلَاك ذَمٌّ، أي: تجاوَزك

(4)

.

* قال ابنُ

(5)

الأَنْبَاريِّ

(6)

وابنُ

(7)

سَعْدَانَ

(8)

: إن استعمال "عدا" دون "ما" لم يُسمع من العرب، فلا يجوزُ. ش

(9)

.

قال: ولم يُوردِ س الخفضَ بـ"عدا"، وأما "خلا" فحكى فيها س

(10)

فيها

(11)

(1)

شرح الألفية 225.

(2)

الحاشية في: 44/ب.

(3)

ينظر: العين 8/ 179، والأمثال لأبي عبيد 229، وإصلاح المنطق 207، وأدب الكاتب 415، والفصيح 138.

(4)

الحاشية في: 44/ب.

(5)

هو محمد بن القاسم بن محمد بن بشار البغدادي، أبو بكر، إمام في اللغة والنحو، أخذ عن ثعلب، له: الزاهر، والأضداد، والمذكر والمؤنث، وغيرها، توفي سنة 328. ينظر: نزهة الألباء 197، ومعجم الأدباء 6/ 2614، وإنباه الرواة 3/ 201، وبغية الوعاة 1/ 212.

(6)

لم أقف على كلامه.

(7)

هو محمد بن سعدان بن المبارك الضرير الكوفي، أبو جعفر، له في النحو كتابان كبير وصغير، توفي سنة 231. ينظر: تاريخ العلماء النحويين 185، ونزهة الألباء 123، ومعجم الأدباء 6/ 2537، وبغية الوعاة 1/ 111.

(8)

لم أقف على كلامه.

(9)

حواشي المفصل 238.

(10)

الكتاب 2/ 348، 349، 350.

(11)

كذا في المخطوطة، وهو تكرار.

ص: 573

الوجهين، وأما أبو الحَسَن

(1)

فحَكَى الخفضَ بهما معًا

(2)

.

وحيث جرا فهما حرفان

كما هما إن نصبا فعلان

وكخلا حاشى ولا تصحب ما

وقيل حاش وحشى فاحفظهما

(خ 1)

* قال

(3)

:

حَشَى رَهْطِ النَّبِيِّ فَإِنَّ مِنْهُمْ

بُحُورًا لَا تُكَدِّرُهَا الدِّلَاءُ

(4)

(5)

(1)

ينظر: شرح كتاب سيبويه للسيرافي 9/ 22، والمرتجل 189، والتذييل والتكميل 8/ 318.

(2)

الحاشية في: 15/أ.

(3)

لم أقف له على نسبة.

(4)

بيت من الوافر. ينظر: لغات القرآن للفراء 83، 158، والزاهر 1/ 513، وتهذيب اللغة 5/ 92، وشرح جمل الزجاجي 2/ 259، والتذييل والتكميل 8/ 326.

(5)

الحاشية في: 15/أ.

ص: 574