الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة: التأثر والتأثير
.
أولًا: التأثر:
وجدت ابن هشام تأثَّر في حاشيتيه على الألفية بثلاثة علماء ممن لهم عناية بالألفية، فأورد كلامهم المتعلق بأبيات الألفية، واستفاد منهم:
1 -
ابن الناظمفي شرحه للألفية، وهو أكثر من تأثر به ابن هشام من شراح الألفية، وجاءتاستفادته منه على أوجه:
الأول: نقل كلامه واستحسانه. ومن ذلك:
(1)
.
وقوله: «وشَرَطَ ابنُ الناظِم أن لا يكون
(2)
بلفظ الأول، وهو حَسَنٌ، وذلك غيرُ شرطٍ عند مَنْ قَبْلَه، فقد نصَّ النحاةُ في قوله:
يَا نَصْرُ نَصْرٌ نَصْرَا
أن "نَصْرًا" الثانيَ بيانٌ، والثالثَ بيانٌ ثانٍ على الموضع، أو بتقديرِ: عليك، أو: انْصُرْ»
(3)
.
(4)
.
(5)
.
الثاني: نقل كلامه مع إيضاحه وتفسيره أو الزيادة عليه. ومن ذلك:
(1)
المخطوطة الثانية 44.
(2)
أي: عطف البيان.
(3)
المخطوطة الأولى 23/ب.
(4)
المخطوطة الثانية 26.
(5)
المخطوطة الثانية 62.
(1)
.
وقوله في شرح عبارة الألفية: «أَعْطِ ما دمت مصيبًا درهما» : «قال ابنه: المعنى: أعطِ درهمًا ما دمت مصيبَه. ع: ويجوز في "درهمًا" غيرُ ما قَدَّر»
(2)
.
وقوله: «قال ابنُه: فلا يُبنى
(3)
من وصفٍ لا فعلَ له، كـ: غيرٍ، وسِوَى، ولا من فعلٍ زائدٍ على ثلاثة، نحو: استَخرجَ، ولا معبَّرٍ عن فاعله بـ"أَفْعَلَ"، كـ: عَوِرَ، ولا مبنيٍّ للمفعول، كـ: ضُرِبَ، ولا غيرِ متصرفٍ، كـ: عسى، ونِعْمَ، وبِئْسَ، ولا غيرِ متفاوتِ المعنى، كـ: مات، وفَنِيَ. قلت: بَقِي عليه: ولا ناقصٍ، نحو: كان، وظلَّ»
(4)
.
وقوله: «وفي "شرح الخُلَاصة" لابن الناظم:"الفَعَالِي"لـ"فَعْلاة"، كـ: سَعْلاة، ومَوْماة، و"فَعْلُوة"، كـ: عَرْقُوة، و"فِعْلِية"، كـ: هِبْرِية، ولِمَا حُذف أولُ زائدَيْه من نحو: حَبَنْطى، ويشتركان
(5)
في جمع "فَعْلاء" اسمًا، كـ: صَحْراء، أو صفةً، كـ: عَذْراء.
ع: ما لم يكن من باب: حَمْراء.
ولِمَا فيه ألفُ التأنيث مقصورةً، أو ألفُ الإلحاق مقصورةً، كـ: حُبْلى، وذِفْرى»
(6)
.
الثالث: نقل كلامه مجردًا. ومن ذلك:
قوله: «وفي شرح ابنِ النَّاظِم: الإضافةُ في نحو: {مَكْرُ اللَّيْلِ} إما على جَعْل
(1)
المخطوطة الثانية 16.
(2)
المخطوطة الثانية 27.
(3)
أي: "أَفْعَل" التفضيل.
(4)
المخطوطة الثانية، الملحقة بين 96 و 97.
(5)
أي: "فَعَالي" و"فَعَالَى".
(6)
المخطوطة الثانية 165.
الظرف مفعولًا به على سعة الكلام، وإما بمعنى "في" على بقاء الظرفية، ثم قال: والأول متفق عليه، والثاني مختَلَف فيه، والأخذُ بالمتفق عليه أَوْلى من الأخذ بالمختلف فيه»
(1)
.
(2)
.
الرابع: تعقب كلامه دون نقله. ومن ذلك:
قوله في العَلَم الذي دخلت عليه "أَلْ" للمح الأصل: «هذا النوع بعد استيفاء شرطَيْه -وهما: أن يُنقَل العَلَمُ مما يوصَف به حقيقةً أو مجازًا، ويكونَ حالةَ النقلِ مجرَّدًا من "أل"- سماعيٌّ عندي، لا قياسيٌّ، وإن أَوْهم -أو اقتضى- كلامُ الناظم وابنِه خلافَه، إلا أن هذا الحقُّ الذي لا يُعدَل عنه»
(3)
.
الخامس: نقل كلامه مع التعقب والنقد. ومن ذلك:
قوله: «وغَلِط ابنُ الناظم، فجَعل الآيةَ
(4)
ممَّا تعدَّد مع عدم تعدُّدِ مَنْ هو له، والتحقيقُ أن يقال: إنه تعدَّد لا لتعدُّد مَنْ هو له، ولا يقال: مع عدم تعدُّدِ مَنْ هو له»
(5)
.
وقوله تعليقًا على البيت 172:
وجردن عسى أو ارفع مضمرا
…
بها إذا اسم قبلها قد ذكرا
(1)
المخطوطة الثانية 57.
(2)
المخطوطة الثانية 151.
(3)
المخطوطة الثانية 20.
(4)
هي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ} .
(5)
المخطوطة الثانية 26.
(1)
.
وقوله: «وعبارةُ ابنِه عن هذه المسألة
(2)
أن قال: الرابعُ: أن تُحكَى بقولٍ مجردٍ من معنى الظن، نحو:{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} ، وقولُه:"أو حُكِيَتْ بالقول" معناه: حُكِيت ومعها القولُ؛ لأن الجملة إذا حُكي بها القول فقد حُكيت هي نفسُها مع مصاحبة القول، واحتُرز بالمجرد من معنى الظن من: أتقولُ أنك فاضل؟»
ثم قال ابن هشام: «قلت: عليه نَقْدان:
أحدهما: أنه كان ينبغي أن يعبِّر عن المسألة بعبارةٍ واضحةٍ كاشفةٍ عن معناها؛ لتكون عبارتُه تفسيرًا لعبارة الناظم، وإيضاحًا لِمَا فيها من الخفاء، أَمَّا أنه أتى بمثل العبارة الخفيةِ، ثم شَرَحَ عبارةَ أبيه المساويةَ لعبارته هو في الخفاء؛ ليَلْزَمَ من ذلك شرحُ عبارته هو؛ فلا يَحْسُنُ
…
والاعتراضُ الثاني عليه: أن قوله: المجرد من معنى الظن؛ لا فائدةَ له؛ لأن القول إذا كان بمعنى الظن فلا حكايةَ، وهو قد شَرَطَ الحكايةَ»
(3)
.
وقوله في هذه المسألة أيضًا: «قال ابنُه: إن "بالقول" الباءُ فيه للمصاحبة، يعني: حُكِيت الجملة مصاحبةً للقول، وليس بمتعيِّن، بل يمكن أن تكون الباء فيه الداخلةَ على الآلة»
(4)
.
(5)
.
(1)
المخطوطة الأولى 8/ب.
(2)
هي مسألة كسر همزة "إِنَّ" إذا حكيت بالقول.
(3)
المخطوطة الثانية 45.
(4)
المخطوطة الأولى 8/ب.
(5)
المخطوطة الثانية 119.
ثم ذكر تعريفه المختار عنده.
وقوله في البيت 608:
ترخيما احذِفْ آخِرَ المنادى
…
كيا سُعافي من دعا سُعَادا:
(1)
.
2 -
أبو حيان الأندلسي في شرحه للألفية المسمى: منهج السالك، وذلك في موضعين، انتقده في أولهما، ووافقه في الآخر:
الأول: في شرح قول ابن مالك في البيت 172:
وجردن عسى أو ارفع مضمرا
…
بها إذا اسم قبلها قد ذكرا
(2)
.
الثاني: في شرح قول ابن مالك في البيت 178:
فاكسر في الابتدا وفي بدء صله
…
وحيث إن ليمين مكمله
قال ابن هشام: «قال أبو حَيَّانَ: صوابُه: صلةِ اسمٍ، نحو: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ}، بخلاف: ما أَنَّ في السماء نجمًا»
(3)
.
3 -
ابن عقيل، في نكته على الألفية، وكلامه المنقول عنه موجود في شرحه المعروف على الألفية، فلعله المراد بالنكت، وذلك في شرح قول ابن مالك في البيت 812:
وشاعَ في وصفٍ على فَعْلانَا
…
أَو أُنثَيَيه أو على فُعلانا
(1)
المخطوطة الثانية 133.
(2)
المخطوطة الأولى 8/ب.
(3)
المخطوطة الأولى 8/ب.
(1)
.
ثانيًا: التأثير:
لقد كان لحواشي ابن هشام المتعددة أثر ظاهر في مصنفات العلماء المتأخرين، وتكرَّر ذكرها عند الأزهري في التصريح، والسيوطي في النكت على الألفية وغيرها، وياسين العليمي في حواشيه على الألفية والتصريح وشرح الفاكهي، كما تقدم في المطلب الأول من المبحث الثاني في الدراسة
(2)
.
لكنني لم أقف لحاشية ابن هشام الأولى على أثر ظاهر في مصنفات مَنْ بعده، إلا في موضعين محتملين، نقلهما ياسين العليمي في حاشية الألفية، أحدَهما نَقَلَه عن الراعي الأندلسي (ت 853)
(3)
، والآخرَنَقَلَه غيرَ معزو لابن هشام
(4)
.
وأما الحاشية الثانيةفإنني لم أقف على أثر ظاهر لها عند غير ياسين العليمي، فإنها إحدى حاشيتين بنى عليهماحواشيَه المطولة على الألفية، ونقل كذلك عنها في مواضع من حاشيتيه على التصريح وعلى شرح الفاكهي على قطر الندى، وقد وثَّقت من مصنفاته تلك كل ما وقفت عليه من نصوص حاشية ابن هشام، مبينًا ما بينهما من موافقة ومخالفة.
ويظهر أن حاشية ابن هشام كانت عنده بخط ابن هشام نفسه، فإنه صرَّح في
(1)
المخطوطة الثانية 161.
(2)
ص 23.
(3)
المخطوطة الأولى 2/ب، وحاشية الألفية لياسين 1/ 29.
(4)
المخطوطة الأولى 3/أ، وحاشية الألفية لياسين 1/ 32.
مواضع
(1)
بأنه ينقل من خطه.
ووجدت ياسين ينقل من هذه الحاشية مصرحًا بعزوها لابن هشامتارةً، وغير مصرحتارةً، ولعله اكتفى بتنبيهه في أول حاشيته على أنه اعتمد عليها.
وينقل أحيانًا بالمعنى، وأحيانًا بحذف واختصار وتلخيص.
ومع أنه اعتمد هذه الحاشية أصلًا لحاشيته؛ إلا أنه لم يستوعب ما فيها جميعَه، ففاته شيء كثير؛ إما لعدم حاجته إليه، أو لعدم صلته المباشرة بعبارة الألفية، أو لغير ذلك.
ووجدت في نقله أشياء أخلَّ بها ناسخ المخطوطة، إما بتصحيف وتحريف، أو إسقاط، أو إخلال بسياق العبارة، أو اجتزاء واختصار، أو إخلال بموضع الحاشية من البيت المعلق عليه، أو تداخل بين حاشيتين، أو غير ذلك، فصوَّبت من عنده كلَّ ذلك.
والأمثلة على كل ذلك متضافرة في هوامش التحقيق، كثرةً وتنوعًا، فلم أر داعيًا إليها هنا.
(1)
مثلًا: المخطوطة الثانية: 17، 36، 51، 62، 63، 66، 92، 155، 162، 168، 189.