الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: مصادرهما
.
كان ابن هشام واسع المعرفة، مطلعًا على كتب وافرة في التفسير والفقه والحديث واللغة والنحو والصرف والبلاغة وغيرها، فنقل في حاشيتيه على الألفية عن جماعة من العلماء:
فمن النحويين المتقدمين: الخليل، وسيبويه، ويونس، والكسائي، وقطرب، والفراء، وهشام بن معاوية، والأخفش، وأبو زيد الأنصاري، والجرمي، والمازني، والمبرد، وثعلب، وابن كيسان.
ومن المتوسطين: الزجاج، والأخفش الصغير، وابن السراج، وأبو بكر ابن الأنباري، والنحاس، والسيرافي، والفارسي، والرماني، وابن جني، ومكي بن أبي طالب، والثمانيني، وابن برهان، وابن بابشاذ، وعبدالقاهر، والزعفراني.
ومن المتأخرين: الحريري، وابن السِّيد، وابن الطراوة، والزمخشري، وابن الشجري، وابن الخشاب، وأبو البركات الأنباري، وابن بري، والسهيلي، والجزولي، وابن خروف، والعكبري، وعبداللطيف البغدادي، والصفار، وابن الخباز، وابن يعيش، والشلوبين، وابن الحاجب، وابن هشام الخضراوي، وابن ملكون، واللورقي الأندلسي، وابن عصفور، وابن مالك، وابن إياز، وبدر الدين ابن مالك، وابن أبي الربيع، وابن النحاس، وابن المرحل، وأبو حيان.
ومن اللغويين: الأصمعي، وأبو عبيدة، والفارابي، والجوهري، وأبو عبيدٍ الهروي.
ومن البلاغيين: السكاكي.
ومن المفسرين والفقهاء والمحدثين: البخاري، والطبري، والخطَّابي، والواحدي، وأبو عبدالله القرطبي المفسر، وابن دقيق العيد.
وتنوَّع نقله عن هؤلاء العلماء، ففي مواضع لا يصرح بأسماء كتبهم، بل ينقل آراءهم غفلًا من مصادرها، وفي مواضع أخرى يسمِّي المصدر المنقول منه.
وليس كلُّ ما سماه من الكتب نَقَل منه مباشرة، بل يكون نقلهعنه أحيانًا بواسطة، مثل: الأوسط للأخفش، والنوادر للحياني، والفرخ للجرمي، والحقائق لابن
كيسان، والمقصور والممدود لابن السراج، وإصلاح المنطق لأبي علي الدينوري، والمقنع لأبي جعفر النحاس، والإقناع للسيرافي، والفائق لابن جني، وشرح موجز الرماني للأهوازي، وذكرى حبيب للمعري، والبديع للغزني، والعَوْني لابن الخشاب، وحلى العلى لعبدالدائم القيرواني، والترشيد لأبي علي بن أبي الأحوص.
وقد أشار إلى كتبٍ هي-أو بعضُها- اليوم في عداد المفقود، واشتملت بعض حواشيه على نصوص منها، مثل: الأوسط للأخفش، والمقصور والممدود للأصمعي، والنوادر للحياني، والفرخ للجرمي، والحقائق لابن كيسان، والمقصور والممدود لابن السراج، وإصلاح المنطق لأبي علي الدينوري، والمقنع لأبي جعفر النحاس، وفعلت وأفعلت للقالي، والأفعال لابن طريف، والإقناع للسيرافي، والفائق لابن جني، وشرح موجز الرماني للأهوازي، وذكرى حبيب للمعري، والإعراب عن مراتب قراءة الآداب لابن سيده، والرسالة الرشيدية للأعلم الشنتمري، والبلغة في معرفة أساليب اللغة لأبي البركات الأنباري، والبديع للغزني، ورد الشارد لابن الطراوة، والعَوْني لابن الخشاب، وحلى العلى لعبدالدائم القيرواني، وشرح المقرب لابن عصفور، وشرح الإيضاح لابن هشام الخضراوي، والترشيد لأبي علي بن أبي الأحوص، واللمع الكاملة لعبداللطيف البغدادي، والفيصل، والمؤصل كلاهما لابن مالك.
وممانقل عنه، ولم يوجد اليوم إلا بعض أجزائه: التذكرة للفارسي
(1)
، وشرح كتاب سيبويه للصفار
(2)
.
ونقل زياداتٍ على بعض نسخ مصادره التي وصلتنا، كزياداته على مطبوعات "العين"
(3)
، و"الكتاب" لسيبويه
(4)
، و"الأمالي" لابن الأنباري
(5)
، و"عمدة الكتاب"
(1)
مثلًا: المخطوطة الأولى 3/أ، 4/أ، 5/أ.
(2)
المخطوطة الثانية 38، 116، 139.
(3)
المخطوطة الثانية 100، 201، 213.
(4)
المخطوطة الثانية 136.
(5)
المخطوطة الثانية 125.
للنحاس
(1)
، و"التنبيه في شرح مشكلات الحماسة" لابن جني
(2)
، و"التنبيهات على أغاليط الرواة" لعلي بن حمزة البصري
(3)
، و"حواشي المفصل" للشلوبين
(4)
، و"شرح الجمل" لابن عصفور
(5)
، و"التسهيل"
(6)
، و"شرحه"
(7)
كلاهما لابن مالك، و"التعليقة" لابن النحاس
(8)
.
وربما أبهم مَنْ ينقل عنه، كقوله:«بعض الناس»
(9)
،و:«بعض الشراح»
(10)
، و:«البعض»
(11)
.
ونقل في مواضع عن شيخهعبداللطيف بن عبدالعزيز الحراني، المشهور بابن المرحِّل، ولم يكن يسمِّيه، بل كان يقول:"شيخنا"، مثل قوله:«قاله شيخنا»
(12)
، و:«بخط شيخنا»
(13)
(14)
.
(1)
المخطوطة الأولى 8/أ، 20/ب.
(2)
المخطوطة الثانية 155.
(3)
المخطوطة الثانية 97.
(4)
المخطوطة الأولى 9/ب، 12/أ.
(5)
المخطوطة الأولى 15/ب، الأولى بين 31/ب و 32/أ.
(6)
المخطوطة الثانية 163.
(7)
المخطوطة الأولى، الملحقة بين 15/ب و 16/أ.
(8)
المخطوطة الأولى 5/ب.
(9)
المخطوطة الأولى 2/أ، الملحقة بين 6/ب و 7/أ، 12/ب، 38/أ، الثالثة بين 7/ب و 8/أ، والمخطوطة الثانية 85.
(10)
المخطوطة الأولى 7/ب.
(11)
المخطوطة الأولى 15/أ.
(12)
المخطوطة الثانية 16.
(13)
المخطوطة الأولى، الملحقة بين 16/ب و 17/أ.
(14)
المخطوطة الأولى 18/ب.
ونقل عن معاصريه، فأحيانًا يبهم من ينقل عنه، كقوله:«ذَكَر لي بعضهم»
(1)
،و:«حُكِي لي»
(2)
(3)
.
وأحيانًا أخرى يسمِّيه، مثل تصريحه بأسماء: أبي حيان
(4)
، والسمين الحلبي
(5)
، وابن عقيل
(6)
، والركن الإستراباذي
(7)
، والافتخار العجمي
(8)
، ورمزه للسفاقسي بـ: سفا
(9)
.
وكان غالب نقلهمن المصادر بالمعنى، ولم يكن ينقل بالنصإلا في بعض المواضع التي صرح فيها بذلك، كأن يقول:«هذا نصه»
(10)
،و:«انتهى بنصه»
(11)
، و:«قال ما نصه»
(12)
.
ونقل في مواضع من خطوط العلماء في كتبهم أو تعليقاتهم، وهذا يرفع منزلة مصادره، ويزيدها قوة، إذ خط العالم أدعى للثقة، وأرقى للصحة، وأحكم عند الاختلاف، ومن ذلك: نقله من خطوط: ابن جني
(13)
، والجواليقي
(14)
، والشلوبين
(15)
،
(1)
المخطوطة الثانية 13.
(2)
المخطوطة الأولى 14/ب، والمخطوطة الثانية 161.
(3)
المخطوطة الأولى 10/أ.
(4)
مثلًا: المخطوطة الأولى 8/ب، 10/أ، 13/ب، والمخطوطة الثانية 178، 209.
(5)
المخطوطة الأولى، الثانية بين 31/ب و 32/أ.
(6)
المخطوطة الثانية 161.
(7)
المخطوطة الثانية 37، 38، 24.
(8)
المخطوطة الثانية 72.
(9)
418.
(10)
المخطوطة الأولى 2/أ، والمخطوطة الثانية 91، 103.
(11)
المخطوطة الأولى 8/أ، والمخطوطة الثانية 38، 53، 85، 192، 219.
(12)
مثلًا: المخطوطة الأولى 4/أ، 12/ب، 19/أ، والمخطوطة الثانية 38، 58، 86، 96، 100.
(13)
المخطوطة الثانية 25، 28، 65.
(14)
المخطوطة الثانية 27.
(15)
المخطوطة الأولى 8/أ.
وابن الناظم
(1)
، وابن النحاس
(2)
، وشيخه ابن المرحِّل
(3)
، والافتخار العجمي
(4)
، وبعض الفضلاء
(5)
.
ونصَّ أحيانًا على أن ما نقله من مصادره جاءفي النسخة التي بين يديه كما أورده، وذلك عند حاجته إلى إيضاحٍ وتفسيرٍ واستثباتٍ، وأشار أحيانًا إلى أن ما أورده إنما هو في بعض نسخ المصدر الذي ينقل منه.
فنقل مرة عن "شرح كتاب سيبويه" للسيرافي أن الكوفيين خرجوا "أيًّا" في قوله تعالى: {أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ} على ثلاثة أوجه، وقال بعد أن ساق الوجهين الأولين:«ولم أَرَ في نسخة السِّيرافيِّالوجهَ الثالثَ»
(6)
، تأكيدًا على أن سقوطه من النسخة لا منه، وقد جاء كلام السيرافي في المطبوعة مطابقًا لما نقل عنه.
وعالج إشكالًا قيل: إنه وقع في بعض نسخ "شرح الكافية الشافية" لابن مالك، وهو في أثناء حديثه عن حقيقة "ألْ" في باب "نِعْم" و"بئس"، فبيَّن أن ابن مالك أجاز في "أَلْ" في هذا الباب وجهين، ثم ساق كلامه الدال على أنهما عنده وجهان لا واحد، وهو قوله:«استَعملوا "أَلْ" الجنسيةَ مجازًا في الدلالة على الكمال مدحًا وذمًّا، نحو: نِعْمَ الرجلُ زيدٌ، وبِئْسَ الرجلُ عمرٌو، كأنه قال: نِعْمَ الجامع لخصال المدح زيدٌ، وبِئْسَ الجامع لخصال الذم عمرٌو، أو يكون العمومُ قد قُصد هنا على سبيل المبالغة المجازية، كما فَعَل مَنْ قال: أَطْعَمَنا شاةً كلَّ شاةٍ، و: مررت برجلٍ كلِّ رجلٍ، أي: جامعٍ لكل خصلة يُمدح بها الرجال» .
ثم قال ابن هشام: «فإن قلت: الوجهُ الأول هو الوجه الثاني قطعًا، وفي بعض النسخ:"ويكون العموم"؛ بالواو لا بـ"أو"، وهو مؤيِّد لِمَا ذكرت، وأن الهمزة غلطٌ من
(1)
المخطوطة الثانية 159.
(2)
المخطوطة الأولى 28/أ، 38/أ.
(3)
المخطوطة الأولى، الملحقة بين 16/بو 17/أ.
(4)
المخطوطة الثانية 72.
(5)
المخطوطة الأولى 35/ب.
(6)
المخطوطة الثانية 18.
بعض النساخ، والذي قوَّى الرِّيبةَ أنه أعاد قولَه: المجازية بعد قوله أوَّلًا: مجازًا، فأَوْهَم أن هذا المجاز غيرُ ذاك المجاز، وإلا لم يذكره.
قلت: إنما هما وجهان، فالأول حاصلُه: أنه استَعمل "الرجل" في مكان قوله: الجامع لخصال الرجال الممدوحة، والثاني حاصلُه: أنه جعل "الرجل" نفسَ الجنسِ كلِّه»
(1)
.
ومثَّل لمجيء اللام للتعليل بما في بعض نسخ صحيح البُخَاريِّ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:«لِمَيضربُ أحدُكم امرأتَه ضَرْبَ الفَحْل، ثم لعلَّه يعانقُها؟»
(2)
.
وربما استغلقت عليه بعض الكلمات فيما ينقله من مصادره، أو كانت ساقطةً، فيبيِّض لها، جاء ذلك في أحد النصوصالتي نقلها عن الشلوبين
(3)
، وعن ابن عصفور
(4)
، وفي أحد الأبيات الشواهد؛ إذ بيَّض لأكثر شطره الثاني
(5)
.
وفي المخطوطة الثانية بياضات في أثناء النقل عن المصادر، لكنني لم أتبين أهي من ابن هشام أم من الناسخ؟
(6)
وكان ابن هشام حفيًّا بجماعة من العلماء وكتبهم، تجلَّى ذلك في إكثاره النقل عنهم، وتنويعه النقل عن بعضهم من أكثر من مصدر، وثنائه على بعض مصادره، وذكر بعض ما تمتاز به.
فتراه مرة بعد أخرى يورد نصوص أبي علي الفارسي في "التذكرة" و"الحجة" و"الإيضاح"، وابن جني في "الخصائص"و"سر صناعة الإعراب" و"التنبيه في شرح مشكلات الحماسة" و"التمام في تفسير أشعار هذيل"،وعبدالقاهر الجرجاني في
(1)
المخطوطة الثانية 91.
(2)
المخطوطة الثانية 51.
(3)
المخطوطة الأولى 27/أ.
(4)
المخطوطة الأولى 11/ب.
(5)
المخطوطة الأولى 35/ب.
(6)
المخطوطة الثانية 71، 154، 202.
"المقتصد في شرح الإيضاح والتكملة"، والزمخشري في "الكشاف" و"المفصل"،والشلوبين في "حواشي المفصل"، وابن عصفور في "شرح جمل الزجاجي" و"شرح أبيات الإيضاح" و"شرح المقرب"، وابن مالك في "شرح التسهيل" و"شرح عمدة الحافظ" و"شرح الكافية الشافية"،وابن الناظم في "شرح الألفية" و"شرح لامية الأفعال"، وأبي حيان في "التذييل والتكميل"و"البحر المحيط" و"النكت الحسان في شرح غاية الإحسان".
وتراه مع تعدُّد نقله عن "الصحاح" للجوهري يشيد به، فيقول في باب المقصور والممدود:«وإذا أردت كمال معرفته فعليك بباب الواو والياء من كتاب "الصّحاح"»
(1)
.
ونقل عن سيبويه أن بعض العرب يقول: يا رَبُّ، بالضم، يريد: يا ربي، وقولَ السيرافي شارحًا له: وإنما يكون ذلك في الأسماء التي الغالِبُ عليها الإضافةُ، ثم قال:«للهِ هذا ما أَحْسَنَه! فإن الدليل حينئذٍ قد يظهرُ على إرادة الإضافة»
(2)
.
ونقل قول ابن الناظم: تقول: بلغني أن زيدًا فاضلٌ، فتفتحُ؛ لأنه يسدُّ مسدَّه: بلغني الفضلُ، ثم قال:«وما أحسن قوله: الفضلُ»
(3)
.
ولم يكن ابن هشام ناقلًا فحسب، بل كانت له نظرات تقويمية لبعض ما ينقله، يسدد فيها ما يراه من خَلَّة في الكلام المنقول.
ومن أمثلة ذلك: توقفه مع ابن الناظم في شرحه بيت الألفية في كسر همزة "إنَّ":
أو حكيت بالقول أو حلت محل
فإنه ساق عبارته في الشرح، واعترض عليه بأمرين، فقال: «قلت: عليه نَقْدان:
أحدهما: أنه كان ينبغي أن يعبِّر عن المسألة بعبارةٍ واضحةٍ كاشفةٍ عن معناها؛ لتكون عبارتُه تفسيرًا لعبارة الناظم، وإيضاحًا لِمَا فيها من الخفاء، أَمَّا أنه أتى بمثل
(1)
المخطوطة الأولى 33/ب.
(2)
المخطوطة الأولى 26/أ.
(3)
المخطوطة الثانية 44.
العبارة الخفيةِ، ثم شَرَحَ عبارةَ أبيه المساويةَ لعبارته هو في الخفاء؛ ليَلْزَمَ من ذلك شرحُ عبارته هو؛ فلا يَحْسُنُ.
وقد يُجاب: بأن ما يَذكُرُه من التراجم عن المسائل المذكورة إنما يذكُرُه على أنه فكٌّ للمنظوم، ثم يشرحُ ذلك، ولم يذكره ليكونَ شرحًا، فيقالَ: فكان ينبغي أن يقول: ومعنى هذا، ولا يقولَ: ومعنى قولِه.
وقد يُجاب: بأن الأهم تفسيرُ ما في النظم؛ لأن الكتاب موضوع له، ولعله لو فَسَّر معنى الباء في كلامه؛ لتُوُهِّمَ أن ذلك خاصٌّ بعبارته، أما إذا فَسَّر كلامَ الناظم، وتُوُهِّم اختصاصُ ذلك التفسيرِ بعبارة الناظم دون عبارتِه هو؛ فقد سَهُل؛ لأن غرضنا الأهمَّ تفسيرُ كلام الناظم، والاعتراضُ بعد هذا كلِّه قويٌّ عليه.
والاعتراضُ الثاني عليه: أن قوله: المجرد من معنى الظن؛ لا فائدةَ له؛ لأن القول إذا كان بمعنى الظن فلا حكايةَ، وهو قد شَرَطَ الحكايةَ»
(1)
.
(1)
المخطوطة الثانية 45.