الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن أعلنها ودافع عنها مجموعة من الفلكيين العاملين في جماعة كامبوردج، وعلى رأسهم كل من هيرمن بوندي وتومس جولد، في سنة 1949م، ونظرية الكون المتذبذب التي نادى بها ريتشارد تولمان من قبل.
فقد كان في إثبات وجود الدخان الكوني، والخلفية الإشعاعية للكون بعد إثبات توسع الكون ما يجزم بأن كوننا مخلوق له بداية، ولا بد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية، وقد أكدت الصور التي بثتها مركبة المستكشف للخلفية الإشعاعية، والتي نشرت في إبريل سنة 1992م كل تلك الحقائق.
انتشار مختلف صور الطاقة بالكون، ووحدة القوى في الكون
انتشار مختلف صور الطاقة بالكون:
كان الجرم الابتدائي للكون مفعمًا بالمادة والطاقة المكدسة تكديسًا رهيبًا، يكاد ينعدم فيه الحجم إلى الصفر، وتتلاشى فيه كل أبعاد المكان والزمان، وتتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة لنا، كما سبق وأن أشرنا مرحلة الرتق. هكذا يقول الدكتور زغلول النجار في كتابه.
وبعد انفجار هذا الجرم الأولي، وبدء ال كون في التوسع تمدد الإشعاع، وظل الكون مليئًا دومًا بالطاقة الكهرومغناطيسية على أنه كلما تمدد الكون قل تركيز الطاقة فيه، ونقصت كثافته، وانخفضت درجة حرارته.
ويرى علماء الفيزياء الفلكية أن أول صورة من صور الطاقة في الكون كانت هي قوة الجاذبية، وهي قوى كونية بمعنى أن كل جسم في الكون يخضع لقوى الجاذبية حسب كتل ته، أو كمية الطاقة فيه، وهي قوة جاذبة تعمل عبر مسافات طويلة،
وتحفظ للجزء المدرك من الكون بناءه وأبعاده، ولعلها هي المقصودة بقول الحق سبحانه:{بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَاَ} (الرعد: 2) وقوله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (الحج: 65)، وقوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} (الروم: 25)، وقوله سبحانه:{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} (لقمان: 10)، وقوله سبحانه:{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (فاطر: 41).
ويقسم ربنا تبارك وتعالى وهو الغني عن القسم في مطلع سورة الطور بالسقف المرفوع، وهذا القسم القرآني جاء بالسماء المرفوعة بغير عمد مرئية، والصورة الثانية من صور الطاقة المنتشرة في الكون هي القوى الكهربائية المغناطيسية، أو الكهرومغناطيسية، وهي قوة تعمل بين الجسيمات المشحونة بالكهرباء، وهي أقوى من الجاذبية بملايين المرات، وتتمثل في قوى التجاذب بين الجسيمات، التي تحمل شحنات كهربية مختلفة موجبة وسالبة، كما تتمثل في قوى التنافر بين الجسيمات الحاملة لشحنات كهربية متشابهة، وتكاد هذه القوى من التجاذب والتنافر أن يلغي بعضها بعضًا؛ لأن حاصل القوى المغناطيسية في الكون يكاد يكون صفرًا، ولكن على مستوى الجزيئات والذرات المكونة للمادة تبقى هي القوى السائدة.
والقوى الكهرومغناطيسية بما لها من تجاذب وتنافر هي التي تضطر الإلكترونات في ذرات العناصر إلى الدوران حول النواة بنفس الصورة، التي تجبر فيها قوى الجاذبية، والقوى النابذة المركزية الأرض وغيرها من كواكب؛ يعني تجبر فيها قوى الجاذبية، والقوى النابذة المركزية الأرض إلى الدوران حول الشمس، وإن دل ذلك على شيء، فإنما يدل على وحدة البناء في الكون من أدق دقائقه إلى أكبر
وحداته، وهو ما يشهد للخالق بالوحدانية المطلقة فوق كافة خلقه بغير شريك، ولا شبيه، ولا منازع.
- وحدة القوى في الكون:
يوحد علماء الفيزياء النظرية بين كل من القوى الكهرومغناطيسية والقوى النووية القوية والضعيفة فيما يسمى بنظرية التوحد الكبرى، والتي تعتبر تمهيدًا لنظرية أكبر توحد بين كافة القوى الكونية في قوة عظمى واحدة، تشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة.
وعن هذه القوة العظمى انبثقت القوى الكبرى الأربع المعروفة في الكون: قوة الجاذبية القوة الكهرومغناطيسية، وكل من القوتين النوويتين الشديدة والضعيفة مع عملية الانفجار الكوني الكبير مباشرة الفتق بعد الرتق.
وباستثناء الجاذبية، فإن القوى الكونية الأخرى تصل إلى نفس المعدل عند مستويات عالية جدًّا من الطاقة تسمى باسم الطاقة العظمى للتوحد.
ومن هنا فإن هذه الصور الثلاث للطاقة تعتبر ثلاثة أوجه لقوة واحدة لا يستبعد انضمام الجاذبية إليها، باعتبارها قوة ذات مدى طويل جدًّا تتحكم في أجرام الكون، وفي التجمعات الكبيرة للمادة.
ومن ثم يمكن نظريًّا غض الطرف عنها من قبيل التبسيط عندما يكثر التعامل على الجسيمات الأولية للمادة، أو حتى مع ذرات العناصر.
وهذه الصورة من وحدة البناء في الكون، ووحدة صور الطاقة فيه، مع شيوع الزوجية في الخلق هي شهادة الكون لخالقه للتفرد بالوحدانية المطلقة فوق كثافة خلقه بغير شبيه ولا شريك ولا منازع، وصدق الله العظيم إذ يقول:{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (الذاريات: 49).
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.