الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي: في جريه، وقيل الإبل الكثيرة كور وكوارة وكوارة النحل معروفة، إلى غير ذلك.
وقوله: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} (التكوير: 1) أي: جعلت كالكرة بانسحاب ألسنة اللهب المن د فعة منها إلى آلاف الكيلو مترات فوق سطحها، إلى داخلها؛ كناية عن بدء انطفاء جذوتها، كما أن الشمس كجرم سماوي يدور حول محوره ويجري في مداره قد فقد شيئًا من تكوُّره، ومع تباطؤ حركة الشمس قد تستعيد شيئًا من ذلك التكوُّر.
من شروح المفسرين في تفسير الآية
من شروح المفسرين في تفسير قوله تعالى {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} (الزمر: 5).
ذكر ابن كثير -يرحمه الله- ما مختصره يُخبر تعالى أنه الخالق لما في السموات والأرض، وما بين ذلك من الأشياء، وبأنه مالك الملك المتصرف فيه يُقلب ليله ونهاره، يكور الليل على النهار، ويكور النهار على الليل؛ أي: سخرهما يجريان متعاقبين ولا يفترقان، كل منهما يطلب الآخر طلبًا، ويضيف: وقوله عز وجل: {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} (لقمان: 29) إلى مدة؛ أي: إلى مدة معلومة عند الله، ثم ينقضي يوم القيامة ألا هو العزيز الغفار؛ أي: مع عزته وعظمته وكبريائه هو غفار لمن عصاه، ثم تاب وأناب إليه.
وذكر صاحب (تفسير الجلالين) ما نصه: " ولحكمة لا عبثًا باطلًا، متعلق بخلق يكور؛ أي: يدخل الليل في النهار فيزيد، ويكور النهار يدخله على الليل
فيزيد"، وجاء في هامش التعليق؛ التعليق التالي من أحد المحققين قوله تعالى:{يكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} ما ذكره المؤلف الجلال المحلي في معنى التكوير هو معنى الإيلاج الوارد في مثل قوله تعالى: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} (الحج: 61).
هذا تفسير غير موافق لمعنى اللغة لأن التكوير والإيلاج ليس بمعنًى واحد، إلا فما معنى قوله تعالى:{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} قال في (القاموس): التكوير في اللغة طرح الشيء بعضه على بعض، ومنه كور العمامة، فيكون معنى الآية: أن الله تعالى سخر الليل على النهار يتعاقبان، يذهب أحدهما فيعقبه الآخر إلى يوم القيامة، وفي الآية إشارة واضحة إلى أن الأرض لا تخلوا من ليل في مكان ونهار في آخر، على مدار الساعة.
وذكر صاحب (الظلال) رحمه الله رحمة واسعة- ما نصه: خلق السماوات والأرض بالحق، وأنزل معهم، وهو قوله:{وَأَنْزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} (البقرة: 213) في سورة البقرة، فهو الحق الواحد في ذلك الكون، وفي هذا الكتاب، وكلاهما صادر من مصدر واحد، وكلاهما آية على وحدة المبدع العزيز الحكيم، يكور الليل على النهار، ويكور النهار على الليل، وهو تعبير عجيب يقصر الناظر فيه قصرًا على الالتفات إلى ما كشف حديثًا عن كروية الأرضية، فهو يصوِّر حقيقة مادية ملحوظة على وجه الأرض، فالأرض الكروية تدور حول نفسها في مواجهة الشمس، فالجزء الذي يُواجه الشمس من سطحها المكوَّر يغمره الضوء ويكون نهارًا، ولكن هذا الجزء لا يثبت؛ لأن الأرض تدور، وكلما تحركت بدأ الليل يغمر السطح الذي كان عليه
النهار، وهذا السطح مكور، فالنهار كان عليه مكورًا، والليل يتبعه مكورًا كذلك.
وبعد فترة يبدأ النهار من الناحية الأخرى يتكور على الليل، وهكذا في حركة دائمة، يكور الليل على النهار ويكور النهار على، الليل واللفظ يرسم الشكل، ويحدد الوضع، ويعين نوع طبيعة الأرض وحركتها، وكروية الأرض ودورانها يفسران هذا التعبير تفسيرًا أدق من أي تفسير آخر.
وذكر صاحب (صفوة البيان) رحمه الله ما نصه: يكور الليل على النهار تكوير الشيء إدارته، وضمّ بعضه إلى بعض، ككور العمامة؛ أي: أن هذا يكرّ على هذا، وهذا يكرّ على هذا، كرورًا متتابعًا كتتابع أكوار العمامة بعضها على إثر بعض، إلا أن أطوار العمامة مجتمعة، وفيما نحن فيه متعاورة، وقيل: المعنى يزيد الليل على النهار، ويضمه إليه بأن يجعل بعض أجزاء الليل نهارًا، فيطول النهار عن الليل، ويزيد النهار عن الليل ويضمه إليه بأن يجعل بعض أجزاء النهر ليلًا فيطول الليل عن النهار، وكقوله تعالى:{يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} .
وذكر أصحاب (المنتخب في تفسير القرآن) ما نصه: "خلق السماوات والأرض ملتبسًا بالحق، والصواب على ناموس ثابت يلفُّ الليل على النهار، ويلف النهار على الليل على صورة الكرة، وذلَّل الشمس والقمر لإرادته ومصلحة عباده، كل منهما يسير في فلكه إلى وقت محدد عنده، وهو يوم القيامة، إلا هو دون غيره الغالب على كل شيء، فلا يخرج شيء عن إرادته التي بلغ الغاية في الصفح عن المذنبين من عباده ".
وجاء في هامش هذا التعليق: تشير هذه الآية الكريمة إلى أن الأرض كروية تدور حول نفسها؛ لأن مادة التكوير معناها لفُّ الشيء على الشيء على سبيل التتابع، ولو كانت الأرض غير كروية مسطحة مثلًا؛ لخيَّم الليل، أو طلع النهار على جميع أجزائها دفعة واحدة {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} .
وذكر صاحب (صفوة التفاسير): " {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}؛ أي: خلقها على أكمل الوجوه، وأبدع الصفات بالحق الواضح، والبرهان الساطع، {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ}؛ أي: يغشى الليل على النهار، ويغشى النهار على الليل، وكأنه يلفُّ عليه لفَّ اللباس على اللابس". قال القرطبي: "وتكوير الليل على النهار تغشيته إيَّاه حتى يظهر ضوءه، ويغشى النهار على الليل، فيُذهب ظلمته".
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.