الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس التاسع عشر
(تابع: شرح قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ
…
})
عسل النحل، وغذاء الملكات، وشمع النحل، والعَكْبَر أو صمغ النحل
الحمد الله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
شرحنا بعض أجزاء من قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (النحل: 68، 69).
إ ن أهم أنواع الشراب الخارج من بطون النحل هو عسل النحل، والعسل سائل يدخل في تركيبه أكثر من سبعين مادة مختلفة، ويعتبر مصدرًا للمواد السكرية على مدى آلاف السنين، ونظير العسل يخرج من بطن النحلة سوائل أخرى يصدق عليها الوصف أنها شراب وذات قيمة غذ ائية وطبية ترجع لنوع النبات أساسًا، وتتباين خواص العسل تبعًا لما يلي:
أنواع الأزهار والأشجار التي يجمع النحل منها الرحيق، الإقليم من الأرض الذي تقع فيه هذه النباتات، سلالة النحل، الظروف الجوية السائدة أيام جمع الرحيق، ويختلف لون العسل تبعًا لنوع الأزهار التي أخذت النحلة منها الرحيق، وينسب العسل في هذه الحالة إلى اسم النبات فيقال مثلًا: عسل البرسيم الحجازي، وقد يكون عديم اللون، وقد يكون أحمر مصفر، أو عنبري اللون، فعسل التفاح لونه أصفر باهت، وعسل الأقرطيون لونه زيتوني غامق، وعسل كرمب السلجم لونه أخضر مصفر، وعسل الهندباء لونه أصفر ذهبي، وعسل الخلنج لونه أصفر داكن أو أحمر بني، وعسل الحنطة السوداء لونه أصفر داكن مع صبغات حمراء إلى بني داكن، وعسل الزيزفون لونه شفاف أو أسمر أو أصفر أو أصفر فاتح أو أخضر، وعسل شجرة الغبيراء لونه أحمر.
غذاء الملكات:
سائل أبيض اللون يسمى أيضًا لبن النحل؛ لأنه يشبه اللبن الكثيف أو القشدة، وتنتجه فتيات النحل؛ أي الشغالات الشاب ة من أجل إطعام الملكة وبعض اليرقات الصغيرة، وإذا غذيت به اليرقة طيلة عمرها ستة أيام نشأت ملكة طويلة الجسد رشيقة القوام ومبايضها خصيبة كاملة، أما إذا غذيت اليرقة به ثلاثة أيام فقط وغذيت في الأيام الثلاثة الباقية بخبز النحل الذي هو حبوب اللقاح المعجونة بالعسل؛ فإنها تنشأ شغالات عقيمة مبايضها ضامرة، ويحدث هذا كذلك بالنسبة للذكور، ولكن الذكور تنشأ من بيض غير ملقح، فهي تنال نظامًا غذائي ًّ اكالشغالات قبل تحولها إلى حشرات يافعة. والغذاء الملكي سريع التلف، ويتأثر بدرجة الحرارة والضوء والهواء، ويتدهور بسرعة في درجة الحرارة العادية، وبعد عدة أسابيع يصبح لونه مصفرًا أو بني ًّ ابرائحة قوية نتيجة لتحلل البروتين الذي يحتويه، وتزيد سرعة التحلل بزيادة الرطوبة الجوية التي تساعد على تكاثر جراثيم العسل.
شمع النحل:
شمع النحل سائل قبل أن يتعرض للهواء؛ فإذا تعرض له جف، وهو المادة المعروفة منذ القدم، واستعملها الناس في أغراض شتى؛ سواء كانت أغراضًا عقائدية أو أغراضًا معيشية. أما بالنسبة للنحل؛ فالشمع هو المادة الأساسية لاستقرار مجتمع النحل بالخلية، إضافة إلى عناصر أخرى كضرورة وجود الملكة ووجود الشغالات؛ فطالما توجد أقراص الشمع في الخلية ت ظ ل هذه الخلية تزاول حياتها دون اضطراب أو هرج.
العَكْبَر أو صمغ النحل:
العكبر أحد منتجات النحل تجمعه من صمغ الأشجار، وتقوم بمزجه بلعابها وبشيء من الشمع، فتخرج مادة فيها دواء وشفاء، ويجمع النحل هذا العكبر من لحاء القشور والبراعم الزهرية لعدة نباتات؛ منها: أشجار البلوط والحور والصنوبر وغيرها. أما تركيبه الكيميائي فهو معقد جد ًّ ا؛ إذ يحتوي على أكثر من 300 مركب اكتشف حتى الآن، ويتكون العكبر إجمالًا من 55 % من المواد الراتنجية، 30 % من الشمع، 10 % من مركبات متنوعة زيوت عطرية، 5%من حبوب التمر.
العكبر مضاد للجراثيم:
أظهرت الدراسات العلمية بجلاء خواص العكبر الفعالة المثبطة لجرثوم المكورات العنقودية؛ وهي من الجراثيم الشائعة التي تصيب الإنسان، كما أكدت أن استعماله مع المضادات الحيوية الأخرى يزيد من نشاط وفعالية تلك المضادات الحيوية، كما أثبتت الأبحاث أيضًا أنه مضاد للفطور حيث يحتوي العكبر على مواد لا يقل تأثيرها الفعال في مقاومة الفطور عن أحدث الأدوية المتوفرة لدى الأطباء حاليًا. كما تبين أن للعكبر تأثيرًا مضادًا على مرض السرطان؛ وقاية ً وعلاجًا إذ يحتوي على الفلافيو مويدات والأحماض الدهنية والأحماض العطرية، وإسترات هذه الأحماض، ويعزو لهذه الفلافيو مويدات التأثير المثبط للخلايا السرطانية، كما وجد أن له تأثيرًا في الوقاية من العقم وأمراض العيون.
ويعزو الباحثون تلك الفوائد إلى خواص العكبر المضادة للأكسدة، والمعروف أن مضادات الأكسدة تقوم بفعل يمكن أن يقي الجسم من تصلب الشرايين والسرطان والهرم؛ يعني الشيخوخة وغيرها.