المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التحقيق العلمي للآية - الإعجاز العلمي في القرآن الكريم - جامعة المدينة

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 التفسير العلمي: تعريفه - كثرة القائلين به - مؤلفاته

- ‌معنى التفسير العلمي

- ‌التوسع في هذا النوع من التفسير وكثرة القائلين به

- ‌نماذج لمؤلفات التفسير العلمي في العصر الحديث

- ‌الدرس: 2 أهم الكتب التي عنيت بالتفسير العلمي

- ‌تتمة الحديث عن نماذج لمؤلفات التفسير العلمي في العصر الحديث

- ‌منهج الشيخ طنطاوي جوهري في كتاب (الجواهر)

- ‌الدرس: 3 تابع: أهم الكتب التي عنيت بالتفسير العلمي - المعارضون للتفسير العلمي

- ‌نماذج من تفسير الشيخ طنطاوي جوهري في كتابه (الجواهر)

- ‌المعارضون والمنكرون للتفسير العلمي

- ‌الدرس: 4 التفسير العلمي بين المؤيدين والمعارضين والمتساهلين

- ‌تتمة الكلام عن المعارضين والمنكرين للتفسير العلمي

- ‌التفسير العلمي بين المؤيدين والمعارضين والمتساهلين

- ‌الدرس: 5 من قواعد التفسير العلمي - الإعجاز العلمي للقرآن الكريم

- ‌القواعد التي يجب أن تُراعى عند تفسير القرآن تفسيرًا علميًا

- ‌قضية الإعجاز العلمي للقرآن الكريم

- ‌الإعجاز القرآني

- ‌وجوه إعجاز القرآن

- ‌الدرس: 6 الضوابط اللازمة للتعامل مع قضية الإعجاز العلمي

- ‌معنى إعجاز القرآن الكريم

- ‌الضوابط اللازمة للتعامل مع قضية الإعجاز العلمي للقرآن الكريم

- ‌الدرس: 7 الفرق بين الإعجاز العلمي والتفسير العلمي

- ‌بيان الفرق بين الإعجاز العلمي والتفسير العلمي

- ‌قضية توسيع الكون

- ‌الدرس: 8 انفجار الكون في بداية الخلق - خلق السموات والأرض

- ‌المفسرون وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السموات وَالْأَرْضَ كَانَتَا رتقًا فَفَتَقْنَاهُمَا}

- ‌العلوم المكتسبة وعملية الانفجار العظيم

- ‌بقايا الإشعاع الكوني كدليل على الانفجار العظيم

- ‌تصور بقايا الدخان الكوني دليل على عملية الانفجار العظيم

- ‌القرآن الكريم وخلق السموات والأرض

- ‌الدرس: 9 شرح قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان

- ‌المفسرون وقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ

- ‌دخانية السماء بعد الانفجار الكوني العظيم

- ‌الفيزياء الفلكية ودخانية الكون

- ‌تصوير الدخان الكوني

- ‌انتشار مختلف صور الطاقة بالكون، ووحدة القوى في الكون

- ‌الدرس: 10 شرح قوله تعالى: {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا

- ‌ذكر الآيات التي أجملت خلق السموات والأرض

- ‌المفسرون وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا

- ‌علوم الكون وخلق السموات والأرض

- ‌تخليق العناصر في الكون الابتدائي

- ‌مراحل خلق الكون عند كل من الفلكيين والفيزيائيين

- ‌دعوة قرآنية لإعادة التفكير

- ‌الدرس: 11 الإعجاز في ضرب المثل بالذباب

- ‌عرض موجز لسورة الحج التي ذكرت فيها الآية

- ‌من أسس العقيدة الإسلامية في سورة الحج

- ‌من العبادات المفروضة والإشارات الكونية في سورة الحج

- ‌أقوال المفسرين في تفسير الآية، والدلالات العلمية فيها

- ‌الدرس: 12 تابع الإعجاز في ضرب المثل بالذباب - ضرب المثل بالبعوضة

- ‌تتمة الحديث عن الدلالات العلمية لآية سورة الحج

- ‌عرض موجز لسورة البقرة التي ذكرت فيها آية البعوضة

- ‌من مكارم الأخلاق التي دعت إليها سورة البقرة

- ‌من القصص القرآني في سورة البقرة

- ‌الدرس: 13 تابع: الإعجاز في ضرب المثل بالبعوضة

- ‌من الإشارات الكونية في سورة البقرة

- ‌أقوال المفسرين في توجيه الآية، والدلالات العلمية فيها

- ‌الدرس: 14 شرح قوله تعالى: {والبحر المسجور}

- ‌عرض موجز لسورة الطور التي ذكرت فيها الآية

- ‌من شروح المفسرين لقوله تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}

- ‌الدرس: 15 تابع: شرح قوله تعالى: {والبحر المسجور} - قوله: {ألم نجعل الأرض مهادا

- ‌تتمة الحديث عن شرح المفسرين لقوله تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}

- ‌عرض موجز لسورة النبأ التي ذكرت فيها الآية

- ‌أقوال المفسرين في هذه الآية

- ‌الدرس: 16 تابع: شرح قوله تعالى: {ألم نجعل الأرض مهادا…} - قوله: {والجبال أرساها

- ‌تتمة أقوال المفسرين في هذه الآية

- ‌من الدلالات العلمية للآيتين الكريمتين

- ‌من الدلالات العلمية لقوله تعالى:} وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا

- ‌الدرس: 17 تابع: شرح قوله تعالى: {والجبال أرساها…} - قوله: {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل}

- ‌تتمة الحديث عن الدلالات العلمية لقوله تعالى: {وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا

- ‌تثبيت الحبال لكوكب الأرض

- ‌عرض موجز لسورة الزمر التي ذكرت فيها الآية

- ‌الإشارات الكونية في سورة الزمر

- ‌الدلالة اللغوية لقوله تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ}

- ‌من شروح المفسرين في تفسير الآية

- ‌الدرس: 18 تابع: شرح قوله تعالى: {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} - قوله: {وأوحى ربك إلى النحل

- ‌أول من قال بكروية الأرض

- ‌كروية الأرض في القرآن الكريم

- ‌إعجاز القرآن في آية تكو ن الشراب الذي يخرج من بطون النحل

- ‌التحقيق العلمي

- ‌الدرس: 19 تابع: شرح قوله تعالى: {وأوحى ربك إلى النحل

- ‌عسل النحل، وغذاء الملكات، وشمع النحل، والعَكْبَر أو صمغ النحل

- ‌وجه الإعجاز في الآيتين الكريمتين

- ‌الدرس: 20 شرح قوله تعالى: {ألم تر أن الله يزجي سحابا

- ‌المعاني اللغوية وأقوال المفسرين حول الآية

- ‌التحقيق العلمي للآية

- ‌الدرس: 21 شرح قول الله تعالى: {وهو الذي مرج البحرين

- ‌المعاني اللغوية وأقوال المفسرين حول الآية

- ‌التحقيق العلمي

- ‌وصف الحاجز بين البحرين

- ‌الدرس: 22 تابع: شرح قوله تعالى: {وهو الذي مرج البحرين…} - قوله: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}

- ‌ما جاء في بحث الظواهر البحرية

- ‌أوجه الإعجاز في قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}

- ‌شرح قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}

- ‌ذكر السمع قبل البصر في القرآن الكريم والحديث الشريف

- ‌الإعجاز العلمي في القرآن الكريم في السمع والبصر والفؤاد

الفصل: ‌التحقيق العلمي للآية

قطع عظام تشبه الجبال في العظم كائنة فيها، قوله:{مِنْ بَرَدٍ} مفعول ينزل على أن " من " تبعيضية والأوليان لابتداء الغاية؛ أي ي نزل مبتدئا من السماء من جبال فيها بعض برد وقال الشوكاني والبيضاوي بمثل ما قال أبو السعود إلا أنه اعتبر " من " الثالثة بيانية فقال: " من برد بيان للجبال والمفعول محذوف؛ أي ينزل مبتدئا من السماء من جبال فيها من برد".

قوله: {فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ} هذه الفقرة من الآية الكريمة تقرر أن نزول البرد مكان ً اوزمانًا مرهون بمشيئة الله سبحانه وتعالى ومع معرفتنا بأن الأمر متعلق بمشيئة الله التي لا نعلمها إلا أن الله قد جعل لكل شيء قدر ًا، فوقت نزول المطر بيده ونزول البرد بيده - سبحانه - ولكن ذلك كله يجري وفق سنن محكمة. قوله:{يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} يبين الله تعالى أن للبرد برقًا شديد اللمعان فالضمير في " برق هـ" يرجع إلى أقرب مذكور وهو البرد، و " سن االبرق " شدة بريق هـ وضوئه، " يذهب بالأبصار "؛ أي خطفه إياها من شدة الإضاءة، فنسبة البرق إلى البرد في كتاب الله.

‌التحقيق العلمي للآية

هناك أنواع كثيرة من السحب والقليل منها هو المطر، وقد صنف علماء الأرصاد السحب إلى أنواع متعددة تعتمد على ارتفاع قاعدتها وسمكها وطريقة تكوينها، وأحد أنواع هذه السحب يسمى بالسحب الركامية، وهي الوحيدة التي قد تتطور بإذن الله لتصبح ما يسمى بالركام المزني الذي يجود بالمطر الوفير، وهو النوع الوحيد الذي قد يصاحبه البرد والبرق والرعد، ويتميز هذا النوع بسمك كبير، وقد يصل إلى أكثر من 15 كيلو متر ًا، ويشبه الجبال، ويتطور علم الأرصاد

ص: 303

الجوية واستخدام الأجهزة الحديثة مثل: أجهزة الاستشعار عن بعد والطائرات والرادارات والأقمار الصناعية، وبمساعدة الحاسبات الإلكترونية استطاع علماء الأرصاد دراسة تفاصيل دقيقة عن مكونات السحب وتطورها، وما زال هنالك الكثير أمام هذا الفرع من العلوم والسحاب الركامي الذي تصف الآية الكريمة تكوينه هو ضمن ما درسه علماء الأرصاد، واهتموا به من حيث كيف يبدأ؟ وكيف يتطور؟ والظواهر الجلدية المصاحبة له، وقد أجاب القرآن الكريم على كل هذه التساؤلات قبل 1400 عام بدقة مذهلة.

السحاب الركامي في علم الأرصاد:

بداية التكوين:

يبدأ السحاب الركامي بأن تسوق الرياح قطع ًا من السحب الصغيرة إلى مناطق تجميع، ويؤدي سوق قطع السحاب إلى زيادة كمية بخار الماء في مسارها؛ وخاصة أول منطقة التجمع، وهذا السوق ضروري لتطور السحب الركامية في مناطق التجمع، وبهذا نرى أن ال تراكم أو السحاب الركامي حينما يسوق الرياح يؤدي ذلك السوق إلى ازدياد كمية بخار الماء في مسارها.

تطور السحب الركامية:

1 -

التجميع:

من المعلوم أن سرعة السحب تكون أبطأ من سرعة الرياح المسيرة لها، وكلما كبر حجم السحابة كانت سرعتها أبطأ؛ وذلك بسبب تأثير قوى الإعاقة، كذلك تقل سرعة الرياح عامة كلما اتجهنا إلى مناطق التجمع؛ وعلى ذلك يؤدي العاملان

ص: 304

السابق ذكرهما إلى أن قطع السحاب تقترب من بعضها ثم تتلاحم، وبالتالي ن لاحظ تكاثف السحب كلما اقتربنا من مناطق التجمع.

2 -

الركم:

إذا التحمت سحابتان أو أكثر فإن تيار الهواء الصاعد داخل السحابة يزداد بصف ة عامة، ويؤدي ذلك إلى جلب مزيد من بخار الماء من أسفل قاعدة السحابة، والذي بدوره يزيد من الطاقة الكامنة للتكثف، والتي تعمل على زيادة سرعة التيار الهوائي الصاعد دافعًا لمكونات السحابة إلى ارتفاعات أعلى، وتكون هذه التيارات أقوى م ايمكن في وسط السحابة وتقل على الأطراف مما يؤدي إلى ركم هذه المكونات على جانبي السحابة فتظهر كالنافورة أو البركان الثائر الذي تتراكم حممه على الجوانب، وقد أثبتت الشواهد أن التحام السحب يؤدي إلى زيادة كبيرة في الركم، وبالتالي إلى زيادة سمك السحاب، وأن تجمعًا من الدرجة الأولى يؤدي إلى عشرة أضعاف المطر المنتظر، وتجميعًا من الدرجة الثانية يؤدي إلى م ائة ضعف من كمي ة الأمطار المتوقعة بدون أي تجميع.

وإجمالًا: فإن تجميع قطع السحب يؤدي إلى زيادة ركمه، وبالتالي إلى زيادة سمكه التي تدل على قوة هذا السحاب من ناحية أمطاره ورعده وبرقه، بل نجد أن السحاب الذي نحن بصدده يسمى سحابًا ركامي ًّ ا؛ لأن عملية الركم في هذا النوع أساسية وتفرقه عن باقي أنواع السحاب، ومن المعلوم أن عملية سوق السحاب قد تستغرق بضع ساعات، بينما تستغرق عملية التجميع والركم أقل من ذلك حوالي ساعة أو أقل. ومن المعلوم أيضًا أن من السحب الركامية ما يسمى بالركامي الساخن ذو سمك صغير نسبيًا، وأقل درجة حرارة داخل هذا السحاب أعلى من درجة التجمد، وهو بذلك السمك الصغير نسبيًا أقرب شبهًا

ص: 305

بالتلال لا الجبال، وحرارته لا تسمح بتكون البرد، وهذا النوع تتكون الأمطار فيه من قطرات الماء فقط، وليس به رعد وبرق، وهناك سحاب ركامي يصل إلى ارتفاعات شاهقة ويشتمل على قطرات ماء في القاعدة وخليط من ماء شديد البرودة وحبات برد في الوسط، أما القمة فتسودها بلورات الثلج، وهذا السحاب هو الذي تكون زخاته من الماء أو البرد أو كليهما ويحدث به برق ورعد وهو السحاب الركامي المزني الذي يكون في شكل الجبال.

الظواهر الجوية المصاحبة:

الهطول تتحرك السحب الركامية إلى ما شاء الله لها، وعامل الركم والبناء مستمر طالما كانت تيارات الهواء الصاعدة قادرة على حمل مكونات السحاب من قطرات ماء أو حبات برد، وعندما تصبح الرياح الرأسية غير قادرة على حمل هذه المكونات تتوقف عملية الركم، وتبدأ مكونات السحاب في الهبوط مباشرة إلى أسفل كمطر من ماء أو برد أو كليهما؛ وذلك حسب مكونات السحاب وتوزيع درجات الحرارة والرطوبة أسفل السحاب، وي تكون البرد داخل السحاب بين درجتي حرارة أقل من الصفر وحتى 40 درجة مئوية، وفي هذه المنطقة تكون هناك قطرات من ماء شديد البرودة أقل من الصفر المئوي؛ وذلك لعدم كفاية نوبات التثلج، وهذه القطرات غير مستقرة؛ بمعنى أنها تتجمد فور اصطدامها بأي جسم آخر، وفي حالة وجود تيار هوائي شديد صاعد داخل السحاب الركامي المزني، ونتيجة اختلاف سرعات القطرات شديدة البرودة تحدث تصادمات ينتج عنها تحول قطرات الماء شديد البرودة إلى ثلج يغطي حبات البرد فتكبر، وتستمر في الكبر حتى يثقل وزنها ولا يستطيع التيار الرئسي حملها فتهبط بردا، وقد شوهدت حبات برد يصل حجمها إلى حجم البرتقالة؛ وهذا يعني أنه

ص: 306

في مثل هذه الحالات التي تكون فيها حبات البرد كبيرة فإن هذه السحب تحمل في طياتها دمار ً اعام ًّ اللزراعة.

ومن المعلوم كذلك أن نزول المطر من قاعدة السحاب يكون على شكل زخات خلال جزء من قاعدة السحاب في بداية الهطول، حيث يسود في نهاية حياة السحاب في نهاية الهطول ثم زخات من معظم قاعدة السحاب تيار هابط.

إعجاز القرآن الكريم في وصف السحاب الطبقي:

اعتبر العلماء الأوروبيون في العصور الوسطى أن العالم الطبيعي مظهر للكائنات الروحية، وأن السحب كائنات مقدسة أو أرواح بالرغم من أن ال إ غريق في أيام أرسطو كان لديهم بعض المعرفة العلمية عن أن المطر ينتج من البخار، ثم يتكثف البخار إلى ماء، ولم تعرف الأرصاد علمي ًّ اإلا في القرن السابع عشر تقريبًا حينما أتيحت أجهزة تمكن من قياسات علمية لخواص الغلاف الجوي، أما الفهم العلمي للعمليات التي يترتب عليها تكون السحب الممطرة بما فيها السحاب الطبقي ال ذ ي هو المزن فلم تتم حتى القرن التاسع عشر والعشرين، والعمليات التي تؤدي إلى تكوين السحاب الطبقي ال ذ ي هو المزن تضم دورة الرطوبة وانتقالها ورفع وتبريد الكتل الهوائية الرطبة ودور نويات تكثف السحب في عمل قطرات السحاب، وتكون السحب الطبقية وتكون الأمطار من قطرات السحب واحتمال وجود سحب حم ل مطورة.

دورة الماء:

دورة الماء وصف لدوران الرطوبة بين الأرض والمحيطات والغلاف الجوي، وتمثل المحيطات المصدر الرئيسي للرطوبة في الجو وانتقال الرطوبة على المستوى العالمي

ص: 307

والمستوى السينوبتكي، إ ن اجتماع الدورة الهوائية العامة للري اح في الغلاف الجوي مع المحيطات مصدر الرطوبة ينتج مناطق من العالم يرجح سقوط المطر.

تكون قطرات السحب والمطر:

يعد توفر نويات التكثف عنصر ًا إضافي ًّ اضروري ًّ التكون السحاب الطبقي، ونويات التكثيف هي جزيئات صغيرة تعد مواقع مفضلة للتكون الأولي لقطيرات السحب. ويكون لنوايات التكثف هذه جاذبية كيميائية للماء مما يساعد على التكوين المبدئي لقطرات السحاب وتمام ً اكما في نقل بخار الماء، فإن الرياح تلعب دورا مهم ًّ افي نقل هذه الجزئيات إلى أماكن تكون السحب. وتتضمن عملية تكون قطرات السحب ثلاثة عناصر رئيسية:

1 -

اتحاد الرطوبة ال ذ ي هو بخار الماء.

2 -

نويات تكثف السحب.

3 -

قوى رفع واسعة الانتشار لتبريد الهواء.

ويؤثر سطح أي جبهة ساخنة وسلسلة في الرفع الرقيق للهواء ل إ نتاج سحاب طبقي أو طبقي مزن، ويكون الرفع في حالة السحب الطبقية عامة خفيفًا وواسع الانتشار، وغالبًا ما يصاحب الجبهات الساخنة أو الجبال فيرتفع الهواء ببطء وتتكون السحب مع تراكم الماء حول نويات تكثف السحب لتتشكل قطيرات السحاب، والأرجح أن تكون السحب الأصلية من نوع الطبقي المتوسط، وقد يتكون السحاب الطبقي ال ذ ي هو المزن في حالة الرفع الجبهي ويكون قريبًا من الجبهة الساخنة، ومن الممكن أن يكون مطمورا في السحاب الطبقي المزن سحاب من الركام المزن، ومع بدء المطر فإن السحب يجب أن تكون من السمك بالقدر الذي تتعذر معه رؤية قرص الشمس.

ص: 308

وفي حالات وجود سحاب طبقي لا تكون قاعدته بعيدة عن الراصد على سطح الأرض يمكن تسجيل أمطار متفرقة؛ ونتيجة لهذا تتعرج قاعدة السحابة أو تصبح ليفية المظهر، وفي الحالات التي تكون فيها قاعدة السحاب أكثر ارتفاع ً اأو يوجد ضباب في قاعدتها فقد يكون لقاعدة السحاب مظهر رمادي منتظم بلا ملامح، والإظلام في قاعدة السحاب خلال المطر يعتمد على سمك السحابة وموضوع قرص الشمس منها، وعند بدء المطر أو نهايته فقد تظهر السحابة على شكل طبقي متوسط، وقد يظهر أحيانًا بعض الهشيم عند بداية سقوط المطر أو نهايته، ويؤدي ذلك في بداية المطر إلى السقوط المبدئي للمطر تحت قاعدة السحابة، أما الهشيم في نهاية الهطول فقد يؤدي إلى الهطول الأخير من مناطق منعزلة، وقد يتلو ذلك تفرق السحابة إلى أجزاء؛ إذ إ ن السحاب الطبقي يتفرق إلى سحاب طبقي متوسط؛ أي إلى أجزاء متناثرة من السحاب الطبقي المتوسط.

وجه الإعجاز:

ومنذ 1400 عام مضت وصف القرآن الكريم الأنواع المختلفة للسحاب وعمليات تكونه، وفيما يختص بسحب الطبق التي يطلق عليها طبقي أو منبسط يقول الله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} (الروم: 48).

وتشير هذه الآية الكريمة إلى ما يأتي:

1 -

أن الرياح تبخر الماء وتنشط تكون وظهور السحب.

2 -

ينتشر هذا النوع من السحاب على هيئة طبقة من السماء {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا} .

ص: 309

أصل الأنهار والينابيع وكيفية معالجة القرآن الكريم للموضوع:

إن المياه الجوفية في حالة حركة دائمة وإن كانت بطيئة جد ًّ ا، وشبكات الأنهار تحصل على مائها عادة من سقوط الأمطار فوق منطقة كبيرة تعرف بمستجمع الأمطار، إن هذا الشرح لأصل الينابيع والأنهار أصبح معروفًا جدًّا ومفهومًا الآن، ولكنه مختلف عما كان في الماضي؛ فبينما كان الفلاسفة والدارسون للعلم يتفكرون في نظرياتهم المختلفة أنزل الله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} (المؤمنون: 18) فتخبرنا الآية أن مياه الأمطار تتسلل وتتخلل في التربة، ويمكنها أيضًا أن تصير مياهًا جوفية حيث يمكن أن تمكث بضعة أسابيع أو بضعة آلاف من السنين، وكلمة " سكن " تعني الهدوء والاستقرار وهو أفضل وصف للمياه الجوفية التي ت بدو مستقرة في الأعمال35:19 في الأعماق المظلمة للأرض دون حركة.

وتعطي آية آخرى في القرآن الكريم بيانًا واضحًا جدًّا عن أصول الينابيع والأنهار، قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ} (الزمر: 21)، فالتعبير بقوله:{فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ} في الآية مأخوذ من سلك ونبع، ومعنى سلكه أدخله وجعله يمضي، ومعنى نبع تفجر، ولذلك سميت العين ينبوع ًا، والينابيع هي القنوات والممرات المائية في باطن الأرض، أو الثغرات التي يتفجر منها الماء ويخرج إلى سطح الأرض على شكل جداول وأنهار وعيون، وهكذا يصف القرآن بدقة أن الينابيع والأنهار تأتي من تساقط المطر الذي يتخلل الأرض أولًا.

القدر الكافي من الماء للحيا ة:

تبدو كمية مياه الأمطار التي تسقط على الأرض قليلة جدًّا إذا ما قورنت بكميات المياه المالحة غير القابلة للشرب؛ إلا أنه بعد دراسة موارد المياه العالمية اتضح أن

ص: 310

الإنسان لديه مياه تكفيه لاحتياجاته، وهذه هي إحدى آيات الله، قال تعالى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ * وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} (الحجر: 21، 22)، فالله تعالى يعلم حاجات عباده فيرسل إليهم مقادير كافية من رحمته، وإذا قل المطر أو زادت نسبته فإنه يذكرنا بأننا لا نستطيع لأنفسنا شيئًا، وأن الله تعالى هو القادر على كل شيء.

الله هو الذي ينزل الأمطار:

إ ن الدورة المائية كلها دقيقة جد ًّ اومتوازنة، وأي اختلاف بسيط يؤدي إلى اضطرابات رئيسية، والإنسان في الواقع هو سبب تلك الاضطرابات من خلال إدخال غاز ات ثاني أكسيد الكبريت في الجو التي تؤدي إلى سقوط الأمطار الحمضية الضارة، وإذا كان الإنسان بقوته المحدودة يمكن قلب موازن الأشياء فماذا عن الله وقوته؟! وليس من المستغرب أن يقول الله تعالى في القرآن الكريم:{أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} (الواقعة: 68 - 70).

استنتاجات ومناقشات:

لم يظهر الفهم الدقيق للدورة المائية إلا منذ أربعة قرون تقريبًا ب ينما تحدث القرآن عن العديد من النظريات عن الدورة المائية، وليس من الواضح مدى دراسة العرب أنفسهم للدورة المائية وما هي نظرياتهم تمامًا، والتي لا يمكن أن تكون أكثر تقدمًا من نظريات الفلاسفة اليونانيين والرومان، وإ نها حقًّا لمعجزة أن ترد في القرآن الكريم هذه الأوصاف الدقيقة منذ أربعة عشر قرنًا، والتي تعد اليوم من المعارف الحضارية والعلوم الضرورية في حياة الناس.

ص: 311

وأخيرًا فإن على البشر أن يدركوا دائمًا أن فهمهم للدورة المائية لا يعني أن لديهم القدرة على التحكم فيها، بل لا ينبغي أن يعتمدوا كلية على خالقهم قال تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} (الملك: 30)، والله - س ب حانه وتعالى - يقول:{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} والتلقيح قد يكون بين ال عناصر الذكرية والأنثوية للزهرة الواحدة أو النبتة الواحدة، ويسمى عندئذٍ التلقيح الذاتي، وقد يكون بين نبتين منفصلتين، ويسمى حينئذٍ بالتلقيح المختلط، وتختلف طرق انتقال حبيبات اللقاح باختلاف نوع النبات، هناك فضلًا عن التلقيح بواسطة الإنسان كما في تأبير النخل مثلًا ثلاث طرق أخرى؛ وهي التلقيح بواسطة الحيوانات، إ ن للرياح كما تذكر الموسوعة العالمية دورًا هام ًّ افي عملية نقل اللقاح في النبات التي تفتقد الأزهار ذات الرائحة والرحيق والألوان الجاذبية للحشرات حيث تقوم الرياح بنشر اللقاح على مسافات واسعة؛ فوجه الإعجاز في قوله تعالى:{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} إشارته إلى أن الرياح تقوم بعملية التلقيح الريحي للنبات؛ فقال تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} وهذا ما كشف عنه علماء النبات في القرون الأخيرة.

الرؤية العلمية الحديثة لتكون البرق:

وجد علماء الأرصاد بأن مصدر الشحنات السالبة للتفريغات المتتالية من السحاب إلى الأرض يوجد على ارتفاعات محصورة ما بين سطحين متاخمين درجة حرارتهما 15 و25 وتتطابق مع منطقة وجود أمطار أو ثلوج بين هذين المستويين؛ ومن هنا يظهر أنه رغم اختلاف أنواع السحب الركامية جغرافي ًّ اأو فصلي ًّ افإن حيز الحرارة الذي توجد بداخله مراكز الشحن السالبة ثابت لا

ص: 312

يختلف، وقرر العلماء أن هذه المشاهدة متفقة تمامًا مع الظواهر المخبرية، وبالتالي فإن باستطاعة البرد أن يولد مجالًا كهربائي ًّ اانهياريا في الفترة الزمنية المطلوبة مع أمطار معتدلة إذا وصل تركيز بلورات الثلج في منطقة الشحن إلى عشر بلورات في اللتر الواحد، وبما أن مركز الشحن يقع في الحيز المحصور ما بين 15 و25 فإنه من الواضح أن عدد نوبات التجمد الطبيعية غير كافٍ لتوليد البلورات الثلجية بالتركيز المطلوب، ولا شك أن هناك عاملًا ثانوي ًّ اوإن لم نقف عليه بعد لازدياد عدد البلورات.

نبذة تاريخية عن علم الأرصاد السحاب والمطر:

تطورت الأرصاد الجوية إلى علم في القرن التاسع عشر بينما يرجع تاريخ اعتبارها فرعًا من فروع المعرفة إلى العصور الأولى لحضارات الإنسان، وقد ظهرت الأرصاد الجوية وتطورت في الحضارات الأولى العظيمة في أفريقيا على يد قدماء المصريين، وفي آسيا على يد البابليين، وفي جنوب وسط آسيا على يد الهندوس والتتار، وفي شرق آسيا على يد أشخاص؛ مثل: هو نج هو وبانجتس، ولكن معظم معلوماتنا ترجع إلى قدماء المصريين والبابليين؛ ففي مصر 3500 قبل الميلاد أخذت الأرصاد الجوية الطابع الديني؛ ف قد اعتقد قدماء المصريين أن الظواهر الجلدية المختلفة تخضع لل ألهة، بينما ربط البابليون بين الظواهر الجوية وعلم الفلك بما عرف في ذلك الحين بالأرصاد الفلكية.

وبالرغم من أن أول رصد للظواهر الجوية كان بواسطة اليونان القدماء 600 قبل الميلاد إ لا أنه لا يوجد دليل يدل على أنهم فهموا عملية تكوين السحب حتى بعد أن ظهر مؤلف أرسطو تحت عنوان (الأرصاد الجوية) والذي كان يمثل كل ما عرف في ذلك الحين عن الأرصاد الجوية، وفيه يصف الغلاف الجوي بأنه المنطقة

ص: 313

المشتركة للنار والهواء، وأن الشمس هي العامل الرئيسي والأول لتكون السحب؛ لأن عملية التبخر والتكاثف هما نتيجة قرب أو بعد الشمس عن الأرض، وهذا يسبب تكون أو تبدد السحب، وتعتمد نظريته على أنه لا يمكن أن تتكون السحب في علو يزيد عن قمة أكثر الجبال ارتفاعًا؛ لأن الهواء بعد قمة الجبل تحتوي نار ً انتيجة حركة الشمس الجغرافية، ولا تتكون السحب قريبًا من سطح الأرض بسبب الحرارة المنعكسة من الأرض.

القرآن الكريم يصف السحاب الركامي وصفًا دقيقًا:

إذا تأملت في الآية الكريمة ستراها ترتب مراحل تكوين السحاب الركامي خطوة خطوة، مشيرة إلى التدرج الزمني، وتتجلى أوجه الإعجاز المتعددة في هذه الآية الكريمة إذا طرحنا بين أيدينا هذه التساؤلات؛ من أخبر محمدا بأن أول خطوة في تكوين السحاب الركامي تكون بدفع الهواء للسحاب قليلًا قليلًا {يُزْجِي سَحَابًا} وهذا أمر لم يعرفه العلماء إلا بعد دراسة حركة الهواء عند كل طور من أطوار نمو السحاب؟ ومن بين له أن الخطوة الثانية هي التأليف بين قطع السحب؟ قوله:{ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ} ومن أخبره بهذا الترتيب؟ ومن بين له أن ذلك يستغرق فترة زمنية حتى يعبر عنه بلفظ {ثُمَّ} ؟ ومن أخبره أن عامل الركم للسحاب الواحد هو العامل المؤثر بعد عملية التأليف؟ ومن أخبره أن هذا الركم يكون لنفس السحاب وأن ذلك الانتقال من حالة التأليف يستغرق بعض الوقت {ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا} ؟

هذه المسائل لا يعرفها إلا من درس أجزاء السحاب، ورصد حركة تيارات الهواء بداخله؛ فهل كان يملك الرسول صلى الله عليه وسلم الأجهزة والبلونات والطائرات؟ وكذلك من الذي أخبر محمدا صلى الله عليه وسلم بأن عملية الركم الناتجة عن عملية الرفع إذا توقفت

ص: 314

أعقبها نزول المطر مباشرة؛ وهو أمر لا يعرف إلا بدراسة ما يجري داخل السحب من تيارات وقطرات مائية، وهذا لا يقدر عليه إلا من امتلك الأجهزة والقياسات التي يحقق بها ذلك؛ فهل كان لمحمد صلى الله عليه وسلم مثل هذه القدرة وتلك الأجهزة؟ ومن الذي أخبر محمدا صلى الله عليه وسلم أن في السحاب مناطق خلل؛ وهي التي ينزل منها المطر، وهذا أمر لا يعرفه إلا من أحاط علمًا بدقائق تركيب السحاب المسخر بين السماء والأرض وبحركة الهواء داخل السحاب؟ ومن أخبر محمدا صلى الله عليه وسلم بأن الشكل الجبلي وصف للسحاب الذي ينزل منه البرد؛ فهل أحصى الرسول صلى الله عليه وسلم كل أنواع السحاب حتى تبين له هذا الوصف الذي لا بد منه لتكوين البرد؟ ومن أنبأه عن نوبات البرد التي لا بد منها في السحاب الركامي لكي يتكون البرد؛ قال تعالى:{وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} (النور: 43).

إن هذا السر لا يعرفه إلا من تمكن من مراقبة مراحل تكوين البرد داخل السحاب، ومن الذي أنبأه بأن للبرد برقًا، وأن البرد هو السبب في حصوله، وأنه يكون أشد أنواع البرق ضوءًا؟ إن ذلك لا يعرفه إلا من درس الشحنات الكهربائية داخل السحاب واختلاف توزيعها ودور البرد في ذلك؛ ولشدة خفاء هذا الأمر فقد نسب المفسرون البرق إلى السحاب وإن كان السحاب يشتمل على البرد في كلام المفسرين، ولم نجد من نسب هذا البرق إلى البرد مع أنه المعنى الظاهر لقوله تعالى:{وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} (النور: 43).

هذا؛ والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 315