الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يريده، ولكننا كلنا نتوحَّد في السمع، حين نريد وما لا نريد أن نسمع، ومن هنا جاءت كلمة الأبصار، بينما توحَّدت كلمة السمع ولم تأت كلمة الأسماع، على أن الأذن مفضلة على العين؛ لأنها لا تنام، والشيء الذي لا ينام أرقى في الخلق من الشيء الذي ينام، فالأذن لا تنام أبدًا منذ ساعة الخلق؛ إنها تعمل منذ الدقيقة الأولى للحياة، بينما باقي أعضاء الجسم بعضها ينتظر أيامًا وبعضها ينتظر سنوات، والأذن لا تنام، فأنت حين تكون نائمًا تنام كل أعضاء جسمك، ولكن الأذن تبقى متيقظة، فإذا أحدث أحد صوتًا بجانبك وأنت نائم، قمت من النوم على الفور، ولكن إذا توقفت الأذن عن العمل؛ فإن ضجيج النهار وأصوات الناس، وكل ما يحدث في هذه الدنيا من ضجيج لا يوقظ النائم؛ لأن آلة الاستدعاء وهي الأذن معطلة.
كما أن الأذن هي آلة الاستدعاء يوم القيامة حين يُنفخ في الصور، والعين تحتاج إلى نور حتى ترى،؛ تنعكس الأشعة على الأشياء ثم تدخل إلى العين فترى، فإذا كانت الدنيا ظلامًا فإن العين لا ترى، ولكن الأذن تؤدِّي مهمتها في الليل والنهار، في الضوء والظلام، والإنسان متيقظ والإنسان نائم، فهي لا تنام أبدًا ولا تتوقف أبدًا.
ذكر السمع قبل البصر في القرآن الكريم والحديث الشريف
ذكر السمع قبل البصر في آيات خلق الإنسان في القرآن الكريم والحديث.
عظَّم الله سبحانه وتعالى حاسَّتي السمع والبصر، عندما وصف ذاته العليَّة في أول سورة الإسراء، فقال:{إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الإسراء: 1)، وقد خصَّ الله تعالى هاتين الحاستين بالذكر، في العديد من آيات القرآن؛ لأنهما أدوات تلقي الإيمان وقبول الهداية، وقد تلقى كليم الله رسالته بحاسة السمع، وقد جاء ذكر السمع قبل البصر في العديد من آيات القرآن، ولكن في حالة سلب النعمة يوم الحساب - كما قال علماء الدين - يأتي ذكر البصر مقدمًا على السمع.
ومن هذا المنطق بدأت فكرة البحث، في مراحل النمو الجنيني، ولأن خلق السمع والبصر مقام إنشاء، فقد توقعت أن يرد ذكر السمع قبل البصر في آيات الخلق، وفعلًا جاء خلق السمع والبصر في خمس سور في القرآن الكريم، هي النحل آية 78، المؤمنون آية 78، السجدة من 7 إلى 9، الملك 23، الإنسان 2، وكلها جاء فيها ذكر السمع قبل البصر، وكذلك في الحديث الصحيح جاء ذكر السمع قبل البصر، وبالبحث في مراجع علم الأجنة، وجدنا أن المسميات التي وضعها العلماء الغربيون في القرن العشرين، ترجمتها الحرفية هي ما جاء في الحديث الصحيح، منذ أكثر من 1423 سنة، فقد جاءت كلمة شق سمعه وبصره فائقة الإعجاز؛ لأن شق البصر يوجد في الأنبوبة العصبية قبل انغلاقها، ثم تبرز من الشق حويصلة البصر، أما شق السمع فإن الأذن الخارجية، تتكون حول شقٍّ في العنق يُسمى الشق الأول، ثم تنمو لأعلى حتى تحاذي العينين.
أما تصوير الوجه وتعديل وضع العينين، فجاء مصداقًا للحديث الشريف بعد اليوم الثاني والأربعين، لكي تتضح المعالم الآدمية ويتم نمو جهاز السمع؛ الأذن الخارجية والوسطى والداخلية في الحياة الجنينية، فتختفي السدادة الموجودة في قناة السمع الخارجية، وتتعظم العُظيمات الثلاثة الموجودة في الأذن الوسطى، وتتعظم قوقعة الأذن الداخلية، فتصبح كلها مثل عظام الشخص البالغ، وكذلك تتم إحاطة ألياف السمع العصبية إحاطة تامة، بغمد الميلين في الحياة الجنينية؛ وبذلك تصل حاسة السمع إلى تمام النضج الوظيفي قبل حاسة البصر؛ بحيث يسمع الجنين وهو في الرحم، ابتداء من الأسبوع الرابع والعشرين.
أما الإبصار فلا يتم في الحياة الجنينية؛ لأن الجنين في ظلمات ثلاث؛ من ظلمة جدار البطن وجدار الرحم والأغشية المحيطة بالجنين، ويكون الوليد ضعيف البصر. ولا يتم نمو البقعة الصفراء المسئولة عن الإبصار المركزي إلا في وجود
الضوء، وتُحاط ألياف العصب البصري إحاطة تامة، بغمد الميلين بعد ثلاثة أو أربعة شهور من الولادة، وتزيد شدة الإبصار تدريجيًّا، حتى تصل إلى خمس أبصار البالغ في ستة شهور، ولكن حاسة السمع تسود على حاسة البصر حتى هذا العمر.
أما ما يترتب على حاسة السمع فهو الكلام؛ لأن السمع نوع من الإحساس، يتم تحويله إلى لغة قبل أن يتم تخزينها في المخ، ولذلك فإن الطفل الذي لا يسمع لا يتكلم أبدًا، أما من يتكلم بلسان الأم، فمن السهل عليه بحاسة السمع أن يُحاكي لغات أخرى، وبدون أن يعلم كيف تكتب هذه اللغات.
- تفسير علمي لقصة أهل الكهف:
وافق مجلس جامعة عين شمس بالقاهرة، على ترشيح بحث يحاول فهم وبيان أوجه الإعجاز، في قوله تعالى:{فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} ، هذا البحث قام به الدكتور هشام محمد مهابة دكتوراه الصحة العامة، وأستاذ مشارك بكلية الطب جامعة عين شمس.
يذكر الباحث في البداية، أن القرآن الكريم الذي لا تنقطع عجائبه، ذكر قصة أهل الكهف،؛ ردًّا على بعض المشركين الذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عنها، اختبارًا له لتأكيد نبوته، وقد قصَّ سبحانه وتعالى قصتهم، ثم اختتمها بقوله تعالى:{فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} (الكهف: 22)، وذلك لأن ما جاء الله به هو الحق، وأنه يغطي كل جوانب قصتهم، وأن ما يحاوله الباحث هو فهم حال أهل الكهف بعد لجوئهم إليه، وحتى بعثهم الله من رقودهم، وذلك من خلال تدبُّر قوله تعالى:{فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} .
وتشير المراجع العلمية إلى أن التعرض للبرودة الشديدة، يؤدي إلى انخفاض كبير في درجة حرارة الإنسان، والشخص الذي انخفضت حرارته انخفاضًا كبيرًا، يصبح شبيهًا بالميت، إلا أنه يكون محميًّا إلى حدّ ما، من نقص الأكسجين وانخفاض ضغط الدم وفشل الدورة الدموية، وفي حالات عديدة فإن الشفاء التام، قد يحدث خاصة للشباب من هذه الحالات، ولهذا لا يجب اعتبار أي إنسان تعرض للبرودة الشديدة، وانخفضت درجة حرارته انخفاضًا شديدًا ميتًا، وذلك حتى يتم دفنه تمامًا، وإجراء الإسعافات اللازمة له، وقد أصبح اليوم لحفظ الأعضاء ضرورة كبيرة.
ويذكر الباحث أن قصة أهل الكهف هي دليل على البعث، وهي أيضًا دليل على قدرته جل شأنه، على حماية أوليائه من أي مكروه، وقد بدأت بقوله تعالى:{أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} (الكهف: 9)، وقد أجمعت كتب التفسير على أن معنى هذه الآية، لا تحسب أيها الرسول أن قصة أهل الكهف، هي أعجب آيات الله في خلقه، فهناك آيات من جنسها هي أعجب منها، فقد ذكر الله تعالى في سورة البقرة قصة مماثلة، هي قصة عزير عليه السلام، الذي أماته الله سبحانه وتعالى مائة عام ثم بعثه، ومن الواضح أن بعث الله للعزير كان من الموت فالآيات صريحة.
ولو أن أهل الكهف كانوا نيامًا فقط لاحتاجوا إلى الماء والغذاء، ولأيقظتهم الحاجة إلى التبول بعد بضع ساعات، ولكن الله سبحانه وتعالى قد أوقف جميع الوظائف الحيوية، وأبقى الأجسام في صورة حياة، كما يتم حفظ الأعضاء اليوم، مثل ضغط الدم، والقرنية، والكلى، والكبد، والقلب، وغيرها، لحين زراعتها في أشخاص آخرين، وكذلك ما نراه اليوم من إمكانية حفظ الأجنة، وإلى عودة