الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السابع
141/ 7/ 27 - عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه وكان من أصحاب الشجرة، قال:"كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم ننصرف وليس للحيطان ظلٌ يستظل به".
وفي لفظ: "كنا [نجمّع] (1) مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس، ثم نرجع فنتتبع الفيء"(2).
الكلام عليه من وجوه:
الأول: في التعريف براويه، وهو نسبة إلى جده، وهو سلمة ابن عمرو بن الأكوع.
واسم الأكوع: سنان.
(1) في ن ب (نجنمع).
(2)
البخاري (4168)، ومسلم (860) في الجمعة، باب: صلاة الجمعة حين تزول الشمس، ورواه أيضًا أبو داود برقم (1085) في الصلاة، باب: في وقت الجمعة النسائي (3/ 100) في الجمعة، باب: وقت الجمعة، وابن ماجه (1100) في إقامة الصلاة، باب: ما جاء في وقت الجمعة، والدارمي (1/ 363) في الصلاة، باب: في وقت الجمعة.
وكنية سلمة: إياس بابنه إياس وهو الأكثر.
وقيل: أبو مسلم، ورجحه جماعة.
وقيل: غير ذلك.
وسلمة: مدني حجازي أحد من بايع تحت الشجرة بايعه [ثلاثًا](1) وبايعه يومئذ على الموت، وغزا عدة غزوات [قال: غزوت معه سبعًا ولي البعث سبعًا. ويقال: إنه شهد غزوة مؤتة] (2).
واستوطن الربذة بعد قتل عثمان.
مات بالمدينة سنة أربع وسبعين، وعمَّر طويلًا عاش ثمانين سنة.
وكان شجاعًا، راميًا، حبرًا، فاضلًا، يسبق الفرس سدًا، وكلمه الذئب في القصة المشهورة، وقد كلَّم الذئب رافع بن عميرة الصحابي (3) أيضًا.
وقال ابنه إياس: ما كذب أبي قط. وقال عليه الصلاة والسلام: "خير رجالتنا سلمة ابن الأكوع"، وكان يُصَفِّرُ لحيته ورأسه. وكان يرتجز بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره، روى عنه
(1) زيادة من ن ب د.
(2)
في ن ب مكررة.
قال السفاريني -رحمنا الله وإياه- في شرح ثلاثيات مسند الإِمام أحمد (2/ 735): قال المهلب: أراد صلى الله عليه وسلم أن يؤكد بيعة سلمة لعلمه بشجاعته وغنائه في الإِسلام، وشهرته بالثبات، فلذلك أمره بتكرير المبايعة ليكون له في ذلك فضيلة. اهـ.
(3)
انظر: الإِصابة (2/ 188).
ابنه إياس ومولاه يزيد بن أبي عبيد وهو آخر من حدث عنه وغيرهما، له أحاديث جملتها سبعة وسبعون اتفقا منها على ستة عشر، وانفرد [البخاري](1) بخمسة، [ومسلم](2) بتسعة.
الثاني: في ألفاظه.
الأول: "الظل" أصله الستر، ومنه أنا في ظل فلان، وظل الجنة وظل شجرها، وظل الليل سواده لأنه يستر كل شيء.
"والفيء" لا يكون إلَّا بعد الزوال، ولا يقال لما قبل الزوال:"فيء" وإنما يسمى بعد الزوال فيئًا، لأنه ظل فاء من جانب إلى جانب، أي رجع.
والفيء: الرجوع، قاله كلَّه ابنُ قتيبة (3) في أول "أدب الكاتب". وقال: يذهبون يعني العوام أن الظل والفيء بمعنى، وليس كذلك بل الظل يكون غدوة وعشية، ومِنْ [أول](4) النهار وآخره،
وما ذكره هو الصواب. وفيه أقوال أخر ذكرتها [الإِشارات إلى ما وقع في المنهاج من الأسماء والمعاني واللغات](5) فراجعها منه إن شئت.
(1) في ن ب د (رموز خ م).
(2)
في ن ب د (رموز خ م).
(3)
أدب الكاتب (24).
(4)
في ن ب (أهل).
(5)
في المخطوطة (في الإِشارات لغات المنهاج)، وما أثبت العنوان الصحيح.
الثاني: قوله "وليس للحيطان ظل نستظل به" لبس نفيًا لأصل الظل، بل نَفَى ظلًا يستظلون به مع أن جدرانهم كانت قصيرة، ولا
يلزم من نفي الأخص نفي الأعم، مع أن أهل الحساب قالوا إن عرض المدينة خمسة وعشرون درجة فإذًا غاية الارتفاع [بسبعة](1)
وثمانون، فلا تسامت الشمس الرؤوس، وإذا لم تسامت الرؤوس لم يكن ظل القائم تحته حقيقة، بل لا بد من ظل فامتنع أن يكون المراد نفي أصل الظل، فيكون المراد ظلًا يكفي أبدانهم للاستظلال، ولا يلزم من ذلك وقوع الصلاة ولا شيء من خطبتها ولو طالت القراءة فيما قبل الزوال.
الثالث: قوله "نجمّع" -بضم النون وفتح الجيم وتشديد الميم المكسورة- أي نُقيم الجمعة.
الرابع: قوله "نتتبع الفيء" إنما كان ذلك لشدة التبكير، وقصر حيطانهم، لكنه كان فيء يسير.
الوجه الثالث: في أحكامه:
فيه دلالة على أن وقت الجمعة وقت الظهر لا يجوز إلَّا بعد الزوال، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي، وجماعة العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، ولم يخالف في ذلك إلَّا أحمد وإسحاق فقالا: بجوازها قيل الزوال.
قال الخرقي: في السادسة (2) تمسكًا بهذا الحديث من حيث
(1) في ن ب (سبعة)، ون د (تسعة).
(2)
أي وقت صلاة الجمعة في الساعة السادسة.
إنه يقع بعد الزوال الخطبتان والصلاة مع ما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فيها بالجمعة والمنافقون وذلك يتقضي زمانًا يمتد فيه الظل بحيث كانوا ينصرفون منها وليس للحيطان "فيء" يستظلون به ربما اقتضى ذلك أن تكون واقعة قبل الزوال وخطبتاها أو بعضها، لكن الرواية الثانية تبين منه وقوع جميعه بعد الزوال، ولا يلزم من قراءته الجمعة و [المنافقون](1) الدوام، وما [تمسكنا](2) به من الرواية الأولى فهو وهم لما بيناه.
قال القاضي عياض: وروي في هذا [شيء](3) عن الصحابة لا يصح شيء منها إلَّا ما عليه الجمهور، وحملوا الحديث على المبالغة في تعجيلها، وكذا حديث سهل في الصحيحين (4)"ما كنا نقيل ولا نتغدى إلَّا بعد الجمعة"، وإنهم كانوا يؤخرون الغداء
والقيلولة في هذا اليوم إلى ما بعد صلاة الجمعة لأنهم ندبوا إلى التبكير إليها، فلو اشتغلوا بشيء من ذلك قبلها خافوا فوتها أو فوت التبكير إليها.
(1) في ن ب (المنافقين).
(2)
في ن ب د (تمسكًا).
(3)
في ن ب (أشياء).
(4)
البخاري (938، 939، 941، 2349، 5403، 6248، 6279، 6279)، ومسلم (859)، وأبو داود (1086)، والترمذي (525)، وأحمد (3/ 433، 5/ 336)، وابن ماجه (1099)، والبيهقي (3/ 241)، وابن خزيمة (1875، 1876).
و [قد](1) رُوي عن مجاهد: "أنها صلاة عيد"(2).
قال القرطبي (3): ويلزم عليه أن لا تنوب عن ظهر يوم الجمعة، كظهر يوم العيد.
(1) زيادة من ن ب.
(2)
المحلى (5/ 63)، وذكره في المفهم (3/ 1452)، والمغني (2/ 243)، والمجموع (4/ 511).
(3)
المفهم (3/ 1452).