الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الأول
157/ 1/ 32 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نعى النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى، فصف بهم وكبر أربعًا"(1).
الكلام عليه من أحد عشر وجهًا: والتعريف براويه سلف في الطهارة.
الأول: "النجاشي" -بفتح النون وبالشين المعجمة وتشديد الياء-.
قال صاحب "مجمع البحرين": وتخفيفها أعلا وأفصح (2) قال وكان ثعلب يختار كسر النون فيه.
(1) البخاري (1245)، وأطرافه في الفتح (3/ 116)، ومسلم (951)، وأبو داود (3204)، في الجنائز، باب: في الصلاة على المسلم يموت في بلاد الشرك، والنسائي (4/ 72)، والموطأ (1/ 226)، وأحمد (2/ 438، 289، 439)، وابن حبان (3068، 3098، 3100، 3101)، وعبد الرزاق (6393)، وابن ماجه (1534)، والترمذي (1022)، وابن أبي شيبة (3/ 300، 392، 363)، والبيهقي في السنن (4/ 49)، وفي والمعرفة (5/ 314).
(2)
في ن ب زيادة (واو).
قال الجوهري (1): هو اسم ملك الحبشة.
قال الصاغاني: هذا تحريف. وإنما اسمه أصحمة أي بفتح الهمزة وإسكان الصاد وفتح الحاء المهملتين.
وقد قال ابن دريد: فأما النجاشي فكلمة حبشية يقال للملك منهم نجاشي كما يقال كسرى وقيصر.
وقال صاحب "المطالع": النجاشي اسمًا كان أو كنية.
وقال المطرزي في "المغرب"(2): تشديد جيمه خطأ. واسمه أصحمة، والسين تصحيف.
قلت: وقيل اسمه أصمحة بتقديم الميم على الحاء. حكاه الرافعي في "شرح مسند الشافعي".
وحكى القاضي عياض (3): صحمه بحذف الألف.
وفي "المستدرك"(4) للحاكم [أن](5) ابن إسحاق قال اسمه مصمحة.
قال: ولم يتابع عليه (6).
(1) انظر: مختار الصحاح (271).
(2)
انظر: المغرب (2/ 290).
(3)
المشارق (1/ 63).
(4)
(2/ 623).
(5)
زيادة من ن ب د.
(6)
سيرة ابن إسحاق (201). ذكره القاضي عياض في المشارق (1/ 63) عن ابن إسحاق أن اسم النجاشي: أصحمة: بفتح الهمزة وسكون الصاد بعدها حاء مهملة مفتوحة، وهو قول ابن إسحاق.
والذي نقله القاضي عياض: عن ابن إسحاق أصحمة فاعلمه.
وقال ابن أبي شيبة (1) في "مسنده"[(2)]: صمحة بتقديم الميم على الحاء بلا ألف وهو شاذ كما قاله النووي (3).
فحصل في اسمه خمسة أقوال:
وفي لفظ "النجاشي" أربع لغات وهذا مهم عزيز الوجود.
(1) والذي نسبه القاضي عياض لابن أبي شيبة في المشارق (1/ 63) صحمة بغير ألف وبفتح الصاد وسكون الحاء، قال: وكذلك قال يزيد بن هارون وإنما هو صمحة بتقديم الميم والمعروف ما تقدم أولًا. اهـ.
وفي ابن أبي شيبة أصحمة (3/ 300، 362، 363)، قال ابن حجر في الفتح (3/ 203): تنبيه: وقع في جميع الطرق التي اتصلت لنا من البخاري أصحمة بمهملتين بوزن أفعلة مفتوح العين في المسند والمعلق معًا، وفيه نظر لأن إيراد المصنف يشعر بأن يزيد خالف محمد بن سنان، وأن عبد الصمد تابع يزيد، ووقع في مصنف ابن أبي شيبة عن يزيد صحمة بفتح الصاد وسكون الحاء فهذا متجه -قلت: خلاف ما ذكره ابن الملقن هنا- ويتحصل منه أن الرواة اختلفوا في إثبات الألف وحذفها. وحكى الإِسماعيلي أن في رواية عبد الصمد أصخمة بخاء معجمة وإثبات الألف، قال: وهو غلط فيحتمل ان يكون هذا محل الاختلاف الذي أشار إليه البخاري. وحكى كثير من الشراح أن رواية يزيد ورفيقه صحمة بالمهملة بغير ألف، وحكى الكرماني أن في بعض النسخ في رواية محمد بن سنان أصحبة بموحدة بدل الميم. اهـ. انظر: مشارق الأنوار للقاضي عياض (1/ 63)، حيث ذكر صمحة، صحمة أصحمة.
(2)
في ن ب زيادة (صحيح).
(3)
انظر: شرح مسلم (7/ 22).
ومعنى "أصحمة" بالعربية "عطية".
قال ابن دحية في التنوير: قال أهل السير: وتوفي في رجب سنة تسع من الهجرة.
وقال ابن الأثير: [أسلم](1) قبل الفتح. ومات قبله أيضًا وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم[با](2) لمدينة.
قال الرافعي: وكان بينه وبين النجاشي مسيرة شهر. وكبر عليه أربعًا كما ساقه المصنف وروى الطبراني بإسناد (3) واهٍ أنه كبر عليه خمسًا.
وكان المسلمون قد هاجروا إليه فأحسن إليهم. وآمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة. وجهز إليه جعفرًا.
وروى أبو داود (4) عن عائشة قالت: "لما مات النجاشي كانوا يتحدثون أنهم لا يزالوا يرون النور على قبره".
وجاريته أبرهة أسلمت وأرسلت السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أم حبيبة فقال: "وعليها السلام ورحمة الله وبركاته".
(1) زيادة من ن ب.
(2)
في ن ب (في).
(3)
الطبراني في المعجم الكبير (17/ 20)، ورواه ابن ماجه (1506) بدون لفظة "النجاشي". قال في مجمع الزوائد (3/ 41): كثير: ضعيف. انظر ت (2، 3) ص (396).
(4)
مختصر المنذري (2412)، وهو ضعيف، والسيرة لابن إسحاق (201)، والسهيلي (1/ 211).
قال عبد الله بن أبي بكر بن حزم: وكان ذلك سنة سبع، ذكره ابن الجوزي في "تنويره" وذكره العسكري في كتاب "الصحابة" فيمن
ولد في أيام النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرو عنه شيئًا، وقال: إنه أول ملك أسلم وصح إسلامه عند النبي صلى الله عليه وسلم فاستغفر له ثلاثًا. وصلى عليه.
واعلم أن النجاشي تابعي كما ذكرناه آنفًا لأنه آمن ورأى الصحابة ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم وإن ذكره ابن منده في الصحابة توسعًا. وهذه المسألة تلقى في المعاياه، فيقال: شخص صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم[وأصحابه](1) وهو تابعي، فيقال: هو النجاشي.
ومن الغرائب التي نظيرها نادرًا أيضًا إسلام صحابي طويل الصحبة كثير الرواية على يد تابعي وهو عمرو بن العاص فإنه أسلم على يد النجاشي فاستفد ذلك.
فائدة: "النجاشي" لقب لكل من ملك الحبشة. ويقال: لكل من ملك المسلمين أمير المؤمنين، ولمن ملك الروم قيصر وهرقل، والفرس كسرى والترك خاقان، والقبط فرعون، ومصر العزيز، واليمن تبع، وحمير القيل -بفتح القاف- وقيل: القيل أقل درجة من الملك، ودهمي ويعبورا لمن ملك الهند، و [عاند](2) لمن ملك الزنج، ومالح، وقيل: الفطيون لمن ملك اليهود، والنمروذ لمن
ملك الصابئة، وجالوت لمن ملك البربر.
تنبيه: ذكر المحب الطبري في "أحكامه": أن النجاشي من
(1) زيادة من ن ب.
(2)
في ن ب (عامر).
النجش: وهو الإِثارة، ومنه قيل: لمن يزيد في السلعة: ناجش ونجاشي.
الثاني: "النعي" خبر الموت يقال "نَعَاهُ، ينعاه، نَعْيًا" و"نُعْيَانًا" بالفتح والضم، وكذلك "النَّعِيُّ" على فعيل، يقال: جاء نَعِيُّ فلان والنَّعِيُّ (1) أيضًا الداعي وهو الذي يأتي بخبر الموت. قاله الجوهري (2).
وقال الهروي: النعي: بسكون العين الفعل والنعي يريد بالكسر الميت. ويجوز أن يجمع على نعايا كصفى وصفايا.
وقال الجوهري قال الأصمعي: كانت العرب إذا مات منها ميت له قدر ركب راكب فرسًا، وجعل يسير في الناس، ويقول: نَعاءِ فلانًا أي أنعه وأظهر خبر وفاته. ونعا مبنية على الكسر مثل دراك.
وفي الحديث (3)" [يا نعايا] (4) العرب" أي أنعهم.
قلت: والنعي على ضربين:
أحدهما: مجرد إعلام لقصد ديني كطلب كثرة الجماعة
(1) أي هو الناعي وهو الذي يأتي بخبر الموت.
(2)
انظر: مختار الصحاح (279).
(3)
قال ابن الأثير في حديث شداد بن أوس (5/ 85): "يا نعايا العرب، إن أخوف ما أخاف عليكم الرياء والشهوة الخفية"، وفي رواية: [يا نعيان العرب"، يقال: نعى الميت ينعاه نعيًا ونعيًا، إذا أذاع موته، وأخبر به، إذا ندبه. انظر: لسان العرب (14/ 216).
(4)
في ن ب د (كانعاء).
تحصيلًا للدعاء للميت وتتميمًا للعدد الذي وُعد بقبول شفاعتهم له كالأربعين (1) والمائة (2) مثلًا أو لتشييعه وقضاء حقه في ذلك. وقد ثبت في معنى ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "هلا أذنتموني به"(3) ونعيه عليه الصلاة والسلام أهل مؤتة جعفرًا وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة (4).
الثاني: فيه أمر محرم مثل نعي الجاهلية المشتمل على ذكر مفاخر الميت ومآثره وإظهار التفجع عليه وإعظام حال موته فالأول: مستحب
(1) ولفظه: "ما من مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلًا لا يشركون بالله شيئًا إلَّا شفعهم فيه". مسلم (948)، وأحمد (1/ 277)، وأبو داود (3170)، والبيهقي (4/ 30)، والبغوي (1505)، وابن جان (3082)، وابن ماجه (1489)، والطبراني (11/ 12158).
(2)
ولفظه: "ما من أحد يموت يصلي عليه أمة يبلغون أن يكونوا مئة فيشفعون إلَّا شفّعوا فيه". مسلم (947)، وأحمد (6/ 32، 40، 231)، والترمذي (1029)، والنسائي (4/ 75، 76)، وابن حبان (3081)، وابن أبي شيبة (3/ 321)، والطيالسي (1526)، والبغوي (1504)، والبيهقي (4/ 30).
(3)
البخاري (458، 460، 1337)، ومسلم (956)، وأبو داود (3203)، وابن ماجه (1527)، والبيهقي (4/ 47)، وابن حبان (3086، 3087)، والطيالسي (2446)، وأحمد (2/ 353، 388)، والنسائي (4/ 84، 85)، والحاكم (3/ 591).
(4)
البخاري (1299، 1305، 4263)، ومسلم (935)، والنسائي (4/ 14، 15)، وأبو داود (3122)، وأحمد (6/ 276، 277)، والبيهقي (4/ 59)، وابن حبان (3147، 3148).
والثاني: محرم، وعليه يحمل نهيه عليه الصلاة والسلام عن النعي كما أخرجه الترمذي وصححه (1)، وهذا التفصيل هو الذي تقتضيه الأحاديث الصحيحة. وبعض أصحابنا، قال: يستحب الإِيذان وإشاعة موته في الناس بالنداء عليه والإِعلام للقريب دون غيره، وبه قال ابن عمر رضي الله عنه.
وجزم البغوي (2) وغيره من أصحابنا: بكراهة النعي والنداء عليه للصلاة وغيرها.
ونقل ابن الصباغ عن الأصحاب: أنه يكره النداء عليه، وأنه لا بأس أن يعرف أصدقاءه، وبه قال الإِمام أحمد.
وقال أبو حنيفة: لا بأس به، ونقله العبدري عن مالك أيضًا.
وفي "الحلية" للروياني من أصحابنا: الاختيار بالنداء عليه ليكثر المصلون، ودليله حديث الكتاب وغيره.
وكره مالك الإِنذار بذلك على أبواب المساجد والأسواق، ورآه من النعي.
الثالث: في الحديث الإِعلام بالميت للمقصد المديني كما قررناه.
الرابع: فيه إثبات الصلاة على الميت المسلم، وأجمعوا على أنها فرض كفاية. وما حكى عن بعض المالكية أنها سنَّه مؤكدة فمردود.
(1) الترمذي (986)، وابن ماجه (1476)، وأحمد (5/ 385).
(2)
انظر: شرح السنة (5/ 340).
واختلفوا: في [العدد](1) الذي تسقط به. فالصحيح من الأوجه الأربعة عندنا أنها تسقط بصلاة واحد.
وقيل: اثنان. وقيل: ثلاثة. وقيل: أربعة.
الخامس: صلاته عليه الصلاة والسلام على النجاشي كانت متعينة حيث مات بأرض لم يقم بها فريضة الصلاة عليه، فتعين الإِعلام بموته لذلك، وإن كان معه من تابعه على الإِسلام إلَّا أنه لا يقدر على إظهاره أو يجهل حكم هذه الصلاة. وهكذا الحكم في كل مسلم مات ولم يصل عليه، فإنه يتعين على كل من علم بموته الصلاة عليه (2).
السادس: فيه معجزة ظاهرة لرسوله صلى الله عليه وسلم لإِعلامه بموته وهو في الحبشة في اليوم الذي مات فيه.
السابع: فيه شرعية الصلاة على الميت الغائب عن البلد وهو مذهب الشافعي. وخالف في ذلك مالك وأبو حنيفة وغيرهما. والحديث حجة عليهم، [ولهم] (3) اعتذارات:
منها: ما أسلفنا من أن الصلاة عليه كانت متعينة.
(1) في ن د (القدر).
(2)
انظر: السنة للبغوي (5/ 342)، وفتح الباري (3/ 151)، وانظر كلام ابن القيم في زاد المعاد (1/ 301)، ونقله عن شيخ الإِسلام التفصيل في ذلك الجواز مطلقًا إن لم يصل عليه ويأتي مفصلًا في التعليق ت (4) ص، (390).
(3)
في ن ب ساقطة.
ومنها: ما قيل إنه عليه الصلاة والسلام رآه فيكون حين صلاته عليه كميت رآه الإِمام ولم يره المأمومون (1).
قال الشيخ تقي الدين (2): وهذا يحتاج إلى نقل يثبته، فمثله لا يثبت بالاحتمال.
ومنها: أن ذلك مخصوص بالنجاشي.
قلت: والعجب أن ابن عبد البر المحقق الحافظ اعتذر بهذا أيضًا فقال (3):
دلائل الخصوص في هذه المسألة واضحة، لا يجوز أن يشرك النبي صلى الله عليه وسلم فيها غيره؛ لأنه -والله أعلم- أحضر روح النجاشي بين يديه، حيث شاهدها، وصلى عليها، أو رفعت له جنازته (4)،
(1) ذكره السهيلي في الروض (2/ 94).
(2)
إحكام الأحكام (3/ 231).
(3)
انظر: الاستذكار (1/ 233، 234)، والتمهيد (6/ 328، 329).
(4)
قال ابن حجر في الفتح (3/ 188): ومن ذلك قول بعضهم: كشف له صلى الله عليه وسلم عنه حتى رآه، فتكون صلاته عليه كصلاة الإِمام على من رآه ولم يره المأمومون ولا خلاف في جوازها.
قال ابن دقيق العيد: هذا يحتاج إلى نقل، ولا ثبت بالاحتمال. وتعقبه بعض الحنفية بان الاحتمال كاف في مثل هذا من جهة المانع، وكأن مستند قائل ذلك ما ذكره الواقدي في أسبابه بغير إسناد عن ابن عباس قال:"كشف للنبي صلى الله عليه وسلم عن سرير النجاشي حتى رآه وصلى عليه" ولابن حبان من حديث عمران بن حصين "فقام وصفوا خلفه وهم لا يظنون إلَّا أن جنارته بين يديه" أخرجه من طريق الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير =
كما كشف (1) [له عن بيت المقدس حين سألته قريش عن
= عن أبي قلابة عن أبي المهلب عنه، ولأبي عوانة من طريق أبان وغيره عن يحيى "فصلينا خلفه ونحن لا نرى إلَّا أن الجنازة قدامنا" ومن الاعتذارات أيضًا أن ذلك خاص بالنجاشي لأنه لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم صلى على ميت غائب غيره، قال المهلب: وكأنه لم يثبت عنده قصة معاوية الليثي وقد ذكرت في ترجمته في الصحابة أن خبره قوى بالنظر إلى مجموع طرقه، واستند من قال بتخصيص النجاشي لذلك إلى ما تقدم من إرادة إشاعة أنه مات مسلمًا أو استئلاف قلوب الملوك الذين أسلموا في حياته، قال النووي: لو فتح باب هذا الخصوص لا نسدّ كثير من ظواهر الشرع، مع كان شيء مما ذكروه لتوفرت الدواعي على نقله، وقال ابن العربي المالكي: قالوا المالكيه ليس ذلك إلَّا لمحمد، قلنا وما عمل به محمَّد تعمل به أمته، يعني لأن الأصل عدم الخصوصية قالوا: طويت له الأرض وأحضرت الجازة بين يديه، قلنا: إن ربنا عليه لقادر وإن نبينا لأهل لذلك، ولكن لا تقولوا إلَّا ما رويتم، ولا تخترعوا حديثًا من عند أنفسكم ولا تحدثوا إلَّا بالثابتات ودعوا الضعاف، فإنها سبيل تلاف. إلى ما ليس له تلاف. وقال الكرماني: قولهم رفع الحجاب عنه ممنوع. ولئن سلمنا فكان غائبًا عن الصحابة الذين صلوا عليه مع النبي صلى الله عليه وسلم قلت: وسبق إلى ذلك الشيخ أبو حامد في تعليقه، ويؤيده حديث مجمع بن جارية بالجيم في قصة الصلاة على النجاشي قال:"فصفنا خلفه صفين وما نرى شيئًا" أخرجه الطبراني وأصله في ابن ماجه. لكن أجاب بعض الحنفية عن ذلك بما تقدم من أنه يصير كالميت الذي يصلي عليه الإِمام وهو يراه ولا يراه المأمومون فإنه جائز اتفاقًا. اهـ.
انظر: حاشية الصنعاني على الأحكام (3/ 231)، وانظر: نصب الراية (2/ 283)، ونيل الأوطار (4/ 89).
(1)
في الأصل (للشف)، وما أثبت من ن ب د.
صفته (1).
وقد روي أن جبريل أتاه بروح، (2) جعفرٍ وجنازَتِه وقال:"قم فصل عليه"(3) ومثل هذا كله يدل على أنه مخصوص به لا يشاركه فيه غيره.
قال: وعلى هذا أكثر العلماء في الصلاة على الغائب.
وقد كفانا مؤنة الرد عليه ابن دحية الحافظ. فقال في كتابه "التنوير": بعد أن ساق كلامه: هذا كله دعوى لا دليل عليها من كتاب ولا سنة، إلا ما كان من قصة رفع بيت المقدس، فهو في الصحيحين.
وأما إحضار روح النجاشي أو رفع جنازته: فلا يصح من طريق عند أهل العلم بالنقل.
فإن قلت: فقد طويت الأرض له في موت معاوية بن
(1) البخاري (3886، 4710).
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
رواه الواقدي في كتاب المغازي عن عبد الله بن أبي بكر قال: لما التقى الناس بمؤتة، جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وكشف له ما بينه وبين الشام، فهو ينظر إلى معركتهم، فقال عليه السلام: أخذ الراية زيد بن حارثة فمضى حتى استشهد، وصلى عليه ودعا له، وقال: استغفروا له وقد دخل الجنة وهو يسعى، ثم أخذ الراية جعفر بن أبي طالب ودعا له وقال: استغفروا له، وقد دخل الجنة، فهو يطير بجناحين حيث شيء. قال في نصب الراية:(2/ 284) هو مرسل.
معاوية (1).
قلت: لا يصح كما شهد بذلك العقيلي والبيهقي وغيرهما.
ولقد أنصف القرطبي (2) رحمه الله فقال: في الاعتذار الثاني والثالث نظر وأن الأول أقربهما.
واستحسن الروياني من أصحابنا ما ذهب إليه الخطابي (3): أنه لا يصلي عليه، إلَّا إذا لم يصل عليه أحد [وكذا](4) كانت قضية
(1) معاوية بن معاوية الليثي أو المزني. انظر: دلائل النبوة للبيهقي (5/ 245)، قال ابن كثير بعد أن ساق ما نقله من الأحاديث الواردة في قبض الأرض وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم في البداية والنهاية (5/ 14، 15)، نقلًا عن البيهقي:"وقال منكر من هذا الوجه".
وقال ابن عبد البر رحمه الله في الاستيعاب (): أسانيد هذه الأحاديث -أي قبض الأرض- ليست بالقوية، ولو أنها في الأحكام لم يكن في شيء منها حجة. وفضل "قل هو الله أحدا" لا ينكر. انظر: مسند أبي يعلى (7/ 257)، ومجمع الزوائد (3/ 40)(9/ 378).
وقال ابن القيم في زاد المعاد: روى النبي صلى الله عليه وسلم على معاوية بن معاوية الليثي، وهو غائب، ولكن لا يصح؛ لأن في إسناده العلاء بن زياد، قال علي بن المديني كان يضع الحديث. اهـ. انظر: نصب الراية (2/ 284)(1/ 302).
وقال ابن حجر في الفتح (3/ 188): وقد ذكرت في ترجمته في الصحابة أن خبره قوي بالنظر إلى مجموع طرقه.
(2)
المفهم (3/ 1594، 1595).
(3)
معالم السنن (4/ 334).
(4)
في ن ب (وهذا).
النجاشي (1).
وقال ابن حبان (2): من أصحابنا: إنما تجوز الصلاة عليه إذا كان في جهة القبلة فقط إما إذا كان وراءه بحيث إذا استقبلها استدبره. وإذا استقبله استدبرها لم تصح الصلاة عليه.
قال المحب الطبري في "أحكامه": ولم أقف على هذا (3) لغيره واحترزت بقولي أولًا [الغائب](4) عن البلد عما إذا كان في البلد غائبًا عن موضع الصلاة فإنه لا يجوز أن يصلى عليه على الأصح حتى يحضر عنده، لأنه عليه الصلاة والسلام لم يصل على حاضر في البلد إلَّا بحضرته، ولأنه لا مشقة فيه بخلاف الغائب.
(1) ونقل ابن حجر في الفتح (3/ 188)، كلام الخطابي، وقال: واستحسنه الروياني من الشافعية، وبه ترجم أبو داود في "السنن" الصلاة على المسلم يليه أهل الشرك ببلد آخر وهذا محتمل إلَّا أنني لم أقف في شيء من الأخبار على أنه لم يصل عليه في بلده أحد
…
إلخ، وانظر التعليق (10). وذكر ابن القيم في "زاد المعاد"(1/ 301)، عن شيخ الإِسلام ابن تيمية: الصواب أن الغائب إن مات ببلد لم يصل عليه فيه، صلى عليه صلاة الغائب، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي، لأنه مات بين الكفار، ولم يصل عليه، وإن صلى عليه حيث مات لم يصل عليه صلاة الغائب، لأن الفرض سقط بصلاة المسلمين عليه والنبي صلى الله عليه وسلم صلى على الغائب وتركه، وفعله وتركه سنَّة، وهذا له موضع والله أعلم، والأقوال ثلاثة في مذهب أحمد، وأصحها هذا التفصيل، والمشهور عند أصحابه الصلاة عليه مطلقًا.
(2)
ابن حبان (7/ 367)، وانظر: كلام ابن حجر في الفتح (3/ 188).
(3)
في ن ب د زيادة (لأحد).
(4)
في ن ب (الغالب).
فرع: لو صلى على الأموات الذين ماتوا في يومه وغسلوا ولا يُعرَف عددهم جاز.
الثامن: فيه الخروج إلى المصلى للميت الغائب من غير كراهة.
التاسع: تمسك به الحنفية والمالكية في منع الصلاة على الميت في المسجد، وبجعل الكراهة في الصلاة على الميت في المسجد مطلقة، ولا يتم لهم ذلك إلا أن تخص الكراهة بكون الميت في المسجد، فإنه عليه الصلاة والسلام صلى على سهيل بن بيضاء [وأخيه](1) في المسجد، كما أخرجه مسلم (2) من حديث عائشة ومعلوم أن موته كان خارج المسجد وحمل إلى المسجد للصلاة عليه فيه. والخروج إلى المصلي للصلاة على النجاشي أبلغ في إظهار أمره المشتمل على هذه المعجزة الباهرة ولإِكثار المصلين عليه، وجمهور العلماء، كما نقله عنهم النووي في "شرح مسلم"(3) على جواز الصلاة على الميت في المسجد، بل نص أصحابنا على استحبابه، وقد أوضحت الجواب عما عارض حديث سهل من خمسة أوجه في "شرح المنهاج"، فراجعه منه، على أن لا يتم
(1) زيادة من ن ب د.
(2)
مسلم (99، 100)، والترمذي (1033)، والنسائي (4/ 68)، وأحمد (6/ 79، 133، 261، 169)، وابن ماجه (1518)، وابن حبان (3065، 3066)، ومالك منقطعًا (1/ 229)، والبغوي (1491)، والطحاوي (1/ 490).
(3)
شرح مسلم (7/ 21، 22).
الاستدلال للحنفية من هذا الحديث على الكراهة في الصلاة عليه فيه أصلًا، لأن الممتنع عندهم إنما هو إدخاله المسجد، لا مجرد الصلاة عليه فيه (1).
العاشر: أن سنَّة تكبيرات الجنازة أربع وهو مذهب الشافعي وجمهور العلماء، كما نقله عنهم النووي في "شرحه"(2). وفي رواية
باطلة أنه كبر عليه خمسًا نبه على بطلانها الجوزقاني (3) في موضوعاته.
قال القاضي عياض (4): وكان عليه الصلاة والسلام يكبر أربعًا وخمسًا وسبعًا وثمانيًا، حتى مات النجاشي فكبر عليه أربعًا وثبت [على](5) أربع حتى توفي (6).
(1) انظر: بسط المسألة في فتح الباري (3/ 188، 199)، والبغوي (5/ 350)، وكتاب الجنائز للألباني (106 - 108).
(2)
شرح مسلم (7/ 21).
(3)
الجوزقاني في الأباطيل (2/ 50)، ومجمع الزوائد (3/ 38، 41)، والمعجم الكبير للطبراني (17/ 20). لضعف كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف. انظر: سؤال محمَّد بن أبي شيبة لابن المديني (90)، وتاريخ عثمان بن سعيد الدارمي (95). وقد مضى في أول الحديث تضعيفه.
(4)
إكمال إكمال المعلم (3/ 88).
(5)
في ن د ساقطة.
(6)
قال ابن حجر في الفتح (3/ 202): وقد اختلف السلف في ذلك: فروى مسلم عن زيد بن أرقم أنه يكبر خمسًا ورفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وروى ابن المنذر عن ابن مسعود أنه صلى على جنازة رجل من بني أسد فكبر خمسًا، وروى ابن المنذر وغيره عن علي أنه كان يكبر على أهل بدر ستًّا =
قال: واختلف السلف من الصحابة في ذلك من ثلاث تكبيرات إلى تسع. وروي عن عليٍّ رضي الله عنه: "أنه كان يكبر على أهل بدر ستًّا وعلى سائر الصحابة خمسًا. وعلى غيرهم أربعًا"(1).
قال ابن عبد البر: وانعقد الإِجماع بعد ذلك على أربع،
= وعلى سائر الصحابة خمسًا وعلى سائر الناس أربعًا، رروي أيضًا بإسناد صحيح عن أبي معبد قال صليت خلف ابن عباس على جنازة فكبر ثلاثًا. وسنذكر الاختلاف على أنس في ذلك، قال ابن المنذر: ذهب أكثر أهل العلم إلى أن التكبير أربع، وفيه أقوال أخر فذكر ما تقدم. قال: وذهب بكر بن عبد الله المزني إلى أنه لا ينقص من ثلاث ولا يزاد على سبع. وقال أحمد مثله لكن قال: لا ينقص من أربع. وقال ابن مسعود: كبر ما كبر الإِمام. قال: والذي نختاره ما ثبت عن عمر، ثم ساق بإسناد صحيح إلى سعيد بن المسب قال "كان التكبير أربعًا وخمسًا، فجمع عمر الناس على أربع" وروى البيهقي بإسناد حسن إلى أبى وائل قال: "كانوا يكبرون
على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعًا وستًّا وخمسًا وأربعًا، فجمع عمر الناس على أربع كأطول الصلاة". اهـ.
وروى ابن عد البر في "الاستذكار" من طريق أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة عن أبيه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر على الجنائز أربعًا، وخمسًا، وسبعًا، وثمانيًا، خى جاء موت النجاشي، فخرج إلى المصلي، وصف الناس وراءه، وكبر عليه أربعًا، ثم ثبت النبي صلى الله عليه وسلم على أربع حتى توفاه الله عز وجل. اهـ.
(1)
الطحاوي (1/ 287)، والدارقطني (1/ 191)، والبيهقي (4/ 37)، وسنده صحح رجاله كلهم ثقات، والحاكم (3/ 309)، وهي عند البخاري في المغازي (4004) دون قوله ستًّا، مع مراجعة الفتح (7/ 328).
واتفق الفقهاء: أهل الفتوى بالأمصار على أنها أربع، لا زيادة عليها، على ما جاء في الأحاديث الصحاح، وما سوى ذلك عندهم مردود، لا يلتفت إليه. قال ولا نعلم أحدًا قال من فقهاء الأمصار بخمس إلَّا ابن أبي ليلى (1).
قلت: ولا أعلم له سلفًا من ذلك، إلَّا زيد بن أرقم (2) وقد اختلف عنه في ذلك وحذيفة (3)، وفي الإِسناد عنهما من لا يحتج به.
وذكر الحازمي (4) أنه قول ابن مسعود وعيسى مولى حذيفة، وأصحاب معاذ بن جبل، وهو مذهب الشيعة (5).
وعزاه الفاكهي إلى الفقهاء السبعة، ولعله التبس عليه.
وروي أيضًا مرفوعًا لكنه واهٍ كما قدمته، وبتقدير ثبوته فالتكبير أربعًا متأخر عنها.
(1) ساق ابن حجر كلامه في الفتح (7/ 328) ودعوى الإِجماع مع وجود آثار صحيحة عن الصحابة تدل على أن العمل بالخمس والست تكبيرات عمل به إلى ما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم تحتاج نظر، وانظر إلى كلام ابن حزم في رد ذلك في المحلى (5/ 124).
(2)
مسلم (957)، والترمذي (2/ 140)، وابن ماجه (1/ 458)، والطحاوي (1/ 285)، والبيهقي (4/ 36)، والطيالسي (674)، وأحمد (4/ 367، 368، 372).
(3)
أحمد (5/ 406) عن مولى حذيفة عيسى.
(4)
الحازمي في الاعتبار في الناسخ والمنسوخ (123)، ورسوخ الأخبار في منسوخ الأخبار للجعبري (136)، وناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين (263).
(5)
انظر: حاشية الصنعاني على إحكام الأحكام (3/ 232).
وروي فيه حديث عن ابن عباس (1).
وروي عن بعض المتقدمين أنه يكبر على الجنازة ثلاثًا وعزاه الحازمي (2) إلى ابن سيرين وأبي الشعثاء، وابن عباس، وأنس، وهذا الحديث يرده، ويتلخص في هذه المسألة ستة أقوال:
أصحها: أربع تكبيرات.
ثانيها: ثلاث.
ثالثها: خمس.
رابعها: عن ابن مسعود [أنه](3) قال: كبّر رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعًا وسبعًا وخمسًا وأربعًا فكبروا ما كبر الإِمام (4)، فأشار إلى أن ذلك كله جائز، وأن المصلي مخير في ذلك.
خامسها: يكبر ما كبر الإِمام، ولا يزيد على سبع. قاله إسحاق.
(1) البخاري (857، 1319، 1322، 1336)، ومسلم (954)، والنسائي (4/ 85)، والبيهقي (4/ 45)، وابن حبان (3085، 3088، 3090، 3091)، وأحمد (9/ 224)، وابن ماجه (1530)، وأبو داود (3196)، باب: التكبير على الجنازة، والدارقطني (2/ 76، 77)، والترمذي (1037).
(2)
الاعتبار في الناسخ والمنسوخ (138).
(3)
زيادة من ن ب د.
(4)
عبد الرزاق (6395، 6403)، والبيهقي (4/ 37)، وابن حزم في المحلى (5/ 126)، وحسنه الحافظ في الفتح (3/ 162).
سادسها: ما أسلفنا عن علي (1).
الحادي عشر: فيه استحباب الصفوف والأمر بها في صلاة الجنازة، لقوله:"فصف بهم" وقد ثبت من حديث مرثد بالثاء المثلثة بن عبد الله قال: كان مالك بن هبيرة رضي الله عنه إذا صلى على جنازة فاستقل الناس جزاءهم ثلاثة أجزاء، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب" رواه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي وقال: حسن، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم [في هذا الحديث] (2). ورواه أحمد بلفظ "فقد غفر له" ولفظ الحاكم بهما (3).
(1) الأوسط (5/ 428، 435). انظر: كتاب الجنائز للألباني للاطلاع على ما ورد في عدد التكبير (111، 114). وانظر التعليق ت (1) ص (397).
(2)
في ن ب د ساقطة.
(3)
أبو داود (3036)، وابن ماجه (1/ 478)، والترمذي (1028)، والبيهقي (4/ 30)، والحاكم (1/ 362، 363)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، أحمد (4/ 79)، وقال النووي تبعًا للترمذي: حديث حسن "المجموع"(5/ 212)، وأيضًا ابن حجر في الفتح (3/ 187).
وقد ضعفه الشيخ عبد العزيز بن باز في تعليقه على الفتح (3/ 187)، قال: لكن في إسناده محمَّد بن إسحاق وهو مدلس، وقد رواه بالعنعنة وهي علة مؤثرة في حق المدلس، وعليه لا تقوم بهذا الحديث حجة حتى يوجد ما يشهد له بالصحة، والله أعلم. اهـ.
أقول: ورد من رواية أبي إمامة عند الطبراني في الكبير (8/ 190). قال في مجمع الزواند (3/ 32): وفيه ابن لهيعة- وفيه كلام بسبب =
خاتمة: لم أر في هذا الحديث ذكر السلام. نعم روى أبو أمامة (1) أنه السنَّة، كما رواه النسائي بإسناد على شرط الصحيح وهو إجماع، وإن كان وقع في "العتبية"، أنه يستحب. وقال به محمَّد بن أبي صفرة.
والصحيح عند الشافعية: أنه يسلم تسليمتين كغيرها، وبه قال الثوري، وأبو حنيفة وجماعة من السلف.
وقيل: واحدة لبنائها على التخفيف.
قال النووي في "شرح المهذب"(2): وبه قال أكثر العلماء منهم مالك، ويسر بالسلام عند الشافعي، كما نقله النووي في "شرحه لمسلم"(3). وكذا القرطبي (4) ويُعلم تمامها بالانصراف.
= اختلاطه- ولفظه: صلى صلى الله عليه وسلم على جنازة ومعه سبعة نفر، فجعل ثلاثة صفًا واثنين صفًا واثنين صفًا
…
الحديث.
(1)
ولفظ: "السنَّة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة، ثم يكبر ثلاثًا، والتسليم عند الآخرة". أخرجه النسائي (1/ 281)، والشافعي في الأم (1/ 239، 240)، والبيهقي (4/ 39)، وابن الجارود في المنتقى (540)، والحاكم 1/ 360)، والطحاوي (1/ 500)، وعبد الرزاق (6228)، وابن حزم في المحلى (5/ 129)،
والنووي في المجموع (5/ 33)، وقال: على شرط الشيخين.
(2)
المجموع (5/ 34).
(3)
شرح مسلم (7/ 24)، والذي ذكره: أنه يجهر. انظر: الاستذكار (8/ 242) للاطلاع على أقوال العلماء ومذاهبهم في هذه المسألة.
(4)
المفهم (3/ 1595).
وفي مستدرك (1) الحاكم أنه السنَّة ويجهر عند أبي حنيفة وهو المشهور من قول مالك.
ولم يذكر فيه أيضًا ما يقرأ في صلاة الجنازة. وقد اختلف العلماء في قراءة الفاتحة (2) فيها.
فذهب مالك في المشهور عنه وأبو حنيفة والثوري إلى عدم قراءتها لأن مقصودها الدعاء (3).
وذهب الشافعي وأحمد وإسحاق ومحمد بن مسلمة وأشهب من أصحاب مالك وداود إلى أنه يقرأ فيها بالفاتحة لعموم الأول (4) وخصوصها أيضًا كما أوضحته في "شرح المنهاج" وغيره.
(1) المستدرك (1/ 360).
(2)
ورد فيها حديث ابن عباس ولفظه "صليت خلف ابن عباس رضي الله عنه على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتاب وجهر، فلما فرغ أخذت بيده، فسألته؟ فقال إنما جهرت لتعلموا أنها سنَّة وحق". انظر: البخاري (1335)، والنسائي (4/ 75)، والترمذي (1027)، وأبو داود (3198)، والبغوي (1494)، وابن الجارود (537)، والطيالسي (2741)، والبيهقي (4/ 38)، والدارقطني (2/ 72)، والحاكم (1/ 358) ووافقه الذهبي، والشفعي (1/ 580)، وابن حبان (3071).
وقد جاء من رواية جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى. أخرجه الشافعي في الأم (1/ 270)، والبيهقي في الكبرى (4/ 39)، وابن عبد البر في الاستذكار (8/ 264) وقال: ليس بثابت عن جبر.
(3)
انظر: مصنف ابن أبي شيبة (3/ 298)، وأسانيده عنهم جيّاد.
(4)
السنَّة للبغوي (5/ 354)، ودليلهم:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، وتقدم تخريجه. انظر: مصنف ابن أبي شيبة (3/ 298).