الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس
160/ 5/ 32 - عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها، قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال: "اغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك -إن رأيتن ذلك- بماء وسدر، واجعلن في الأخيرة كافورًا -أو شيئًا من كافور- فإذا فرغتن فآذنني". فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوه فقال: "أشعرنها به)، يعني إزاره.
وفي رواية: "أو سبعًا". وقال: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها". وأن أم عطية قالت: "وجعلنا رأسها ثلاثة قرون"(1).
الكلام عليه من ثلاثة وثلاثين وجهًا فأكثر.
الأول: أم عطية: سلف التعريف بها في باب صلاة العيدين.
(1) البخاري (167، 1253، 1254، 1255، 1256، 1257، 1258، 1259، 1260، 1261، 1262، 1263)، ومسلم (939)، والنسائي (28/ 4 - 31)، أبو داود (3142، 3146) في الجنائز: باب كيف غسل الميت، وابن ماجة (1458)، والترمذي (990)، والبيهقي (3/ 389)، وابن الجارود (519، 520)، وابن حبان (3032، 3033)، وأحمد (5/ 84، 85)(6/ 407، 408)، والطبراني (25/ 94، 95، 96) وفي عدة مواضع منه.
الثاني: يقال: "توفي الِإنسان" و"هلك" و"مات" و"قضى" و"درج".
ويقال: في غير الآدمي "نفق الحمار""طفس البرذون" تنبل البعير (1)"همدت النار"(2)"قرت الجرح" إذا مات الدم فيه.
الثالث: ابنته صلى الله عليه وسلم هذه هي زينب، هذا هو المشهور الذي رواه مسلم (3) في "صحيحه" وذكر القاضي عياض عن بعض أهل السير أنها أم كلثوم.
قال النووي (4): والصواب الأول وهو قول الجمهور.
وقال المنذري: في القول الثاني نظر، لأنها توفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر، وفي هذا النظر الذي ذكره نظر، بل هذه رقية أما أم كلثوم فتوفيت سنة تسع، كما جزم به أبو عمر [وغيره (5)
(1) لسان العرب (8/ 172)، والمنتخب للهنائي (1/ 344).
(2)
لسان العرب، والمصباح المنير، والصحاح.
(3)
مسلم (939).
(4)
شرح مسلم (7/ 3).
(5)
قال في فتح الباري (3/ 128) على قوله: "ابنته" لم تقع في شيء من روايات البخاري مسماة، والمشهور أنها زينب زوج أبي العاص بن الربيع والدة أمامة التي تقدم ذكرها في الصلاة، وهي أكبر بنات النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت وفاتها فيما حكاه الطبري في الذيل في أول سنة ثمان، وقد وردت مسماة في هذا عند مسلم في طريق عاصم الأحول عن حفصة عن أم عطية قالت:"لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اغسلنها" فذكر الحدث، ولم أرها في شيء من الطرق عن حفصة ولا عن محمد مسماة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= إلَّا في رواية عاصم هذه، وقد خولف في ذلك فحكى ابن التين عن الداودي الشارح أنه جزم بأن البنت المذكورة أم كلثوم زوج عثمان ولم يذكر مستنده، وتعقبه المنذري بأن أم كلثوم توفيت والنبي صلى الله عليه وسلم ببدر فلم يشهدها، وهو غلط منه فإن التي توفيت حينئذٍ رقية، وعزاه النووي تبعًا لعياض لبعض أهل السير، وهو قصور شديد فقد أخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الوهاب الثقفي عن أيوب ولفظه:"دخل علينا ونحن نغسل ابنته أم كلثوم"، وهذا الإِسناد على شرط الشيخين،
وفيه نظر سيأتي في "باب كيف الإِشعار" وكذا وقع في "المبهمات" لابن بشكوال من طريق الأوزاعي عن محمَّد بن سيرين عن أم عطية قالت: "كنت فيمن غسل أم كلثوم" الحديث، وقرأت بخط مغلطاي زعم الترمذي أنها أم كلثوم وفيه نظر كذا قال، ولم أر في الترمذي شيئًا من ذلك، وقد روى الدولابي في الذرية الطاهرة من طريق أبي الرجال عن عمرة أن أم عطية كانت ممن غسل أم كلثوم ابنة النبي صلى الله عليه وسلم الحديث فيمكن دعوى ترجيح ذلك لمجيئه من طرق متعددة، ويمكن الجمع بأن تكون حضرتهما جميعًا، فقد جزم ابن عبد البر رحمه الله في ترجمتها بأنها كانت غاسلة ووقع لي من تسمية النسوة اللاتي حضرن معها ثلاث غيرها، ففي الذرية الطاهرة أيضًا من طريق أسماء بنت عميس أنها كانت ممن غسلها قالت ومعنا صفية بنت عبد المطلب، ولأبي داود من حديث ليلى بنت قانف بقاف ونون وفاء الثقفية: قالت كنت فيمن غسلها. وروى الطبراني من حديث أم سليم شيئًا يومئ إلى أنها حضرت ذلك أيضًا، وسيأتي قول ابن سيرين: ولا أدري أي بناته: أي في باب كيف الإِشعار من الصحيح، وهذا يدل أنها تسميتها في رواية ابن ماجه وغيره وهو دون ابن سيرين. اهـ.
والحديث في تكفينها في خمسة أثواب لا يصح إسناده، لأن فيه نوح بن =
] (1). قال: وشهدت أم عطية غسلها، أي كما أخرجه أبو داود من حديث ليلى بنت قانف بنون.
قلت: وأم عطية كانت غاسلة للميتات، كما أسلفناه في ترجمتها، فلعلها غسلت الكل.
وقال ابن دحية في المولد: وهم ابن فارس حيث قال: إن زواج أم كلثوم بعد رقية.
فائدة: له صلى الله عليه وسلم ثمانية من الولد أربعة ذكرر القاسم وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم عاش سنتين ومات قبل الوحي، والطيب، ويقال: له عبد الله ولد بعد الوحي، والطاهر: ولد بعد الوحي، وقيل: إنه الطيب، وإبراهيم من مارية ولد سنة ثمان، ومات سنة [عشر](2)، [وأربع بنات: زينب هذه، ولدت سنة ثلاثين من الفيل، وماتت سنة ثمان] (3) ورقية ولدت سنة ثلاث وثلاثين من الفيل بعد زينب وماتت بالمدينة والنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر، ولأجل ذلك تخلف عثمان عن بدر، وأم كلثوم قيل: ولدت قبل رقية، وقبل فاطمة، وماتت سنة تسع، وفاطمة ولدت وقريش تبني البيت قبل النبوة بخمس سنين [سنة إحدى وأربعين من الفيل](4)،
= حكيم الثقفي وهر مجهول، كما قاله الحافظ ابن حجر وغيره وفيه علة أخرى بينها الزيلعي في نصب الراية (2/ 258)، وأحكام الجنائز للألباني (65)، وأبو داود (3157).
(1)
في ن ب ساقطة.
(2)
في ن ب (ثمان).
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
هكذا في المخطوطة لأنها بالتاريخ توافق سنة خمس وثلاثين من عام الفيل على القول أن ولادته صلى الله عليه وسلم عام الفيل.
وهي أصغر بناته، وماتت بعده لستة أشهر، وقيل: غير ذلك، وكلهم من خديجة إلَّا إبراهيم، فإنه من مارية التي أهداها له المقوقس من حفن كورة أنصنا (1) وأكبر بنيه القاسم، ثم الطيب والطاهر. قاله ابن هشام، قال: وأكبر بناته رقية ثم زينب ثم أم كلثوم ثم فاطمة.
قلت: وقيل أكبر بناته أم كلثوم، وقيل: زينب كما أسلفته، والقاسم والطيب والطاهر ماتوا قديمًا. وأما بناته فهاجرن معه صلى الله عليه وسلم.
الرابع: قوله عليه الصلاة والسلام: "اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا" معناه وترًا وليكن ثلاثًا فإن احتجتن إلى زيادة الإِنقاء فليكن خمسًا.
الخامس والسادس: استدل بقوله: "اغسلنها" على وجوب الغسل.
وبقوله: "ثلاثًا أو خمسًا" على أن الإِيتار مطلوب في غسل الميت، فإن حصل تعميمه وإنقاؤه بواحدة كانت الثلاث مأمورًا بها ندبًا وإن [لم](2) يحصل ذلك بواحدة وحصل بالثلاث كانت الثلاث
(1) السيرة النبوية لابن هشام (1/ 4، 206). قال ابن الأثير: "حفن" هي بفتح الحاء وسكون الفاء النون قرية من صعيد مصر، ولها ذكر من حديث الحسن بن علي مع معاوية. اهـ وحديثه الذي أشار إليه هو أن الحسن خاطب معاوية في أن يضع الخراج عن أهل حفن حفظًا لوصية رسول الله بهم ورعاية لحرمة الصهر.
"أنصنا": بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الصاد: مدينة في صعيد مصر ينسب إليها كثير من أهل العلم.
(2)
زيادة من ن ب د.
واجبة وندب الخمس.
وقد اختلف أصحاب الأصول في جواز إرادة المعنيين المختلفين بصيغة واحدة فقوله: "اغسلنها" صيغة أمر بالغسل، وقوله:"ثلاثًا" غير مستقل بنفسه، فإذا حصل المقصود بواحدة كان وقوله:"ثلاثًا أو خمسًا" غير داخل في صيغة الأمر بأصل الغسل، فيكون المراد به الاستحباب، فالوجوب مراد بالنسبة إلى أصل الغسل والاستحباب بالنسبة إلى الإِيتار عند عدم الحاجة إلى الزيادة على الواحدة أو الثلاث وقد رواه البخاري بلفظ آخر "اغسلنها، وترًا ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأتين ذلك" ولم يذكر الواحدة لخروج الحديث على الغالب في الإِنقاء والتعميم، لا على التحديد بعدد، ولهذا جعله صلى الله عليه وسلم مفوضًا إليهن على حسب الحاجة الشرعية، لا مجردة بحسب التشهي، فإن الأمر الوارد من الشرع يصان عن التشهي خصوصًا إذا كان موصوفًا بصفة لوجود الإِسراف في التشهي، فهو من قبيل الإِسراف في ماء الطهارة.
ووقع لبعض الشراح من المالكية: أنه إذا زيد على ذلك فالانتهاء إلى السبع إذ لا يحتاج إلى الزيادة عليها في الأغلب، وهذا ذهول منه على الرواية التي أوردناها "أو سبعًا أو أكثر من ذلك".
ووقع للشيخ تقي الدين (1) نحوه، فإنه قال وإنهاؤه الزيادة إلى سبعة -في بعض الروايات- لأن الغالب أنه لا يحتاج إلى الزيادة
عليها فاستفد ما ذكرته لك.
(1) انظر: إحكام الأحكام (3/ 240).
وقال ابن عبد البر (1): لا نعلم أحدًا من العلماء قال بمجاوزة سبع غسلات.
السابع: قوله عليه الصلاة والسلام: "أو أكثر من ذلك" إلى آخره هو بكسر الكاف من ذلك لأن الخطاب لمؤنث وإن كان المشار إليه مذكر إذ:
القاعدة العربية: أن يجعل أول كلام لمن يسأل عنه وآخره لمن يخاطبه، فيقول: كيف ذلكَ الرجل يا امرأة، وكيف تلكَ المرأة يا رجل، وأتى عليه الصلاة والسلام بالنون الثقيلة لجميع النساء من حيث إن الغسل لا يتعاطاه إلَّا جماعة منهن لكن نظرًا للمصلحة الشرعية قد يكون لواحدة منهن فحسن جمعهن في الرواية وإفراد أم عطية في الخطاب.
الثامن: معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "إن رأيتن ذلك"، أي إن رأيتن الزيادة في العدد وعند [(2)]، الاحتياج وليس معناه التخيير والتفويض إلى شهوتهن كما سلف.
وقيل: معناه إن رأيتن الغَسل، وما أَبعدهُ وبنى المالكية على ذلك منهم المازري (3) الخلاف عندهم في وجوب الغسل فمن قال
بالثاني قال: إن غسله سنَّة، ومن قال بالأول قال: إنه واجب وهذا مبني على الخلاف في أن التقييد والاستثناء والشرط إذا تعقب جملًا هل يعود إلى جميعها إلَّا ما أخرجه الدليل أو إلى أقربهما.
(1) التمهيد (1/ 373).
(2)
في ن ب زيادة (معنى قوله عليه السلام).
(3)
المعلم (1/ 486).
وتعجب بعضهم من النووي (1) في [نقله](2) الإِجماع على أن غسل الميت فرض كفاية. فإن الخلاف فيه عندهم حكاه المازري (3) وغيره، وقال القرطبي (4): الأولى أنه سُنَّة.
فرع: ليس عند مالك وبعض أصحابه في غسل الميت تحديد بعدد معين، ولكن ينقى الميت ولا يقتصر مع ذلك على دون الثلاث،
فإن احتيج إلى الزيادة استحب الوتر، وليس لذلك عنده حد.
قال القاضي عياض (5): وإلى هذا يرجع قول الشافعي وغيره من العلماء وكذا إذا احتاج الغاسل إلى أكثر من ذلك لقوله: "إن رأيتن ذلك"، ونحا أحمد وإسحاق إلى أن لا يزاد على سبع، والرواية التي أسلفناها ترد ذلك.
التاسع: قوله عليه الصلاة والسلام: "بماء وسدر" قد يوهم هذا اللفظ أن الماء المختلط بالسدر يجوز التطهير به من غير ماء مطلق، وليس هو ظاهر في امتزاج السدر بالماء حال التطهير، بل يحتمل اجتماعهما في الغسل من غير مزج، ويكون أحدهما واردًا
على الآخر، فيزول توهم جواز ذلك .. (6) وقد احتج به ابن شعبان ومن يجيز غسله بماء الورد وبالماء المضاف.
(1) شرح مسلم (7/ 3).
(2)
في ن ب (نقل).
(3)
انظر: المعلم بفوائد مسلم (1/ 486).
(4)
المفهم (3/ 1573).
(5)
إكمال إكمال المعلم (3/ 76).
(6)
ما بين النقطتين ذكره في المفهم (3/ 1574).
وقال ابن [الفرضي (1)](2): وإنما يكره غسل الميت بماء الورد ونحوه من ناحية السرف، وإلَّا فهو جائز، إذ لا يغسل للتطهر، بل هو إكرام للقاء الملكين.
والجمهور: على أن غسله بذلك لا يجوز وإن ذلك لا يفهم من الحديث.
قال القاضي عياض (3): ليس قولهم: "بماء وسدر"، أن يلقي ورقات من السدر في الماء عند كافتهم، بل أنكروه ونسبوا فعله للعامة.
وقد ذكر الداوودي نحوًا منه قال: يسحق السدر ويرمى في الماء ولكنه عند جمهورهم أن يغسل أولًا بالماء القراح فتتم الطهارة،
ثم الثانية بالماء والسدر للتنظيف، ثم الثالثة بالماء والكافور للتطيب والتخفيف، وهذا حقيقة مذهب مالك (4)، وحكاه ابن حبيب، وقال: يبدأ بالماء والسدر ليقع التنظيف أولًا، ثم بالماء القراح ثانيًا.
وقال أبو قلابة مثله لكنه قال: ويحسب هذا غسلة واحدة، وهذا جارٍ على قياسات الطهارة.
(1) انظر: الفتح (3/ 26).
(2)
في ن ب (الرضي).
(3)
إكمال إكمال المعلم (3/ 76).
(4)
انظر: الاستذكار (8/ 193). قال ابن العربي -رحمنا الله وإياه-: من قال الأولى بالماء القراح والثانية بالماء والسدر أو العكس والثالثة بالماء والكافور فليس هو في لفظ الحديث. اهـ.
وكأن قائله أراد أن تقع إحدى الغسلات بالماء الصرف المطلق لأنه المطهر في الحقيقة، وأما المضاف فلا. اهـ، من الفتح (3/ 126).
[وذهب](1) أحمد (2): إلى أن الغسلات كلها تكون بالسدر على ظاهر الحديث. وفي حديث (3) آخر "كلهن بالماء والسدر"، وقد يكون قولهم غسله بالماء والسدر ليس بأن يلقي السدر فيه كما قالوا، ولكنه يخضخض السدر بالماء حتى تخرج رغوته للغسل ثم يغسل به الميت ويصب الماء من فوق ذلك للتطهير وأظن هذا مراد الداوودي كسائر ما يزال من النجاسات والأقذار اللزجة بالغاسول فلا يكون غسلًا مضافًا.
قلت: والأصح عند الشافعية أن غسلة السدر لا تحسب من الثلاث، لأنه يزيل طهورية الماء بتفاحشه، ولا يحسب ما بعدها أيضًا، لأن الماء إذا أصاب المحل اختلط بما عليه من السدر، فالمحسوب ما يصب عليه من الماء القراح بعد زوال السدر، فيغسل بعد زوال السدر ثلاثًا بالقراح (4).
تنبيه: يقوم مقام السدر الخطمي [أو غيره مما يقوم مقامه كالغاسول عند كافة العلماء، كما حكاه القرطبي (5).
قال: وروي عن عائشة (6) في غسل رأس الميت بالحظمي
(1) في ن ب (وهذب).
(2)
انظر: الاستذكار (8/ 139).
(3)
من رواية ابن عباس ولفظه: "بماء وسدر". انظر: الاستذكار (8/ 193)، وروى حديثًا آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم غُسِّل ثلاث غسلات كلهن بالماء والسدر.
(4)
انظر: فتح الباري (3/ 126).
(5)
المفهم (3/ 1574).
(6)
أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 244)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 331)، =
نهي] (1). قال الماوردي (2) من أصحابنا: إن السدر أولى لأنه أمسك للبدن.
العاشر: قوله عليه الصلاة والسلام: "واجعلن في الأخيرة كافورًا" أي [في](3) المرة الأخيرة والحكمة في الكافور لشدة تبريده وتجفيفه جسد الحيت وحفظه له عن سرعة التغير والفساد ولتطيب رائحته للمصلين ومن يحضره [من](4) الملائكة، ولعل ذلك السبب في جعله في الأخيرة فإنه لو جعل في غيرها من الغسلات قبلها لأذهبه، فلا يحصل المقصود من ذلك، مع ما فيه من إكرام الميت وغيره مما أسلفناه.
الحادي عشر: انفرد أبو حنيفة (5) فقال: لا يستحب استعمال الكافور. وخالفه الثلاثة والجمهور. وهذا الحديث حجة عليه.
وروي عن النخعي (6): إنما ذلك في الحنوط لا في الغسل.
= ولفظ عن الأسود قال: "سألت عائشة رضي الله عنها أيغسل رأس الميت بالخطمي؟ نقالت: لا تعفنوا أمواتكم"، وكرهه ابن سيرين. انظر المراجع السابقة. ولكن إذا لم يوجد سدر فيوضع مكانه. كما قاله ابن المنذر في الأوسط.
(1)
في ن ب د ساقطة.
(2)
الحاوي (3/ 172).
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
زيادة من ن ب د.
(5)
انظر: الاستذكار (8/ 193).
(6)
الاستذكار (8/ 193)، ومصنف عبد الرزاق (3/ 398، 419)، وآثار محمَّد الحسن (44)، وفتح الباري (3/ 129).
وعزاه القرطبي (1) إلى الأوزاعي. ويمكن أن يتأول من قال هذا في الأخيرة، أي بعد تمامها والظاهر بخلافه.
الثاني عشر: فيه دلالة على استحباب الطيب وخصوصًا الكافور، كما قدمناه، فإن لم يجده قام غيره من الطيب قامه.
الثالث عشر: نص أصحابنا على أنه يجعل في كل غسلة قليل من كافور. وفي الأخيرة آكد، واستدلوا بهذا الحديث، وخصه في المهذب بالثالثة والجرجاني بالثانية وهما غريبان.
فرعان:
الأول: يستثنى من استعمال الكافور في غسله المحرم للحديث الآتي بعده.
الثاني: ليكن الكافور قدرًا لا يسلب الطهورية فإن كان صُلبًا وتفاحش التغير به فالأظهر عندنا أنه لا يؤثر في طهورية غير الميت.
وأما فيه فقد نص عليه وتابعوه.
وقال القاضي أبو الطيب: ويغير الكافور تغير مجاورة لا مخالطة.
وقال السرخسي في "الأمالي" من الأصحاب. من قال لا يحسب إذا تغير بالكافور، وتأول الحديث، وكلام الشافعي على كافور يسير لا يفحش تغيره.
ومنهم من حمله: على ما إذا جعل الكافور في البدن، ثم صب الماء القراح عليه.
(1) المفهم (3/ 1574).
ومنهم من قال: هو على إطلاقه، ولا يحسب ذلك عن الفرض.
ومنهم من قال: يحسب عنه في غسل الميت خاصة، لأن مقصوده التنظيف.
الرابع عشر: قوله: "كافورًا أو شيئًا من كافور"، الظاهر أن هذا شك من الراوي: هل قال عليه الصلاة والسلام هذا أو هذا؟ فتأمله.
الخامس عشر: قوله عليه الصلاة والسلام: "فإذا فرغتن فآذنني" أي أعلمنني، ويؤخذ منه أنه ينبغي للعالم إذا علم أمرًا يتعلق
بالمأمورية لا يمكن الائتمار به إلَّا بالفعل على صورة أن يقيد الأمر والتعليم بغاية لتوضع موضعه، ويؤخذ منه أيضًا وهو الوجه.
السادس عشر: أنه ينبغي للمأمور التقيد بالأمر [فورًا، (1) وغاية.
السابع عشر: "الحقو" -بكسر الحاء وفتحها- لغتان، والمعروف من كلام العرب الثاني، وقالته هذيل بالأول، كما أفاده القرطبي (2)، وهو الإِزار والأصل فيه الخصر معقد الأزار.
وسعي الإِزار: مجازًا لملازمته إياه، وهو من باب تسمية الشيء بما يلازمه، كما قالوا للمزادة راوية، والراوية: اسم للجمل الحامل لها.
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
المفهم (3/ 1575).
وجمعه: أحق مثل دلو.
وتجمع أيضًا: على أحقّاء كأدلاء.
وفي الكثير: حقي [كدلي](1).
وأصله: حقووٌ فأداه التصريف إلى حقي.
الثامن عشر: معنى "أشعرنها" اجعلنه شعارًا لها.
والشعار: ما يلي الجسد، والدثار: ما فوقه، سمى شعارًا لأنه يلي شعر الجسد.
التاسع عشر: الحكمة في إشعارها تبريكها بآثاره عليه الصلاة والسلام ففيه التبرك بآثار الصالحين، ولباسهم (2).
العشرون: فيه جواز تكفين المرأة في ثوب الرجل.
الحادي والعشرون: اختلف في صفة إشعارها إياه، كما قال القاضي (3).
فقيل: يجعل لها مئزارًا وهو قول ابن وهب (4).
(1) في ن ب د ساقطة.
(2)
قد سبق غير مرة في حاشية هذا الكتاب أن التبرك بآثار الصالحين غير جائز وإنما يجوز ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة لما جعل الله في جسده وما ماسه من البركة، وأما غيره فلا يقاس عليه لوجهين: أحدهما: أن الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك مع غير النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه.
الثاني: أن فعل ذلك مع غيره من وسائل الشرك فوجب منعه، والله أعلم. اهـ، من تعليق الشيخ عبد العزيز بن باز على الفتح (3/ 130).
(3)
إكمال إكمال المعلم (3/ 77).
(4)
انظر: الاستذكار (8/ 196).
وقيل: لا تؤزر ولكن تلف فيه، وهو قول ابن القاسم وجماعة من العلماء.
قال ابن سيرين (1): المرأة لا تشعر ولا تؤزر.
وقال ابن جريج (2): أشعرنها ألففنها.
وقال النخعي (3): الحقو: فوق الدرع.
وقال ابن علية (4): الحقو: النطاق سبتية طويلة يجمع بها فخذاها تحصينًا لها ثم يلف على عجزها (5).
الثاني والعشرون: "الميامن" جمع ميمنة وأمره صلى الله عليه وسلم بالبدأة بها على الأصل في استحباب البدأة بالميامن في الطهارة وغيرها من العبادات تيمنًا بلفظ اليمين، وتفاؤلًا بأن يكون من أصحاب اليمين.
الثالث والعشرون: قوله عليه الصلاة والسلام: "ومواضع الوضوء منها" هذا أمر بإكرام مواضع الطهارة من بدنه أيضًا كما أمر
بإكرام الميامن، والمعنى فيه شرفها على البدن، فإن البدأة بالشيء يقتضي الاهتمام به، لكن إذا فعل ذلك هل هو وضوء حقيقة أو هو جزء من الغسل خصت به المذكورات من الميامن ومواضع الوضوء تشريفًا؟ فيه كل ذلك محتمل.
(1) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (3/ 403)، والاستذكار (8/ 196).
(2)
مصنف ابن أبي شيبة (3/ 403)، والاستذكار (8/ 196).
(3)
انظر: الاستذكار (8/ 197).
(4)
انظر: الاستذكار (8/ 197).
(5)
ذكر ما سبق في المفهم (3/ 1575).
ووضوء الميت مستحب عند الشافعي ومالك والجمهور خلافًا لأبي حنيفة، وهو عند الشافعية في أول الغسل كما في وضوء الجنب.
واختلفت المالكية: متى يوضأ؟
فقيل: عند المرة الأولى.
وقيل: عند الثانية.
وقيل: فيهما حكاهن القرطبي.
الرابع والعشرون: استدل بعضهم بهذا الحديث على أن النساء أحق بغسل الميتة من زوجها، وأنه لا يغسلها إلَّا عند عدمهن، وهو مذهب الحسن (1). وقد يمنع من ذلك حتى يتحقق أن زوج زينب كان حاضرًا إذ ذاك، لا مانع له من غسلها، وأنه لم يفوض الأمر إلى النسوة.
وجمهور العلماء: على خلافه وأنه أحق.
وذهب الشعبي والثوري وأبو حنيفة: إلى أنه لا يغسلها جملة (2).
(1) انظر: الاستذكار (8/ 197).
(2)
فقالوا: تُغسلُهُ ولا يُغسلُها لأنه لي في عدةٍ منها.
أجيب عنه: بأن هذا لا حجة فيه لأنها في حكم الزوجية ليس في عدة منها بدليل الموارثة، لا في الحكم المبتوتة، واعتوا أيضًا: بأن لزوجها أن يتزوج أختها، فلذلك لا يُغسلها. وهذا لا ينتقد عليهم بغسلها له. اهـ، من الاستذكار (8/ 199).
وقال سحنون: الأولياء أحق (1).
واختلف أصحابنا في أن النساء أحق بغسل الميتة من زوجها على وجهين.
أصحهما: نعم لأنهن أليق.
وأجمع العلماء (2): على أن [لها](3) غسل زوجها، وإن كان فيه رواية عن أحمد، والأصح أنها تغسله أبدًا، ومحل الخوض في ذلك كتب الفقه، وقد بسطناه فيها ولله الحمد.
الخامس والعشرون: استدل بعضهم بهذا الحديث على أنه لا يجب الغسل من غسل الميت من حيث إنه موضع تعليم (4)، فلو
وجب لذكره، وعدم الوجوب هو الصحيح من مذهب الشافعي (5) ورواية المدنيين عن مالك (6) وهو قول أبي حنيفة (7) وأحمد
= والصحيح أن للرجل أن يغسل زوجته كما أن لها أن تغسله والأحاديث في ذلك كثيرة منها حديث على حيث غسل فاطمه وحديث أسماه بنت عميس حيث غسلت أبا بكر وقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: "ما ضرك لو مت قبلي، وغسلتك وكفنتك، ثم صليت عليك ودفنتك" الحديث.
(1)
ما سبق ذكره في المفهم (3/ 1578).
(2)
قال ابن عبد البر: ولم يختلف الفقهاء في جواز غسل المرأة لزوجها. أهـ.
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
ساق هذا المبحث من المفهم (3/ 1578).
(5)
انظر: الاستذكار (8/ 201).
(6)
انظر: الاستذكار (8/ 201).
(7)
انظر: الاستذكار (8/ 201).
والجمهور. لكن قال الخطابي (1): لا أعلم أحدًا قال بوجوبه.
وأوجب أحمد إسحاق: الوضوء منه.
والجمهور: على استحبابه. والحديث المروي فيه من طريق أبي هريرة (2): "من غسل ميتًا فليغتسل، ومن مسه فليتوضأ"،
(1) انظر: معالم السنن (4/ 305).
(2)
الترمذي (993)، وابن ماجه (1463)، وأبو داود (3161، 3162)، وأحمد (2/ 280، 433، 454، 472)، والبيهقي (1/ 300، 301)، والطيالسي (2314)، وابن حبان (1161)، وابن أبي شيبة (3/ 269)، وابن حزم في المحلى (1/ 250)(2/ 23) وعبد الرزاق (6110)، والبغوي (339)، وقد حسن الحديث الترمذي وصححه ابن القطان، وقال ابن حجر في "تلخيص الحبير"(1/ 137) وفي الجملة هو بكثرة طرقه أسوأ أحواله أن يكون حسنًا.
قال البغوي في شرح السنَّة (2/ 169): واختلف أهل العلم في الغُسْل من غَسْل الميت، فدهب بعضهم إلى وجوبه، وذهب أكثرهم إلى أنه غير واجب، قال ابن عمر وابن عباس: ليس على غاسل الميت غُسل، وروي عن عبد الله بن أبي بكر، عن أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر أنها غسلت أبا بكر حين توفي، فسألت من حضرها من المهاجرين، فقالت: إني صائمة، وهذا يوم شديد البرد، فهل عليّ من غسل؟ فقالوا: لا، وقال النخعي وأحمد وإسحاق: يتوضأ غاسل الميت، وقال مالك والشافعي: يستحب له الغسل ولا يجب، ويؤيد قول من حمل الأمر في الحديث على الاستحباب ما رواه الخطيب في تاريخه (5/ 424) عن ابن عمر: كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل.
وقال ابن حجر في الفتح (3/ 126): وقيل تعلق هذا الأثر وما بعده بالترجمة من جهة أن المصنف يرى أن المؤمن لا ينجس بالموت وأن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= غسله إنما هو تعبد لأنه لو كان نجسًا لم يطهره الماء والسدر ولا الماء وحده ولو كان نجسًا ما مسه ابن عمر ولغسل ما مسه من أعضائه، وكأنه أشار إلى تضعيف ما رواه أبو داود من طريق عمرو بن عمير مرفوعًا:"من غسل ميتًا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ" ورواته ثقات إلَّا عمر بن عمير فليس بمعروف، وروى الترمذي وابن حبان من طريق سهيل. بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة نحوه، وهو معلول لأن أبا صالح لم يسمعه من أبي هريرة رضي الله عنه، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: الصواب عن أبي هريرة موقوف، وقال أبو داود بعد تخريجه: هذا منسوخ، ولم يبين ناسخه، وقال الذهلي فيما حكاه الحاكم في تاريخه ليس فيمن غسل ميتًا حديث ثابت.
وقال أيضًا (3/ 135): واستدل به على أن الغسل من غسل الميت ليس بواجب لأنه موضع تعليم ولم يأمر به، وفيه نظر لاحتمال أن يكون شرع بعد هذه الواقعة، وقال الخطابي: لا أعلم أحدًا قال بوجوبه، وكأنه ما درى أن الشافعي علق القول به على صحة الحديث، والخلاف فيه ثابت عند المالكية وصار إليه بعض الشافعية أيضًا، وقال ابن بزيزة الظاهر أنه مستحب، والحكمة فيه تتعلق بالميت، لأن الغاسل إذا علم أنه سيغتسل لم يتحفظ من شيء يصيبه من أثر الغسل فيبالغ في تنظيف الميت وهو مطمئن، ويحتمل أن يتعلق بالغاسل ليكون عند فراغه على يقين من طهارة جسده مما لعله أن يكون أصابه من رشاش ونحوه. انتهى.
انظر كلام ابن عبد البر على الحديث في الاستذكار (8/ 202) حيث ضعفه وأورد حديثًا آخر عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه كان يأمر بالغسل من الحجامة والجنابة وغسل الميت ويوم عرفة". قال: فمما لا يحتج به ولا يقوم عليه ثم أورد رواية عنها أنها سئلت عن الغسل من غسل الميت، فقالت: لا قال: فدل على بطلان هذا الحديث لأنه لو صح =
ضعيف بالاتفاق، كذا قاله النووي (1) في "شرح مسلم"، وتبعه بعض شراح هذا الكتاب، وليس بجيد، فقد حسنه الترمذي، وصححه ابن حبان وابن السكن.
وقال البخاري: الأشبه وقفه على أبي هريرة، ويحمل على الاستحباب بدليل حديث ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه فإن ميتكم ليس بنجس" رواه الحاكم (2) في مستدركه، وقال: صحيح على شرط البخاري، ثم قال: وفيه رد لحديث أبي هريرة الذي أسلفناه، وليس كما قال، بل يعمل بهما، فيستحب الغسل. فإذا قلنا بالوجوب.
فقيل: هو تعبد.
وقيل: محمول على نجاسة بدن الآدمي بالموت وهو قول بعضهم.
= ما خالفته. إلى أن قال: ومن جهة النظر والاعتبار لا تجب طهارة على من لم يوجبها الله عليه في كتابه ولا أوجبها عليه رسوله من وجه يشهد به عليه ولا اتفق العلماء على إيجابها. اهـ.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز -حفظه الله- في تعليقه على الفتح (3/ 135): وقال بعضهم: "إن الحكمة في ذلك -والله أعلم- جبر ما يحصل للغاسل من الضعف بسبب مشاهدة الميت وذكر الموت، وما بعده، وهو معنى مناسب"، والله أعلم.
(1)
انظر: شرح مسلم (7/ 6).
(2)
الحاكم (1/ 386)، ووافقه الذهبي، والبيهقي (3/ 398)، وسنده حسن كما قال الحافظ ابن حجر، انظر الفتح (3/ 127).
وقيل: المعنى فيه حرمة الميت حكاه الماوردي.
السادس والعشرون: [قولها](1)"واجعلن رأسها ثلاثة قرون" أي ثلاث ضفائر ضفيرتين وناصيتها، كما جاء مبينًا في رواية أخرى (2) وتضمن ذلك التسريح والضفر بناء على أن الغالب في أن الضفر بعد التسريح وإن كان هذا اللفظ لا يشعر به صريحًا، وقد جاء في رواية في الصحيح (3):"فمشطناها ثلاثة قرون" وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق وابن حبيب المالكي.
وقال الأوزاعي والكوفيون: لا يستحب المشط ولا الضفر بل يرسل الشعر على جانبيها مفرقًا.
ونقل القرطبي (4): عن الأوزاعي أنه لا يجب المشط وما نقلناه عن الأوزاعي (5) تبعنا فيه النووي (6) رحمه الله[وقال الأوزاعي ولم يعرف [ابن](7) القاسم الضفر] (8) وقال: يلف.
وقال بعض الشافعية: فيما حكاه الشيخ (9) تقي الدين: تجعل
(1) زيادة من ن ب د.
(2)
البخاري (1263).
(3)
البخاري (1254).
(4)
المفهم (3/ 1576) مع ما سبق ساقه منه.
(5)
في ن ب زيادة (أنه لا يجب).
(6)
انظر: شرح مسلم (7/ 4).
(7)
في الأصل (أبي)، والتصحيح من ن د. والمفهم وقوله:"وقال الأوزاعي" غير موجودة في المفهم.
(8)
في ن ب ساقطة.
(9)
إحكام الأحكام (3/ 343).
الثلاث خلف ظهرها، قال: وروي في ذلك حديثًا أثبت استحبابه به، وهو ثابت من فعل من غسل بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ك ما أخرجه البخاري من حديث عائشة (1).
وقال ابن الجوزي: إنه السنَّة. قال القاضي عياض: ومن حجة من منع الاستحباب إنه ليس في الحديث معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بفعل أم عطية فيجعل سنَّة وحجة.
(1) قوله من حديث عائشة: هذا سبق قلم من المؤلف -رحمنا الله وإياه- فالذي في صحيح البخاري من حديث أم عطية (1263). قال الصنعاني في الحاشية (3/ 243): أقول: هو في بعض طرق الحديث عند البخاري. وقال الحافظ ابن حجر (3/ 134): قال ابن دقيق العيد: فيه استحباب تسريح المرأة وتضفيرها، وزاد بعض الشافعية أن تجعل الثلاث خلف ظهرها، وأورد فيه حديثًا غريبًا، كذا قال وهو مما يتعجب منه مع كون الزيادة في صحيح البخاري، وقد توبع راويها عليها كما تراه. اهـ.
ولم أجد في شيء من نسخ العمدة لفظًا غريبًا الذي هو موضع تعجب الحافظ، فتنظر نسخ شرح العمدة، واللفظ كما في الأحكام (2/ 166)، وروي في ذلك حديثًا أثبت به الاستحباب لذلك وهو غريب، فتكون لفظة غريبة موجودة
…
الخ.
وقوله: "وهو ثابت من فعل من غسّل بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد هذه الرواية فإنها صرحت أم عطية فإن في حديثها الذي في البخاري "فضفرنا شعرها ثلاثة قرون فألقيناها خلفها" فالمنازع نازع في ثبوت حديث مرفوع في إلقاء القرون خلفها وهذا الإِلقاء لم يأت به حديث مرفوع، وقد بوب له البخاري (3/ 134) فقال: "باب يلقى شعر المرأة خلفها" وذكر فيه قولة أم عطية الذي قدمناه، وقولها: "فألقيناها خلفها" ليس بمرفوع، وادعاء أنه علمه صلى الله عليه وسلم وأقرها بعيد، وإذا عرفت هذا فلا وجه لتعجب الحافظ.
قال النووي (1): [الظاهر اطلاعه عليه واستبيانه فيه كما في غيرها. واعترض عليه الفاكهي فقال: هذا](2) الظاهر عنده غير ظاهر.
قلت: عجيب منه ومن القاضي عياض ففي صحيح ابن حبان (3) أنه صلى الله عليه وسلم أمر بذلك ولفظ روايته: "واجعلن لها ثلاثة قرون" وترجم عليه ذكر البيان بأن أم عطية إنما مشطت قرونها بأمر المصطفى لا من تلقاء نفسها، فاستفد ذلك، ولم يطلع القرطبي أيضًا على هذه الرواية فادعى أن ذلك لم يرد مرفوعًا.
السابع والعشرون: من فوائد الحديث أن العالم [لا](4) يجب عليه الابتداء بتعليم العلم إذا علم أن العامل يجهل ذلك العلم أو يقصر في العمل به.
الثامن والعشرون: ومنها شرعية الإِيتار في غسل الميت على حسب الحاجة كما سلف.
التاسع والعشرون: ومنها تفويض الحاجة في ذلك إلى العامل على حسب المصلحة الشرعية من غير إسراف كما سلف أيضًا.
الثلاثون: ومنها استحباب السدر في غسل الميت كما سلف وهو متفق على استحبابه ويكون في المرة الواجبة، وقيل: يجوز فيهما.
(1) شرح مسلم (7/ 4).
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
ابن حبان (3033)، والطبرانى (25/ 92، 95، 98)، وإسناده صحيح.
(4)
في ن ب د ساقطة.
الحادي والثلاثون: منها استحباب شيء من الكافور في الغسلة الأخيرة كما سلف، وأن الحديث حجة على من خالف.
الثاني والثلاثون: منها تبريك الرجل الصالح أقاربه وأصحابه شيء من آثاره خصوصًا في الموت وأسبابه وقبول ذلك منه وهذا قدمته (1).
الثالث والثلاثون: استحباب مشط رأس الميت وضفره، وقد علمت ما فيه وغير ذلك ومما سلف ومما لم أسلفه أن فيه دلالة على أن غسل الميت للتعبد لا للنجاسة إذ لو كان للنجاسة لما زاد الغسل إلَّا نجاسة إذ الذات [النجسة](2) لا يطهرها الماء على القول الضعيف بنجاستها (3).
(1) التبرك بآثار الصالحين، الصواب: أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لما جعل الله فيه من البركة؛ إذ لم يرد عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم تبركوا بشيء من آثار أبي بكر، لا بشعره ولا بثوبه، ولا بعرقه، ولا بغيره، وهو أفضل الأمة بعد رسولها صلى الله عليه وسلم، وكذا لم يتبركوا بشيء من آثار عمر رضي الله عنه. وقد سبق الكلام عن مثل هذا.
(2)
زيادة من ن ب د.
(3)
انظر التعليق (10) مع الفتح (3/ 127).