المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثالث 145/ 3/ 28 - عن جندب بن عبد الله - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٤

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌25 - باب الجمع بين الصلاتين بالسفر

- ‌26 - باب قصر الصلاة في السفر

- ‌27 - باب الجمعة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌29 - باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث [الرابع]

- ‌30 - باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌31 - باب صلاة الخوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كتاب الجنائز

- ‌32 - باب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

الفصل: ‌ ‌الحديث الثالث 145/ 3/ 28 - عن جندب بن عبد الله

‌الحديث الثالث

145/ 3/ 28 - عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر، ثم خطب، ثم ذبح، وقال:"من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها، ومن لم يذبح فليذبح [باسم الله] "(1).

الكلام عليه من وجوه:

الأول: "جُنْدُب" بضم أوله وثالثه بينهما نون ساكنة. ويقال: بفتح ثالثه. وعن المنذري الحافظ، كسر أوله، وفتح ثالثه. وكأنه قاله لغة من واحد الجنادب الذي هو طائر، لا وضعًا في هذا الاسم المعين.

(1) البخاري (985، 5500، 5562، 6674، 7400)، ومسلم في الأضاحي (1960)، والنسائي (7/ 224)، وأبو يعلى (3/ 109)، والطيالسي (1/ 230)، وأحمد (4/ 313)، وابن ماجه (3152)، والحميدي (775)، وابن حبان (5913)، والطبراني (1713 حتى 1718)، والبيهقي (9/ 262، 277). وفي بعض الألفاظ: "على اسم الله".

ص: 214

قال الجوهري (1): الجُنْدُبُ، والجُنْدَبُ ضرب من الجراد، واسم رجل. قال سيبويه: نونها زائِدة. وقال أبو زيد: يقال: وقع القوم في [أم](2) جندب، إذا أظلموا، فإنها اسم من أسماء الإِساءة- والظلم والداهية.

وهو جندب بن عبد الله بن سفيان. ويقال: فيه ابن سفيان وكأنه نسبة إلى (3) جده أبي عبد الله البجلي -بفتح الجيم- كما سيأتي العَلِقي -بفتح أوله وثانيه وكسر ثالثه-. وعلقة (4): حي مِنْ بجيلة.

له صحبة. ويقال له جندب الخير (5) نزل الكوفة ثم تحول إلى البصرة فحديثه عند البصريين جميعًا، روى عنه الحسن وجماعة. روي له عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة وأربعون حديثًا، اتفق البخاري ومسلم منها على سبعة، وانفرد مسلم بخمسة، مات سنة أربع وستين.

فائدة: في الرواة جندب بن عبد الله أربعة ذكرتهم فيما أفردته

(1) مختار الصحاح (47).

(2)

في الأصل (أمر)، وما أثبت من ن ب د.

(3)

في ن ب زيادة (أبي).

(4)

العين المهملة، واللام وفي آخرها قاف. من علقة بن عبقر بن أنمار.

(5)

قال الصنعاني رحمه الله في الحاشية (3/ 164): وقال ابن منده وأبو نعيم: يقال له جندب الخير، ولكن الذي ذكره الكلبي أن جندب الخير هو جندب بن عبد الله بن الأخرم الأزدي العامري التابعي. قلت: ولا مانع أن يقال ذلك لهما. انظر أيضًا: تهذيب التهذيب (2/ 118).

ص: 215

في الكلام (1) على رجال هذا الكتاب فاستفدها منه.

الثاني: "البجلي" بفتح الباء الموحدة والجيم، ثم ياء النسب نسبة إلى قبيلة بجيلة، وهو ابن أَنْمَار بن إراش (2)، ويشتبه "بالبجْلي"

بإسكان الجيم وهم جماعة، منهم عمرو بن عبسة السّلمي الصحابي و"بالنحلي"، و"بالبجكي"، و"بالبخْلي"(3)، وقد ذكرتهم في "إيضاح مشتبه الأسماء والأنساب" فليراجع منه.

الثالث: معنى هذا الحديث معنى الذي قبله من حيث إن الأضحية لا يدخل وقتها إلَّا بعد الصلاة والخطبة، وهو الأظهر في اعتبار فعل الصلاة من الذي قبله، فإن الأول اقتضى تعليق الحكم بلفظ الصلاة وهذا لم يعلق فيه الحكم بلفظ فيه الألف واللام، إلَّا أنه

إن أجريناه على ظاهره اقتضى أنه لا تجزئ الأضحية في حق من لم يصل صلاة العيد أصلًا.

قال الشيخ تقي الدين (4): فإن ذهب إليه أحد فهو أسعد الناس

(1) انظر: تهذيب التهذيب (2/ 117)، فقد ذكر ثلاثة منهم، وأما من اسمه (جندب) فقد ذكر أربعة.

(2)

جمهرة أنساب العرب لابن حزم (10، 378، 388، 474، 484).

(3)

ضبط مشتبه النسبة هنا: "النَّحْلِي""النِّحْلِي" نسبة إلى نِحْلِين، وهي من قرى حلب. وبالفتح نسبة إلى نحل العسل. و"البَجَلي" رهط جرير بن عبد الله وبالسكون بنو بَجْلَة رهط من سليم. وبخاء معجمة "النَّخْلِي" عمران بن سعيد النَّخْلِي من تابعي الكوفة. اهـ، من مشتبه النسبة للذهبي (51، 52).

(4)

إحكام الأحكام (3/ 165).

ص: 216

بظاهر هذا الحديث، وإلَّا فالواجب الخروج عن الظاهر في هذه الصورة، ويبقى ما عداها بعد الخروج عن الظاهر في محل البحث.

قلت: هذا إذا قرئ قوله: "قبل أن يصلي" بالياء وهو محفوظنا، فإن قرئ "بالنون" زال هذا الإِشكال، وفي رواية أخرى لمسلم:"قبل أن يصلي، أو نصلي".

قال النووي (1) في شرحه الأول بالياء والثاني بالنون، والظاهر أنه شك من الراوي، وفي وجه ضعيف عندنا أنه يعتبر مضي زمن

الصلاة فقط بغير خطبة، وضعفه إمام الحرمين.

الرابع: قد يستدل بصيغة الأمر في قوله عليه الصلاة والسلام: "فليذبح أخرى" إحدى طائفتين إما أن يرى أن الأضحية واجبة، وأما من يرى أنها تتعين بالشراء بنية الأضحية، أو بغير ذلك، من غير اعتبار لفظ في التعيين، نبه عليه الشيخ تقي الدين (2): قال: وإنما قلت ذلك لأن اللفظ المعين للأضحية من صيغة النذر أو غيرها قليل نادر، وصيغة "من" في قوله:"من ذبح" صيغة عموم واستغراق في حق كل من ذبح قبل أن يصلي، وقد ذكرت لتأسيس قاعدة وتمهيد أصل، وتنزيل صيغ العُمُوم التي ترد لتأسيس القواعد على الصورة النادرة أمر مستكره، على ما قرر في قواعد التأويل في فن الأصول.

(1) انظر: شرح مسلم (13/ 110).

(2)

إحكام الأحكام (3/ 166).

ص: 217

[فإذا](1) تقرر هذا -وهو استبعاد حمله على الأضحية المعينة بالنذر، أو غيره من الألفاظ- فيبقى التردد في أن الأولى حمله على من سبق له أضحية معينة بغير اللفظ، أو حمله على إبتداء الأضحية من غير سبق تعيين.

قلت: والقائل بوجوب الأضحية هو أبو حنيفة والأوزاعي والليث وآخرون.

والمشهور من مذهب مالك: أنها سنة على كل مسلم قادر عليها من أهل الأمصار والقرى والمسافرين، إلَّا الحاج بمنى فإنه لا أضحية عليهم.

وقال الشافعي وأحمد: هى مستحبة إلَّا أن أحمد قال: لا يستحب تركها مع القدرة عليها (2).

والقائل بأن الأضحية تتعين بنفس الشراء بنية الأضحية هو المعروف من مذهب مالك كالتقليد والإِشعار في الهدي، فهي تتعين عندهم بثلاثة أمور:

بالتزام اللسان.

أو بنية الشراء.

أو بالذبح.

الخامس: قد يَسْتَدِلُّ بهذا الحديث من اعتبر ذبح الإِمام بعد صلاته وخطبته، لأن فعله عليه الصلاة والسلام مورد لبيان

(1) في ن د (وإذا).

(2)

انظر: الاستذكار (15/ 155، 164)، والمحلى (8/ 3، 9)، والمغني (8/ 617، 618)، والمجموع (8/ 385).

ص: 218

الأحكام وقوله عليه الصلاة والسلام: "من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى" مكانها إنما كان بعد ذبحه، فكأنه قال: من ذبح قَبْلَ فعلي هذا من الصلاة والخطبة والذبح. فليذبح أخرى مكانها، أي فلا يعتد بما ذبحه أولًا أضحية، وهذا الاستدلال غير مستقيم لمخالفته التقييد بلفظ الصلاة، والتعقيب بالفاء من غير مهلة، والخطبةُ إنما اعتبرناها في وقت عدم جواز الأضحية تبعًا للصلاة، وأما الذبح فلا يصلح اعتباره لمنع دخول وقتها، بل هو دليل لنا على جواز الذبح لما قررناه من أن فعله عليه الصلاة والسلام حجة للأمة ما لم يرد دليل لتخصيصه به.

السادس: قوله عليه الصلاة والسلام "فليذبح باسم الله" قال الكتّاب من أهل العربية: إذا قيل: باسم الله، تعين كتبه بالألف،

وإنما تحذف الألف، إذا كتبت: بسم الله الرحمن الرحيم بكمالها (1).

ومعناه: فليذبح قائلًا باسم الله، أو مسميًا، أو متبركًا، فالمجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير في "يذبح"، هذا هو الصحيح في معناه.

(1) قال ابن قتيبة في أدب الكاتب (184)، تكتب "بسم الله"- إذا افتتحت بها كتابًا أو ابتدأت بها كلامًا- بغير ألف، لأنها كثرت في هذه الحال على الألسنة، في كل كتاب يكتب، وعند الفزع والجزع، وعند الخبر يرد. والطعام يؤكل فحذفت الألف استخفافًا فإذا توسطت كلامًا أثبت فيها ألفًا نحو "أبدًا باسم الله" و"أختم باسم الله"، وقال الله عز وجل:"اقرأ باسم ربك" و"سبح باسم ربك العظيم" وكذلك كتبنا في الحالين في المصاحف مبتدأه ومتوسطه. اهـ.

ص: 219

وقال القاضي يحتمل أربعة أوجه:

أحدها: [أن يكون معناه فليذبح لله، والباء بمعنى اللام، والاسم هو المسمى (1).

وثانيها: معناه] (2) فليذبح بسنة الله، وحذف اختصارًا.

وثالثها: بتسمية الله تعالى على ذبيحته إظهارًا للإِسلام ومخالفة لمن ذبح لغيره، وقمعًا للشيطان.

ورابعها: تبركًا باسمه وتيمنًا بذكره، كما تقول: سر على بركة الله، وكره بعض العلماء أن يقال افعل كذا على اسم الله، قال: لأن اسمه تعالى على كل شيء. وهذا ليس بشيء، وهذا الحديث يرد عليه (3).

السابع: التسمية على الذبيحة سنة عند الشافعي، وهو رواية عند مالك وأحمد [وجمهور العلماء](4). وواجبة عند بعضهم.

(1) انظر هذا المبحث في الجزء الأول من هذا الكتاب المبارك ص (93).

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

قال النووي -رحمه الله تعالى- في كتابه "الأذكار"(330): ومن ذلك قول بعضهم: يكره أن يقول: افعل كذا على اسم الله، لأن اسمه سبحانه على كل شيء. قال القاضي عياض وغيره: هذا القول غلط، فقد ثبتت الأحاديث الصحيحة "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه في الأضحية:"اذبحوا على اسم الله"، أي قائلين: باسم الله. وانظر: شرح مسلم (13/ 112). انظر أيضًا: فتح الباري (10/ 21)، فإنه قال: وإما كراهة بعضهم افعل كذا على اسم الله لأن اسمه على كل شيء فضعيف. اهـ.

(4)

زيادة من ن ب د.

ص: 220

قال ابن سيرين والشعبي: إذا ذبح المسلم من غير تسمية حرمت، سواء تركها عمدًا أو سهوًا، وهو الصحيح عن أحمد في صيد الجوارح.

وقال الثوري وأبو حنيفة وجماعة: إن تركها عامدًا لم تحل، وإن تركها ناسيًا تحل، وهو الصحيح في مذهب مالك (1).

وحجة الجمهور حديث عائشة الثابت في صحيح البخاري (2) قالت: إنَّ قومًا قالوا: يا رسول الله إن [(3)] قومًا حديثي عهد بجاهلية يأتونا بلحمان لا ندري أذكروا اسم الله عليها أم لم يذكروا، أنأكل منها أم لا؟ فقال:"اذكروا اسم الله وكلوا"، فلو كانت التسمية شرطًا للإِباحة لكان الشك في وجودها مانعًا من أكلها كالشك في الذبح.

(1) لمراجعة المسألة. انظر: فتح الباري (9/ 521)، والمغني (8/ 539، 565)، والمحلى (8/ 108، 112)، وتفسير القرطبي (7/ 74، 77).

(2)

البخاري (2057)، والنسائي (4406)، وابن ماجه (3174)، وأبو داود (2829)، ومعرفة السنن (48/ 448)، والبيهقي في السنن مرسلًا (8/ 239).

(3)

في الأصل زيادة (قومنا)، والتصحيح من ن ب.

ص: 221