المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌26 - باب قصر الصلاة في السفر - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٤

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌25 - باب الجمع بين الصلاتين بالسفر

- ‌26 - باب قصر الصلاة في السفر

- ‌27 - باب الجمعة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌29 - باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث [الرابع]

- ‌30 - باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌31 - باب صلاة الخوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كتاب الجنائز

- ‌32 - باب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

الفصل: ‌26 - باب قصر الصلاة في السفر

‌26 - باب قصر الصلاة في السفر

القصر: رد الرباعية إلى ركعتين.

ويقال: قَصَرَ الصلاةَ مخففًا وقصّرها مثقلًا.

وحكى الواحدي في وسيطه: أقصرِها.

فهذه ثلاث لغات، وبالتخفيف جاء القرآن، قال تعالى:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (1). والمصدر منها: الْقَصْرُ،

والتقْصِيرُ، والقياس من الثالثة: الإِقصار.

واعلم: أن الصلاة كانت فرضيتها ركعتين ركعتين [مدة](2) شهر من قدومه عليه الصلاة والسلام المدينة، وكانوا يتنفَّلُون

فرآهم عليه الصلاة والسلام فقال: "يا أيها الناس اقبلوا فريضة الله فأقرت صلاة المسافر وزيد في صلاة المقيم" لاثنتي عشرة ليلة [في](3) ربيع الآخر بعد قدومه، قاله ابن جرير، قال: وزعم الواحدي: أنه لا خلاف بين أهل الحجاز فيه.

(1) سورة النساء: آية 101.

(2)

في الأصل (من)، وما أثبت من ن ب د.

(3)

في ن ب (من شهر).

ص: 85

وقال الماوردي: كان ذلك في السنة الثانية.

وفي صحيح ابن حبان (1) عن عائشة رضي الله عنها قالت: "فرضت صلاة السفر والحضر ركعتين، فلما أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان، وتركت صلاة الفجر لطول القراءة وصلاة المغرب لأنها وتر النهار"، وفي مسلم (2) عن عائشة رضي الله عنها:" فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين" وفيه مخالفة لفعلها، فإنها كانت تتم في السفر [ومخالف] (3) لما قاله غيرها من الصحابة كعمر (4) وابن عباس وجبير ابن مطعم فانهم قالوا:"إن الصلاة فرضت في الحضر أربعًا: وفي السفر ركعتين" كما رواه مسلم (5) عن ابن عباس ويخالفه أيضًا ظاهر

(1) هو جزء من الحديث الذي سيأتي، وقد أخرجه البخاري (350)، ومسلم (685). انظر: فتح الباري (1/ 464).

(2)

البخاري (350، 1090، 3935)، ومسلم (685)، والنسائي (1/ 225، 226)، وأبو داود، باب: صلاة المسافرين (1155)، وأحمد (6/ 272)، والدارمي (1/ 355)، والموطأ (1/ 146).

(3)

في ن ب: مخالفه.

(4)

ولفظه "قال: صلاة الجمعة ركعتان، وصلاة السجدتين ركعتان، وصلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم". ورواه النسائي (3/ 111، 116، 183)، وابن ماجه (1063، 1064)، والتمهيد (16/ 296) والاستذكار (6/ 63).

(5)

مسلم (687)، وأبو داود (1247)، والنسائي (3/ 168، 169)، وأحمد (1/ 36، 243، 254)، وابن خزيمة (943)، وابن ماجه (1068)، والبيهقي (3/ 135)، وأبو يعلى (2346)، وأبو عوانة (2/ 335).

ص: 86

الكتاب في قوله: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ} (1)، مع قوله عليه الصلاة والسلام: وقد سئل عن ذلك فقال: "صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته"(2)، وقد رام بعض المتأخرين الجمع بين حديث عائشة وابن عباس، فحمل الأول على أول الأمر، والثاني على الذي استقر عليه الفرضان وهو تحكم كما قاله القرطبي (3)، مع أنه بقي عليه العذر عن مخالفتها هي وعن معارضة ظاهر الكتاب، قال: ثم يقول إنه لو كان الأمر على ما ذكرته عائشة لاستحال عادة أن تنفرد بنقله دون غيرها، فإنه حكم عام ولم يسمع ذلك قط من غيرها من الصحابة، فلا معول عليه (4).

قلت: وحكى البيهقي (5) عن الحسن البصري: إن أول ما فرضت فرضت أربعًا، ومنهم من أوّل قولها "فزيد في صلاة الحضر" أي في عددها وعدد ركعاتها.

وقولها: "أولًا فرضت ركعتين" أي قبل الإِسراء، لأنها كانت

(1) سورة النساء: آية 101.

(2)

مسلم (686)، وأبو داود (1199، 1200)، والترمذي (3037)، والنسائي (1/ 226)(3/ 116، 3/ 168)، وابن ماجه (1068)، والدارمي (1/ 354)، والطبري (5/ 243)، وأبو يعلى (181)، وأحمد (1/ 237، 243، 254)، والسنن الكبرى (3/ 141)، والصغرى له (1/ 221)، وابن خزيمة (1346).

(3)

المفهم (3/ 1198).

(4)

انظر: فتح الباري (1/ 464)، وانظر: الاستذكار (6/ 67).

(5)

السنن الكبرى (1/ 362).

ص: 87

كذلك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، وهذا قول ابن عباس وطائفة، ومنهم من قال: لا يصح فرض الصلاة قبل الإِسراء وإنما [كان](1) ليلة الإِسراء (2)، ثم زيد بعد الهجرة

(1) في ن ب (كانت).

(2)

قال ابن حجر في الفتح (1/ 465): ذهب جماعة إلى أنه لم يكن قبل الإِسراء صلاة مفروضة إلَّا ما كان وقع الأمر به من صلاة الليل من غير تحديد، وذهب الحربي إلى أن الصلاة كانت مفروضة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، وذكر الشافعي عن بعض أهل العلم أن صلاة الليل كانت مفروضة ثم نسخت بقوله تعالى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} ، فصار الفرض قيام بعض الليل، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس، واستنكر محمد بن نصر المروزي ذلك وقال: الآية تدل على أن قوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} ، إنما نزل بالمدينة لقوله تعالى فيها {وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا} ، والقتال إنما وقع بالمدينة لا بمكة، والإِسراء كان بمكة قبل ذلك. اهـ. قال: وما استدل به غير واضح، لأن قوله تعالى:{أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ} ظاهر في الاستقبال، فكأنه سبحانه وتعالى امتن عليهم بتعجيل التخفيف قبل وجود المشقة التي علم أنها سيقع لهم، والله أعلم. وقال ابن سيد الناس في عيون الأثر (1/ 178): عن مقاتل بن سليمان: "فرض الله أول الإِسلام ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، ثم فرض الخمس ليلة المعراج"، ثم نقل أيضًا (1/ 252) عن أبي إسحاق الحربي: "أول ما فُرضت الصلاة بمكة فُرضت ركعتين أول النهار وركعتين آخره، ثم ساق بإسناده إلى عائشة فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ركعتين

إلخ. حكى ذلك أبو عمر: قال: أبو عمر بن عبد البر: وليس في حديث عائشة دليل على صحة ما ذهب إليه الحربي، ولا يوجد هذا في أثر صحيح، بل فيه دليل على أن الصلاة التي فرضت ركعتين ركعتين =

ص: 88

بسنة (1)، ويؤيده رواية ابن حبان السالفة.

فائدة صوفية: قال ابن الجوزي: للإنسان ستة أسفار لا بدَّ له من قطعها: سفره من سلالة الطين إلى الصلب، [ثم منه إلى الرحم](2)، ثم منه إلى الدنيا، ثم إلى القبر، ثم إلى الموقف، ثم إلى منزل الثواب أو العذاب، فإذا علم الإِنسان حكم سفر الدنيا فينبغي

أن ينظر في المهم وهو ما بقي من أسفاره.

ذكر المصنف رحمه الله: في الباب حديثًا واحدًا وهو حديث:

= هي الصلوات الخمس، لأن الإِشارة بالألف واللام في الصلاة إشارة إلى معهود. اهـ.

قلت: وهذا منه تضعيف إلى ما نقله عن مقاتل وأبي إسحاق الحربي.

(1)

قاله ابن حجر في الفتح (7/ 269): وذكر ابن جرير عن الواقدي أن الزيادة في صلاة الحضر كانت بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بشهر واحد، قال: وزعم أنه لا خلاف بين أهل الحجاز في ذلك.

(2)

زيادة من ن ب د.

ص: 89

134/ 1/ 26 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "صحبتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر، وعمر، وعثمان، كذلك"(1).

الكلام عليه من وجوه:

الأول: هذا اللفظ هو رواية البخاري، ولفظ رواية مسلم أطول وأبسط وأزيد، نبَّه عليه الشيخ تقي الدين (2).

(1) البخاري (1101، 1102)، ومسلم (689)، وأبو داود في الصلاة (1223)، والنسائي (3/ 123)، وابن ماجه (1071)، والبيهقي (3/ 158)، والبغوي (4/ 184)، وأبو يعلى (5557).

(2)

قال الزركشي في تصحيح العمدة (99) مجلة الجامعة الإِسلامية: قال عبد الحق في الجمع بين الصحيحين: روى مسلم في صحيحه عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب قال: صحبت ابن عمر في طريق مكة فصلى الظهر ركعتين ثم أقبل، وأقبلنا معه حتى جاء رحله، وجلس وجلسنا معه، فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى، فرأى ناسًا قيامًا فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت يسبحون، قال: لو كنت مسبحًا لأتممت صلاتي، يا ابن أخي صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعين حتى قبضه الله، وقد قال الله عز وجل:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ، قال عبد الحق: أخرجه البخاري من قوله "صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم

" إلى آخره، والصحيح أن عثمان أتم في آخر أمره، =

ص: 90

الثاني: مذهب ابن عمر رضي الله عنهما عدم التنفل [الراتب](1) في السفر حتى قال: "لو كنت متنفلًا لأتممت"، فقوله:

"فكان لا يزيد في السفر على ركعتين" يَحْتَمِلُ أن يكون ذكره دليلًا على عدم التنفل وقصر الصلاة فلا يزيد على ركعتين في الرباعية، ولا يتنفل قبلها ولا بعدها، ويَحْتَمِلُ أنه أراد عدم التنفل فقط، ويكون ذِكْرُ قصرِ الصلاة لازمًا لذلك، وقد وردت أحاديث يدل سياقها على أنه أراد ذلك، والظاهرُ الذي يُفْهَمُ منه أنه أراد عدمَ زيادة في الفرض على ركعتين، وترك الإِتمام حيث أتم جماعة من الصحابة

رضي الله عنهم الصلاة في السفر، فذكر ذلك دليلًا عليهم، وذكر [أبا](2) بكر، وعمر، وعثمان في ذلك مع أن الحجة قائمة بفعل الشارع ليبين أن ذلك كان معمولًا به عند الأئمة لم [يتطرق إليه](3) نسخ ولا معارضة راجحة، وقد فعل ذلك جماعةٌ من الأئمة في استدلالهم كمالك وغيره، يبدأون بالحديث، ثم بعمل الصحابة، فمن بعدهم.

الثالث: القصر في السفر الطويل والإِتمام جائزان إجماعًا.

واختلف في الأفضل منهما:

= على ما يأتي بعد -إن شاء الله تعالى-. وانظر أيضًا حاشية الأحكام (3/ 102).

(1)

زيادة من ن ب د.

(2)

في الأصل (أبي)، وكذا ن د، والتصحيح من ن ب.

(3)

في ن د (لم ينظر من إليه).

ص: 91

فذهب مالك، والشافعي، وأحمد، والأكثرون كما نقله القاضي والقرطبي (1) والنووي في "شرح مسلم" (2) والبغوي (3) أيضًا: إلى أن القصر أفضل (4).

وللشافعي قول: إن الإِتمام أفضل قياسًا على قوله: "إن الصوم في السفر أفضل" ولأصحابه وجه إنهما سواء.

وقال أبو حنيفة وكثيرون: القصر واجب، ولا يجوز له الإِتمام، وهو رواية أشهب عن مالك (5).

(1) المفهم (3/ 1199).

(2)

شرح مسلم (5/ 194).

(3)

في شرح السنة (4/ 163).

(4)

قال شيخ الإِسلام وغيره: فإن المسلمين قد نقلوا بالتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلِّ في السفر إلَّا ركعتين، ولم ينقل عنه أحد أنه صلى أربعًا قط، واختار أنه سنة، وأن الإِتمام مكروه، وذكر أن القصر أفضل عند عامة أهل العلم، ليس فيه إلَّا خلاف شاذ، وأن أكثرهم يكرهون التربيع للمسافر، وقال: يكره إتمام الصلاة في السفر، ونقل عن أحمد أنه توقف في الإِجزاء، ولم يثبت أن أحد من الصحابة كان يتم الصلاة في السفر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن حديث عائشة في مخالفة ذلك لا تقوم به حجة. وقال أيضًا: أقوال الناس في التربيع في السفر، أعدلها أنه مكروه وأن القصر هو السنة وهو أفضل. ومأخذ من لم يكره للمسافر أن يصلي أربعًا أنهم ظنوا أن صلاة المسافر ركعتين أو أربعًا بمنزلة الفطر والصوم في رمضان. اهـ. انظر: الفهارس (37/ 83)، وحاشية الروض (2/ 376، 382)، وفهارس التمهيد (25/ 33).

(5)

قد ترددت أقوال الفقهاء المعتمدة بين آراء ثلاثة من ناحية الرخصة في =

ص: 92

وقال القاضي في "إكماله": إنه مشهور مذهب مالك وأكثر أصحابه.

وخالف القرطبي فقال: مشهور مذهبه وَجُلُّ [أصحابه](1)[هو الأول](2).

احتج من قال بالفرضية بهذا الحديث فإن أكثر فعله عليه الصلاة والسلام وأصحابه كان القصر، والحجة عليهم ما ثبت في

الصحيح (3): أن الصحابة كانوا يسافرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنهم

= القصر والعزيمة، فقال الحنفية: القصر واجب -عزيمة، وفرض المسافر في كل صلاة رباعية ركعتان لا تجوز له الزيادة عليهما عمدًا، ويجب سجود السهو إن كان سهوًا، فإن أتم الرباعية وصلى اربعًا، وقد قعد في الركعة الثانية مقدار التشهد، أجزأته الركعتان عن فرضه، وكانت الركعتان الأخريان له نافلة، ويكون مسيئًا، وإن لم يقعد في الثانية مقدار التشهد بطلت صلاته لاختلاط النافلة بها قبل إكمالها.

ودليلهم: حديث عائشة: "فرضت الصلاة ركعتين

" إلخ، وحديث ابن عباس "فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربع

" إلخ.

وقال المالكية: القصر سنة مؤكدة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يصح عنه في أسفاره أنه أتم الصلاة كما في حديث ابن عمر.

وقالت الشافعية والحنابلة: القصر رخصة على سبيل التخيير، فللمسافر أن يتم أو يقصر، والقصر أفضل من الإِتمام مطلقًا عند الحنابلة، ودليلهم ما تقدم.

(1)

زيادة من ن ب.

(2)

غير موجودة في المفهم (3/ 1199).

(3)

قال شيخ الإِسلام في الفتاوى (24/ 154): على هذا الحديث هو كذب، =

ص: 93

القاصر، ومنهم المتم، ومنهم الصائم، ومنهم المفطر، لا يَعِيبُ بعضهم على بعض، وبأن عثمان كان أمير المؤمنين كان يتم، وكذلك عائشة، فلو كان القصر واجبًا لما أقر الشارع مَنْ أتم من الصحابة معه في السفر عليه، وهو ظاهر قوله تعالى:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} ، فهذا يقتضي رفع الجناح والإِباحة.

وأما حديث: "فرضت الصلاة ركعتين"، أي لمن أراد الاقتصار، عليها فزيد في صلاة الحضر ركعتان على سبيل التحتم، وأقرت صلاة السفر على جواز الاقتصار، وثبتت دلائل جواز الإِتمام فتعين المصير إليه جمعًا بين الأدلة، وفِعْلُ عثمان (1) وعائشة أَخْذٌ

بأحد الجائزين، وترك للأفضل، لمعانٍ اقتضت ذلك في اجتهادهم، لا أنهم تركوا الواجب، وما أقر الشارع الصحابة في حياته عليه،

والحجة على أن القصر أفضل مواظبته عليه، عليه الصلاة والسلام في السفر.

= وزيد العمى ممن اتفق العلماء على أنه متروك، والثابت عن أنس إنما هو في الصوم، ومما يبين ذلك أنهم في السفر مع النبي صلى الله عليه وسلم لم يكونوا يصلون فرادى، بل كانوا يصلون بصلاته، بخلاف الصوم، فإن الإِنسان قد يصوم وقد يفطر، فهذا الحديث من الكذب، وإن كان البيهقي روى هذا فهذا مما أنكر عليه. ورآه أهل العلم لا يستوفي الآثار التي لمخالفيه كما يستوفي الآثار التي له، وأنه يحتج بآثار لو احتج بها مخالفوه لأظهر ضعفها وقدح فيها. انظر: البيهقي (3/ 145).

(1)

انظر: الأجوبة التي قيلت في سبب إتمام عثمان الصلاة بمنى. انظر: زاد المعاد (1/ 468، 499)، والفتح (2/ 570)، والاستذكار (6/ 71).

ص: 94

وقال بعضهم: بوجوبه فيه كما سلف، بخلاف الصوم فإنه عليه الصلاة والسلام لم يواظب عليه في السفر، ولم يقل أحد بوجوبه فيه، ولأنه إذا أفطر فيه خرج به عن وقته، ووجب قضاؤه. والقصر لا يخرج الصلاة عن وقتها، بل يأتي بالصلاة في وقتها

المشروع إما منفردة أو جمعًا.

تنبيه: قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} الآية المراد بالقصر فيها قصر العدد كما جزمنا به.

وقيل: قصر الصفة أي عند اشتداد الخوف.

الرابع: قال الشافعي ومالك وأصحابهما والليث والأوزاعي وفقهاء أصحاب الحديث وغيرهم: لا يجوز القصر إلَّا في مسيرة مرحلتين قاصدتين وهي ثمانية وأربعون ميلًا هاشمية.

والميل: ستة آلاف ذراع.

والذراع: أربعة وعشرون أصبعًا [معترضة معتدلة](1).

والأصبع: ست شعيرات معترضات معتدلات (2).

وقال أبو حنيفة والكوفيون: لا يقصر في أقل من ثلاث مراحل. ورُوي عن عثمان، وابن مسعود، وحذيفة.

وقال الحسن وابن شهاب: يقصر في مسيرة يومين.

(1) في ن د (معترضات معتدلات).

(2)

انظر التعليق ت (1) ص (76).

ص: 95

وقال (1) داود وأهل الظاهر: يجوز في القصر أيضًا حتى في ثلاثة أميال.

الخامس: مذهب الأئمة الأربعة والجمهور (2): أنه يجوز القصر في كل سفر مباح وشَرَطَ بعض السلف كونه سفر خوف.

وبعضهم كونه سفر حج، أو عمرة، أو غزو، وهو قول داود الظاهري. ورُوي ذلك عن ابن مسعود.

ورُوي عن أحمد: أنه لا يقصر إلَّا في حج أو عمرة.

وقال عطاء: لا يقصر إلَّا في سبيل من سبل الله.

وشرط بعضهم كون السفر طاعة، وجوزه أبو حنيفة والثوري في سفر المعصية، ومنعه الأئمة الثلاثة والأكثرون.

ورُوي عن مالك رواية شاذة، كما قال القرطبي (3) كمذهب أبي حنيفة.

قال أصحابنا: والعاصي بسفره لا يترخص بخلاف العاصي فيه.

السادس: لا تجوز صلاة الفرض في حال من الأحوال ركعة

(1) انظر: الاستذكار (6/ 90)، وحجة قوله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} فأخذ بظاهر الآية ولم يحد مسافة معينة، واحتج أيضًا بحديث ضعيف مروي عن أبي سعيد الخدري ولفظه:"كان إذا سافر فرسخًا ثم نزل قصر الصلاة".

(2)

انظر: الاستذكار للاطلاع على ما ذكر من هذا الاختلاف (6/ 53).

(3)

المفهم (3/ 1202).

ص: 96

واحدة، وجوّزه في الخوف جابر، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، والحسن البصري، والضحاك، وإسحاق بن راهويه، وقتادة، والحكم، وحماد، وحكاه العبادي (1) في "طبقاته": عن محمد بن نصر المروزي من أصحابنا فقال: يجوز قصر الصبح في الخوف إلى

ركعة كمذهب ابن عباس، وفي صحيح مسلم عنه (2):"فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة".

وخالف ذلك الشافعي، ومالك، والجمهور، وقالوا: صلاة الخوف كصلاة الأمن في عدد الركعات.

وتأولوا حديث ابن عباس هذا: على أن المراد ركعة أخرى يأتي بها منفردًا كما جاءت الأحاديث الصحيحة في صلاته عليه الصلاة والسلام وأصحابه في الخوف جمعًا بين الأدلة، واعلم أن المغرب أيضًا لا تقصر بالإِجماع لعدم تنصفها إذ ليس في الشريعة

نصف ركعة.

فإن قلت: إذا تعذر التنصيف فليكن ركعتين كما قيل في طلاق العبد، وحيض الأَمَةَ، وفيما إذا طلق نصف طلقة.

(1) هو محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله الهروي أبو عاصم العبادي (375، 458) إمامًا جليلًا، حافظًا للمذهب. السبكي (4/ 104)، الإِسنوي (2/ 190)، ابن هداية (161 - 162).

(2)

مسلم (687)، وأبو داود (1247)، والنسائي في مواضع من كتاب الصلاة (1/ 226)(3/ 168)، ابن ماجه (1068).

ص: 97

وأجيب: بأنه لو فعل ذلك لذهب مقصود الشرع من كون عدد ركعات الفرض في اليوم والليلة وترًا، وللشرع قصد في الوتر، ولذلك شرع الوتر في آخر نافلة الليل، ولذلك لا تعاد المغرب على رأي، والتحليل الذي قدمناه عن الشارع في أول الباب كاف في ذلك.

تنبيه: ينعطف على ما مضى من الغرائب ما ذهب إليه بعض العلماء أنه إذا [عزم](1) ولم يضرب في الأرض ولم يخرج من منزله

يقصر، رُوي ذلك عن الحارث بن أبي ربيعة أنه أراد سفرًا فصلي [بهم](2) ركعتين في منزله وفيهم الأسود بن يزيد وغير ذلك من

أصحاب عبد الله، نقله صاحب "البيان والتقريب" من المالكية. قال: وحُكي عن عطاء (3) أنه قال: إذا خرج الرجل حاجًّا فلم يخرج من بيوت القرية حتى قضيت الصلاة، فإن شاء قصر، وإن شاء أوفى قياسًا على المسافر إذا نوى الإِقامة يتم، فكذا يقصر هذا، وهو ضعيف.

والفرق: أن الأصل الإِقامة، بخلاف السفر فإنه طارئ.

وحكي عن مجاهد أنه قال: لا يقصر في يوم خروجه حتى يدخل الليل (4)، وعن ............................

(1) في ن ب (زعم).

(2)

زيادة من ن ب.

(3)

انظر: مصنف عبد الرزاق (2/ 531)، الاستذكار (6/ 79).

(4)

قال ابن حجر في الفتح (2/ 570): على قوله: "صليت الظهر مع =

ص: 98

مالك (1) رواية ضعيفة أنه لا يقصر حتى يجاوز ثلاثة أميال.

وهذه الروايات كلها منابذة للسنَّة وإجماع السلف والخلف.

تنبيه ثان: ينعطف على ما مضى من كثرة النوافل الراتبة في السفر احتج بأنها لو شرعت لكان إتمام الفريضة أولى.

وجوابه أن الفريضة متحتمة، فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها بخلاف النافلة.

السابع: يؤخذ من ذكر ابن عمر عُثْمَانَ بعد الخليفتين رضي الله عنهم تأخيره عنهما في الفضيلة، وهو إجماع، نعم وقع الخلاف بينه وبين علي والجمهور على تقديم عثمان عليه.

الثامن: ظاهر هذا الحديث: أن عثمان لم يزل يقصر في مدة خلافته، ويؤيده رواية مسلم:"فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله"، لكن يعارضه رواية ابن عمر الأخرى (2):"ومع عثمان صدرًا من خلافته ثم أتمها"، وفي رواية:"ثمان سنين أو ست سنين".

قال القاضي عياض: بعد سبع سنين من خلافته.

= النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعًا وبذي الحليفة ركعتين"، قال بعد كلام سبق: استدل به على أن من أراد السفر لا يقصر حتى يبرز من البلد، خلافًا لمن قال من السلف: يقصر ولو في بيته، وفيه حجة على مجاهد في قوله: لا يقصر حتى يدخل الليل.

(1)

انظر: الاستذكار (6/ 79).

(2)

مسلم (694)، والبخاري (1082)، والنسائي (3/ 121).

ص: 99

وقال النووي (1): المشهور بعد ست، فلعل ابن عمر أراد أنه قصر في سائر أسفاره في غير مني وأتم في مني، وقد ورد مصرحًا أن

إتمامه كان في مني، وقد تقدم وجه إتمامه، وأنه أخذ بأحد الجائزين.

(1) انظر: شرح مسلم (5/ 199).

ص: 100