المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث السادس 162/ 6/ 32 - عن عبد الله بن عباس - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٤

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌25 - باب الجمع بين الصلاتين بالسفر

- ‌26 - باب قصر الصلاة في السفر

- ‌27 - باب الجمعة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌29 - باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث [الرابع]

- ‌30 - باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌31 - باب صلاة الخوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كتاب الجنائز

- ‌32 - باب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

الفصل: ‌ ‌الحديث السادس 162/ 6/ 32 - عن عبد الله بن عباس

‌الحديث السادس

162/ 6/ 32 - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته أو قال:

فأوقصته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا"(1).

وفي رواية: "لا تخمروا وجهه ولا رأسه".

قال [رضي الله عنه](2): الوقص: كسر العنق.

الكلام عليه من زيادة على عشرين وجهًا:

(1) البخاري (1265) فتح (3/ 136) للأطراف، ومسلم (1206)، وأبو داود (3241) في المناسك، باب: المحرم يموت كيف يصنع به، والنسائي (5/ 195، 196، 197)، والحميدي (466)، وابن الجارود (507)، والدارقطني (2/ 295، 296، 297)، وابن حبان (3957، 3958، 3859)، وأحمد (1/ 221، 266، 286، 333، 220، 328)، والبغوي (1480)، والطيالسي (2623)، والترمذي (951)، وابن ماجه (3084)، والبيهقي (3/ 391، 393)(5/ 53)، والطبراني (12523، 12541)، ومشكل الآثار (1/ 99).

(2)

في ن (إحكام الأحكام رحمه الله).

ص: 447

الأول: هذا الرجل لا أعلمه ورد سمى ولم أر من ذكره أيضًا في كتب المبهمات بعد البحث عنه (1)، وكان وقوعه عنها عند

الصخرات موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن حزم (2).

الثاني: فيه إطلاق لفظ الواقف على الراكب.

الثالث: "عرفة" موضع الوقوف شرفه الله وفي سبب تسميته بذلك أقوال ستعرفها في الحج إن شاء الله ذلك وقدره.

الرابع: "الراحلة" الناقة التي تصلح للرجل، ويقال: إنها كل ما يركب من الإِبل، ذكرًا كان أو أنثى: كالشاة بالنسة إلى الغنم. حكاه الجوهري (3) وجزم به الفاكهي.

الخامس: "الوقص" قد فسره المصنف (4).

ويقال أيضًا: وقصت به راحلته فهو كقولك: خذ الخطام وخذ بالخطام، ووقص فهو موقوص على بناء ما لم يسم فاعله.

وقوله: "فوقصته"، أو قال:"فأوقصته" الظاهر أنه شك من

(1) قال ابن حجر في الفتح (4/ 55): تنبيه: لم أقف في شيء من طرق هذا الحديث على تسمية المحرم المذكور، وقد وهم بعض المتأخرين فزعم أن اسمه واقد بن عبد الله وعزاه لابن قتيبة في ترجمة عمر من كتاب المغازي

إلخ للاطلاع. انظر: فتح الباري.

(2)

المحلى (5/ 117، 148)(7/ 92، 93).

(3)

مختار الصحاح (105). انظر: المغني في الأنباء عن غريب المهذب (1/ 102).

(4)

انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (1/ 96).

ص: 448

الراوي عن ابن عباس، وقال القاضي (1) عياض: روي "فوقصته" وروي: "فأوقصته" وهما صحيحان.

قال القرطبي: وهما لغتان. قال: والثاني أفصح.

قال القاضي وروي: [فقصعته](2)، ومعناه: قتلته لحينه، ومنه قعاص الغنم (3): وهو موتها بداء يأخذها فلا يلبثها، ويروى [فأقصته] (4) رباعيًّا ووجهه فقصعته [ثلاثيًا] (5) ومعناه: شدخته.

السادس: قوله عليه الصلاة والسلام: "لا تحنطوه" هو بالحاء المهملة أي لا تمسوه حنوطًا.

والحنوط: بفتح الحاء، ويقال له: الحناط بكسرها، وهو أخلاط من طيب يجمع للميت خاصة لا يستعمل في غيره، وقد يعني به الرجل، وحَنَّطَ الميتَ تحنيطًا.

السابع: قوله عليه الصلاة والسلام: "ولا تخمروا رأسه" أي: لا تغطوه.

والتخمير: التغطية.

الثامن: قوله: فإنه "يبعث يوم القيامة"[ملبيًا] " معناه: على هيئته

(1) انظر: مشارق الأنوار (2/ 189 - 293).

(2)

الذي في إكمال إكمال المعلم (3/ 319) فأقعصته.

(3)

انظر: مختار الصحاح (229)، وفي الحديث "وموتان يكونُ في الناس كقُعاص الغنم".

(4)

في ن د ب (فأقصعتة).

(5)

في ن د ب ساقطة.

ص: 449

التي مات عليها، ليكون ذلك علامة وحجة ودلالة على فضيلته، كما يجيء الشهيد يوم القيامة] (1)، وأوداجه تشخب دمًا (2)، وفي رواية: في الصحيح "ملبدًا"(3) بدل "ملبيًا"، أي: على هيئته كما قلناه.

التاسع: قوله عليه الصلاة والسلام: "وكفنوه في [ثوبه] (4) ". جاء في رواية أخرى في الصحيح (5): في ثوبين.

قال القاضي عياض: والأولى أكثر الروايات.

قال القرطبي: فعلى الرواية الأولى يحتج به الشافعي على بقاء

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

ولفظه عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من مجروح يجرح في سبيل الله إلَّا بعثه الله وجُرحه يثعب دمًا: اللون لون الدم والريح ريح المسك" انظر: البخاري (237)، ومسلم (3/ 1495)، وأحمد في مسنده (2/ 231، 384)، ومالك في الموطأ (2/ 461)، والبيهقي في السنن (4/ 11)، والبغوي في شرح السنة (10/ 349)، والنسائي (6/ 28).

(3)

قال ابن حجر في الفتح (3/ 137) على قوله: (باب: كيف يكفن المحرم)، سقطت هذه الترجمة للأصيلي وثبتت لغيره وهو أوجه، وأورد المصنف فيها حديث ابن عباس المذكور من طريقين، ففي الأول:"فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا" كذا للمستملي وللباقين "ملبدًا" بدال بدل التحتانية والتلبيد: جمع الشعر بصمغ أو غيره ليخف شعثه، وكانت عادتهم في الإِحرام أن يصنعوا ذلك، وقد أنكر عياض هذه الرواية وقال: ليس للتلبيد معنى. انظر: مسلم (1206)، والبيهقي (3/ 391).

(4)

في الأصل ون د (ثوبيه).

(5)

البخاري (1265، 1266، 1267، 1268).

ص: 450

حكم إحرامه عليه كما سيأتي، لأنه أمر أن يكفن في ثيابه التي كانت عليه.

والرواية الثانية: يحتمل أن تحمل على الأولى، ويحتمل أن يريد. زيدوا على ثوبه الذي أحرم فيه ثوبين ليكون كفنه وترًا، والأول أولى لأن أحد الروايتين مفسرة للأخرى.

وقال المحب الطبري في "أحكامه": إنما لم يزده ثالثًا تكرمة له كما في الشهيد لم يزد على ثيابه.

العاشر: الرواية الثانية التي ذكرها المصنف هي من أفراد مسلم، وكان ينبغي للمصنف التنبيه على ذلك.

قال البيهقي: وذكر الوجه وهم من بعض رواته في الإِسناد، والمتن الصحيح "لا تغطوا رأسه"، كذا أخرجه البخاري، وذكر "الوجه" فيه غريب (1).

(1) قال ابن حجر في الفتح (4/ 54): قال البيهقي: ذكر الوجه غريب وهو وهم من بعض رواته، وفي كل ذلك نظر فإن الحديث ظاهره الصحة ولفظه عند مسلم من طريق إسرائيل عن منصور وأبي الزبير كلاهما عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكر الحديث قال منصور:"ولا تغطوا وجهه"، وقال أبو الزبير:"ولا تكشفوا وجهه"، وأخرجه النسائي من طريق عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير بلفظ:"ولا تخمروا وجهه ولا رأسه"، وأخرجه مسلم أيضًا من حديث شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جير بلفظ:"ولا يمس طيبًا خارج رأسه"، قال شعبة: ثم قال: حدثني به بعد ذلك فقال: "خارج رأسه ووجهه" انتهى. وهذه الرواية تتعلق بالتطيب لا بالكشف والتغطية، وشعبة أحفظ من كل من روى هذا الحديث، فلعل بعض رواته انتقل ذهنه من التطيب إلى التغطية، وقال أهل الظاهر: يجوز =

ص: 451

الحادي عشر: ظاهر الحديث بقاء حكم الإِحرام بعد الموت، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق: فيحرم شر رأسه وتطبيبه ولم يقل به مالك ولا أبو حنيفة وهو مذهب الحسن والأوزاعي، أيضًا كما [حكاه](1) القرطبي عنهما، وهو مقتضى القياس لأنه بالموت انقطع التكليف.

ولكن الشافعي قدم ظاهر الحديث على القياس.

واعتذر من خالف عن الحديث بتعليله عليه الصلاة والسلام: هذا الحكم في هذا المحرم بعلة، لا يقطع بوجودها في غيره، ولا يعلم إلَّا من جهته، وهو أنه يبعث يوم القيامة ملبيًا، والحكم إنما يُعمم بحموم علته فهو خاص به، ولا يتعدى إلى غيره إلَّا بدليل، وأيد ذلك بعض من أدركناه من أئمة الحنفية بأنه لو بقي إحرامه لطيف به، وكملت مناسكه.

قال: ولأنه أمر بغسله بماء وسدر، والمحرم لا يغتسل

= للمحرم الحي تغطية وجهه ولا يجوز للمحرم الذي يموت عملًا بالظاهر في الموضعين، وقال آخرون هي واقعة عين لا عموم لها فيها لأنه علل ذلك بقوله:"لأنه يبعث يوم القيامة ملبيًا"، وهذا الأمر لا يتحقق وجوده في غيره فيكون خاصًّا بذلك الرجل، ولو استمر إحرامه لأمر بقضاء مناسكه وسيأتي ترجمة المصنف بنفي ذلك، وقال أبو الحسن بن القصار: لو أريد تعميم هذا الحكم في كل محرم لقال: "فإن المحرم" كما جاء "أن الشهيد يبعث وجرحه يثعب دمًا" وقال النووي: يتأول هذا الحديث على أن النهي عن تغطية وجهه ليس لكون المحرم لا يجوز تغطية وجهه بل هو صيانة للرأس، فإنهم لو غطوا وجهه لم يؤمن أن يغطي رأسه. اهـ.

(1)

في ن ب (قاله).

ص: 452

بالسدر، والخطمي، عند الشافعي كما حكاه ابن المنذر في الإِشراف.

قال ابن القصار: ويدل على أن الحديث خاص بذلك الرجل، قوله عليه الصلاة والسلام:"فإنه يبعث ملبيًا" ولم يقل: فإن المحرم كما قال: "فإن الشهيد يبعث يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك"(1).

قلت: وللشافعي له أن يقول: العلة الإِحرام وهي عامة في كل محرم، والأصل أن ما ثبت لشخص في زمنه عليه الصلاة والسلام ثابت لغيره حتى يدل الدليل على خلافه، ولم يثبت خلافه كيف، وقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام قال: "يبعث المرء على ما مات عليه (2)، وهذا عام في كل صورة ومعنى. فاقتضى ذلك تعلق هذا الحكم لأجل الإِحرام حيث مات محرمًا، فيعم كل محرم كيف والتلبية من لوازم الإِحرام، والعمل بالحديث مقدم على القياس وهو متعين، وما حكاه عن الشافعي: من أن المحرم لا يغتسل بالسدر، وقد رأيته في إشرافه. وحكاه القرطبي عن الشافعي أيضًا، وهو غريب، ولعل مرادهما [الكراهة](3) فقط، كما حكى عنه في القديم.

(1) انظر التعليق السابق، والتعليق ت (5) ص (450).

(2)

ألفاظه: "يبعث كل عبد على ما مات عليه" مختصرًا "يبعث كل عبد على ما مات عليه المؤمن على إيمانه والمنافق على نفافه". انظر: مسلم (2878)، وأحمد (3/ 331، 366)، والحاكم (1/ 340)(2/ 452)، وابن حبان (7313، 7319)، والبغوي (4206، 4207)، وأبو يعلى (1901، 2269).

(3)

زيادة من ن ب د.

ص: 453

الثاني عشر: نص الشافعي (1) وأصحابه، ومن وافقهم: على أنه يباح ستر وجهه ولا يحرم، وخالف في ذلك مالك وأبو حنيفة فقالا: إن إحرام الرجل في وجهه أيضًا.

والجواب عن رواية الكتاب من وجهين:

الأول: الطعن فيها بوهم الراوي كما أسلفته عن البيهقي.

الثاني: أن يتأول على أن النهي عن تغطيته ليس مقصودًا لذاته، بل لكونه لازمًا لتغطية الرأس غالبًا، ولا بد من تأويله، لأن المخالف يقول: لا يمنع من ستر رأسه ووجهه كما سلف، والشافعي ومن وافقه يقول: يباح ستر وجهه فقط فيتعين تأويل الحديث.

الثالث عشر: يستفاد من الحديث بقاء حكم الإِحرام في الميت المحرم، وهو مذهبنا ومذهب أحمد كما قررته لك.

واختلف أصحابنا في [أن](2) الموت هل يبطل الصوم؟

فقيل: لا، كالإحرام لأنه عليه الصلاة والسلام قال لعثمان:"أنت تفطر عندنا الليلة"، رواه ابن حبان (3) في "صحيحه" والحاكم في مستدركه، وقال: صحيح الإِسناد.

(1) الأم (1/ 269).

(2)

زيادة من ن ب د.

(3)

ابن حبان (6919)، والطبري في تاريخه (4/ 354، 356، 383، 384)، والحافظ في المطالب العالية (4/ 283، 286)، وقال: رجاله ثقات سمع بعضهم من بعض، والحاكم في المستدرك (3/ 103)، ووافقه الذهبي، ونسبه ابن حجر في الفتح (5/ 408) إلى ابن حبان وابن خزيمة.

ص: 454

وأصحهما: نعم كالصلاة.

فرع: اختلف أصحابنا أن المعتدة المحدة هل تطيب على وجهين؟

أصحهما: نعم، لأن منعها كان تفجعًا أو لئلا تدعوها نفسها إلى الرجال أو أنفسهم إليها وقد زال الجميع بالموت.

وقيل: لا، كالمحرم.

الرابع عشر: فيه أيضًا أن الميت المحرم يجب غسله وتكفينه.

الخامس عشر: جواز التكفين في الثياب الملبوسة وهو إجماع.

السادس عشر: جوازه في ثوبين لكن الأفضل ثلاثة كما مر في حديث عائشة في الباب وفيه: الاحتمال السالف في الوجه التاسع.

السابع عشر: أن الكفن مقدم على الدين وغيره حيث لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن دين مستغرق ولا غيره، وترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال [ينزّل](1) منزلة العموم في المقال.

الثامن عشر: أن الكفن للميت واجب، وهو إجماع، وكذا غسله والصلاة عليه ودفنه.

التاسع عشر: استحباب دوام التلبية في الإِحرام.

العشرون: فيه التنبيه والتحريض على لقاء الله -تعالى- بحالة تناسب العبودية لتكون شاهدًا لصاحبها يوم القيامة.

(1) في ن ب (نزل).

ص: 455

الحادي والعشرون: فيه دلالة على استحباب السدر في غسل الميت المحرم وهذا مذهبنا وبه قال طاوس وعطاء ومجاهد وابن المنذر وآخرون.

ومنعه أبو حنيفة ومالك وآخرون.

قال ابن المنذر: كره جابر بن عبد الله ومالك، غسل المحرم رأسه بالخطمي.

قال مالك: وعليه الفدية، وبه قال أبو حنيفة (1).

وقال صاحباه: عليه صدقة.

قال ابن المنذر: وهو مباح لهذا الحديث (2).

الثاني والعشرون: لم يذكر في الحديث الصلاة عليه.

وحكى القرطبي في ذلك خلافًا.

فنقل عن مالك وأبي حنيفة: أنه يصلى عليه كغيره من الموتى.

ونقل عن الشافعي: أنه يغسل ولا يصلى عليه. كذا نقله عنه ولا أعرفه عندنا.

الثالث والعشرون: استنبط الإِمام الشافعي [وتبعه المزني في هذا الحديث جواز قطع شجر السدر.

قال أبو ثور: سألت أبا عبد الله الشافعي] (3) عن قطع السدر،

(1) انظر: الاستذكار (11/ 21) الخطمي: نبات يغسل به الرأس ليلين.

(2)

وهو مروي عن ابن عمر. انظر: الاستذكار (11/ 21).

(3)

في ن ب ساقطة.

ص: 456

فقال: لا بأس به، قد قال عليه الصلاة والسلام "اغسلوه بماء وسدر".

وحكى أبو سليمان (1): عن المزني أنه أخبر بذلك، وقال: لو كان حرامًا لم يحل الانتفاع به كما سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما حرم قطعه من شجر الحرم بين الورق وغيره.

وأما حديث: "من قطع شجر سدر صوب الله رأسه في النار"(2) فإنه روي موصولًا ومرسلًا وأسانيده مضطربة معلولة، وفي بعضها

"إلَّا من زرع" ومدار أكثرها على عروة بن الزبير (3)، وقد روي عن أبيه:"أنه كان يقطعها بأرضه".

وقيل: النهي عن سدر مكة لأنها حرم.

(1) انظر: عون المعبود (14/ 154)، مع اختلاف في النقل عنه.

(2)

أبو داود (5078) في الأدب، باب: في قطع السدر، سئل أبو داود عن معنى هذا الحديث، فقال: هذا الحدث مختصر، يعني: من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم عبثًا وظلمًا بغير حق يكون له فيها، صوب الله رأسه في النار. وذكر الخطابي تأويل آخر عن الشافعي عون المعبود (14/ 152)، وبذل المجهود (20/ 182)، والبيهقي (6/ 139، 140)، والبغوي (8/ 250)، ومجمع الزوائد (3/ 284)(4/ 69)، وكشف الخفاء (2/ 145، 375)، والأسرار المرفوعة (485)، ومشكل الآثار (4/ 117)، وسنن النسائي الكبرى كما في تحفة الأشراف (4/ 310).

(3)

السنن الكبرى (6/ 139، 140)، وأبو داود (5079)، ومصنف عبد الرزاق (19756)، ومشكل الآثار (4/ 117، 119) انظر: معالم السنن (8/ 100).

ص: 457

وقيل: عن سدر المدينة نهى عن قطعه ليكون أنسًا وظلاًّ لمن هاجر إليها.

وقيل: أراد به سدر الفلاة يستظل به أبناء السبيل (1).

خاتمة: نقل أبو داود عن أحمد بن حنبل أنه سمعه يقول: في هذا الحديث خمس سنن: تكفين الميت في ثوبين، وأن الكفن من أصل المال ولو أتى على جميعه، وغسل الميت بالسدر في الغسلات كلها، وأن لا يخمر رأسه، ولا يقرب طيب.

قال المحب الطبري في "أحكامه": ويستبط منه سادسة وهي: استحباب التلبيد للمحرم.

قلت: ويستنبط منه غير ذلك كما قررته لك.

(1) انظر: معالم السنن (8/ 100).

ص: 458