الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع
138/ 4/ 27 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين، وهو قائم، يفصل بينهما بجلوس"(1).
الكلام عليه من وجوه:
الأول: هذا الحديث في محفوظنا قيل الحديث الذي قبله وكذا ذكره الفاكهي، وذكره بعده الشيخ تقي الدين، وتبعه ابن العطار وغيره، لكنه ذكره [من](2) وجه [آخر](3) كما سننبه عليه، والأمر في ذلك قريب.
الثاني: [ذكر](4) هذا الحديث بعض من علَّق على هذا الكتاب تعليقًا من رواية جابر، وقال: إنَّه جابر بن عبد الله، وذكره أيضًا
(1) البخاري (920، 928) في الجمعة، ومسلم (861)، والدارمي (1/ 366) في الصلاة، باب: القعود بين الخطبتين، والموطأ (1/ 112)، والترمذي (506).
في متن العمدة ترتيبه الثاني وترتيبه هنا يوافق أحكام الأحكام. اهـ.
(2)
زيادة من ن ب د.
(3)
في ن ب ساقطة، وفي ن د (وجه آخر).
(4)
في ن ب ساقطة.
كذلك ابن العطار في "شرحه" من رواية جابر ثم قال إنه جابر ابن سمرة كما هو مبين في "صحيح مسلم"، ثم ساق ترجمته، وهو
عجيب وعلى تقدير وجوده في نسخ الكتاب فحديث جابر بن سمرة منه أفراد مسلم فقط، وليس هو بهذا اللفظ بل بمعناه، فيبقى على المصنف اعتراض من وجه آخر وما أدري كيف وقع هذا منه فاجتنبه.
الثالث: لما ذكر الشيخ تقي الدين (1) هذا الحديث من طريق ابن عمر قال: لم أقف عليه بهذا اللفظ في الصحيحين فمن أراد
تصحيحه فعليه إبرازه، وكأن هذا -والله أعلم- هو وقوع ابن العطار فيما ذكر فغير الراوي وذكره من طريق جابر بن سمرة (2).
قلت: ولفظ رواية الصحيحين (3) من حديث عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائمًا ثم يجلس ثم يقوم كما يفعلون اليوم"(4)، وفي لفظ: "كان
(1) انظر: إحكام الأحكام (3/ 130).
(2)
مسلم في الجمعة (862)، والنسائي (3/ 110)، وأبو داود في الصلاة (1093، 1095)، وابن ماجه (1105، 1106)، والدارمى (1/ 366)، وأحمد (5/ 87، 88، 89، 99، 100، 101، 107)، والتمهيد (2/ 166).
(3)
البخاري (920، 928)، ومسلم (861)، والنسائي (3/ 109)، والترمذي (506)، والمنتقى (1/ 257)، وابن ماجه (1103)، والدارمي (1/ 304)، وأحمد (2/ 35)، وابن خزيمة (3/ 142)، والبيهقي (3/ 197)، والبغوي في السنة (4/ 246).
(4)
قال الصنعاني في الحاشية (3/ 130): ونسبه الزركشي إليهما إلَّا أنه قال: =
النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين يقعد بينهما"، ولم يذكر الحميدي في "جَمْعِه بين الصحيحين" غير ذلك، نعم لفظ النسائي: "كان يخطب الخطبتين قائمًا، وكان يفصل بينهما بجلوس"، وهو قريب من لفظ المصنف، ورواه الدارقطني (1) بلفظ المصنف [سواء](2).
الرابع: الخطبة بضم الخاء: الكلام المؤلَّف المتضمِّن وعظًا وإبلاغًا.
يقال: خطب -بضم الطاء- خِطابةً -بكسر- الخاء (3).
الخامس: في الحديث دليل على ثلاث مسائل في الخطبة.
الأولى: اشتراط الخطبتين لصحة صلاة الجمعة، وهو مذهب الشافعي والأكثرين.
قال القاضي عياض: وإليه ذهب عامة العلماء.
وقال الحسن البصري وأهل الظاهر وابن الماجشون. عن مالك: أنها تصح بلا خطبة.
وقال أبو حنيفة: تجزئ واحدة (4) فإن
= "اليوم" عوض "الآن"، فهذا اللفظ الذي ذكره المصنف ليس لفظ الشيخين ولا أحدهما. اهـ.
(1)
الدارقطني (2/ 20)، وانظر: تنبيه الزركشي على العمدة في مجلة الجامعة عدد (75، 76).
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
ويقال: خطبة بضم الخاء وخَطابة بفتحها، وأما خطبة المرأة، فبالكسر.
(4)
قال ابن قاسم في حاشية الروض (2/ 443): حكاه النووي إجماعًا، إلَّا =
[استدل](1) الأكثرون بفعل الرسول له مع قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي"(2)، ففي ذلك نظر، كما قال الشيخ تقي الدين (3)[يتوقف على أن تكون إقامة الخطبتين داخلًا تحت كيفية الصلاة، فإنه إذا لم يكن كذلك كان استدلالًا بمجرد الفعل](4).
قلت: ويكفي في الاستدلال [بانه](5) بيان لمجمل القرآن مع أنه لم ينقل أنه صلاها بلا خطبة.
الثانية: اشتراط القيام فيهما، ولا يصح من القاعد.
قال ابن عبد البر (6): أجمع العلماء على أن الخطبة لا تكون إلَّا
= أن أبا حنيفة يقول: إذا قال: الحمد لله، كفاه، ومشروعيتها مما استفاضت به السنَّة، وقال في الشرح: والخطبة شرط، لا تصح بدونها، ولا نعلم مخالفًا إلَّا الحسن، وقال في الفروع: ومن شرطهما يعني الخطبتين تقديمهما وفاقًا.
(1)
في ن ب (استدلال).
(2)
البخاري (2/ 118) في الجماعة، باب: اثنان فما فوقهما جماعة، ومسلم (674) في المساجد، باب: من أحق بالإِمامة، وليس عنده "صلوا كما رأيتموني أصلي" فهو من أفراد البخارى، والشافعي (1/ 129)، والبغوي (2/ 296).
(3)
إحكام الأحكام (3/ 128).
(4)
العبارة فتح الباري (2/ 406): يتوقف ذلك على ثبوت أن إقامة الخطبتين داخل تحت كيفية الصلاة، وإلَاّ فهو استدلال بمجرد الفعل، وفي إحكام الأحكام كما أثبت (3/ 128).
(5)
في ن ب د (لأنه).
(6)
انظر: الاستذكار (5/ 129).
قائمًا لمن أطاقه.
وقال أبو حنيفة: تصح قاعدًا والقيام ليس بواجب.
وقال مالك: هو واجب [لو](1) تركه أساء وصحت الجمعة.
والذي ذهب إليه الشافعي اشتراطه وفي دليله من النظر ما ذكرنا في المسألة الأولى (2).
الثالثة: اشتراط الجلوس بينهما وأنه فرض من فروضها.
قال الطحاوي: لم يقل هذا غير الشافعي.
وقال مالك: وأبو حنيفة، والجمهور: الجلوس بينهما سنة ليس بواجب ولا شرط.
قال القاضي عياض: وعن مالك رواية أن الجلوس بينهما شرط، وفي دليل الاشتراط والفرضية من النظر ما سلف (3).
(1) في الأصل (له)، وما أثبت من ن ب د.
(2)
يستدل لذلك مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على القيام، وبمشروعية الجلوس بين الخطبتين فلو كان القعود مشروعًا في الخطبتين ما احتيج إلى الفصل بالجلوس، وفيه حدث جابر بن سمرة رضي الله عنه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائمًا ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائمًا، فمن نبأك أنه كان يخطب جالسًا فقد كذب" أخرجه مسلم وهو أصرح في المواظبة من حديث ابن عمر إلَّا أن إسناده ليس على شرط البخاري وأيضًا حديث كعب بن عجرة أن دخل المسجد وعبد الرحمن بن أبي الحكم يخطب قاعدًا، فأنكر عليه وتلا:"وتركوك قائمًا". اهـ، بتصرف من الفتح (2/ 401).
(3)
انظر: الفتح (2/ 401، 406). ذكره في إكمال إكمال المعلم (3/ 17). =
خاتمة: قال أبو حنيفة وأبو يوسف (1) ومالك: في رواية عنه يكفي في الخطبة تسبيحة أو تحميدة أو تهليلة، وهو ضعيف لأنه لا يسمى خطبة ولا يحصل به [مقصودها](2) مع مخالفة ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
= فائدة: أول من خطب جالسًا معاويةُ، كما ذكره ابن عبد البر في الاستذكار (5/ 129)، وانظر: فتح الباري (2/ 401).
(1)
انظر: الاستذكار (5/ 128).
(2)
في الأصل مكررة.