الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
144/ 2/ 28 - عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى بعد الصلاة، فقال:"من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له"، فقال أبو بردة بن نيار خال البراء بن عازب: يا رسول الله إني نسكت شاتي قبل الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، وأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي، فذبحت شاتي، وتغديت قبل أن آتي الصلاة، قال:"شاتك شاة لحم"، قال: يا رسول الله فإن عندنا عناقًا (1) هي أحب إليّ من شاتين، أفتجزىء عني؟ قال:"نعم ولن تجزي عن أحد بعدك"(2).
الكلام عليه من وجوه:
(1) في فتح الباري زيادة (لنا جذعة).
(2)
البخاري (955، 965، 983)، ومسلم (1961)، وأبو داود (2800)، والترمذي (1508)، والنسائي (3/ 182)(7/ 222، 223)، والدارمي (2/ 80)، وابن ماجه (3154)، والطيالسي (743)، والبيهقي (3/ 311)(9/ 269، 276)، ومالك (1/ 483).
أحدها: في التعريف براويه وقد سلف في باب الإِمامة، ورواه عنه جماعة من الصحابة والتابعين منهم ابن عباس، وأبو جحيفة، وعبد الله بن يزيد الخطمي، وأبو بضرة الغفاري، ومن التابعين الشعبي وأبو إسحاق السبيعي وغيرهما.
ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر وجابر بن عبد الله وغيرهما، كما أفاد كل ذلك ابن منده في مستخرجه.
ثانيها: خاله أبو بردة اسمه هانئ، وبه جزم المصنف في حد الخمر، وقيل: الحارث، وقيل: مالك.
وروى ابن طاهر في "إيضاح الإِشكال"(1) عن الشعبي عن البراء قال: "كان اسم خالي قليلًا فسماه النبي صلى الله عليه وسلم[كثيرًا] (2)، وقال [يا كثير] (3) إنما نسكنا بعد صلاتنا"(4). ثم ذكر هذا الحديث بطوله، ثم قال في باب الخال قد تقدم في باب العم خال البراء بن عازب واسمه سويد بن (حجير) عن خاله، كذا رأيته فيه فتأمله (5).
(1) ايضاح الإِشكال (72).
(2)
في ن ب (كبيرًا).
(3)
في ن ب (كبيرًا).
(4)
أخرجه ابن منده من طريق جابر الجعفي كما في الإِصابة (5/ 574)، وقال الحافظ في الإِصابة: والمحفوظ أن خال البراء هو أبو بردة بن دينار، قال: لقيت خالي ومعه الراية، الإِصابة أيضًا في ترجمة هانئ (6/ 523). اهـ، من إيضاح الإِشكال (72).
(5)
العبارة في إيضاح الإِشكال (83)، باب الخال:
97 -
قد تقدم في باب العم خال البراء بن عازب: اسمه كثير. اهـ. =
وأما والد أبي بردة: فالمشهور أنه نيار -[بكسر النون-.
والنير: يطلق على ما وضح من الطريق وعلى لحمة الثوب المقابلة للسدا] (1).
وقيل: عمرو، وقيل هبيرة وهو عقبي بدري شهد العقبة الثانية مع السبعين في قول جماعة من أهل السير.
وأمه: أم سعد بنت ساعدة بن جشم [بن](2) حارثة. روى أحاديث واتفقا منها على واحد، ومات ولا عقب له بعد الأربعين.
ثالثها: "الأضحى" يذكّر ويؤنّث سمي بذلك لوقوع الأضحية فيه.
رابعها: فيه دلالة على الخطبة لعيد الأضحى ولا خلاف فيه.
خامسها: فيه دلالة أيضًا على تقديم الصلاة عليها، وقد قدمنا الكلام على ذلك في الحديث قبله.
سادسها. أصل "النسك" في اللغة من النسيكة وهي البقرة المذابة المصفاة من كل خلط (3).
= ولعل ما ذكر خطأ من الناسخ أو المؤلف -رحمهما الله تعالى-.
ثم ذكر سويد وأعطاه رقم خاص:
98 -
سويد بن حجير عن خاله، خالفُه صخر بن القعقاع
…
إلخ.
(1)
زيادة من ن ب د، انظر: لسان العرب (14/ 347، 348).
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
سئل ثعلب عن الناسك ما هو؟ فقال: هو مأخوذ من النسيكة وهو سبيكة الفضة المصفاة كأنه خلَّص نفسه وصفاها لله عز وجل. اهـ، من لسان العرب (14/ 128)، هكذا هو في المخطوط البقرة.
والمراد بها هنا: الذبيحة أضحية وقد استعمل فيها كثيرًا واستعمله بعض الفقهاء في نوع خاص من الدماء المراقة في الحج، وقد يستعمل فيما هو أعم من ذلك من نوع العبادات، ومنه يقال: فلان ناسك أي متعبد، ومعناه: مخلص عبادته لله تعالى.
وقال ابن يونس: في أول الحج من "شرح التنبيه": النسك: بضَمِ السين [اسم](1) للذبيح والمَنْسِك [به](2) موضع الذبح أي
-بفتح السين وكسرها- كما قرئ بهما (3)، وقد يراد به موضع العبادة، وهو بإسكان السين اسم لكل عبادة.
سابعها: قوله عليه الصلاة والسلام: "من صلى صلاتنا" أي مثل صلاتنا.
وقوله: "ونسك"
…
(4) نُسكَنا" أي مثل نسكنا.
وقوله: "فقد أصاب النسك" أي فقد أصاب مشروعية النسك أو ما قارب ذلك.
ثامنها: قوله: "ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له" معناها لا يقع مجزيًا في الأضحية وظاهر اللفظ [أن](5) المراد منه قبل فعل الصلاة.
(1) في ن ب (أي).
(2)
زيادة من ن ب.
(3)
في قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا} ومُنْسِكًا. انظر: لسان العرب (14/ 127).
(4)
العبارة: أو صحة المنسك، وفي ن د (المنسك)، وليس لها معنى هنا.
(5)
في ن ب ساقطة.
ولم يتعرض لذكر الخطبتين وهما معتبران عند الشافعي لكونهما مقصودتين مع الصلاة، فإن وقت الأضحية لا يدخل إلَّا بمقدار الصلاة [والخطبتين عنده، ومذهب غيره اعتبار فعل ذلك، وهو ظاهر اللفظ، فإن إطلاق لفظ الصلاة](1) وإرادة وقتها خلاف
الظاهر.
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الأضحية لا تجوز قبل طلوع الفجر، واختلفوا فيما بعد ذلك (2):
فقال الشافعي وداود: يدخل وقتها إذا طلعت الشمس، ومضى قدر صلاة العيد وخطبتين، أي خفيفات، فإذا ذبح بعد هذا الوقت
أجزأه، سواء صلى الإِمام أم لا، وسواء صلى المضحي أم لا، وسواء كان من أهل الأمصار أو من أهل القرى أو البوادي أو المسافرين، وسواء ذبح الإِمام أضحيته أم لا ووافقهما ابن المنذر.
وقال عطاء وأبوحنيفة: يدخل وقتها في حق أهل القرى والبوادي إذا طلع الفجر الثاني، ولا تدخل في حق أهل الأمصار حتى يصلي الإِمام، ويخطب، فإن ذبح قبل ذلك لم تجزئه.
وقال مالك: لا يجوز إلَّا بعد صلاة الإِمام وخطبته وذبحه.
وقال أحمد: لا تجوز قبل صلاة الإِمام وتجوز بعدها قبل ذبح
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
انظر: الاستذكار (15/ 147، 155)، ومعجم فقه السلف (4/ 145، 146)، والمجموع (8/ 389)، والمغني (8/ 636، 640).
الإِمام وسواء عنده أهل القرى والأمصار، ونحوه عن الحسن والأوزاعي وإسحاق بن راهويه.
وقال الثوري: تجوز بعد صلاة الإِمام وقبل خطبته وفي أثنائها.
وقال ربيعة: فيمن [لا إمام له](1) إن ذبح قبل طلوع الشمس لا تجزئه، وبعد طلوعها يجزئه.
وقال أهل الرأي: يجزيهم بعد الفجر، وهو قول ابن المبارك لإِضافة الفجر إلى اليوم.
فهذه سبعة مذاهب، وظاهر هذا حجة على من خالفه بالنسبة إلى الصلاة ولما كانت الخطبتان مقصودتين في هذه العبادة اعتبرهما
الشافعي ومن وافقه.
فرع: قد عرفت المذاهب في ابتداء وقت النحر وأما انتهاؤه ففيه أوجه (2):
أحدها: إلى غروب آخر التشريق، وهو قول الحسن وعطاء والشافعي والأوزاعي.
ثانيها: إلى غروب ثاني التشريق، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والثوري وأحمد، وروي عن أبي هريرة وأنس وغيرهما.
ثالثها: لا يجوز إلَّا في يوم النحر خاصة، قاله ابن سيرين.
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
انظر لهذه الأقوال معجم فقه السلف (4/ 137، 138).
رابعها: يجوز لأهل الأمصار يوم النحر خاصة، ولأهل القرى يوم النحر وأيام التشريق.
[خامسها](1): يجوز في جميع ذي الحجة حكاه القاضي عياض (2).
سادسها: يوم النحر وستة أيام بعده. قاله قتادة.
واختلفوا: في جواز التضحية في ليالي أيام الذبح.
فقال الشافعي: يجوز مع الكراهة وبه قال أبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو ثور والجمهور.
وقال مالك في المشهور عنه وعامة أصحابه ورواية عن أحمد: لا يجزئه في الليل بل تكون شاة لحم، وحُكِيَ عن أصحاب الرأي أيضًا.
وقال أشهب: يجوز الهدي دون الأضحية.
تاسعها: قوله عليه الصلاة والسلام: "شاتك شاة لحم" أي ليست أُضْحية، ولا ثواب فيها، بل هو لحم ينتفع به، كما جاء في رواية أخرى "إنما هو لحم قدمته لأهلك" فيستنبط من هذا أن من ذبح قبل الصلاة لم [يكن](3) ناسكًا، وأن المأمورات إذا وقعت على خلاف مقتضى الأمر لم يكن الجهل عذرًا فيها، وهو:
(1) زيادة من ن ب د.
(2)
بناء على حديث مرسل أخرجه ابن حزم في المحلى (8/ 43، 49) بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الأضحى إلى هلال المحرم لمن أراد أن يستأني بذلك. قال: وهذا من أحسن المراسيل وأصحها، وهو ملزم لمن يحتج بالمراسيل.
(3)
في ن ب ساقطة.
الوجه العاشر: وقد فُرق بين المأمورات والمنهيات في ذلك فيعذر في المنهيات بالنسيان والجهل كما في حديث معاوية ابن الحكم حين تكلم في الصلاة، ولا يعذر في المأمورات لأن المقصود فيها إقامة مصالحها، ولا يحصل ذلك إلَّا بفعلها، بخلاف المنهيات
فإنها مزجور عنها بسبب مفاسدها امتحانًا للمكلف بالانكفاف عنها، وذلك إنما يكون بالتعمد لارتكابها، ومع النسيان والجهل لم يقصد المكلف ارتكاب النهي، فعذر بالجهل فيه (1).
تنبيه: الإِضافة قسمان: معنوية، ولفظية:
الأولى: ثلاثة أقسام:
مقدرة بمن: كخاتم حديد، أو باللام كغلام زيد.
أو بفي كضرب اليوم أي ضرب في اليوم، ولا يصح شيء من ذلك في قوله عليه الصلاة والسلام:"شاة لحم".
وأما اللفظية: فحقيقتها أن تكون صفة مضافة إلى معمولها كضارب زيد، وحسن الوجه، و"شاة لحم" ليست كذلك أيضًا.
قال الفاكهي: والذي يظهر ليس في ذلك أنه لما اعتقد أبو بردة أن شاته نسك أوقع عليه الصلاة والسلام قوله: "شاة لحم"
موقع قوله: شاة غير نسك أو شاة غير أضحية. فهو كلام محمول على المعنى.
الحادي عشر: قوله عليه الصلاة والسلام: "ولن تَجزي
(1) انظر: حاشية العمدة (3/ 161).
عن أحد بعدك" هو بفتح التاء المثناة فوق غير مهموز ومعناه لن تقضي يقال: جزى عني كذا أي قضى. أي أن الذي فعله من الذبح قبل الصلاة لم يقع نسكًا فالذي يقع بعده لا يكون قضاء [عنه](1) وهذا الذي ضبطناه [في](2) تجزي -بفتح التاء- هو في جميع الطرق والروايات.
وذكر الجوهري (3): أن فيه لغة أخرى أجزأت [عنك](4) وعلى هذا يجوز الضم، وقال الشيخ تقي الدين (5) في -الفتح-: إنه الذي اختير فيه، وكذا قال البغوي (6): إنه بغير همز مع -فتح أوله- قال تعالى: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} (7)، أي لا يقضي عنها، فإن كان بمعنى الكفاية؟
قلت: جزاء عني، وإجزاء بالهمز.
وقال ابن بري: الفقهاء [(8)] يقولون لا تجزىء عنك أي لا تُقضي، بضم التاء مع ترك الهمزة.
والصواب: -فتح التاء- مع ترك الهمزة أيضًا ويجوز
(1) زيادة من ن ب.
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
مختار الصحاح (51).
(4)
زيادة من ن ب د، وفي مختار الصحاح (عنه).
(5)
انظر: إحكام الأحكام (3/ 126).
(6)
(4/ 328).
(7)
سورة البقرة: آية 123.
(8)
في ن ب زيادة (لا).
-الضم- مع الهمزة لأنه يقال أجزأت عنك شاة تجزئ لغة في قولهم جزت عنك تجزي.
الثاني عشر: "العناق" بفتح العين: الأنثى من أولاد المعز ما لم يتم له سنة [فإذا](1) قوي ورعى وأتى عليه حول قيل للذكر منه: عتود.
وقال بعضهم: هي الصغير من أولاد المعز ما دامت ترضع ولهذا قال في بعض روايات الحديث في مسلم عندي "عَنَاق لبن" أي صَغيرة قريبة مما ترضع.
وجمع العناق: أعنق وعنوق.
وعبارة القاضي عياض (2) العناق: جذع المعز.
وقوله: "هي أحب إلي من شاتين"، وفي مسلم:"عندي عَنَاق لبن هي خير من شاتيّ لحم". ومعناه أطيب لحمًا وأنفع لسمنها ونفاستها، وفي رواية لمسلم:"ليس عندي إلَّا جذعة وهي خير من مسنة"، وفي رواية (3):"أن عندي داجنًا جذعة من المعز"، وفي ذلك إشارة إلى أن المقصود في الضحايا طيب اللحم لا كثرته، وهذا بخلاف العتق فإن كثرة العدد فيه أفضل.
الثالث عشرة صرح في الحديث بتخصيص أبي بردة بإجزائها في هذا الحكم عما سبق ذبحه فامتنع قياس غيره عليه لكن قد وقع
(1) في ن ب ساقطة.
(2)
في المشارق (2/ 92) العناق: قال الخليل: هي الأنثى من المعز، قال الداودي: هي الجذعة التي قاربت أن تحمل ولم تحمل.
(3)
مسلم (1961) والتي قبلها.
ذلك أيضًا لعقبة بن عامر. وزيد بن خالد رضي الله عنهما ففي الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام أعطى عقبة بن عامر عتودًا وقال: "ضح به أنت"، وفي البيهقي بإسناده الصحيح عن عقبة:"أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم غنمًا أقسمها ضحايا بين أصحابي فبقي عتود منها فقال ضح بها أنت ولا رخصة لأحد فيها بعدك"(1).
قال البيهقي: وإذا كانت هذه الزيادة محفوظة كان هذا رخصة له كما رخص لأبي بردة.
وعلى هذا يحمل ما روي عن زيد بن خالد أنه عليه الصلاة والسلام: "أعطاه عتودًا جذعًا فقال ضح به فقلت إنه جذع من المعز أضحي به قال: نعم ضح به فضحيت به"، ورواه أحمد وابن حبان (2) كذلك. ورواه أبو داود أيضًا وليس في روايته "من المعز" لكنه معلوم من قوله "عتود" فإن العتود من أولاد المعز خاصة وهو ما رعى وقوي.
قال الجوهري وغيره: هو ما بلغ سنه وجمعه اعتده [وعِدَّان](3) بإدغام التاء في الدال.
(1) البخاري (2300)، ومسلم (1965)، والترمذي (1500)، والنسائي (7/ 218)، وابن ماجه (3138)، والبغوي (1116)، والطيالسي (1002)، وأحمد (4/ 144، 145، 156)، والدارمي (2/ 77، 78)، وابن خزيمة (2916).
(2)
أحمد (5/ 194)، وأبو داود (2798)، والطبراني (5217، 5218)، والبيهقي (9/ 270).
(3)
في معالم السنن (4/ 104) عِتْدان وعُتُد
…
إلخ.
ومعلوم أنه لا يجزئ في الأضحية وإنما يجزئ الجذع من الضأن (1).
وأجاب بعضهم: بنسخ حديث عقبة بحديث أبي بردة لقوله: "ولن تجزئ عن أحد بعدك" وفيه نظر، كما قال الشيخ زكي الدين (2) فإن في حديثه أيضًا:"ولا رخصة لأحد فيها بعدك" وأيضًا فإنه لا يعرف المتقدم منهما من المتأخر وقد أشار البيهقي (3) إلى أن الرخصة أيضًا لعقبة وزيد بن خالد كما كانت لأبي بردة.
فائدة: قال الفاكهي: انظر الحكمة في اختصاص أبي بردة بهذا الحكم واطلب السر فيه.
قلت: قد أفاده الماوردي (4) حيث قال في اختصاص الأجزاء بأبي بردة وجهان:
أحدهما: لأنه كان قبل استقرار الشرع فاستثناه.
والثاني: أنه علم من طاعته وخلوص نيته ما ميزه عمن سواه.
قال: واختلفوا هل كان ذلك بوحي أو اجتهاد على قولين.
تنبيه: أبعد الأوزاعي حيث جوز الأضحية بجذع المعز وحُكي عن عطاء (5)، وبه قال بعض الشافعية أيضًا: وهو مصادم للنص.
(1) انظر: معالم السنن (4/ 104).
(2)
مختصر سنن أبي داود (4/ 104).
(3)
سبق تخريج ما أشار إليه.
(4)
الحاوي (19/ 91، 92).
(5)
معجم فقه السلف (4/ 141).
الرابع عشر: يؤخذ من الحديث إن لله تعالى أن يخص ببعض الأحكام التي منع الناس منها من شاء على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بعذر وغيره ويؤخذ منه أيضًا وهو الوجه.
الخامس عشر: أن المرجع في الأحكام إليه صلى الله عليه وسلم دون غيره.
ومن رجعت إليه من أمته فإنما هو بإذنه صلى الله عليه وسلم.
السادس عشر: يؤخذ منه أيضًا أن يوم الأضحى يوم أكل وشرب يحرم الصَّوم فيه حيث وصفه بالأكل والشرب.