المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثامن 142/ 8/ 27 - عن أبي هريرة رضي الله - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٤

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌25 - باب الجمع بين الصلاتين بالسفر

- ‌26 - باب قصر الصلاة في السفر

- ‌27 - باب الجمعة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌29 - باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث [الرابع]

- ‌30 - باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌31 - باب صلاة الخوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كتاب الجنائز

- ‌32 - باب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

الفصل: ‌ ‌الحديث الثامن 142/ 8/ 27 - عن أبي هريرة رضي الله

‌الحديث الثامن

142/ 8/ 27 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة ألم تنزيل السجدة، وهل أتى على الإنسان"(1).

الكلام عليه من وجوه:

الأول: قوله: "صلاة الفجر" يعني صلاة الصبح، وقد تقدم أسماؤها في باب المواقيت في الحديث الرابع منه.

الثاني: "تنزيل" بضم اللام على الحكاية.

الثالث: اختلف في الحروف المقطعة في أوائل السور على قولين:

أحدهما: أنها من المتشابه الذي انفرد الله [بعلمها](2) ولا يجب أن يتكلم فيها، ولكن نؤمن بها، وتمر كما جاءت.

وأصحها وهو قول الجمهور: يجب أن يتكلم فيها وتلتمس الفوائد التي تحتها والمعاني التي يتخرج عليها، وفي ذلك أقوال

(1) البخاري (891، 1068)، ومسلم (879)، والنسائي (2/ 159).

(2)

في ن ب (بعلمه).

ص: 182

عديدة، ومحل [الخوض](1) منها ما لخصته من تفسير القرطبي، فإن شئت فراجعها منه.

وموضع "ألم" من الإعراب وقع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو على أنه ابتداء أو نصب بإضمار فعل، أو خفض بالقسم، قال ابن

خطيب زملكًا (2) في "برهانه": وفواتح السور منحصرة في نصف حروف المعجم، لأنها أربعة عشر حرفًا، وهي الألف واللام والميم والصاد والواو والكاف والهاء والياء والعين والطاء والسين والحاء والقاف، والنون. وهذا واضح على من عَدَّ حروف [الهجاء](3) ثمانية وعشرين حرفًا.

وقال: "لَا" مركبة من اللام والألف وإن كان بعيدًا أي مع أنه هو المشهور في التهجي.

والصحيح أنها تسعة وعشرين والنطق بلا في التهجي كالنطق بلا في لا رجل في الدار. وذلك أن الواضع جعل كل حرف من حروف التهجي صدر اسمه إلَّا الألف فإنه لما لم يمكن أن يُبْدَأَ به لكونه مطبوعًا على السكون ولا يقبل الحركة أصلًا فوصل إليه باللام لأنه تناسبه في الامتداد والانتصاب (4)، ولذلك يكتب على سورة الألف.

(1) في الأصل (القول)، وما أثبت من ن ب.

(2)

هو عبد الواحد بن عبد الكريم أبو المكارم. انظر: طبقات الشافعية للسبكي (8/ 316).

(3)

في ن ب (المعجم).

(4)

انظر: البرهان (ص 58).

ص: 183

قال: [وفي](1) إعجازها: مجيئها في تسع وعشرين سورة بعدد الحروف.

قال: وكما روعي تنصيفها باعتبار هجائها روعي بتنصيفها باعتبار أجناسها.

يريد أن كل جنس من أجناس الحروف كالمهموسة والرخوة والشديدة وغير ذلك من أجناسها قد نصفت فاستعمل نصفها في القرآن.

وأهمل النصف الآخر، ثم إن النصف المستعمل هو الأخف، وأكثر استعمالًا من المهمل.

الرابع: في الحديث دليل على أنه يجوز أن يقول قرأت الفاتحة، وقرأت البقرة، من غير ذكر السورة، إذ لم يقل كان يقرأ سورة ألم، ولا سورة هل أتى، وفيه أيضًا دليل على إبطال قول من قال لا يقال سورة كذا، وإنما يقال السورة التي [يذكر](2) فيها كذا.

الخاص: فيه دليل أيضًا على استحباب قراءةً هاتين السورتين في صلاة الصبح يوم الجمعة، والسجود عند قراءةً آية السجدة وغيرها من الفرائض، وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه ومن وافقه.

وقال ابن بطال: ذهب أكثر العلماء إلى [أن](3) القول بهذا

(1) في ن ب (ومن).

(2)

في ن ب (ذكر).

(3)

في ن ب ساقطة.

ص: 184

الحديث روي عن علي وابن عباس، وأجازوا أن تقرأ السورة فيها سجدة في الفجر يوم الجمعة، واستحبه النخعي وابن سيرين.

قال: وهو قول الكوفيين والشافعي وأحمد، وقالوا: هو سنة، قال: واختلف قول مالك في ذلك، فروى ابن وهب عنه لا بأس أن

يقرأ الإِمام بالسجدة في الفريضة.

وروى أشهب عنه: أنه كره للإِمام ذلك إلَّا أن يكون من خلفه قليل لا يخاف أن تختلط [عليهم](1).

قلت: والكراهة هو ما في المدونة، وسببها خشية التخليط على المأمومين، وعلل أيضًا بخوف زيادة سجدة في الفرض، وهو تعليل فاسد كما قال القرطبي (2) بشهادة هذا الحديث.

وبحديث ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سجد في صلاة الظهر ثم قام فركع، فرأينا أنه قرأ بتنزيل السجدة" رواه أبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه على الصحيحين (3) ثم قال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

(1) في ن ب (عليه).

(2)

المفهم (3/ 1476).

(3)

أبو داود (770) في الصلاة، باب: قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر، الحاكم. قال ابن باز في تعليقه على الفتح (2/ 378): على قوله: "لكن صح من حديث ابن عمر"، في تصحيحه نظر، والصواب أنه ضعيف، لأن في إسناده عند أبي داود رجلًا مجهولًا يدعى أمية كما نص على ذلك أبو داود في رواية الرملي عنه، ونبه عليه الشوكاني في نيل الأوطار، والله أعلم.

ص: 185

قال وهو سنَّة صحيحة غريبة أن الإِمام يسجد فيما يُسِر بالقراءة مثل سجوده فيما يعلن، ومن العجب تخصيص بعض أصحاب مالك

الكراهة بصلاة السر، وهذا الحديث الصحيح يرده.

قالوا: وفي المحافظة على قراءتها دائمًا أمر آخر، وهو أنه ربما أدى ذلك بالجهال إلى اعتقاد أن ذلك فرض في هذه الصلاة، ومن مذهب مالك حسم مادة الذرائع.

قال الشيخ تقي الدين (1): فالذي ينبغي أن يقال أما القول بالكراهة مطلقًا فيأباه الحديث، وإذا انتهى الحال إلى وقوع هذه المفسدة فينبغي أن يترك في بعض الأوقات دفعًا لهذه المفسدة، وليس في الحديث ما يقتضي مثل ذلك دائمًا اقتضاء قويًا على كل حال فهو مستحب، والمستحب قد يترك لدفع المفسدة المتوقعة، وهذا المقصود يحصل بالترك، في بعض الأوقات لا سيما إذا كان يحضره الجهال، ومن يخاف منه وقوع هذا الاعتقاد الفاسد.

قلت: قد أخرج الطبراني (2) في أصغر معاجمه الحديث

(1) إحكام الأحكام (3/ 153).

(2)

الطبراني في الصغير (2/ 81)، وقال في الزوائد (2/ 968): ورجاله موثقون. قال الألباني في الإِرواء (3/ 96): قال الحافظ في الفتح (2/ 314): ورجاله ثقات لكن صوّب أبو حاتم إرساله. وهو من رواية ابن مسعود رضي الله عنه. قلت: قد جاء من رواية عبد الله بن عباس عند الطبراني في الكبير (12/ 43)، وذكره في مجمع الزوائد (2/ 171)، وقال: وفيه حماد بن شعيب وهو ضعيف جدًا. اهـ، وأصله في مسلم (879)، وأبي داود (1061)، والترمذي (519)، والنسائي (3/ 111)، بدون زيادة في كل جمعة.

ص: 186

المذكور من رواية ابن مسعود بزيادة "ويديم ذلك"، رواه عن محمد ابن بشر، دحيم، الوليد بن مسلم، ثور بن يزيد، عن عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله به ثم قال: لم يروه عن عمرو إلَّا ثور، ولا ثور إلَّا الوليد، تفرد به دحيم، ولا كتبناه إلا عن أبي بشر.

قلت: ورجال إسناده كلهم ثقات كما ترى، فهذا فيه صراحة بديمومة ذلك، ولم يطلع على هذه الرواية الشيخ تقي الدين رحمه الله، ولو اطلع عليها لم يذكر ما قدمناه عنه [وهي](1) تسَاوِي رِحْلَةً فاستفده.

قال الشيخ تاج الدين الفاكهي: وقد بلغني أَنَّ هذا الاعتقاد يعني السالف وقع أن بعض العلماء. صلى الصبح يوم الجمعة إمامًا فلم يقرأ فيها بالسجدة، فأنكر عليه العوام إنكارًا شديدًا وأظن أن ذلك كان بالقاهرة، وأن الإِمام التارك للسجدة كان قاضي قضاة الشافعية حينئذٍ، فرحم الله مالكًا ما كان أشدَّ تيقظَه لمثل هذا. قال: وهذا كما كره صوم الستة أيام من شوال خوف اعتقاد الجهال

فرضيتها.

قال: ومثله أيضًا كراهته البسملة في الفاتحة اعتقاد كونها من الفاتحة.

قلت: وبعد دوام النبي صلى الله عليه وسلم على قراءة هاتين السورتين في اليوم المذكور طاح الاعتقاد المذكور، ولا عبرة باعتقاد الجاهل ما

(1) في النسخ (وهو)، وما أثبت من المصحح.

ص: 187

يخالف الشرع، وأما [صوم](1) الستة المذكورة فصحت به الأحاديث من طرق كما أوضحته في تخريج "أحاديث المهذب"، فلا معدل عنه وقد صح أيضًا أن البسملة إحدى آيات الفاتحة، وقد صنف في ذلك من المالكية ابن عبد البر (2)، والحق أحق بالاتباع.

وأما ابن العربي فأغرب وتحامل فقال في "الأحوذي"(3): خرَّج البخاري قراءة الصبح يوم الجمعة عن سعد بن إبرهيم، عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فذكر الحديث بلفظ "كان" المقتضية للمداومة، وهو مضعف عند مالك وغيره، وقد جاءت الرواية أيضًا من غير طريقه ولكنه أمر لم يعمل بالمدينة- فالله أعلم من قطعه كما قطع [غيره](4) فينبغي أن يفعل ذلك في الأغلب للقدرة ويقطع أحيانًا لئلا يظنه العامة من السنة.

هذا كلامه وفيه نظر في مواضع.

الأول: أَنَّ "كان" لا تقتضي المداومة على رأي الأكثرين.

الثاني: قد أسلفنا لفظ المداومة التي لا تحتمل التأويل بسند صحيح.

(1) في ن ب (صو).

(2)

"الإِنصاف فيما بين علماء المسلمين في قراءة بسم الله الرحمن الرحيم من الإِختلاف" والكتاب مطبوع.

(3)

(2/ 310).

(4)

في ن ب (عمله).

ص: 188

الثالث: سعد هذا أخرى له الستة في كتبهم، وهو ثبت ثقة جليل، ومالك [(1)] ترك الرواية عنه فقط لقصة استعملها ولم يتكلم فيه هو ولا غيره.

قال علي بن المديني: كان سعد لا يحدث بالمدينة فلذلك لم يكتب عنه أهلها، ومالك لم يكتب عنه.

وقال الأثرم: سمعت أحمد يقول سعد بن إبراهيم ثقة، فقيل له: إن مالكًا لا يحدث عنه فقال: ومن يلتفت إلى قول مالك في سعد، وسعد رجل صالح ثقة.

وقال الساجي: ثقة أجمع على صدقه والروايةِ عنه إلَّا مالكَ بنَ أنس فإنه كان يتكلم فيه، وقد روى مالك عن عبد الله ابن إدريس عن شعبة، عن سعد، فصح باتفاقهم عليه أَنَّه حجة في الأحكام والفروج.

فيقال: إنَّ سعدًا رأى مالكًا يومًا فوعظه، فغضب مالك من ذلك، وإنما ترك الرواية عنه فإمَّا أن يكون تكلم فيه فلا أحفظه، وسعد القائل: لا يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا الثقات. ثم روى بإسناده، قال: سمعت المعيطي يقول ليحيى بن معين: كان مالك يتكلم في سعد، وسعد سيد من سادات قريش. [وروى](2) عن ثور [وداود](3) بن الحصين خارجيين خبيثين.

(1) في الأصل (فيه)، والتصحيح في ن ب.

(2)

في تهذيب التهذيب (3/ 465)(ويروى).

(3)

في الأصل (أبو داود).

ص: 189

قال الساجي: وقد روى عنه الثقات والأئمة وكان دينًا عفيفًا.

وفي كتاب "المنجيلي" سئل أحمد لمَ لَم يرو عنه مالك فقال: كان له مع سعد قصة ثم قال: ولا يبالي سعدًا إذا لم يرو عنه مالك.

وقال البرقي: سألت يحيى عن قول بعض الناس في سعدٍ أنه كان يرى القدر وترك مالك الرواية عنه [فقال: لم يكن يرى القدر وإنما ترك مالك الرواية عنه](1) لأنه تكلم في نسب مالك فكان لا يروي عنه. وهو ثبت لا شك [فيه](2).

وقال الباجي: في الجرح والتعديل الظاهر أن أهل المدينة إنما اتفقوا على ترك الأخذ عنه لأنه طعن في نسب مالك طعنًا يستحق به

الترك عندهم، وعندي أنه ليس بالحافظ، وقد أغرب بما لا تحتمله عندي حاله مع قلة حديثه، ولعل ذلك كان من قبل حفظه، وإن

كان البخاري قد أخرج عنه فذكر الحديث المذكور قال: وهو حديث انفرد به [ولم يتابع عليه من طريق صحيح فترك الناس العمل به](3) ولا سيما أهل المدينة ولو كان مما يحتج لتلقى بالعمل به من جميع أهل المدينة أو بعضهم إذ هو من حديثهم ولا أقول إن سعدًا يبلغ عندي مبلغ الترك ولكني أهاب من حديثه مثل ما ذكرته ولا يحتمل عندي الانفراد.

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

زيادة من ن ب.

(3)

زيادة من ن ب د.

ص: 190

قلت: انفراد الثقة بالحديث لا يضر ولا سيما إذا صح من غير طريقه أيضًا، كما تقدم من حديث ابن مسعود، وصح أيضًا من طريق

ابن عباس في مسلم (1).

فرع: محل السجود في هذه السورة عند قوله تعالى: {وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15)} (2)، وعند المالكية حكايته خلاف في أنه هل يكمل الآية التي السجدة فيها أو يسجد قبل أن يكملها وهو غريب.

(1) مسلم (879).

(2)

سورة السجدة آية 15.

فائدة: قال ابن حجر في الفتح (2/ 379)، لم أر في شيء من طرق الحديث التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم سجد لما قرأ سورة تنزيل السجدة في هذا المحل إلَّا في كتاب الشريعة لابن أبي داود من طريق أخرى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، إلى أن قال: وفي إسناده من ينظر في حاله، وللطبراني في الصغير من حديث علي "أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الصبح في تنزيل السجدة" ولكن في إسناده ضعف. اهـ.

فائدة ثانية: قال أحمد: الدعاء للسلطان الواجب الطاعة مشروع بكل حال، وقد نقل عن بعضهم أنه دعا لسلطان ظالم فقيل له: أتدعوا له وهو ظالم؟ فقال: أي والله أدعو له إن ما يدفع الله ببقائه أعظم مما يندفع بزواله لا سيما إذا ضُمن الدعاء بصلاحه وسداده وتوفيقه، والله أعلم.

ص: 191

28 -

باب [صلاة](1) العيدين

هو مشتق من العود و [هو](2) الرجوع لتكرره [بتكرر](3) السنين.

وقيل: لعود السرور بعوده.

وقيل: لكثرة عوائد الله تعالى على عباده في ذلك اليوم.

وقيل: سمي بذلك تفاؤلًا بعوده على من أدركه، كما سميت القافلة حين خروجها تفاؤلًا بقفولها سالمة وهو رجوعها وحقيقتها الراجعة.

وقال ابن العربي (4): سمي عيدًا من وقته لكونه يعود على قوم بالسرور، وعلى قوم بالحزن.

وقال ابن سيده: العيد كل يوم فيه جمع، واشتقاقه من عاد يعود كأنهم عادوا إليه.

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

زيادة من ن ب د.

(3)

في الأصل (لتتكرر)، وما أثبت من ن ب د.

(4)

انظر: عارضة الأحوذي (3/ 2).

ص: 192

وقيل: من العادة لأنهم اعتادوه.

قلت: وهو من ذوات الواو.

وكان أصله عود بكسر العين، فقلبت الواو ياء كالميقات والميزان من الوقت والوزن، وجمعه أعياد.

قال الجوهري: وإنما جمع بالياء وأصله الواو للزومها في الواحد قال: ويقال للفرق بينه وبين أعواد الخشب.

ونفتتح الباب بمقدمات.

الأولى: أول عيد صَلَّاهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عيد الفطر من السنة الثانية من الهجرة.

الثانية: صلاة العيد من الشعائر الإِسلامية المطلوبة شرعًا والنقل بها متواتر يغني [عن](1) خبر الآحاد، وأحاديث الباب من آحاد ما يدل (2) عليها، وقد كان للجاهلية يومان معدان للعب. فأبدل الله تعالى للمسلمين منهما بهذين اليومين اللذين يظهر فيهما تكبير الله تعالى وتحميده [وتمجيده](3) ظهورًا شائعًا يغيظ المشركين وجعلهما شكرًا على ما أنعم [الله](4) به من آداء العبادات التي في يومهما وقبلهما، كإتمام الصوم في عيد الفطر، وما يقع فيه من العبادات القاصرة والمتعدية، وكالعبادات الواقعة في عشر ذي الحجة، وأعظمها إقامة وظيفة الحج.

(1) في ن ب ساقطة.

(2)

عبارة مضطربة في المخطوطة.

(3)

زيادة من ن د.

(4)

في الأصل ساقطة.

ص: 193

الثالثة: اختلف العلماء في صلاة العيد، فذهب الشافعي إلى أنها سنة مؤكدة، وبه قال جماهير أصحابه ومالك وجمهور العلماء.

وقال الأصطخري (1): هي فرض كفاية، وهو مذهب أحمد، وعنه رواية [أخرى كالأولى.

وقال أبو حنيفة: هي واجبة على الأعيان كالجمع وعنه رواية أنها سنة] (2).

وقال بعض أصحابه: إنها فرض كفاية.

وقال الأصمعي: إنها فرض، كذا نقله القرطبي (3) عنه، وأراد أنها فرض كفاية ولعله التبس عليه بالأصطخري.

دليل الجمهور: [حديث](4)"خمس صلوات كتبهن الله على عباده"(5) الحديث.

ويستثنى مما ذكرناه الحاج بمنى فلا يخاطب بالعيد، كما

(1) هو عبد الله بن محمد بن سعيد بن محارب الأنصاري الأصطخري، ولد سنة إحدى وتسعين ومائتين، وتوفي سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. طبقات ابن شيبة (1/ 158)، وطبقات الشيرازي (99)، وتاريخ بغداد (10/ 133).

(2)

في ن ب ساقطة.

(3)

في المفهم (3/ 1483).

(4)

في الأصل ساقطة، وما أثبت من ن ب د.

(5)

البخاري (63) في العلم، باب: ما جاء في العلم، ومسلم (12) في الإِيمان، باب: السؤال عن أركان الإِسلام، والترمذي (619) في الزكاة، وأبو داود (486) في الصلاة، باب: ما جاء في المشرك يدخل المسجد.

ص: 194

ذكرته في "شرح المنهاج" فراجعه منه [إن شئت](1).

وإذا قلنا برأي الأصطخري: فامتنع أهل موضع منها قوتلوا عليها كسائر فروض الكفاية، وإذا قلنا بالأصح، إنها سنَّة فالأصح: أنهم لا يقاتلون كسنَّة الظهر وغيرها من السنن.

وقيل: نعم لأنها شعار ظاهر.

ثم ذكر المصنف رحمه الله في الباب خمسة أحاديث:

(1) في ن ب ساقطة.

ص: 195