المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الرابع 132/ 4/ 24 - " عن عائشة رضي الله - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٤

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌25 - باب الجمع بين الصلاتين بالسفر

- ‌26 - باب قصر الصلاة في السفر

- ‌27 - باب الجمعة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌29 - باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث [الرابع]

- ‌30 - باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌31 - باب صلاة الخوف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كتاب الجنائز

- ‌32 - باب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

الفصل: ‌ ‌الحديث الرابع 132/ 4/ 24 - " عن عائشة رضي الله

‌الحديث الرابع

132/ 4/ 24 - " عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة. فلما انصرف قال: "اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي [جهم](1) وائتوني بأنبجانية أبي [جهم](2) فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي" (3).

"الخميصة" كساء مربع له أعلام.

و"الأنبجانية" كساء غليظ.

الكلام عليه من تسعة عشر وجهًا:

(1) في الأصل (جهيم).

(2)

في الأصل (جهيم).

(3)

البخاري (373، 752، 5817)، ومسلم (556) في المساجد، باب: النظر في الصلاة، وأبو داود (914)، باب: النظر في الصلاة، (4052) في اللباس، باب: لبس الحرير، والنسائي (2/ 72) في القبلة، وابن ماجه (3550)، وأحمد في المسند (6/ 36، 199)، والحميدي (1/ 91)، وعبد الرزاق (1389)، وأبو عوانة (2/ 64)، وابن حبان (2328)، ومالك في الموطأ (67)، وأبو يعلى (4414)، والبغري في السنة (523).

ص: 62

الأول: هذا الحديث لا يظهر له مناسبة في هذا الباب الذي ترجمه المصنف بالذكر عقب الصلاة (1).

الثاني: "أبو جهيم" هذا اسمه عامر.

وقيل: عبيد بن حذيفة القرشي العدوي.

أسلم يوم الفتح وكان مقدمًا في قريش معظمًا. وكان عالمًا بالنسب. ومن المعمرين من قريش، بني الكعبة مرتين، مرةً في الجاهلية حين بنتها قريش، ومرةً حين بناها ابن الزبير. وهو أحد الجماعة الذين دفنوا عثمان، مات في آخر خلافة معاوية وادَّعى بعض الحفاظ أنه لا رواية له (2).

قلت: وهو غير أبي [جُهيم](3) بضم أوله وزيادة ياء المذكور في باب المرور كما سبق.

الثالث: "الخميصة" بفتح الخاء المعجمة كساء مربع له أعلام كما قاله المصنف.

قال المازري: مصبوغ علمه حرير.

(1) أجاب البرماوي -رحمنا الله وإياه- عن هذا بأن الذكر نوعان: لساني وقلبي، فلما بين المؤلف ما ورد باللسان عقب الصلاة ذكر أنه ينبغي أن المصلي يكون له ذكر بالقلب إلى أن تقضي الصلاة بحيت لا يشغله شيء. اهـ، من حاشية الأحكام (3/ 91).

(2)

انظر: الإِصابة (7/ 34).

(3)

زيادة من ن ب د. انظر: شرح مسلم للنووي (5/ 44).

ص: 63

وقال الباجي (1): هي كساء من صوف رقيق يكون له في الأغلب علم، وكانت (2) من أشرف لباس العرب.

ونقل المحب الطبري في "أحكامه": عن الأصمعي أنها ثوب خزٍ أو صوف بعلم أسود. وعن أُبي أنها كساء مربع له علمان. قال: وقيل: لا تسمى خميصة إلَّا أن تكون سوداء معلمة. وجمعها خمائص.

وقيل: هي كساء رقيق أصفر أو أحمر أو أسود.

وسميت [خميصة](3): للينها ورقتها وصغر حجمها إذا طويت.

الرابع: "الأَنبجانية" بفتح الهمزة وكسرها وبفتح الباء الموحدة وكسرها وبتشديد الياء المثناة تحت وتخفيفها.

قال ابن قتيبة: إنما هي منبجاني (4) ولا يقال: أنبجاني منسوب

(1) المنتقى (1/ 180). وانظر: شرح مسلم للنووي (5/ 43)، فإنه ساق هذا.

(2)

في ن ب زيادة (غلب).

(3)

في الأصل (حميصها)، وهو تصحيف.

(4)

في أدب الكاتب أي منبجانية -بالميم- نسبة إلى منبج بلد معروف بالشام، ومن قال بهمزة فقد غير.

أقول: في المفهم (2/ 971) العبارة نقلًا عنه هكذا: "قال ابن قتيبة: إنما هو أنبجاني -ولا يقال أيجاني- نسوب إلى منبج، وفتحت الياء في النسب. اهـ، محل المقصود.

قال البطليوسي في شرحه لأدب الكاتب: قد قيل أنبجاني، وجاه ذلك في بعض الحديث

وليس في مجيئه مخالفًا للفظ منبج يبطل أن يكون منسوبًا أليها، لأن المنسوب يرد خارجًا عن القياس كثيرًا. اهـ.

ص: 64

إلى منبج، وفُتحَت الباء في النسب لأنه خرج مخرج مخبراني. وهو قول الأصمعي: وما قاله ليس بظاهر، فإن النسبة إلى منبج منبجي إلا أن يحمل على تغيير النسب.

وقال بعضهم: [إنها تُعمل بحلب وتجلب إلى جسر منبج](1).

وقيل: إنه نسبة إلى موضع يقال له أنبجان وهو أشبه، لأن الأول فيه تعسف ذكره الحافظ أبو موسى (2).

وقوله: "وائتوني بأنبجانية أبي جهم"، رُوي بتشديد الياء المثناة تحت والتأنيث على الإِضافة وعلى التذكير كما في الرواية الأخرى "كساء له أنبجانية".

قال الباجى (3): ويقال أنبجانية وأنبجاني إن أردت الثوب والكساء ذكَّرت. وان أردت الرقعة أنَّثت.

(1) قال في المشارق (1/ 40): قالوا: وهي أكسية تصنع بحلب فتحمل إلى جسر منبج.

(2)

المجموع المغيث (1/ 94) في غريب الحديث، والذي في المجموع "منبج"، وتعقبه غيره أيضًا: بأن قياس النسبة إليه منبجي بغير همزة والإِتيان بالميم والأصل عدم الإِبدال.

وقال الجوهري: إذا نسبت إلى منبج فتحت البناء فقلت كساء منبجاني أخرجره فخرخ منظراني. اهـ.

وقال غيره. مُنبج موضع أعجمي تكلمت به العرب ونسبوا إليه الثياب المنبجانية.

وانظر: النهاية (1/ 73)، والمعرب (325)، وقصد السبيل (1/ 214).

(3)

المنتقى (1/ 180).

ص: 65

قال المصنف: وهو كساء غليظ.

زاد غيره: لا علم له فإن كان له علم فهو الخميصة.

وقال ثعلب: هو كل ما كتف.

وقال الداودي: هو كساء غليظ بين الكساء والعباءة.

وقال المازري: هو كساء سُدَاهُ قطن أو كتان ولُحْمَتُهُ صوف (1).

الخامس: معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "ألهتني آنفًا عن صلاتي"، أنها شغلت قلبي عن كمال الحضور في الصلاة وتدبر

أذكارها وتلاوتها ومقاصدها من الانقياد والخضوع. نعم في الموطأ (2)"إني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتتني".

(1) قال القاضي في مشارق الأنوار (1/ 40): "ضبطناه بالوجهين في الهمزة بالفتح والكسر، وكذلك رويناها عن شيوخنا في الموطأ، وبكسر الباء وتخفيف الياء آخرًا، وشدها معًا، وبالتاء باثنتين فوقها آخرًا على التأنيث "أنبجاية له" والذي كان في كتاب التميمي عن الجباني الفتح والتخفيف، وبفتح الباء وكسرها معًا ذكرها ثعلب، وضبطناه في مسلم بفتح الهمزة والباء، وفي البخاري رويت بالوجهين في الهمزة، وفي الموطأ عن ابن جعفر، عن ابن سهل، بكسر الهمزة والباء معًا، وكذا عند الطرابلسي، وعند ابن عتاب وابن حميد بفتح الهمزة وتشديد الباء، قال ثعلب: يقال ذلك في كل ما كتف والتف، وقال غيره: إذا كان الكساء ذا علمين فهو الخميصة فإن لم يكن له علم فهو الأنبجانية، وقال الداودي: هو كساء غليظ بين الكساء والعباء، وقال ابن قتيبة

إلخ. انظر: النهاية (1/ 56)، والاستذكار (2/ 257)، وحاشية إحكام الأحكام (3/ 93).

(2)

الموطأ (1/ 97).

ص: 66

قال الباجي (1): ولم تقع الفتنة منه وكانت [صلاته](2) كاملة.

ومعنى قوله: "آنفًا" الساعة.

السادس: بَعْثُهُ عليه الصلاة والسلام بالخميصة إلى أبي جهم وطَلَبُ أنبجانيته من باب الإِدلال عليه لعلمه بأنه [يْؤْثِرُ](3) ذلك ويفرح به، ولا يلزم من بعثها إليه أن أبا جهم يصلِّي فيها. فإن حُلَّةَ عطارد بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمر وقال:"لم أبعث بها إليك لتلبسها"(4). وفي لفظ "لم أَكْسُكَهَا لتلبسها"، على أن بعضهم نقل أن أبا جهم كان أعمى فالإِلهاء مفقود عنده، وبهذا يجاب أيضًا عما

(1) المنتقى (1/ 180)، وأيضًا في شرح الزرقاني (1/ 202). أقول: ويؤيد ذلك رواية البخاري المعلقة (1/ 483) حيث لم يقع شيء من الإِلهاء أو يجمع بينهما: بحمل قوله "ألهتني" على قوله "كادت" فيكون إطلاق الأولى للمبالغة في القرب لا لتحقق وقوع الإِلهاء.

(2)

في ن ب (الصلاة).

(3)

في ن ب (ثور).

(4)

انظر: البخاري (886)، ومسلم (2068)، وأبو داود (4040)، والبغوي (3099)، وأحمد (2/ 20، 146)، وابن ماجه (3591)، والبيهقي (2/ 422)(3/ 375)، والنسائي (8/ 198)، والطيالسي (1937).

وعطارد: هذا هو ابن حاجب بن زرارة بن عديس كان من جملة وفد تميم أصحاب الحجرات، وقد أسلم وحسن إسلامه، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات قومه، وكان أبوه من رؤساء نبي تميم في الجاهلية، وقصته مع كسرى مشهورة في رهنه قوسه عوضًا عن جمع من العرب عند كسرى حتى ضرب المثل بقوس حاجب، وهذه الحلة ثوب ديباج كساه إياه كسرى.

ص: 67

أورده بعضهم من أنها إذا ألهت سيد الخلق مع عصمته فكيف لا تلهي أبا جهم.

السابع: في الحديث دليل على جواز لبس الثوب ذي العلم.

الثامن: فيه أيضًا أن اشتغال المنكر يسيرًا في الصلاة غير قادح فيها وأنها صحيحة. وهذا إجماع الفقهاء. وحكى بعض السلف

والزهاد ما لا يصح عن من يعتد به في الإِجماع.

التاسع: فيه طلب الخشوع في الصلاة، والإِقبال عليها، ونفي كل ما يشغل القلب ويلهي عن ذلك. ولهذا قال أصحابنا: يستحب

له أن ينظر إلى موضع سجوده ولا يتجاوزه.

العاشر: فيه المبادرة إلى ترك كل ما يلهي ويشغل القلب عن الطاعات وإلى الإِعراض عن زينة الدنيا والفتنة بها.

الحادي عشر: فيه منع النظر وجمعه عما لا حاجة بالشخص إليه في الصلاة وغيرها، وقد كان السلف لا يخطئ أحدهم موضع قدمه إذا مشى.

الثاني عشر: فيه ما استنبطه الفقهاء منه وهو كراهة تزويق حيطان المساجد ومحاريبها بالأصباغ والنقوش وزخرفتها بالصنائع المستظرفة. فإن الحكم يعم بعموم علته. والعلة الاشتغال عن الصلاة.

وزاد بعض المالكية: في هذا كراهة غرس الأشجار في المسجد. وقاله من الشافعية الصيمري وصاحب البيان: ونشره أصحاب مالك التزاويق والكتب في القبلة أيضًا ودخول الصبي

ص: 68

الذي لا يعقل الصلاة. وفي الموطأ (1)"أن أبا طلحة صلى في حديقته فنظر إلى نخلها فأعجبه ذلك فلم يدر كم صلى فتصدق بحديقته".

[الثالث عشر](2): فيه قبول الهدية من الأصحاب والإِرسال بها إليهم والطلب لها بمن يظن به السرور به والمسامحة.

الرابع عشر: فيه سد الذرائع قاله القرطبي (3).

الخامس عشر: جاء في الموطأ (4) في هذا الحديث أن الخميصة كانت شامية، فاستدل بذلك على صحة الصلاة فيما نسجه

المشركون.

قال الباجي (5): وذلك يحتمل وجهين:

الأول: أن الصوف والشعر لا ينجس بالموت.

والثاني: أن ذبائح أهل الكتاب حلال لنا وهم كانوا بالشام

(1) قال الإِمام مالك في الموطأ (1/ 98): وحدثني عن عبد الله بن أبي بكر، أن أبا طلحة الأنصاري، كان يصلي في حائطه، فطار دبسيٌ، فطفق يتردد يلتمس مخرجًا، فأعجبه ذلك. فجعل يتبعه بصره ساعة ثم رجع إلى صلاته، فإذا هو لا يدري كم صلى؟ فقال: لقد أصابتي في مالي هذا فتنة. فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له الذي أصابه في حائطه من الفتنة. وقال: يا رسول الله: هو صدقة لله فضعه حيث شئت.

(2)

في ن ب د زيادة (الرابع عشر).

(3)

كلام القرطبي في المفهم (2/ 973): "وفيه التحفظ من كل ما يشغل عن الصلاة النظر إليها". اهـ.

(4)

في الموطأ (1/ 97): خميصةً شاميةً.

(5)

المنتقى (1/ 180).

ص: 69

حينئذ. فيحمل ما ورد من جهنم، على الذكاة لما علم أن ذلك كان عملهم.

السادس عشر: في الموطأ (1) أيضًا أن أبا جهم أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الخميصة. ففيه دليل كما قال الباجي (2) على أن للإِنسان أن يشتري ما أهدى لغيره من المهدي إليه وغيره (3) بخلاف ما تصدق به فإنه يكره أن يشتريه للنهي عنه.

السابع عشر: احتج بعضهم بهذا الحديث على انعقاد البيع بالمعاطاة لانتفاء الصيغة منهما.

الثامن عشر: استدل بعضهم به على هجر كل ما يصد عن الله كهجران أبي لبابة دار قومه التي أصحاب فيها الذنب (4) وارتحاله عليه الصلاة والسلام من الوادي الذي نام فيه عن الصلاة.

واستنبط المحب الطبري في "أحكامه": منه أن النظر بالعين غير مكروه ما لم يكن معه التفات. وترجم عليه ذكر اللمح بالعين.

(1) في الموطأ (1/ 97): أهدى أبو جهم بن حذيفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

(2)

المنتقى (1/ 180).

(3)

في ن ب زيادة (إليه).

(4)

تفسير الطبري (13/ 482)،وفيه: قال أبو لبابة إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت بها الذنب وأن أنخلع من مالي

إلخ.

قال الطيبي -رحمه الله تعالى-: فيه إيذان بأن للصور والأشياء الظاهرة تأثيرأ في القلوب الطاهرة والنفوس الزكية -يعني فضلًا عمن دونها. اهـ، من فتح البارى (1/ 483)، والموطأ (1/ 14).

ص: 70