المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: موضوعه: (طهل هو لجمع الأحاديث الصحيحة أو الضعيفة أو ماذا - الإمام أبو الحسن الدارقطني وآثاره العلمية

[عبد الله الرحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: الدارقطني: حياته، وصفاته ومكانته العلمية

- ‌الفصل الأول: حياة الدارقطني وصفاته، ومكانته العلميه

- ‌اسمه ونسبه

- ‌ مولده ونسبته

- ‌ عائلته

- ‌ مذهبه في الأصول

- ‌ ورعه، وصراحته في الحق

- ‌ ذكاؤه

- ‌‌‌ تواضعهوحِلْيَته

- ‌ تواضعه

- ‌حِلْيَته:

- ‌ عصره

- ‌تمهيد:

- ‌أ- عصره من الناحية السياسية:

- ‌ب- عصره من الناحية الاجتماعية:

- ‌جـ- عصره من الناحية العلمية:

- ‌ طلبه للعلم

- ‌ رحلاته

- ‌‌‌حفظهوإمامته

- ‌حفظه

- ‌ إمامته

-

- ‌ شيوخه

- ‌شيوخ الدارقطني في"سننه"مرتبين على حروف المعجم: الكنى

- ‌شيوخ الدارقطني في"سننه"مرتبين على حروف المعجم: الأبناء

- ‌ترجمة لأربعة من شيوخه: 1 يحي بن محمد بن صاعد

- ‌3- القاضي الحسين بن إسماعيل المَحَامل

- ‌4- يعقوب بن إبراهيم البَزَّاز

-

- ‌ تلاميذه

- ‌تلاميذ الحافظ الدَّارَقُطْنِيّ مرتبين على حروف الهجاء

- ‌ترجمة لأربعة من أشهر تلاميذه:1 أبو بكر أحمد بن محمد البرقاني

- ‌2- أبو عبد الرحمن السُّلَمِيّ

- ‌3- عبد الغني الأزْدِيّ

- ‌ وفاة الدَّارَقُطْنِيّ

- ‌أقوال الأئمة

- ‌اولَا: ثناؤهم عليه

-

- ‌الفصل الثاني: مكانته في الحديث وعلومه

- ‌المبحث الأولحفظه للحديث، وبراعته فيه

- ‌المبحث الثانيرسوخه في معرفة العلل

- ‌المبحث الثالثإمامته في الجرح والتعديل

- ‌أولاً: قبول قوله فيه:

- ‌ثانياً: اعتداله فيه:

- ‌ثالثاً: إمامته فيه:

- ‌المبحث الرابعاستدراكاته على الأئمة

- ‌مقدمة:

- ‌أولاً: الأئمة الذين استدرك عليهم، وأنواع استدراكه:

- ‌ثانياً: مَوَاطِن استدراكاته:

- ‌ثالثاً: ذكر أمثلته من استدراكاته على الإمام النسائي:

- ‌المبحث الخامسفي موقف الدَّارَقُطْنِيّ من الصحيحين

- ‌أولاً: عرض موقفه من الصحيحين:

- ‌ثانياً: بيان الموقف الأول:

- ‌ثالثاً: بيان الموقف الثاني:

-

- ‌الباب الثاني: مصنَفاته والكلام عنها

- ‌الفصل الأول: مؤلفاته الموجودة

-

- ‌المبحث الأولالمطبوع من مصنّفاته: بيانها، والكلام عنها

- ‌الأحاديث التي خولف فيها إمام دار الهجرة مالك بن أنس

- ‌أحاديث الصفات

- ‌أحاديث الموطأ واتفاق الرواة عن مالك، واختلافهم فيه وزياداتهم، ونقصانهم

- ‌أحاديث النزول

- ‌الإخوة والأَخوات

- ‌أربعون حديثاً من مسند بريد بن عبد الله بن أبي بُردة

- ‌أسئلة البَرْقانِيّ

- ‌أسئلة الحاكم للدارقطني عن شيوخه

- ‌أسئلة السُّلَمِيّ للدارقطني

- ‌أسئلة السهمي للدارقطني

- ‌الاستدراكات

- ‌الأسخياء

- ‌الإلزامات

- ‌ تعليقات على المجروحين، لابن حبان:

- ‌ذِكْر أسماء التابعين ومن بعدهم ممن صحت روايته عند البخاري

- ‌ذِكْر أقوام أخرج لهم البخاري ومسلم في صحيحيهما، وضعفهم النسائي في "كتاب الضعفاء"، وسئل عنهم الدَّارَقُطْنِيّ

- ‌الرؤية

- ‌السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الضعفاء والمتروكون من المحدثين

- ‌العلل الواردة في الأحاديث النبوية

- ‌المؤتلف والمختلف في أسماء الرجال

- ‌المستجاد من فعل الأجواد:

- ‌ الجزء الثالث والعشرون من حديث أبي الطاهر محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي القاضي، رحمه الله، ت367ه

- ‌ الغَيلانيات:

- ‌ فوائد ابن الصواف:

- ‌المبحث الثاني: المخطوط من مصنفاته: بيانها، والكلام عنها

- ‌الأحاديث الرباعيات

- ‌كتاب الأربعين

- ‌أسماء الصحابة التي اتفق فيها البخاري ومسلم وما انفرد به كل منهما

- ‌رسالة في ذِكر روايات الصحيحين

- ‌ عشرون حديثاً منتقاة من "كتاب الصفات

- ‌غريب الحديث

- ‌الفوائد المنتقاة الغرائب

- ‌الفوائد المنتقاة الغرائب عن الشيوخ العوالي

- ‌ حديث أبي عمر محمد بن العباس بن حيوية الخزاز:

- ‌ حديث عمر الكناني رواية محمد الآبنوسي:

- ‌ الفوائد المنتخبة الغرائب العوالي:

- ‌الفصل الثاني: مؤلفاته المفقودة

- ‌القسم الأول: المفقود كله

- ‌أحاديث مالك التي ليست في الموطأ

- ‌أحاديث الوضوء من مس الذكر

- ‌أطراف موطأ الإمام مالك

- ‌أطراف مراسيل موطأ الإمام مالك

- ‌ كتاب في "أسماء المدلسين

- ‌أسئلة البَرْقانِيّ للدارقطني

- ‌كتاب الأمالي

- ‌تاريخ الضَّبِّيين

- ‌تسمية من رُوي عنه من أولاد العشرة

- ‌تصحيف المحدثين

- ‌ كتاب "الجهر بالبسملة

- ‌ذِكْر من روى عن الشافعي الحديث

- ‌ذيل على كتاب التاريخ الكبير للبخاري

- ‌كتاب الرَّمْي والنضال

- ‌الرواة عن مالك

- ‌كتاب القراءات

- ‌القضاء باليمين مع الشاهد

- ‌المدبّج

- ‌كتب المساجد

- ‌مسند أبي حنيفة

- ‌المسند

- ‌القسم الثاني: المفقود بعضه:

- ‌كتاب الإخوة والأَخوات

- ‌فضائل الصحابة ومناقبهم، وقول بعضهم في بعض صلوات الله عليهم

- ‌مقدمة كتاب الضعفاء والمتروكين من المحدثين

- ‌الفصل الثالث: المؤلفات المنسوبة له خطاء

- ‌غريب الحديث

- ‌ غريب اللغة:

- ‌ معرفة مذاهب الفقهاء:

-

- ‌الفصل الرابعسرد جميع ما تقدم من مؤلفاته مرتّبةً على حروف المعجم

- ‌الخاتمة:

-

- ‌الباب الثالث:‌‌ دراسة لكتابه: السنن

- ‌ دراسة لكتابه: السنن

- ‌المبحث الاول: تحقيق نسبته للإمام الدارقطني

- ‌رواة السنن عن الإمام الدَّارَقُطْنِيّ:

- ‌المبحث الثاني: وصف كتاب السنن

- ‌نُسَخُ كتاب السنن الخطية والمطبوعة

-

- ‌ اسم الكتاب:

- ‌ تاريخ "تأليف السنن

-

- ‌المبحث الثالث: موضوعه: (طهل هو لجمع الأحاديث الصحيحة أو الضعيفة أو ماذا

- ‌التنبيه على خطأٍ شائعٍ تجاه الكتاب:

-

- ‌المبحث الرابعأهمية كتاب "السنن" للدارقطني، ومكانته بين كتب السنن

- ‌الفرق بين سنن الدَّارَقُطْنِيّ وبين غيره من كتب السنن

- ‌الكلام على المؤلفات حول سنن الدرا قطني

- ‌المبحث الخامسمنهج الإمام الدَّارَقُطْنِيّ في كتاب "السنن

- ‌أولاً: درجة أحاديثه:

- ‌ثانياً: مقاصد الكتاب:

- ‌ثالثاً: تبويب وترتيب كتاب السنن:

- ‌رابعاً: تكراره للأحاديث:

- ‌خامساً: تفرد الإمام الدَّارَقُطْنِيّ بأحاديث في سننه:

- ‌المبحث السادس: مقدار الصحيح والضعيف فيه، ودرجة ماسكت عنه

- ‌خطواتي في بحث الموضوع

- ‌ بيان مجمل بالملاحظات والنتائج التي استنتجتها من الدراسة السابقة حول موضوع الصحيح والحسن في "السنن" وحكم ما سكت عنه:

- ‌ بيان بالأحاديث التي حكم عليها في "السنن" بالصحة أو الحسن أو على سندها:

- ‌ بعض الأبواب الضعيفة في السنن:

- ‌ النتيجة:

- ‌الباب الرابع: أقواله في الجرح والتعديل

- ‌الفصل الأول: اصطلاحاته في الجرح والتعديل

- ‌مقدمة

- ‌المبحث الأول: في اصطلاح الدارقطني في الأ لفاظ الآتيه على الترتيب: اصطلاحه في مجهول

- ‌أ- قال أبو بكر البرقاني

- ‌ب- حكم المجهول عنده:

- ‌د- بماذا ترتفع جهالة الراوي وتثبت عدالته عند الدَّارَقُطْنِيّ:

- ‌ اصطلاحه في صدوق

- ‌اصطلاحه في "لَيِّن

- ‌ اصطلاحه في "كثير الخطأ

- ‌ اصطلاحه في: "ثقة

- ‌ اصطلاحه في: "آية"، أو "آية من آيات الله

-

- ‌المبحث الثانيفي دفع التعارض المفهوم ظاهراً من بعض عبارات الدَّارَقُطْنِيّ

- ‌عبارات أخرى للدارقطني ظاهرها الاختلاف:

-

- ‌الفصل الثانيذكر من تَكلَّم فيه الدَّارَقُطْنِيّ بجرح أو تعديلفي سننه على حروف المعجم

- ‌مقدمة:

- ‌اصطلاحات الفهرس

- ‌فهرس الأعلام المذكورين في "السنن" بجرح أو تعديل

- ‌حرف الهمزة

- ‌حرف الباء الموحدة

- ‌حرف التاء المثناة

- ‌حرف الثاء المثلثة

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء المهملة

- ‌حرف الخاء المعجمة

- ‌حرف الدال المهملة

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف السين المهملة

- ‌حرف الشين المعجمة

- ‌حرف الصاد المهملة

- ‌حرف الضاد المعجمة

- ‌حرف الطاء المهملة

- ‌حرف الظاء المعجمة

- ‌حرف العين المهملة

- ‌حرف الغين المعجمة

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الواو

- ‌حرف الياء المثناة من تحت

- ‌بيان بأسماء الرواة الذين نص الدارقطني في سننه على تركهم

- ‌الفصل الثالثدراسة مقارنة لأقواله في بعض الرواة جرحاً وتعديلاً، لبيان هل هو متشدد في الجرح والتعديل أو ماذا

- ‌ الحسن بن عمارة:

- ‌ إبراهيم بن محمد بن أبي يحي

- ‌ أحمد بن الحسن المُضَريّ:

- ‌ إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة:

- ‌ إسماعيل بن عيّاش:

- ‌ أيوب بن قَطَن:

- ‌ أيوب بن محمد:

- ‌باذان مولى أم هانىء

- ‌بحرية بنت هانىء

- ‌ محمد بن عبد الرحمن بن البَيْلماني:

- ‌ ثابت بن حماد:

- ‌ جرير بن حازم:

- ‌ الجَلْد بن أيوب:

- ‌ خِشْف بن مالك:

- ‌ خِلاس بن عمرو:

- ‌ سليمان بن حرب:

- ‌ شَبابة بن سَوّار:

- ‌ عطاء بن صهيب:

- ‌ محمد بن سعيد:

- ‌ مروان بن محمد الدمشقي:

- ‌ مسلم بن خالد:

- ‌ الهيثم بن جميل:

- ‌ زياد بن أيوب:

- ‌ محمد بن مرزوق البصري:

- ‌ حفص بن غياث:

- ‌نتيجة الدراسة لأقواله في الرجال جرحاً وتعديلاً

- ‌الخاتمة

- ‌مُلْحَقٌ

- ‌الفهارس

الفصل: ‌المبحث الثالث: موضوعه: (طهل هو لجمع الأحاديث الصحيحة أو الضعيفة أو ماذا

‌المبحث الثالث: موضوعه: (طهل هو لجمع الأحاديث الصحيحة أو الضعيفة أو ماذا

؟)

*

المبحث الثالث

موضوعه: "هل هو لجمع الأحاديث الصحيحة

أو الضعيفة أو ماذا؟ "

الذي يتبادر إلى الذهن من تسمية الكتاب بـ"السنن

" أنه يشبه أمثاله من كتب السنن، في جمع المحتج به في منهج مؤلفه من السنن المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمعتبر به، مما يصلح للشواهد والمتابعات، الذي هو الأصل المقصود بهذا النوع من التصنيف.

يقول الحافظ ابن حجر: "

ولأن أصل وضع التصنيف للحديث على الأبواب: أن يقتصر فيه على ما يصلح للاحتجاج أو الاستشهاد، بخلاف من رتب على المسانيد، فإن أصل وضعه: مطلق الجمع""1".

ويقول الكتاني في "الرسالة المستطرفة

" عن "كتب السنن": "وهي في اصطلاحهم: الكتب المرتبة على الأبواب الفقهية: من الإيمان، والطهارة والصلاة، والزكاة، إلى آخرها، وليس فيها شيء من الموقوف، لأن الموقوف لا يسمى في اصطلاحهم سنّة، ويسمى حديثاً""2".

والحق أنه ليس الأمر في سنن الدَّارَقُطْنِيّ على ما وصفوا به كتب السنن، بل إن الذي يستنتج من الكتاب -بعد الدراسة- أن موضوعه يكاد يكون

"1" "تعجيل المنفعة

"، لابن حجر: ص8.

"2" ص: 32.

ص: 256

العكس تماما، لأن الإمام الدَّارَقُطْنِيّ قد خالف هذا الأصل الذي ذكره ابن حجر والكتّاني ومشى عليه جمهور المحدثين من قبل ومن بعد.

أي أن موضوع الكتاب هو: جمع الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمضطربة والمعللة -وإن خرج عن ذلك أحيانا- مرتبة على أبواب الفقة.

فموضوع كتب السنن هو: جمع أحاديث الأحكام مرتبة على أبواب الفقه ليحتج بها الفقهاء، ويستدلوا بها على ما ذهبوا إليه من الأحكام.

في حين أن موضوع سنن الدَّارَقُطْنِيّ جمع أحاديث الأحكام التي استدل بها بعض الفقهاء، وبيان عللها، واختلاف طرقها وألفاظها، وأنها لا تصلح دليلا على ما ذهب إليه من احتج بها من الفقهاء.

فالدَّارَقُطْنِيّ في جمعه هذه الأحاديث في كتابه "السنن

" كأنه قصد الردّ على بعض الفقهاء، وبيان أن استدلالهم بهذه الأحاديث غير سديد.

هذا في الغالب. وإلا فإنه توجد بعض الأبواب يسوقها الدَّارَقُطْنِيّ للاحتجاج بها -كما سيأتي ذكر بعضها- وهذا لا يخرج الكتاب عن وضعه الأصلي -جمع الأحاديث الضعيفة والموضوعة- ما دام أن الأصل هو ذاك"1".

وما خرج عن هذا القصد، من إيراد حديث صحيح أو حسن، أو الحكم على حديث ما بأنه كذلك -إنما جاء تبعا، ولم يأت قصدا، وهو أمر لم تَخْلُ منه مؤلفات العلل في الحديث ونحوها، وقد جاء في الكتاب من هذا النوع من الحديث المحتج به قدر لا بأس به. قد يصل إلى أربعمائة حديث فقط.

"1" كما لا يخرجه عن ذلك سكوته على الأحاديث الضعيفة، لما ذكرت، ولأنه ذكر الأسانيد.

ص: 257

إذ قد يضع المؤلف شرطاً أو منهجاً في التأليف، ولكن يخرج عنه، لطول الكتاب، ولتجدد بعض الدواعي أو العوارض الصارفة أحياناً عن دائرة المنهج المختط.

كأن يكون منهجه إخراج الأحاديث الضعيفة في الفقه على الأبواب، ثم في باب من الأبواب يتجدد عنده بعض الدوافع لإخراج الأحاديث الصحيحة فيه: كما لو أراد الردّ على الأحاديث الضعيفة بذكر الأحاديث الصحيحة. أو كأن يكون منهجه إخراج الأحاديث الضعيفة وبيان ضعفها فَيَجِدّ داعٍ، أو أكثر، لذكر الطرق المتعددة والشواهد للحديث لبيان ما يجبر ذلك الضعف.

وقد قرّر بعض العلماء أن الغرض من تأليف سنن الدَّارَقُطْنِيّ جمع غير المحتج به من الحديث، وممن ذكر ذلك ابن تيمية رحمه الله تعالى، أثناء كلامه على حديث:"من حج ولم يزرني فقد جفاني" وأمثاله، فقال:""فهي أحاديث ضعيفة، بل موضوعة، لم يرو أهل الصحاح والسنن المشهورة والمسانيد منها شيئاً.

وغاية ما يعزى مثل ذلك إلى كتاب الدَّارَقُطْنِيّ، وهو قصد به غرائب السنن، ولهذا يروي فيه من الضعيف، والموضوع، ما لا يرويه غيره، وقد اتفق أهل العلم بالحديث على أن مجرد العزو إليه لا يبيح الاعتماد عليه ومن كتب من أهل العلم بالحديث فيما يروي في ذلك يبين أنه ليس فيها حديث صحيح"""1".

وكذا قرر نحو هذا ابن عبد الهادي رحمه الله في "الصارم المنكي في الردّ على السبكي""2".

"1""الفتاوى الكبرى": 27/166.

"2" ص: 12،37.

ص: 258

وقال الزيلعي رحمه الله تعالى، بعد أن روى حديث فِطْر بن خليفة، عن أبي الضُّحى

في الجهر بالبسملة: ""

وأحمد بن حماد ضعّفه الدَّارَقُطْنِيّ، وسكوت الدَّارَقُطْنِيّ، والخطيب، وغيرهما من الحفاظ عن مثل هذا الحديث بعد روايتهم له قبيح جدا

"""1".

وقال الزيلعي أيضا أثناء كلامه على حديثٍ:

""وهذه الرواية انفرد بها عنه ابن سمعان، وهو كذاب، ولم يخرجها أحد من أصحاب الكتب الستة، ولا في "المصنفات المشهورة، ولا المسانيد المعروفة"، وإنما رواه الدَّارَقُطْنِيّ في "سننه" التي يروي فيها غرائب الحديث، وقال عقيبه: وعبد الله بن زياد بن سمعان متروك الحديث. وذكره في "علله" وأطال فيه الكلام

"""2".

وقال الزيلعي أيضاً رحمه الله في معرض حديثه عن أحاديث الجهر بالبسملة.

""فهذا أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، مع اشتمال كتبهم على الأحاديث السقيمة، والأسانيد الضعيفة، لم يخرجوا منها شيئاً، فلولا أنها عندهم واهية بالكلية لما تركوها، وقد تفرد النسائي منها بحديث أبي هريرة، وهو أقوى ما فيها عندهم، وقد بينّا ضعفه، والجواب عنه من وجوه متعددة وأخرج الحاكم منها: حديث علي، ومعاوية، وقد عرف تساهله.

وباقيها عند الدَّارَقُطْنِيّ في سننه "التي "هي""3" مجمع الأحاديث المعلولة،

"1""نصب الراية": 1/349.

"2""نصب الراية": 1/340.

"3" زيادة من عندي.

ص: 259

ومنبع الأحاديث الغريبة، وقد بيّناها حديثاً حديثاً"""1".

قلت: وقد روى الإمام الدَّارَقُطْنِيّ في "سننه" من أحاديث الجهر بالبسملة واختلاف الروايات فيها نحواً من 34 حديثاً، وسكت على كثير منها، وهو يرى أنه لم يصحّ في الجهر بها حديث، يقول ابن تيمية رحمه الله عن أحاديث الجهر بالبسملة:

""وقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أنه ليس في الجهر بها حديث صريح، ولم يرو أهل السنن المشهورة: كأبي داود، والترمذي، والنسائي شيئاً من ذلك.

وإنما يوجد الجهر بها صريحاً في أحاديث موضوعة، يرويها الثعلبي والماوردي، وأمثالهما، في التفسير، أو في بعض كتب الفقهاء الذين لا يميزون بين الموضوع وغيره، بل يحتجون بمثل حديث الحميراء.

وأعجب من ذلك أن من أفاضل الفقهاء من لم يعز في كتابه حديثاً إلى البخاري إلا حديثاً في البسملة، وذلك الحديث ليس في البخاري، ومَنْ هذا مبلغ علمه في الحديث كيف يكون حالهم في هذا الباب؟.

ويرويها مَنْ جمع هذا الباب: كالدَّارَقُطْنِيّ، والخطيب، وغيرهما فإنهم جمعوا ما روي، وإذا سئلوا عن صحتها قالوا بموجب علمهم.

كما قال الدَّارَقُطْنِيّ لما دخل مصر. وسئل أن يجمع أحاديث الجهر بها فجمعها، فقيل له: هل فيها شيء صحيح؟.

فقال: أما عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا، وأما عن الصحابة فمنه صحيح، ومنه

"1""نصب الراية": 1/356.

ص: 260