الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نتيجة الدراسة لأقواله في الرجال جرحاً وتعديلاً
بعد هذا الاستعراض لأقوال الإمام الدارقطني في جملة من الرواة -جرحاً وتعديلاً- والمقارنة بينها وبين أقوال غيره من أئمة هذا الشأن، ظهر أن رأي الدارقطني في أولئك الرواة لم يخرج، في الجملة، عن آراء الأئمة فيهم -وإن خالفهم قليلا -كما سبق- وأنه ليس بالمتشدد، كما أنه ليس بالمتساهل.
ولم يكن اتفاقه مع الأئمة فيهم -في أكثر الأحيان- بأن يتفق معهم في أصل التوثيق أو التضعيف، مثلاً، بل يتفق معهم، أيضاً، في قوة أو درجة التوثيق أو التضعيف.
كما قد رأيت هذه النتيجة في الرواة جملة سواء من يوافقه في المذهب أو لا، ومن عاصره أو لم يعاصره.
فالحسن بن عمارة مثلا قد ضعّفه وتركه الدارقطني، وكذلك أكثر الأئمة على هذا الرأي فيه، فلم يكن تضعيف الدارقطني له بسبب المذهب كما ادعاه بعضهم، ولو سلّم هذا في الدارقطني رحمه الله تعالى فما الظن ببقية الأئمة الذين ضعفوا الحسن؟. أيكون جميعهم كذلك من أجل الحسن بن عمارة وحده!.
ولم يكن اختياري للرواة، الذين درست أقوال الدارقطني فيهم مقارنة بأقوال غيره من الأئمة، نتيجةَ اعتباراتٍ معينة، بل اخترتهم هكذا من غير حيثيثة للاختيار. فكانت النتيجة هكذا -كما يرى القارئ- من غير تحيز أو تحامل -معاذ الله- ولو ظهر لي شيء في الدارقطني مما يعاب في هذا الباب لذكرته من غير تردد.
ولا غرابة في هذه النتيجة، لأن أئمة الحديث المعتبرين هم على هذا الرأي في الإمام الدارقطني، من حيث قبول قوله في الجرح والتعديل، وأنه ليس بالمتشدد،
ولا بالمتساهل -كما سبقت الإشارة إليه في "إمامته في الجرح والتعديل"-.
وقد درس الشيخ محمد راضي عثمان في رسالته: "المتروكون ومروياتهم في سنن الدارقطني" تسعةً وستين راوياً حكم عليهم الدارقطني في سننه بالترك. فكانت نتيجة دراسته ما ذكره بقوله:
"أولاً: الذين قال عنهم الدارقطني في سننه أنهم متروكون خمسة وستون رجلا: منهم خمسة لم يتضح لي أنهم مستحقون لهذا الوصف، وهم على صنفين:
الصنف الأول: محمد بن عبد الله بن علاثة، صدوق، وحديثه مقبول.
الصنف الثاني: جابر بن يزيد الجعفي، وحكيم بن جبير الأسدي، وعتبة
ابن يقظان، ومحمد بن سالم، هم ضعفاء يمكن أن يتقوى حديثهم بما يعضّده.
ثانياً: الذين قال عنهم الدارقطني: يضع الحديث، وضّاع أو كذاب، أربعة أشخاص هم: بركة بن محمد، وحسين بن عبيد الله، وعبد الله بن عيسى وعمر بن إبراهيم، ولم أجد أحداً خالفه في ذلك.
ثالثاً: يتضح من هذه النتائج أن الدارقطني ناقد منصف، متوسط غير متشدد.
رابعاً: المتابعات والشواهد -وبعد أن بحثت أحاديث هؤلاء قدر إمكاني تبين لي أن معظمها لها أصل في موضوعها"1"، ومن حيث التخريج وجدت أن الدارقطني قد تفرد بإخراج بعضها في حين أن الكثير منها قد شاركه غيره بإخراجها في كتبهم كما ذكرت ذلك عند كل حديث"2".
"1" قلت: لا بأس أن لا يكون لها أصل، لأن المؤلف لم يوردها للاحتجاج أصلاً.
"2" المتروكون، ومروياتهم في سنن الدارقطني: ص492.