الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسقط عن العدالة"1".
بمعنى أن من قال فيه الدَّارَقُطْنِيّ: "ليّن" فهو ضعيف ويعتبر به.
فهو موافق للجمهور بهذا.
"1""أسئلة السهمي": ق1أ.
4
اصطلاحه في "كثير الخطأ
":
اصطلاح الجمهور من المحدّثين أن "كثير الخطأ لا يحتج به". وقد جاء عن الدَّارَقُطْنِيّ في "كثير الخطأ" ما ظاهره مخالفة الجمهور، إذ روى السهمي قوله:
"وسألته عمن يكون كثير الخطأ؟ قال: إن نّبهوه عليه ورجع عنه فلا يسقط، وإن لم يرجع سقط"2".
لكن هذه العبارة ليست على ظاهرها، بل مراد الدَّارَقُطْنِيّ -والله أعلم- أن من أخطأ- بِغضِّ النظر عن كونه الخطأ، أو لا- إذا نُبّه على الخطأ، ورجع فلا يسقط، فإن أصرّ على الخطأ سقط، فلا يحتج به.
أما من يكون كثير الخطأ، سواء أصر عليه أو لم يصر، فإنه لا يحتج به عند المحدّثين، لم أر أحدا خالف في هذا، لأنهم اشترطوا فيمن يُقبل حديثه أن يكون ضابطا، وكثرة الخطأ تنافي الضبط.
وعلى هذا تدل أقوال الدَّارَقُطْنِيّ في الرواة، نحو قوله في القاسم ابن عبد الله العُمَري:
"2""أسئلة السهمي": ق1أ.
"وكان ضعيفاً كثير الخطأ"1".
ونحو قوله في: عبد الله بن محمد بن يحيى:
"وهو كثير الخطأ على هشام، وهو ضعيف الحديث"2".
وقوله في الجرّاح بن وكيع - فيما نقله الحافظ البَرْقانِيّ، بقوله:"سلت أبا الحسن علي بن عمر عن الجرّاح بن وكيع، فقال: "ليس بشيء، هو كثير الوهم".
قلت: يعتبر به؟. قال: لا"3".
وقوله في محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى مضعفاً له:
"وابن أبي ليلى رديء الحفظ كثير الوهم"4".
"وفي سؤالات الحاكم: فخلاّد بن يحيى؟
فقال: ثقة، إنما أخطأ في حديث واحد فرفعه، ووقفه الناس"5".
و"كثير الوهم" أو "الخطأ" عند الإمام الدَّارَقُطْنِيّ يقولها في الراوي الذي يراه ضعيفاً ضعفاً شديداً لدرجة أن الراوي لا يعتبر به -كما سبق من قوله في الجرّاح بن وكيع-.
ويقولها في الراوي الضعيف، الشديد الضعف، لكنه قد يحتج -مع ذلك- أحيانا بالرواية لسبب أو آخر، كأن تحصل متابعة بسند قوي.
"1""سنن الدَّارَقُطْنِيّ": 1/26.
"2""سنن الدَّارَقُطْنِيّ": 3/202.
"3""أسئلة البَرْقانِيّ": ق2ب.
"4""سنن الدَّارَقُطْنِيّ": 2/263.
"5""فتح المغيث"، للسخاوي: 1/167.
ولهذا يقول في "كثير الخطأ" أحيانا: يعتبر به، وضَعَّف أشخاصاً في سننه بكثرة الخطأ في موضع من سننه، ثم اعتبر بهم في موضع آخر عند ما حصل لهم المتابع القوي، ومنهم ابن أبي ليلى.
فهو موافق للجمهور في الجملة في هذا الاصطلاح، والله أعلم.
5-
اصطلاحه في: "لا بأس به":
سئل الدَّارَقُطْنِيّ عن أشخاص فأجاب فيهم بما يفيد أنه يسوّى بين لفظة "لا بأس به" وبين لفظة "ثقة"، من ذلك:
1 -
ما رواه البرقاني بقوله:
"وسألته عن الحسن بن يزيد الأصم صاحب السري. قال: كوفي لا بأس به، ثقة، مستقيم الحديث"1".
2-
وما رواه البَرْقانِيّ أيضاً بقوله:
"قلت: فحميد بن هانيء أبو هانيء؟ قال: مصري لا بأس به.
ثم قال: ثقة"2".
3-
وقوله أيضاً:
"سمعته يقول: عمرو بن مالك الجنبي أبو علي: لا بأس به، ثم قال: ثقة"3".
4-
وما رواه السهمي بقوله:
"1""أسئلة البرقاني": ق3أ.
"2""أسئلة البرقاني": ق3ب.
"3""أسئلة البَرْقانِيّ": ق8ب.
"وسألته عن أبي علي الحسن بن محمد بن سليمان الطوسي.
فقال: ثقة، ليس به بأس"1".
5-
وقوله:
"سألت الدَّارَقُطْنِيّ عن زهير بن صالح بن أحمد بن حنبل.
قال: قد حدّث، وهو ثقة، ما كان به بأس"2".
6-
"محمد بن ماهان، أبو عبد الله السمسار زنبقة: لا بأس به".
وقال في "تاريخ بغداد" 3/293: "وذكره الدَّارَقُطْنِيّ فقال: ثقة".
فمن هذه الأمثلة السابقة يظهر أن الإمام الدَّارَقُطْنِيّ يطلق "لا بأس به" أو "ليس به بأس" بمعنى "ثقة".
ولم أقف على شيء عن الأئمة يدل أن الدَّارَقُطْنِيّ على هذا الاصطلاح أو أنه ليس عليه.
وتتبعت بعض من قال فيهم الدَّارَقُطْنِيّ: "لا بأس به" فقط لمعرفة أقوال غيره فيهم، ومن هؤلاء:
1-
"محمد بن مسلمة بن الوليد أبو عبد الله الواسطي: لا بأس به"3".
2-
"محمد بن عبد الله بن سفيان زرقان: لا بأس به"4".
3-
"محمد بن سعد بن محمد بن الحسن"5" بن عطية بن سعد بن جنادة
"1""أسئلة السهمي": ق11ب.
"2""أسئلة السهمي": ق13أ.
"3""أسئلة الحاكم": ق4 أ، وأشار الخطيب في تاريخه: 3/307 إلى أن بعضهم ضعفه.
"4""أسئلة الحاكم": ق4أ.
"5" في الأصل: "الحسين"، وهو تصحيف.
العوفي: لا بأس به"1".
4-
"محمد بن عبيد بن صبيح الكناني الزيات: لا بأس به"2".
5-
"القاسم بن عباس المعشري: لا بأس به"3".
وغير هذه الأسماء.
وبعد التتبع ظهر أن بعض هؤلاء لا يُذكر فيهم إلا قول الدَّارَقُطْنِيّ، وبعضهم ليّنه الخطيب أو غيره، وبعضهم وثقه الخطيب، وبعضهم لم أجد له ترجمة عند غير الدَّارَقُطْنِيّ.
قلت: فالظاهر -والله أعلم- أن اصطلاح الدَّارَقُطْنِيّ في لفظة "لا بأس به"، مثل اصطلاح يحيى بن معين، إلا إنْ دلّ على غير ذلك صارف يصرفها عنه، كأن يقرنها بما يفيد تضعيفه للراوي.
على أني قد جهدت أن أجد شيئاً من ذلك، أي أن أجد لفظة "لا بأس به" مقرونة بما يدل على تضعيف الراوي، فلم أعثر على شيء من ذلك، رغم أني استعرضت جميع السؤالات: سؤالات الحاكم للدارقطني، وسؤالات السُّلَمِيّ، وسؤالات البَرْقانِيّ، وسؤالات السهمي، لهذا الغرض.
والله أعلم.
"1""أسئلة الحاكم": ق4أ، قال الخطيب:"وكان ليّنا في الحديث". "تاريخ بغداد": 5/323.
"2""أسئلة الحاكم": ق4أ.
"3""أسئلة الحاكم": ق4أ