الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - باب: الرخصة
هكذا هو في بعض النسخ، وفي بعضها:"الرخصة في ذلك"
(1)
، والأول أجود، وليس معناه: الرخصة في الاستقبال والاستدبار مطلقًا، بل مراده: الرخصة في ذلك في البنيان
(2)
، ومعناه الرخصة في بعض ذلك وهو البنيان، وتقديره: باب: بيان ما رُخِّص فيه من ذلك.
12 -
(صحيح) حدثنا [القعنبي] عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عمه واسع بن حَبَّان، عن عبد الله بن عمر قال:"لقد ارتقيتُ على ظهر البيت فرأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين، مستقبل بيت المقدس لحاجته"
(3)
.
(1)
انظر "سنن أبي داود"(1/ 154 - ط عوامة).
(2)
قيد المصنف في "التنقيح"(1/ 295) كلام أبي حامد الغزالي: "أنه يحرم استقبال القبلة واستدبارها إلا إذا كان في بناء" بقوله:
"هذا ليس على إطلاقه، بل قال أصحابنا: إنما يجوز ذلك في البناء إذا كان كنيفًا متخذًا لذلك، أو كان قريبًا من الجدار ونحوه بحيث لا يزيد ما بينهما على نحو ثلاثة أذرع، وأن لا ينقص ارتفاع الساتر عن مؤخرة الرحل، وهي نحو ثلثي ذراع، هذا هو المذهب. وفي وجه ضعيف: يجوز في البناء مطلقًا، حكاه الماوردي والروياني وغيرهما".
قلت: وقد جزم الشارح في "التحقيق"(85) وغيره بما هو المذهب، ولم يذهب إلى هذا الإطلاق، فلا يقال اختاره هنا، فافهم.
(3)
أخرجه البخاري (149)، ومسلم (266).
قوله: "ابن حَبَّان" -في الموضعين- بفتح الحاء وبالموحدة
(1)
.
وحديث ابن عمر في "الصحيحين"، ووقع نظر ابن عمر اتفاقًا لا مقصودًا، ثم ردَّ بصره في الحال
(2)
.
وبيت المقدس: فيه لغتان
(3)
: فتح الميم مع سكون القاف وكسر الدال، وهذا أشهر.
والثانية: ضمّ الميم وفتح القاف والدال المشددة، وهو من التقديس وهو التطهير.
والأرض المقدسة: المطهرة، والبيت المقدس: أي المطهر.
قال الزجاج
(4)
: البيت المقدس: أي المطهّر، وبيت المقدس: أي المكان الذي يطهر فيه من الذنوب
(5)
.
(1)
قال في "شرح صحيح مسلم"(3/ 203): "بفتح الحاء وبالباء الموحدة".
(2)
لم يكن ذلك منه تحسسًا ولا تجسسًا، ولم ير ابن عمر إلا أعاليه صلى الله عليه وسلم فقط، ويؤكده رواية البخاري:"ارتقيت فوق بيت حفصة لبعض حاجتي".
وفي رواية لابن حزم: "رأيته يقضي حاجته محجّر عليه باللبن".
وفي هذا جواز تبسّط أقارب الزوجة في بيت الزوج حالة الاحتشام، وكف البصر عما يستحيي من رؤيته، فإنه الظاهر من ابن عمر رضي الله عنه.
قال المصنف في "شرح صحيح مسلم"(3/ 203): "وأما رؤيته -أي ابن عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فوقعت اتفاقًا بغير قصدٍ لذلك".
(3)
ذكرهما المصنف في "تهذيب الأسماء واللغات"(4/ 109)، وقال عنهما:"لغتان مشهورتان".
(4)
في "معاني القرآن"(2/ 162 - 163) له بنحوه، وصرح المصنف في "تهذيب الأسماء واللغات"(4/ 209) أنه نقله عن الزجاج بواسطة الواحدي، وانظر:"الوسيط" للواحدي في "تفسيره"(أوائل البقرة)(1/ 116، 171، 263).
(5)
انظر: "تهذيب الأسماء واللغات"(4/ 109) للمصنف.
13 -
(حسن) حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: نا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق، يحدث عن أبان بن صالح، عن مجاهد، عن جابر بن عبد الله قال:"نَهَى نبي الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببولٍ، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها"
(1)
.
(1)
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي في "الخلافيات"(349 - بتحقيقي).
وأخرجه الترمذي في "الجامع"(1/ 15)(رقم: 9): ثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا: ثنا وهب به.
وأخرجه ابن ماجه في "السنن"(1/ 117)(رقم: 325)، وابن خزيمة في "الصحيح" (1/ 34) (رقم: 58) قالا: ثنا محمد بن بشار به.
وأخرجه الحازمي في "الاعتبار"(64) من طريق عبد الأعلى بن حماد النرسي ثنا وهب بن جرير به.
وتابع جرير بن حازم: إبراهيم بن سعد.
أخرجه أحمد في "المسند"(3/ 360) وابن الجارود في "المنتقى"(31)، والدارقطني في "السنن"(1/ 58 - 59) -ومن طريقه الحازمي في "الاعتبار"(64) - والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/ 234)، الحاكم في "المستدرك"(1/ 154)، وابن حبان في "الصحيح"(4/ 268 - 269)(1420 - الإحسان)، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (رقم: 82)، والبيهقي في "الكبرى"(1/ 92) كلهم من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثنا أبي عن ابن إسحاق به.
وإسناده قوي، فقد صرَّح ابن إسحاق بالتحديث عند أحمد وابن حبان والدارقطني والحاكم وابن الجارود، ولا التفات لقول ابن مفوز -فيما نقل عنه ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود" (1/ 22) -:"وأمَّا الحديث فإنّه انفرد به محمد بن إسحاق، وليس هو ممن يحتج به في الأحكام، فكيف أن يعارض بحديثه الأحاديث الصحاح، أو ينسخ به السنن الثابتة؟! ".
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"(1/ 104) أن النووي توقّف فيه لعنعنة ابن إسحاق!
قلت: وقد حسَّنه هنا، وفي كتابيه:"شرح صحيح"(3/ 155)، و"المجموع"(2/ 82)، ولعله اطلع على تصريحه بالتحديث -فيما بعد- =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فصرح بحسنه، وإن لم يجزم بذلك كما سيأتي.
وأعلَّه ابن عبد البر وابن حزم بأبان بن صالح، قال الأول في "التمهيد" (1/ 312):"وليس حديث جابر بصحيح عنه، فيعرج عليه؛ لأن أبان بن صالح الذي يرويه ضعيف"!!، وقال الآخر في "المحلى" (1/ 198):"وأما حديث جابر فإنَّه من رواية أبان بن صالح، وليس بالمشهور"!!
قلت: وكلامهما متعقَّب، ورحم الله ابن حجر فإنَّه قال في "التلخيص الحبير" (1/ 104):"وضعَّفه ابن عبد البر بأبان بن صالح، ووهم في ذلك، فإنه ثقة باتفاق، وادَّعى ابن حزم أنه مجهول فغلط".
وأبان وثَّقه أبو حاتم وأبو زُرعة وابن معين ويعقوب بن شيبة وابن حبان، وانظر "الإمام"(2/ 521) لابن دقيق العيد، و"تهذيب الكمال"(2/ 9)، و"البدر المنير"(2/ 308 - 309). وقد ذكر ابن حجر في "التهذيب" تجريح ابن عبد البر وابن حزم له، وردّ عليهما بقوله:"وهذه غفلة منهما، وخطأ تواردا عليه، فلم يُضعِّف أبان هذا أحدٌ قبلهما".
قلت: لم أظفر له بترجمة في كتب الضعفاء البتَّة، ولا عند ابن عدي، ولعلهما ظنَّاهُ (ابن أبي عياش)!!، والكمال لله وحده.
ومنه تعجب من صنيع شمس الحق آبادي في "عون المعبود"(11/ 362) لما قال عن أبان هذا: "متروك"!!، ونقله عنه صاحب "تحفة الأحوذي"(6/ 484) ولم يتعقَّبه!!، فالصحيح أنَّ هذا الحديث صحيح أو حسن على أقل أحواله، وقد صححه البخاري كما حكاه الترمذي في "العلل الكبير"(1/ 14)، ومثله البيهقي في "الخلافيات"(2/ 68 - بتحقيقي)، والزيلعي في "نصب الراية"(2/ 105)، وابن الملقن في "البدر"(2/ 308)، وابن حجر في "التلخيص الحبير"(1/ 104) - وابن السكن، وحسنه البزار -كما في "التلخيص الحبير"(1/ 104) - والنووي كما تقدَّم.
وقال عنه الترمذي: "حديث حسن غريب". وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم"! ووافقه الذهبي!! وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وقال الدارقطني في رواته:"كلهم ثقات".
قلت: إبن إسحاق ليس على شرط مسلم؛ وانظر: "نصب الراية"(2/ 105).
وأما حديث جابر فرواه أيضًا الترمذي، وقال: هو حسن
(1)
.
فإن قيل: ففيه محمد بن إسحاق عن أبان، وابن إسحاق مدلس، والمدلس لا يحتج بعنعنته؟
قلنا: لعلّه اعتضد أو علم أبو داود والترمذي بطريق آخر أن ابن إسحاق سمعه من أبان
(2)
.
ويجوز في أبان الصّرف وتركه، والصرف أصح، ووزنه فعال، ومن لم يصرفه قال: الهمزة زائدة، ووزنه أفعل
(3)
.
(1)
بل قال: "حسن غريب" كما قدمناه عنه في آخر التخريج السابق.
(2)
نقل ابن الملقن في "البدر المنير"(2/ 308) كلام النووي هذا، وعزاه إليه في "كلامه على سنن أبي داود" وقال عقبه:"قلت: زال هذا الإشكال والتمني بأن أحمد في "المسند"، وابن الجارود في "المنتقى"، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك"، والدارقطني، والبيهقي قالوا كلهم في روايتهم لهذا الحديث: عن محمد بن أبو إسحاق حدثني أبان. قال: فارتفعت وصمة التدليس".
وأعله عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى"(1/ 129) بمحمد بن إسحاق نفسه لا بعنعنته! وهذا تعنت، ولذا قال ابن الملقن في "البدر المنير" (2/ 309) -بعد نقله تضعيفه عن جماعة-:
"قلت: فتلخّص من هذا كله أن الحديث صحيح معمول به، وأما قول ابن عبد الحق فيما رده على ابن حزم، إن الحديث غير صحيح؛ لأنه من رواية ابن إسحاق، وليس هو عندنا ممن يحتج بحديثه! فلا يُقبل منه؛ لأن المحذور الذي يخاف من ابن إسحاق زال في هذا الحديث".
قلت: انظر لزامًا ما قدمناه من تخريج، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
(3)
قال المصنف في "شرح صحيح مسلم"(1/ 140): "وأما أبان ففيه وجهان لأهل العربية: الصرف وعدمه، فمن لم يصرفه جعله فعلاً ماضيًا والهمزة زائدة، فيكون أفعل، ومن صرفه جعل الهمزة أصلًا، فيكون فعالاً، وصرفه =
قوله: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها"، هذا ظاهره أن جابرًا يعتقد نسخ النهي، وليس هو منسوخًا، بل النهي محمولٌ على الصحراء، وهذا الفعل كان في البنيان؛ كما صرّح به في حديث ابن عمر
(1)
.
…
= هو الصحيح، وهو الذي اختاره الإمام محمد بن جعفر في كتابه "جامع اللغة" والإمام محمد بن السيد البطليوسي" وقال فيه (2/ 118) عن الصرف:"أفصح".
(1)
تقدم ذلك برقم (11، 12)، وانظر "المجموع"(2/ 82 - 83)، "شرح صحيح مسلم"(3/ 198 - 199).