المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌28 - باب: غسل السواك - الإيجاز في شرح سنن أبي داود - النووي

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقّق

- ‌ صحة نسبة الكتاب للإمام النووي:

- ‌ نقولات العلماء من "شرح النووي على سنن أبي داود

- ‌ إلى أين وصل النووي رحمه الله في "شرح سنن أبي داود

- ‌ نقولات ابن رسلان الرملي في شرحه "سنن أبي داود"، المسمى "صفوة الزبد" عن الإمام النووي:

- ‌ نقولات السيوطي في شرحه على "سنن أبي داود" المسمى "مرقاة الصعود

- ‌ توصيف النسخة الخطية المعتمدة في التحقيق:

- ‌ عملي في التحقيق:

- ‌1 - فصل

- ‌2 - فصل

- ‌3).3 -فَصل

- ‌1 - باب: التخلِّي عند قضاء الحاجة

- ‌2 - باب: الرجل يَتَبَوَّأ لبوله

- ‌3 - باب: ما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌4 - باب: كراهية استقبال القبلة عند الحاجة

- ‌5 - باب: الرخصة

- ‌6 - باب: كيف التكشف عند الحاجة

- ‌7 - باب: كراهة الكلام عند الخلاء

- ‌8 - باب: أَيَرُدُّ السلام وهو يبول

- ‌9 - باب " الرجل يذكر الله سبحانه على غير طهر

- ‌10 - باب: الخاتمُ يكون فيه ذكرُ الله تعالى يُدخَلُ به الخلاءُ

- ‌11 - باب: الاستنزاه من البول

- ‌13 - باب: البول قائما

- ‌13: باب: في الرجل يبول بالليل في الإناء، ثم يضَعُه عنده

- ‌14 - باب: المواضع التي نهي عن البول فيها

- ‌15 - باب: في البول في المستحم

- ‌16 - باب: النهي عن البول في الجُحْر

- ‌17 - باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء

- ‌18 - باب: كراهة مس الذكر باليمين في الاستبراء

- ‌19 - باب: الاستتار في الخلاء

- ‌20 - باب: ما ينهى أن يُستَنجى به

- ‌21 - باب: الاستنجاء بالأحجار

- ‌22 - باب: في الاستبراء

- ‌33 - باب: الاستنجاء بالماء

- ‌24 - باب: يَدْلُك يده بالأرض إذا اسْتَنجى

- ‌25 - باب: السواك

- ‌26 - باب: كيف يستاك

- ‌27 - باب: الرجل يستاك بسواك غيره

- ‌28 - باب: غسل السواك

- ‌29 - باب الفطرة

- ‌30 - باب: فرض الوضوء

- ‌31 - باب: الرجل يُجدِّد الوضوء من غير حَدَثٍ

- ‌32 - باب: ما ينجِّس الماء

- ‌33 - باب: ذكر بئر بُضاعة

- ‌34 - باب: الماء لا يُجنِبُ

- ‌35 - باب: البول في الماء الراكد

- ‌36 - باب الوضوء بسُؤر الكلب

- ‌37 - باب: سؤر الهر

- ‌38 - باب: الوضوء بفضل وضوء المرأة

- ‌39 - باب: في النهي عن ذلك

- ‌40 - باب: الوضوء بماء البَحْر

- ‌41 - باب: الوضوء بالنبيذ

- ‌42 - باب: أيصلّي الرجل وهو حاقن

- ‌43 - باب: ما يُجْزيء من الماء في الوضوء

- ‌44 - باب: إسباغ الوضوء

- ‌45 - باب: الوضوء في أنية الصُّفْر

- ‌46 - باب: التسمية على الوضوء

- ‌47 - باب: الرجل يُدْخِل يده في الإناء قبل أن يغسلها

الفصل: ‌28 - باب: غسل السواك

‌28 - باب: غسل السواك

يعني: استحباب غسله.

51 -

(حسن) حدثنا محمد بن بشار، نا محمد بن عبد الله الأنصاري، نا عنبسة بن سعيد الكوفي الحايسب، نا كثيرٌ، عن عائشة، أنها قالت: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يستاك، فيعطيني السواك لأغسله، فأبدأ به فأستاك، ثم أغسِلُه، وأدفعه إليه

(1)

.

حديث الباب حَسَنٌ أو صحيح، وفي إسناده: كثير عن عائشة، هو: كثير بن عبيد بن العَنْبَس القرشي التيمي الكوفي، مَوْلى أبي بكر الصديق، ورضيع عائشة رضي الله عنهم

(2)

.

(1)

أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 39).

وإسناد رجاله كلهم ثقات سوى كثير بن عبيد رضيع عائشة، وقد روى عنه جمع من الثقات، ووثقه ابن حبان، فإسناده حسن لأجله، والله أعلم.

وجوّد إسناده النووي في "المجموع"(1/ 283)، وفي "خلاصة الأحكام"(1/ 86 - 87) رقم (87).

وقد أخرج البخاري (890، 4450)، ومسلم (2192) من حديث عائشة رضي الله عنه في قصة سواك عبد الرحمن بن أبي بكر، وفيه قالت:"دخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك يستن به، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: أعطني هذا السواك يا عبد الرحمن، فأعطانيه، فقضمته ثم مضغته فأعطيته رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستن به وهو مستند إلى صدري".

(2)

ترجمته في "التاريخ الكبير"(7/ 206) رقم (901)، "الجرح والتعديل"(7/ 155) رقم (862)، "ثقات ابن حبان"(5/ 330)، "تهذيب الكمال"(24/ 143).

ص: 226

وفيه استحباب غسله، والتبرك بآثار الصالحين

(1)

، وجواز الاستعانة

(1)

ذكر الإمام النوويّ هذا في غير ما مناسبة، وفي أكثر من موطن من "شرحه على صحيح مسلم" المسمى "المنهاج"، كما تراه تحت الأحاديث ذات الأرقام (33، 658، 939)، من "صحيح مسلم".

ولا بد هنا من التنبيه على جملة أمور:

الأول: إن هذا التبرُّك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يتعدَّاه إلى غيره من الصحابة، فضلاً عمن دونهم، فإطلاق القول بجوازه في حق الصَّالحين، كما قال النووي هنا، وفي عدة مواطن من "شرحه على صحيح مسلم" -سبق أن أومأنا إليها- غير صحيح، فهذا قيس مع الفارق.

قال الإمام الشاطبي -رحمه الله تعالى- في "الاعتصام"(2/ 287 - بتحقيقي، نشر الدار الأثرية) بعد أن سرد جملة من الأحاديث وقع فيها تبرُّك من الصحابة بأشياء منفصلةٍ عن بدن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:

"إن الصحابة رضي الله عنهم -بعد موته عليه السلام لم يَقَعْ من أحدٍ منهم شيءٌ من ذلك بالنسبة إلى مَن خلفه، إذ لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم بعده في الأمة أفضل من أبي أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فهو كان خليفته، ولم يُفعل به شيءٌ من ذلك، ولا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهو كان أفضل الأمة بعده، ثم كذلك عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب ثم سائر الصحابة الذين لا أحد أفضل منهم في الأمة، ثم لم يثبت لواحد منهم في طريق صحيح معروف أن متبرِّكًا تبرك به على أحد تلك الوجوه أو نحوها، بل اقتصروا فيهم على الاقتداء بالأفعال الأقوال والسِّيَر التي اتَّبعوا فيها النبي صلى الله عليه وسلم، فهو إذن إجماع منهم على تلك الأشياء كلها (أ). وبقي النظر في وجه ترك ما تركوا منه، وهو يحتمل وجهين: =

_________

(أ) نعم، ما قرره صحيح، مع ملاحظة أن لكل مسلم بركةً بقَدرِهِ، وفي "صحيح البخاري"(5444)، و"صحيح مسلم" (2811):"وإن من الشجر لما بركته كبركة المسلم". وتتحصل هذه البركة، وتكون بقدر الاستقامة والاتباع، وليست هي إلا بركة العمل، وليست بركة ذات لشخص معين، وشتَّان بين تحصيل هذه البركة بالعمل، وبين جعلها ذريعة للتبرك بذات صاحبها، حتى تفضي إلى الغلو والشرك والتعلق بالتبرك والتقرب!

ص: 227

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أحدهما: أن يعتقدوا فيه الاختصاص، وأن مرتبة النبوة يسع فيها ذلك كله؛ للقطع بوجود ما التمسوه من البركة والخير؛ لأنه عليه السلام كان نورًا كله في ظاهره وباطنه (أ)، فمن التمس منه نورًا؛ وجده على أي وجهة التمسه، بخلاف غيره من الأمّة؛ فإنه -وإن حصل له من نور الاقتداء به والاهتداء بهديه ما شاء الله- لا يبلغ مَبْلَغَه على حال، ولا يوازيه في مرتبته، ولا يُقاربه، فصار هذا النوعُ مختصًّا به؛ كاختصاصه بنكاح ما زاد على الأربع، وإحلال بُضْعِ الواهبة نَفْسَها له، وعدم وجوب القَسْم على الزوجات، وشبه ذلك.

فعلى هذا المأخذ؛ لا يصحُّ لمن بعده الاقتداء به في التبرك على أحد تلك الوجوه ونحوها، ومن اقتدى به كان اقتداؤه بدعة، كما كان الاقتداء به في الزيادة على أربع نسوة بدعة.

والثاني: أن لا يعتقدوا الاختصاص، ولكنهم تركوا ذلك من باب الذرائع؛ خوفًا من أن يُجعلى ذلك سُنَةً؛ كما تقدَم ذِكْرُه في اتباع الآثار والنهي عن ذلك، أو لأن العامة لا تقتصر في ذلك على حد، بل تتجاوز فيه الحدود، وتبالغ بجهلها في التماس البركة، حتى يداخلها للمتبرِّك به تعظيمٌ يُخرج به عن الحد، فربما اعتقدت في المتبرَّك به ما ليس فيه، وهذا التبرُك هو أصل العبادة، ولأجله قطع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشجرة التي بويع تحتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو كان أصل عبادة الأوثان في الأمم الخالية -حسبما ذكره أهل السير (ب) -، فخاف عمر رضي الله عنه أن يتمادى الحال في الصلاة إلى تلك الشجرة حتى تُعْبَد من دون الله، فكذلك يتَّفق عند التوغل في التعظيم.

ولقد حكى الفَرْغَاني مُذَيِّلُ "تاريخ الطبري" عن الحلاج: أن أصحابه بالغوا في التبرك به (ج)، حتى كانوا يتمسحون ببوله، ويتبخرون بعَذِرَتهِ، حتى ادَعَوْا =

_________

(أ) هذا في هديه وسنته صلى الله عليه وسلم، وأما من اعتقد أنه خلق من نور؛ فباطل، ومستنده واهٍ.

(ب) هذا ثابت في "صحيح البخاري"(كتاب التفسير، باب {وَدًّا وَلَا سُواعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعوقَ}، رقم (4920).

(ج) وهذا شأن الصوفية قديمًا وحديثًا، وما ذكر الفرغاني مشهور من أمر الحلاج، وذكره ابن زنجي في "ذكر مقتل الحلاج"(ص 58 - 60) وغيره.

ص: 228

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فيه الإلهية!! تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا. ولأن الولاية -وإن ظهر لها في الظاهر آثارٌ- فقد يخفى أمرُها؛ لأنها في الحقيقة راجعةٌ إلى أمر باطن لا يعْلمه إلا الله، فربما ادُّعِيَت الولايةُ لمن ليس بوليٍّ، أو ادعاها هو لنفسه، أو أظهر خارقةً من خوارق العادات هي من باب الشعوذة لا من باب الكرامة، أو من باب السيميا أو الخواص أو غير ذلك، والجمهور لا يعرفون الفرق بين الكرامة والسحر (أ)، فَيُعظِّمون مَنْ لَيس بعظيم، ويقتدُون بمن لا قدْوة فيه، وهو الضلال البعيد، إلى غير ذلك من المفاسدة فتركوا العمل بما تقدَّم -وإن كان له أصل-؛ لما يلزم عليه من الفساد في الدين.

وقد يظهر بأول النَّظر أن هذا الوجه الثاني أرجح؛ لما ثبت في الأصول العلمية: أن كل مزيَّة أعْطِيها النبي صلى الله عليه وسلم، فإن لأمته أنموذجًا منها، ما لم يدل دليل على الاختصاص (ب)، كما ثبت أن كل ما عمل به عليه السلام؛ فإن اقتداء الأمة به مشروع؛ ما لم يدل دليل على الاختصاص.

إلا أن الوجه الأول أيضًا راجحٌ من جهة أخرى، وهو إطْبَاقُهم على الترك، إذ لو كان اعتقادُهم التَّشريع؛ لعَمِل بعضُهم بعده، أو عملوا به -ولو في بعض الأحوال-: إمَّا وقوفًا مع أصل المشروعيَّة، وإما بناءً على اعتقاد إنتفاء العلَّة الموجبة للامتناع.

وقد خرَّج ابن وهب في "جامعه" من حديث يونس بن يزيد عن ابن شهاب؛ قال: حدثني رجل من الأنصار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أو تنخَّم؛ ابتدر مَن حوله من المسلمين وَضوءَه ونُخامَتَه، فَشَرِبُوه، ومسحوا به جلودهم، فلما رآهم يصْنَعُون ذلك؛ سألهم:"لم تفعلون هذا؟ ". قالوا: نلتمس الطهور والبركة بذلك. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان منكم يحب أن يحبَّه الله ورسوله؛ فلْيَصْدُق الحديث، ولْيُؤدِّ الأمانةَ، ولا يُؤذَ جاره"(ج). فإنْ صَح =

_________

(أ) انظر هذه الفروق في كتابي "فتح المنان في جمع كلام ابن تيمية عن الجان"(2/ 563 - 564)، نشر الدار الأثرية، الأردن.

(ب) انظر هذه القاعدة مُؤَصَّلة مفصَّلة في "الموافقات"(2/ 408 - 409 - بتحقيقي).

(ج) الحديث صحيح بشواهده، كما بينته في تعليقي على "الاعتصام"(2/ 291 - 292) وانظر "السلسلة الصحيحة"(2998).

ص: 229

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= هذا النقل؛ فهو مشعر بأن الأولى تركُه (أ)، وأن يتحرى ما هو الآكد والأحرى من وظائف التكليف، وما يلزم الإنسان في خاصة نفسه.

ولم يثبت من ذلك كله إلا ما كان من قَبِيل الرُّقية وما يتبعها، أو دعاءِ الرجُل لغيره

" انتهى بحروفه.

قلت: وهذا التبرك محصول فعلُه ومشروعيته بما ثبت عن الصَّحابة رضوان الله عليهم، فإنهم قد تبرَّكوا بأشياء منفصلةٍ عن بدنه، كالشعر، والوضوء، والعرق، والنخامة، مما جاءت به الأحاديث الصحيحة. وهذا النوع من البركة خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لا يشركه فيه غيره، حتى أكابر الصحابة مثل أبي بكر وعمر وغيرهما. وهذا النوع من تعدِّي البركة قد انقطع بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، إلا ما كان من أجزاء ذاته باقيًا بيقين بعد موته عند أحد، فقد استوهب محمَّد بن سيرين من أم سُلَيم ذلك السُّك الذي أخذته من عرق النَّبي صلى الله عليه وسلم، واستوهبه أيوب من ابن سيرين، قال: فاستوهبتُ من محمد من ذلك السُّك فوهب لي منه، فإنه عندي الآن، قال: فلما مات محمد حُنِّطَ بذلك السُّك.

قال: وكان محمد يُعجبه أن يحنَّط الميت بالسك. أخرجه ابن سعد (8/ 428) بإسناد صحيح.

وقد ثبت أن أم سلمة قطعت في السِّقاء الذي شرب منه النبي صلى الله عليه وسلم، وأمسكته عندها =

_________

(أ) قد يقال: إن هذا يدل على الإنكار وكراهة النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الفعل، ويؤيده ما ثبت من مجموع سيرته من كراهة الغلو فيه وإطرائه، وحبه التواضع، ومساواة الناس بنفسه في المعاملات كلها إلا ما خصه الله به، حتى أنه طلب أن يقتص منه مَن لعله آذاه -وهو القائد والمربي الذي جعله الله أولى بالمؤمنين من أنفسهم-، ولم يعرف من الأحوال التي تبركوا فيها بفضل وضوئه وببصاقه إلا يوم الحديبية!! وظهر له يومئذ حكمة؛ فإن مندوب المشركين في صلح الحديبية لما حدثهم بما رأى من ذلك هابوا النبي صلى الله عليه وسلم، وخافوا قتال المسلمين، فلعل المسلمين قصدوا هذا لهذا. علقه رشيد رضا.

قلت: قارنه بما في "فتح الباري"(11/ 71 - 72)، و"التوسل" لشيخنا الألباني (ص 162)، وكتابنا "الردود والتعقبات"(ص 240 - ط الأولى)، ففيه تعقب على قول الشيخ رشيد رضا:"تبرك الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية فحسب".

ص: 230

بغيره في تحصيل آلة الطهارة، وجواز استخدام الزوجة برضاها

(1)

.

= انظر: "جامع الترمذي" رقم (1893)، و"سنن ابن ماجه"(رقم (3422)، و "شمائل الترمذي" رقم (215)، و"الطبقات الكبرى"(8/ 428).

قال النووي في "رياض الصالحين"(339): "وإنما قطعتها لتحفظ موضع فم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتتبرك به، وتصونه عن الابتذال".

وقد انقرض المتيقن من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الزمن، وفي هذا يقول شيخنا الألباني -رحمه الله تعالى- في كتاب "التوسل" (ص 161 - 162):

"هذا؛ ولا بدَّ من الإشارة إلى أننا نؤمن بجواز التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم ولا ننكره خلافًا لما يوهمه صنيع خصومنا، ولكن؛ لهذا التَّبرُّك شروطًا، منها:

الإيمان الشرعي المقبول عند الله، فمن لم يكن مسلمًا؛ صادقَ الإسلام فلن يحقق الله له أيَّ خير؛ بتبركه هذا.

كما يشترط للراغب في التبرك: أن يكون حاصلًا على أثرٍ من آثاره صلى الله عليه وسلم ويستعمله، ونحن نعلم أن آثاره صلى الله عليه وسلم من ثيابٍ أو شعرٍ أو فضلات قد فُقِدَتْ وليس بإمكان أحدٍ إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين، وإذا كان الأمر كذلك؛ فإن التبرك بهذه الآثار يصبح أمرًا غير ذي موضوع في زماننا هذا ويكون أمرًا نظريًّا محضًا، فلا ينبغي إطالة القول فيه".

(1)

قرر المصنف في "شرح صحيح مسلم"(14/ 164) أن خدمة المرأة زوجها بنحو الخبز والطبخ وغسل الثياب وغير ذلك من المعروف والمروءات التي أطبق الناس عليها، قال:"ليس ذلك بواجب".

والمسألة فيها تفصيل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (34/ 90 - 91): "وتنازع العلماء: هل عليها أن تخدمه في مثل فراش المنزل، ومناولة الطعام والشراب، والخبز، والطحن، والطعام لمماليكه، وبهائمه؛ مثل علف دابته ونحو ذلك؟ فمنهم من قال: لا تجب الخدمة. وهذا القول ضعيف، كضعف قول من قال: لا تجب عليه العشرة والوطء؛ فإن هذا ليس معاشرة له بالمعروف؛ بل الصاحب في السفر الذي هو نظير الإنسان وصاحبه في المسكن إن لم يعاونه على مصلحة لم يكن قد عاشره بالمعروف. وقيل -وهو الصواب- وجوب الخدمة؛ فإن الزوج سيدها في كتاب الله؛ وهي عانية عنده بسنة =

ص: 231

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى العاني والعبد الخدمة؛ ولأن ذلك هو المعروف. ثم من هؤلاء من قال: تجب الخدمة اليسيرة. ومنهم من قال: تجب الخدمة بالمعروف، وهذا هو الصواب، فعليها أن تخدمه الخدمة المعروفة من مثلها لمثله، ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال: فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية، وخدمة القروية ليست كخدمة الضعيفة"، وينظر كتابي "المروءة وخوارمها" (24).

ص: 232