المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌11 - باب: الاستنزاه من البول - الإيجاز في شرح سنن أبي داود - النووي

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقّق

- ‌ صحة نسبة الكتاب للإمام النووي:

- ‌ نقولات العلماء من "شرح النووي على سنن أبي داود

- ‌ إلى أين وصل النووي رحمه الله في "شرح سنن أبي داود

- ‌ نقولات ابن رسلان الرملي في شرحه "سنن أبي داود"، المسمى "صفوة الزبد" عن الإمام النووي:

- ‌ نقولات السيوطي في شرحه على "سنن أبي داود" المسمى "مرقاة الصعود

- ‌ توصيف النسخة الخطية المعتمدة في التحقيق:

- ‌ عملي في التحقيق:

- ‌1 - فصل

- ‌2 - فصل

- ‌3).3 -فَصل

- ‌1 - باب: التخلِّي عند قضاء الحاجة

- ‌2 - باب: الرجل يَتَبَوَّأ لبوله

- ‌3 - باب: ما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌4 - باب: كراهية استقبال القبلة عند الحاجة

- ‌5 - باب: الرخصة

- ‌6 - باب: كيف التكشف عند الحاجة

- ‌7 - باب: كراهة الكلام عند الخلاء

- ‌8 - باب: أَيَرُدُّ السلام وهو يبول

- ‌9 - باب " الرجل يذكر الله سبحانه على غير طهر

- ‌10 - باب: الخاتمُ يكون فيه ذكرُ الله تعالى يُدخَلُ به الخلاءُ

- ‌11 - باب: الاستنزاه من البول

- ‌13 - باب: البول قائما

- ‌13: باب: في الرجل يبول بالليل في الإناء، ثم يضَعُه عنده

- ‌14 - باب: المواضع التي نهي عن البول فيها

- ‌15 - باب: في البول في المستحم

- ‌16 - باب: النهي عن البول في الجُحْر

- ‌17 - باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء

- ‌18 - باب: كراهة مس الذكر باليمين في الاستبراء

- ‌19 - باب: الاستتار في الخلاء

- ‌20 - باب: ما ينهى أن يُستَنجى به

- ‌21 - باب: الاستنجاء بالأحجار

- ‌22 - باب: في الاستبراء

- ‌33 - باب: الاستنجاء بالماء

- ‌24 - باب: يَدْلُك يده بالأرض إذا اسْتَنجى

- ‌25 - باب: السواك

- ‌26 - باب: كيف يستاك

- ‌27 - باب: الرجل يستاك بسواك غيره

- ‌28 - باب: غسل السواك

- ‌29 - باب الفطرة

- ‌30 - باب: فرض الوضوء

- ‌31 - باب: الرجل يُجدِّد الوضوء من غير حَدَثٍ

- ‌32 - باب: ما ينجِّس الماء

- ‌33 - باب: ذكر بئر بُضاعة

- ‌34 - باب: الماء لا يُجنِبُ

- ‌35 - باب: البول في الماء الراكد

- ‌36 - باب الوضوء بسُؤر الكلب

- ‌37 - باب: سؤر الهر

- ‌38 - باب: الوضوء بفضل وضوء المرأة

- ‌39 - باب: في النهي عن ذلك

- ‌40 - باب: الوضوء بماء البَحْر

- ‌41 - باب: الوضوء بالنبيذ

- ‌42 - باب: أيصلّي الرجل وهو حاقن

- ‌43 - باب: ما يُجْزيء من الماء في الوضوء

- ‌44 - باب: إسباغ الوضوء

- ‌45 - باب: الوضوء في أنية الصُّفْر

- ‌46 - باب: التسمية على الوضوء

- ‌47 - باب: الرجل يُدْخِل يده في الإناء قبل أن يغسلها

الفصل: ‌11 - باب: الاستنزاه من البول

‌11 - باب: الاستنزاه من البول

20 -

(صحيح) حدثنا زهير بن حرب وهناد بن السَّريِّ، قالا: ثنا وكيع، ثنا الأعمش، قال: سمعت مجاهدًا يحدث عن طاوس، عن ابن عباس قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: " إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير؛ أما هذا فكان لا يستنزه من البول، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة". ثم دعا بعسيبٍ رَطبٍ فشقه باثنين، ثم غرس على هذا واحدًا، وعلى هذا واحدًا، وقال:"لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا". قال هنّاد: "يستتر"، مكان "يستنزه"

(1)

.

21 -

(صحيح) حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهدٍ، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه، قال:"كان لا يستتر من بوله". وقال أبو معاوية: "يستنزه".

حديث ابن عباس في "الصحيحين".

قوله صلى الله عليه وسلم: " إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير"، وجاء في رواية للبخاري

(2)

: "بلى إنه كبير" وتأوّل العلماء قوله صلى الله عليه وسلم: "وما يعذبان في

(1)

أخرجه البخاري (216، 218، 1361)، ومسلم (292).

(2)

في "صحيحه": كتاب الأدب: باب النميمة من الكبائر (رقم 6055)، وفي رواية عند ابن حبان (3/ 106 رقم 824 - مع الإحسان"):"عذابًا شديدًا في ذنب هيِّن".

ص: 142

كبير" تأويلين

(1)

: أحدهما: معناه: ليس كبيرًا في زعمهما

(2)

.

والثاني: ليس كبيرًا تركه عليهما.

قوله صلى الله عليه وسلم: "كان لا يستنزه من البول" أي: لا يتباعد، وفي رواية:"لا يستتر"

(3)

، أي: لا يتمسح منه ويجتنبه ويتصوّن عنه، ويجعل الأحجار ونحوها مما يتمسح به سُتْرةً بينه وبين البول يمنعه من التنجس به، وهو بمعنى:"لا يستنزه"، وفي رواية للبخاري

(4)

: "لا يستبريء"، وهي بمعناهما

(5)

، أي لا تحصل البراءة منه بالاستنجاء وغيره مما يصونه من البول. وفي رواية

(6)

أي: لا ينتُرُ ذكره ليخرج بقية البول، بل

(1)

هما في "شرح صحيح مسلم"(3/ 259) ونقله عنه بطوله العيني في "شرح سنن أبي داود"(1/ 82) ولم يشر إلى ذلك.

(2)

فوقها في الأصل: "بخطه رواية".

(3)

ويحمل الاستتار على حقيقته، أي: عن الأعين، فالعذاب حينئذٍ على كشف العورة، وهذا كثير في الرجال ولا سيما عند التبوّل، فكثير منهم لا يحترزون من ستر ذكورهم، ولا سيما من يبول واقفًا منهم!

(4)

وقع هذا اللفظ في رواية ابن عساكر لـ"صحيح البخاري" انظر "فتح الباري"(1/ 380).

(5)

قال المصنف في "شرح صحيح مسلم"(3/ 258): "وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يستتر من بوله" فروي ثلاث روايات: (يستتر) بتائين مثناتين و (يستنزه) -بالزاي والهاء- و (يستبريء) -بالباء الموحدة والهمزة- وهذه الثالثة في البخاري وغيره، وكلها صحيحة، ومعناها: لا يتجنّبه، ويتحرّز منه، والله أعلم".

(6)

بياض في الأصل، ولعله:(لا يستنتر) من (نتر) الذكر، بالنون والتاء المثناة، وما بعده يدل عليه.

ومعناه: لا يُمرُّ أصابعه من ظاهر ذكره على مجرى البول حتى يخرج ما فيه؛ لأن نَتْر الذكر هو إمرار أصابع اليد من ظاهره على مجرى البول، قاله العيني في "شرح سنن أبي داود"(1/ 83).

ص: 143

يتركها فيخرج بعد ذلك فينجسه وينقض طهارته، وروي بالثاء المثلثة، أي: لا يرميه كله، بل يهمل نفسه، وهما شاذان.

وأما النميمة؛ فهي نقل حديث بعض الناس إلى بعضهم على طريق الإفساد

(1)

.

(1)

قال المصنف في "شرح صحيح مسلم"(2/ 148 - 149): "قال الجوهري (أ) وغيره: يقال نمَّ الحديث ينمّه وينُمّه بكسر النون وضمها أنما، والرجل نمام، ونمَّ". قلت: وأصل (النم) الهمس والحركة، قال الشارح:"قال العلماء: النميمية نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم. قال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله في "الإحياء" (ب): "اعلم أن النميمة إنما تطلق في الأكثر على من ينم قول الغير إلى المقول فيه، كما تقول: فلان يتكلم فيك بكذا. قال: وليست النميمة مخصوصة بهذا، بل حد النميمة كشف ما يكره كشفه، سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه، أو ثالث، وسواء كان الكشف بالكتابة أو بالرمز أو الإيماء، فحقيقة النميمة: إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه، فلو رآه يخفي مالاً لنفسه، فذكره، فهو نميمة. قال: وكل من حملت إليه نميمة، وقيل له: فلان يقول فيك، أو يفعل فيك كذا؛ فعليه ستة أمور: الأول: أن لا يصدقه؛ لأن النمام فاسق. الثاني: أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبِّح له فعله. الثالث: أن يبغضه في الله تعالى؛ فإنه بغيض عند الله تعالى، ويجب بغض من أبغضه الله تعالى. الرابع: أن لا يظن بأخيه الغائب السوء. الخامس: أن لا يحمله ما حكى له على التجسس والبحث عن ذلك. السادس: أن لا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه، فلا يحكي نميمته عنه، فيقول: فلان حكى كذا، فيصير به نمامًا، ويكون آتيًا ما نهى عنه. هذا آخر كلام الغزالي رحمه الله. وكل هذا المذكور في النميمة إذا لم يكن فيها مصلحة شرعية، فإن دعت حاجة إليها فلا منع عنها، وذلك كما إذا أخبره بأن إنسانًا يريد الفتك به، أو بأهله، أو بماله، أو أخبر الإمام أو من =

_________

(أ) في "الصحاح"(5/ 2045).

(ب)(3/ 156).

ص: 144

والعَسيب: الغصن من النخل، جَمْعه عُسُب

(1)

.

وَييبسا: بفتح الأولى وسكون الثانية

(2)

.

وفي هذا الحديث إثبات عذاب القبر، وتحريم النميمة وأنها من الكبائر، والحكم بنجاسة بول ما يؤكل لحمه كغيره من الأبوال، وموضع أن (البول) بالألف واللام عامٌّ يتناول الجميع

(3)

.

وأما غرسه شقَّ العسيب على القبرين، وقوله صلى الله عليه وسلم:"لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا" فمعناه: أنه سأل الله تعالى لهما الرحمة وارتفاع العذاب أو تخفيفه عنهما مُدَّة رطوبتهما، وهذا لبركة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الخطابي

(4)

: "وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنىً ليس في اليابس"، قال:"والعوام في كثير من البلاد تجعل الخوص في قبور موتاهم، كأنهم ذهبوا إلى هذا، وليس لما فعلوه وجهٌ"، هذا كلام

= له ولاية بأن إنسانًا يفعل كذا، ويسعى بما فيه مفسدة، ويجب على صاحب الولاية الكشف عن ذلك وإزالته، فكل هذا وما أشبهه ليس بحرام، وقد يكون بعضه واجبًا، وبعضه مستحبًّا على حسب المواطن، والله أعلم".

(1)

قال المصنف في "شرح صحيح مسلم"(3/ 258): "العسيب: بفتح العين وكسر السين المهملتين، وهو الجريد والغصن من النخل، ويقال له: العثكال"، وقال فيه (17/ 200) عند شرحه لما عند مسلم (2794) عن ابن مسعود:"بينما أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث، وهو متكيء على عسيب" قال النووي: "العسيب: جريدة النخل".

(2)

قال المصنف في "شرح صحيح مسلم"(3/ 258): "و (ييبسا): مفتوح الباء الموحدة قبل السين، ويجوز كسرها، لغتان".

(3)

وفيه: غلظ تحريم النميمة، ووجوب التنزّه عن النجاسات، ووجوب ستر العورة، وجواز ذكر الموتى إذا كان في ذكرهم بالمعاصي مصلحة، وانظر "معالم السنن"(1/ 27).

(4)

"معالم السنن"(1/ 19 - 20)، بتصرف يسير.

ص: 145

الخطابي وغيره من المحققين

(1)

، وقيل: لأنهما تسبِّحان ما دامتا

(1)

قال الشيخ العلامة أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي (1/ 103) عقب هذا:

"وصدق الخطابي، وقد ازداد العامة إصرارًا على هذا العمل الذي لا أصل له، وغلوا فيه، خصوصًا في بلاد مصر، تقليدًا للنصارى، حتى صاروا يضعون الزهور على القبور، ويتهادونها بينهم، فيضعها الناس على قبور أقاربهم ومعارفهم تحية لهم، ومجاملةً للأحياء، وحتى صارت عادة شبيهة بالرسمية في المجاملات الدولية، فتجدُ الكبراء من المسلمين إذا نزلوا بلدةً من بلاد أوروبا ذهبوا إلى قبور عظمائها أو إلى قبر من يسمونه (الجندي المجهول) وضعوا عليها الزهور، وبعضهم يضع الزهور الصناعية التي لا نداوة فيها تقليدًا للإفرنج، واتباعًا لسنن من قبلهم، ولا ينكر ذلك عليهم العلماء أشباه العامة، بل تراهم أنفسهم يضعون ذلك في قبور موتاهم، ولقد علمت أن أكثر الأوقاف التي تسمى أوقافًا خيريةً موقوفٌ ريعها على الخوص والريحان الذي يوضع على القبور، وكل هذه بدعٌ ومنكراتٌ لا أصل لها في الدين، ولا سند لها من الكتاب والسنة، ويجب على أهل العلم أن يُنكروها أن يُبطلوا هذه العادات ما استطاعوا". ونقله شيخنا الألباني في "أحكام الجنائز"(254)، وقال على إثره:

"قلت: ويؤيد كون وضع الجريد على القبر خاصٌّ به، وأن التخفيف لم يكن من أجل نداوةِ شقِّها أمورٌ:

أ- حديثُ جَابرٍ رضي الله عنه الطويل في "صحيح مسلم"(8/ 231 - 236) وفيه قال صلى الله عليه وسلم: "إني مررتُ بقبرين يعذبان، فأحببت بشفاعتي أن يرد عنهما ما دام الغصنان رطبين".

فهنا صريحٌ في أن رفع العذاب إنما هو بسبب شفاعته صلى الله عليه وسلم ودعائه لا بسبب النداوة، وسواءٌ كانت قصة جابر هذه عين قصة ابن عباس المتقدمة كما رجّحه العيني وغيره، أو غيرها كما رجّحه الحافظ في "الفتح"، أما على الاحتمال الأول فظاهرٌ، وأما على الاحتمال الآخر؛ فلأنّ النظر الصحيح يقتضي أن تكون العلّة واحدةً في القصّتين للتشابه الموجود بينهما، ولأنّ كونَ النداوة سببًا لتخفيف العذاب عن الميت مما لا يعرف شرعًا ولا عقلاً، ولو =

ص: 146

رطبتين

(1)

.

22 -

(صحيح موقوف، وصله م وخ، لكن بلفظ: ثوب أحدهم)

حدثنا مسدد، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن بن حسنة، قال: انطلقتُ أنا وعمرو بن العاص إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج ومعه درقةٌ ثم استتر بها، ثم بال، فقلنا: انظروا إليه يبول كما تبول المرأة! فسمع ذلك فقال: "ألم تعلموا ما لقي صاحب بني إسرائيل؟ كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصابه البول منهم، فنهاهم،

= كان الأمرُ كذلك لكان أخفَّ الناس عذابًا إنما هم الكفار الدين يدفنون في مقابر أشبه ما تكون بالجنان لكثرة ما يزرع فيها من النباتات والأشجار التي تظل مخضرةً صيفًا شتاءً! يُضاف إلى ما سبق أن بعض العلماء كالسيوطي، قد ذكروا أن سبب تأثير النداوة في التخفيف كونها تسبح الله تعالى، قالوا: فإذا ذهبت من العود ويبس انقطع تسبيحهُ! فإنّ هذا التعليل مخالفٌ لعموم قوله تبارك وتعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ (44)} [الإسراء: 44].

ب- في حديث ابن عباس نفسه ما يشير إلى أن السر ليس في النداوة، أو بالأحرى ليست هي السبب في تخفيف العذاب، وذلك قوله:"ثم دعا بعسيبٍ فشقه اثنين" يعني طولاً، فإن من المعلوم أن شقه سببٌ لذهاب النداوة من الشق ويبسه بسرعةٍ، فتكون مدةُ التخفيف أقل ممّا لو لم يُشَقّ، فلو كانت هي العلة؛ لأبقاه صلى الله عليه وسلم بدون شقٍّ ولوضع على كلِّ قبرٍ عسيبًا أو نصفه على الأقل، فإذ لم يفعل دلَّ على أن النداوة ليست هي السبب، وتعين أنها علامةٌ على مدة التخفيف الذي أذن الله به استجابةً لشفاعةِ نبيه صلى الله عليه وسلم، كما هو مصرح به في حديث جابرٍ، وبذلك يتفق الحديثان في تعيين السبب، وإن احتمل اختلافهما في الواقعة وتعددها. فتأمل هذا، فإنما هو شيء انقدح في نفسي، ولم أجد من نصّ عليه أو أشار إليه من العلماء، فإن كان صوابًا فمن الله تعالى، وإن كان خطأ فهو مني، واستغفره من كل ما لا يرضيه".

وانظر "شرح صحيح مسلم"(3/ 259 - 260) للمصنف.

(1)

انظر الهامش السابق.

ص: 147

فعُذِّب في قبره"

(1)

.

(صحيح) قال أبو داود: قال منصور، عن أبي وائل، عن أبي موسى في هذا الحديث قال:"جِلْدَ أحدهم"

(2)

.

(منكر) وقال عاصم، عن أبي وائل، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"جَسَدَ أحدهم"

(3)

.

قوله: "عن عبد الرحمن ابن حسنة" هو أخو شرحبيل ابن حسنة وهي أُمهما، واسم أبيهما: عبد الله بن المطاع

(4)

، والدَّرقه بفتح الدال والراء

(1)

أخرجه النسائي (30)، وابن ماجه (346)، وأحمد في "مسنده"(4/ 196)، وابن أبي شيبة (1/ 115)، وأبو يعلى (2/ 232)، رقم (932)، وابن الجارود في "المنتقى"(ص 43)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(4/ 459 - 460) رقم (1922)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(5/ 52)، وابن قانع في "معجم الصحابة"(2/ 172)، والحميدي في "مسنده"(2/ 390)، رقم (882)، وابن حبان في "صحيحه"(7/ 397)، رقم (3127) وأبو نعيم في "معجم الصحابة"(4/ 1814)، رقم (4582)، والحاكم (1/ 184)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 101، 154)، وابن الأثير في "أسد الغابة"(3/ 333) من طريق الأعمش عن زيد بن وهب به، قال الحاكم:"صحيح على شرط الشيخين" ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، وصححه النووي في "خلاصة الأحكام"(1/ 157 - 158) رقم (352).

(2)

وصله البخاري (226) موقوفًا بلفظ: "ثوب أحدهم"، ووصله مسلم (273) موقوفًا بلفظ:"جلد أحدهم".

(3)

هكذا علقه أبو داود عن عاصم بن أبي النجود الكوفي، وقد خالف فيه رواية منصور، في سنده بأن جعله مرفوعًا، وفي متنه بأن قال:"جسد أحدهم"، فتردُّ روايته، وإن كان في نفسه حسن الحديث، ولكن حاله لا تحتمل مخالفة الثقات الأثبات، والله أعلم. وانظر لتأويل "الجلد":"فتح الباري"(2/ 330).

(4)

انظر: "الاستيعاب"(2/ 371)، "الإصابة"(2/ 395، 422)، "معرفة الصحابة"(4/ 1814) لأبي نعيم، "تجريد أسماء الصحابة"(1/ 345)، تعليقي على =

ص: 148

المهملتين هي الجُحفة

(1)

، وهي كالترس، لكنها من جلد لا خشب فيها.

قوله: "فقلنا: انظروا إليه يبول كلما تبول المرأة"! معناه: أنهم كرهوا ذلك، وزعموا أن شهامة الرجال لا تقتضي التستر على ما كانوا عليه في الجاهلية

(2)

.

= "الطبقات" لمسلم بن الحجاج (266)، "تحفة الأبيه فيمن انتسب إلى غير أبيه"(33).

(1)

انظر: "شرح صحيح مسلم"(12/ 243) للمصنّف.

(2)

نقله السيوطي في "زهر الربى"(1/ 27 - 28) بعد أن أورد مقولة الشيخ ولي الدين العراقي: "هل المراد التشبه بها في الستر أو الجلوس أو فيهما؟ محتمل"، قال:"وفهم النووي الأول، فقال في "شرح أبي داود": معناه: أنهم كرهوا ذلك وزعموا أن شهامة الرجال لا تقتضي الستر، على ما كانوا عليه في الجاهلية" قال: "قال الشيخ ولي الدين: ويؤيّد الثاني: رواية البغوي في "معجمه"، فإن لفظها: فقال بعضنا لبعض: يبول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تبول المرأة وهو قاعد". وفي "معجم الطبراني": "يبول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس كما تبول المرأة". قال أحمد بن عبد الرحمن المخزومي: "كان من شأن العرب البول قائمًا، ألا تراه في حديث عبد الرحمن ابن حسنة، يقول: يقعد ويبول" انتهى.

قال أبو عبيدة: الحديث عند البغوي في "معجم الصحابة"(4/ 460) وفيه بدل "وهو قاعد": [فسمعهم]! هكذا بين معقوفتين، وتصرف المحقق كثيرًا فيما لم يحسن قراءته على وجه فيه تغيير وتبديل، وبيّنت ذلك في تعليقي على "الطريقة الواضحة" للبُلقيني، ولا حول ولا قوة إلا بالله! بقي التنبيهُ على أنهما لم يقولا هذا القول بطريق الاستهزاء والاستخفاف؛ لأن الصحابة أبرياء من هذا الأمر، وإنما وقع منهما هذا الكلام من غير قصد، أو وقع بطريق التعجب، أو بطريق الاستفسار عن هذا الفعل، ولذلك أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بذكر صاحب بني إسرائيل، وهو موسى صلى الله عليه وسلم، أفاده العيني في "شرح أبي داود"(1/ 89).

ص: 149