المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌36 - باب الوضوء بسؤر الكلب - الإيجاز في شرح سنن أبي داود - النووي

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقّق

- ‌ صحة نسبة الكتاب للإمام النووي:

- ‌ نقولات العلماء من "شرح النووي على سنن أبي داود

- ‌ إلى أين وصل النووي رحمه الله في "شرح سنن أبي داود

- ‌ نقولات ابن رسلان الرملي في شرحه "سنن أبي داود"، المسمى "صفوة الزبد" عن الإمام النووي:

- ‌ نقولات السيوطي في شرحه على "سنن أبي داود" المسمى "مرقاة الصعود

- ‌ توصيف النسخة الخطية المعتمدة في التحقيق:

- ‌ عملي في التحقيق:

- ‌1 - فصل

- ‌2 - فصل

- ‌3).3 -فَصل

- ‌1 - باب: التخلِّي عند قضاء الحاجة

- ‌2 - باب: الرجل يَتَبَوَّأ لبوله

- ‌3 - باب: ما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌4 - باب: كراهية استقبال القبلة عند الحاجة

- ‌5 - باب: الرخصة

- ‌6 - باب: كيف التكشف عند الحاجة

- ‌7 - باب: كراهة الكلام عند الخلاء

- ‌8 - باب: أَيَرُدُّ السلام وهو يبول

- ‌9 - باب " الرجل يذكر الله سبحانه على غير طهر

- ‌10 - باب: الخاتمُ يكون فيه ذكرُ الله تعالى يُدخَلُ به الخلاءُ

- ‌11 - باب: الاستنزاه من البول

- ‌13 - باب: البول قائما

- ‌13: باب: في الرجل يبول بالليل في الإناء، ثم يضَعُه عنده

- ‌14 - باب: المواضع التي نهي عن البول فيها

- ‌15 - باب: في البول في المستحم

- ‌16 - باب: النهي عن البول في الجُحْر

- ‌17 - باب: ما يقول إذا خرج من الخلاء

- ‌18 - باب: كراهة مس الذكر باليمين في الاستبراء

- ‌19 - باب: الاستتار في الخلاء

- ‌20 - باب: ما ينهى أن يُستَنجى به

- ‌21 - باب: الاستنجاء بالأحجار

- ‌22 - باب: في الاستبراء

- ‌33 - باب: الاستنجاء بالماء

- ‌24 - باب: يَدْلُك يده بالأرض إذا اسْتَنجى

- ‌25 - باب: السواك

- ‌26 - باب: كيف يستاك

- ‌27 - باب: الرجل يستاك بسواك غيره

- ‌28 - باب: غسل السواك

- ‌29 - باب الفطرة

- ‌30 - باب: فرض الوضوء

- ‌31 - باب: الرجل يُجدِّد الوضوء من غير حَدَثٍ

- ‌32 - باب: ما ينجِّس الماء

- ‌33 - باب: ذكر بئر بُضاعة

- ‌34 - باب: الماء لا يُجنِبُ

- ‌35 - باب: البول في الماء الراكد

- ‌36 - باب الوضوء بسُؤر الكلب

- ‌37 - باب: سؤر الهر

- ‌38 - باب: الوضوء بفضل وضوء المرأة

- ‌39 - باب: في النهي عن ذلك

- ‌40 - باب: الوضوء بماء البَحْر

- ‌41 - باب: الوضوء بالنبيذ

- ‌42 - باب: أيصلّي الرجل وهو حاقن

- ‌43 - باب: ما يُجْزيء من الماء في الوضوء

- ‌44 - باب: إسباغ الوضوء

- ‌45 - باب: الوضوء في أنية الصُّفْر

- ‌46 - باب: التسمية على الوضوء

- ‌47 - باب: الرجل يُدْخِل يده في الإناء قبل أن يغسلها

الفصل: ‌36 - باب الوضوء بسؤر الكلب

‌36 - باب الوضوء بسُؤر الكلب

السؤر هنا مهموز، والمراد به: فضل ما شرب منه. قال أهل اللغة: سور البلد غير مهموز، سُمِّي سورًا لارتفاعه، والسؤر الذي هو بقية الطعام والشراب ونحوهما مهموز، وفي سور القرآن لغتان.

إحداهما: المهموزة؛ لأنها بعضٌ منه كبقية الطعام

(1)

، وأفصحهما وأشهرهما: ترك الهمز، وبها جاء القرآن

(2)

تشبيهًا بسور البلد في ارتفاعها.

71 -

(صحيح) حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا زائدة في حديث هشام، عن محمد، عن أبي هريرة، عن النبي علي قال: "طَهُور إِناء

(1)

قال الجوهري في "صحاحه"(2/ 690): "السور: جمع سورة وهي كل منزلة من البناء، ومنه سورة القرآن؛ لأنها منزلة بعد منزلة مقطوعة عن الأخرى، والجمع سُوَر".

وقال أبو الهيثم: "والسورة من سُوَر القرآن عندنا: قطعةٌ من القرآن جعلها من أسأرت سؤرًا: أي أفضلت فضلاً، إلا أنها لما كثُرت في الكلام وفي القرآن ترك فيها الهمز".

وفي "تحرير ألفاظ التنبيه"(65) للمصنف نحو المذكور هنا.

(2)

في قوله تعالى: {بسُورَةٍ مِن مِثلِه وَادعُوا} [البقرة: 23]، وفي قوله:{سُورة تنُبئُهُم} [التوبة: 64]، وفي ثمانية مواطن أخرى تنظر في سورة التوبة، الآيات: 86، 124، 127، ويونس: 38، وهود: 13، والنور: 1، ومحمد: 20 مرتين.

ص: 306

أحدكم إذا ولغ فيه الكلب، أن يغسل سبع مرات، أُولاهنّ بالتراب"

(1)

.

قال أبو داوُد: وكذلك قال أيوب وحبيب بن الشهيد، عن محمد.

72 -

(صحيح موقوف، وصح أيضًا مرفوعًا) حدثنا مُسدد، قال: حدثنا المعتمر -[يعني] ابن سليمان-، (ح)، وحدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا حماد بن زيد، جميعًا عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة بمعناه، ولم يرفعاه، وزاد:"وإذا ولغ الهِرُّ غُسل مرَّة"

(2)

.

(1)

أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 196/ رقم 326) -ومن طريقه مسلم في "الصحيح"(كتاب الطهارة، باب ولوغ الكلب، 1/ 234/ رقم 279 بعد 92)، وأحمد في "المسند"(2/ 314)، وابن حبان في "الصحيح"(2/ 293 - الإحسان)، وابن المنذر في "الأوسط"(1/ 304 - 305)، وأبو عوانة في "المسند"(1/ 208)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 240)، وابن عبد البر في "التمهيد"(18/ 267)، والذهبي في "معجم الشيوخ"(2/ 15 - 16).

(2)

ورد بألفاظ متعددة، ووهم فيه بعض الرواة فرفعه، وأبدأ بسوق المرفوع مع لفظه، فأقول وبالله أستعين:

أخرج ابن المقرئ في "معجمه"(ق 5/ ب)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 19، 21)، و"مشكل الآثار"(3/ 267)، وتمام في "فوائده"(1/ 191، 191 - 192/ رقم 137، 138 - ترتيبه "الروض البسام")، والدارقطني في "السنن"(1/ 64، 67 - 68)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 160)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 247)، وابن حزم في "المحلى"(1/ 117)، وابن الجوزي في "التحقيق"(1/ 45 - 46/ رقم 67) من طريق أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، عن قُرة بن خالد عن ابن سيرين به، ولفظه:"طهور إلاناء إذا ولغ الكلب فيه أن يغسل سبع مرات، الأولى بالتراب، والهرة مرة أو مرتين"، قُرة شك.

قال الدارقطني: "هذا صحيح".

وقال الطحاوي: "وهذا حديث متصل الإسناد".

وقال الحاكم: "صحيح الإسناد على شرط الشيخين"، وقال: "وإنما تفرد به =

ص: 307

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبو عاصم، وهو حجة".

قلت: لم يجوِّده أبو عاصم، وذكر الهرة في الحديث موقوف، وجوَّده علي بن نصر الجهضمي؛ كما عند البيهقي في "الكبرى" (1/ 247) من طريق الحاكم في "المستدرك" (1/ 161). وقال أبو بكر النيسابوري -شيخ الدارقطني-:"كذا رواه أبو عاصم مرفوعًا، وروى غيره عن قرة ولوغ الكلب مرفوعًا، وولوغ الهرة موقوفًا".

ونحوه عند الدارقطني نفسه في "العلل"(8/ 103).

وقد فصل علي بن نصر الجهضمي عن قرة في بيان هذه اللفظة وشفى؛ وهذا البيان، والله المستعان:

أخرج البيهقي في "الخلافيات"(3/ 114) رقم (922) من طريقه عن قرة؛ فذكر الحديث مرفوعًا إلى قوله: "أولاهن التراب"، ثم ذكر أبو هريرة الهر، لا أدري قال مرة أو مرتين، قال نصر بن علي:"وجدته في كتاب أبي في موضع آخر عن قرة عن ابن سيرين عن أبي هريرة في الكلب مسندًا، وفي الهرة موقوفًا".

وقال البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 247): "ورواه محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن بكار بن قتيبة، عن أبي عاصم، والهرة مثل ذلك، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد ثقة؛ إلا أنه أخطأ في إدراج قول أبي هريرة في الهرة في الحديث المرفوع في الكلب، وقد رواه علي بن نصر الجهضمي عن قرة، فبينه بيانًا شافيًا"، وأقره المنذري في "مختصر سنن أبي داود"(1/ 77).

ثم أخرجه من طريق الحاكم، وقال:"ورواه مسلم بن إبراهيم عن قرة موقوفًا في الهرة".

وأخرج البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 247 - 248)، والدارقطني في "السنن"(1/ 68)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 161)، وابن المنذر في "الأوسط"(1/ 300)؛ كلهم، من طريق مسلم بن إبراهيم، ثنا قرة، ثنا محمد بن سيرين، عن أبي هريرة في الهر يلغ في الإناء:"يُغْسَلُ مرةً أو مرتين".

ورواه معتمر بن سليمان، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، =

ص: 308

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= واختلف عليه فيه أيضًا في رفعه ووقفه: رواه الترمذي في "جامعه"(1/ 151 - 152)، والطحاوي في "المشكل"(3/ 267 - 268)، وابن الجوزي في "التحقيق"(1/ 45/ رقم 66) عن سوار بن عبد الله، ثنا المعتمر، به مرفوعًا.

وقال الترمذي عقبه: "حديث حسن صحيح، وقد رُوي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر فيه الهرَّة".

ورواية أبي داود المذكورة من طريق مسدد، عن المعتمر بن سليمان، به؛ فلم يرفعه، وأخرجها من طريقه البيهقي في "المعرفة"(2/ 60) رقم (2745).

ومسدد أوثق من سوار، وروايته الموقوفة معتضدة برواية الثقات الآخرين مثل: معمر؛ كما عند عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 99/ رقم 344)، ومن طريقه الدارقطني في "السنن"(1/ 67)، وحماد بن زيد -وهي الطريق الأخرى لأبي داود- وأخرجها الدارقطني في "السنن"(1/ 46)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 248)، وفي "المعرفة"(2/ 60 رقم 1745)، وفي "الخلافيات"(905، 906)، فروياه عن أيوب موقوفًا.

وكذلك وقع في رواية أبي عبيد في "الطهور"(رقم 204 - بتحقيقي)؛ فرواه من طريق إسماعيل بن إبراهيم -وهو ابن عُلَيَّة- عن أيوب، ولم يرفعه أيضًا، وذكره بتمامه موقوفًا.

والحاصل: أنه اختلف على رواة هذا الحديث في رفع ذكر الهرة ووقفه، والصحيح الدي رواه الأكثرون: الوقف في ذكر الهرة، والرفع في ذكر الكلب.

قال المصنف في "المجموع"(1/ 175): "قوله "من ولوغ الهرة مرة"، ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو مدرج في الحديث من كلام أبي هريرة موقوفًا عليه، كذا قاله الحفاظ".

ومن ثم تعقَّب كلام الطحاوي في "مشكل الآثار"(3/ 268)؛ فانظره غير مأمور.

ولخص البيهقي في "المعرفة"(2/ 70) ما تقدم؛ فقال: "وأما حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة: "إذا ولغ الهرة غسل مرة"؛ فقد أدرجه بعض الرواة في حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ولوغ الكلب ووهموا فيه. =

ص: 309

73 -

(صحيح لكن قولُه (السابعة) شاذ والأرجح: "الأولى بالتراب") حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبان [العطَّار]، قال: حدثنا قتادة، أن محمد بن سيرين حدثه، عن أبي هريرة، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، السابعة بالتراب"

(1)

.

= الصحيح أنه في ولوغ الكلب (مرفوع).

وفي ولوغ الهرة (موقوف).

ميزه علي بن نصر الجهضمي عن قُرَّة بن خالد عن ابن سيرين عن أبي هريرة، ووافقه عليه جماعة من الثقات.

وروي عن أبي صالح عن أبي هريرة: "يغسل الإناء من الهر كما يغسل من الكلب"، وليس بمحفوظ. وعن عطاء عن أبي هريرة، وهو خطأ من ليث بن أبي سُليم، إنما رواه ابن جريج وغيره، عن عطاء من قوله".

وانظر: "نصب الراية"(1/ 131 - 132)، و"الهداية في تخريج أحاديث البداية"(1/ 282 - 285)، و"التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد"(1/ 326)، و"مختصر سنن أبي داود"(1/ 77)، و"تنقيح التحقيق"(1/ 273 - 274)، و"البدر المنير"(2/ 364).

(1)

الحديث صحيح -كما مرَّ- لكن هذه الزيادة: "السابعة بالتراب" شاذة:

ووقع عن قتادة فيها اختلاف كثير، لخصه الدارقطني في "العلل" (8/ 100 - 101) بقوله: "وقال أبان العطار والحكم بن عبد الملك: عن قتادة، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وخالفهما ابن أبي عروبة، رواه عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة، قال ذلك خالد بن يحيى الهلالي عنه، وأتبعه عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي هريرة، ورفعه عنهما.

وقد روي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، قاله سعيد بن بشير عن قتادة ووهم فيه، إنما رواه قتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة، وهو الصحيح" انتهى كلامه. =

ص: 310

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلت: وهذا تفصيل ما ذكره الدارقطني رحمه الله تعالى:

أخرجه من طريق أبان بن يزيد العطار عن قتادة على الجادة؛ جماعة غير أبي داود، مثل: البزار في "مسنده"(2/ ق 271/ ب)، والدارقطني في "السنن"(1/ 64)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 241).

قال الدارقطني: "صحيح".

وأخرجه من طريق الحكم بن عبد الملك -وهو ضعيف- الدارقطني في "السنن"(1/ 64)، والبزار في "المسند"(2/ ق 271/ ب)، وابن عدي في "الكامل"(2/ 630 - 631).

قال ابن عدي: "لا أعلم يرويه عن قتادة غير الحكم".

قلت: لم ينفرد به الحكم؛ فقد تابعه أبان العطار كما مضى، وخليد بن دعلج -وفات الدارقطني ذكره- عند البزار في "المسند"(2/ ق 271/ ب).

أما رواية سعيد بن بشير -وهو ضعيف في قتادة خاصَّة -؛ فأخرجه البزار في "المسند"(2 ق 271/ أ) عن محمد بن بكار عن سعيد بن بشير بإسناده نحوه؛ إلا أنه قال: "الأولى بالتراب، هذا صحيح"، قاله الدارقطني.

أما رواية سعيد بن أبي عَروبة؛ ففيها عنه اختلاف.

أخرجه النسائي في "المجتبى"(1/ 177 - 178) من طريق عَبْدَة بن سُليمان، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 21) من طريق عبد الوهاب بن عطاء، والبزار في "المسند"(2/ ق 271/ ب) من طريق عبد الأعلى؛ ثلاثتهم، عن ابن أبي عَرُوبة، عن قتادة، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة.

ولفظ عبدة: "أولاهن بالتراب"، ولفظ عبد الوهاب:"أولاها أو السابعة بالتراب"، ولفظ عبد الأعلى:"آخره بالتراب".

وخالف عبدة: خالد بن يحيى الهلالي؛ فرواه عن ابن أبي عَرُوبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة عند الدارقطني (1/ 64).

ورواية عَبْدَة ومن معه أصحُّ من رواية خالد بن يحيى؛ لثلاثة أسباب:

الأول: عبدة من أوثق الناس في ابن أبي عَرُوبة.

الثاني: خالد بن يحيى له أفراد وغرائب؛ كما في "الكامل"(3/ 882)، =

ص: 311

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= و"اللسان"(2/ 389)، وهذا منها؛ إذا جعل شيخ قتادة (الحسن) بدل (ابن سيرين).

الثالث: المتابعات السابقة تشهد لما قدمناه، ويؤكد ذلك أن خالدًا كان مضطربًا في هذا الحديث؛ فكان يقول أيضًا: عن يونس بن عبيد، عن الحسن، وسبقت الإشارة إلى ذلك.

والظاهر أن الحديث محفوظ عن قتادة من وجه آخر؛ فقد أخرجه النسائي في "المجتبى"(1/ 177)، والدارقطني في "السنن"(1/ 65)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 241)، من طريق معاذ، عن أبيه هشام الدستوائي، عن قتادة، عن خلاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، رفعه، ولفظه:"أولاهن بالتراب".

وهثام ثبت في قتادة، ومع هذا قال البيهقي عقبه؛ "هذا حديث غريب إن كان حفظه معاذ؛ فهو حسن لأن التراب في هذا الحديث لم يروه ثقة غير ابن سيرين عن أبي هريرة، وإنما رواه غير هشام عن ابن سيرين".

قلت: روى غير واحد عن معاذ، عن أبيه، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب؛ قوله:"إذا ولغ السنور في الإناء؛ فاغسلوه مرتين أو ثلاثاً" عند ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 32 - 33)، وعبد الرزاق في "المصنف"(1/ 99 رقم 345)، وأبي عبيد في "الطهور"(رقم 219 - بتحقيقي)، والطحاوي في "شرح معانى الآثار"(1/ 200)، والدارقطني في "السنن" (1/ 67). وقال الدارقطني في "العلل" -كما سبق-:"وإنما رواه قتادة، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، وهو الصحيح".

قلت: ورواه عن ابن سيرين جماعة غير قتادة، منهم:

"هشام بن حسان: أخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم 279 بعد 91)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (1/ 173 و 14/ 203 - 204)، وأبو عبيد في "الطهور" (رقم 202 - بتحقيقي)، وعبد الرزاق في "المصنف" (1/ 96/ رقم 330)، وأحمد في "المسند" (2/ 265، 427، 518)، والبزار في "المسند" (2/ ق 275/ ب)، وابن خزيمة في "صحيحه" (1/ 50 - 51/ رقم 95)، وابن حبان في "صحيحه" (2/ 293 - 294/ رقم 1294 - مع "الإحسان")، =

ص: 312

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وابن حزم في "المحلى"(1/ 110)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 240)، والجورقاني في "الأباطيل"(356)، وابن الجوزي في "التحقيق"(1/ 38/ رقم 54) من طريق هشام بن حسان عن ابن سيرين به.

ورواه عن هشام بن حسان هكذا بلفظ: "ولغ"، مع الرفع جماعةٌ، هم: زائدة بن قدامة، وعبد الرزاق، وعبد الله بن أبو بكر السهمي، ويزيد بن هارون، وابن عُلَيةَ، وعبد الأعلى الصنعاني.

وخالفهم اثنان:

أحدهما: محمد بن مروان؛ فرواه عن هشام بن حسان به بلفظ: "إذا شرب الكلب".

أخرجه ابن خزيمة في؛ صحيحه (رقم 97) ثنا جميل بن الحسن، نا أبو همام -يعني: محمد بن مروان-، به.

وجميل بن الحسن ذكره ابن حبان في "الثقات"(8/ 164)، وقال:"يُغرب"، واتهمه عبدان الأهوازي بقوله:"كان كذابًا، فاسقًا، فاجرًا".

قال ابن عدي في "الكامل"(2/ 594): "لم أسمع أحدًا يتكلم فيه غير عبدان، وهو كثير الرواية".

ثم قال: "وعنده عن أبي همام الأهوازي غرائب، وعن غيره".

وقال: "لا أعلم له حديثًا منكرًا، وأرجو أنه لا بأس به؛ إلا عبدان؛ فإنه نسبه إلى الفسق، وأما في باب الرواية؛ فإنه صالح". ومحمد بن مروان هو العقيلي، فيه لين.

فهذا اللفظ غير محفوظ من رواية هشام وإنْ تابعه عبد الرزاق في رواية ابن المنذر في "الأوسط"(1/ رقم 228)، قال: حدثنا أبو إسحاق -هو الدَّبري-، عن عبد الرزاق، به.

ويعكر عليه أن أبو إسحاق رواه عن عبد الرزاق -كما في "المصنف"- بلفظ: "إذا ولغ .. "، وكذلك رواه عنه أبو عوانة عن الدبري، وكذلك رواه أحمد عن عبد الرزاق.

والآخر: سعيد بن عامر الضُّبعي؛ فرواه عن هشام بن حسان به، إلا أنه أوقفه على أبي هريرة. =

ص: 313

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أخرجه من طريقه الطحاوي في "المشكل"(3/ 268): حدثنا بكار، ثنا سعيد بن عامر، به.

و"سعيد بن عامر" كان في حديثه بعضُ الغلط كما قال أبو حاتم؛ فلا التفات إلى مخالفته، مع وقوع خلاف عليه فيه؛ فأخرجه البيهقي في "السنن الصغرى"(176)، من طريق عبد الله بن محمد، عنه، به، ولكنه رفعه.

* أيوب:

أخرجه الترمذي في "الجامع"(أبواب الطهارة، باب ما جاء في سؤر الكلب، 1/ 151/ رقم 91) -ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق"(1/ 45/ رقم 66) -: حدثنا سوار بن عبد الله العنبري، حدثنا معتمر بن سليمان: سمعتُ أيوب به، مرفوعًا.

وفيه بعد لفظة: "أولاهن أو أُخراهن بالتراب": "وإذا ولغت فيه الهرة غسل مرة".

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، وقد رُوي من غير وجهِ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر فيه الهرة".

وأعله ابن الجوزي بقوله: "فيه سوار، قال سفيان الثوري: ليس بشيء"! وهذا عجب منه؛ فإن سوّار هذا -شيخ الترمذي- ولد بعد موت سفيان بنحو عشرين سنة، وكلام سفيان في جدّ سوار هذا، واسمه: سوار بن عبد الله بن قدامة.

وتعقب ابنَ الجوزي غيرُ واحدٍ من المحققين، مثل: ابن دقيق العيد في "الإمام" -فيما نقل عنه الزيلعي في "نصب الراية"(1/ 135) -، ومحمد بن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق"(1/ 273).

ولفظة: "وإذا ولغت فيه الهرة" من كلام أبي هريرة وليس من المرفوع؛ كما سبق بيانه قريبًا عند تخريجنا لحديث رقم (72).

وأخرجه الشافعي في "المسند"(ص 8)، وفي "الأم"(1/ 19)، والحميدي في "المسند"(2/ 428/ رقم 968)، وأبو عوانة في "المسند"(1/ 208) والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 241)، و"المعرفة"(2/ 58/ رقم 1735)، وأبو نعيم في "الحلية"(9/ 158)، والبغوي في "شرح السنة"(2/ 73 - 74)؛ جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عن أيوب، به. =

ص: 314

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وفيه الشك، ولفظه:"أولاهن أو آخرهن بالتراب"، ووقع عند الحميدي:"أو إحداهن".

وأخرجه الطحاوي في "المشكل"(3/ 267 - 268) من طريق سوَّار بن عبد الله، به مرفوعًا، بلفظ:"أولاهن بالتراب" من غير شك.

ورواه المقدمي عن المعتمر كذلك عند الطحاوي أيضًا في "شرح معاني الآثار"(1/ 21) بالزيادة التي فيها ذكر الهرة.

فلفظة: "أولاهن" هي الراجحة.

ورواه هكذا عن أيوب:

* معمر بن راشد، عند عبد الرزاق في "المصنف"(1/ 96 رقم 331)،

وأحمد في "المسند"(2/ 265)، وأبي عوانة في "المسند"(1/ 208)، والبزار في "المسند"(2/ ق 265/ أ).

* وسعيد بن أبي عروبة، عند أحمد في "المسند"(2/ 489)، والبزار في "المسند"(2/ ق 265/ أ- ب).

وأخرجه أبو عبيد في "الطهور"(رقم 204 - بتحقيقي): نا إسماعيل بن إبراهيم -هو ابن عُلَيَّة- عن أيوب، به، ولفظه:"عن أبي هريرة: إذا ولغ الكلب في الإناء غسل سبع مرات، أولهنّ أو آخرهن بالتراب، والهرة مرة". ولم يرفعه أيوب.

قال أبو عبيد عقبه: "والثابت عندنا أنه مرفوع، ولكن أيوب كان ربما أمسك عن الرفع".

قلت: ورواية أيوب الموقوفة هي السابقة.

ولا يضر هذا الاختلاف؛ فكان أيوب يمسك عن الرفع أحيانًا، والصواب أن ذكر الهرة موقوف وذكر الكلب مرفوع، وقدمنا ذلك موضّحًا في الحديث الذي قبله، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

* يونس بن عُبيد، عند الطبراني في "الأوسط"(2/ رقم 1348)، وابن أبي شريح في "جزء بيبى"(رقم 15) -ومن طريقه الذهبي في "تذكرة الحفاظ"(2/ 777) -، والبزار في "المسند"(2/ ق 268/ ب)، والدارقطني في "الأفراد" (ق 304/ أ)؛ من طريقين: عن محمد بن بشار، حدثنا إبراهيم بن =

ص: 315

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= صدقة، عن يونس بن عبيد، به، ولفظه:"أولاهن".

وعند البزار: "أولاهن أو أخراهن" وقال:

"وهذا الحديث رواه بُندار -هو محمد بن بشار- هكذا، ورواه غيره عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة، وعن هشام عن محمد عن أبي هريرة، ولا نعلم رواه عن يونس إلا إبراهيم بن صدقة".

وقال: "لم يرو هذا الحديث عن يونس إلا إبراهيم، تفرد به بُندار".

وإبراهيم محله الصدق؛ فالسند جيد.

وما أشار إليه البزار هذا تفصيله:

أخرجه الدارقطني في "السنن"(1/ 64)، وفي "حديث أبي الطاهر الذّهلي"(رقم 98) من طريق خالد بن يحيى الهلالي، عن يونس، عن الحسن، عن أبي هريرة، مرفوعًا به.

ورواه خالد بن يحيى على وجه آخر؛ وله أفراد وغرائب.

انظر: "الكامل"(3/ 882)، و"اللسان"(2/ 389)، وما تقدم (ص 111).

* الأوزاعي، عند تمام في "فوائده"(رقم 136 - مع "الروض")، والدارقطني في "السنن"(1/ 64)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 240)، وفي "السنن الصغرى"(175) من طريق بشر بن بكار، عن الأوزاعي، به، وبلفظ:"أولاهن بالتراب".

* قال الدارقطني عقبه: "الأوزاعي دخل على ابن سيرين في مرضه، ولم يسمع منه".

وقال ابن حبان في "ثقاته"(7/ 63): "هذا روى عن ابن سيرين نسخة رواها عنه بشر بن بكر التنيسي، ولم يسمع الأوزاعي من ابن سيرين شيئاً".

وانظر: "المعرفة والتاريخ"(2/ 54)، و"معرفة النسخ والصُّحف الحديثية"(ص 232 - 233).

* عبد الله بن عون، عند ابن عدي في "الكامل"(2/ 799)، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ"(رقم 140)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(11/ 109) من طريق حفص بن واقد، ثنا ابن عون، به، ولفظه:"طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات أولاهن بالتراب، والهرة مرة". قال ابن عدي: "وهذا الحديث أنكرُ ما رأيتُ لحفص بن واقد". =

ص: 316

قال أبو داود: أما أبو صالح، وأبو رَزين، والأعرج، وثابت الأحنف، وهمام بن مُنَبِّه، وأبو السدي عبد الرحمن: رووه عن أبي هريرة، ولم يذكروا التراب.

74 -

(صحيح) حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثنا يحيى ابن سعيد، عن شعبة، قال: حدثنا أبو التَّيَّاح عن مُطرِّف، عن ابن مُغفَّل: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب ثم قال: "ما لهم ولها".

فرخَّصَ في كلب الصيد، وفي كلب الغنم، وقال:"إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرارٍ، والثامنة عَفِّروه بالتراب"

(1)

.

قال أبو داود: وهكذا قال ابن مُغفَّلٍ.

= وقال: "وحديث ابن عون لا يرويه عنه غير حفص بن واقد".

قلت: ولفظ: "والهرة مرة" مدرج من كلام أبي هريرة؛ كما تقدم بيانه مفصَّلًا.

* سالم الخياط، عند الطبراني في "الأوسط"(1/ رقم 950) من طريق عمرو -هو ابن أبي سلمة التنيسي، هو صدوق، وقعت له أوهام، ولا سيما في شيخه في هذا الحديث-: ثنا زهير بن محمد، عن سالم، به، ولفظه:"أولها بالتراب".

* عمران بن محمد الخزاعي -وضعّفه أبو حاتم في "الجرح والتعديل"(3/ 1/ 297)، وقال ابن حبان:"لا يجوز الاحتجاج به"- عند البزار في "المسند"(2/ ق 274/ أ).

* عوف بن أبي جميلة، عند أبي طاهر المخلص في "فوائده"(4/ ق 171/أ)، ولفظه:"أولاهن بالتراب"، وسنده صحيح.

وانظر طرقًا أخرى للحديث عن أبي هريرة في تعليقنا على "الخلافيات"(887 - وما بعده).

(1)

أخرجه مسلم (280)، وفيه غسلة زائدة يجب الأخذ به، انظر:"فتح الباري"(1/ 222 - 223).

ص: 317

وحديث أبي هريرة وحديث ابن مغفل المذكوران في الباب؛ رواهما مسلم. ومغفّل بالغين المعجمة والفاء المشددة المفتوحتين

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "طَهور إناء أحدكم"، هو بفتح الطاء

(2)

؛ أي: مطهره.

وفيه دليلٌ على نجاسة الكلب، وأنه إذا ولغ في مائْع نَجَّسه، ووجب غسل الإناء سَبْعًا إحداهن بتراب. وفي معنى ولوغه سائر أجزائه إذا لاصقت شيئًا مع رطوبة أحدهما

(3)

، ووقع في رواية أبي داود:"أولهن بالتراب"، وفي بعض نُسخه:"أولاهنّ" وكذا في رواية مسلم، وفي رواية:"السابعة بتراب"، وفي رواية للدارقطني من رواية علي رضي الله عنه:"إحداهنَّ"

(4)

، وهي مفسِّرةٌ للجميع، فيجوز في أيَّتهن شاء، وغير الأخيرة أفضل، والأولى أوْلى.

(1)

قال في "شرح صحيح مسلم"(3/ 237): "بضم الميم وفتح الغين المعجمة، والفاء".

(2)

قال في "شرح صحيح مسلم"(3/ 236): "الأشهر فيه ضمّ الطاء، ويقال: بفتحها، لغتان".

(3)

يعني رطوبة الجزء الملامس من الكلب أو الجزء الملموس من المائع أو نحوه، قال المصنف في "تحرير ألفاظ التنبيه" (47): "ولغ الكلب يلغ: بفتح اللام فيهما، وحكى ابن الأعرابي: كسرها في الماضي، ومصدرها: ولغ وولوغ. وأولغه صاحبه. وهو أن يدخل لسانه في المائع فيحركه؛ ولا يقال ولغ الشيء من جوارحه غير اللسان.

والوُلوغ: للكلب وسائر السباع، ولا يكون لشيء من الطير إلا الذباب".

(4)

أخرجه الدارقطني في "سننه"(1/ 65)، وفي "المؤتلف والمختلف" (830) وقال عقبه في "السنن":"الجارود هو ابن يزيد: متروك".

وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(7899) وقال: "لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا الجارود، ولا يُروى عن علي إلا بهذا الإسناد".

فالحديث ضعيف جدًّا. وقال المصنف في "خلاصة الأحكام"(1/ 179): "ولم تثبت لفظة "إحداهن" في الصحيح" وعزاها للدارقطني من حديث =

ص: 318

وفيه دليل على أنه لا يصح بيع الكلب، معلَّمًا كان أو غير مُعَلَّم؛ لأنه نجس، والنجس لا يجوز بيعه

(1)

.

= علي كما صنع هنا، وقد سبق في تخريج حديث رقم (73) بيان من وقعت له هذه اللفظة، والله الموفق، لا رب سواه، وانظر لها:"البدر المنير"(1/ 547) و"الخلاصة"(1/ 19)، "التلخيص الحبير"(1/ 40)، "الطهور"(رقم 204) وتعليقي عليه.

(1)

فصَّل المصنف في هذه المسألة، فقال شارحًا ما أخرجه مسلم (1568) بسنده إلى رافع بن خديج قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "شر الكسب مهر البغي، وثمن الكلب، وكسب الحجام" وفي رواية: "ثمن الكلب خبيث". وما أخرجه البخاري (2237، 2282، 5346، 5761)، ومسلم (1567) عن أبي مسعود الأنصاري:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن".

قال المصنف في "شرح صحيح مسلم"(10/ 334 - 335 - ط قرطبة): "وأما النهي عن ثمن الكلب وكونه من شر الكسب وكونه خبيثًا فيدل على تحريم بيعه، وأنه لا يصح بيعه ولا يحل ثمنه، ولا فيمة على متلفه سواء كان معلمًا أم لا، وسواء كان مما يجوز اقتناؤه أم لا. وبهذا قال جماهير العلماء، منهم: أبو هريرة، والحسن البصري، وربيعة، والأوزاعي، والحكم، وحماد، والشافعي، وأحمد، وداود، وابن المنذر وغيرهم. وقال أبو حنيفة: يصح بيع الكلاب التي فيها منفعة، وتجب القيمة على متلفها. وحكى ابن المنذر عن جابر وعطاء والنخعي جواز بيع كلب الصيد دون غيره. وعن مالك روايات؛ إحداها: لا يجوز بيعه، ولكن تجب القيمة. والثانية: يصح بيعه وتجب القيمة. والثالثة: لا يصح ما تجب القيمة على متلفه. دليل الجمهور في هذه الأحاديث، وأما الأحاديث الواردة في النهى عن ثمن الكلب إلا كلب صيد وفي رواية "إلا كلبًا ضاريًا" وأن عثمان غرم إنسانًا ثمن كلب قتله عشرين بعيرًا، وعن ابن عمرو بن العاص التغريم في إتلافه، فكلها ضعيفة باتفاق أئمة الحديث، وقد أوضحتها في "شرح المهذب" في (باب ما يجوز بيعه) ".

قلت: انظر ضعيف الأحاديث المومأ إليها عند: الترمذي في "جامعه" =

ص: 319

قوله: "وإذا ولغ الهر غُسل مَرَّة"، هذا من كلام أبي هريرة موقوف عليه، كما صرَّح به أبو داود في قوله:"ولم يرفعاه"، ولا تصحُّ هذه اللفظة عن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

.

قوله صلى الله عليه وسلم: "وعَفِّروه الثامنة في التراب"، ظاهره أنه يجب غسله ثماني مَرَّات: سبعٌ بالماء وثامنة بماءٍ وتراب، وهي رواية عن أحمد وداود

(2)

، والمشهور عنهما سبع إحداهن بتراب، وهو مذهب سائر العلماء، وتأوَّلوا هذه الرواية على أن المرادة سبع مرات إحداهن بماءٍ وتراب، فتكون هذه كغسلتين، فتصير ثمانيًا، وصاروا إلى هذا التأويل للجمع بين الروايات

(3)

.

= (1281)، و"سنن البيهقي الكبرى"(6/ 6)، و"نصب الراية"(4/ 53)، و"الإغراب في أحكام الكلاب"(ص 137) ليوسف بن عبد الهادي، و"نصب الراية"(4/ 53)، و"الدراية"(2/ 161)، و"المعيار في علل الأخبار"(2/ 221 - 223).

وانظر مذاهب الفقهاء عند القاضي عبد الوهاب البغدادي في "الإشراف"(2/ 508) مسألة رقم (828) وتعليقي عليه، وتجد في كتاب "البيوع الشائعة وأثر ضوابط المبيع على شرعيتها"(ص 291 - 303) تفصيلاً في هذه المسألة، والميل إلى الجواز!

(1)

بيّنت ذلك في تخريجي على الحديث المتقدم برقم (72)، والحمد لله وحده.

(2)

انظر: "المغني"(1/ 75)، "المحلى"(1/ 110).

(3)

قال الشارح في "تصحيح التنبيه"(1/ 103) رقم (42): "والأصح أنه لا يكفي غير التراب في غسل الولوغ، ولا غسله ثماني مرات بالماء وحده"، وبنحوه في "المجموع"(2/ 589 - 590)، "روضة الطالبين"(1/ 32)، "المنهاج"(1/ 83 - مع "مغنى المحتاج")، "التنقيح في شرح الوسيط"(1/ 204، 208)، "شرح صحيح المسلم"(3/ 185)، "التحقيق"(152) كلها للنووي. =

ص: 320

قوله: "أمر بقتل الكلاب"، ثم قال:"ما لهم ولها؟! " فيه تصريح بجواز النسخ، وأنَّ قتل الكلاب منسوخ، وكان أَمَر بقتلها ثم نُسخ إلاَّ الأسْود، ثم نهى عن قتل الأسْود أيضًا، واستقرَّ الحكم أنه لا يقتل منها إلاَّ العقورُ والكَلِبُ

(1)

.

= وانظر: "المغني"(1/ 75)، و"المحلى"(1/ 109 - 116)، و"فتح الباري"(1/ 222 - 2223).

(1)

قال المصنف في "شرح صحيح مسلم"(10/ 339): "أجمع العلماء على قتل الكلب الكليب، والكلب العقور، واختلفوا في قتل ما لا ضرر فيها"، ثم نقل ما قرره هنا عن إمام الحرمين، وفصل في الخلاف، وتجده أيضًا في "الإغراب"(280)، و"أحكام الكلاب في الفقه الإسلامي، لكمال العجيلي (أطروحة ماجستير) (102)، و"الفوائد العذاب فيما جاء في الكلاب" (78).

و (الكلب العقور) هو كل ما عقر الناس، وعدا عليهم وأخافهم، مثل: الأسد، والنمر، والفهد، والذئب، قاله مالك في "الموطأ"(1/ 446) و (الكلِب) جنون الكلاب المعتري من أكل لحم الإنسان، كذا في "القاموس" (169):(الكَلْب).

ص: 321