الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1) - (569) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ النِّكَاحِ
(1)
- 1817 - (1) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ،
===
غير حصر؛ تغليبًا لمصلحة الرجال، وفي شريعة عيسى عليه السلام أنه لا يجوز غير واحدة؛ تغليبًا لمصلحة النساء، وراعت شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مصلحة النوعين.
والحكمة في أن موسى غلب مصلحة الرجال أن فرعون كان يقتل أبناءهم، ويستحيي نساءهم، فناسب أن يغلب في شريعته مصلحة الرجال؛ لقلتهم وكثرة النساء، والحكمة في أن عيسى غلب مصلحة النساء أنه خلق من أمه بلا أب، فناسب أن يغلب في شريعته مصلحة النساء؛ لكونها نوع أصله الذي هو أمه.
والحكمة في تخصيص الأربع في هذه الشريعة المحمدية: أن الشخص له طبائع أربع، وأن المقصود من النِّكَاح: الألفة والمؤانسة، وذلك يفوت بالزيادة على الأربع دون الاقتصار على الأربع؛ لأنه إذا دار عليهن بالقسم .. فإنه يغيب عن كلّ واحدة منهن ثلاث ليالٍ، وهي مدة قريبة مغتفرة شرعًا في كثير من الأبواب. انتهى من "البيجوري على الغزي".
* * *
(1)
- (569) - (باب ما جاء في فضل النِّكَاح)
(1)
- 1817 - (1)(حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة) الحضرمي مولاهم أبو محمد الكوفي، صدوق، من العاشرة، مات سنة سبع وثلاثين ومئتين (237 هـ). يروي عنه:(م د ق).
(حدثنا علي بن مسهر) -بضم الميم وسكون المهملة وكسر الهاء- القرشي
عَنِ الْأَعْمَش، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِمِنًى فَخَلَا بِهِ عُثْمَانُ فَجَلَسْتُ قَرِيبًا مِنْهُ،
===
الكوفي قاضي الموصل، ثقة له غرائب بعدما أضر، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الكاهلي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي الكوفي، ثقة فقيه إلَّا أنه يرسل كثيرًا، من الخامسة، مات دون المئة سنة ست وتسعين (96 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن علقمة بن قيس) بن عبد الله النخعي الكوفي، ثقة ثبت فقيه عابد، من الثانية، مات بعد الستين، وقيل بعد السبعين. يروي عنه:(ع).
(قال) علقمة: (كنت مع عبد الله بن مسعود) رضي الله تعالى عنه (بمنًى، فخلا به) أي: بابن مسعود؛ أي: انفرد به (عثمان) بن عفان رضي الله تعالى عنه؛ هو من الخلوة عن الناس، وقوله:(بمنًى) أي: في أيام الموسم.
قال الحافظ: كذا وقع لفظ (بمنًى) في أكثر الروايات، وفي رواية زيد بن أبي أنيسة عن الأعمش عند ابن حبان:(بالمدينة) وهي شاذة، والصواب ما هنا بلفظ (منًى).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
قال الحافظ: وهذا الإسناد مما ذكر أنه أصح الأسانيد؛ وهو رواية الأعمش عن إبراهيم بن يزيد النخعي عن علقمة عن ابن مسعود، ومن لطائفه: أن رجاله كلهم كوفيون.
قال علقمة: (فجلست قريبًا منه) أي: من ابن مسعود، وكان مقتضى السياق
فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: هَلْ لَكَ أَنْ أُزَوِّجَكَ جَارِيَةً بِكْرًا تُذَكِّرُكَ مِنْ نَفْسِكَ بَعْضَ مَا قَدْ مَضَى،
===
قريبًا منهما (فقال له) أي: لابن مسعود (عثمان: هل لك) يا أبا عبد الرَّحمن رغبة في (أن أزوجك) وأنكحك (جاريةً) أي: شابةً (بكرًا؟ ) لعل عثمان رأى منه قشفًا ورثاثة هيئةٍ، فحمل ذلك على فقده الزوجة التي ترفهه، قاله الحافظ.
وقوله: (جاريةً بكرًا) يؤخذ منه ة أن معاشرة الزوجة الشابة تزيد في القوة والنشاط، بخلاف عكسها فبالعكس، كذا في "الفتح".
قال النووي: فيه استحباب نكاح الشابة؛ لأنَّها المحصلة لمقاصد النِّكَاح؛ فإنها ألذ استمتاعًا، وأطيب نكهةً، وأرغب في الاستمتاع الذي هو مقصود النِّكَاح، وأحسن عشرة، وأفكه محادثة، وأجمل منظرًا، وألين ملمسًا، وأقرب إلى أن يعودها زوجها الأخلاق التي يرتضيها. انتهى.
(تذكرك) تلك الجارية (من نفسك بعض ما قد مضى) منها من شبابك، قال النووي: أي: تتذكر بها ما مضى من قوة شبابك؛ فإن ذلك ينعش البدن، وأخبرت من بعض شيوخنا أنه قال: كنت أظن أني عجزت عن النساء، فلما تزوجت الصغيرة .. وجدت في نفسي من النشاط ما كنت أعهده في الصغر.
قال القرطبي: إنما قال له ذلك؛ لأنه كان قد قلت رغبته في النساء؛ إما لاشتغاله بالعبادة، أو للسن، أو لهما.
قلت: فعلى أنه للسن: ففيه جواز نكاح ذي السن البكر، ويأتي الكلام على ذلك في حديث جابر، إن شاء الله تعالى. كذا في "شرح الأبي" رحمه الله تعالى.
فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ سِوَى هَذَا أَشَارَ إِلَيَّ بِيَدِهِ فَجِئْتُ وَهُوَ يَقُولُ: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ لَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ؛
===
قال علقمة: (فلما رأى عبد الله) بن مسعود؛ أي: عرف وعلم (أنه) أي: أن عثمان (ليس له حاجة) إلى عبد الله (سوى هذا) الترغيب له في الزواج والحض عليه .. (أشار) عبد الله (إلي بيده) بأن تعال إلينا.
قال علقمة: (فجئت) ـه؛ أي: فجئت عبد الله (وهو) أي: والحال أن عبد الله (يقول) لعثمان: والله (لئن قلت) لي يا عثمان (ذلك) الترغيب في الزواج، فوالله (لقد) وافق قولك لي ذلك الترغيب سنة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قد (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب) ويا زمرة الفتيان؛ أي: حضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزواج حين قال لنا: يا معشر الشباب.
والمعشر: هم الطائفة الذين يشملهم وصف، فالشباب معشر، والشيوخ معشر، والشباب جمع شاب، ويجيء مصدرًا أيضًا، لكن ها هنا جمع، ولم يجمع فاعل على فعال غيره، ويجمع أيضًا على شببةٍ، وشبان -بضم أوله وتشديد الموحدة- كفارس وفرسان، وأصله: الحركة والنشاط.
وقال النووي: والشاب عند أصحابنا: هو من بلغ ولم يجاوز الثلاثين سنة، وقال القرطبي: يقال له: حدث إلى ست عشرة، ثم شاب إلى اثنين وثلاثين، ثم كهل، وكذا ذكره الزمخشري، وقال ابن شاسٍ المالكي في "الجواهر": إلى أربعين.
وإنما خصص الشباب بالخطاب؛ لأن الغالب وجود قوة الداعي فيهم إلى النِّكَاح، بخلاف الشيوخ، وإن كان المعنى معتبرًا إذا وجد السبب في الكهول والشيوخ أيضًا.
مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ .. فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْج،
===
(من استطاع) وقدر (منكم الباءة) أي: مؤن النِّكَاح؛ أي: من وجد منكم ما يتزوج به؛ من مهر ونفقة يوم وليلة وكذا كسوة؛ إذ الخطاب للقادرين بالفعل، وإلا .. لَمْ يستقم قوله:(ومن لَمْ يستطع .. فعليه بالصوم)(فليتزوج) وفي الباءة أربع لغات: الفصيحة المشهورة منها: (الباءة) بالمد والهاء، والثانية:(الباة) بلا مد، والثالثة:(الباء) بالمد بلا هاء، والرابعة:(الباهة) بهاءين بلا مد.
قال الخطابي: المراد بالباءة: النِّكَاح، وأصله: الموضع الذي يتبوؤه ويأوي إليه، وقال المازري: اشتق العقد على المرأة من أصل الباءة؛ لأن من شأن من يتزوج المرأة أن يبوئها منزلًا، وقال النووي: اختلف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين يرجعان إلى معنىً واحد: أصحهما أن المراد: معناها اللغوي؛ وهو الجماع؛ تقديره: من استطاع منكم الجماع؛ لقدرته على مؤنه وهي مؤن النِّكَاح .. فليتزوج، ومن لَمْ يستطع الجماع؛ لعجزه عن مؤنه .. فعليه بالصوم؛ ليدفع شهوته، ويقطع شر منيه؛ كما يقطعه الوجاء، وعلى هذا القول وقع الخطاب مع الشباب الذين هم مظنة شهوة النساء ولا ينفكون عنها غالبًا.
والقول الثاني: أن المراد هنا بالباءة: مؤن النِّكَاح، سميت باسم ما يلازمها؛ تقديره: من استطاع منكم مؤن النِّكَاح .. فليتزوج، ومن لَمْ يستطع .. فليصم لدفع شهوته.
(فإنه) أي: فإن التزوج (أغض للبصر) أي: أشد غضًا لها؛ أي: أخفض وأدفع لعين المتزوج عن الأجنبية؛ من غض طرفه؛ إذا خفضه وكفه (وأحصن للفرج) أي: أشد إحصانًا له ومنعًا من الوقوع في الفاحشة؛ أي: أحفظ لوقوع الفرج في الحرام، وفي الحديث: الحث على غض البصر وتحصين الفرج بكل
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ .. فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ".
===
ممكن، وعدم التكليف بغير المستطاع (ومن لَمْ يستطع) منكم الباءة؛ أي: ومن لَمْ يجد منكم ما يتزوج به من مؤن النِّكَاح .. (فعليه بالصوم) أي: فليلزم الصوم، قال عياض: ليس فيه إغراء الغائب، جل الخطاب للحاضرين الذين خاطبهم أولًا بقوله:"من استطاع منكم"، فالهاء في قوله:"فعليه" ليست لغائب، وإنما هي للحاضر المبهم؛ إذ لا يصح خطابه، ونظير هذا قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} إلى أن قال: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} (1) ومثله لو قلت لاثنين: من قام منكما .. فله درهم، فالهاء للمبهم من المخاطبين لا لغائب. انتهى ملخصًا.
(فإنه) أي: الصوم (له) أي: للعاجز عن الباءة (وجاءٌ) بوزن كتاب؛ أي: خصاءٌ؛ لما فيه من الجوع، وقلة الأكل مما يزيد في الشهوة وطغيان الماء؛ أي: كالوجاء له، ففي الكلام تشبيه بليغ، والوجاء: مصدر وجأ يوجأ؛ من باب نفع؛ وهو رض عروق البيضتين حتى تنفضخا من غير إخراج، يقال: كبش موجوء؛ إذا رضت منه عروق البيضتين؛ كما في "المصباح".
قال أبو عبيد: الوجاء، بكسر الواو: رض الأنثيين؛ والمعنى: أن الصوم يقطع شهوة النِّكَاح؛ كما يقطعها الوجاء، يقال: وجئ الفحل وجاء؛ إذا رضت خصيتاه، وقال غيره: الوجاء: أن توجأ العروق والخصيتان قائمتان على حالهما، والخصاء: شق الخصيتين واستئصالهما؛ أي: إلقاؤهما، والجب: أن تحمى الشفرة، ثم يستأصل بها الخصيتان.
قال الخطابي: وفي الحديث: جواز معالجة الشهوة بالأدوية، ودليل على أن مقصود النِّكَاح: الوطء.
(1) سورة البقرة: (178).
(2)
- 1818 - (2) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَر، حَدَّثَنَا آدَمُ،
===
قال ابن بزيزة: فيما قاله نظر؛ فإن لقائلٍ أن يقول: قطعه بالصوم فيه قطع عبادةٍ بعبادة، بخلاف قطعه بالعلاجات الطبية. انتهى من "الأبي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب النِّكَاح، باب من لَمْ يستطع الباءة .. فليصم، ومسلم في كتاب النِّكَاح، باب استحباب النِّكَاح، وأبو داوود في كتاب النِّكَاح، باب التحريض على النِّكَاح، والترمذي في كتاب النِّكَاح، باب ما جاء في فضل التزوج والحث عليه، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقد روى غير واحد عن الأعمش بهذا الإسناد مثل هذا، والنسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب وأحمد.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن مسعود بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(2)
- 1818 - (2)(حدثنا أحمد بن الأزهر) بن منيع أبو الأزهر العبدي النيسابوري، صدوق، كان يحفظ، ثم كبر فصار كتابه أثبت من حفظه، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث وستين ومئتين (263 هـ). يروي عنه:(س ق).
(حدثنا آدم) بن أبي إياس عبد الرَّحمن العسقلاني، أصله خراساني، يكنى أبا الحسن، نشأ ببغداد، ثقة عابد، من التاسعة، مات سنة إحدى وعشرين ومئتين (221 هـ). يروي عنه:(خ ت س ق).
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ، عَنِ الْقَاسِم، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "النِّكَاحُ سُنَّتِي، فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي .. فَلَيْسَ مِنِّي، وَتَزَوَّجُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ، وَمَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ .. فَلْيَنْكِحْ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ
===
(حدثنا عيسى بن ميمون) المدني مولى القاسم بن محمد، يعرف بالواسطي، ويقال له: ابن تليدان -بفتح المثناة الفوقانية- ضعيف، من السادسة. يروي عنه:(ت ق).
(عن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي، ثقة أحد الفقهاء بالمدينة، قال أيوب: ما رأيت أفضل منه، من كبار الثالثة، مات سنة ست ومئة على الصحيح (106 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عيسى بن ميمون، وهو متفق على ضعفه.
(قالت) عائشة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النِّكَاح سنتي) أي: الزواج من طريقتي وملتي، بشرطه المار في الحديث قبله؛ أي: طلب النساء بالوجه المشروع في الدين من سنتي؛ أي: من طريقتي التي أنا سلكتها (فمن لَمْ يعمل بسنتي) ولم يسلك - بلا مانع له من ذلك العمل - بها .. (فليس مني) أي: من أهل سنتي، إن تركه بقصد المخالفة لسنتي مستحلًا لذلك.
(وتزوجوا) أيها المؤمنون إن استطعتم الباءة، ولا عذر بكم؛ كالعنة والجب (فإني مكاثر بكم) أي: مفاخر بكثرتكم على سائر (الأمم، ومن كان) منكم إذا طول) أي: صاحب قدرة على طول ومهر وعلى سائر مؤن النِّكَاح من النفقة والكسوة ولا مانع به في نفسه .. (فلينكح) أي: فليتزوج، (ومن لَمْ يجد)
فَعَلَيْهِ بِالصِّيَامِ؛ فَإِنَّ الصَّوْمَ وِجَاءٌ لَهُ".
(3)
- 1819 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ،
===
طولًا ولا سائر مؤن النِّكَاح .. (فعليه بالصيام) أي: فليلزم الصيام؛ (فإن الصوم وجاء) أي: خصاء ووقاء (له) من الوقوع في العنت.
قال السندي: قوله: (النِّكَاح) أي: طلب النساء بالوجه المشروع في الدين (من سنتي) أي: من طريقتي التي سلكتها وسبيلي التي ندبتها (فمن لَمْ يعمل بسنتي) رغبةً وإعراضًا عنها، وقلة مبالاة بها، فلا يشمل الحديث من يترك النِّكَاح؛ لعدم تيسر المؤن، أو للاشتغال بالعبادة، ونحو ذلك؛ كالعلم.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ولكن له شاهد في "الصحيحين" وغيرهما من حديث ابن مسعود المذكور قبله، ورواه البزار من حديث أنس.
فدرجته: أنه صحيح المتن بما قبله، ضعيف السند، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ابن مسعود بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(3)
- 1819 - (3)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد الذهلي النيسابوري، ثقة متقن، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا سعيد بن سليمان) الضبي أبو عثمان الواسطي نزيل بغداد البزاز،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوُوس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَمْ نَرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلَ النِّكَاحِ".
===
لقبه سعدويه، ثقة حافظ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وعشرين ومئتين (225 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا محمد بن مسلم) بن سوسن الطائفي، وقيل: سويس، وقيل: سيس، وقيل: سنين، وقيل: سوير، يعد في المكيين. روى عن: إبراهيم بن ميسرة، ويروي عنه:(م عم)، وسعيد بن سليمان، صدوق يخطئ من حفظه، من الثامنة، مات قبل التسعين ومئة (190 هـ).
(حدثنا إبراهيم بن ميسرة) الطائفي نزيل مكة، ثقة ثبت حافظ، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن طاووس) بن كيسان اليماني أبي عبد الرَّحمن الحميري مولاهم الفارسي، يقال: اسمه ذكوان وطاووس لقبه، ثقة فقيه فاضل، من الثالثة، مات سنة ست ومئة (106 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) ابن عباس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَمْ نر) - بالنون بإسناده إلى المتكلمين، وبالياء التحتانية على صيغة المجهول ونائب فاعله - مثل النِّكَاح (للمتحابين) يحتمل أن يكون بصيغة التثنية، وأن يكون بصيغة الجمع (مثل النِّكَاح) أي: لَمْ ير مثل النِّكَاح والزواج للرجل والمرأة المتحابين في دوام محبتهما؛ أي: لَمْ ير لهما شيء أحب إليهما من الاجتماع بالنِّكَاح، أو لَمْ نر لهما شيئًا أحب إليهما من النِّكَاح؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أي: من المناكحة؛ أي: إذا تحابا .. فالنِّكَاح أحب لهما؛ خوفًا من الوقوع في العنت.
قال السندي: والمعنى: أنه إذا كان بين اثنين محبة .. فتلك المحبة لا يزيدها شيء من أنواع التعلقات بالتقربات ولا يديمها مثل تعلق النِّكَاح، فلو كان بينهما نكاح مع تلك المحبة .. لكانت المحبة كلّ يوم بالازدياد والقوة. انتهى منه.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، لكن رواه أبو يعلى الموصلي عن زهير عن سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة، فذكر حديث ابن ماجة، ورواه البيهقي في "الكبرى" من طريق عبد الله بن يوسف التنيسي، ورواه الحاكم من طريق ابن جريجٍ عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس مرسلًا.
فدرجة الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والآخران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم