المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(11) - (579) - باب استئمار البكر والثيب - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١١

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ النِّكاح

- ‌(1) - (569) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ النِّكَاحِ

- ‌(2) - (570) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّبَتُّلِ

- ‌(3) - (571) - بَابُ حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ

- ‌(4) - (572) - بَابُ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

- ‌(5) - (573) - بَابُ أَفْضَلِ النِّسَاءِ

- ‌(6) - (574) - بَابُ تَزْوِيجِ ذَاتِ الدِّينِ

- ‌(7) - (575) - بَابُ تَزْوِيجِ الْأَبْكَارِ

- ‌(8) - (576) - بَابُ تَزْوِيجِ الْحَرَائِرِ وَالْوَلُودِ

- ‌(9) - (577) - بَابُ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا

- ‌فائدة

- ‌(10) - (578) - بَابُ لَا يَخْطُبِ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

- ‌(11) - (579) - بَابُ استئمار الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ

- ‌(12) - (580) - بَابُ مَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ كارِهَةٌ

- ‌(13) - (581) - بَابُ نِكَاحِ الصِّغَارِ يُزَوِّجُهُنَّ الْآبَاءُ

- ‌(14) - (582) - بَابُ نِكَاحِ الصِّغَارِ يُزَوِّجُهُنَّ غَيْرُ الْآبَاءِ

- ‌(15) - (583) - بَابُ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ

- ‌(16) - (584) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الشِّغَارِ

- ‌(17) - (585) - بَابُ صَدَاقِ النِّسَاءِ

- ‌(18) - (586) - بَابُ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ وَلَا يَفْرِضُ لَهَا فَيَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ

- ‌(19) - (587) - بَابُ خُطْبَةِ النِّكَاحِ

- ‌(20) - (588) - بَابُ إِعْلَانِ النِّكَاحِ

- ‌(21) - (589) - بَابُ الْغِنَاءِ وَالدُّفِّ

- ‌تتمة

- ‌(22) - (590) - بَابُ الْمُخَنَّثِينَ

- ‌(23) - (591) - بَابُ تَهْنِئَةِ النِّكَاحِ

- ‌(24) - (592) - بَابُ الْوَلِيمَةِ

- ‌تتمة

- ‌(25) - (593) - بَابُ إِجَابَةِ الدَاعِي

- ‌تتمة

- ‌تنبيه مهم

- ‌(26) - (594) - بَابُ الْإِقَامَةِ عَلَى الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ

- ‌(27) - (595) - بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَهْلُهُ

- ‌(28) - (596) - بَابُ التَّسَتُّرِ عِنْدَ الْجِمَاعِ

- ‌(29) - (597) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ

- ‌(30) - (598) - بَابُ الْعَزْلِ

- ‌(31) - (599) - بَابٌ: لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا

- ‌(32) - (600) - بَابُ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجُ فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا أَتَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ

- ‌(33) - (601) - بَابُ الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ

- ‌(34) - (602) - بَابٌ: يَحْرُمُ مِنَ الرِّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

- ‌تتمه

- ‌(35) - (603) - بَابٌ: لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ

- ‌(36) - (654) - بَابُ رِضَاعِ الْكَبِيرِ

- ‌(37) - (605) - بَابٌ: لَا رِضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ

- ‌(38) - (606) - بَابُ لَبَنِ الْفَحْلِ

- ‌(39) - (607) - بَابُ الرَّجُلِ يُسْلِمُ وَعِنْدَهُ أُخْتَانِ

- ‌(40) - (608) - بَابُ الرَّجُلِ يُسْلِمُ وَعِنْدَهُ أَكثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ

- ‌(41) - (609) - بَابُ الشَّرْطِ فِي النِّكَاحِ

- ‌(42) - (610) - بَابُ الرَّجُلِ يَعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا

- ‌(43) - (611) - بَابُ تَزْوِيجِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ

- ‌(44) - (612) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ

- ‌تتمة

- ‌تنبيه

- ‌(45) - (613) - بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّجُ

- ‌(46) - (614) - بَابُ الْأَكْفَاءِ

- ‌(47) - (615) - بَابُ الْقِسْمَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ

- ‌(48) - (616) - بَابُ الْمَرْأَةِ تَهَبُ يَوْمَهَا لِصَاحِبَتِهَا

- ‌(49) - (617) - بَابُ الشَّفَاعَةِ فِي التَّزْوِيجِ

- ‌(50) - (618) - بَابُ حُسْنِ مُعَاشَرَةِ النِّسَاءِ

- ‌(51) - (619) - بَابُ ضَرْبِ النِّسَاءِ

- ‌فائدة

- ‌(52) - (620) - بَابُ الْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ

- ‌(53) - (621) - بَابٌ: مَتَى يُسْتَحَبُّ الْبِنَاءُ بِالنِّسَاءِ

- ‌(54) - (622) - بَابُ الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِأَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا

- ‌(55) - (623) - بَابٌ: مَا يَكُونُ فِيهِ الْيُمْنُ وَالشُّؤْمُ

- ‌(56) - (624) - بَابُ الْغَيْرَةِ

- ‌تتمة

- ‌(57) - (625) - بَابُ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) - (626) - بَابُ الرَّجُلِ يَشُكُّ فِي وَلَدِهِ

- ‌(59) - (627) - بَابُ الْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ

- ‌(60) - (628) - بَاب: فِي الزَّوْجَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ

- ‌(61) - (629) - بَابُ الْغَيْلِ

- ‌(62) - (630) - بَاب: فِي الْمَرْأَةِ تُؤْذِي زَوْجَهَا

- ‌(63) - (631) - بَابٌ: لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ

الفصل: ‌(11) - (579) - باب استئمار البكر والثيب

(11) - (579) - بَابُ استئمار الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ

(26)

- 1842 - (1) حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى السُّدِّيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيّ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "الْأَيّمُ أَوْلَى بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا،

===

(11)

- (579) - (باب استئمار البكر والثيب)

(26)

- 1842 - (1)) حدثني إسماعيل بن موسى) نسيب (السدي) أو ابن بنته أو ابن أخته، الفزاري أبو محمد الكوفي، صدوق يخطئ ورمي بالرفض، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(د ت ق).

(حدثنا مالك بن أنس) الأصبحي المدني إمام الفروع، ثقة حجة، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن الفضل) بن العباص بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب (الهاشمي) المدني، ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(ع).

(عن نافع بن جبير بن مطعم) النوفلي أبي محمد المدني، ثقة فاضل، من الثالثة، مات سنة تسع وتسعين (99 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) ابن عباس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأيم أولى بنفسها من وليها) والأيم: هي الثيب؛ وهي التي فارقت زوجها بموت أو طلاق، والمعنى: الثيب أحق بأمر نفسها من وليها، وهذا يحتمل أنها أحق من وليها

ص: 84

وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا"، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحْيِي أَنْ تَتَكَلَّمَ قَالَ: "إِذْنُهَا سُكُوتُهَا".

===

في كل شيء؛ من العقد وغيره؛ كما قاله أبو حنيفة وداوود، ويحتمل أنها أحق بالرضا؛ حتى لا تزوج إلا أن تأذن بالنطق، بخلاف البكر، ولكن لما صح قوله صلى الله عليه وسلم:"لا نكاح إلا بولي" مع غيره من الأحاديث الدالة على اشتراط الولي .. تعين الاحتمال الثاني.

فإنه إذا تقرر هذا .. فمعنى: أحق -وهو يقتضي المشاركة- أن لها في نفسها في النكاح حقًّا، ولوليها حقًّا، وحقها آكد من حقه؛ فإنه لو أراد تزويجها بكفؤ، وامتنعت هي .. لم تجبر، ولو أرادت أن تتزوج بكفؤ، وامتنع الولي .. أجبر على تزويجها، ولو أصر .. زوجها القاضي، فدل على تأكيد حقها ورجحانه، كذا قال النووي.

(والبكر تستأمر) أي: تستأذن (في) نكاح (نفسها) وتزويجها؛ أي: يطلب الولي منها الإذن في نكاحها.

(قيل) له صلى الله عليه وسلم؛ أي: قال له بعض الحاضرين عنده، ولم أر من عين اسم هذا القائل:(يا رسول الله؛ إن البكر تستحيي) من (أن تتكلم) وتنطق بلفظ النكاح، ؤ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إذنها سكوتها) عند استئذانها؛ أي: سكوتها كإذنها بالنطق في الاكتفاء به؛ يعني: أنها لا تحتاج إلى إذن صريح منها، بل يكتفى بسكوتها؛ لكثرة حيائها.

قال النووي: ظاهره العموم في كل بكر وفي كل ولي، وأن سكوتها يكفي مطلقًا، وهذا هو الصحيح، وقال بعض أصحابنا: إن كان الولي أبًا أو جدًّا .. فاستئذانه مستحب، ويكفي فيه سكوتها، وإن كان غيرهما .. فلا بد من نطقها؛

ص: 85

(27)

- 1843 - (2) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ،

===

لأنها تستحيي من الأب والجد أكثر من غيرهما، والصحيح الذي عليه الجمهور أن السكوت كافٍ في جميع الأولياء؛ لعموم الحديث، ولوجود الحياء.

وأما الثيب .. فلا بد في إذنها من النطق صريحًا بلا خلاف، سواء كان الولي أبًا أو غيره؛ لأنه زال كمال حيائها بممارسة الرجال، وسواء زالت بكارتها بنكاح صحيح، أو فاسد، أو بوطء شبهة، أو بزنا، ولو زالت بكارتها بوثبة، أو بإصبع، أو بطول المكث، أو وطئت في دبرها .. فلها حكم الثيب على الأصح، وقيل: حكم البكر، والله أعلم. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب، وأبو داوود في كتاب النكاح، باب استئمار الثيب، والنسائي في كتاب النكاح، باب استئذان البكر في نفسها.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عباس بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(27)

- 1843 - (2)(حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم) بن عمرو العثماني مولاهم (الدمشقي) أبو سعيد، لقبه دحيم -بمهملتين مصغرًا- ابن اليتيم، ثقة حافظ متقن، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ د س ق).

(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم أبو العباس الدمشقي، ثقة، لكنه

ص: 86

حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ

===

كثير التدليس والتسوية، من الثامنة، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الفقيه، ثقة فاضل، من السابعة، مات سنة سبع وخمسين ومئة (157 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثني يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي مولاهم أبو نصر اليمامي، ثقة ثبت، لكنه يدلس ويرسل، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة مشهور، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين، أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تنكح الثيب حتى تستأمر) بالبناء للمفعول في الفعلين، نفيًا في أولهما للمبالغة، أو نهيًا؛ أي: حتى يطلب منها الأمر بتزويجها، وأصل الاستئمار: طلب الأمر؛ فالمعنى: لا يعقد عليها حتى يطلب منها الأمر بتزويجها، ويؤخذ من قوله:"حتى تستأمر" أنه لا يعقد عليها إلا بعد أن تأمر بذلك، وليس فيه دلالة على عدم اشتراط الولي في حقها، بل فيه إشعار باشتراطه، قاله الحافظ.

(ولا) تنكح (البكر حتى تستأذن) أي: يطلب منها الإذن في تزويجها.

ص: 87

وإِذْنُهَا الصُّمُوتُ".

===

وفي رواية مسلم زيادة لفظة: "قالوا: يا رسول الله؛ وكيف إذنها؟ " وهي لا تتكلم بلفظ النكاح حياءً، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:(وإذنها الصموت) أي: السكوت، يقال: صمت صمتًا؛ من باب قتل، وصموتًا وصماتًا.

وفي الكلام قلب، والأصل: وصموتها إذنها؛ أي: كإذنها الصريح، قال الحافظ: عبر في الثيب بالاستئمار، وفي البكر بالاستئذان، فيؤخذ منه فرق بينهما من جهة أن الاستئمار يدل على تأكيد المشاورة، وجعل الأمر إلى المستأمَرَة، ولهذا يحتاج إلى صريح إذنها في العقد، فإذا صرحت بمنعه .. امتنع اتفاقًا، والبكر بخلاف ذلك، والإذن دائر بين القول والسكوت، بخلاف الأمر؛ فإنه صريح في القول، وإنما جعل السكوت إذنًا في حق البكر؛ لأنها قد تستحيي أن تفصح بالإذن. انتهى.

قال الخطابي في "المعالم": ظاهر الحديث يدل على أن البكر إذا أنكحت قبل أن تستأذن فتصمت أن النكاح باطل، كما يبطل نكاح الثيب قبل أن تستأمر فتأذن بالقول، وإلى هذا ذهب الأوزاعي وسفيان الثوري، وهو قول أصحاب الرأي.

وقال مالك بن أنس وابن أبي ليلى والشافعي وأحمد وإسحاق: إنكاح الأب البكر البالغة جائز، وإن لم تستأذن، ومعنى استئذانها: إنما هو عندهم محمول على استطابة النفس دون الوجوب؛ كما جاء في الحديث الأمر باستئمار أمهاتهن، وليس ذلك شرطًا في صحة العقد. انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاهما، ومسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، والترمذي في كتاب النكاح

ص: 88

(28)

- 1844 - (3) حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيّ،

===

باب ما جاء في استئمار البكر والثيب، والنسائي في كتاب النكاح، باب استئمار الثيب في نفسها، والدارمي.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عباس.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ابن عباس بحديث عدي بن عميرة رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(28)

-1844 - (3)(حدثنا عيسى بن حماد) بن مسلم التجيبي (المصري) أبو موسى الأنصاري، لقبه زغبة -بضم الزاي وسكون المعجمة بعدها موحدة- وهو لقب أبيه أيضًا، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثمان وأربعين ومئتين (248 هـ)، وقد جاوز التسعين، وهو آخر من حدث عن الليث من الثقات. يروي عنه:(م د س ق).

(أنبأنا الليث بن سعد) الفهمي المصري، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه (ع).

(عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين) بن الحارث بن عامر بن نوفل المكي النوفلي، ثقة عالم بالمناسك، من الخامسة. يروي عنه:(ع).

(عن عدي بن عدي) بن عميرة -بفتح المهملة- (الكندي) أبي فروة الجزري، ثقة فقيه، عمل لعمر بن عبد العزيز على الموصل، من الرابعة، مات سنة عشرين ومئة (120 هـ). يروي عنه:(د س ق).

ص: 89

عَنْ أَبِيهِ قَال: قَال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الثَّيّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا،

===

(عن أبيه) عدي بن عميرة الكندي أبي زرارة والد الذي قبله، الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه، مات في خلافة معاوية. يروي عنه:(م د س ق).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات، إلا أنه منقطع؛ لأن عديًا لم يسمع من أبيه عدي بن عميرة، قاله أبو حاتم وغيره.

وقال المزي في "الأطراف": رواه يحيى بن أيوب المصري عن ابن أبي حسين عن عدي بن عدي عن أبيه عن العرس؛ رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهكذا رواه الحاكم في "المستدرك" من طريق عمرو بن الربيع بن طارق عن يحيى بن أيوب، فذكره بإسناده ومتنه، ورواه البيهقي في "سننه الكبرى" عن الحاكم به، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" من طريق عدي بن عدي، ورواه ابن أبي شيبة في "مسنده"، وبالجملة: فالحديث له طرق كثيرة موصولة.

(قال) عدي بن عميرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الثيب تعرب) أي: توضح وتبين وتظهر وتخبر وتكشف (عن نفسها) أي: عما في ضميرها من الرضا وعدمه؛ لأنها لا تستحيي عَنِ النُّطقِ بلفظ النكاح؛ فهو من أعرب الرباعي، هكذا في "النهاية" يروى بالتخفيف؛ من أعرب الرباعي، وقال ابن قتيبة: الصواب من أعرب بالتخفيف؛ وإنما سُمي الإِعْراب إعرابًا؛ لتبيينه وإيضاحه.

وقال أبو عبيد: الصواب بالتشديد، يقال: عَرَّبْتُ عن القوم؛ إذا كلمت عنهم، وكلا القولين لغتان متساويتان؛ بمعنى: الإبانة والإيضاح، فلا فائدة في اختلافهما، ثم الأوجه هو التخفيف؛ لموافقته الروايات. انتهى من "السندي".

ص: 90

وَالْبِكْرُ رِضَاهَا صَمْتُهَا".

===

(والبكر رضاها) أي: علامة رضاها الزواجَ (صمتها) أي: سكوتها إذا استؤمرت واستؤذنت؛ لأنها تستحيي عَنْ نُطقِ لفظِ النكاح.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد من حديث ابن عباس وأبي هريرة في "صحيح مسلم" وغيره، والبيهقي في كتاب النكاح، باب إذن البكر الصمت.

فدرجة الحديث: أنه صحيح، لأنه له شواهد من الأسانيد الموصولة والمتون الصحيحة، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

فجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى علم

ص: 91