الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(33) - (601) - بَابُ الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ
(95)
- 1906 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سَملَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
===
(33)
- (601) - (باب المحلِّل والمحلَّل له)
الأول: على صيغة اسم الفاعل، والثاني: على صيغة اسم المفعول، كلاهما من التحليل.
* * *
(90)
- 1906 - (1)(حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو عامر) العقدي عبد الملك بن عمرو القيسي، ثقة، من التاسعة، مات سنة أربع أو خمس ومئتين (205 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن زمعة) بسكون الميم (ابن صالح) الجندي -بفتح الجيم والنون- اليماني نزيل مكة، أبي وهب، ضعيف، وحديثه عند مسلم مقرون، من السادسة. يروي عنه:(م ت س ق).
(عن سلمة بن وهرام) -بالراء- اليماني، صدوق، من السادسة. يروي عنه:(ت ق).
(عن عكرمة) البربري أبي عبد الله مولى ابن عباس، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه زمعة بن صالح، وهو متفق على ضعفه.
قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ).
===
(قال) ابن عباس: العن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل) -بكسر اللام الأُولى المشددة- من التحليل؛ وهو من تزوج المرأة المطلقة ثلاثًا بقصد الطلاق أو بشرطه؛ لتحل هي لزوجها الأول (والمحلل له) -بفتح اللام الأُولى المشددة- على صيغة اسم المفعول؛ من التحليل أيضًا، والمراد به: الزوج الأول الذي طلقها ثلاثًا.
قال القاضي: المحلل: الذي تزوج مطلقة الغير ثلاثًا على قصد أن يطلقها بعد الوطء؛ ليُحِلَّ للمطلِّق نكاحَها، وكأنه يحلِّلها للزوج الأول بالنكاح والوطء، والمحلَّلُ له: هو الزوج الأول، وإنما لَعَنهما؛ لما في ذلك من هَتْكِ المروءة، وقلةِ الحميَّة، والدلالةِ على خِسَّةِ النفس وسقوطِها؛ أمَّا بالنسبة إلى المحلل له .. فظاهرٌ، وأمَّا بالنسبة إلى المحلل .. فإنه يعير نَفْسَهُ بالوطءِ لغرضِ الغير؛ فإنه إنما يطؤُها ليُعرِّضَها لوطءِ المحلَّل له، ولذلك مثَّلَهُ صلى الله عليه وسلم بالتيسِ المستعارِ. انتهى.
قال الحافظ في "التلخيص": استدلوا بهذا الحديث على بطلان النكاح إذا شرط الزوج الأول أنه إذا أنكحها .. بانت منه، أو أنه شَرَط أنه يُطلِّقها، أو نحوَ ذلك، وحملوا الحديث على ذلك، ولا شك أن إطلاقَه يشملُ هذه الصورة وغيرَها، لكن روى الحاكم والطبراني في "الأوسط" من طريق أبي غسان عن عمر بن نافع عن أبيه قال: جاء رجل إلى ابن عمر، فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثًا، فتزوجها أخ له عن غير مُؤامَرةٍ؛ ليُحلَّها لأخيه، هل يَحِلُّ للأول نكاحها؟ قال: لا، إلا بنكاحِ رَغْبةٍ فيها، كنا نَعُدُّ هذا سفاحًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى كلام الحافظ.
قلت: روى الحاكم هذا الحديث في "المستدرك" وصحَّحه؛ كما صرح به
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الزيلعي في "نصب الراية". انتهى "تحفة الأحوذي".
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن أخرجه الترمذي في كتاب النكاح، باب ما جاء عن ابن مسعود في المحلل والمحلل له، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الطلاق، باب إحلال المطلقة ثلاثًا وما فيها من التغليظ، والبيهقي في كتاب النكاح، والدارمي، وأبو يعلى.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح بغيره؛ لأن له شاهدًا من حديث ابن مسعود الذي رواه الترمذي وصححه؛ كما مر آنفًا، وصححه ابن القطان وابن دقيق العيد على شرط البخاري، وسنده ضعيف؛ لأن فيه زمعة بن صالح؛ كما مر آنفًا، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
قال في "سبل السلام": حديث ابن مسعود هذا دليل على تحريم التحليل؛ لأنه لا يكون اللعن إلا على فاعل المحرم، وكل محرم منهي عنه، والنهي يقتضي فساد العقدِ واللعنَ، وإن كان ذلك للفاعل، لكنه علق بوصف يصح أن يكون علةً للحكم.
وذكروا للتحليل صورًا؛ منها: أن يقول له في العقد: إذا أحللتها .. فلا نكاح، وهذا مثل نكاح المتعة؛ لأجل التوقيت، ومنها: أن يقول في العقد: إذا أحللتها .. طلقتها، ومنها: أن يكون مضمرًا في العقد؛ بأن يتواطأا على التحليل، ولا يكون النكاح الدائم هو المقصودَ، وظاهر شمولُ اللَّعنِ وفسادِ العقد لجميعِ الصور، وفي بعضها خلاف بلا دليلٍ ناهضٍ، فلا يستعمل بها. انتهى. انتهى من "التحفة".
قال أبو عيسى: والعمل على هذا الحديث -يعني: حديث ابن مسعود- عند
(91)
-1907 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ
===
أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ منهم: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن عمرو؛ وهو قول الفقهاء من التابعين، وبه يقول: سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
قال الحافظ الزيلعي في "نصب الراية": واعلم: أن المصنف -يعني: صاحبَ "الهداية "- استدل بهذا الحديث -يعني: حديث: "لعن الله المحلِّلَ والمحلَّلَ له"- على كراهة النكاح المشروط به التحليلُ، وظاهرُهُ يقتضي التحريمَ؛ كما هو مذهب أحمد. انتهى.
قلت: لا شك في أنَّ ما قاله الإمام أحمد هو الظاهر.
ثم أجاب الزيلعي، فقال: لكن يقال: لمَّا سمَّاه محلِّلًا .. دلَّ على صحة النكاح؛ لأن المحلِّل هو المثبتُ للحلّ، فلو كان فاسدًا .. لما سمَّاه محللًا. انتهى.
قلت: سماه محللًا على حسب ظنه؛ فإن مَنْ تزوج المطلَّقة ثلاثًا بقصدِ الطلاقِ أو شرطِه .. ظن أن تزوُّجَه إياها ووَطْأها يُحِلّها لزوجها الأول، وليس تسميتُه محلِّلًا على أنه مُثْبتٌ للحل في الواقع، ويؤيده؛ قولُ ابن عمر: كنَّا نَعُدُّ هذا سفاحًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وصحَّحه الحاكم؛ كما تقدم. انتهى من "التحفة".
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عباس بحديثِ عليٍّ رضي الله تعالى عنهم، فقاله:
(91)
- 1907 - (2)(حدثنا محمد بن إسماعيل بن البَخْتَري) -بفتح الموحدة والمثناة بينهما خاء معجمة ساكنة- الحَسَّاني -بمهملتين- أبو عبد الله
الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسامَةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ وَمُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيّ، عَنِ الْحَارِث، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ.
===
(الواسطي) نزيل بغداد، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(ت ق).
(حدثنا أبو أسامة) حمَّادُ بن أسامة الهاشمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى ومئتين (201 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) عبد الله (بن عون) بن أَرْطَبان أبي عون البصري، ثقة ثبت فاضل، من أقران أيوب في العلم والعمل والسِنّ، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ). يروي عنه:(ع).
(ومجالد) بالجر معطوف على ابن عون -بضم أوله وتخفيف الجيم- ابن سعيد بن عمير الهمداني -بسكون الميم- أبي عمرو الكوفي، ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره، من صغار السادسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ). يروي عنه:(م عم).
كلاهما (عن) عامر بن شراحيل (الشعبي) الحميري الكوفي، ثقة إمام، من الثالثة، مات بعد المئة. يروي عنه:(ع).
(عن الحارث) بن عبد الله الأعور الهمداني -بسكون الميم- الحوتي الكوفي صاحب علي، كذبه الشعبي في رأيه، ورمي بالرفض، ضعيف، مات في خلافة ابن الزبير، من الثانية. يروي عنه:(عم).
(عن علي) بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لضعف الحارث الأعور.
(قال) علي: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له).
(92)
-1908 - (3) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: قَالَ لِي أَبُو مُصْعَبٍ مِشْرَحُ بْنُ هَاعَانَ:
===
وشارك المؤلف في رواية هذ االحديث: أبو داوود في كتاب النكاح، باب في التحليل، والترمذي في كتاب النكاح، باب في المحلل والمحلل له، وأحمد في "مسنده".
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح بغيره، لأن له شواهد من حديث ابن مسعود وغيره، وسنده ضعيف، لأن فيه الحارث الأعور، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ابن عباس بحديث عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(92)
- 1908 - (3)(حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح) السهمي مولاهم (المصري) صدوق رمي بالتشيع، من الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وثمانين ومئتين (282 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا أبي) عثمان بن صالح بن صفوان السهمي مولاهم أبو يحيى المصري، صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة تسع عشرة ومئتين (219 هـ). يروي عنه:(خ س ق).
(قال) عثمان: (سمعت الليث بن سعد) الفهمي المصري، ثقة إمام حجة، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).
(يقول: قال لي أبو مصعب) بضم الميم وسكون الصاد وفتح العين المهملة (مشرح) بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه وآخره مهملة (ابن هاعان)
قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؟ "، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ:"هُوَ الْمُحَلِّلُ، لَعَنَ اللهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ".
===
المَعَافري -بفتحتين وفاءٍ- المصري، مقبول، من الرابعة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(دت ق).
(قال) أبو مصعب (عقبة بن عامر) الجهني الصحابي المشهور رضي الله عنه، ولي إمرة مصر لمعاوية ثلاث سنين، وكان فقيهًا فاضلًا، مات في قرب الستين (60 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه أبا مصعب مشرح بن هاعان، وهو مختلف فيه؛ فقال ابن حبان: لا يحتج به، وقال أحمد: ليس بشيء.
(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا) أي: انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم (أخبركم بالتيس المستعار؟ ) وهو ذكر المعز، (قالوا) أي: قال الحاضرون عنده صلى الله عليه وسلم: (بلى) أخبرنا (يا رسول الله، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هو) أي: ذلك التيس (المحلل) الذي يتزوج المرأة المطلقة ثلاثًا؛ ليحللها لمطلقها، (لعن الله المحلل والمحلل له).
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه بهذا السند، لكن رواه الحاكم في "المستدرك" عن أبي جعفر محمد بن عبد الله البغدادي عن يحيى بن عثمان بن صالح به، وقال: صحيح الإسناد، ورواه أبو داوود والنسائي من حديث عبد الله بن مسعود، وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب رواه أصحاب السنن الأربعة، ورواه البيهقي في "الكبرى" عن الحاكم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فهذا الحديث درجته: أنه صحيح المتن؛ لأن له شواهد من أحاديث الباب وغيره، وحسن بالنظر إلى سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والآخران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم