الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(30) - (598) - بَابُ الْعَزْلِ
(82)
- 1898 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الله، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ:
===
(30)
- (598) - (باب العزل)
(82)
- 1898 - (1)(حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان) بن خالد الأموي مولاهم (العثما ني) المدني نزيل مكة، صدوق يخطئ، من العاشرة، مات سنة إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ). يروي عنه:(س ق).
(حدثنا إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو إسحاق المدني نزيل بغداد، ثقة حجة تكلم فيه بلا قادح، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين ومئة (185 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن ابن شهاب) الزهري.
(حدثني عبيد الله بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود الهذلي أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه ثبت، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ)، وقيل: سنة ثمان وتسعين، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن أبي سعيد الخدري) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو سعيد: (سأل رجل) لم أر من ذكر اسمه (رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل) أي: عن حكمه، هل هو حرام أم مباح؟ والعزل: هو الإنزال خارج الفرج (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للسائل:
"أَوَتَفْعَلُونَ؟ ! لَا عَلَيْكُمْ أَلَّا تَفْعَلُوا؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَسَمَةٍ قَضَى اللهُ لَهَا أَنْ تَكُونَ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ".
===
(أ) تجامعون (وتفعلون) ذلك العزل؟ ! إلا عليكم) ضرر في ترك العزل؛ أي: (أن) تفعلوا العزل أو (لا تفعلوا) العزل سواء، قال السندي: وقيل: المعنى: لا بأس عليكم بأن فعلتم، فكلمة (لا) في قوله:(ألا تفعلوا) زائدة، وقيل غير ذلك. انتهى منه.
(فإنه) أي: لأن الشأن والحال (ليس من نسمة) ونفس (قضى الله) تعالى وقدَّر في علمه (لها أن تكون) وتوجد تلك النفس في الخارج .. (إلا) و (هي) أي: تلك النفس التي قضى الله وجودها (كائنة) أي: موجودة في الخارج لا بد من وجودها في الخارج؛ لأن قضاء الله لا يخلف، وقدر الله لا يرد بسبب من الأسباب؛ كالعزل، فحديث أبي سعيد هذا يدل على جواز العزل.
وفي حديث عائشة عن جدامة بنت وهب بن محصن الأسدية -وهي بنت أخي عكاشة بن محصن الأسدي- الذي أخرجه مسلم: (أنهم سألوه عن العزل) أي: عن إنزال المني خارج الفرج (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالهم: (ذلك) العزل (الوأد الخفي) أي: كالوأد الخفي؛ أي: كوأد البنات ودفنهن حيات، فجعل العزل في هذا الحديث بمنزلة الوأد؛ لأن من يعزل المني عن امرأته إنما يعزل هربًا من الولد إلا أنه خفي؛ يعني: أن العزل يشبه الوأد؛ وهو دفن البنت وهي حية، وكان بعض العرب يفعل ذلك؛ خشية الإملاق، أو خوف العار، ووجه الشبه: تفويت الحياة في كل.
وفي "المرقاة": شبه صلى الله عليه وسلم إضاعته النطفة التي أعدها الله تعالى؛ ليكون الولد منها .. بالوأد؛ لأنه يسعى في إبطال ذلك الاستعداد بعزل الماء عن محله. انتهى.
قال الحافظ: واستند ابن حزم في تحريم العزل إلى حديث جدامة بنت
(83)
- 1899 - (2) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو،
===
وهب الأسدية المذكور في "مسلم" وبينه وبين حديث أبي سعيد المذكور في "ابن ماجه" معارضة؛ لأن حديث أبي سعيد يدل على جواز العزل، وحديث جدامة يدل على حرمته، وجُمع بينهما بحمل النهي المفهوم من حديث جدامة على التنزيه لا على التحريم، والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب العتق، باب من ملك رقيقًا من العرب، ومسلم في كتاب النكاح، باب حكم العزل، والبيهقي في كتاب النكاح.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
وقوله: "لا عليكم ألا تفعلوا" أي: (لا) جناح (عليكم) في (ألا تفعلوا) العزل؛ أي: في ترككم العزل؛ كما لا حرج عليكم في فعله، فهو جائز مباح؛ أي: ما عليكم ضرر في الترك، فأشار إلى أن ترك العزل أحسن من فعله. انتهى من "الكوكب"، فراجعه، وقد بسطت الكلام فيه.
* * *
ثم استشهد له بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(83)
- 1899 - (2)(حدثنا هارون بن إسحاق) بن محمد بن مالك (الهمداني) -بسكون الميم- أبو القاسم الكوفي، صدوق، من صغار العاشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(ت س ق).
(حدثنا سفيان) بن عيينة.
(عن عمرو) بن دينار الجمحي المكي، ثقة، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ.
===
(عن عطاء) بن أبي رباح -أسلم- القرشي مولاهم المكي، ثقة فقيه فاضل، مات سنة أربع عشرة ومئة (114 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) جابر: (كنا) معاشر الصحابة (نعزل) أي: نفعل العزل (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم و) الحال أن (القرآن ينزل) من السماء، فلو كان العزل ممنوعًا .. لنزل الوحي بمنعه، فعدم نزوله بالمنع يدل على جوازه، فلم يصرح لنا الرسول صلى الله عليه وسلم بتحريمه، قال القرطبي: وهذا حجة واضحة على إباحة العزل مطلقًا؛ حرة كانت الموطوءة أو أمة، ولكن محمله على ما إذا لم يعارضه حق الزوجة. انتهى.
قال ابن دقيق العيد على ما وقع له في "العمدة": واستدلال جابر بالتقرير من الله غريب؛ لأن كل المناهي ليس مذكورًا في القرآن، ويمكن أن يكون استدل بتقرير الرسول، لكنه مشروط بعلمه بذلك. انتهى، ويكفي في علمه بذلك قول الصحابي: إنه فعله في عهده، والمسألة مشهورة في الأصول وفي علم الحديث؛ وهي أن الصحابي إذا أضافه إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم .. كان له حكم الرفع عند الأكثر؛ لأن الظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وأقره؛ لتوفر دواعيهم على سؤالهم إياه عن الأحكام، وإذا لم يضفه .. فله حكم الرفع أيضًا عند قوم، وهذا أولى من الأول؛ فإن جابرًا صرح بوقوعه في عهده صلى الله عليه وسلم، وقد وردت عدة طرق تصرح باطلاعه على ذلك.
(84)
- 1900 - (3) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ،
===
والذي يظهر لي أن الذي استنبط ذلك سواء كان هو جابرًا أو سفيان أراد بنزول القرآن ما يقرأ أعم من المتعبد بتلاوته أو غيره مما يوحى إليه صلى الله عليه وسلم، فكأنه يقول: فعلناه في زمن التشريع، ولو كان حرامًا .. لم نقر عليه، وإلى ذلك يشير قول ابن عمر:(كنا نتقي الكلام والانبساط إلى نسائنا؛ هيبة أن ينزل فينا شيء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم .. تكلمنا وانبسطنا). أخرجه البخاري.
وفي طرق الباب السابقة واللاحقة ما أغنى عن الاستنباط؛ فإن في بعضها التصريح باطلاعه صلى الله عليه وسلم، وفي أخرى إذنه في ذلك، وإن كان مرجوحًا، والله أعلم. انتهى من "فتح الملهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب النكاح، باب العزل، ومسلم في كتاب النكاح، باب حكم العزل، والترمذي رقم (1137)، وفي "شرح معاني الآثار"(3/ 35).
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة، لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي سعيد بحديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(84)
- 1900 - (3)(حدثنا الحسن بن علي) بن محمد الهذلي أبو علي (الخلال) الحلواني -بضم المهملة- نزيل مكة، ثقة حافظ له تصانيف، من الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(خ م دت ق).
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَي، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنِ الْمُحَرَّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
===
(حدثنا إسحاق بن عيسى) بن نجيح البغدادي أبو يعقوب ابن الطباع، سكن أذنة، صدوق، من التاسعة، مات سنة أربع عشرة ومئتين (214 هـ)، وقيل بعدها بسنة. يروي عنه:(م ت س ق).
(حدثنا) عبد الله (بن لهيعة) بن عقبة الحضرمي أبو عبد الرحمن المصري القاضي، صدوق، من السابعة، خلط بعد احتراق كتبه، مات سنة أربع وسبعين ومئة (174 هـ). يروي عنه:(م دت ق).
(حدثني جعفر بن ربيعة) بن شرحبيل بن حسنة الكندي أبو شرحبيل المصري، ثقة، من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) محمد بن مسلم (الزهري عن المحرر بن أبي هريرة) الدوسي المدني، مقبول، من الرابعة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. يروي عنه:(س ق).
(عن أبيه) أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر، راوية الحديث عن رسول الله رضي الله تعالى عنه.
روى أبوه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه (عن عمر بن الخطاب) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من ثمانياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه ابن لهيعة، وهو مختلف فيه، أو: الصحة؛ لأنه وإن كان مدلسًا؛ فقد روى عن الثقة بصيغة السماع، فقال:(حدثني جعفر بن ربيعة)، ومن لطائف هذا السند: أن فيه رواية صحابي عن صحابي، وتابعي عن تابعي.
قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعْزَلَ عَنِ الْحُرَّةِ إِلَّا بِإِذْنِهَا.
===
(قال) عمر: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل) -بالبناء للمجهول- أي: أن يعزل ويبعد المني (عن الحرة إلا بإذنها) أي: إلا بإذن الحرة ورضاها.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه؛ ولكن رواه الإمام أحمد في "مسنده" من حديث عمر بن الخطاب أيضًا، ورواه البيهقي في "الكبرى" من طريق إسحاق بن عيسى عن ابن لهيعة، فذكره بإسناده ومتنه سواء، وله شاهد من حديث ابن عمر، ومن حديث ابن عباس، رواهما البيهقي منفردًا بهما عن أصحاب الكتب الستة، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح. انتهى من الهامش.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح أو حسن؛ لصحة سنده أو حسنه؛ كما مر آنفًا، ولأن له شواهد، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم