المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(26) - (594) - باب الإقامة على البكر والثيب - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١١

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ النِّكاح

- ‌(1) - (569) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ النِّكَاحِ

- ‌(2) - (570) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّبَتُّلِ

- ‌(3) - (571) - بَابُ حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ

- ‌(4) - (572) - بَابُ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

- ‌(5) - (573) - بَابُ أَفْضَلِ النِّسَاءِ

- ‌(6) - (574) - بَابُ تَزْوِيجِ ذَاتِ الدِّينِ

- ‌(7) - (575) - بَابُ تَزْوِيجِ الْأَبْكَارِ

- ‌(8) - (576) - بَابُ تَزْوِيجِ الْحَرَائِرِ وَالْوَلُودِ

- ‌(9) - (577) - بَابُ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا

- ‌فائدة

- ‌(10) - (578) - بَابُ لَا يَخْطُبِ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

- ‌(11) - (579) - بَابُ استئمار الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ

- ‌(12) - (580) - بَابُ مَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ كارِهَةٌ

- ‌(13) - (581) - بَابُ نِكَاحِ الصِّغَارِ يُزَوِّجُهُنَّ الْآبَاءُ

- ‌(14) - (582) - بَابُ نِكَاحِ الصِّغَارِ يُزَوِّجُهُنَّ غَيْرُ الْآبَاءِ

- ‌(15) - (583) - بَابُ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ

- ‌(16) - (584) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الشِّغَارِ

- ‌(17) - (585) - بَابُ صَدَاقِ النِّسَاءِ

- ‌(18) - (586) - بَابُ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ وَلَا يَفْرِضُ لَهَا فَيَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ

- ‌(19) - (587) - بَابُ خُطْبَةِ النِّكَاحِ

- ‌(20) - (588) - بَابُ إِعْلَانِ النِّكَاحِ

- ‌(21) - (589) - بَابُ الْغِنَاءِ وَالدُّفِّ

- ‌تتمة

- ‌(22) - (590) - بَابُ الْمُخَنَّثِينَ

- ‌(23) - (591) - بَابُ تَهْنِئَةِ النِّكَاحِ

- ‌(24) - (592) - بَابُ الْوَلِيمَةِ

- ‌تتمة

- ‌(25) - (593) - بَابُ إِجَابَةِ الدَاعِي

- ‌تتمة

- ‌تنبيه مهم

- ‌(26) - (594) - بَابُ الْإِقَامَةِ عَلَى الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ

- ‌(27) - (595) - بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَهْلُهُ

- ‌(28) - (596) - بَابُ التَّسَتُّرِ عِنْدَ الْجِمَاعِ

- ‌(29) - (597) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ

- ‌(30) - (598) - بَابُ الْعَزْلِ

- ‌(31) - (599) - بَابٌ: لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا

- ‌(32) - (600) - بَابُ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجُ فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا أَتَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ

- ‌(33) - (601) - بَابُ الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ

- ‌(34) - (602) - بَابٌ: يَحْرُمُ مِنَ الرِّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

- ‌تتمه

- ‌(35) - (603) - بَابٌ: لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ

- ‌(36) - (654) - بَابُ رِضَاعِ الْكَبِيرِ

- ‌(37) - (605) - بَابٌ: لَا رِضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ

- ‌(38) - (606) - بَابُ لَبَنِ الْفَحْلِ

- ‌(39) - (607) - بَابُ الرَّجُلِ يُسْلِمُ وَعِنْدَهُ أُخْتَانِ

- ‌(40) - (608) - بَابُ الرَّجُلِ يُسْلِمُ وَعِنْدَهُ أَكثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ

- ‌(41) - (609) - بَابُ الشَّرْطِ فِي النِّكَاحِ

- ‌(42) - (610) - بَابُ الرَّجُلِ يَعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا

- ‌(43) - (611) - بَابُ تَزْوِيجِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ

- ‌(44) - (612) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ

- ‌تتمة

- ‌تنبيه

- ‌(45) - (613) - بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّجُ

- ‌(46) - (614) - بَابُ الْأَكْفَاءِ

- ‌(47) - (615) - بَابُ الْقِسْمَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ

- ‌(48) - (616) - بَابُ الْمَرْأَةِ تَهَبُ يَوْمَهَا لِصَاحِبَتِهَا

- ‌(49) - (617) - بَابُ الشَّفَاعَةِ فِي التَّزْوِيجِ

- ‌(50) - (618) - بَابُ حُسْنِ مُعَاشَرَةِ النِّسَاءِ

- ‌(51) - (619) - بَابُ ضَرْبِ النِّسَاءِ

- ‌فائدة

- ‌(52) - (620) - بَابُ الْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ

- ‌(53) - (621) - بَابٌ: مَتَى يُسْتَحَبُّ الْبِنَاءُ بِالنِّسَاءِ

- ‌(54) - (622) - بَابُ الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِأَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا

- ‌(55) - (623) - بَابٌ: مَا يَكُونُ فِيهِ الْيُمْنُ وَالشُّؤْمُ

- ‌(56) - (624) - بَابُ الْغَيْرَةِ

- ‌تتمة

- ‌(57) - (625) - بَابُ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) - (626) - بَابُ الرَّجُلِ يَشُكُّ فِي وَلَدِهِ

- ‌(59) - (627) - بَابُ الْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ

- ‌(60) - (628) - بَاب: فِي الزَّوْجَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ

- ‌(61) - (629) - بَابُ الْغَيْلِ

- ‌(62) - (630) - بَاب: فِي الْمَرْأَةِ تُؤْذِي زَوْجَهَا

- ‌(63) - (631) - بَابٌ: لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ

الفصل: ‌(26) - (594) - باب الإقامة على البكر والثيب

(26) - (594) - بَابُ الْإِقَامَةِ عَلَى الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ

(72)

-1888 - (1) حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ

===

(26)

- (594) - (باب الإقامة على البكر والثيب)

(72)

-1888 - (1)(حدثنا هناد بن السري) بن مصعب التميمي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثنا عبدة بن سليمان) الكلابي الكوفي، ثقة ثبت، من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن محمد بن إسحاق) بن يسار المطلبي مولاهم المدني، نزيل العراق إمام المغازي، صدوق يدلس، من صغار الخامسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ)، ويقال بعدها. يروي عنه:(م عم).

(عن أيوب) بن أبي تميمة كيسان السختياني العنزي أبي بكر البصري، ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء العباد، من الخامسة، مات سنة إحدى وثلاثين ومئة (131 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي قلابة) عبد الله بن زيد بن عمرو، أو عامر، الجرمي البصري، ثقة فاضل كثير الإرسال، قال العجلي: فيه نصب يسير، من الثالثة، مات بالشام، هاربًا من القضاء سنة أربع ومئة (104 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن أنس) بن مالك رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

ص: 216

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِلثَّيِّبِ ثَلَاثًا، وَلِلْبِكْرِ سَبْعًا".

===

(قال) أنس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للثيب ثلاثًا) أي: إذا تزوج ثيبًا .. فلها ثلاث ليالٍ هي حقها، ثم يجب القسم بينها وبين القديمة (وللبكر سبعًا) من الليالي؛ يعني: أن الرجل إذا تزوج الثيب الجديدة على الزوجة القديمة .. أقام عند الجديدة ثلاثًا من الليالي؛ لأجل زفافها، وإذا تزوج البكر الجديدة .. أقام عندها سبعًا من الليالي؛ لأجل الزفاف.

قال ابن العربي: والحكمة: أنه نظر إلى تحصيل الألفة والمؤانسة، وأن يستوفي الزوج لذته من الثانية؛ فإن لكل جديدة لذة، ولما كانت البكر الحديثة العهد بالرجل وحديثة بالاستصعاب والنفار لا تلين إلا بجهد .. شرعت لها الزيادة على الثيب؛ لأنه ينفي نفارها ويسكن روعها، وهي في ذلك بخلاف الثيب؛ لأنها مارست الرجال، وهذه حكمة تخصيصها بالزيادة، والدليل على ذلك إنما هو قول الشارع وفعله. انتهى من "الأبي".

قال المازري: واختلف عندنا في ذلك: فقيل: الثلاث والسبع حق للزوج على بقية نسائه؛ لحاجته إلى اللذة بهذه الجديدة، فجعل له الشارع ذلك؛ زيادةً في الاستمتاع، وقيل: حق للمرأة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "للثيب وللبكر" بلام الملك. انتهى منه.

ومن لا يقول بذلك التخصيص .. يعتذر بأنه معارض بالعدل الواجب بالكتاب؛ إذ العدل معلوم لغةً؛ وهو التسوية، فيؤخذ بالكتاب ويترك حديث الآحاد.

وقد يجاب عنه: بأن المراد بالعدل المذكور: العدل شرعًا لا مطلق التسوية لغةً؛ ضرورة أن التسوية في الجماع غير واجب، وكذا في طول الثوب وقصره إذا

ص: 217

(73)

-1889 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ،

===

كانت إحداهما طويلة والأخرى قصيرة، وغير ذلك، بل إذا كانت إحداهما حرة والثانية أمةً .. فللحرة يومان، وللأمة يوم، وكل ذلك عدل شرعًا، وإن لم يكن تسوية لغة .. فينبغي أن يعلم العدل شرعًا من بيان الشارع. انتهى "سندي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب النكاح، باب إذا تزوج الثيب على البكر، ومسلم في كتاب الرضاع، باب قدر ما تستحقه البكر والثيب من إقامة الزوج عندها عقب الزفاف، وأبو داوود في كتاب النكاح، باب ما جاء في المقام عند البكر.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة، لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث أنس بحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(73)

-1889 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ التميمي البصري (القطان) ثقة، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئتين (298 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة حجة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن محمد بن أبي بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني أبو عبد الملك القاضي، ثقة، من السادسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 218

عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ " يَعْنِي: ابْنَ أَبي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ .. أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا وَقَالَ:

===

(عن عبد الملك؛ يعني: ابن أبي بكر) بن عبد الرحمن (بن الحارث بن هشام) المخزومي المدني، ثقة، من الخامسة، مات في أول خلافة هشام. يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي المدني، قيل: اسمه محمد، وقيل: المغيرة، وقيل: أبو بكر اسمه، وكنيته أبو عبد الرحمن، وقيل: اسمه كنيته، راهب قريش، ثقة فقيه عابد، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ)، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن أم سلمة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة، لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن رسول الله لما تزوج أم سلمة) هند بنت أبي أمية حذيفة المخزومية .. (أقام عندها ثلاثًا) من الليالي.

ويفهم من أحاديث الباب أن من السنة أن الرجل إذا تزوج بكرًا جديدة .. أقام عندها سبعًا، ثم قسم بين أزواجه؛ وإذا تزوج جديدة ثيبًا .. أقام عندها ثلاثًا، ثم قسم، وكانت أم سلمة ثيبًا.

(وقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبله حذف؛ كما يؤخذ من بعض روايات مسلم، تقديره: ولما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج من عندها بعد ثلاث .. أخذت بثوبه صلى الله عليه وسلم، وأرادت زيادة مقامه عندها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، تمهيدًا للعذر

ص: 219

"لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ إِنْ شِئْتِ .. سَبَّعْتُ لَك، وَإنْ سَبَّعْتُ لَكِ .. سَبَّعْتُ لِنِسَائِي".

===

في الاقتصار على الثلاث، فقال لها:(ليس بك) يا أم سلمة، الجار والمجرور متعلق بهوان الآتي.

وقوله: (على أهلك) أي: على زوجك -يعني: نفسه- خبر ليس، و (على) بمعنى (عند)، وقوله:(هوان) أي: احتقار واستخفاف: اسم ليس مؤخر عن خبرها؛ والتقدير: إنه ليس هوان واستخفاف بك عند أهلك وزوجك، قال القاضي: وأراد بالأهل نفسه الشريفة صلى الله عليه وسلم، وكل واحد من الزوجين أهل لصاحبه.

والمعنى: ليس اقتصاري على الثلاث معك؛ لهوانِك علَيَّ وقلةِ الرغبة فيك، بل لأن الشرع كذلك، ثم بين حقها، وخيَّرها بين ثلاث بلا قضاء، وبين سبع مع قضاء حقوقِ باقي النساء، وفي كل منهما مزية لها؛ فإن في السبع مزية التوالي، وفي الثلاث مزية قرب العود؛ لعدم القضاء، وهذا معنى قوله: (إن شئت .. سبعت لك

) إلى آخره؛ إن شئت الزيادة لك على الثلاث الخالصة لك .. سبعت لك؛ أي: أقمت عندك سبع ليالي (وإن سبعت لك) أي: أقمت عندك سبع ليال متوالية

(سبعت لنسائي) وأزواجي؛ أي: أقمت بعدك عند كل واحدة من نسائي سبعًا سبعًا.

وفي رواية لمسلم زيادة: (قالت) أم سلمة لرسول الله: (ثَلِّثْ) أي: اقتصر على هذه الثلاثة ولا تَزِدْ عليها، وابدأ الدَّوَرَان على أزواجك؛ يعني: أنها اختارت الثلاثَ؛ لكونِها لا تُقْضى في سائرِ الأزواج، فيقرب عودُه صلى الله عليه وسلم إليها.

ص: 220

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقد اختلف هل لغير النبي صلى الله عليه وسلم أن يُسبِّع للثيب أم لا؟

فذهب مالك فيما ذكر عنه ابنُ المَوَّازِ إلى أنه ليس له أن يسبع، وكأنه رأى أن ذلك كان من خصوصياته صلى الله عليه وسلم؛ إذ قد ظهرت خصوصياته في هذا الباب كثيرًا، وقال ابن القصار: إذا سبع للثيب .. سبع لسائر نسائه؛ أخذًا بظاهر هذا الحديث، ولا يدل عنده على سقوط الثلاثة، وكأنه تمسك بالرواية التي قال لها فيها:"إن شئت .. زدتك وحاسبتك"، وكل هذا منه صلى الله عليه وسلم عمل بالعدل بين أزواجه، ومراعاة له.

وهل كان ذلك منه -أعني: القَسْمَ- على جهة الوجوب؛ كما هو على غيره بالاتفاق، أو هو مندوب إلى ذلك، لكنه أخذ نفسه بذلك؛ رغبةً في تحصيل الثواب، وتطييبًا لقلوبهن، وتحسينًا للعشرة معهن على مقتضى خلقه الكريم وليقتدى به؟

في ذلك قولان لأهل العلم؛ مستند القول بالوجوب: التمسك بعموم القاعدة الكلية في وجوب العدل بينهن، وبقوله صلى الله عليه وسلم:"اللهم؛ هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " رواه أبو داوود والترمذي والنسائي؛ يعني: الحب والبغض.

ومستند نفيه: قوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} (1).

ولم يختلف في حق غير النبي صلى الله عليه وسلم ممن له زوجات أن العدل عليه واجب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له امرأتان فلم يعدل

(1) سورة الأحزاب: (51).

ص: 221

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بينهما .. جاء يوم القيامة وشقه مائل، أو ساقط"، وقولِه تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} (1). انتهى من "المفهم".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الرضاع، باب قدر ما يستحقه، وأبو داوود في كتاب النكاح، باب في المقام عند البكر، والبيهقي، ومالك، وأبو يعلى، وعبد الرزاق.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديتين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

(1) سورة النساء: (129).

ص: 222