المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(53) - (621) - باب: متى يستحب البناء بالنساء - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١١

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ النِّكاح

- ‌(1) - (569) - بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ النِّكَاحِ

- ‌(2) - (570) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّبَتُّلِ

- ‌(3) - (571) - بَابُ حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ

- ‌(4) - (572) - بَابُ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

- ‌(5) - (573) - بَابُ أَفْضَلِ النِّسَاءِ

- ‌(6) - (574) - بَابُ تَزْوِيجِ ذَاتِ الدِّينِ

- ‌(7) - (575) - بَابُ تَزْوِيجِ الْأَبْكَارِ

- ‌(8) - (576) - بَابُ تَزْوِيجِ الْحَرَائِرِ وَالْوَلُودِ

- ‌(9) - (577) - بَابُ النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا

- ‌فائدة

- ‌(10) - (578) - بَابُ لَا يَخْطُبِ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

- ‌(11) - (579) - بَابُ استئمار الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ

- ‌(12) - (580) - بَابُ مَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ كارِهَةٌ

- ‌(13) - (581) - بَابُ نِكَاحِ الصِّغَارِ يُزَوِّجُهُنَّ الْآبَاءُ

- ‌(14) - (582) - بَابُ نِكَاحِ الصِّغَارِ يُزَوِّجُهُنَّ غَيْرُ الْآبَاءِ

- ‌(15) - (583) - بَابُ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ

- ‌(16) - (584) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الشِّغَارِ

- ‌(17) - (585) - بَابُ صَدَاقِ النِّسَاءِ

- ‌(18) - (586) - بَابُ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ وَلَا يَفْرِضُ لَهَا فَيَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ

- ‌(19) - (587) - بَابُ خُطْبَةِ النِّكَاحِ

- ‌(20) - (588) - بَابُ إِعْلَانِ النِّكَاحِ

- ‌(21) - (589) - بَابُ الْغِنَاءِ وَالدُّفِّ

- ‌تتمة

- ‌(22) - (590) - بَابُ الْمُخَنَّثِينَ

- ‌(23) - (591) - بَابُ تَهْنِئَةِ النِّكَاحِ

- ‌(24) - (592) - بَابُ الْوَلِيمَةِ

- ‌تتمة

- ‌(25) - (593) - بَابُ إِجَابَةِ الدَاعِي

- ‌تتمة

- ‌تنبيه مهم

- ‌(26) - (594) - بَابُ الْإِقَامَةِ عَلَى الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ

- ‌(27) - (595) - بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَهْلُهُ

- ‌(28) - (596) - بَابُ التَّسَتُّرِ عِنْدَ الْجِمَاعِ

- ‌(29) - (597) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ

- ‌(30) - (598) - بَابُ الْعَزْلِ

- ‌(31) - (599) - بَابٌ: لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا

- ‌(32) - (600) - بَابُ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجُ فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا أَتَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ

- ‌(33) - (601) - بَابُ الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ

- ‌(34) - (602) - بَابٌ: يَحْرُمُ مِنَ الرِّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ

- ‌تتمه

- ‌(35) - (603) - بَابٌ: لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ

- ‌(36) - (654) - بَابُ رِضَاعِ الْكَبِيرِ

- ‌(37) - (605) - بَابٌ: لَا رِضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ

- ‌(38) - (606) - بَابُ لَبَنِ الْفَحْلِ

- ‌(39) - (607) - بَابُ الرَّجُلِ يُسْلِمُ وَعِنْدَهُ أُخْتَانِ

- ‌(40) - (608) - بَابُ الرَّجُلِ يُسْلِمُ وَعِنْدَهُ أَكثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ

- ‌(41) - (609) - بَابُ الشَّرْطِ فِي النِّكَاحِ

- ‌(42) - (610) - بَابُ الرَّجُلِ يَعْتِقُ أَمَتَهُ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا

- ‌(43) - (611) - بَابُ تَزْوِيجِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ

- ‌(44) - (612) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ

- ‌تتمة

- ‌تنبيه

- ‌(45) - (613) - بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَزَوَّجُ

- ‌(46) - (614) - بَابُ الْأَكْفَاءِ

- ‌(47) - (615) - بَابُ الْقِسْمَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ

- ‌(48) - (616) - بَابُ الْمَرْأَةِ تَهَبُ يَوْمَهَا لِصَاحِبَتِهَا

- ‌(49) - (617) - بَابُ الشَّفَاعَةِ فِي التَّزْوِيجِ

- ‌(50) - (618) - بَابُ حُسْنِ مُعَاشَرَةِ النِّسَاءِ

- ‌(51) - (619) - بَابُ ضَرْبِ النِّسَاءِ

- ‌فائدة

- ‌(52) - (620) - بَابُ الْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ

- ‌(53) - (621) - بَابٌ: مَتَى يُسْتَحَبُّ الْبِنَاءُ بِالنِّسَاءِ

- ‌(54) - (622) - بَابُ الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِأَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا

- ‌(55) - (623) - بَابٌ: مَا يَكُونُ فِيهِ الْيُمْنُ وَالشُّؤْمُ

- ‌(56) - (624) - بَابُ الْغَيْرَةِ

- ‌تتمة

- ‌(57) - (625) - بَابُ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(58) - (626) - بَابُ الرَّجُلِ يَشُكُّ فِي وَلَدِهِ

- ‌(59) - (627) - بَابُ الْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ

- ‌(60) - (628) - بَاب: فِي الزَّوْجَيْنِ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ

- ‌(61) - (629) - بَابُ الْغَيْلِ

- ‌(62) - (630) - بَاب: فِي الْمَرْأَةِ تُؤْذِي زَوْجَهَا

- ‌(63) - (631) - بَابٌ: لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ

الفصل: ‌(53) - (621) - باب: متى يستحب البناء بالنساء

(53) - (621) - بَابٌ: مَتَى يُسْتَحَبُّ الْبِنَاءُ بِالنِّسَاءِ

؟

(143)

- 1959 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ،

===

(53)

- (621) - (باب: متى يستحب البناء بالنساء؟ )

(143)

- 1959 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع بن الجراح) بن مليح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(ح وحدثنا أبو بشر بكر بن خلف) البصري ختن المقرئ، صدوق، من العاشرة، مات بعد سنة أربعين ومئتين. يروي عنه:(دق).

(حدثنا يحيى بن سعيد) القطان، ثقة إمام، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(جميعًا) أي: كل من وكيع ويحيى بن سعيد رويا (عن سفيان) الثوري.

(عن إسماعيل بن أمية) بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي المكي، ثقة ثبت، من السادسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن عروة) بن الزبير بن العوام أبي بكر الأسدي المدني، ثقة ثبت فاضل، من الثالثة، بقي إلى أواخر دولة بني أمية، وكان مولده سنة خمس وأربعين (45 هـ). يروي عنه:(خ م ت س ق).

(عن) أبيه (عروة) بن الزبير الأسدي المدني، ثقة فقيه مشهور، من الثالثة، مات قبل المئة سنة أربع وتسعين (94 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 424

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ،

===

(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذان السندان من سباعياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما ثقات أثبات.

(قالت) عائشة: (تزوجني) أي: نكحني (النبي صلى الله عليه وسلم وعقد على بعد موت خديجة ونكاح سودة وهو بمكة (لست سنين) من عمري؛ كما في رواية مسلم.

أي: إنها في وقت نكاحها صغيرة بنت ست سنوات (في شوال، وبنى بي) أي: دخل علي بعد الهجرة بسبعة أشهر (في شوال) أيضًا (وأنا بنت تسع سنين) من عمري؛ كما في رواية مسلم؛ أي: زُفِفْتُ إليه وحُملت إلى بيته، يقال: بنى عليها، وبنى بها، والأول أفصح، وأصله: أن الرجل كان إذا تزوج. . بني للعُرْسِ خباءً جديدًا، أو عمَّرَهُ بما يحتاج إليه، ثم كثر في كلامهم حتى كُنيَ به عن الدخول، أفاده الفيومي.

وأخرج الإسماعيلي: من طريق عبد الله بن محمد بن يحيى عن هشام عن أبيه أنه كتب إلى الوليد: إنك سألتني متى توفيت خديجة؟ وإنها توفيت قبل مخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة بثلاث سنوات أو قريبٍ من ذلك، ونكح النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بعد وفاة خديجة، وعائشة بنت ست سنين، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بني بها بعدما قدم المدينة، وهي بنت تسع سنين.

قال الحافظ بعد الكلام الكثير: وإذا ثبت أنه بني بها في شوال من السنة الأولى من الهجرة. . قوي من قال: إنه دخل بها بعد الهجرة بسبعة أشهر، وقد

ص: 425

فَأَيُّ نِسَائِهِ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي، وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخَلَ نِسَاؤُهَا فِي شَوَّالٍ.

===

وهاه النووي في "تهذيبه"، وليس بواهٍ إذا عددناه من ربيع الأول، وجزمه بأن دخوله بها كان في السنة الثانية يخالف ما ثبت أنه دخل بها بعد خديجة بثلاث سنين.

وقال الدمياطي في "السيرة" له: ماتت خديجة في رمضان، وعقد على سودة في شوال، ثم على عائشة، ودخل بسودة قبل عائشة.

قالت عائشة: (فأي نسائه) وأزواجه صلى الله عليه وسلم (كان أحظى) أي: أكثر حظًا وأرفع منزلة (عنده) صلى الله عليه وسلم (مني؟ ! ) تريد بهذا الكلام: رد ما اشتهر عند الناس من كراهية التزوج في شوال؛ لأنه من أشهر الحج. انتهى "سندي".

قال عروة -كما في رواية مسلم-: (وكانت عائشة تستحب) أي: تحب للاتباع لا لاعتقادِ سعودٍ فيه (أن تُدخَل) بالبناء للمجهول، وقولهُ:(نساؤُها) نائب فاعل؛ أي: أن تُزوَّج نساءُ أقاربها ويُبنى عليهن (في) شهر (شوال) للاتباع.

ويصح بناؤُه للفاعل؛ من الإدخال، والضمير المستتر فيه لعائشة؛ أي: أن تُدْخِلَ عائشةُ نساءَ أقاربها على زوجها في شوال وتُزَفِّفها إليه؛ اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.

قولُها: (تزوَّجني في شوال، وبنى بني في شوال، فأيُّ نسائِهِ كان أَحْظى عنده مني؟ ! ) قال النووي: مرادُها بهذا الكلام: رَدُّ ما كانت عليه الجاهلية، وما يُخيِّلُه بعضُ العوام اليومَ من كراهةِ التزوجِ والتزويجِ والدخولِ في شوال، وهذا باطل لا أَصْلَ له، وهو من آثار الجاهلية، كانوا يَتطيَّرون

ص: 426

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بذلك؛ لما في اسم شوال من الإشالةِ والرَّفْعِ. انتهى منه.

وقولُها: (فأيُّ نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحظى) أي: كان أكثر حظوة ونصيبًا وأرفع منزلة (عنده) صلى الله عليه وسلم (مني؟ ! ) تشير به إلى حظوتها برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي رفعة منزلتها عنده صلى الله عليه وسلم.

يقال: حَظِيَ فلانٌ عند الناس يحظى -من باب رضي وتَعِبَ- حِظَةً -وِزانَ عِدَةٍ - وحظوة -بضم الحاء وكسرها- إذا أحبوه ورفعوا منزلتَه.

قوله: (قال) عروة: (وكانت عائشة تستحب) أي: تحب؛ فالسين والتاء فيه زائدتان (أن تدخل) بضم التاء؛ من أدخل الرباعي (نساءها) أي: نساء أقربائها اللاتي نكحن على أزواجهن (في شوال) للاتباع لا لاعتقادِ سعودٍ فيه.

قال القرطبي: قولها: (تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال. . .) الحديث. إنما قالت عائشة هذا الكلام؛ لترُدَّ به قولَ من كان يكره عقد النكاح في شوال، ويتشاءمُ به من جهة أن شوالًا من الشول؛ وهو الرفع، ومنه: شالت الناقة ذنبها، وقد جعلوه كنايةً عن الهلاك؛ إذ قالوا: شالت نعامتهم؛ أي: هلكوا.

فشوال معناه: كثير الشول؛ فإنه للمبالغة، فكأنهم يتوهمون أن كل من تزوج في شوال منهن شالَ الشَّنَآنُ بينها وبين زوجها، أو شالَتْ نفرتُه منها فلم تَحْصُلْ لها حظوةٌ عنده، ولذلك قالت عائشة رَادَّةً الوَهْمَ:(فأيُّ نسائه كان أحظى عنده مني؟ ! ) أي: لم يَضُرَّني ذلك ولا نقَصَ من حظوتي، ثم إنها تبرَّكَتْ بشهرِ شوال، فكانت تُحِبُّ أن تُدْخَلَ نساؤُها على أزواجهن في شوال

ص: 427

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الذي حصلَ لها فيه من الخيرِ برسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الحظوةِ عنده، ولمخالفةِ ما يقول الجُهَال من ذلك.

ومن هذا النوع كراهةُ الجهال عندنا اليومَ عقدَ النكاح في شهرِ المحرم، بل ينبغي أن يُتيَمَّنَ بالعقدِ والدخولِ فيه؛ تمسُّكًا بما عظَّمَ اللهُ ورسولُه من حرمته، ورَدْعًا للجهال عن جهالاتهم. انتهى من "المفهم".

وفي "فتح الملهم": قولها: (كان أَحْظَى عنده مني) أي: أقربَ إليه وأسعدَ به أو أكثرَ نصيبًا مني.

وفي "شرح النقاية" لأبي المكارم: كَرِهَ بعضُ الروافض النكاحَ بين العيدين.

وقال السيوطي في "حاشيتِه على مسلم": روى ابنُ سعدٍ في "طبقاتِه" عن أبي حاتم قال: إنما كَرِهَ الناسُ أن يتزوَّجوا في شوال؛ لطاعونٍ وقع فيه في الزمنِ الأول. انتهى.

قوله: (وكانَتْ تَسْتَحِبُّ. . .) إلى آخره، قال النووي: فيه استحبابُ التزوج والتزويج والدخولِ في شوال، وقد نصَّ أصحابنا على استحبابه، واستدلوا بهذا الحديث.

وقال الشوكاني: والحديثُ إنما يدُلُّ على استحبابِ ذلك في شوال، إذا تبيَّن أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَصَدَ ذلك لخصوصيةٍ له لا تُوجَدُ في غيرِه، لا إذا كان وقوعُ ذلك اتفاقًا منه صلى الله عليه وسلم على طريق الاتفاق، وكونه بعض أجزاء الزمان؛ فإنه لا يدل على الاستحباب؛ لأنه حكم شرعي يحتاج إلى دليل، وقد تزوج صلى الله عليه وسلم نساءه في أوقات مختلفة على حسب الاتفاق، ولم يتحر وقتًا مخصوصًا، ولو كان مجرد الوقوع يفيد الاستحباب. . لكان كل

ص: 428

(144)

- 1960 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،

===.

وقت من الأوقات التي تزوج فيها النبي صلى الله عليه وسلم يستحب البناء فيه، وهو غير مسلَّم. انتهى، والله أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب النكاح، باب استحباب التزوج والتزويج في شوال، والترمذي في كتاب النكاح، باب ما جاء في الأوقات التي يستحب فيها النكاح، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث سفيان عن إسماعيل بن أمية، والنسائي في كتاب النكاح، باب التزويج في شوال، باب البناء في شوال.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث الحارث بن هشام رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(144)

- 1960 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أسود بن عامر) الشامي نزيل بغداد، يكنى أبا عبد الرحمن، ويلقب شاذان، ثقة، من التاسعة، مات في أول سنة ثمان ومئتين (208 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا زهير) بن معاوية بن حديج أبو خيثمة الجعفي الكوفي، ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة اثنتين أو ثلاث أو أربع وسبعين ومئة (174 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن محمد بن إسحاق) بن يسار المطلبي مولاهم المدني، إمام المغازي،

ص: 429

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ

===

صدوق يدلس، من صغار الخامسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ)، ويقال بعدها. يروي عنه:(م عم).

وقال ابن سعد: كان محمد بن إسحاق ثقةً، ومن الناس من يتكلم فيه ممن ليس من أهل الجرح والتعديل، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: تكلم فيه رجلان: هشام ومالك؛ فأما قول هشام. . فليس مما يجرح به الإنسان، وأما مالك. . فإن ذلك وقع منه مرة واحدة، ثم عاد له إلى ما يحب، ولم يكن يقدح فيه من أجل الحديث، إنما كان ينكر عليه تتبعه غزوات النبي صلى الله عليه وسلم من أولاد اليهود الذين أسلموا وحفظوا قصة خيبر وغيرها، وكان ابن إسحاق يتتبع هذا منهم من غير أن يحتج بهم. انتهى من "التهذيب"، راجع إليه، وهو لا يضر السند وإن كان مدلسًا. يروي عنه:(م عم).

(عن عبد الله بن أبي بكر) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني القاضي، ثقة، من الخامسة، مات سنة خمس وثلاثين ومئة (135 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري النجاري المدني القاضي، اسمه وكنيته واحد، ثقة عابد، من الخامسة، مات سنة عشرين ومئة (120 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد الملك بن الحارث بن هشام) المكي، روى عن أبيه، مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(ق)، والصواب: عن عبد الرحمن بن الحارث، بدل: عبد الملك بن الحارث.

(عن أبيه) الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم

ص: 430

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ أُمَّ سلَمَةَ فِي شَوَّالٍ، وَجَمَعَهَا إِلَيْهِ فِي شَوَّالٍ.

===

أبي عبد الرحمن المكي، من مسلمة الفتح، استشهد بالشام في خلافة عمر، وله ذكر في "الصحيحين" أنه سأل عن كيفية مجيء الوحي رضي الله تعالى عنه. يروي عنه:(ق).

وفي "التهذيب": وللحارث ذكر في "الصحيح" في حديث عائشة أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: كيف يأتيك الوحي. . . الحديث، وقد رواه الإمام أحمد في "مسنده"، والبغوي في "معجم الصحابة" من طريق أخرى فيها: عن عائشة عن الحارث بن هشام أخي أبي جهل عمرو بن هشام. انتهى "تهذيب".

وهذا السند من ثمانياته، وحكمه: الصحة، لأن رجاله ثقات، ولا يضر فيه ابن إسحاق؛ لأن بعضهم وثقه؛ كما مر آنفًا.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أم سلمة) هند بنت أبي أمية المخزومية ونكحها (في شوال، وجمعها) أي: ضمها (إليه) بالدخول (في شوال).

وهذا الحديث انفرد ابن ماجه بإخراجه عن الحارث بن هشام، وليس له شيء في الكتب الخمسة الأصول، وهكذا رواه ابن أبي شيبة في "مسنده"، وله شاهد في "صحيح مسلم" وغيره من حديث عائشة، انظر الحديث الذي قبله.

ورواه محمد بن يزيد المستملي عن أسود بن عامر بإسناده إلا أنه قال: عبد الرحمن بن الحارث، بدل: عبد الملك بن الحارث، وهو أولى بالصواب.

ص: 431

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، ولأن له شاهدًا من حديث عائشة، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة.

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 432