المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

نقض إليكم حاجة أو نقل … هل لي فيما بي - شرح شواهد المغني - جـ ٢

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌شواهد كأين

- ‌شواهد كذا

- ‌شواهد كأنّ

- ‌شواهد كل

- ‌فائدة: [العرجى]

- ‌فائدة: [بندار الأصبهاني]

- ‌فائدة: [السموأل]

- ‌فائدة: [قيس بن ذريح]

- ‌فائدة: [أبو الأسود الدؤلي]

- ‌شواهد كلا

- ‌فائدة: [عبد الله ابن الزّبعرى]

- ‌شواهد كيف

- ‌حرف اللام

- ‌[شواهد «ل»]

- ‌فائدة: [متمم بن نويرة]

- ‌فائدة: [قيس بن عاصم]

- ‌شواهد لا

- ‌فائدة: [النابغة الجعدي]

- ‌شواهد لات

- ‌شواهد لو

- ‌فائدة: [مهلهل]

- ‌شواهد لولا

- ‌شواهد لم

- ‌فائدة: [عبد يغوث بن صلاءة]

- ‌فائدة: [سراقة بن مرداس]

- ‌شواهد لما

- ‌فائدة: [الممزّق]

- ‌شواهد لن

- ‌شواهد ليت

- ‌شواهد لعل

- ‌فائدة: [قيس بن الملوّح]

- ‌شواهد لكنّ

- ‌شواهد لكن الساكنة

- ‌شواهد ليس

- ‌حرف الميم شواهد ما

- ‌فائدة: [أبو حية النميري]

- ‌شواهد من

- ‌شواهد من

- ‌شواهد مهما

- ‌شواهد مع

- ‌شواهد متى

- ‌شاهد منذ ومذ

- ‌حرف النون

- ‌شواهد التنوين

- ‌فائدة: [الأحوص]

- ‌فائدة: [شاعر ثالث يقال له الأحوص بن ثعلبة]

- ‌حرف الهاء شواهد هل

- ‌حرف الواو

- ‌شواهد وا

- ‌حرف الالف

- ‌حرف الياء

- ‌الكتاب الثاني

- ‌فائدة: [المسمون طرفة جماعة]

- ‌فائدة: [معن بن أوس]

- ‌الكتاب الثالث

- ‌الكتاب الرابع

- ‌الكتاب الخامس

- ‌فائدة: [عمران بن حطّان]

- ‌فائدة: [الشمردل بن عبد الله]

- ‌فائدة: [زفر بن الحارث]

- ‌فائدة: [دريد بن الصّمة]

- ‌الكتاب السادس

- ‌فائدة: [الفند]

- ‌الكتاب السابع

- ‌الكتاب الثامن

- ‌فائدة: [مزاحم بن الحارث]

- ‌فهرس مراجع التحقيق

الفصل: نقض إليكم حاجة أو نقل … هل لي فيما بي

نقض إليكم حاجة أو نقل

هل لي فيما بي من مخرج

قال وكيع في الغرر: حدثني عبد الله عمرو بن بشر: حدثني إبراهيم بن المنذر:

حدثني حمزة بن عتبة الليثي، عن عبد الوهاب بن مجاهد: إنه أنشده قول العرجى:

إنّي أتيحت لي يمانيّة

الأبيات الثلاثة

فقال عطاء: بمنى، والله وأهله خير كثير، إذ أغناها الله وإياه عن شعره.

‌فائدة: [العرجى]

العرجى هو عبد الله بن عمرو ابن الامام عثمان بن عفان رضي الله عنه أبو عثمان (1).

ويقال أبو عمرو، لقب العرجى لأنه كان يسكن عرج الطائف (2). وقيل: لما كان له بالعرج. وكان من شعراء قريش وممن شهر بالغزل، ونحا نحو ابن أبي ربيعة في ذلك وتشبّه به وأجاد، وكان مشغوفا باللهو والصيد حريصا (عليهما)(3)، قليل المحاشاة لأحد (4)، فيهما، فلم يكن له نباهة في أهله. وكان أشقر أزرق جميل الوجه.

وكان من الفرسان المعدودين. وذكر ان حبشيّة كانت بمكة ظريفة، فلما أتاهم موت عمر ابن أبي ربيعة اشتد جزعها وجعلت تبكي وتقول: من لنساء مكة يصف حسنهنّ وجمالهنّ؟ فقيل لها: خفضي عليك، فقد نشأ فتى من ولد عثمان يأخذ مأخذه ويسلك مسلكه، فقالت: أنشدوني من شعره، فأنشدوها، فقالت: الحمد لله الذي لم يضيّع حرمه. ومسحت عينها.

وقيل: كانت العرب تفضل قريشا في كل شيء الا في الشعر، فلما نجم فيهم عمر ابن أبي ربيعة والعرجى وعبيد الله بن قيس والحارث بن خالد المخزومي وأبو دهبل أقرّت لها العرب بالشعر أيضا. أخرجه في الاغاني عن يعقوب بن اسحاق (5).

(1) الاغاني 1/ 407 (الدار).

(2)

عرج الطائف: قرية جامعة في واد من نواحي الطائف، وهي أوّل تهامة وبينها وبين المدينة ثمانية وسبعون ميلا، وهي في بلاد هذيل.

(3)

مزيدة عن الاغاني.

(4)

أي قليل المبالاة والاكتراث بأحد فيهما.

(5)

3/ 98 (ساسي).

ص: 520

وأخرج البيهقي وابن عساكر عن ابراهيم بن عامر قال: واعد العرجى امرأة بغيا بالطائف، فجاء على حمار ومعه غلام له، فجاءت المرأة على أتان معها جارية، فوثب العرجى على المرأة، والغلام على الجارية، والحمار على الأتان. فقال العرجى: هذا يوم غابت عواذله (1).

308 -

وأنشد:

يميد إذا مادت عليه دلاؤهم

فيصدر عنها كلّها وهو ناهل (2)

309 -

وأنشد:

فلمّا تبيّنا الهدى كان كلّنا

على طاعة الرّحمن والحقّ والتّقى

عزاه المصنف لعليّ بن أبي طالب. وقال المرزباني في تاريخ النحاة: قال يونس (3) ما صح عندنا ولا بلغنا أن عليّ ابن أبي طالب قال شعرا إلا هذين البيتين:

تلكم قريش تمنّتني لتقتلني (4)

فلا وربّك ما برّوا وما ظفروا

فإن هلكت فرهن ذمّتي لهم

بذات روقين لا يعفو لها أثر (5)

وقال وكيع في الغرر: حدثني ثعلب عن ابن الأعرابي قال: يصح أن عليا رضي الله عنه قال من الشعر: (تلكم قريش

فذكر البيتين) وقال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن اسحق، حدثنا عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد الغرري عن إسرائيل بن يونس عن

(1) انظر الاغاني 1/ 395 (الدار).

(2)

في حاشية الامير 1/ 165: (قوله: فيصدر عنه: أي عن الماء، وضمير كلها للدلاء. وماد: تحرك. والناهل: الريان والعطشان من أسماء الأضداد).

(3)

هما في معجم الشعراء 131

(4)

في معجم الشعراء: (تمناني).

(5)

في معجم الشعراء: (بذات وقبين) وفي حاشية الامير 1/ 166 كرواية الأصل وقال: (وفي القاموس: داهية ذات روقين، أي عظيمة).

ص: 521

أبي اسحق عن الحارث قال: ذكر علي رضي الله عنه أمورا تكون ثم أتبعها أبيات شعر:

لا يدخل النّار عبد مؤمن أبدا

ولا يقول ذوو الألباب لا قدر

ولا أقول لقوم إنّ رازقهم

غير الإله وإن برّوا وإن فجروا

الله يرزق من يدعو له ولدا

والمشركين ويوم البعث ينتصر

تلكم قريش تمنّتني لتقتلني

فلا وربّك ما برّوا وما ظفروا

فإن هلكت فرهن ذمّتي لهم

بذات روقين لا يعفو لها أثر

أمّا ثقيف فإنّي لست متّخذا

أهلا ولا شيعة في الدّين إذ كفروا

إن بايعوني فلا يوفوا ببيعتهم

وماكروني والأعداء إذ مكروا

وقلّصوا لي عن حرب مشمّرة

ما لم يلاق أبو بكر ولا عمر

وفي ليالي من شهري ربيعهم

وفي جمادى إذا ما صرّحوا عبر

وسوف يأتيك عن أنباء ملحمة

بالشّام يبيضّ من نكرائها الشّعر

عدوا إذا ما التقى في المرج جمعهم

على قضاعة بل تشقى بها مضر

وسوف يبعث مهديّ بسنّته

فينشر الوحي والدّين الّذي قهروا

وسوف يعمل فيهم بالقصاص كما

كانوا يدينون أهل الحقّ إن قدروا

310 -

وأنشد قول أبى بكر:

كلّ امرئ مصبّح في أهله

والموت أدنى من شراك نعله

ص: 522

كذا عزاه المصنف الى أبى بكر وليس هو قوله، وانما أنشده متمثلا به (1).

وعزاه ابن حبيب الى الحكم من بني نهشل، وكان شهد الوقيط فقتل به (2)، فلما أثخن أنشد هذا البيت مفردا. وكذا ذكره أبو عبيدة في كتاب أيام العرب وسماه حكيما وأن أباه رثاه بأبيات أولها:

حكيم فدائي لك يوم الوقيط

إذ حضر الموت، خال وعمّ

وقال فيه عمير بن عمارة التيمي من قصيدة يذكر فيها الوقعة (3):

وغادرنا حكيما في مجال

صريعا قد سلبناه الإزارا

قال الحكيم الترمذي في نوادر الأصول: حدثنا سليمان بن العباس الهاشمي، حدثنا يعقوب بن يوسف الزهري،

حدثنا عبد الله بن وهب، عن يونس عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: ما قال أبو بكر ولا عثمان بيت شعر في الجاهلية ولا في الاسلام، ولا شربا خمرا في جاهلية ولا إسلام. وقال: حدثنا الفضل بن محمد، حدثنا عمران بن بكار الحمصي، حدثنا عبد الحميد بن ابراهيم الحضرمي، حدثني عبد الله بن سالم عن محمد بن الوليد الزبيدي، أخبرني الزهري عن عروة عن عائشة:

انها كانت تدعو على من يقول ان أبا بكر قال هذه القصيدة:

تحيا بالسّلامة أمّ بكر

وهل لي بعد قومي من سلام

ثم تقول عائشة: والله ما قال أبو بكر بيت شعر في الجاهلية ولا في الاسلام،

(1) الرجز في العقد الفريد 5/ 185 لحكيم النهشلي وفيه 5/ 282 واللآلي 557: (وكان أبو بكر إذا أخذته الحمّى يقول

). وهو أيضا في شرح التبريزي 2/ 100 منسوب الى رجل.

(2)

في البكري 1382: (الوقيظ - بالظاء المعجمة والطاء المهملة، على وزن فعيل) ماء لبني مجاشع بأعلى بلاد بني تميم الى بلاد بني عامر

وكانت في هذه المواضع حرب بين تميم وبكر في الاسلام). وانظر خبر يوم الوقيط في العقد الفريد 5/ 182 - 185.

(3)

في معجم المرزباني 71 أبيات من هذه القصيدة.

ص: 523

ولقد ترك أبو بكر وعمر وعثمان شرب الحمر في الجاهلية، وما ارتاب أبو بكر في الله منذ أسلم، ولكن كان تزوج امرأة من بني كنانة، فلما هاجر أبو بكر طلقها فتزوّجها ابن عمها هذا الشاعر، فقال هذه القصيدة يرثي بها كفار قريش الذين قتلوا ببدر فنحلها الناس أبا بكر، وانما هو بكر بن شعوب الكناني.

311 -

وأنشد:

كلّ ابن أنثى وإن طالت سلامته

يوما على آلة حدباء محمول (1)

هو من قصيدة كعب بن زهير بن أبي سلمى التي أوّلها: (بانت سعاد). (2)

أخرج الحاكم في المستدرك وصححه، والبيهقي في دلائل النبوّة، من طريق إبراهيم بن المنذر، حدثنا الحجاج بن ذو الرقيبة بن عبد الرحمن بن كعب بن زهير المزني، عن أبيه، عن جدّه: أن أباه كعبا وعمه بجيرا خرجا حتى أتيا أبرق العراق، فقال بجير لكعب اثبت في هذا المكان حتى آتي هذا الرجل، يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأسمع ما يقول. فجاء فأسلم، فبلغ ذلك كعبا فقال (3):

ألا أبلغا عنّي بجيرا رسالة

على أيّ شيء ويب غيرك دلّكا (4)

على خلق لم تلف أمّا ولا أبا

عليه ولم تدرك عليه أخا لكا

سقاك أبو بكر بكأس رويّة

وأنهلك المأمون منها وعلّكا (5)

(1) ديوان كعب ص 19

(2)

ديوانه 3، والشعراء 91 وسيرة ابن هشام 888، والاغاني 17/ 41 (الثقافة).

(3)

هذا البيت مركب من صدر بيت وعجز آخر، وهو في الديوان وسيرة ابن هشام 887 - 893 (أوربة) برواية:

ألا أبلغا عني بجيرا رسالة

فهل لك فيما قلت بالحيف هل لكا

وخالفت أسباب الهوى وتبعته

على أي شيء ويب غيرك دلّكا

(4)

في الديوان برواية:

شربت مع المأمون كأسا رويّة

فأنهلك المأمون منها وعلّكا

وفي رواية الأحول: (سقاك بها المأمون). وقد روى أيضا برواية:

(سقيت بكأس عند آل محمد). وكانت قريش تسمي النبي صلى الله عليه وسلم المأمون والأمين.

ص: 524

فلما بلغت الأبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم، هدر دمه فقال: من لقي كعبا فليقتله. فكتب بذلك بجير، الى أخيه، قال: اعلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله الا الله إلا قبل ذلك، فأسلم وقال قصيدته (بانت سعاد). ثم أقبل حتى أناخ بباب المسجد ودخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه مكان المائدة من القوم متحلقون حوله، فيلتفت الى هؤلاء مرة فيحدثهم والى هؤلاء مرة فيحدثهم. قال كعب: فعرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفة، فتخطيت حتى جلست إليه فأسلمت وقلت: الأمان يا رسول الله، قال: من أنت؟

قلت: أنا كعب. قال: الذي تقول: ثم التفت الى أبي بكر، فأنشده أبو بكر:

سقاك أبو بكر بكأس رويّة

وأنهلك المأمون منها وعلّكا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مأمون والله، ثم أنشد القصيدة كلها:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

متيّم إثرها لم يفد مكبول

وما سعاد غداة البين إذ رحلوا

إلّا أغنّ غضيض الطّرف مكحول

وساق الحاكم القصيدة بكمالها.

وأخرج الحاكم والبيهقي والزبير بن بكار في أخبار المدينة من طريق علي بن زيد ابن جدعان قال: أنشد كعب بن زهير رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد:

(بانت سعاد). وأخرجه في الأغاني بلفظ: (في المسجد الحرام) لا مسجد المدينة.

وأخرج الحاكم والبيهقي عن موسى بن عقبة قال: لما بلغ الى قوله:

إنّ الرّسول لنور يستضاء به

مهنّد من سيوف الله مسلول

في فتية من قريش قال قائلهم

ببطن مكّة، لمّا أسلموا: زولوا

أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الخلق ليسمعوا، وكان بجير كتب الى

ص: 525

أخيه كعب يخوّفه ويدعوه الى الاسلام (1):

من مبلغ كعبا فهل لك في الّتي

تلوم عليها باطلا وهي أحزم

إلى الله لا العزّى ولا اللّات وحده

فتنجو إذا كان النّجاء وتسلم

لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت

من النّار إلّا طاهر القلب مسلم

فدين زهير وهو لا شيء باطل

ودين أبي سلمى عليّ محرّم

وذكر ابن اسحق أن ذلك كان بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف.

وفي الاغاني: قال عمرو بن شيبة: كان زهير نظارا متوقيا، وانه رأى في منامه آتيا أتاه فحمله الى السماء حتى كاد يمسها بيده، ثم تركه فهوى إلى الأرض. فلما احتضر قصّ رؤياه على ولده وقال: إني لا أشك انه كائن من خبر السماء بعدي شيء، فإن كان فتمسكوا به وسارعوا إليه. فلما بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم خرج إليه بجير فأسلم ثم رجع الى بلاد قومه، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه بجير بالمدينة وشهد الفتح.

وقال محمد بن سلام في طبقات الشعر (2): أخبرني محمد بن سليمان عن يحيى ابن سعيد الانصاري عن سعيد بن المسيّب قال: قدم كعب متنكّرا حين بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توعده. فأتى أبا بكر، فلما صلّى الصبح أتاه وهو متلثّم بعمامته، فقال: يا رسول الله: رجل يبايعك على الاسلام. وبسط يده وحسر عن وجهه، وقال: بأبي وأمي أنت يا رسول الله، مكان العائذ بك، أنا كعب ابن زهير. فأمنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنشده مدحته التي يقول فيها:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

حتى أتى على آخرها، فكساه رسول الله صلى الله عليه وسلم بردة، اشتراها

(1) ديوانه 4، والعيني 888

(2)

الطبقات 83، وانظر الشعراء 104.

ص: 526

معاوية بمال كثير. فهي البردة التي تلبسها الخلفاء في العيدين، ذهب الى ذلك ابان البجلي. قال ابن سلام: كان كعب بن زهير فحلا مجيدا، قلت لخلف: بلغني إنك تقول:

كعب أشعر من زهير؟ قال: لولا أبيات مديح لزهير كثر أمرهن إلى أمرهن لقلت ذلك.

قال المصنف في شرح هذه القصيدة: أوّل شيء اشتملت عليه هذه القصيدة النسيب، وهو عند المحققين من أهل الأدب جنس يجمع أربعة أنواع، أحدها ذكر ما في المحبوب من الصفات الحسية والمعنوية، كحمرة الخد، ورشاقة القد، وكالجلالة والخفر، والثاني: ذكر ما في المحب من الصفات أيضا، كالنحول، والذبول، وكالحزن، والشعف. والثالث: ذكر ما يتعلق بهما من هجر ووصل وشكوى واعتذار ووفاء واخلاف. والرابع: ذكر ما يتعلق بغيرهما بسببهما، كالوشاة والرقباء. وبيان النسيب فيها انه ذكر محبوبته وما أصاب قلبه عند ظعنها، ثم وصف محاسنها وشبهها بالظبي، ثم ذكر ثغرها وريقتها وشبهها بخمر ممزوجة بالماء. ثم أنه استطرد من هذا إلى وصف ذلك الماء، ثم من هذا إلى وصف الأبطح الذي أخذ منه ذلك الماء، ثم أنه رجع إلى ذكر صفاتها فوصفها بالصدّ واخلاف الوعد والتلوّن في الود، وضرب لها عرقوبا مثلا، ثم لام نفسه على التعلق بمواعيدها. ثم أشار الى بعد ما بينه وبينها، وأنه لا يبلغه إليها إلّا ناقة من صفتها كيت وكيت. وأطال في وصف تلك الناقة على عادة العرب في ذلك. ثم انه استطرد من ذلك الى أن ذكر الوشاة وأنهم يسعون بجانبي ناقته ويحذرونه القتل، وأن أصدقاءه رفضوه وقطعوا حبل مودّته، وأنه أظهر لهم الجلد واستسلم للقدر. وذكر لهم أن الموت مصير كل ابن أنثى. ثم خرج إلى المقصود الأعظم، وهو مدح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى الاعتذار إليه وطلب العفو منه والتبري مما قيل عنه. وذكر شدّة خوفه من سطوته وما حصل له من مهابته. ثم الى مدح أصحابه المهاجرين. وقد استشهد المصنف من هذه القصيدة بعدّة أبيات يأتي شرحها في محالها.

قوله: بانت أي فارقت. وسعاد: علم امرأة يهواها حقيقة أو ادعاء. والفاء في (فقلبي) لمحض السببية لا للعطف. والقلب هنا الفؤاد. ومتبول: من تبله الحب:

ص: 527

أسقمه وأضناه (1). ومتيّم: من تيمه الحب. وتأمه: بمعنى استبعده وأذله.

والأثر: بكسرة وسكون، ويقال: بفتحتين أيضا، ظرف لمتيم، أو حال من ضميره.

قال المصنف: ولا يحسن تعلقه بمتبول، ولا كونه حالا من ضميره، للبعد اللفظي والمعنوي، وليس بممتنع، وعلى تقديره ظرفا له فيكون الوصفان قد يتنازعانه، ولا يجيء ذلك على تقدير الحالية، لأنهما حينئذ إنما يطلبان الكون المطلق الذي تعلق به لأنه الحال بالحقيقة. وجملة (لم يفد) إما خبر آخر لقلبي، أو صفة لمتيم، أو حال من ضميره. قال المصنف: وهو الظاهر، أو من ضمير متبول. ومكبول:

من كبله، بالتخفيف، وضع في رجله الكبل، بفتح الكاف وقد يكسر، وهو القيد مطلقا. وقيل الضخم، وقيل الأعظم ما يكون من القيود. ويقال أيضا كبّله، بالتشديد، فهو مكبّل. قوله:(وما سعاد) عطف على الفعلية لا على الاسمية، وإن كانت أقرب وأنسب لكونها إسمية، لأن هذه الجملة لا تشارك تلك في التسبب عن البينونة. وفي سعاد إقامة الظاهر مقام المضمر، والأصل: وما هي، وحسنه الفصل بالجمل وكونه في بيت آخر، وإن اسم المحبوب يلتذ باعادته. والغداة:

اسم لمقابل العشيّ، وقد يراد بها مطلق الزمان، كالساعة واليوم. والبين: مصدر بان، وأل فيه لتعريف الحقيقة. واذ: بدل من غداة، كما في قوله تعالى (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ). وضمير (رحلوا) لسعاد مع قومها. وأغنّ: صفة لمحذوف، أي ظبي أغنّ. والأغنّ: الذي في صوته غنّة. وغضيض الطرف: في طرفه كسور وفتور خلقي، فعيل بمعنى مفعول. والطرف: العين، وهو منقول من المصدر، ولذا لا يجمع. ومكحول: اما من الكحل بالضم، أو من الكحل، بفتحتين، وهو الذي يعلو جفون عينيه سواد من غير اكتحال. وقد أورد المصنف هذا البيت في الكتاب الثالث شاهدا لمن، قال: إن الظرف يتعلق بأحرف المعاني، على أن غداة ظرف للنفي، أي انتفى كونها في هذا الوقت، إلا كأغنّ. ثم اختار تعلقه بمعنى التشبيه الذي تضمنه البيت، على أن الأصل (وما كسعاد إلّا ظبي أغنّ) على التشبيه المعكوس للمبالغة، لئلا يكون الظرف متقدما في التقدير على اللفظ الحامل لمعنى التشبيه. قوله:(كل ابن أنثى) يقول: إن كلّ من ولدته أنثى، وإن

(1) في الاساس: (تبلته فلانة) إذا هيّمته، كأنما أصابته بنبل، وقلب مكبول. واستشهد بالبيت. وفي الديوان: متبول: أصيب بتبل، أي تبلت قلبي.

ص: 528