المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فائدة: [معن بن أوس] - شرح شواهد المغني - جـ ٢

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌شواهد كأين

- ‌شواهد كذا

- ‌شواهد كأنّ

- ‌شواهد كل

- ‌فائدة: [العرجى]

- ‌فائدة: [بندار الأصبهاني]

- ‌فائدة: [السموأل]

- ‌فائدة: [قيس بن ذريح]

- ‌فائدة: [أبو الأسود الدؤلي]

- ‌شواهد كلا

- ‌فائدة: [عبد الله ابن الزّبعرى]

- ‌شواهد كيف

- ‌حرف اللام

- ‌[شواهد «ل»]

- ‌فائدة: [متمم بن نويرة]

- ‌فائدة: [قيس بن عاصم]

- ‌شواهد لا

- ‌فائدة: [النابغة الجعدي]

- ‌شواهد لات

- ‌شواهد لو

- ‌فائدة: [مهلهل]

- ‌شواهد لولا

- ‌شواهد لم

- ‌فائدة: [عبد يغوث بن صلاءة]

- ‌فائدة: [سراقة بن مرداس]

- ‌شواهد لما

- ‌فائدة: [الممزّق]

- ‌شواهد لن

- ‌شواهد ليت

- ‌شواهد لعل

- ‌فائدة: [قيس بن الملوّح]

- ‌شواهد لكنّ

- ‌شواهد لكن الساكنة

- ‌شواهد ليس

- ‌حرف الميم شواهد ما

- ‌فائدة: [أبو حية النميري]

- ‌شواهد من

- ‌شواهد من

- ‌شواهد مهما

- ‌شواهد مع

- ‌شواهد متى

- ‌شاهد منذ ومذ

- ‌حرف النون

- ‌شواهد التنوين

- ‌فائدة: [الأحوص]

- ‌فائدة: [شاعر ثالث يقال له الأحوص بن ثعلبة]

- ‌حرف الهاء شواهد هل

- ‌حرف الواو

- ‌شواهد وا

- ‌حرف الالف

- ‌حرف الياء

- ‌الكتاب الثاني

- ‌فائدة: [المسمون طرفة جماعة]

- ‌فائدة: [معن بن أوس]

- ‌الكتاب الثالث

- ‌الكتاب الرابع

- ‌الكتاب الخامس

- ‌فائدة: [عمران بن حطّان]

- ‌فائدة: [الشمردل بن عبد الله]

- ‌فائدة: [زفر بن الحارث]

- ‌فائدة: [دريد بن الصّمة]

- ‌الكتاب السادس

- ‌فائدة: [الفند]

- ‌الكتاب السابع

- ‌الكتاب الثامن

- ‌فائدة: [مزاحم بن الحارث]

- ‌فهرس مراجع التحقيق

الفصل: ‌فائدة: [معن بن أوس]

612 -

وأنشد:

ألم يأتيك والأنباء تنمي

بما لاقت لبون بني زياد

تقدم شرحه في شواهد الباء (1).

613 -

وأنشد:

وبدّلت، والدّهر ذو تبدّل

هيفا دبورا، بالصّبا والشّمأل

تقدم شرحه في شواهد: عل، ضمن أرجوزة أبي النجم (2).

614 -

وأنشد:

وفيهنّ، والأيّام يعثرن بالفتى،

نوادب لا يمللنه ونوائح (3)

هو لمعن بن أوس، وقبله:

رأيت رجالا يكرهون بناتهم

وفيهنّ - لا تكذب - نساء صوالح

أخرج أبو الفرج في الأغاني عن العتبي قال: كان معن بن أوس مئناثا (4)، وكان يحسن صحبة بناته وتربيتهنّ، فولد لبعض عشيرته بنت فكرهها وأظهر جزعا من ذلك، فقال معن وذكر البيتين.

‌فائدة: [معن بن أوس]

معن بن أوس بن نصر بن زياد المزني، شاعر مجيد فحل من مخضرمي الجاهلية والإسلام. وفد الى عمر بن الخطاب. وعمّر الى أيام ابن الزبير، وله مدائح في الصحابة.

(1) انظر الشاهد رقم 148 ص 328 - 330، وهو في الانصاف 1/ 17

(2)

انظر الشاهد رقم 243 ص 449 - 451

(3)

الامالي 2/ 190 (عوائد) والخزانة 3/ 258، وانظر اللآلي 804، والاغاني 12/ 55 (الدار).

(4)

رجل مئناث: من عادته أن يلد الاناث، وكذلك امرأة مئناث.

ص: 808

615 -

وأنشد:

نحن بنات طارق

نمشي على النّمارق (1)

أخرج البيهقي في دلائل النبوة من طريق هشام بن عروة، عن أبيه عن الزبير ابن العوام قال: عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفا يوم أحد فقال: من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقمت فقلت: أنا، فاعرض عني ثم أعاد القول، فقام أبو دجانة، سماك بن خرشة فقال: أنا آخذه بحقه، فما حقه؟ قال: ألا تقتل به مسلما، ولا تفرّ به عن كافر، فدفعه إليه. وكان إذا أراد القتال أعلم بمصابه. قلت:

لأنظرن إليه اليوم كيف يصنع؟ فجعل لا يرتفع إليه شيء الا هتكه حتى انتهى إلى نسوة في سفح الجبل معهن دفوف لهن، فيهن امرأة، وهي تقول:

نحن بنات طارق

نمشي على النّمارق

والمسك في المفارق

والدّرّ في المخانق

إن تقبلوا نعانق

ونبسط النّمارق

أو تدبروا نفارق

فراق غير وامق

فأهوى بالسيف الى المرأة ليضربها، ثم كف عنها، فلما انكشف قلت له: كل عملك قد رأيت، ما خلا رفعك السيف عن المرأة لم تضربها. قال: إني والله أكرمت سيف رسول الله أن أقتل به امرأة. وعزى ابن قتيبة هذا الرجز الى هند بنت عتبة ابن ربيعة بن عبد شمس أم معاوية. وقال: أرادت بالطارق: النجم، شبهت أباها بالنجم في علوه وشهرة مكانه. وقيل للنجم طارق، لأنه يطلع ليلا. وكل آت ليلا فهو طارق. ورأيت بخط الحافظ شرف الدين الدمياطي قيل: طارق في الرجز، النجم. أي نحن شريفات رفيعات كالنجم. وقيل الرجز: لهند بنت طارق بن بياضة

(1) سيرة ابن هشام، وابن سيد الناس 2/ 25 وطبقات ابن سعد.

ص: 809

الإيادية قالته في حرب الفرس لإياد، فتمثلت به المرأة في وقعة أحد (1). ماتت هند أمّ معاوية في خلافة عمر في اليوم الذي مات فيه أبو قحافة والد بكر.

616 -

وأنشد:

وإنّي لرام نظرة قبل الّتي

لعليّ وإن شطّت نواها أزورها (2)

617 -

وأنشد:

لعلّك والموعود حقّ لقاؤه

بدا لك في تلك القلوص بداء (3)

وبعده:

فإنّ الّذي ألقى إذا قال قائل

من النّاس هل أحسستها لعناء

(1) في سيرة ابن سيد الناس 2/ 25: (روى هذا الشعر لهند بنت عتبة، كما قال ابن اسحاق، والشعر ليس لها، وانما هو لهند بنت بياضة بن طارق بن رياح بن طارق الايادي، قالت حين لقيت إياد جيش الفرس بجزيرة الموصل، وكان رئيس اياد بياضة بن طارق.

ووقع في شعر ابي دؤاد الإيادي. وذكر أبو رياش وغيره: ان بكر ابن وائل لما لقيت تغلب يوم قضة، ويسمى يوم التحليق، أقبل الفند الزماني

ومعه ابنتان، وكانت احداهما تقول:

نحن بنات طارق

فطارق على رواية من رواه لهند بنت عتبة، أو لبنت الفند الزماني تمثيل واستعارة لا حقيقة، شبهت أباها بالنجم الطارق في شرفه وعلوه، وعلى رواية من رواه لهند بنت بياضة حقيقة لا استعارة، لانه اسم جدها. قال البطليوسي: والأظهر انه لبنت بياضة، وانما قاله غيرها متمثلا. وقال أبو القاسم السهيلي: على قول من قال ارادت به النجم لعلوه، وهذا التأويل عندي بعيد، لان طارقا وصف للنجم لطروقه، فلو أرادته لقالت: بنات طارق، فعلى تقدير الاستعارة يكون (بنات) مرفوعا، وعلى تقدير ان يكون الشعر لابنة بياضة بن طارق، يكون منصوبا على المدح والاختصاص نحو:

نحن بني ضبة أصحاب الجمل

(2)

هو للفرزدق، وليس في ديوانه، وانظر الخزانة 2/ 481 و 559

(3)

الامالي 2/ 71، واللآلي 705. والاغاني 14/ 151 (بولاق)، والخزانة 4/ 37

ص: 810

أقول الّتي تنبي الشّمات وإنّها

عليّ وإشمات العدوّ سواء

دعوت وقد أخلفتني الوأي دعوة

لزيد فلم يضلل هناك دعاء

بأبيض مثل البدر عظّم حقّه

رجال من آل المصطفى ونساء

قال القالي: هذا رجل كان وعد رجلا قلوصا فأخلفه، فقال الموعود له: إذا سئلت أقول التي تنبي الشّمات عني، أي أقول: نعم قد أخذتها، أي أكذب.

ثم قال: وكذبي وإشمات العدو سواء. وقال الزبير بن بكار: هذه الأبيات لمحمد بن بشير الخارجي، وكان رجلا وعده قلوصا فمطله بها. وزيد الذي مدحه هو زيد ابن الحسن بن علي بن أبي طالب. وكذا أخرجه صاحب الأغاني عن سليمان بن عياش، وزاد في آخره: فبلغت الأبيات زيد بن الحسن، فبعث إليه بقلوص من خيار إبله. ومحمد بن بشير عدواني يكنى أبا سليمان، شاعر حجازي من شعراء الدولة الأموية (1).

618 -

وأنشد:

بآية يقدمون الخيل شعثا (2)

تمامه:

كأنّ على سبائكها مداما (3)

619 -

وأنشد:

يا ليت شعري والمنى لا تنفع!

هل أغدون يوما وأمري مجمع! (4)

(1) انظر معجم الشعراء 343، والاغاني 16/ 61 (الثقافة).

(2)

سيبويه 1/ 460، والخزانة 3/ 135 - 137، ونسب البيت الى الأعشى، ومنهم من نسبه ليزيد بن عمرو بن الصعق، وقدم السيوطي الشاهد عن مكانه في المغني.

(3)

كذا بالاصل، ويروى:(على سنابكها) وهو الصحيح.

(4)

امالي المرتضى 1/ 559.

ص: 811

هو من الرجز، أنشده أبو زيد، وبعده:

وتحت رجلي صيلتان ميلع (1)

حوف إذا ما زجرت تبوّع (2)

يقول: إن المنى لا ينال بها المتمني ما يحبه. والمنى: جمع منية. وهي مبتدأ، ولا تنفع خبره. والجملة اعتراض بين شعري وما تعلق به. وأمري مجمع: جملة حالية من الضمير في أغدون. وتحت رجلي صيلتان: جملة حالية أيضا معطوفة على الجملة قبلها. والصيلتان: الشديد. والميلع: السريع. وهما صفتا جمل. واستشهد ابن السكيت بالبيت على أنه يقال: أجمع أمره، إذا عزم عليه.

620 -

وأنشد:

إنّي وأسطار سطرن سطرا

لقائل يا نصر نصر نصرا (3)

عزاه الجرمي في الفرج لرؤبة، وخبر (أن) لقائل، واسطار: قسم مجرور بالواو، وهي بفتح الهمزة، جمع سطر، وهو الخط والكتابة. وسطرن: مبنى للمفعول، صفة أسطار. وسطرا مفعول مطلق. قال ابن يسعون في شرح أبيات الايضاح: في نصر الثاني: الرفع، والنصب عطف بيان، النصر الأوّل على اللفظ وعلى الموضع.

وروي بالضم، بلا تنوين، على البدل من الأوّل، وفيه زحاف الخبر. وقال بعضهم:

نصرا بالنصب على المصدر. والثالث: توكيد له، أي أنصر نصرا. وقال أبو عبيدة:

نصر المنادى، نصر بن سيار أمير خراسان. ونصر الثاني حاجبه، ونصبه على الاغراء، يريد: يا نصر عليك نصرا. وقال الزجاج: نصر الذي هو الحاجب بالضاد المعجمة.

وقال الجرمي: النصر: العطية، فيريد يا نصر عطية عطية. وقال ابن يعيش في شرح المفصل: قد أنشدوا البيت على ثلاثة أوجه: يا نصر نصر نصرا. وهو اختيار أبي عمرو. ويا نصر نصرا نصرا، تجري منصوبين مجرى

صفتين منصوبتين بمنزلة يا زيد العاقل اللبيب. وكان المازني يقول: يا نصر نصرا نصرا، ينصبهما على الإغراء، لأن هذا نصر حاجب نصر بن سيار، وكان حجب رؤبة ومنعه من الدخول، فقال:

(1) رواية المرتضى: (وتحت رحلي زفيان ميلع) وقال: الزّفيان:

الناقة الخفيفة، والميلع: السريعة. وشبّه رجع يديها في السير لنشاطها وبعده:

كأنها نائحة تفجّع

تبكي لميت وسواها الموجع

(2)

ليس هذا الشطر في أمالي المرتضى.

(3)

الخزانة 1/ 325، وحاشية الامير 2/ 51، وسيبويه 1/ 304

ص: 812

اضرب نصرا أو آلمه. ويروى يا نصر نصر نصر. وقال ابن الدهان في الغرّة: منهم من ينشده يا نصر نصر على اللفظ، رفعا على الموضع، ونصبا، ومنهم من يرويه بالضم: نصر نصرا على البدل. ونصر الثالث: إما عطف بيان، وإما اغراء. قال الأصمعي: معنى هذا: ان قوله يا نصر نصرا نصرا، إنما يريد به المصدر، أي انصرني نصرا. وكان أبو عبيدة يقول هذا تصحيف، إنما قال لنصر بن سيار: يا نصر نصرا نصرا، أي عليك نصرا. وقال السخاوي: يجوز أن يكون نصرا الثاني تأكيدا للأوّل، ونصر الثالث بمعنى انصرني نصرا، أو عطف بيان. والثالث أيضا كذلك هذا عطف بيان على اللفظ، وهذا على الموضع. وقال أبو عبيدة: هما بالضاد المعجمة، أي إنه نادى نصر بن سيار، وأغراه بنصر حاجبه. فيكون نصرا مكرّرا للتأكيد (1).

621 -

وأنشد:

وإنّي وتهيامي بعزّة بعد ما

تخلّيت ممّا بيننا وتخلّت

لكالمرتجي ظلّ الغمامة كلّما

تبوّأ منها للمقيل اضمحلّت

هما من قصيدة لكثيّر عزة أوّلها (2):

خليليّ هذا ربع عزّة فاعقلا

قلوصيكما ثمّ ابكيا حيث حلت

وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا

وما موجعات القلب حتّى تولّت

وما أنصفت أمّا النّساء فبغّضت

إلينا، وأمّا بالنّوال فضنّت

(1) وملخص ما ذكر: أن نصرا الأول روي فيه وجهان: ضمه ونصبه.

والثاني روي فيه أربعة أوجه: ضمة ورفعه ونصبه وجره. والثالث روي فيه وجه واحد وهو النصب.

(2)

الخزانة 2/ 379، والامالي 2/ 107، والخفاجي 186 وانظر الاغاني 8/ 37 (بولاق) والشعراء 404.

ص: 813

إلى أن قال:

فقلت لها: يا عزّ كلّ مصيبة

إذا وطّنت يوما لها النّفس ذلّت

فإن سأل الواشون فيم صرمتها

فقل: نفس حرّ سلّيت فتسلّت

ومنها:

وكنت كذي رجلين رجل صحيحة

ورجل رمى فيها الزّمان فشلّت

ومنها:

هنيئا مريئا غير داء مخامر

لعزّة من أعراضنا ما استحلّت

وو الله ما قاربت إلّا تباعدت

بصرم ولا أكثرت إلّا استقلّت

أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة

لدينا ولا مقليّة إن تقلّت

قال الأئمة: هذه القصيدة من منتخبات قصائد كثيّر، وهي لزومية التزم في أكثرها اللام المشدّدة قبل حرف الروي. قوله: فاعقلا قلوصيكما: أي شدّاهما.

قوله: (وما كنت أدري

البيت) استشهد به المصنف في التوضيح على نصب موجعات عطفا على محل مفعول أدرى المعلق بالإستفهام، لأن المعلق أبطل عليه لفظا لا محلا. وتولت: أعرضت وأدبرت. وقوله: (وكنت كذى رجلين

البيت) استشهد به ابن أم قاسم في باب البدل على ابدال المفصل من المجمل، فإن رجل ورجل بدلان من رجلين بزيادة صفة. وقد اختلف في معنى البيت، فقال الأعلم:

تمنى ان تشلّ إحدى رجليه، وهو عندها حتى لا يرحل عنها. وقال ابن سيده:

لما خانته عزة العهد وتولت عن عهده، وثبت على عهدها صار كذى رجلين، رجل صحيحه، وهو ثباته، وأخرى مريضة وهو زللها. وقال عبد الدائم: معنى البيت

ص: 814

إنه بين خوف ورجاء وقرب وتناء. وقال بعضهم: تمنى أن يضيع قلوصه فيبقى في في عزة. فيكون ببقائه في حيها كذى رجل صحيحة، ويكون في فقد قلوصه كذى رجل عليلة. قال اللخمي: وهذا القول هو المختار المعوّل

عليه، وهو الذي يدل عليه ما قبل البيت. والتهيام: بفتح أوله، مصدر للمبالغة من الهيام، والهيام كالجنون من العشق. وقال القالي في أماليه (1): حدّثنا أبو بكر بن دريد، عن الرياشي، عن ابن سلام، عن عزيز بن طلحة بن عبد الله (2)، عن عمه هند بن عبد الله، قال: بينا أنا مع أبي بسوق المدينة إذ أقبل كثير، فقال له أبي: هل قلت بعدي شيئا يا أبا صخر؟ قال هند: فأقبل عليّ، وقال: احفظ هذه الأبيات، وأنشدني:

وكنّا سلكنا في صعود من الهوى

فلمّا توافينا ثبتّ وزلّت

وكنّا عقدنا عقدة الوصل بيننا

فلمّا توافينا شددت وحلّت (3)

فواعجبا للقلب كيف اعترافه

وللنّفس لمّا وطّنت كيف ذلّت

وللعين أسراب إذا ما ذكرتها

وللقلب وسواس إذا العين ملّت

وإنّي وتهيامي بعزّة بعد ما

تخلّيت ممّا بيننا وتخلّت

لكالمرتجى ظلّ الغمامة كلّما

تبوّأ منها للمقيل اضمحلّت

فإن سأل الواشون: فيم هجرتها

فقل: نفس حرّ سلّيت فتسلّت

وقال أبو الحسن بن طباطبا في كتاب عيار الشعر (4): قال العلماء: لو أن كثيرا جعل قوله: (فقلت لها يا عز كل مصيبة

) في وصف حرب لكان أشعر الناس. ولو جعل قوله: (أسيئي بنا

البيت) في وصف الدنيا كان أشعر الناس.

(1) 1/ 65 - 66

(2)

في الامالي: (غرير).

(3)

في الامالي: (فلما تواثقنا).

(4)

ص 85، وانظر الموشح 146

ص: 815

622 -

وأنشد:

لعمري وما عمري عليّ بهيّن

لقد نطقت بطلا عليّ الأقارع

هذا من قصيدة للنابغة الذبياني، أوّلها (1):

عفا ذو حسى من فرتنا فالفوارع

فجبنا أريك فالتّلاع الدّوافع

ومنها:

فكفكفت منّي عبرة فرددتها

على النّحر منها مستهلّ ودامع

على حين عاتبت المشيب على الصّبا

وقلت: ألمّا أصح والشّيب وازع؟

أتاني، أبيت اللّعن، أنّك لمتني

وتلك الّتي تستكّ منها المسامع

ومنها:

وعيد أبي قابوس في غير كنهه

أتاني، ودوني راكس فالضّواجع

فبتّ كأنّي ساورتني ضئيلة

من الرّقش في أنيابها السّمّ ناقع

ومنها:

فإنّك كاللّيل الّذي هو مدركي

وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع

عفا: اندرس. وذو حسي: بضم الحاء وبالسين المهملتين، موضع. وفرتنا:

اسم امرأة. والفوارع: بالفاء، مواضع مرتفعة. وأريك: بفتح الهمزة وكسر الراء، اسم موضع. والتلاع: بكسر المثناة الفوقية، مجاري الماء، واحدها تلعة.

والدوافع: التي تدفع الوادي. ومستهل: بضم الميم، سايل منصب. ودامع:

(1) ديوانه 78 - 82 (صادر).

ص: 816

مترقرق العين. وقوله: (وما عمري عليّ بهين) أي فاقسم لعمري. والبطل:

الباطل. والأقارع: بني قريع بن عوف بن كلاب الذين كانوا سعوا به الى النعمان.

وقوله: (على حين عاتبت) استشهد به المصنف في الكتاب الرابع على بناء حين لإضافتها الى جملة صدرها فعل مبني. وقوله: (ألما أصح) استشهد به على الجزم بلما بعد همزة الاستفهام. وأصح: من الصحو، وهو خلاف السكر. ووازع:

بزاي وعين مهملة، من وزعت الرجل عن الأمر كففته. وقوله: (أتاني أبيت اللعن

البيتين) أوردهما المصنف في الكتاب الرابع. وقوله: من غير كنهه، أي في غير قدره وحقيقته، أي لم أكن بلغت ما يوجب ذلك. وراكس: براء وسين مهملة، اسم واد. والضواجع: جمع ضاجعة، وهو منحنى الوادي ومنعطفه.

قوله: ساورتني، من ساوره إذا واثبه، وضئيلة: بفتح الضاد المعجمة وكسر الهمزة وفتح اللام، الحية الدقيقة.

والرقش: بضم الراء وسكون القاف وشين معجمه، جمع رقشاء، حية فيها نقط سود وبيض. وناقع: بالنون والقاف، يقال: سم ناقع، أي بالغ. والبيت استشهد به ابن الطراوة على جواز وصف المعرفة بالنكرة إذا كان الوصف خاصا لا يوصف به إلا ذلك الموصوف، فإنّ ناقعا نكرة، والسم معرفة، وردّ بأنه ليس بوصف، بل خبر ثان بعد الإخبار بالمجرور السابق. قوله:

(فإنك كالليل

البيت) قال المبرد في الكامل (1): هذا من أعجب التشبيه.

623 -

وأنشد:

ذاك الّذي وأبيك يعرف مالك (2)

هذا من مقطوعة لجرير يخاطب بها يحيى بن عقبة الطهوي والفرزدق، وهي:

مست طهيّة كالبكار أفزّها

بعد الكشيش هدير قوم بازل (3)

ايحيى هل لك في حياتك حاجة

من قبل فاقرة وموت عاجل

(1) ص 741، وانظر الشعراء 109 - 110 و 123 و 302 - 303

(2)

ديوانه 430

(3)

في الديوان: (قرم بازل).

ص: 817

أخزيت أمّك أن كشفت عن استها

وتركتها غرضا لكلّ مناضل

حلّت طهيّة من سفاهة رأيها

منّي على سنن الملحّ الوابل

أطهيّ قد غرق الفرزدق فاعلموا

في اليمّ ثمّ رمى به في السّاحل

من كان يمنع يا طهيّ نساءكم

أم من يكرّ وراء سرح الجامل

ذاك الّذي وأبيك يعرف مالك

والحقّ يدمغ ترّهات الباطل

إنّا تزيد على الحلوم حلومنا

فضلا ونجهل فوق جهل الجاهل

أفزها: فرّقها. والكشيش: كشيش البكر قبل أن تنبت شقشقته هدر.

والفاقرة: التي تقطع فقار الظهر. والجامل: الإبل.

624 -

وأنشد:

كأنّ وقد أتى حول كميل

أثافيها حمامات مثول

هو لأبي الغول الطهويّ وقبله:

أتنسى لا هداك الله سلمى

وعهد شبابها الحسن الجميل

وبعده:

أما تنفكّ تركبني بلومي

لهجت بها كما لهج الفصيل

قال الفارسي في التذكرة: في قوله: (كأن

الخ) لا يجوز على هذا أن يقول إن وقولي حق زيدا قائم، لأن أن لما لم تغير الكلام عن معناه صرت. كأنك ابتدأت بحرف العطف، لا يجوز بخلاف كأن. والأثافي، وأصله التشديد.

والتخفيف مسموع أيضا والبيت منه. واللومي: مصدر مؤنث بمعنى اللوم، يمد ويقصر. وقد استشهد الفارسي بالبيت على ذلك: ولهج بالشيء يلهج: ولع به

ص: 818

واعتاده، فهو لهج. ويقال أيضا: ألهج به فهو ملهج، واللهجة: طرف اللسان.

ولهج الفصيل بإمه: اذا تناول ضرعها ولزمه. والفصيل: المفصول عن الرضاع من أولاد النوق، والأنثى فصيلة، والجمع فصال، وفصلان، وأصله الاسم لكنه استعمل استعمال الصفات قدر فيه الانفصال عن الأم.

625 -

وأنشد:

كأنّ قلوب الطّير رطبا ويابسا

لدى وكرها العنّاب والحشف البالي

تقدّم شرحه في شواهد الباء ضمن قصيدة امرئ القيس (1).

626 -

وأنشد:

ليت، وهل ينفع شيئا ليت

ليت شبابا بوع فاشتريت (2)

أنشده الكسائي في صفة دلو، وقبله:

مالي إذ أجذبها صأيت

أكبر قد غالني أم بيت

صأيت: بالمهملة، اصخت. يقال صأى يصيئ صئيا، كصفى يصفى صفيا.

والمراد بالبيت المرأة. وقال الفراء في المصادر: البيت: التزويج، وأنشده بلفظ:

مالي إذا نزعتها صأيت

أكبر غيّرني أم بيت

وجملة: (وهل ينفع شيأ ليت) معترضة بين ليت الأولى وليت الثانية المؤكدة لها، وهما حرفان. وليت الثانية: اسم مرفوع بينفع، والمراد بها اللفظة، وهو أحد الشواهد على الاسناد اللفظي. وبوع: لغة في بيع. وقد استشهد النحاة بالبيت

(1) انظر ص 342 والشاهد رقم 158 ص 340 و 344.

(2)

ابن عقيل 1/ 177

ص: 819

على ذلك. وفي شرح العيني: ان البيت لرؤبة. وذكر المصنف في شواهده: ان هل بمعنى النفي. وان الكسائي أنشده بلفظ: (وما ينفع شيأ ليت).

627 -

وأنشد:

وما أدري وسوف إخال أدري

أقوم آل حصن أم نساء

تقدّم شرحه في شواهد أم (1).

628 -

وأنشد:

أخالد قد والله أوطأت عشوة

تقدّم شرحه في شواهد قد (2).

629 -

وأنشد:

ولا أراها تزال ظالمة

تحدث لي نكبة وتنكؤها

يأتي شرحه قريبا ضمن قصيدة ابن هرمة (3).

630 -

وأنشد:

فلا وأبي دهماء زالت عزيزة

على قومها ما قيل للزّند قادح (4)

قال ابن الدهان في الغرة: أنشده الفراء عن بعضهم، أي مازالت، فحذف ما.

631 -

وأنشد:

أراني - ولا كفران لله - آيّة

لنفسي قد طالبت غير منيل (5)

(1) انظر الشاهد رقم 48 ص 130.

(2)

انظر الشاهد رقم 274 ص 488.

(3)

انظر ص 826 من قصيدة الشاهد رقم 635.

(4)

الخزانة 4/ 45

(5)

هو في ديوان ابن الدمينة 86، وانظر اختلاف رواية البيت فيه.

ص: 820

632 -

وأنشد:

لعمرك والخطوب مغيّرات

وفي طول المعاشرة التّقالي

لقد باليت مظعن أمّ أوفى

ولكن أمّ أوفى لا تبالي

هما لزهير بن أبي سلمى من أبيات قالها حين طلق امرأته أم أوفى، وبعدهما (1):

فأمّا إذ نأيت فلا تقولي

لذي صهر أذلت ولم تذالي

أصبت بنيّ منك ونلت منّي

من اللّذّات والحلل الغوالي

الخطوب: الأمور، واحدها خطب. والتقالي: من القلي، وهو البغض.

ونأيت: تباعدت. وأذلت: أهنت.

633 -

وأنشد:

إنّ الثّمانين - وبلّغتها - (2)

قال القالي في أماليه: أنبأنا أبو معاذ عبدان قال: دخل عوف بن محلّم على عبد الله بن طاهر فسلم عليه عبد الله فلم يسمع، فأعلم بذلك، فأنشد مرتجلا:

يا ابن الّذي دان له المشرقان

طرّا وقد دان له المغربان

إنّ الثّمانين - وبلّغتها -

قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

(1) ديوانه 342

(2)

امالي ابن الشجري 1/ 192 وفوات الوفيات 2/ 235 وامالي القالي 1/ 50، وطبقات ابن المعتز 188، والايجاز والاعجاز 61، ونثار الازهار 76 و 81، ومعاهد التنصيص 1/ 124 و 127

ص: 821

وبدّلتني بالشّطاط الخنا

وهمّتي همّ الجبان الهدان (1)

وقاربت منّي خطا لم تكن

مقاربات وثنت من عنان

وأنشأت بيني وبين الورى

عنانة من غير نسج العنان (2)

فقمت بالأوطان وجدا بها

لا بالغواني، أين منّي الغوان

ولم تدع فيّ لمستمتع

إلّا لساني وبحسبي اللّسان

أدعو به الله وأثني به

على الأمير المصعبيّ الهجان (3)

فقرّباني بأبي أنتما

من وطني قبل اصفرار البنان

وقبل منعاي إلى نسوة

أوطانها حرّان والرّقّتان

وفي تاريخ الصلاح الصفدي (4): عوف بن محلّم الخزاعي، أبو المنهال، أحد العلماء الأدباء، الرواة الفهماء، الندماء الظرفاء، الشعراء الفصحاء. كان صاحب أخبار ونوادر ومعرفة بأيام الناس. واختصه طاهر بن الحسين بن مصعب لمنادمته ومسامرته، فلا يسافر إلا وهو معه. وكان سبب اتصاله به أنه نادى على

(1) في الامالي وابن المعتز:

وبدلتني بالشطاط انحنا

وكنت كالصعدة تحت السنان

وبدلتني من زماع الفتى

وهمتي هم الجبان الهدان

والشطاط: حسن القوام والاعتدال. والصعدة: القناة المستوية تنبت كذلك لا تحتاج الى تثقيف. والزماع: المضاء في الأمر والعزم عليه. والهدان: الاحمق الجافي الوخم الثقيل في الحرب.

(2)

العنان - بفتح العين -: السحاب. واحدته عنانة، يشير بهذا الى ضعف بصره وأنه لا يرى الورى الا من وراء سحابة.

(3)

الهجان: الكريم.

(4)

فوات الوفيات 2/ 235، وانظر الادباء، وشذرات الذهب 2/ 32، وتاريخ بغداد 9/ 481 ترجمة عبد الله بن طاهر.

ص: 822

الجسر بهذه الأبيات وطاهر منحدر في حراقة له بدجلة (1):

عجبت لحرّاقة ابن الحسي

ن كيف تعوم ولا تغرق

وبحران: من تختها واحد

وآخر من فوقها مطبق

وأعجب من ذاك عيدانها

وقد مسّها كيف لا تورق

وأصله من حران، وبقي مع طاهر ثلاثين سنة لا يفارقه، كلما استأذنه في الإنصراف إلى أهله ووطنه لا يؤذن له. فلما مات ظن أنه قد تخلص وأنه يلحق بأهله، فقرّبه عبد الله بن طاهر وأفضل عليه وتلطف بجهده أن يأذن في العود فاتفق أن خرج عبد الله من بغداد إلى خراسان فجعل عوفا عديله، فلما شارف الري سمع صوت عندليب يغرّد باحسن تغريد، فأعجب ذلك عبد الله والتفت الى عوف وقال: يا ابن محلم، هل سمعت أشجى من هذا؟ فقال: لا

والله، فقال عبد الله: قاتل الله أبا كبير حيث يقول (2):

ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر

وغصنك ميّاد ففيم تنوح

أفق لا تنح من غير شيء، فإنّني

بكيت زمانا والفؤاد صحيح

ولوعا فشطّت غربة دار زينب

فها أنا أبكي والفؤاد قريح

فقال عوف: أحسن والله أبو كبير وأجاد، أنه كان في الهذليين مائة وثلاثون شاعرا ما فيهم إلا مفلق، وما كان فيهم مثل أبي كبير، وأخذ يصفه. فقال له عبد الله: أقسمت عليك الا أجزت قوله؟ فقال: قد كبر سني وفني ذهني وأنكرت كلما

(1) تنوزع في نسبة هذه الابيات بين عوف ومقدس بن صيفي الخلوقي ودعبل وأبي الشمعمق، وعلي بن جبلة، وانظر بالاضافة الى المراجع السابقة اللآلي 198

(2)

نسب البكري هذا الشعر في اللآلي 372 الى عوف ولم يذكر في ديوان الهذليين بشعر أبي كبير، وانظر الكامل 848 بالاضافة الى المراجع السابقة.

ص: 823

كنت أعرف! فقال عبد الله: بحق طاهر ألا فعلت؟ فابتدر عوف وقال:

أفي كلّ عام غربة ونزوح

أما للنّوى من وثبة فتريح (1)

لقد طلّح البين المشتّ ركائبي (2)

فهل أرينّ البين وهو طليح

وأرّقني بالرّيّ نوح حمامة

فنحت وذو البثّ الغريب ينوح (3)

على أنّها ناحت ولم تذر دمعة

ونحت وأسراب الدّموع سفوح

وناحت وفرخاها بحيث تراهما

ومن دون أفراخي مهامه فيح

ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر

وغصنك ميّاد ففيم تنوح

عسى جود عبد الله أن يعكس النّوى

فتلقى عصا التّطواف وهي طريح (4)

فإنّ الغنى يدني الفتى من صديقه

وعدم الغنى بالمقترين طروح (5)

فاستعبر عبد الله ورقّ له وجرت دموعه وقال له: والله إني لضنين بمفارقتك، شحيح على الفائت من محاضرتك، ولكن والله لا أعملت معي خفا ولا حافرا إلا راجعا إلى أهلك. وأمر له بثلاثين ألف درهم، فقال عوف:

يا ابن الّذي دان له المشرقان

وألبس الأمن به المغربان (6)

إنّ الثّمانين - وبلّغتها -

قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

وبدّلتني بالشّطاط انحنا

وكنت كالصّعدة تحت السّنان

(1) في الامالي 1/ 130 (من ونية).

(2)

ويروى: (البيت القذوف).

(3)

في الامالي: (وذو الشجو الحزين).

(4)

في الامالي: (فتضحى عصا التّسيار).

(5)

كذا بالاصل، وفي الامالي: (وعدم الفتى

نزوح).

(6)

في الامالي 1/ 50 (طرّا وقد دان له المغربان).

ص: 824

وعوّضتني من زماع الفتى

وهمّتي هم الهجان الهدان

وقاربت منّي خطا لم تكن

مقاربات وثنت من عناني

وأنشأت بيني وبين الورى

عنانة من غير نسج العنان

ولم تدع فيّ لمستمتع

إلّا لساني وبحسبي اللّسان (1)

أدعو به الله وأثني به

على الأمير المصعبيّ الهجان

وهمت بالأوطان وجدا بها

لا بالغواني، أين منّي الغوان

فقرّباني بأبي أنتما

من وطني قبل اصفرار البنان

وقبل منعاي إلى نسوة

أوطانها حرّان والرّقّتان

سقى قصور السّاذياج الحيا

من بعد عهدي وقصور الميان

فكم وكم من دعوة لي بها

أن تتخطّاها صروف الزّمان

وسار راجعا الى أهله فلم يصل اليهم. ومات في حدود العشرين ومائتين. ومن شعر عوف بن محلّم (2):

وكنت إذا صحبت رجال قومي

صحبتهم وزينتي الوفاء

فأحسن حين يحسن محسنوهم

وأجتنب الإساءة إن أساؤوا

وأبصر ما يريبهم بعين

عليها من عيونهم غطاء

(1) في الامالي: (وبحسبي لسان).

(2)

طبقات ابن المعتز 191 وشذرات الذهب 2/ 33 وقد نسبت هذه الابيات الى ابراهيم بن العباس.

ص: 825

634 -

وأنشد:

إنّ سليمى والله يكلؤها

ضنّت بشيء ما كان يزؤها (1)

هذا مطلع قصيدة لإبراهيم بن هرمة. وقد قيل له إن قريشا لا تهمز، فقال:

لأقولنّ قصيدة أهمزها كلها بلسان قريش. وبعده:

وعوّدتني فيما تعوّدني

أظماء ورد ما كنت أجزؤها

ولا أراها تزال ظالمة

تحدث لي نكبة وتنكؤها

وتزدهيني من غير فاحشة

أشياء عنها بالغيب أنبؤها

لو تهنّى العاشقين ما وعدت

وكان خير العداة أهنؤها

شبّت وشبّ العفاف يتبعها

فلم يعب خدنها ومنشؤها

وبوّأت في صميم معشرها

فنمّ في قومها مبوّؤها

خود تعاطيك بعد رقدتها

إذا تلاها العيون مهدؤها

كأسا بفيها صهباء معرقة

يغلو بأيدي التّجار مسبؤها

قال التدمري: سليمى، تصغير سلمى. ويكلؤها: يحرسها ويحفظها.

وضنت: بخلت. ويزرؤها: ينقصها. والاظماء: جمع ظمأ. والمعنى: إنها تصله مرة وتقطعه أخرى. وأجزؤها: أي أجتزى فيها كما تجتزي الظباء بأكل الرطب من الكلأ عن الماء أياما، فلا تشرب ماء. وقوله:(ولا أراها تزال ظالمة) أي أراها لا تزال ظالمة فقدم لا. وتنكؤها: أي تقشرها. والمعنى: تحدث لي جرحا وتنكؤه بآخر. والخود: الفتاة الشابة. وتعاطيك: تساقيك. وهدء العين: منامها وسكونها. والصهباء: الخمر. ومسبؤها: أي اشتراؤها.

(1) ابن الشجري 1/ 192 واللسان (كلا) وقد سبق ص 820 الشاهد رقم 630 من هذه القصيدة.

ص: 826

635 -

وأنشد:

فقلت ادعي وأدعو إنّ أندى

لصوت أن ينادي داعيان (1)

قال ابن يعيش: هو للحطيئة. وقال الزمخشري: هو لربيعة بن جشم.

وقال ابن بري: هو لدثار بن شيبان النمري حين هجا الحطيئة الزبرقان، وحبسه عمر، يعارض الحطيئة ويمدح

الزبرقان. وقال بعضهم: هو للأعشى، وأولها:

دعاني الأثبجان ابنا بغيض

وأهلي بالعلاة فمنّياني (2)

الى أن قال:

تقول حليلتي لمّا اشتكينا

سيدركنا بنو القوم الهجان (3)

سيدركنا بنو القمرين بدر (4)

سراج اللّيل للشّمس الحصان

فقلت ادعي وأدعو إنّ أندى

لصوت أن ينادي داعيان

فمن يك سائلا عنّي فإنّي

أنا النّمريّ جار الزّبرقان

أندى: أفعل تفضيل من الندى، بفتح النون والدال المقصورة، وهو بعد ذهاب الصوت. يقال: فلان أندى صوتا من فلان، إذا كان بعيد الصوت. وقوله:

(وادعو) بالنصب بأن مضمرة بعد واو الجمع في جواب الأمر. وقد استشهد به

(1) ابن عقيل 2/ 126 والامالي 2/ 90 للفرزدق واللآلي 726 لدثار والاغاني 2/ 190 (الشاعر النمري) وهو في سيبويه 1/ 426 منسوب للاعشى.

(2)

الاثبجان: مثنى اثبج وهو الاحدب. ويقال: على الناتئ الصدر، وعلى العظيم الجوف، وعلى الناتئ الثبج، وهو ما بين الكتفين والكاهل. وذكر في اللسان أن بيت النمري هذا فسر بهذه المعانى كلها. والعلاة: جبل في ديار النمر بن قاسط. وفي اللسان (ثبج):

بالعراق.

(3)

في الاغاني: (القرم).

(4)

في الاغاني: (بنو القمر بن بدر).

ص: 827

المصنف في التوضيح على ذلك. ولصوت: صفة أندى. وان ينادي: خبر أن.

ويروى: (وادع على الأمر) بخلاف اللام.

636 -

وأنشد:

واعلم فعلم المرء ينفعه

أن سوف يأتي كلّ ما قدرا (1)

قال العيني: لم يسم قائله. وقوله: (فعلم المرء ينفعه) جملة معترضة بين أعلم ومفعوله. والفاء فيه هي الفاء التي تميز الجملة العالية. وإن مخففة من الثقيلة في محل نصب، وهي وجزاؤها سدت مسد مفعولي اعلم. ووقع

الخبر فيها جملة فعليه فعلها متصرف ليس بدعاء مفعولا بحرف التنفيس.

637 -

وأنشد:

وترمينني بالطّرف أي أنت مذنب (2)

638 -

وأنشد:

ولقد علمت لتأتينّ منيّتي (3)

قال المصنف في شواهده: هذا البيت نسب للبيد، ولم أجده في ديوانه وتمامه:

إنّ المنايا لا تطيش سهامها

قلت: معلقة لبيد على هذا الوزن والروي. وقد تقدمت في شواهد كلا.

فلعل هذا البيت منها في بعض الروايات. قال: وعلمت فيه محتملة لوجهين، أحدهما:

أن تكون معلقة واللام جواب قسم مقدر، وجملتا القسم والجواب في موضع نصب بالفعل المعلق. والثاني: أن تكون أجريت لافادتها تحقيق الشيء وتأكيده مجرى

(1) ابن عقيل 1/ 147

(2)

سبق الشاهد رقم 113 ص 234

(3)

انظر الخزانة 4/ 13 وحاشية الامير 2/ 57

ص: 828

القسم، فتخرج حينئذ عن طلب المفعولين ويتلقى بما يتلقى به القسم. وعلى هذا فلا قسم مقدر. والجملة لا محل لها كسائر الجمل التي يجاب بها القسم. وطاش السهم: إذا عدل عن الرمية، أي انها لا تخطئ من حضر أجله. وجاء ببيت يشبه هذا هو:

ولقد علمت لتأتينّ منيّتي

لا بعدها خوف عليّ ولا عدم

وقال العيني: من أبيات معلقة لبيد في صفة بقرة صادفتها الذئاب (1):

صادفن منها غرّة فأصبنه

إنّ المنايا لا تطيش سهامها

639 -

وأنشد:

فمن نحن نؤمنه يبت وهو آمن

تمامه:

ومن لا نجره يمس منّا مفزّعا (2)

640 -

وأنشد:

لا تجزعي إن منفسا أهلكته

تقدم شرحه في شواهد الفاء (3).

641 -

وأنشد:

تعشّ فإن عاهدتني لا تخونني

نكن مثل من يا ذئب يصطحبان

(1) شرح القصائد السبع الطوال ص 557

(2)

الخزانة 3/ 640 وحاشية الامير 2/ 58 والبيت لهشام المري.

(3)

انظر الشاهد رقم 263 ص 472 وص 473

ص: 829

تقدم شرحه في شواهد كل (1).

642 -

وأنشد:

جشأت فقلت اللّذّ خشيت لكائن

تمامه:

ولئن أتاك فلات حين مناص (2)

643 -

وأنشد:

ولو انّ ما عالجت لين فؤادها

فقسا استلين به للان الجندل

644 -

وأنشد:

إذا قلت قدني قال بالله حلفة

تقدم شرحه (3).

645 -

وأنشد:

فسلّم على أيّهم أفضل

تقدم شرحه في شواهد أي المشددة (4).

646 -

وأنشد:

فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا (5)

(1) انظر ص 536 والشاهد رقم 314

(2)

رواية البيت كما في المغني وحاشية الامير 2/ 60:

جشأت فقلت اللذ خشيت ليأتين

واذا أتاك فلات حين مناص

(3)

وذلك بحرف اللام، انظر الشاهد رقم 334 ص 559 وفيه: (اذا قال

قلت

) وفي المغني: (اذا قال

قال

)

(4)

الشاهد رقم 115 ص 236

(5)

ابن عقيل 1/ 4 و 80، والحماسة 3/ 155، وانظر ذيل سمط اللآلي 105

ص: 830

هو لمنظور بن سحيم الفقعسي، شاعر إسلامي، وقبله:

ولست بهاج في القرى أهل منزل

على زادهم أبكي وأبكي البواكيا

فإمّا كرام موسرون أثبتهم

فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا

وإمّا كرام معسرون عذرتهم

وإمّا لئام قال حزت حيائيا (1)

وعرضي أبقى ما ادّخرت ذخيرة

وبطني أطويه كطيّ ردائيا

ومعنى الأبيات: التمدح بالقناعة والكف عن أعراض الناس. يقول: الناس ثلاثة أنواع، موسرون كرام، فاكتفى منهم بقدر كفايتي. ومعسرون كرام فاعذرهم.

وموسرون لئام فاكف عن ذمهم حياء. والقرى: بكسر القاف، طعام الضيف.

و (في) سببية وذكر تمثيل. والمعنى: أنه لا يأسف لما يرى من الحرمان أسف من يبكي ويبكي غيره. وقوله: فإما، هي كلمة التفضيل الواقعة في نحو: إما زيد، وإما عمرو. فكرام خبر مبتدأ مقدر، أي فالناس إمّا كرام. وقيل: هي ان الشرطية، وما الزائدة. وكرام: مرفوع بفعل مقدر دل عليه الفعل بعده، أي نقصد كرام.

فحسبي جواب الشرط. والقول الأول هو الذي جزم به المصنف واستدل له بقوله:

(وإمّا لئام). وليس بعده فعل يفسر المحذوف. والقول الثاني: هو الذي جزم به التبريزي في شرح الحماسة، ووقع في شرح الشواهد للعيني إنه جعل إمّا للتفضيل. وكرام مرفوع بمضمر، وفحسبي جواب الشرط. وهو تخليط منه دخل عليه قول في قول. وآتيتهم وعذرتهم صفتان. وقوله: فحسبي مبتدأ، وما كفانيا خبر، أي لكافي من عطائهم من يكفيني لحاجتي، أي لا يبغي منهم زيادة على الحاجة. ولولا هذا التأويل لفسد لاتحاد المبتدأ والخبر.

وذي: يروى بالواو (2)، وهي مبنية بمعنى الذي، وبالياء معربة في لغة. وذكر المرزوقي: إن ذي هنا بمعنى صاحب، ورده المصنف باستلزامه خفض عندهم بالإضافة. وذكر بعضهم:

(1) كذا في الاصل، وفي الحماسة: (واما لئام فادّكرت

).

(2)

كما في الحماسة.

ص: 831

إنها زائدة، أي من عندهم، يقول: هذا ذو زيد، أي هذا زيد، من إضافة المسمى الى الاسم. قال الكميت:

إليكم ذوي آل النّبيّ تطلّعت

وقال الأعشى (1):

فكذّبوها بما قالت فصبّحهم

ذو آل حسّان يزجي الموت والشّرعا

647 -

وأنشد:

نحن اللّذون صبّحوا الصّباحا (2)

هو لرجل جاهلي من بني عقيل اسمه أبو حرب الأعلم، كذا قاله أبو زيد وابن الأعرابي. وقيل: قاله رؤبة. وقال الصغاني: قالته ليلى الأخيلية، وتمامه:

يوم النّخيل غارة ملحاحا

وبعده:

نحن قتلنا الملك الجحجاحا

دهرا فهيّجنا به أنواحا

ولم ندع لسارح مراحا

إلّا ديارا أو دما مفاحا

نحن بنو خويلد صراحا

لا كذب اليوم ولا مزاحا

قوله: نحن اللذون: استشهد به النحاة على وقوع الذين بالواو حالة الرفع.

وصبّحوا: بالتشديد، أتوا في الصباح. وغارة: مفعولة. وصباحا: يروى بالتنكير، وهو مصدر محذوف الزوائد كما في (كلمته كلاما) لا ظرف كما في

(1) ديوانه ص 103 وشرح التبريزي 3/ 155

(2)

ابن عقيل 1/ 78

ص: 832

(جئتك صباحا) لأن الظرف لا يكون هو كذا. ويروى بالتعريف، أي الصباح الذي عرف. واشتهر فيكون مصدرا نوعيا. والنخيل: بضم النون وفتح المعجمة، اسم موضع. قال المصنف: وكثير يقولونه بفتح النون وكسر الخاء، وهو تحريف. وغارة: مفعول له أو حال أي مغيرين. والملحاح: بمهملتين، الكثير الإلحاح. والصفة التي على مفعال لا تؤنث فلهذا أجري على غارة. والجحجاح:

بجيم ثم مهملة ثم جيم ثم مهملة، السيد. ودهرا: عطف بيان أو بدل. والأنواح:

جمع نوح. والسارح: المال السائم. والمزاح: بضم الميم، صفة الإبل. ومفاح:

بالفاء، مهراق، يقال: فاح دمه وأفاح. قال أبو زيد: وأو بمعنى الواو، ورواه الصغاني. ودما: بالواو. والصراح: بالكسر، جمع صريح، وهو الخالص النسب. والمزاح: بكسر الميم عند أبي حاتم وبضمها عند غيره، لأنه أزيح عن طريق الجدّ، أي نحى عنها.

648 -

وأنشد:

هم اللّاؤن فكّوا الغلّ عنّي

649 -

وأنشد:

صاف بأبطح أضحى وهو مشمول (1)

650 -

وأنشد:

رجلان من مكّة أخبرانا

إنّا رأينا رجلا عريانا

651 -

وأنشد:

ألم تر أنّي يوم جوّ سويقة

بكيت فنادتي هنيدة ماليا

(1) عجز بيت لكعب بن زهير، وصدره:

شجّت بذي شبم من ماء محنية

وهو من قصيدته المشهورة: بانت سعاد، والتي سبقت ص 524 - 529

ص: 833

هذا مطلع قصيدة للفرزدق يهجو بها جريرا، وهي أول قصيدة هجاه بها، وبعده (1):

فقلت لها إنّ البكاء لراحة

به يشتفي من ظنّ أنّ لا تلاقيا

قفي ودّعينا يا هنيد فإنّني

أرى الحيّ قد شاموا العقيق اليمانيا

652 -

وأنشد:

يدعون عنتر والرّماح كأنّها

أشطان بئر في لبان الأدهم

هو من معلقة عنترة المشهوره وقد تقدم شرحه في شواهد في (2).

653 -

وأنشد:

قالت له، وهو بعيش ضنك

لا تكثري لومي وخلّي عنك

654 -

وأنشد:

فإن تزعميني كنت أجهل فيكم

تقدم شرحه في شواهد لولا (3).

655 -

وأنشد:

ستعلم ليلى أيّ دين تداينت

وأيّ غريم للتّقاضي غريمها

656 -

وأنشد:

وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا

(1) ديوانه 895

(2)

انظر الشاهد رقم 268 وص 479 - 484

(3)

ص 671، والشاهد رقم 431

ص: 834

تقدم شرحه قريبا من هذا الباب (1).

657 -

وأنشد:

وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة

بمغن فتيلا عن سواد بن قارب (2)

658 -

وأنشد:

بآية ما كانوا ضعافا ولا عزلا (3)

هو لعمرو بن شأس بن عبيد بن ثعلبة الأسدي وصدره:

ألكني إلى قومي السّلام رسالة

وبعده:

ولاسيء زيّ إذا ما تلبسوا

إلى حاجة يوما مخيّسة بزلا

قال المصنف في شواهده: ألك فعل أمر من ألاك يليك، ومعناه بلغ عني.

ورسالة: مفعول به، كما يقول بلغ عني الى فلان رسالة. قال: وينبغي أن يكون ألكني على حذف الجار، أي ألك عني. والآية: العلامة: والعزل: بضم المهملة وسكون الزاي، الذين لا سلاح معهم، واحدهم أعزل. وتلبسوا: ركبوا ومشوا.

ومخيّسة: بضم الميم وفتح الخاء المعجمة والياء المشددة وبالسين المهملة، مذللة بالركوب: يعني الرواحل. والبزل: بضم الموحدة وسكون الزاي، الحسنة، واحدها بازل. وهو جمع غريب، قاله المصنف. وقال غيره: سيئ جمع سيئ من السوء. والزيّ: بكسر الزاي وتشديد الياء، اللباس والهيئة. ويروى: ولا سيئ رأي. وقد استشهد ابن مالك بالبيت الثاني على جواز حسن وجه بالإضافة وبتجريد المضاف من أل لقوله سيئ زي.

(1) انظر ص 813 من قصيدة الشاهد رقم 621.

(2)

البيت لسواد بن قارب السدوسي الصحابي، وهو في ابن عقيل 1/ 128

(3)

سيبويه 1/ 101

ص: 835

659 -

وأنشد:

بآية ما يحبّون الطّعاما (1)

660 -

وأنشد:

لزمنا لدن سالمتمونا وفاقكم

فلايك منكم للخلاف جنوح

661 -

وأنشد:

خليليّ رفقا ريث أقضي لبانة

من العرصات الذّاكرات عهودا (2)

662 -

وأنشد:

من لدن شولا (3)

تمامه:

فإلى أتلائها

الشول: بفتح المعجمة، ومادته تدل على الارتفاع. واختلف في المراد هنا فقيل: مصدر شالت الناقة بذنبها أي رفعته للضراب، فهي شائل بغير تاء، والجمع شول، مثل راكع وركع. والتقدير: من لدن شالت شولا. فالبيت من حذف عامل المصدر المؤكد. وقيل: اسم جمع. تائلة: بالتاء، وهي الناقة التي ارتفع لبنها وضرعها وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر أو ثمانية. والتقدير: من لدن كانت شولا، فالبيت من حذف كان واسمها وبقاء خبرها. قال المصنف: وقد يرجح الأول بأن يروى:

(1) عجز بيت وصدره:

ألا أبلغ لديك بني تميم. ويروى العجز أيضا بلفظ:

بأية ذكرهم حب الطعام

ولا شاهد فيه حينئذ. والبيت ليزيد بن الصّعق، وهو في الشعراء 618، والكامل 147 والخزانة 3/ 138 - 142.

(2)

في المغني: (المذكرات).

(3)

الخزانة 2/ 84، وابن عقيل 1/ 124، وسيبويه 1/ 34 واللسان:

(شول).

ص: 836

من لدشول

بالجر، ولا يقال:

من لدن النّوق فإلى أتلائها

قال: ويجاب بأن التقدير من لد شولان شول أو زمان شول. قال: وقد يرجح الثاني برواية الجرمي: من لدشولا، بغير تنوين على أن أصله شولاء، بالمد، فقصره للضرورة. ولكن هذه الرواية يقتضي أن المحدث عنه ناقة واحدة لا نوق.

وزعم بعضهم: أن نصبه على التمييز أو التشبيه بالمفعول به، كانتصاب غدوه بعدها، في لدن غدوة. وإنه لا تقدير في البيت. ورد باختصاص هذا الحكم بغدوة إتفاقا.

وبلدن الثابتة النون إذ لم يسمع نصب غدوة بعد لد. والإتلاء: بكسر الهمزة وسكون المثناة الفوقية، مصدر أتلت

الناقة إذا تبعها ولدها، فهي متلية. والولد تلو، والأنثى تلوة، والجمع أتلاء، بفتح الهمزة.

663 -

وأنشد:

قول يا للرّجال ينهض منّا

مسرعين الكهول والشّبّانا

664 -

وأنشد:

وأجبت قائل: كيف أنت بصالح

حتّى مللت وملّني عوّادي

لم يسم قائله. ومللت: من الملالة، وهي السآمة. والعوّاد: بضم العين، جمع عائد المريض. وجملة:(كيف أنت) مضاف إليها قائل. وبصالح: متعلق بأجبت، وهو مرفوع على الحكاية، وفيه حذف. أي بقولي أنا صالح. وقد أورده ابن مالك في باب الحكاية شاهدا لذلك. وروى بصالح، بالجر، على قصد حكاية الإسم المفرد، أي أجبت بهذه اللفظة.

ص: 837

665 -

وأنشد:

وإن أتاه خليل يوم مسألة

يقول لا غائب مالي ولا حرم (1)

هو من قصيدة لزهير بن أبي سلمى يمدح بها هرم بن سنان أولها (2):

قف بالدّيار الّتي لم يعفها القدم

بلى وغيّرها الأرواح والدّيم

لا الدّار غيّرها بعدي الأنيس ولا

بالدّار لو كلّمت ذا حاجة صمم

إنّ البخيل ملوم حيث كان ول

كنّ الجواد على علّاته هرم

هو الجواد الّذي يعطيك نائله

عفوا ويظلم أحيانا فيظّلم

وإن أتاه خليل يوم مسألة

يقول لا غائب مالي ولا حرم

ومنها:

هم يضربون حبيك البيض إذ لحقوا

لا ينكصون إذا ما استلحموا وحموا

قوله: (لم يعفها) أي لم يدرسها. قوله: بلى الخ. استشهد به أهل البديع على النوع المسمى بالرجوع. والأرواح: جمع ريح. والدّيم: جمع ديمة، بكسر الدال، وهي المطر الدائم. قوله: (إن البخيل

البيت) استشهد به أهل البديع على حسن التخلص. ونائله: عطاؤه. عفوا: سهلا بلا مطل ولا تعب.

وقوله: فيظلم، أي يحتمل الظلم. وقد استشهد به المصنف في التوضيح على أن أصله يظطلم، ينتقل من الظلم، قلبت التاء طاء لمجاورتها الظاء، ثم قلبت الطاء ظاء، وأدغمت في الظاء. ومنهم من يقلب الظاء طاء ويدغمها في

الطاء. وقد روي:

فيطّلم، بالمهملة المشددة على هذه اللغة. وروي: فيظطلم، بالإظهار، فهذه ثلاثة

(1) ديوان زهير 153 وابن عقيل 2/ 132، ويروي (يوم مسغبة)

(2)

الديوان 145

ص: 838

أوجه. قوله: (خليل) أي فقير. ويوم مسألة يروى بدله يوم مسغبة، أي مجاعة.

وحرم: بفتح الحاء وكسر الراء، ممنوع. والبيت استشهد به على رفع المضارع الواقع جزاء الشرط إذا كان فعل الشرط ماضيا. وقال ابن قتيبة: في أبيات قوله:

(ويظلم أحيانا فيظلم) أي يطلب إليه في غير موضع الطلب، فيحمل ذلك لهم.

وأصل الظلم كله وضع الشيء في غير موضعه. ومنه: من أشبه أباه فما ظلم.

وحبيك البيض: طرائقه. واستلحموا: أدركوا. وحموا: غضبوا.

666 -

وأنشد:

فأبلوني بليّتكم لعلّي

أصالحكم واستدرج نؤيا

هو لأبي دؤاد فيما عزاه الثعلبي في تفسيره.

667 -

وأنشد:

إلى الله أشكو بالمدينة حاجة

تقدم شرحه (1).

668 -

وأنشد:

أقول له ارحل لا تقيمنّ عندنا

قال العيني: لم يسم قائله. وتمامه:

وإلّا فكن في السّرّ والجهر مسلما

والبيت استشهد به على إبدال الجملة من الجملة، فإن جملة (لا تقيمن عندنا) بدل من جملة (ارحل). والثانية أظهر في إفادة المقصود.

(1) انظر الشاهد رقم 329 ص 557

ص: 839

669 -

وأنشد:

ذكرتك والخطّيّ يخطر بيننا

وقد نهلت منّا المثقّفة السّمر (1)

هو لأبي عطاء السندي من شعراء الحماسة، واسمه أفلح بن يسار (2) مولى بني أسد، نشأ بالكوفة، وهو من مخضرمي الدولتين. وبعده:

فو الله ما أدري وإنّي لصادق

أداء عراني من حبابك أم سحر

فإن كان سحرا فاعذريني على الهوى

وإن كان داء غيره فلك العذر

الخطى: الرمح. وقد نهلت منا: أي من دمائنا. قال التبريزي: النّهل من الأضداد يقع على الريّ والعطش. قال: وكأن حقيقته أوّل السقي، والاكتفاء به قد يقع وقد لا يقع، فلذلك استعمل في الريّ والعطش. والذكر هنا ذكر القلب.

ومصدره بضم الذال، ونبه بهذا الكلام على قلة مبالاته بالحرب واشتياقه الى محبوبته في حال اختلاف الرمح بينهم بالطعن. والحباب: بكسر المهملة، الحب، كأنه مصدر حاببته، ويجوز أن يكون جمع الحب. وإنما جمعه لاختلاف أحواله فيه. ويروى:(جنابك) بالجيم والنون، أي من ناحيتك. ومعنى البيت الاخير:

أن كان مابي سحر فلي عذر في هواك، لأن من يسحر بحبك فلا ذنب له. وإن كان داء غير السحر فالعذر لك، لأني وقعت فيه لتعرّضي لك وتفكري في محاسنك.

والدلالة على أن (فاعذريني) في موضع (فلي عذر) ما قابله به من قوله: فلك العذر.

670 -

وأنشد:

وما راعني إلّا يسير بشرطة

قال العيني: لم يسم قائله، وتمامه:

وعهدي به قينا يفش بكير

(1) الحماسة 1/ 59.

(2)

وكذا في الاغاني 16/ 78 واللآلي 602، وفي الشعراء 742:

(مرزوق).

ص: 840

قوله: وما راعني ويسير فعل مضارع من السير، ووقع فاعلا لراعني بتقدير أن المصدرية، أي: وما راعني الا أن يسير، أي سيره. وبشرطة: متعلق به وهو بضم الشين وسكون الراء وفتح الطاء المهملة، بمعنى الشرطي. والقين: الحداد، ونصبه على الحال. ويفش: من فش الكير نفسه، إذا أخرج ما فيه من الريح.

والكير: بكسر الكاف، كير الحداد، وهو زق أو جلد غليظ. المعنى: أتعجب منه، وقد كان أمس حدادا ينفخ بالكير واليوم رأيته صار والى الشرطة.

671 -

وأنشد:

ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني

تقدم شرحه في شواهد الباء الموحدة (1).

672 -

وأنشد:

ولولا بنوها حولها لخبطتها

هو للزّبير بن العوّام رضي الله عنه، وتمامه:

كخبطة عصفور ولم أتلعثم

وبهذا عرف أن الصواب لخبطتها بتقديم الباء على الطاء من الخبط. وحرّف من رواه لخطبتها، بتقديم الطاء، من الخطبة. والضمير في بنوها لزوجته بنت الصدّيق رضي الله عنها. وكان الزّبير ضرابا للنساء، وكان أولاد أسماء يحولون بينه وبين ضربها. ويقال: خبطت الشجرة إذا ضربتها بالعصا ليسقط ورقها. وتلعثم في الأمر: تمكث فيه وتأنى، بعين مهملة وتاء مثلثة.

673 -

وأنشد:

مضى زمن والنّاس يستشفعون بي (2)

(1) سبق ص 310، الشاهد رقم 138

(2)

ديوان قيس بن ذريح 113، وانظر الامالي 1/ 136 والاغاني 9/ 214، والتنبيه 52، وقد اختلف في نسبة هذه القصيدة، فقد نسبت الى ابن ذريح والمجنون وجميل وعمرو بن حكيم التميمي، وللضحاك ابن عمارة

الخ.

ص: 841

هو لقيس بن ذريح، وأول القصيدة:

سقى طلل الدّار الّتي أنتم بها

حنائم بها منها صيّف وربيع (1)

مضى زمن والنّاس يستشفعون بي

فهل لي إلى لبنى الغداة شفيع

ومنها:

يقولون: صبّ بالنّساء موكّل

وهل ذاك من فعل الرّجال بديع

674 -

وأنشد:

وقائلة تجنّى عليّ أظنّه

سيودي به ترحاله وحوائله (2)

(1) كذا بالاصل، وهو تحريف، وصحته كما في الديوان والاغاني:

حيا ثم وبل صيّف وربيع

وليس هذا البيت أول القصيدة وانما أولها كما في الديوان.

سأصرم لبني حبل وصلك مجملا

وان كان صرم الحبل منك يروع

(2)

في المغني وحاشية الامير 2/ 74 (وجعائله) وقال: سيودي به: أي يهلكه، والرحل: التنقل في الاسفار. وجعائل: جمع جعالة، كسحابة، أو جعيلة بمعنى الجعل على الفعل. وقال الدماميني:

يحتمل أن جملة سيودي أو أظنه على أنه بالهاء، ليس مقولا لقائله، بل لمحذوف، أي تقول سيودي، أو أظنه سيودي

الخ.

ص: 842