المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الكتاب الخامس 761 - وأنشد: لا يبعد الله التّلبّب وال … غارات - شرح شواهد المغني - جـ ٢

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌شواهد كأين

- ‌شواهد كذا

- ‌شواهد كأنّ

- ‌شواهد كل

- ‌فائدة: [العرجى]

- ‌فائدة: [بندار الأصبهاني]

- ‌فائدة: [السموأل]

- ‌فائدة: [قيس بن ذريح]

- ‌فائدة: [أبو الأسود الدؤلي]

- ‌شواهد كلا

- ‌فائدة: [عبد الله ابن الزّبعرى]

- ‌شواهد كيف

- ‌حرف اللام

- ‌[شواهد «ل»]

- ‌فائدة: [متمم بن نويرة]

- ‌فائدة: [قيس بن عاصم]

- ‌شواهد لا

- ‌فائدة: [النابغة الجعدي]

- ‌شواهد لات

- ‌شواهد لو

- ‌فائدة: [مهلهل]

- ‌شواهد لولا

- ‌شواهد لم

- ‌فائدة: [عبد يغوث بن صلاءة]

- ‌فائدة: [سراقة بن مرداس]

- ‌شواهد لما

- ‌فائدة: [الممزّق]

- ‌شواهد لن

- ‌شواهد ليت

- ‌شواهد لعل

- ‌فائدة: [قيس بن الملوّح]

- ‌شواهد لكنّ

- ‌شواهد لكن الساكنة

- ‌شواهد ليس

- ‌حرف الميم شواهد ما

- ‌فائدة: [أبو حية النميري]

- ‌شواهد من

- ‌شواهد من

- ‌شواهد مهما

- ‌شواهد مع

- ‌شواهد متى

- ‌شاهد منذ ومذ

- ‌حرف النون

- ‌شواهد التنوين

- ‌فائدة: [الأحوص]

- ‌فائدة: [شاعر ثالث يقال له الأحوص بن ثعلبة]

- ‌حرف الهاء شواهد هل

- ‌حرف الواو

- ‌شواهد وا

- ‌حرف الالف

- ‌حرف الياء

- ‌الكتاب الثاني

- ‌فائدة: [المسمون طرفة جماعة]

- ‌فائدة: [معن بن أوس]

- ‌الكتاب الثالث

- ‌الكتاب الرابع

- ‌الكتاب الخامس

- ‌فائدة: [عمران بن حطّان]

- ‌فائدة: [الشمردل بن عبد الله]

- ‌فائدة: [زفر بن الحارث]

- ‌فائدة: [دريد بن الصّمة]

- ‌الكتاب السادس

- ‌فائدة: [الفند]

- ‌الكتاب السابع

- ‌الكتاب الثامن

- ‌فائدة: [مزاحم بن الحارث]

- ‌فهرس مراجع التحقيق

الفصل: ‌ ‌الكتاب الخامس 761 - وأنشد: لا يبعد الله التّلبّب وال … غارات

‌الكتاب الخامس

761 -

وأنشد:

لا يبعد الله التّلبّب وال

غارات إذ قال الخميس نعم (1)

هو من قصيدة للمرقش الأكبر، واسمه عمرو وقيل عوف بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن ثعلبة. وأول القصيدة (2):

هل بالدّيار أن تجيب صمم

لو كان رسما ناطقا كلّم

الدّار قفر والرّسوم كما

رقّش في ظهر الأديم قلم

وبهذا البيت سمي مرقشا (3). ومنها:

النّشر مسك والوجوه دنا

نير وأطراف الأكفّ عنم (4)

ومنها:

ليس على طول الحياة ندم

ومن وراء المرء ما يعلم

يهلك والد ويخلف مو

لود وكلّ ذي أب يلتم (5)

(1) المفضليات 240

(2)

المفضلية رقم 54

(3)

انظر الشعراء 162 واللسان 8/ 195

(4)

اصلحنا: (الشعر مسك)، وفي المفضليات (اطراف البنان عنم).

(5)

في المفضليات (ييتم) بيائين.

ص: 889

وبعده البيت (1):

والعدو بين المجلسين إذا

ولّى العشيّ وقد تنادى العمّ

فائدة:

قال الأموي: المرقش هذا هو الأكبر، وأما المرقش الأصغر فهو ابن أخي المرقش الأكبر، اسمه ربيعة بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة.

والمرقش الأصغر عم طرفة بن العبد. ولهم مرقس، بفتح الميم والقاف وسين مهملة، طائي أحد بني معن بن عبود، واسمه عبد الرحمن. ولهم يرقش، بالياء، شاعر تميمي مدح العباس.

762 -

وأنشد:

تقيّ نقيّ لم يكثّر غنيمة

بنهكة ذي قربى ولا بحقلّد

تقدّم شرحه في شواهد لو (2).

763 -

وأنشد:

يبسط للأضياف وجها رحبا

بسط ذراعيه بعظم كلبا (3)

764 -

وأنشد:

تركت بنا لوحا ولو شئت جاءنا

بعيد الكرى ثلج بكرمان ناصح (4)

هذا من قصيدة لجرير يمدح بها عبد العزيز بن مروان، أولها (5):

(1) اي بعد بيت الشاهد.

(2)

انظر ص 642، وهو مع الشاهد رقم 401 من قصيدة واحدة.

(3)

في المغني: (لعظم كلبا).

(4)

ديوانه 100 وفيه: (ولو شئت جادنا) كما في المغني.

(5)

الديوان 99 - 103

ص: 890

أربّت بعينيك الدّموع السّوافح

فلا العهد منسيّ ولا الرّبع نازح (1)

وقبل هذا البيت:

منعت شفاء النّفس ممّن تركته

به كالجوى ممّا تجنّ الجوانح

وبعده:

رأيت مثيل البرق تحسب أنّه (2)

قريب وأدنى صوبه منك نازح

ومنها:

مدحناك يا عبد العزيز وطالما

مدحت فلم يبلغ فعالك مادح

تفدّيك بالآباء في كلّ موطن

شباب قريش والكهول الجحاجح

والأرباب: الاقامة. واللزوم: للشيء. واللوح: العطش، يقال: لاح يلوح لوحا بالفتح، إذا عطش، وأمّا لاح بمعنى لمع ظهر فمصدره لواح، شبه ثغرها لبياضه بالثلج. وناصح: خالص البياض ناصح. وأضافه إلى كرمان لأنها بلاد ثلج.

765 -

وأنشد:

أفنى تلادي وما جمّعت من نشب

قرع القوارير أفواه الأباريق (3)

هذا للأقيشر، واسمه المغيرة بن الأسود الأسدي (4). وقبله:

أقول والكأس في كفّى أقلّبها

أخاطب الصّيد أبناء العماليق

(1) في الديوان: (بارح).

(2)

في الاصل: (رأيتك مثل البرق لم يحسب أنه) كذا.

(3)

المؤتلف والمختلف 56 والشعراء 543، والعيني 3/ 508 - 509، والخزانة 2/ 282، والاغاني 11/ 276 (الدار)، واللسان 7/ 263 ورسالة الغفران 53.

(4)

وكذا في الشعراء 541 وخالفه صاحب الاغاني.

ص: 891

لا تشربن أبدا راحا مسوّدة

إلّا مع الشّمّ أبناء البطاريق (1)

الصيد: بالكسر، جمع أصيد، وهو الملك الذي لا يلتفت الى غيره. والراح:

الخمر. والمسودة: المتوالية. والشم: جمع أشم، مأخوذ من الشمم في الأنف.

ويروى بدله: (الغرّ) جمع أغرّ، والبطاريق: كبار الروم، الواحد بطريق.

والتلاد: المال القديم. والنشب: بالمعجمة، المال الأصيل. والقوارير: جمع قارورة. ويروى: القواقيز، بقافين وزاي جمع قاقوزة، وهي أوان يشرب بها (2).

وأفواه: يروى بالرفع فاعلا، وبالنصب مفعولا، لأن من قرعك فقد قرعته.

والأباريق: جمع ابريق. والبيت استشهد به على إضافة المصدر الى مفعوله على الأولى، والى فاعله على الثانية.

766 -

وأنشد:

أظلوم؟ إنّ مصابكم رجلا

أهدى السّلام تحيّة ظلم (3)

هو للعرجى، كذا قال الحريري في درة الغواص وغيره. وقال العيني (4):

الصحيح انه للحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله المخزومي، وكذا في الاغاني من قصيدة أوّلها:

(1) في الاغاني: لا أشربن أبدا راحا مسارقة، وفي حاشية الامير (مسودة) وفسرها: المتوالية كما هو هنا في الشرح.

(2)

القواقيز: ضرب من الرواطيم وهو الكؤوس الصغيرة، واضافة القرع الى القواقيز من اضافة المصدر الى فاعله، وأفواه الاباريق مفعوله. ويروى برفع الافواه، فيكون المصدر مضافا الى مفعوله، والافواه فاعله. وفي الاصل (القواقير) بقافين وراء، وهو خطأ لا يصح، أو تحريف.

(3)

ذيل ديوان العرجي ص 193 (اظليم)، وامالي ابن الشجري 1/ 93 بدون نسبة. ومعجم ما استعجم 504 للحارث بن خالد، وكرواية ذيل الديوان والاغاني 8/ 132 (ساسي).

(4)

3/ 502

ص: 892

أقوى من آل ظليمة الحرم

فالعيرتان فأوحش الحطم (1)

وبعد هذا البيت:

أقصيته وأردت سلمكم (2)

فليهنه إذ جاءك السّلم

ومنها:

لفّاء ممكور مخلخلها

عجراء ليس لعظمها حجم (3)

خمصانة قلق مرشّحها (4)

رود الشّباب علابها عظم

أقوى: خلا. وظليمة: تصغير ظلمة (5)، وهي أم عمران زوجة عبد الله بن مطيع. وكان الحارث يتشبب بها ولما مات زوجها تزوّجها بعده. والحرم: بضم الحاء، موضع. وكذا العيرتان بفتح العين المهملة وسكون التحتية. والحطم:

بضم الحاء وسكون الطاء المهملتين كلاهما موضعان. ولفاء: ضخمة الفخذين مكتنزة. ومخلخلها: موضع خلخالها، وهو الساق. يقال: امرأة ممكورة الساقين أي حدلاء. وعجراء، بمهملة وجيم وراء، سمينة، كذا قاله العيني. ورأيته في الأغاني بالزاي. وخمصانة: بضم الخاء المعجمة ضامرة البطن. ورود الشباب:

حسنته. والرادة: الشابة الناعمة. والعلاب، بكسر المهملة، وسم في طول العنق.

(1) كذا بالاصل، وصحتها كما في ذيل ديوان العرجي:

أقوى من آل ظليمة الحزم

فالغمرتان فأوحش الخطم

وفي معجم ما استعجم روى (الحزم) بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي، وفيه (الخطم)، وهو موضع بقرب المدينة، والحزم:

أمام الخطم على يسار طريق نخلة. وفي تاج العروس للزبيدي، عن الزبير بن بكار: العيرة: الجبل الذي عند الميل، على يمين الذاهب الى منى. العير: الجبل الذي يقابله، فهما العيرتان، وأياهما عنى الحارث بن خالد المخزومي في قوله

).

(2)

في اللسان: (أقصدته

إذ جاءه فلينفع). وفي ذيل الديوان 194 (وأراد).

(3)

رواية ذيل الديوان. (هيفاء مملوء مخلخلها - عجزاء).

(4)

رواية ذيل الديوان (موشّحها).

(5)

في اللسان: (تصغير ظلوم أو ظليم).

ص: 893

ويقال: علب اللحم، اذا اشتدّ. قوله: أظلوم، يروى:(أظليم) وهو الصحيح، وهو مرخم ظليمة. ومصابكم: مصدر ميمي بمعنى أصابتكم، وقد عمل عمل الفعل فأضيف الى فاعله. ورجلا: مفعول. والبيت استشهد به المصنف على ذلك.

ومصابكم، اسم إن والخبر ظلم. وجملة: أهدى السلام، صفة رجلا، وتحية مصدر أهدى السلام من باب قعدت

جلوسا.

قال الصولي في كتاب الأوراق: حدّثنا القاسم بن إبراهيم وعون بن محمد وعبد الواحد بن عباس والطيب بن محمد بن يزيد، بعضهم عن بعض، قالوا: حدّثنا أبو عثمان المازني قال: كان سبب طلب الواثق لي أن مخارقا غنى في مجلسه:

أظليم إنّ مصابكم رجلا

أهدى السّلام إليكم ظلم

فقال مخارق: (رجل) فتابعه بعض من حضر وخالفه الباقون، فسأل الواثق عمن بقي من النحويين فذكرت له، فأمر بحملي، فلما دخلت إليه وسلمت عليه قال لي:

ممن الرجل؟ فقلت: من بني مازن. قال: من مازن تميم أم مازن قيس أم مازن يمن. قلت: من مازن ربيعة. قال لي: ما اسبك. وهي لغة كثيرة في قومنا، فقلت، على القياس: أبي بكر. فضحك وقال: اجلس، واطمئن فسألني عن البيت فأنشدته:

إنّ مصابكم رجلا. فقال: أين خبر أن. قلت: ظلم الحرف الذي في آخر البيت. أما ترى يا أمير المؤمنين أن البيت كله مغلق لا معنى له حتى يتم بهذا الحرف، إذا قال:

أظليم إنّ مصابكم رجلا

أهدى السّلام إليكم

فكأنه ما أفاد شيأ حتى يقول ظلم. قال: صدقت، قال: ألك ولد؟ قلت: بنية لا غير. قال: فما قالت حين ودّعتها؟ قلت: أنشدت شعر الأعشى (1):

تقول ابنتي حين جدّ الرّحيل

وإنّا سواء ومن قد يتم (2)

(1) ديوانه ص 41 من رقم 4

(2)

ديوانه ص 41 من القطعة 4.

ص: 894

أبانا فلا رمت من عندنا

فإنّا بخير إذا لم ترم

أرانا إذا أضمرتك البلا

د نجفى وتقطع منّا الرّحم

قال: فما قلت لها. قلت: ما قال جرير:

ثقي بالله ليس له شريك

ومن عند الخليفة بالنّجاح

قال: ثق بالنجاح إن شاء الله، إن ههنا قوما يختلفون الى أولادنا فامتحنهم، فمن كان عالما ينتفع به ألزمناه إياهم،

ومن كان بغير هذه الصفة قطعناه عنهم، فاجمعوا اليّ، فامتحنتهم، فما وجدت طائلا فحذروا ناحيتي، فقلت: لا بأس على أحد. فلما رجعت، قال: كيف رأيتهم؟ قلت: يفضل بعضهم بعضا في علوم، ويفضل الباقون في غيرها، وكل يحتاج إليه. فقال: إني خاطبت منهم واحدا فكان على غاية الجهل في خطابه! قلت: يا أمير المؤمنين، أكثر من تقدّم منهم بهذه الصفة، ولقد أنشدت فيهم:

إنّ المعلّم لا يزال مضعّفا

ولو اعتلى فوق السّما بلواء

من علّم الصّبيان أصبوا عقله

حتّى بني الخلفاء والأمراء

فأعجبه ذلك وأمر لي بألف دينار. أخرجه في الأغاني من طريق الصولي.

767 -

وأنشد:

وهنّ وقوف ينتظرن قضاءه

بضاحي غداة أمره وهو ضامر (2)

هو للشماخ، وقبله:

كأنّ قتودي فوق جائب مطرد

من الحقب لاحته الجداد العواذر

طوى ظمئها في جمرة القيظ بعد ما

جرت في عنان الشّعرتين الأماغر

(1)

ديوانه 98، وانظر حاشية الامير 2/ 119.

(2) كذا بالاصل، وفي المغني:(يضاحي غداة أمره وهو ضامز) ويلاحظ قافية البيت برواية ابن هشام الزاي فيما يورد السيوطي أبيات من القصيدة على قافية الراء المهملة.

ص: 895

فظلّت بأعراف كأنّ عيونها

إلى الشّمس هل تدنو ركىّ نواكر

وهنّ وقوف ينتظرن قضاءه

بضاحي عداة أمره وهو ضامر

فلمّا رأين الورد منه عزيمة

مضين ولاقاهنّ خلّ مجاور

القتود: أداة الرحل وأعواده. والجائب: الحمار الغليظ. والمطرد: مفعل من الطرد، وهو مطاردة الصائد اياه. والحقب: جمع أحقب، وهو الحمار الأبيض الحقوين. ولاحته: غيرته. والجداد: اليابسات اللبن، واحدها جدود. والعواذر:

القليلات اللبن، واحدها عاذر. والظمؤ: مدّة بقاء الحمار بلا شرب. وجمرة القيظ:

أحرّ القيظ وأشدّه. والقيظ: صميم الحرّ. وعنان الشعرتين أوّل حرّهما.

والشعرتان: كوكبان، يقال لاحدهما العميصاء، وللأخرى اليمانية، وهي العبور.

والأماغر: جمع أمغر، وهي الأرض الغليظة ذات الحجارة. وجرى الأماغر ههنا سيلانها، وهو كناية عن السراب. وظلت: أقامت. والأعراف: ظهور الرمال، واحدها عرف. والركى الآبار، واحدها ركية. والنواكر: الغوائر التي جف أكثر مائها. والضاحي: البارز من الأرض للضحى، وهو الشمس. والعداة: الأرض الكريمة الطيبة. والضامر: الساكت. والورد: طلب الماء. والخل: الطريق في الرمل. والمجاور: النافذ الى غيره.

فائدة:

الشماخ، اسمه معقل، وقيل الهشيم بن ضرار بن سنان. وقيل ابن حرملة الذبياني، صحابي. وهو وأخوه مزرد شاعر أيضا، وكذا أخوه جزء. قال الحطيئة في وصيته: أبلغوا الشماخ أنه أشعر غطفان (1).

768 -

وأنشد:

أتقرح أكباد المحبّين كالّذي

أرى كبدي من حبّ بثنة يقرح

هو من قصيدة لجميل أوّلها:

(1) انظر ص 475

ص: 896

أمن آل ليلى تغتدي أم تروّح

وللمغتدي أمضى هموما وأسرح

ومنها:

إذا أنت لم تظفر بشيء طلبته

فبعض التّأنّي في اللّبانة أنجح

فو الله ما يدري جميل بن معمر

أليلى بقوّ أم بثينة أنزح

وكلتاهما أمست ومن دون أهلها

لعوج المطايا والقصائد مسبح

سلوا الواحدين المخبرين عن الهوى

وذو البثّ أحيانا يبوح فيصرح

أتقرح أكباد المحبّين كالّذي

أرى كبدي من حبّ بثنة يقرح

أسرح: أعجل. والتأبي: الرفق. واللبانة: الحاجة. والعوج: الضوامر.

ومسبح: مذهب (1) بعيد.

769 -

وأنشد:

إذا شاؤوا أضرّوا من أرادوا

ولا يألوهم أحد ضرارا (2)

770 -

وأنشد:

إنّك إن يصرع أخوك تصرع (3)

(1) وفي حاشية الامير 2/ 128: القرح: الجرح والضعف، أي كالقرح الذي ارى كبدي، على أن يقرح بالتحتية.

(2)

في المغني برواية: (اذا ما شاء ضروا

) وبرواية السيوطي لا شاهد فيه، اذ أن الشاهد فيه هو حذف واو الجماعة وبقاء الضمة في (شاء).

(3)

ابن عقيل 2/ 132 وسيبويه 1/ 436 وامالي ابن الشجري 1/ 71 ولم ينسبه.

ص: 897

هو لجرير بن عبد الله البجلي. وقال الصغاني: هو لعمرو بن جثارم العجلي (1) وصدره:

يا أقرع بن حابس يا أقرع

والبيت استشهد به على رفع جزاء الشرط مع كون فعل الشرط مضارعا، وخرج على انه ليس بالجواب بل خبر إن. وجملة الشرط وقعت حشوا بين أن وخبرها، والجواب محذوف لدلالة الخبر عليه.

771 -

وأنشد:

خليليّ ما واف بعهدي أنتما

لم يسم قائله. وتمامه:

إذا لم تكونا لي على من أقاطع

قوله: أقاطع من قاطع أخاه وقطعه.

772 -

وأنشد:

وحبّذا نفحات من يمانية

تقدّم شرحه في حرف الميم ضمن قصيدة جرير (2).

773 -

وأنشد:

ألا حبّذا لولا الحياء وربّما

منحت الهوى ما ليس بالمتقارب (3)

(1) في معجم الشعراء 60 (الخثارم) بالخاء الفوقية من بني عشيرة، جاهلي.

(2)

انظر ص 713، وهو مع الشاهد رقم 481 ص 711 من قصيدة واحدة.

(3)

الحماسة 3/ 340، وفيه: (لو ما الحياء

).

ص: 898

هو لمرّار بن همّاس الطائي، ويقال لمرداس بن همّاس (1). وقبله:

هويتك حتّى كاد يقتلني الهوى

وزرتك حتّى لا مني كلّ صاحب

وحتّى رأى منّي أعاديك رقّة

عليك، ولولا أنت مالان جانبي

قال أبو العلاء: تقدير البيت: ألا حبذا ذكر هذه النساء لولا أنني أستحيي أن أذكرهنّ. فألا: للتنبيه. وحبذا: كلمة المدح. وقوله: (وربما .. الخ) أي وربما منحت هواي ما لا مطمع في دنوّه. ويروى: من ليس، أي ربما أحببت من لا ينصفني ولا مطمع فيه، فما أو من موصولة مفعول ثان لمنحت، وجملة ليس بالمتقارب صلتها. والبيت استشهد به على حذف المخصوص بالمدح كما تقدّم تقريره.

774 -

وأنشد:

وإن مدّت الأيدي إلى الزّاد لم أكن

بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل (2)

هذا من قصيدة للشنفرى الأزدي وأوّلها (3):

أقيموا بني عمّي صدور مطيّكم

فإنّي إلى أهل سواكم لأميل

فقد حمّت الحاجات واللّيل مقمر

وشدّت لطيّات مطايا وأرحل

وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى

وفيها لمن خاف القلى متحوّل

لعمرك ما في الأرض ضيق على امرئ

سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل

(1) في الحماسة: (ابن همام) والبيتان التاليان في معجم الشعراء 445 وسماه المرزباني: (مرار بن ميّاس).

(2)

ابن عقيل 1/ 128

(3)

ذيل الامالي 203 - 206

ص: 899

حمت الحاجات: أي قدّرت. والطيات: جمع طية، وهي الحاجة. والمطايا:

جمع مطية. والأرحل: جمع رحل البيت. ومنأى: مفعل من النأي، وهو البعد.

والقلى: بكسر القاف، البغض والعداوة. والأجشع: بجيم وشين معجمة وعين مهملة، أفعل من الجشع، وهو الحرص على الأكل، وفعله جشع بالكسر. ومن أبيات هذه القصيدة قوله:

لئن كان من جنّ لأبرح طارقا

وإن يك إنسا ماكها الإنس تفعل (1)

وقد استشهد به النحاة على جر الكاف الضمير شذوذا.

775 -

وأنشد:

إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا

فحسبك والضّحّاك سيف مهنّد

قال ابن يسعون في شرح شواهد الايضاح: العصا هنا: الجماعة. ضرب انشقاق العصا مثلا في اختلاف الأقوام لهول المقام، وإن الضحاك فيه أعني حسام، وإنما ضرب المثل بها لقلة جدائها عند افتراق أجزائها. قال: والبيت استشهد به الفارسي على مدّ الهيجاء. قال: ويروى الضحاك بالرفع والنصب والجر. فالرفع على انه مبتدأ خبره سيف وخبر حسبك محذوف لدلالة الكلام عليه، لأنه في معنى الأمر، أي فلتكثر ولتشق، والضحاك سيفك الأوثق. والنصب على أنه مفعول معه مبتدأ وسيف خبره. والمعنى: كافيك سيف مع صحبة الضحاك وحضوره، أي حضور هذا السيف المغني عن سواه. والجر على أن الواو واو قسم أو عطفا على الكاف في حسبك. قال: وكلاهما مخالف للمعنى، لأن القصد الإخبار بأن الضحاك نفسه هو السيف الكافي لا الاخبار بأن المخاطب يكفيه ويكفي الضحاك سيف.

(1) في ذيل الامالي 206: (فإن يك من

)

ص: 900

776 -

وأنشد:

ها بيّنا ذا صريح النّصح فاصغ له (1)

777 -

وأنشد:

خرجت بها أمشي تجرّ وراءنا

هو من معلقة امرئ القيس، وقد تقدّم شرحه في شواهد لو (2).

778 -

وأنشد:

عهدت سعاد ذات هوى معنّى

فزدت، وعاد سلوانا هواها

لم يسم قائله. والمعنّى: الأسير في الحب، من عناه يعنيه. والعاني: الأسير.

وسلوان: بضم السين، بمعنى السلوة. قال الأصمعي: يقول الرجل لصاحبه سقيتني سلوة وسلوانا، أي طيبت

نفسي عنك. ويقال: السلوان دواء يسقاه الحزين فيسلو. ومعنى البيت: أنه لما كان مغرما بها كانت خالية، فلما زاد سلوانا زادت هي غراما. وقوله: ذات هوى: حال من المفعول، وهو سعاد. ومعنى: حال من الفاعل في عهدت.

779 -

وأنشد:

ومن يقترب منّا ويخضع نؤوه (3)

لم يسم قائله. وتمامه:

ولا يخش ظلما ما أقام ولا هضما

نؤوه: من آواه يؤويه ايواء. والهضم: الظلم، وقوله: ويخضع بالنصب

(1) صدر بيت وعجزه:

وطع فطاعة مهد نصحه رشد

وقائله مجهول.

(2)

انظر ص 652، وانظر من المعلقة ص 20 و 96 و 97 و 360 و 451 و 463 و 558 و 652 و 772 و 782 و 857 و 863 و 883.

(3)

ابن عقيل 2/ 134

ص: 901

بإضمار أن بعد الواو العاطفة على الشرط قبل الجواب.

780 -

وأنشد:

تمنّى ابنتاي أن يعيش أبوهما (1)

هو للبيد من أبيات قالها قرب وفاته وتمامه:

وهل أنا إلّا من ربيعة أو مضر

فقوما فقولا بالّذي تعلمانه

ولا تخمشا وجها وتحلقا شعر

وقولا هو المرء الّذي لا صديقه

أضاع ولا خان الخليل ولا غدر

إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما

ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر

قوله: الى الحول متعلق بقولا. وقوله: ثم اسم السلام عليكما، كناية عن الأمر بترك ما كان قد أمرهما به من القول والبكاء. ولفظ اسم مقحمة. والمعنى:

ثم السلام. وقد استشهد به البيضاوي في تفسيره، وابن أم قاسم في شرحه على ذلك.

781 -

وأنشد:

من الرّقش في أنيابها السّمّ ناقع

تقدم شرحه في الكتاب الثاني ضمن قصيدة النابغة (2).

782 -

وأنشد:

ولست بالأكثر منهم حصى

وإنّما العزّة للكاثر (3)

(1) الخزانة 2/ 219 و 4/ 454. وانظر شرح القصائد العشر 513 وفيه:

(تخاف ابنتاي

).

(2)

انظر ص 816، وهو مع الشاهد رقم 622 من قصيدة واحدة.

(3)

الخزانة 3/ 489، وابن عقيل 2/ 51

ص: 902

هذا من قصيدة للأعشى ميمون يهجو بها علقمة بن علاثة ويمدح عامر بن الطفيل، وأوّلها (1):

شاقتك من نبلة أطلالها

بالشّطّ فالوتر إلى حاجر

فركز مهراس إلى مادر

فقاع منفوحة ذي الحائر

دار لها غيّر آياتها

كلّ ملثّ صوبه ماطر

وقد رآها وسط أترابها

في الحيّ ذي البهجة والسّامر

إذ هي مثل الغصن ميّالة

تروق عيني ذي الحجى الزّائر

كبيعة صوّر محرابها

مذهّب ذي مرمر مائر

أو بيضة في الدّعص مكنونة

أو درّة سيقت لدى تاجر

قد حجم الثّدي على صدرها

في مشرق ذي بهجة نائر

يشفي غليل الصّدر لاه بها

حوراء تصبي نظر النّاظر

ليست بسوداء ولا عنفص

تسارق الطّرف إلى الدّاعر

عهدي بها في الحيّ قد سربلت

صفراء مثل المهرة الضّامر

عبهرة الخلق لباخيّة

تزّينه بالخلق الطّاهر

لو أسندت ميتا إلى نحرها

عاش ولم ينقل إلى قابر

حتّى يقول النّاس ممّا رأوا

يا عجبا للميّت النّاشر

(1) ديوانه ص 139 ق 18 باختلاف الترتيب والالفاظ.

ص: 903

دعها فقد أعذرت في ذكرها

واذكر خنا علقمة الخاتر

أسفها أم عدت يا ابن استها

لست على الأعداء بالقادر

يحلف بالله لئن جاءه

عنّي ثنا من سامع خابر

ليجعلنيّ ضحكة بعدها

جدّعت يا علقم من ناذر

ليأتينه منطق فاحش

مستوثق للسّامع الآثر

عضّ بما أبقى المواسي له

من أمّه في الزّمن الغابر

وكنّ قد أبقين منه أذى

عند الملاقي وافر الشّافر

لا تحسبنّي عنكم غافلا

فلست بالواني ولا الفاتر

فارغم فإنّي طبن عالم

أقطع من شقشقة الهادر

حولي ذوو الآكال من وائل

كاللّيل من باد ومن حاضر

المطعمون الضّيف لمّا شتوا

والجاعلو القوّة على الياسر

من كلّ كوماء سجوف إذا

جفّت من اللّحم مدى الجازر

هم يطردون الفقر عن جارهم

حتّى يرى كالغصن الزّاهر

كم فيهم من شطبة خيفق

وسابح ذي ميعة ضامر

وكلّ جوب مترص صنعه

وصادق أكعبه حادر

وكلّ مرنان لها أزمل

وصارم ذي هبّة باتر

وفيلق شهباء ملمومة

تقصف بالدّارع والحاسر

ص: 904

باسلة الوقع سرابيلها

بيض إلى أقربها الطّاهر

فانظر إلى كفّ وأسرارها

هل أنت إن أوعدتني ضائر

إنّي رأيت الحرب إذ شمّرت

دارت بك الحرب مع الدّائر

يا عجبا للدّهر إذ سويّا

كم ضاحك منكم وكم ساخر

إنّ الّذي فيه تماروننا

بيّن للسّامع والنّاظر

ما جعل الجدّ الظّنون الّذي

جنّب غيث اللّجب السّاطر (1)

مثل الفراتيّ إذا ما طما

يقذف بالنّوصيّ والماهر (2)

أقول لمّا جاءني فخره

سبحان من علقمة الفاجر

علقم لا تسفه ولا تجعلن

عرضك للوارد والصّادر

أؤوّل الحكم على وجهه

ليس قضائي بالهوى الجائر

حكّمتموه فقضى بينكم

أبلج مثل القمر الزّاهر

لا يأخذ الرّشوة في حكمه

ولا يبالي غبن الخاسر

لا يرهب المنكر منكم ولا

يرجوكم الأتقى الآمر

كم قد قضى شعري في مثله

فسار لي في منطق سائر

إن ترجع الحكم إلى أهله

فلست بالمسدي ولا النّائر

(1) في الديوان برواية:

ما يجعل الجد الظنون الذي

جنب صوب اللجب الزاخر

(2)

كذا في الاصل، وفي الديوان (البوصي) وهو السفين، وكذلك الملاح.

ص: 905

ولست في السّلم بدي نائل

ولست في الهيجاء بالجاسر

ولست بالأكثر منهم حصى

وإنّما العزّة للكاثر

ولست في الأثرين من مالك

ولا إلى بكر ذوي النّاصر

هم هامة الحيّ إذا ما دعوا

ومالك في السّؤدد القاهر

ساد وألفى قومه سادة

وكابرا سادوك عن كابر

فاقن حياء أنت ضيّعته

مالك بعد الجهل من عاذر

علقم ما أنت إلى عاصر

النّاقض الأوتار والواتر

واللّابس الخيل بخيل إذا

ثار الغبار الكبّة الثّائر

إن تسد الخوص فلم تعدهم

وعامر ساد بني عامر (1)

قد قلت شعري فمضى فيكما

واعترف المنفور للنّافر (2)

لقد أسلّي النّفس حين اعترى

بجسرة دوسرة عاقر

زنّافة كالفحل خطّارة

تلوي بشرجي مثبت فاتر

شتّان ما يومي على كورها

ويوم حيّان أخي جابر

أرمي بها البيد إذا أعرضت

وأنت بين القور والعاصر

في مجدك شيّد بنيانه

يزلّ عنه ظفر الطّائر

(1) في الديوان:

(سدت بني الاحوص فلم تعدهم)

(2)

في الديوان:

(قد قلت قولا فقضى بينكم).

ص: 906

قال شارح ديوان الأعشى: لما قال الأعشى هذه القصيدة هدر علقمة بن علاثة دمه وجعل له على كل طريق رصدا، فاتفق الأمر أن الأعشى يريد وجها ومعه دليل، فأخطأ به الطريق فألقاه في ديار عامر بن صعصعة، فأخذه رهط علقمة بن علاثة فأتوه به، فقال له علقمة: الحمد لله الذي أمكنني منك. فقال الأعشى (1):

أعلقم قد صيّرتني الأمو

ر إليك وما أنت لي منقص

فهبط نفسي فدتك النّفو (2)

س ولا زلت تنمي ولا تنقص

فقال قوم علقمة: اقتله وأرحنا منه والعرب من شرّ لسانه، فقال علقمة:

إذن تطلبوا بدمه ولا ينغسل عني ما قاله، ولا يعرف فضلي عند القدرة. فأمر به فحلّ وثاقه وألقى عليه حلة وحمله على ناقة وأحسن عطاءه، وقال: انج حيث شئت.

وأخرج معه من بني كلاب من يبلغه مأمنه، فقال الأعشى بعد ذلك:

علقم يا خير بني عامر

للضّيف والصّاحب والزّائر

والضّاحك السّنّ على همّه

والغافر العثرة للعاثر

وعلقمة بن علاثة صحابي قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شيخ فأسلم وبايع، انتهى. وروى حديثا واحدا.

وأخرج ابن مندة وابن عساكر من طريق الأعمش عن أبي صالح، حدثني علقمة بن علاثة قال: أكلت مع النبي صلى الله عليه وسلم رؤسا. واستعمله عمر ابن الخطاب على حوران فمات بها.

وأخرج أبو نعيم والخطيب وابن عساكر عن محمد بن سلمة قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده حسان فقال: يا حسان، أنشدنا من شعر الجاهلية ما عفا الله لنا فيه، فأنشده حسان قصيدة الأعشى في علقمة بن

علاثة:

(1) ديوانه 369 ق 81

(2)

كذا في الاصل، وفي الديوان: (فهب لي ذنوبي فدتك

)

ص: 907

ما أنت إلى عامر

النّاقض الأوتار والواتر

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنشدني بعد اليوم يا حسان، فقال حسان:

يا رسول الله، تمنعني من رجل مشرك هو عند قيصر أن أذكر هجاء له. فقال:

يا حسان، إني ذكرت عند قيصر وعنده أبو سفيان بن حرب وعلقمة بن علاثة، فأما أبو سفيان فلم يترك فيّ، وأما علقمة فحسن القول، وانه لا يشكر الله من لا يشكر الناس. وأخرجه ابن عساكر من وجه آخر وفيه: فقال حسان: اعرض عن ذكر علقمة فان أبا سفيان ذكرني عند هرقل فشعّث (1) مني فردّ عليه علقمة، فقال حسان: يا رسول الله، من نالك شكره وجب علينا شكره.

783 -

وأنشد:

على أنّني بعد ما قد مضى

ثلاثون للهجر حولا كميلا (2)

هو للعباس بن مرداس السلمي، وبعده:

يذكّرنيك حنين العجول

ونوح الحمامة تدعو هديلا

قال: فصل بين ثلاثين وبين مميزها (3)، شبهها بالضرورة. وكميل: بمعنى كامل.

ويذكرنيك: متعلق على. والعجول: بفتح العين المعجمة وضم الجيم، الناقة التي فقدت ولدها. وقيل: التي ألقته قبل أن ينم بشهر أو شهرين. والحنين: مدّ الصوت اشتياقا الى إلف أو وطن أو ولد، وأصله في الإبل. ونوح الحمامة: صوت تستقبل به صاحبها، لأن أصل النوح التقابل. والهديل: عظيم صوت الحمام.

وقيل: ذكره، وقيل: فرخه. تزعم الأعراب أنّ جارحا صاده في سفينة نوح فالحمام تبكيه الى يوم القيامة. فنصبه على الأول على المصدر لتدعو لأنه بمعنى تهدل، أو لفعل دل عليه تدعو. ومفعول تدعو محذوف، أو على الحال، أي هؤلاء. وعلى

(1) في الاساس: شعّث مني فلان: اذا غضّ منك.

(2)

الخزانة 1/ 573، وانظر سيبويه 1/ 292

(3)

وهو (حولا).

ص: 908

الآخرين على المفعول به لتدعو. قال الجاحظ (1): يقال في الحمام: هدل يهدل باللام، وربما قالوا بالراء. وقال أبو زيد: الجمل يهدر، ولا يقال باللام.

784 -

وأنشد:

له حاجب من كلّ أمر يشينه

عزاه القالي في أماليه لمروان بن أبي حفصة (2)، وتمامه:

وليس له عن طالب العرف حاجب

وقبله:

يصمّ عن الفحشاء حتّى كأنّه

إذا ذكرت في مجلس القوم غائب

785 -

وأنشد:

فارسا ما غادروه ملحما

تقدم شرحه في شواهد لو (3).

786 -

وأنشد:

دعوني فيا لبّى إذ هدرت لهم (4)

تمامه:

شقاشق أقوام فاسكتها هدري

(1) في الحيوان للجاحظ 3/ 74: (وأما أصحابنا فيقولون ان الجمل يهدر، ولا يكون باللام. والحمام يهدل، وربما كان بالراء).

(2)

الامالي 1/ 238، وفيه:(وأنشدنا أيضا، قال أنشدني أبي).

ولم يعزو البيت الى أحد. وذكر الشاهد برواية:

له حاجب عن كل ما يصم. الفتى

(3)

انظر ص 664

(4)

انظر الخزانة 1/ 269.

ص: 909

787 -

وأنشد:

لقلت لبّيه لمن يدعوني (1)

لم يسم قائله، وصدره:

إنّك لو دعوتني ودوني

زوراء ذات مترع بيون

زوراء: بفتح الزاي وسكون الواو والمدّ، البئر البعيد القعر، والأرض البعيدة أيضا. ومترع: قيل بالمثناة الفوقية والراء، من قولهم حوض ترع بالتحريك، إذا كان ممتلئا. وقيل: بالنون والزاي، من قولهم بئر نزوع إذا كانت قريبة القعر ينزع منها باليد، والأول أصح وأقرب. وبيون: بفتح الموحدة وضم التحتية المخففة ونون، البئر البعيدة القعر الواسعة. والبيت استشهد به على إضافة لبى إلى ضمير الغيبة شذوذا.

788 -

وأنشد:

فلبّى؛ فلبّى يدي مسور (2)

قاله أعرابي من بني أسد وصدره:

دعوت لما نابني مسورا

لما نابني: أي لما أصابني من النائبة، فاللام جارة ولا موصولة له. قوله:

(فلبى) أي قال لبيك: والأصل فلباني، فحذف المفعول. قوله (فلبى يدي مسور) أي فأجابة له مني بعد إجابة إذا سألني في أمر نابه جزاء لصنعه، وخص يديه بالذكر لأنهما اللتان أعطتاه المال. وقيل: ذكر اليدين على سبيل الإقحام والتأكيد. والفاء:

في (فلبى) الأولى للعطف المؤذن بالتعقيب. والثانية سببية. والبيت استشهد به

(1) ابن عقيل 2/ 9، واللسان (بين).

(2)

ابن عقيل 2/ 9، والخزانة 1/ 268، واللسان (لبى)، وسيبويه 1/ 176.

ص: 910

على إضافة لبى إلى الظاهر، وهو شاذ وعلى أنه ليس إسما مفردا، وإلا لم تقلب ألفه عند الإضافة الى الظاهر ياء كما يقال (على يد زيد). وذكر بعضهم أن لبى الأولى تكتب بالألف والثانية بالياء، ليعرف أن الاولى فعل والثانية

مصدر منصوب بالياء.

وقال الفارسي: لا حجة في البيت على ما ذكر لأنه يجوز في نحو هذه الألف التي تطرفت أي تقلب ياء في الوقف، فيقال في هذه: أفعى أفعى، بقلب الألف ياء. ومنهم من يجري الوصل مجرى الوقف. فيمكن أن يكون فلبي يدي مسور من ذلك. قال أبو حيان: وهذا الذي قاله الفارسي ممكن لو سمع من كلامهم (لبّى زيد).

789 -

وأنشد:

وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني

ثوبي فأنهض نهض الشّارب الثّمل (1)

هو لأبي حية النميري، واسمه المشمر بن الربيع بن زرارة. وقيل هو للحكم ابن عبدل الأعرج الأسدي من شعراء الدولة الأموية. وقيل انه وقع في البيت تحريف، وإنما هو هكذا:

وقد جعلت إذا ما قمت يرجعني

ظهري فأنهض نهض الشّارب السّكر

وكنت أمشي على رجليّ معتدلا

فصرت أمشي على أخرى من الشّجر

وفي البيان للجاحظ (2): قال أبو ضبة في رجله:

وقد جعلت إذا ما نمت يرجعني (3)

ظهري وقمت قيام الشّارب الظّهر

قد كنت أمشي

البيت

(1) الخزانة 4/ 93، وفيه انه لعمرو بن أحمر الباهلي

(2)

3/ 53.

(3)

في البيان: (

اوجعني

قيام الشارف الظهر)

ص: 911

790 -

وأنشد:

نطوّف ما نطوّف ثمّ نأوي

ذوو الأموال منّا والعديم

إلى حفر أسافلهنّ جوف

وأعلاهنّ صفّاح مقيم

تقدم شرحهما في شواهد إذا ضمن قصيدة البرج (1).

791 -

وأنشد:

ما للجمال مشيها وئيدا (2)

هو للزباء، ونسبه العيني للخنساء. وفي الأغاني قيل إنه مصنوع (3). وبعده:

أجندلا يحملن أم حديدا

أم صرفانا باردا شديدا

أم الرّجال قمّصا قعودا

الجمال: جمع جمل. ووئيد: بفتح الواو وكسر الهمزة ودال مهملة، صوت شدة الوطء على الأرض يسمع كالدوي من بعده. والجندل: بفتح الجيم ودال مهملة بينهما نون ساكنة، الحجر. والصرفان: بفتح المهملتين وفاء. قال ثعلب في أماليه:

وقد أنشد البيت، وزعم قوم انه الرصاص. وبارد: ثابت. وقال أبو عبيدة: هو جنس من التمر، لم يكن يهدي لها شيء كان أحب إليها منه من التمر. وقمصا:

بضم القاف وتشديد الميم وصاد مهملة، من قمص الفرس، أي استن، وهو أن يطرح يديه ويرفعهما معا ويعجز رجليه. ويروى بدله (جثما) وهو جاثم من جثم: تلبد بالأرض. واستدل الكوفيون بقوله: (مشيها وئيدا) على جواز تقديم الفاعل.

(1) انظر ص 281

(2)

انظر ص 718 وهو في الاساس (وأد).

(3)

15/ 256

ص: 912

وخرّجه البصريون على أنه مبتدأ حذف خبره وبقي معموله، أي مشيها يكون وئيدا ويوجد وئيدا. وقال أبو علي: مشيها بدل من الضمير في للجمال، أو مبتدأ. رويدا:

حال سدّت مسد الخبر. ويروى (مشيها) بالنصب على المصدر أي يمشي مشيها.

وبالجرّ بدل اشتمال من الجمال.

792 -

وأنشد:

فإن لا مال أعطيه فإنّي

صديق من غدوّ أو رواح

793 -

وأنشد:

بربّك هل ضممت إليك ليلى (1)

عزى لقيس المجنون.

أخرج في الأغاني عن الهيثم بن عدي قال (2): مرّ المجنون ذات يوم بزوج ليلى وهو جالس يصطلي في يوم شات، فوقف عليه، ثم أنشأ يقول:

بربّك هل ضممت إليك ليلى

قبيل الصّبح أو قبّلت فاها (3)

وهل زفّت عليك قرون ليلى

زفيف الأقحوانة في نداها (4)

فقال: اللهم إذ حلّفتني فنعم! فقبض المجنون بكلتا يديه قبضتين من الجمر،

(1) الخزانة 4/ 210 (بدينك). والاغاني 2/ 24 (الدار).

(2)

2/ 24 (الدار).

(3)

في الخزانة:

(وهل قبلت قبل الصبح فاها)

(4)

في الاغاني والخزانة (رفت) بالراء المهملة. قال البغدادي 4/ 213:

رفت بفتح الراء المهملة من رف لونه يرف بالكسر رفيفا ورفا اذا برق وتلألأ، أراد شدة سواد شعرها، وصحفه ابن الملا في شرح المغني بجعل المهملة معجمة فقال: الزفيف: اهداء العروس ألى بعلها، وغفل عن عقله:(رفيف الأقحوانة وهي البابونج) والقرون: الذوائب، جمع قرن بفتح القاف وسكون الراء.

ص: 913

فما فارقهما حتى سقط مغشيا عليه، وسقط الجمر مع لحم راحتيه، فقام زوج ليلى مغموما بفعله متعجبا منه.

794 -

وأنشد:

وكوني بالمكارم ذكّريني

ودلّي دلّ ماجدة صناع (1)

أنشده أبو زيد، وقبله:

ألا يا أمّ فارغي لا تلومي

على شيء رفعت به سماعي

المعنى: لا تلوميني على ما يرتفع به صيتي وذكري، وذكريني: كوني مذكرة لي بالمكارم (2).

795 -

وأنشد:

إنّ الّذين قتلتم أمس سيّدهم

لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما

796 -

وأنشد:

إنّي إذا ما القوم كانوا أنجيه

واضطرب القوم اضطراب الأرشيه

هناك أوصيني ولا توصي بيه

هو من أبيات الحماسة (3). وبعد المصراع الثاني:

وشدّ فوق بعضهم بالأردية (4)

(1) الخزانة 4/ 57، وحاشية الامير 2/ 147، وهو لبعض بني نهشل كاهلي.

(2)

وقوله: (ودلي) بفتح الدال، من باب خجل، الخفر.

(3)

2/ 202

(4)

في الحماسة: (بالأروية) وفسرها فقال: جمع رواء، وهو الحبل.

ص: 914

قال التبريزي: خبر (إن) في قوله: (أوصيني). والمعنى: إني أهل لأن يوصى إليّ حينئذ غيري، ولا يوصى غيري بي. و (ما) في ما القوم زائدة.

وأنجيه: جمع نجي. والمعنى: صاروا فرقا لما حربهم (1) من الشر يتناجون ويتشاورون. واضطرب القوم: أي لجزعهم لم يثبتوا على الخيل. والأرشية:

الدلاء، جمع رشا، بكسر الراء، وشد فوق بعضهم: أي خوف السقوط لضعف الاستمساك عند غلبة النعاس، أو لأنهم أسروا.

797 -

وأنشد:

أأكرم من ليلى عليّ فتبتغي

به الجاه أم كنت امرا لا أطيعها

تقدم شرحه (2).

798 -

وأنشد:

نعم الفتى المرّيّ أنت إذا هم

حضروا لدى الحجرات نار الموقد (3)

هو لزهير بن أبي سلمى من قصيدة يمدح بها سنان بن أبي حارثة المرّي، وأوّلها:

لمن الدّيار غشيتها بالفدفد

كالوحي في حجر المسيل المخلد

وقبل هذا البيت:

وإلى سنان سيرها ووسيجها

حتّى تلاقيها بطلق الأسعد

الفدفد: المكان المرتفع فيه صلابة وحجارة. ويقال: هي أرض مستوية. وقوله:

(1) في الحماسة: (حزبهم) بالزاي المنقوطة.

(2)

انظر ص 221 وهو مع الشاهد رقم 108 من قصيدة واحدة.

(3)

شرح ديوان زهير 275، والخزانة 4/ 112

ص: 915

كالوحي: أي كالكتاب. وإنما جعل في حجر المسيل لأنه أصل له (1). والمخلد:

المقيم، من أخلد، إذا أقام. والوسيج: بالجيم، ضرب من السّير. والطلق:

اليوم الطيب لا برد فيه ولا أذى. الأسعد: اليمن، من السعود. والحجرات:

جمع حجرة، وهي شدة الشتاء. والمرّيّ: نسبة الى مرّة، وهو نعت للفتى.

والبيت استشهد به على نعت فاعل نعم. وأنت المخصوص بالمدح.

799 -

وأنشد:

أزمعت يأسا مبينا من نوالكم

ولن ترى طاردا للحرّ كاليأس

هو من قصيدة للحطيئة يخاطب بها الزبرقان بن بدر. وقبله (2).

لمّا بدا لي منكم عيب أنفسكم

ولم يكن لجراحي منكم آسي

وبعده:

جارا لقوم أطالوا هون منزله

وغادروه مقيما بين أرماس

ملّوا قراه وهرّته كلابهم

وجرّحوه بأنياب وأضراس

دع المكارم لا ترحل لبغيتها

واقعد، فإنّك أنت الطّاعم الكاسي

من يفعل الخير لا يعدم جوائزه

لا يذهب العرف بين الله والنّاس

أخرج الجمحي وابن عساكر عن يونس النحوي قال (3): كان سبب هجاء الحطيئة الزبرقان انه قدم المدينة، فقال: وددت أنّي أصبت رجلا يحملني وأصفيه مديحتي وأقتصر عليه. فقال الزبرقان: قد أصبته، تقدم على أهلي فإنّي على أثرك. وأرسل الى امرأته أن أكرمي مثواه. وكان مع الحطيئة ابنة جميلة، فكرهت امرأته مكانها

(1) كذا بالاصل، وفي شرح الديوان:(وانما جعله في حجر المسيل لانه أصلب له).

(2)

الاغاني 2/ 184 - 185 (الدار) والشعراء 286 - 287

(3)

الطبقات 96.

ص: 916

فأظهرت لهم جفوة، فأخذه بغيض بن عامر، وهو يومئذ ينازع الزبرقان الشرف، فبنى عليه قبّة، ونحر له فأكرمه كل الإكرام، فعمل الحطيئة هذه القصيدة فاستعداه الزبرقان الى عمر وادّعى عليه أنه هجاه فقال له: ما قال لك؟ فأنشده القصيدة فقال:

ما أسمع هجاء انما اسمع معاتبة. فقال: وما تبلغ مروءتي الى أن آكل وأشرب؟

فسأل عمر حسان ولبيد: أترونه هجاه؟ قالا: نعم، فحبسه.

وأخرج الزبير بن بكار وأبو الفرج وابن عساكر وغيرهم عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: لما حبس عمر الحطيئة، كلمه عمرو بن العاص وغيره فيه فأخرجه من السجن فقال:

ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ

زغب الحواصل لا ماء ولا شجر؟ (1)

غادرت كاسبهم في قعر مظلمة

فاغفر، هداك مليك النّاس يا عمر

أنت الإمام الّذي من بعد صاحبه

ألقت إليك مقاليد النّهى البشر

لم يؤثروك بها إذ قدّموك لها

لكن لأنفسهم كانت بك الخير

فامنن على صبية بالرّمل مسكنهم

بين الأباطح يغشاهم بها القرر

أهلي فداؤك كم بيني وبينهم

من عرض داوية تعمى بها الخبر

فبكى عمر، ثم قال: أشيروا عليّ في الشاعر فانه يقول الهجو، ويشبب بالنساء، ويمدح الناس، ويرميهم بغير ما فيهم، ما أراني إلا قاطع لسانه. ثم قال: عليّ بالطست، فأتى بها. ثم قال: عليّ بالمخصف، لا بل عليّ بالسكين، فأتى بها. ثم قال: عليّ بالموسى، فهي أوجى. فقالوا: لا يعود يا أمير المؤمنين! قال: النجاء أذهب. فلما أدبر قال: يا حطيئة، فرجع إليه فقال: كأني بك قد دعاك فتى من قريش

(1) رواية الطبقات 98: (

بذي مرخ - حمر الحواصل ....) وفي ياقوت (مرخ): الرواية المشهورة (بذي أمر) وذو أمر موضع بنجد من ديار غطفان. وانظر الاغاني 2/ 186 (الدار).

ص: 917

فبسط لك نمرقة، وكسر لك أخرى، ثم قال لك: غننا يا حطيئة، فطفقت تغنيه بأعراض المسلمين. قال: فو الله ما ذهبت الليالي حتى رأيت الحطيئة عند عبد الله بن عمر بن الخطاب قد بسط له نمرقة وكسر له أخرى وقال: غننا يا حطيئة! فغناه، فقلت:

يا حطيئة، أما تذكر قول عمر لك، ففزع ثم قال: يرحم الله ذلك المرء، أما لو كان حيا ما فعلنا هذا. وقلت لعبد الله: سمعت أباك يذكر كذا وكذا فكنت ذلك الرجل.

وفي البيان للجاحظ (1): كان عمر أعلم الناس بالشعر، ولكنه لما ابتلي بالحكم بين الحطيئة والزبرقان كره أن يتعرّض له بنفسه، فاستشهد حسان وأمثاله ثم حكم بما يعلم. وأخرج أبو الفرج في الاغاني عن أبي عمرو بن العلاء قال (2): لم تقل العرب قط بيتا أصدق من بيت الحطيئة:

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه

وأخرج عن كعب الأخبار أنه سمع رجلا ينشد هذا البيت فقال: والذي نفسي بيده، إن هذا البيت لمكتوب في التوراة.

800 -

وأنشد:

إنّ من يدخل الكنيسة يوما

يلق فيها جآذرا وظباء

تقدم شرحه (3).

801 -

وأنشد:

أظبي كان أمّك أم حمار (4)

هو لخداش بن زهير، صدره:

(1) 1/ 202

(2)

2/ 173، وانظر ص 268 من الشواهد.

(3)

في شواهد ان المكسورة المشددة ص 122 الشاهد رقم 45

(4)

الخزانة 3/ 230 وسيبويه 1/ 23

ص: 918

فإنّك لا تبالي بعد حول

وقد استشهد به سيبويه على الإخبار في باب كان بالمعرفة عن النكرة ضرورة.

وقد أشكل على كثيرين فقالوا: إنما أخبر عن معرفة بمعرفة إذ اسم كان ضمير، وأجيب بأنه لا ضمير في كان بل

ظبي اسمها قدم للضرورة. وكان الأصل أظبيا كان أمّك؟ بنصب الظبي ورفع الأم. ثم عكس الإعراب وترك الظبي في موضعه لانه خبر في المعنى، وإن كان مرفوعا. ورفع حمار لأنه تابع. وقيل: ليس ظبي اسما لكان المذكورة بل لكان مذكورة تفسرها المذكورة. والتقدير: أكان ظبي أمك.

فالبيت من باب الاشتغال. ومعنى البيت: إن الإنسان إذا استغنى بنفسه لا يبالي عن من انتسب إليه من شريف أو وضيع. وضرب الظبي والحمار لهما مثلا. وذكر الحول لأن هذين يستغنيان بأنفسهما بعده. ثم أشار إلى أن الزمان لعدم جريه على مقتضى القياس قد التحق فيه الوضيع بالشريف، في قوله بعد هذا البيت:

فقد لحق الأسافل بالأعالي

وماج القوم واختلط النّجار

وعاد الفند مثل أبي قبيس

وصار مع المعلهجة العشار

المعلهج: الهجين.

802 -

وأنشد:

وربّ السّموات العلى وبروجها

والأرض وما فيها: المقدّر كائن

803 -

وأنشد:

حنّت نوار ولات هنّا حنّت (1)

(1) الخزانة 2/ 156 و 480. والشعراء 43 والمؤتلف والمختلف 84.

وشرح التبريزي 3/ 35

ص: 919

هو لشبيب بن جعيل الثّعلبي. كان بنو قتيبة بن معين (1)، أسروه في حرب فأنشد ذلك يخاطب أمّه نوار بنت عمرو بن كلثوم، وتمامه:

وبدا الّذي كانت نوار أجنّت

لما رأت ذات السّلا شربا لها (2)

والفرت يعصر في الإناء أرنّت

حنت: من الحنين، وهو الشوق. ونوار: علم امرأة من باب حذام (3).

والواو في (ولات) للحال. قال المصنف في شواهده: وكذا وجدتها حيث وقعت قبل لات. ولات عند الفارسي مهملة. وهنا خبر. وحنت مبتدأ بإضمار ان مثل:

(ومن آياته يريكم البرق) وعند ابن عصفور معملة. وحنت: بتقدير وفت، وحنت وهو الخبر. وعند الخباز إنها

مهملة وهنا مضافة الى حنت. قال المصنف: ويرده ان اسم الاشارة لا يضاف. وذهب بعضهم الى أن هنا خبر لات واسمها محذوف، تقديره ليس الحيا حين حنينها. وبدا: بمعنى ظهر. وأجنت: بجيم، سترت.

والسلا: بالقصر، الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي. وأرنت: صاحت.

والبيت استشهد به ابن مالك على الاشارة بهنّا للزمان، وهي بضم الهاء وتشديد النون، لغة في هنا. وذكر أبو عبيدة: أنّ هذين البيتين لحجل بن نضلة.

804 -

وأنشد:

مضت سنة لعام ولدت فيه

وعشر قبل ذاك وحجّتان (4)

هو للنابغة الجعدي، وقبله:

(1) في الخزانة: (قنينة) بالنون، وأراها محرفة عن قتيبة، وهو قتيبة بن مع لا (معين) بن مالك بن أعصر الباهلي، وانظر جمهرة أنساب العرب 245، والاشتقاق 271.

(2)

كذا بالاصل، وفي المراجع السابقة:

(لما رأت ماء السلا مشروبا)

(3)

في الخزانة: (ونوار فاعل حنّت مبني على الكسر في لغة الجمهور، وعند تميم معرب لا ينصرف).

(4)

انظر ص 614 و 615

ص: 920

ومن يك سائلا عنّي فإنّي

من الفتيان أيّام الختان

وبعده:

فقد أبقت صروف الدّهر عنّي

كما أبقت من السّيف اليماني

قال ابن حبيب: أيام الختان وقعة لهم. قال قائل منهم: وقد لقوا عدوّهم أختنوهم بالرماح فسمى ذلك العام عام الختان (1).

805 -

وأنشد:

هذا وجدّكم الصّغار بعينه (2)

قال سيبويه: هو لرجل من مذحج. وقال أبو رياش: هو لهمّام أخى حسان ابن مرّة (3). وقال الأصفهاني: هو

لضمرة بن ضمرة. وقال الآمدي في المؤتلف:

هو لابن أحمر من بني الحارث بن مرّة بن عبد مناة، باهلي. قال المصنف:

ويشكل عليه نداؤه في ضمرة في أول القصيدة. وقال: وقد يكون نادى آخر اسمه كاسمه. وقال الحاتمي: هو لابن أحمر. وقال ابن الأعرابي: لرجل من بني عبد مناة قبل الاسلام بخمسمائة سنة يخاطب أبويه وأهله، وكانوا يؤثرون عليه أخاه جندبا، وأوّل القصيدة:

يا ضمر أخبرني ولست بكاذب

وأخوك نافعك الّذي لا يكذب

أمن السّويّة أن إذا استغنيتم

وأمنتم فأنا البعيد الأجنب

وإذا الشّدائد بالشّدائد مرّة

أشجتكم فأنا الحبيب الأقرب

(1) انظر ح 1 ص 615

(2)

سيبويه 1/ 352 وابن عقيل 1/ 152 وحماسة البحتري 109 وفيه (الهوأن). ونسبه الى عامر بن جوين الطائي، وقال: وقد رويت لمنقذ بن مرة الكناني. وشرح التبريزي 2/ 382 والمؤتلف والمختلف 38، واللسان 7/ 362. وذيل الامالي 84، وذيل اللآلي 41 - 42 ومعجم الشعراء 471 - 472

(3)

لعله (جساس بن مرة).

ص: 921

ولجندب سهل البلاد وعذبها

ولي الملاح وحزنهنّ المجدب

وإذا تكون كريهة أدعى لها

وإذا يحاس الحيس يدعى جندب

هذا لعمركم الصّغار بعينه

لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب

عجبا لتلك قضيّة وإقامتي

فيكم على تلك القضيّة أعجب

ضمر: مرخم ضمرة. وجملة: (ولست بكاذب) حالية، أو مستأنفة. فهي توصية له بالصدق على الأوّل، وثناء عليه به على الثاني. والسوية: العدل. والأجنب:

يروى بالجيم والنون، من الجنابة، وهو البعد، وبالخاء المعجمة والياء، من الخيبة.

وأشجتكم: من أشجاه إذا أغضبه. والملاح: بكسر الميم، جمع مليح وهو المالح.

وضبطه العيني بضم الميم، وهو نبات الحمض، وأصده بتشديد اللام فخفف للضرورة.

وقيل تخفيفه لغة، انتهى. والحزن: ما غلظ من الارض. والكريهة: القصة المكروهة، وأنثت بالتاء لغلبة الإسمية، كالنطيحة. يطلق على الحرب. والحيس: طعام فاضل عندهم يتخذ من تمر وسمن وأقط. وجندب: بفتح الدال

وضمها. والصغار:

بفتح الصاد، الذل والهوان. وفي البيت الإعتراض بين المبتدأ والخبر بالقسم. وبين المتعاطفين بالشرط. وزيادة الباء في كلمة العين المؤكدة بها. وقيل: ان بعينه في موضع الحال أي هذا الصغار. وقوله: لا أم لي، أي إنه لقيط لا يعرف له أب ولا أم إن رضي بهذا الصغار. وكان تامة، واستشهد به على رفع اسم الثاني مع تكرير لا مع فتح الأول، أما على الغاء الثانية ورفع تاليها بالعطف على محل الأولى مع اسمها، أو على إعمال الثانية عمل ليس. وعجبا: مصدر ثابت من أعجب. ويروى بالرفع على الابتداء. وإن كان نكرة لتضمنه معنى التعجب، أو لأنه مصدر في الأصل، وإنما عدل الى رفعه لافادة معنى الثبوت.

806 -

وأنشد:

زعمتني شيخا ولست بشيخ

إنّما الشّيخ من يدبّ دبيبا

ص: 922

هذا لأبي أميّة أوس الحنفي، وبعده:

إنّما الشّيخ من يستره الحيّ

ويمشي في بيته محجوبا

إن أراد الخروج خوّف بالذّئ

ب وإن كان لا يرى الحي ذيبا

كيف يدعى شيخا أخو مضلّعات

ليس يثني تقلّبا وركوبا

يدب: بكسر الدال، يدرج في المشي رويدا. ومضلعات: من الأضلاع، وهو الإمالة. ويقال: حمل مضلع، أي مثقل. وقوله:(ولست بشيخ) جملة حالية.

والبيت أورده المصنف في التوضيح شاهدا على نصب زعم مفعولين.

807 -

وأنشد:

تعلّم شفاء النّفس قهر عدوّها (1)

هو لزياد بن سيّار (2) بن عمرو بن جابر، من أقران النابغة وتمامه:

فبالغ بلطف في التّحيّل والمكر

وقد استشهد به النحاة، منهم المصنف في التوضيح على أن تعلم بمعنى أعلم بنصب مفعولين.

808 -

وأنشد:

فقلت: أجرني أبا خالد

وإلّا فهبني امرأ هالكا (3)

هو لابن همّام السلولي. قال المصنف: قوله: (امرأ) مفعول ثان موطئ لقوله: هالكا. وهالكا صفة له، وهو المقصود بالمفعولية. ونظيره في باب الخبر:

(1) ابن عقيل 1/ 156

(2)

كذا، ولعلها (يسار).

(3)

ابن عقيل 1/ 158 ويروى: (أبا مالك).

ص: 923

(بل أنتم قوم تجهلون). وفي باب الحال: (أقبل زيد رجلا وراكبا). وفعل الشرط محذوف، أي وإن لا تجرني. ودخلت الفاء في الجواب لأنه انشاء ولأنه جامد. وقد استشهد بالبيت على تعدية هب بمعنى اعتقد الى مفعولين.

809 -

وأنشد:

لا نسب اليوم ولا خلّة

تقدّم شرحه في شواهد لا (1).

810 -

وأنشد:

اعتاد قلبك من سلمى عوائده

وهاج أحزانك المكنونة الطّلل

ربع قواء أذاع المعصرات بها

وكلّ حيران سار ماؤه خضل

811 -

وأنشد:

إنّ من لام في بني ابنة حسّ

ان ألمه وأعصه في الخطوب (2)

هو للأعشى ميمون. وبعده:

إنّ قيسا قيس الفعول وآل الأش

عث أمست أمداده لشعوب (3)

كلّ عام يمدّني يحموم (4) عن

د وضع العنان أو بنجيب

تلك حبلى منه وتلك ركابي (5)

هنّ صفر أولادها كالزّبيب

قال شارع أبيات الايضاح: حذف الهاء التي هي ضمير الشأن للضرورة، ولولا تقديرها ما جزم بمن، ولذلك جزم المد لأن الشرط لا يعمل فيه ما قبله الإبتداء.

(1) الشاهد رقم 363 ص 601

(2)

ديوان الاعشى 335 ق 68 والخزانة 2/ 463

(3)

رواية الديوان: (

الفعال

امست اعداؤه)

(4)

كذا بالاصل، وفي الديوان:(بجموم) وفسره: فرس جموم (موفور النشاط).

(5)

في الديوان: تلك خيلي.

ص: 924

812 -

[وأنشد:

فلم أعط شيئا ولم أمنع] (1)

أخرج مسلم في صحيحه والبيهقي في دلائل النبوّة عن رافع بن خديج: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أعطى المؤلفة قلوبهم من سبي حنين كل رجل منهم مائة من الإبل، فأعطى أبا سفيان بن حرب مائة، وأعطى صفوان بن أمية مائة، وأعطى عيينة بن حصن مائة، وأعطي الأقرع بن حابس مائة، وأعطى علقمة بن علاثة مائة، وأعطي مالك بن عوف النضري مائة، وأعطي العباس بن مرداس ثمانين، فأنشأ يقول (2):

أتجعل نهي ونهب العبي

د بين عيينة والأقرع

فما كان حصن ولا حابس

يفوقان مرداس في مجمع

وقد كنت في الحرب ذا تدرء

فلم أعط شيئا ولم أمنع

وما كنت دون امرئ منهم

ومن تضع اليوم لا يرفع

فأتمّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة. وأخرج البيهقي عن عروة بن الزبير وموسى بن عقبة قالا: قال العباس بن مرداس السلمي حين رأى رسول الله صلّي الله عليه وسلّم يقسم الغنائم:

وكانت نهابا تلافيتها

وكرّي على المهر بالأجرع

وإيقاظي الحيّ أن يوقدوا

وإذ هجع النّاس لم أهجع

فأصبح نهبي ونهب العبيد

الأبيات بعده، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه وقال: أنت القائل:

فأصبح نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة؟

(1) مزيدة.

(2)

الشعراء 259 - 260 و 724

ص: 925

فقال أبو بكر: بأبي أنت وأمي، لم يقل كذلك ولا والله، ما أنت بشاعر، وما ينبغي لك، وما أنت برواية. قال: فكيف؟ فأنشده أبو بكر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هما سواء ما يضرّك بأيهما بدأت بالأقرع أم بعيينة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقطعوا عني لسانه، ففزع منها، وانما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقطعوه بالعطية. العبيد اسم فرس له. وأورد ابن اسحق الأبيات، وزاد بعد قوله:

فلم أعط شيئا ولم أمنع

إلّا أنا قليلا عطيتها

عديد قوائمه الأربع

نهبى: بفتح النون وسكون الهاء، هو الغنيمة ويجمع على نهاب. والعبيد:

بضم العين، اسم فرس للعباس بن مرداس. وذا تدرء: عدة وقوّة على دفع الأعداء، بضم المثناة الفوقية وسكون الدال المهملة وفتح الراء آخره همزة، من الدرء، والتاء فيه زائدة. قوله: فلم أعط شيأ: أي طائلا، فحذف الصفة بدليل قوله: ولم أمنع. وقوله: يفوقان مرداس، استشهد به ابن مالك وغيره على منعه الصرف وهو مصروف للضرورة.

813 -

وأنشد:

وليست دارنا هاتا بدار (1)

هو لعمران بن حطّان الخارجي، وصدره:

وليس لعيشنا هذا مهاه

وبعده:

لنا إلّا ليال باقيات

وبلغتنا بأيّام قصار

ولا تبقى ولا نبقي عليها

ولا في الأمر نأخذ بالخيار

(1) الكامل 843

ص: 926