الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شواهد التنوين
551 -
وأنشد:
وقولي إن أصبت لقد أصابن (1)
هذا من قصيدة طويلة لجرير تزيد على مائة وعشرين بيتا. قال ابن سلام في طبقات الشعراء (2): حدثني أبو الغرّاف: إن الراعي كان يسئل عن جرير والفرزدق، فيقول: الفرزدق أكرمهما وأشعرهما. فلقيه جرير فاستعذره من نفسه، وطلب إليه أن لا يدخل بينهما وقال: أنا كنت أولى بعونك، إني لأمدحكم، وإنه ليهجوكم، قال: أجل، ولست، لمساءتك بعائد. ثم بلغ جريرا أنه قد عاد في تفضيل الفرزدق عليه، فلقيه بالبصرة وجرير على بغلة، فعاتبه فقال: استعذرتك فزعمت أنّك غير داخل بيني وبين يحيى (3)، قال: والراعي يعتذر إليه، اذ أقبل ابنه جندل، وكان فيه خطل وعجب، فقال لأبيه: لأراك تعتذر الى ابن الاماء، نعم، والله لنفضلنّ عليك، ولنروينّ هجاءك، ولنهجونّك من تلقاء أنفسنا.
وضرب مقلعة (4) وقال:
ألم تر أنّ كلب بني كليب
…
أراد حياض دجلة ثمّ هابا
(1) ديوان جرير 64، والخزانة 1/ 34، وابن عقيل 1/ 23 وطبقات الشعراء 374، والنقائض 432
(2)
ص 373، وانظر الاغاني 20/ 171 (يولاق).
(3)
كذا بالاصل وصحتها: (ابن عمي) كما في طبقات الشعراء.
(4)
كذا بالاصل، وصحتها:(وضرب وجه بغلته) كما في الطبقات.
فانصرف جرير مغضبا. وكان جرير يومئذ بالبصرة نازلا على امرأة من بني كليب، فبات في علّيّة لها، وهي في سفل دارها، فقالت المرأة: فبات نيلته لا ينام، يتردّد في البيت، حتى ظننت أنه قد عرض له (جنّي، أو سنح له بلاء)(1) حتى فتح له:
أقلّي اللّوم عاذل والعتابا
…
وقولي، إن أصبت، لقد أصابا
(حتى قال)(2):
إذا غضبت عليّ بنو تميم (3)
…
حسبت النّاس كلّهم غضابا
ثم أصبح في المربد فقال: يا بني تميم، قيّدوا: أي اكتبوا، فلم يجب الراعي ولم يهجه جرير بغيرها.
فقال بعض رواة قيس وعلمائهم: كان الراعي فحل مضر، فضغمه الليث، يعني جريرا، وبعد البيت الأول:
أجدّك لا تذكّر عهد نجد
…
وحيّا طال ما انتظروا الإيابا
أقلى: أمر من الإقلال، ومن القلة. واللوم: بالفتح، العذل. وعاذل:
منادى مرخم عاذلة. ولقد أصابا: مقول القول. وأجدك: أي يجد منك هذا، فنصبه على نزع الباء، قاله الأصمعي. وقال أبو عمرو: معناه مالك أجد منك، ونصبه على المصدر. قال ثعلب: ما أتاك من الشعر من قولك أجدك فهو بكسر الجيم. وإذا قال بالواو، وجدك فهو بفتحها. وقال الجوهري: أجدك وأوجدك بمعنى، ولا يتكلم به إلا مضافا. والأياب، بكسر الهمزة، الرجوع. والبيت شاهد لدخول تنوين الترنم في الفعل والإسم المعرّف باللام.
(1) مزيدة، وانظر الخبر بالاغاني 8/ 30 - 31 و 20/ 169 وطبقات الشعراء 374
(2)
مزيدة.
(3)
في الطبقات: (عليك بنو تميم).
552 -
وأنشد:
لمّا تزل برحالنا وكأن قدن
تقدم شرحه في شواهد قد (1).
553 -
وأنشد:
وقاتم الأعماق خاوي المخترق (2)
هو أول أرجوزة لرؤبة، وبعده:
مشتبه الأعلام لمّاع الخفق
…
يكلّ وفد الرّيح من حيث انخرق
تنشّطته كلّ مغلاة الوهق
…
[فيها خطوط من سواد وبلق
كأنّه في الجلد توليع البهق]
ومنها:
لواحق الأقراب فيها كالمقق
…
تكاد أيديهنّ تهوي في الزّهق
يحسبن شاما أو رقاع من بنق
الواو في (وقاتم) واورب (3). وقد أعاده المصنف في حرف الواو شاهدا لذلك. والقاتم: بالقاف والمثناة الفوقية المغبر. والقتام الغبار، وهو صفة لمحذوف
(1) انظر الشاهد رقم 276 ص 490
(2)
الخزانة 1/ 38، واراجيز العرب 22، والشعراء 5، وديوان رؤبة في مجموع اشعار العرب 3/ 104 - 108 والعقد 5/ 506 والمحاسن والمساوئ 1/ 255 و 256.
(3)
وهي عاطفة لاجارة.
أي ورب بلد قاتم. قال ابن السكيت يقال أسود قاتم وقاتن (1). والأعماق:
بالمهملة، جمع عمق بضم العين وفتحها، ما بعد من أطراف المفاوز، مستعار من عمق البئر. والخاوي: بمعجمة، الخالي. والمخترق: بضم الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح المثناة والراء، الممرّ لأن المار يخترقه. والأعلام: جمع علم، بفتحتين، وهي الجبال وكل ما يهتدى به، يريد ان أعلامه يشبه بعضها بعضا، فلا بحصل الاهتداء بها للسالكين. والخفق: الاضطراب، وهو في الأصل بسكون الفاء، وإنما حرك للضرورة، يريد أنه يلمع فيه السراب
ويضطرب. ووفد الريح:
أولها، مثل وفد القوم. وهذا تمثيل. وإذا اتسع الموضع فسرت فيه الريح وإذا ضاق اشتدت. قال ابن يسعون: استعار الكلام للريح وإن لم تكن ذات روح، لأن المعنى عملها وفتر. قال: ويروى (يكل وفدا) بضم الياء ونصب وفد، كالضمير لقاتم. وبفتح الياء ورفع وفد، وفيه على هذا حذف، أي فيه، لأن جملة يكل صفة لقاتم. وقوله:(من حيث انخرق) أي من أي جهة أتت الريح لا تصل من قطع هذه المفازة الى ما قلت. وقوله: (تنشطته) جواب رب، أي تناولته بحسن الصد في السير وسرعة تقليب يديها، والهاء ضمير قاتم. والمغلاة (من النوق) (2): التي تبعد الخطو في السير. والوهق: المباراة في السير. والتوليع:
ألوان شتى. والبهق: بياض يخرج في عنق الإنسان وصدره. قال أبو عبيدة:
قلت لرؤبة: إن أردت بقولك: كأنه كأن الخطوط، فقل: كأنها، أو كأن السواد والبلق، فقل كأنهما. فقال: أردت كأن ذلك. وقد أورد المصنف هذا البيت مع هذه الحكاية في آخر الكتاب الثامن. والشام: التي تكون في الجسد، جمع شامة.
والرقاع: رقعة. والبنق: بكسر الموحدة وفتح النون، جمع بنيقة، وهي دخاريص القميص. ولواحق الأقراب: أي ضوامر البطون، يقال: لحق لحوقا إذا ضمر. والأقراب: جمع قرب، بضم القاف والراء وموحدة، وهو من الشاقلة الى مراق البطن. ولواحق: خبر مقدم. والمقق: بفتح الميم، الطول. وقد
(1) وفي الخزانة: (قال الأصمعي في شرح ديوان رؤبة: القتمة، الغبرة إلى الحمرة، والقتمة مصدر الأقتم. وقال ابن السكيت في كتاب القلب والابدال: يقال أسود قاتم وقاتن، بالميم والنون، وفعله من بابي ضرب وعلم، وهو صفة لموصوف محذوف، أي رب بلد قاتم).
(2)
مزيدة.
استشهد النحاة به على زيادة الكاف، فإن تقديره فيها المقق. وتهوى: تسقط، من باب ضرب يضرب. والزهق: بفتح الزاي والهاء، التقديم.
554 -
وأنشد:
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة (1)
هو من معلقة امرئ القيس، وتمامه:
فقالت لك الويلات إنّك مرجلي
…
تقول وقد مال الغبيط بنا معا
عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل
…
فقلت لها سيري وأرخي زمامه
ولا تبعديني من جناك المعلّل
…
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع
فألهيتها عن ذي تمائم محول
الخدر: كل ما ستر من قبة أو هودج أو ستر أو بيت. والويلات: التعسات، دعاء عليه، إنما هو مثل قولهم: قاتله الله ما أشعره. ومرجلي: أي مصيري راجلة إذا عقرت بعيري. والغبيط: مركب من مراكب النساء، ويقال هو قبة الهودج.
والجنا: ما يصيبه الجاني من الثمار، قال تعالى:(وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) شبه به ما يصيبه من حديثها وملاعبتها. ويقال: الجني، شور العسل. والمعلل: الذي يتناول مرة بعد أخرى، وهو الشرب الثاني. والشاهد في قوله:(عنيزة) حيث نوّنه للضرورة، وهو بضم العين المهملة وفتح النون وتحتية ساكنة وزاي، اسم امرأة.
555 -
وأنشد:
سلام الله يا مطر عليها (2)
(1) ديوانه 11، وانظر الصحائف 20 و 96 و 97 و 360 و 451 و 463 و 558 و 652.
(2)
الخزانة 1/ 294، وابن عقيل 2/ 82، وامالي ابن الشجري 1/ 307 وسيبويه 1/ 313، وابن سلام 541
هو للأحوص من قصيدة أولها:
لأن نادى هديلا، يوم فلج
…
مع الإشراق، في فنن حمام
ظللت كإنّ دمعك درّ سلك
…
هوى نسقا وأسلمه النّظام
كأنّك من تذكّر أمّ حفص
…
وحبل وصالها خلق رمام
صريع مدامة غلبت عليه
…
تموت لها المفاصل والعظام
وأنّى من بلادك أمّ حفص؟
…
سقى بلدا تحلّ به الغمام!
سلام الله يا مطر عليها،
…
وليس عليك يا مطر السّلام
فإن يكن النّكاح أحلّ شيئا (1)
…
فإنّ نكاحها مطرا حرام
فطلّقها فلست لها بكفء
…
وإلّا يعل مفرقك الحسام
فلا غفر الإله لمنكحيها
…
ذنوبهم وإن صلّوا وصاموا (2)
هديل: بفتح الهاء، الذكر من الحمام. يقال: إنه فرخ كان على عهد نوح عليه السلام فصاده جارح. قالوا: فليس من
حمامة إلا وهي تبكي عليه. وهو مفعول والفاعل حمام. وفلج: بفتح الفاء وسكون اللام، موضع بين البصرة والضرية.
وفنن: بفتحنين، الغصن. وهي سقط من الضعف. ونسق: أي منظم. وأسلمه:
خذله. وأم حفص: أخت زوجة الأحوص. والخلق بفتحتين، والرمام: بالكسر، البالي المتقطع. والصريع: المصروع. والمدامة: الخمر. ومطر: سلف الأحوص، وكان من أقبح الناس صورة. وقوله:(يا مطر) يروى بالرفع والنصب (3).
وقوله: (فإن نكاحها مطر) برفع مطر ونصبه وجره. فالرفع على أنه فاعل
(1) اصلحنا (شيء) وانظر الطبقات، وفيه (مطر) بالرفع.
(2)
بعد هذا البيت، أثبت البيتان الاول والثاني، وقد حذفناهما لتكرارهما.
(3)
انظر الخزانة 1/ 294