الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتاب الثاني
603 -
وأنشد:
فبينا نحن نرقبه أتانا (1)
قال الزمخشري: هو لرجل من قيس عيلان، وتمامه:
معلّق وفضة وزناد راعي
قال: (عطف وزناد) على محل. وفضة: وهي خريطة تكون مع الرعاة للزاد، وعلى ذلك استشهد به سيبويه. واستشهد به الزمخشري في المفصل على استعمال بينا بغير إذ. قال ابن يعيش: وهو الأفصح. وقال الأندلسي في شرح المفصل: هذا البيت لنصيّب. وزناد: بالنصب حملا على المعنى. والوفضة: الجعبة التي يجعل فيها السهام، وأراد بها في البيت شبه خريطة أو نحوها تكون مع الفقراء.
604 -
وأنشد:
…
أهي سرت أم عاد لي حلم؟
تقدم شرحه في شواهد أم. (2)
(1) سيبويه 1/ 87 (نطلبه).
(2)
انظر ص 134 والشاهد رقم 50.
605 -
وأنشد:
بين ذراعي وجبهة الأسد (1)
هو للفرزدق، وصدره:
يا من رأى عارضا أسرّ به
العارض: السحاب. وأسر: من السرور. وذراعا الأسد: الكوكبان الدالان على المطر، وكذا جبهة الأسد. والذراعان والجبهة من منازل القمر. والبيت استشهد به على حذف المضاف إليه وإبقاء الأول بحاله، فكونه عطف عليه مضاف إلى مثل المحذوف.
606 -
وأنشد:
إذا غاب عنكم أسود العين كنتم
…
كراما، وأنتم ما أقام ألائم (2)
هو للفرزدق وبعده:
تحدّث ركبان الحجيج بلومكم
…
وتقري به الضّيف اللّقاح العواتم
وأسود العين: اسم جبل. وضمير ما أقام إليه، يقول: لا تكونون كراما حتى يغيب هذا الجبل، وهو لا يغيب من مكانه أبدا. وغلط من ظنه اسم رجل. وألائم:
جمع ألأم، بمعنى اللئيم، مجردا عن معنى التفضيل. وقوله: وتقرى به الضيف قال القالي في أماليه: يعني ان أهل الأندية يتشاغلون بذكر لؤمكم عن حلب لقاحهم حتى عصوا، فإذا طرقهم الضيف صادف الألبان بحالها لم تحلب، فنال حاجته. فكان لؤمكم قرى الأضياف والاشتغال بوصفه.
(1) ديوانه 215، سيبويه 1/ 92، والخزانة 1/ 369 و 2/ 246
(2)
ليس البيت في ديوان الفرزدق، وهو في الامالي 1/ 171 واللآلي 430 والخزانة 3/ 500، والعيني 4/ 57، واللسان (عتم).
607 -
وأنشد:
ألا عمر ولّى مستطاع رجوعه (1)
تقدم شرحه في شواهد ألا.
608 -
وأنشد:
زعم العواذل أنّني في غمرة
…
صدقوا، ولكن غمرتي لا تنجلي
609 -
وأنشد:
ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى (2)
هو لطرفة بن العبد من معلقته المشهورة، وأولها (3):
لخولة أطلال ببرقة ثهمد
…
وقفت بها أبكي وأبكي إلى الغد (4)
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم
…
يقولون لا تهلك أسى وتجلّد
ومنها:
إذا القوم قالوا من فتى خلت أنّني
…
عنيت، فلم أكسل ولم أتبلّد
ولست بحلّال التّلاع مخافة
…
ولكن متى يسترفد القوم أرفد
(1) انظر ص 213 والشاهد رقم 100.
(2)
شرح القصائد 192 وابن الشجري 1/ 70 والخزانة 1/ 58 وابن عقيل 2/ 128
(3)
شرح القصائد السبع الطوال 132، وجمهرة اشعار العرب 149
(4)
في شرح القصائد: (ظللت بها
…
) وروى الاصمعي عجز البيت:
تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
ومنها:
رأيت بني غبراء لا ينكرونني
…
ولا أهل هذاك الطّراف الممدّد
ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى
…
وأن أشهد اللّذّات هل أنت مخلدي (1)
فإن كنت لا تستطيع دفع منيّتي
…
فدعني أبادرها بما ملكت يدي
ولولا ثلاث هنّ من عيشة الفتى
…
وجدّك لم أحفل متى قام عوّدي
فمنهنّ سبقي العاذلات بشربة (2)
…
كميت متى ما تعل بالماء تزبد
وكرّي إذا نادى المضاف محنّبا
…
كسيد الغضا نبّهته المتورّد
وتقصير يوم الذّجن والدّجن معجب
…
ببهكنة تحت الطّراف المعمّد (3)
ومنها:
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي
…
عقيلة مال الفاحش المتشدّد
ومنها:
وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة
…
على المرء من وقع الحسام المهنّد
ومنها:
أنا الرّجل الضّرب الّذي تعرفونه
…
خشاش كرأس الحيّة المتوقّد (4)
ومنها:
فإن متّ فانعيني بما أنا أهله
…
وشقّي عليّ الجيب يا ابنة معبد
(1) في شرح القصائد:
ألا أيهذا اللائمي أشهد الوغى
…
وأن أحضر اللذات هل انت مخلدي
(2)
في شرح القصائد: (فمنهن سبق ..)
(3)
في شرح القصائد: (تحت الخباء ..).
(4)
في شرح القصائد (الجعد).
ومنها وهو آخرها:
ستبدي لك الأيّام ما كنت جاهلا
…
ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد (1)
ويأتيك بالأنباء من لم تبع له
…
بتاتا ولم تضرب له وقت موعد
أرى الموت إعداد النّفوس ولا أرى
…
بعيدا غدا ما أقرب اليوم من غد
خولة: امرأة من كلب. والبرقة: بضم الباء، رابية فيها رمل وطين، أو طين وحجارة يختلطان. والجمع: برق. وثهمد: بالمثلثة، موضع. والبيت الثاني توارد فيه مع امرئ القيس في بيت من معلقته فانه قال فيها (2):
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم
…
يقولون لا تهلك أسى وتجمّل
وكان أبو هلال العسكري صاحب الصناعتين ينكر المواردة، حتى وارد غيره في قوله:
سفرن بدورا وانتقبن أهلّة
…
ومسن غصونا والتفتن جآذرا
فاعترف بها. قال المتنبي: الشعر ميدان، والشعراء فرسان، فربما اتفق توارد الخواطر، كما قد يقع الحافر على الحافر. ونصب:(وقوفا) على المصدر، أو الحال على أنه جمع واقف. وتجلّد: تصبّر. قوله: (ولست بحلال التّلاع) أي لست أحل بحيث يخفى مكاني خشية السؤال، بل أنزل المكان الظاهر. ومتى يسألني القوم أعطهم. وحلّال:
بالمهملة والتشديد، فعّال، من حل يحل بالضم، إذا نزل. وروى:(بمحلال) بالميم، من قولهم: مكان محلال، اذ كان يحلّ به الناس كثيرا. وضبطه بعضهم (بجلال) بالجيم، أي لست ممن يستره التلاع
(1) هذا البيت في الشعراء 146 ونسبه ابن قتيبة لغير طرفة، وهو في اللسان 2/ 312 غير منسوب.
(2)
ديوان امرئ القيس ص 9 وشرح القصائد 23
مخافة الضيف. والتّلاع (1): بكسر التاء، جمع تلعة (2)، وهي مجرى الماء من الأودية الى الرياض، أو مسايل الماء من الجبل الى الأودية. والرفد: العطية. وقيل المعونة. وقد أورد المصنف هذا البيت في الكتاب الخامس. واستشهد به ابن مالك على جزم متى الشرطية فعلين. وبنو غبراء: الفقراء. والغبراء: الأرض، نسبهم الى التراب لأنهم يجلسون عليه. وقيل: الغبراء السنة المجدبة. والطّراف: بكسر المهملة وراء، بيت من أدم، ولا يكون ذلك الا للملوك والاغنياء وهم أهله.
ومعنى البيت: أنه يعرفه الفقراء لأنه يرفدهم، والأغنياء والملوك لأنه يجالسهم وينادمهم. وقيل: أراد ببني غبراء الأضياف. وقال المبرد: اللصوص. وقال غيره:
أراد بهم أهل الأرض لأن الغبراء من أسماء الأرض. وقد استشهد النحاة بهذا البيت على دخول هاء التنبيه على اسم الاشارة المقرون بالكاف المجرّد من اللام.
و (أهل) مرفوع بالعطف على فاعل ينكرونني، للفصل بينهما. والزاجري:
اللائمي. وقوله: (أحضر) أي عن أن احضر، حذف الجار ثم أن. وقوله:
فذرني أبادرها بما ملكت يدي
أي أبادر قبل حلولها بالتمتع في مالي بلذات نفسي، وإنفاق ما ملكت يدي.
وقوله: (فلولا ثلاث) أي خصال من عيشة الفتى، أي لذته. وجدّك: قسم، و (لم أحفل) لم أبال متى قام عوّدي، أي في المأتم والنوح عليه. (فمنهنّ) أي من الخصال سبقى العاذلات بشربة، أي أغدو على شرب الخمر قبل أن تلمني اللائمات. وكميت: من أسماء الخمر. وتعل بالماء: تصب وتمزج. وتزبد:
يصير على رأسها كالزبد، وهي الفقاعات. وكرّى: أي عطفى. والمضاف:
المستغيث. وقيل: الذي أضافته النجوم ونزلت به. والمحنّب: الذي في قوائمه وضلوعه انحناء وعوج. والسيد:
الذئب. والغضا: شجر. ويقال: ذئب الغضا أخبث الذئاب. ونبهته: هيجته. والمتورّد: المتقدم على قرنه. وقيل: الذي يرد الماء، وهو صفة لسيد. و (تقصير يوم الدّجن) أي المطر، أي اقصره باللهو.
(1) وروى الاصمعي: (ولست بولّاج التلاع)
(2)
وروى الطوسي: (ولست بحلّال التلاع ببيته).
والبهكنة: التامة الخلق الحديثة السن. ويقال: البيضاء، تقدم تفسيره. والمعمّد:
المرفوع بالعماد. وهذه تمام الخصال الثلاث. يقول: لولا هذه الثلاث لم أبال أي وقت جاءني الموت، وهي شرب الخمر والحرب والتمتع بالنساء. قوله: يعتام:
بعين مهملة، أي ينتقي ويختار. وعقيلة كل شيء: كريمته وخياره. ويقال للمرأة الخيرة العفيفة: هي عقيلة قومها. والفاحش: السيء الخلق. والمتشدّد: المتمسك.
والمضاضة: ألم المصيبة. والضرب: الخفيف اللحم (1). والمتوقد: الزكي الخفيف الروح. والخشاش: الخفيف غير البليد، وأراد خفة الرجولية والصرامة، لا خفة العجلة والطيش. وإنما قال: كرأس الحية، لأنها فيما يقال شديدة التيقظ. وقيل:
الضّرب: الصلب الخشن الثابت في الأمور. ويقال: كل خشاش في الكلام مكسور الأخشاش، الطير. وانعيني: اندبيني. والجيب: القميص. وقد أوردت الفقهاء هذا البيت ممثلين به للنوح الذي يعذب عليه الميت لإيصائه به. وتبع: بمعنى تشتر. والبتات: بموحدة ومثناتين، الزاد والمتاع. وقوله: (ستبدي لك الأيام
…
البيت) هو من الأبيات التي اشتهرت وصارت مثلا شائعا (2).
وأخرج أحمد في مسنده بسند صحيح عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استراب الخبر تمثل ببيت طرفة:
ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
وأخرج البزار والطبراني عن ابن عباس قال (3): كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل من الأشعار:
ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: بلغني أن عائشة سئلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر؟ فقالت: لا. إلا البيت طرفة:
ستبدي لك الأيّام ما كنت جاهلا
…
ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
(1) وكذا (الجعد) كما في رواية شرح القصائد العشر ص 212
(2)
انظر ص 268 و 271
(3)
انظر معجم الشعراء 6 والشعراء 141
فجعل يقول: ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد. فقال أبو بكر: ليس هكذا، قال: إني لست بشاعر، ولا ينبغي لي.
فائدة:
طرفة هو ابن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، أحد شعراء الجاهلية. وخاله المتلمس الشاعر، تقدمت قصتهما مع عمرو بن هند التي قتل فيها طرفة في ترجمة المتلمس في شواهد إذا (1). قال ابن دريد في الوشاح: اسم طرفة، عمرو (2)، وإنما سمى طرفة لقوله:
لا تعجلا بالبكاء اليوم مطّرفا
…
ولا أميريكما بالدّار إذ وقفا (3)
وقال في باب الكنى: منه كنية طرفة أبو عمرو، فإن ثبت اتحد اسمه وكنيته (4).
قتل وهو ابن عشرين سنة، ولذلك قيل له ابن عشرين. ورأيت له ترجمة في كتاب (فضل الشبان وتقديمهم على ذوي الأسنان) وهو كتاب ذكر مؤلفه في خطبته انه ألفه للخليفة جعفر المقتدر، لأنه تولى الخلافة وسنه ثلاث عشرة سنه، ولم يل الخلافة قبله أصغر سنا منه، نقل فيه عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: لم نجد أحدا من الشعراء تعجل في حداثة السن إلا طرفة، فإنه قال الشعر حدثا، وشهر في سنوات، وقتل وهو ابن بضع وعشرين سنة. ولذا لم يذكر في شعره الشيب ولا بكى عليه.
وسئل حسان: من أشعر الناس؟ فقال: قبيلة أم قصيدة؟ قيل: كلاهما، قال:
أما أشعرهم قبيلة فهذيل، وأما أشعرهم قصيدة فطرفة.
وسئل جرير: من أشعر الناس؟ قال الذي يقول: ستبدي لك الأيام
…
البيت. وقال بعضهم: اتفقت العرب على أن أشعر الشعراء في الجاهلية طرفة
(1) ص 394 - 395.
(2)
معجم الشعراء 5.
(3)
المزهر 2/ 441 والقاب الشعراء 321، وقيل ان البيت الذي لقب به طرفة هو:
اذا نحن قلنا اسمعينا انبرت لنا
…
على رسلها مطروقة لم تشدد
(4)
في كنى الشعراء 288 ان كنيته (أبو اسحاق).