الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَقيلَة ثبطة، فأذِنَ لَهَا» . هَذَا لفظ إِحْدَى رواياتهم، وَفِي رِوَايَة لمُسلم عَن عَائِشَة قَالَت:«كَانَت سَوْدَة امْرَأَة ضخمة ثبطة؛ فاستأذنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (أَن تفيض من جمع بلَيْل، فَأذن لَهَا، قَالَت عَائِشَة: فليتني كنت اسْتَأْذَنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم) (كَمَا استأذنتْهُ سودةُ) » . وَفِي لفظ لَهُ: «فأصلي الصُّبْح بمنى، فأرمي الجمرةَ قبل أَن يَأْتِي النَّاس» (وَكَانَت عَائِشَة لَا تفيض إِلَّا مَعَ الإِمَام) .
الحَدِيث الْخَامِس بعد السِّتين
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث الضَّحَّاك - يَعْنِي: ابْن عُثْمَان - عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَت:«أرسل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بأُمِّ سَلمَة لَيْلَة النَّحْر فرمت الجمرةَ قبل الْفجْر، ثمَّ مَضَت فأفاضت، وَكَانَ ذَلِك الْيَوْم (الْيَوْم) الَّذِي يكون رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تَعْنِي عِنْدهَا» وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح، لَا جَرَمَ أخرجه
الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» وَقَالَ: صَحِيح عَلَى (شَرط مُسلم) وَلم يخرجَاهُ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتبه الثَّلَاثَة «السّنَن» و «الْمعرفَة» وَقَالَ: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح لَا غُبَار عَلَيْهِ. و «الخلافيات» وَقَالَ: رُوَاته ثِقَات. وَرَوَاهُ الشَّافِعِي مُرْسلا، فَقَالَ - وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ من جِهَته (أَيْضا) -: أَنا دَاوُد بن عبد الرَّحْمَن الْعَطَّار وعبدُ الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي، عَن هِشَام، عَن أَبِيه قَالَ:«دَار رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى أم سَلمَة يَوْم النَّحْر وأمَرَها أَن تتعجَّل الْإِفَاضَة من جمع حَتَّى ترمي الجمرةَ (و) توافي (صَلَاة) الصُّبْح بِمَكَّة، وَكَانَ يَوْمهَا فَأحب أَن توافقه أَو توافيه» . قَالَ الشَّافِعِي فِي «الْأُم» : وَهَذَا لَا يكون إِلَّا وَقد رمت الْجَمْرَة قبل الْفجْر بساعة. قَالَ: وَأَخْبرنِي من أَثِق من المشرقيين عَن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة، عَن أم سَلمَة، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مثله. هَكَذَا رَوَاهُ فِي «الْإِمْلَاء» ، وَرَوَاهُ فِي «الْمُخْتَصر الْكَبِير» بالإسنادين جَمِيعًا، إِلَّا أَنه قَالَ:«ترمي الجمرةَ وتوافي صلاةَ الصُّبْح بِمَكَّة، وَكَانَ يَوْمهَا، فَأحب أَن توافقه أَو توافيه» . وَقَالَ فِي الْإِسْنَاد الثَّانِي: أَخْبرنِي الثِّقَة عَن هِشَام. وَكَانَ الشَّافِعِي
أَخذه (من) أبي مُعَاوِيَة الضَّرِير، وَقد رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَة مَوْصُولا فَذكره وَقَالَ فِي (سنَنه) أَيْضا: وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن حَازِم الضَّرِير عَن هِشَام بن عُرْوَة مَوْصُولا، يَعْنِي: وَفِيه: «صلَاتهَا الصُّبْح بِمَكَّة» ثمَّ سَاقه (عَن) الْحَاكِم بِإِسْنَادِهِ إِلَى (أبي) مُعَاوِيَة، عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة، عَن أم سَلمَة:«أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أمَرَها أَن (توافيه) صَلَاة الصُّبْح بِمَكَّة يَوْم النَّحْر» قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَكَذَا رَوَاهُ جمَاعَة عَن أبي مُعَاوِيَة، وَرَوَاهُ أَسد بن مُوسَى عَن أبي مُعَاوِيَة بِإِسْنَادِهِ، قَالَت:«أمرهَا يَوْم النَّحْر أَن توافي مَعَه صَلَاة الصُّبْح بِمَكَّة» .
قلت: وَهَذَا أنكرهُ الإِمَام أَحْمد وَغَيره، أَعنِي: الموافاة بهَا فِي صَلَاة الصُّبْح بِمَكَّة، وَهُوَ لائح؛ فَإِنَّهُ لَا يُمكن أَن توافي مَعَه صَلَاة الصُّبْح بِمَكَّة، فَإِنَّهُ صلَّى الصبحَ يَوْمئِذٍ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وأفاض يَوْم النَّحْر، وَأما حَدِيث (أبي الزبير عَن) عَائِشَة وَابْن (عَبَّاس) «أنَّه صلى الله عليه وسلم أخر طواف)
الزِّيَارَة إِلَى اللَّيْل» فَفِيهِ نظر ثمَّ اعْلَم أَن الرافعيَّ رحمه الله ذكر حَدِيث أمِّ سَلمَة هَذَا، وَحَدِيث سَوْدَة الَّذِي قبله، دَلِيلا عَلَى أَنه إِذا دفع من مُزْدَلِفَة بعد انتصاف اللَّيْل لَا شَيْء عَلَيْهِ مَعْذُورًا كَانَ أَو غير مَعْذُور، وَلَيْسَ فِيهَا التَّحْدِيد بذلك، نعم فِي حَدِيث أَسمَاء فِي «الصَّحِيحَيْنِ» التَّوْقِيت بغيبوبة الْقَمَر فَقَط.
فَائِدَة: قَالَ الرَّوْيَانِيّ فِي «الْبَحْر» : قَوْله توافي تجوز قِرَاءَته بِالْيَاءِ وَالتَّاء، يَعْنِي الْيَاء الْمُثَنَّاة تَحت وَالتَّاء الْمُثَنَّاة فَوق، قَالَ: لِأَن قَوْله «وَكَانَ يَوْمهَا» فِيهِ مَعْنيانِ:
أَحدهمَا: أَنه أَرَادَ: وَكَانَ يَوْمهَا من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فأحبَّ عليه السلام أَن يوافي التَّحَلُّل وَهِي قد فرغت.
ثَانِيهمَا: أَنه أَرَادَ: وَكَانَ يَوْم حَيْضهَا، (فأحبَّ) أَن توافي أُمُّ سَلمَة التَّحَلُّل قبل أَن تحيض. قَالَ: فَيقْرَأ عَلَى (الأوَّل) بِالْمُثَنَّاةِ تَحت، وَعَلَى الثَّانِي بِالْمُثَنَّاةِ فَوق.
فَائِدَة ثَانِيَة: رَوَى النَّسَائِيّ من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها أَيْضا «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أمَرَ إِحْدَى نِسَائِهِ أَن تنفر من جمع [لَيْلَة جمع] ، فتأتي جَمْرَة الْعقبَة فترميها، (وَتصلي) فِي منزلهَا» . هَكَذَا رَوَاهُ، وَلم