الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَقَوله: «حق الْغَرِيم
…
» إِلَى آخِره إِن كَانَ حفظه ابْن عقيل؛ فَإِنَّهُ إِنَّمَا عني - وَالله أعلم - للْغَرِيم مطالبتك بهما وَحدك إِن شَاءَ، كَمَا لَو كَانَ لَهُ عَلَيْك حق من وَجه آخر، وَالْمَيِّت مِنْهُ بَرِيء كَانَ لَهُ مطالبتك بِهِ وَحدك إِن شَاءَ.
فَائِدَة: قَوْله: «برَّدت عَلَيْهِ جلده» هُوَ بتَشْديد الرَّاء، قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْجَنَائِز من «خلاصته فِي الْأَحْكَام» : وَإِنَّمَا ضبطتها لِأَن بعض المصنفين غلط فِي ضَبطهَا. قَالَ الرَّافِعِيّ: ثمَّ نقل الْعلمَاء أَن هَذَا كَانَ فِي أول الْإِسْلَام لم يكن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى من لم (يخلف) وَفَاء (من) المديونين؛ لِأَن صلَاته عليه الصلاة والسلام شَفَاعَة مُوجبَة للمغفرة، وَلم يكن حِينَئِذٍ فِي المَال سَعَة، فَلَمَّا فتح الله عز وجل الْفتُوح قَالَ عليه الصلاة والسلام:«أَنا أولَى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم» وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ وَاضحا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة.
الحَدِيث الرَّابِع
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَنقل عَنهُ « (أَنه قَالَ فِي خطبَته: من خلف مَالا أَو حقًّا فلورثته، وَمن خلَّف كلا أَو دين فكلَّه إليَّ وَدينه عليَّ. قيل: يَا رَسُول الله، وَعَلَى كل إِمَام بعْدك؟ قَالَ: وَعَلَى كل إِمَام بعدِي» .
هَذَا تبع فِي إِيرَاده كَذَلِك الإِمَام وَالْقَاضِي حُسَيْن، وصدره ثَابت فِي «الصَّحِيحَيْنِ» من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤْتَى
بِالرجلِ الْمُتَوفَّى وَعَلِيهِ الدَّين فَيسْأَل: هَل ترك لدينِهِ قَضَاء؟ فَإِن حدث أَنه ترك وَفَاء صَلَّى عَلَيْهِ، وَإِلَّا قَالَ للْمُسلمين: صلوا عَلَى صَاحبكُم. قَالَ: فَلَمَّا فتح الله عَلَى رَسُوله كَانَ يُصَلِّي وَلَا يسْأَل عَن الدَّين، وَكَانَ يَقُول: أَنا أولَى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم؛ فَمن توفّي من الْمُؤمنِينَ فَترك دينا أَو كلا أَو ضيَاعًا فعليَّ وإليَّ، وَمن ترك مَالا فلورثته» وثابت أَيْضا من حَدِيث جَابر كَمَا أسلفته لَك فِي الحَدِيث الثَّالِث قَرِيبا، وَأما عَجزه وَهُوَ قَوْله: «يَا رَسُول الله
…
» إِلَى آخِره فتعبت عَلَيْهِ دهرًا إِلَى أَن وَجدتهَا فِي حَدِيث آخر فِي «المعجم الْكَبِير» للطبراني رَوَاهُ من حَدِيث أبي [الصَّباح] عبد الغفور بن سعيد الْأنْصَارِيّ، عَن أبي هَاشم الرماني، عَن زَاذَان، عَن سُلَيْمَان قَالَ:«أمرنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن نفدي سَبَايَا الْمُسلمين ونعطي سائلهم. ثمَّ قَالَ: من ترك مَالا فلورثته، وَمن (ترك) دينا فعليَّ وَعَلَى الْوُلَاة من بعدِي من بَيت مَال الْمُسلمين» .
و (عبد الغفور) هَذَا تَرَكُوهُ وَنسب إِلَى الْوَضع.
فَائِدَة: «الكَلّ» فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة - بِفَتْح الْكَاف وَتَشْديد اللَّام -: الْعِيَال والضياع أَيْضا، وَهُوَ بِفَتْح الضَّاد أَيْضا، وَرُوِيَ بِكَسْرِهَا، جمع ضائع، كَمَا يُقَال: جَائِع وجياع. قَالَ الْخطابِيّ: وَالْمَحْفُوظ الأول. وَقَالَ ابْن بري: من رَوَاهُ بِالْفَتْح فَمَعْنَاه من ترك ضائعة، فَأَقَامَ الْمصدر مقَام اسْم الْفَاعِل، كَمَا يُقَال: مَاء غور؛ أَي: غائر، وَأما من كسر فَظَاهر.