الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث السَّابِع
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «من لم يحْبسهُ مرض، أَو (مشقة) ظَاهِرَة، أَو سُلْطَان جَائِر، فَلم يحجّ فليمت إِن شَاءَ يهوديًّا وَإِن شَاءَ نصرانيًّا» .
هَذَا الحَدِيث مَرْوِيّ من طرق: أَحدهَا من حَدِيث أبي أُمَامَة رضي الله عنه مَرْفُوعا: «من لم يحْبسهُ مرض، أَو حَاجَة ظَاهِرَة، أَو سُلْطَان جَائِر، وَلم يحجّ فليمت إِن شَاءَ يهوديًّا أَو نصرانيًّا» . رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث شَاذان، عَن شريك، عَن لَيْث، عَن ابْن (سابط)، عَن أبي أُمَامَة (بِهِ) . (و) قَالَ: هَذَا الحَدِيث وَإِن كَانَ إِسْنَاده غير قوي (فَلهُ) شَاهد من قَول عمر بن الْخطاب
…
فَذكره بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ أَنه قَالَ: «ليمت يهوديًّا أَو نصرانيًّا - يَقُولهَا ثَلَاث مَرَّات -: رجل مَاتَ وَلم يحجّ، وجد لذَلِك سَعَة وخليت سَبيله» . وَرَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور بِلَفْظ: «لقد هَمَمْت أَن أبْعث رجَالًا إِلَى هَذِه الْأَمْصَار فينظروا كل من كَانَ لَهُ جِدَة وَلم يحجّ؛ فيضربوا عَلَيْهِم الْجِزْيَة (مَا هم بمسلمين) » . وَقَالَ الْحَافِظ
أَبُو مُحَمَّد الْمُنْذِرِيّ: إِسْنَاده حسن، شَاهد لحَدِيث أبي أُمَامَة. وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «كتاب الْإِيمَان» : عَن وَكِيع، عَن (سُفْيَان) عَن لَيْث، عَن ابْن سابط قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «من مَاتَ وَلم يحجّ وَلم يمنعهُ من ذَلِك مرض حَابِس، أَو سُلْطَان ظَالِم، أَو حَاجَة ظَاهِرَة، فليمت عَلَى أَي حَال شَاءَ (إِن شَاءَ) يهوديًّا، وَإِن شَاءَ نصرانيًّا» . وَهَذَا مُرْسل، وَرَوَاهُ فِي «مُسْنده» مُتَّصِلا (فِيهِ من لَا أعرف حَاله) - بِلَفْظ:«من كَانَ ذَا يسَار فَمَاتَ وَلم يحجّ فليمت إِن شَاءَ يهوديًّا (و) إِن شَاءَ نصرانيًّا» . (و) (من رِوَايَة سعيد بن مَنْصُور فِي «سنَنه» بِلَفْظ: «لقد هَمَمْت أَن أبْعث رجَالًا
…
» إِلَى آخِره، تقدم) . وَاعْلَم أَن ابْن الْجَوْزِيّ ذكر هَذَا الحَدِيث فِي «تَحْقِيقه» من حَدِيث أبي عرُوبَة الْحَرَّانِي، نَا الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن، نَا يزِيد بن هَارُون، نَا شريك، عَن لَيْث، عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط، عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا بِلَفْظ الْبَيْهَقِيّ، ثمَّ قَالَ: قَالَ يَحْيَى بن معِين: الْمُغيرَة لَيْسَ بِشَيْء. وَلَيْث قد تَركه يَحْيَى بن معِين وَابْن مهْدي
وَأحمد، وَقد رَوَاهُ (عمار) بن (نصر) ، عَن شريك، عَن سَالم، عَن أبي أُمَامَة، قَالَ العقيليُّ: عمار يحدث عَن الثِّقَات بِالْمَنَاكِيرِ. وَقَالَ ابْن عدي: مَتْرُوك الحَدِيث.
هَذَا آخر كَلَامه، وَفِيه نظر من وُجُوه:
أَحدهَا: يَحْيَى إِنَّمَا قَالَ هَذَا الْكَلَام فِي الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن [الْحزَامِي] وَهُوَ مُتَقَدم عَلَى رَاوِي هَذَا الحَدِيث، يروي عَن أبي الزِّنَاد وَغَيره، ويروي عَنهُ قُتَيْبَة وَغَيره، وَهُوَ من رجال «الصَّحِيحَيْنِ» ، وَأما رَاوِي هَذَا الحَدِيث فَهُوَ الْحَرَّانِي شيخ متأخِّر، رَوَى عَنهُ النَّسَائِيّ وَوَثَّقَهُ وَلَا (نَعْرِف) أحدا تكلم فِيهِ. وَقد ذكر هُوَ - أَعنِي ابْن الْجَوْزِيّ - الْحزَامِي فِي «ضُعَفَائِهِ» ، وَحَكَى كَلَام يَحْيَى فِيهِ، (و) قَالَ: وَجُمْلَة من فِي الحَدِيث اسْمه (مُغيرَة) بن عبد الرَّحْمَن سِتَّة لَا نَعْرِف قدحًا فِي أحد مِنْهُم غَيره.
قلت: وَلم ينْفَرد الْمُغيرَة عَن يزِيد (بِهَذَا) الحَدِيث؛ بل تَابعه
مُحَمَّد بن أسلم الطوسي، عَن يزِيد. وَرَوَاهُ الْبَغَوِيّ فِي «تَفْسِير سُورَة آل عمرَان» من رِوَايَة سهل بن عمار، عَن (يزِيد) . وَسَهل كذبه الْحَاكِم، وَقد رَوَاهُ عَن شريك غير يزِيد، رَوَاهُ أَبُو يعْلى، عَن بشر بن الْوَلِيد (الْكِنْدِيّ) ، (عَن شريك)، عَن لَيْث بِهِ بِلَفْظ:«من لم (يمنعهُ) من الْحَج مرض حَابِس أَو حَاجَة؛ فليمت إِن شَاءَ يهوديًّا، وَإِن شَاءَ نصرانًّيا» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث شَاذان، نَا شريك، عَن لَيْث بِهِ، كَمَا سلف، وَقد رَوَاهُ عَن لَيْث غير شريك (رَوَاهُ) سُفْيَان عَنهُ كَمَا سلف، عَن رِوَايَة الإِمَام أَحْمد فِي «كتاب (الْإِيمَان) » ، وَإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم - وَهُوَ ابْن عُلية - عَنهُ، عَن ابْن سابط رَفعه:«من مَاتَ وَلم يحجّ حجَّة الْإِسْلَام وَلم يمنعهُ من ذَلِك حَاجَة ظَاهِرَة، أَو مرض حَابِس، أَو سُلْطَان ظَالِم، فليمت عَلَى أَي حَال شَاءَ إِن شَاءَ يهوديًّا، وَإِن شَاءَ نصرانيًّا» رَوَاهُ أَحْمد أَيْضا فِي الْكتاب الْمَذْكُور.
الثَّانِي (قَوْله) : «لَيْث قد تَركه يَحْيَى بن معِين وَابْن مهْدي وَأحمد» تبع فِيهِ ابْن حبَان، وَقد رَوَى ابْن مهْدي، عَن سُفْيَان وَغَيره
عَنهُ، كَمَا (قَالَه) الفلاس، وَقَالَ أَحْمد: هُوَ مُضْطَرب الحَدِيث لَكِن حدث عَنهُ النَّاس. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: سَأَلت يَحْيَى عَنهُ فَقَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْس.
الثَّالِث (قَوْله) : «وَقد رَوَاهُ عمار بن نصر، عَن شريك» صَوَابه ابْن مطر، (وجد فِي بعض نسخه وَكَذَا ذكره فِي «مَوْضُوعَاته» وَهُوَ عمار بن مطر الرهاوي، كَذَا أخرجه ابْن عدي فِي تَرْجَمَة عمار بن مطر) وَقَالَ: هَذَا الحَدِيث عَن شريك غير مَحْفُوظ، وعمار بن مطر (الضعْف) عَلَى رِوَايَته بَين، وَكَذَا أخرجه أَبُو يعْلى الْموصِلِي، عَن عمار، عَن شريك.
الرَّابِع: قَوْله: «عَن شريك، عَن سَالم، عَن أبي أُمَامَة» سقط بَين شريك وَسَالم رجل، وَهُوَ مَنْصُور، كَذَا أخرجه أَبُو يعْلى فَتنبه لهَذِهِ الْأُمُور، وَقد ذكر ابْن الْجَوْزِيّ حَدِيث أبي أُمَامَة هَذَا فِي «مَوْضُوعَاته» من هذَيْن الطَّرِيقَيْنِ و (ضعفهما) بِمَا تقدم، وَلَا أَدْرِي مَا (مُسْتَنده) فِي وضعهما.
الطَّرِيق الثَّانِي: من حَدِيث عَلّي - كرم الله وَجهه - أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «من ملك زادًا وراحلة تبلغه إِلَى بَيت الله (الْحَرَام) وَلم يحجّ فَلَا عَلَيْهِ أَن يَمُوت يهوديًّا (أَو نصرانيًّا)، وَذَلِكَ لِأَن الله تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابه:(وَللَّه عَلَى النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا) . رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث هِلَال بن عبد الله مولَى ربيعَة بن عَمْرو بن مُسلم الْبَاهِلِيّ، عَن أبي إِسْحَاق الْهَمدَانِي، عَن الْحَارِث، عَن عَلّي بِهِ، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا (الْوَجْه) . قَالَ: وَفِي إِسْنَاده مقَال. قَالَ: والْحَارث (يضعف) ، وهلال مَجْهُول.
قلت: وَقَالَ الْعقيلِيّ: لَا يُتَابع عَلَى حَدِيثه. قَالَ: وَهَذَا الْمَتْن يُروى عَن عَلّي مَوْقُوفا (وَيروَى) مَرْفُوعا من طَرِيق (أصلح) من هَذَا. وَخَالف الْمُنْذِرِيّ فَقَالَ: حَدِيث أبي أُمَامَة عَلَى مَا فِيهِ أصلحها. (وَأبْعد) ابْن الْجَوْزِيّ، فَذكر هَذَا الحَدِيث فِي «مَوْضُوعَاته» ، وَقَالَ: إِنَّه حَدِيث لَا يَصح عَن رَسُول الله. وَلَو ذكره فِي «علله» لَكَانَ
أنسب، وَقَالَ الْفَقِيه أَبُو بكر بن الجهم الْمَالِكِي بعد تَخْرِيجه: سَأَلت إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ عَنهُ فتبسَّم وَقَالَ: من هِلَال بن عبد الله؟ ! وَقَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ الْحَاكِم أَبُو أَحْمد: لَيْسَ بِالْقَوِيّ عِنْدهم. وَقَالَ ابْن عدي: هُوَ مَعْرُوف بِهَذَا الحَدِيث وَلَيْسَ الحَدِيث بِمَحْفُوظ.
الطَّرِيق الثَّالِث: من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه رَفعه: «من مَاتَ وَلم يحجّ حجَّة الْإِسْلَام فِي غير وجع حَابِس، أَو (حجَّة) ظَاهِرَة، أَو سُلْطَان جَائِر فليمت (أَي الْميتَتَيْنِ) شَاءَ (إِمَّا) يهوديًّا أَو نصرانيًّا» رَوَاهُ ابْن عدي من حَدِيث عبد الرَّحْمَن الْقطَامِي، عَن أبي المُهَزِّم - بِضَم الْمِيم وَفتح الْهَاء وَكسر الزَّاي الْمُعْجَمَة الْمُشَدّدَة (وَآخره مِيم) ، كَمَا ضَبطه صَاحب «الإِمَام» - عَن أبي هُرَيْرَة (بِهِ)، وَأَبُو المهزم اسْمه يزِيد بن سُفْيَان وَهُوَ واه قَالَ يَحْيَى بن معِين: لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء. وَقَالَ شُعْبَة: رَأَيْته وَلَو أعطي درهما لوضع خمسين حَدِيثا. وَقَالَ أَيْضا: كَانَ فِي مَسْجِد ثَابت مطروحًا لَو أعطَاهُ إِنْسَان فلسين حَدثهُ سبعين حَدِيثا. وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوك الحَدِيث. وَقَالَ عَلّي بن الْجُنَيْد: (شبه) الْمَتْرُوك.