الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِسْنَاده. أَي فَإِنَّهُ رُوِيَ من حَدِيث بشير بن مُسلم الْكِنْدِيّ، عَن عبد الله بن عَمْرو، كَمَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ (وَمن حَدِيث بشير عَن رجل عَن عبد الله بن عَمْرو، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ) مَوْقُوفا عَلَى (عبد الله بن عَمْرو) : «مَاء الْبَحْر لَا يُجزئ من وضوء، وَلَا من جَنَابَة، إِن تَحت الْبَحْر نَارا ثمَّ مَاء ثمَّ نَارا. حَتَّى عَدَّ سَبْعَة أَبْحُرٍ وَسَبْعَة أَنْيَار» .
الحَدِيث السَّادِس
عَن عدي بن حَاتِم رضي الله عنه «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: يَا عدي، إِن طَالَتْ بك الْحَيَاة لترين الظعينة ترتحل من الْحيرَة حَتَّى تَطوف (بِالْكَعْبَةِ) لَا تخَاف إِلَّا الله. قَالَ عدي: فَرَأَيْت ذَلِك» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» فِي بَاب: عَلَامَات النُّبُوَّة من حَدِيث مُحِل - بِضَم الْمِيم وَكسر الْحَاء الْمُهْملَة - ابْن خَليفَة، عَن عدي قَالَ: «بَيْنَمَا أَنا عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم (إِذْ) أَتَاهُ رجل فَشَكا إِلَيْهِ الْفَاقَة، ثمَّ أَتَاهُ آخر فَشَكا إِلَيْهِ قطع السَّبِيل، فَقَالَ: يَا عدي، هَل رَأَيْت الْحيرَة؟ قلت: لم أرها وَقد أنْبئت عَنْهَا. قَالَ: فَإِن طَالَتْ بك حَيَاة
لترينَّ (الظعينة) ترتحل من الْحيرَة حَتَّى تَطوف بِالْكَعْبَةِ لَا تخَاف أحدا إِلَّا الله. (قَالَ عدي: فَرَأَيْت الظعينة ترتحل من الْحيرَة حَتَّى تَطوف بِالْكَعْبَةِ لَا تخَاف إِلَّا الله) » . هَذَا لفظهُ مُخْتَصرا، وَهُوَ بعض من حَدِيث طَوِيل، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من هَذَا الْوَجْه وَفِيه:«أما قطع السَّبِيل فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْك إِلَّا (قَلِيل) حَتَّى (تخرج) العير من (الْحيرَة) إِلَى مَكَّة بِغَيْر خفير» .
وَرَوَاهُ عَن عدي جماعات أُخر: أحدهم ابْن سِيرِين، رَوَاهُ الدارقطني من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَنهُ «أَن عدي بن حَاتِم وقف عَلَى (رَسُول) الله «فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم) : يُوشك أَن تخرج الْمَرْأَة من الْحيرَة بِغَيْر (جوَار) أحد حَتَّى تحج» وَلَيْسَ ظَاهر لَفظه يَقْتَضِي أَنه مُسْند (فَتَأَمّله كَمَا) قَالَه صَاحب «الإِمَام» وَرَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» من حَدِيث ابْن سِيرِين، عَن حُذَيْفَة، عَن عدي رَفعه: «فوالذي (نَفسِي) بِيَدِهِ ليتمّن الله عز وجل هَذَا الْأَمر حَتَّى تخرج الظعينة من
(الْحيرَة) حَتَّى تَطوف (بِالْبَيْتِ) فِي غير جوَار أحد. قَالَ عدي: فَهَذِهِ الظعينة تخرج من الْحيرَة تَطوف بِالْبَيْتِ فِي غير (جوَار) .
ثانيهم: عباد بن حُبَيْش، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث شُعْبَة، عَن سماك بن حَرْب قَالَ: سَمِعت عباد بن حُبَيْش يَقُول: سَمِعت عدي بن حَاتِم يَقُول: « (جَاءَت خيل) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
…
» فَذكر حَدِيثا فِيهِ «إِنِّي (لَا أخْشَى) عَلَيْكُم الْفَاقَة، لينصرنكم الله - تَعَالَى - وليعطينكم - أَو (ليُسَخّرَنَّ) لكم - حَتَّى تسير الظعينة بَين الْحيرَة ويثرب (إِن أَكثر) مَا تخَاف السرق عَلَى ظعينتها» .
ثالثهم: مُحَمَّد بن حُذَيْفَة، رَوَاهُ (الدَّارَقُطْنِيّ) من حَدِيث ابْن عون، عَن مُحَمَّد قَالَ: حَدثنِي ابْن حُذَيْفَة - شكّ [ابْن عون
اسْمه] مُحَمَّد بن حُذَيْفَة - عَن عدي
…
فَذكر حَدِيثا، وَفِي آخِره: ثمَّ قَالَ: أتيت (الْحيرَة) ؟ قلت: لَا، وَقد علمت مَكَانهَا. قَالَ: فتوشك الظعينة أَن تخرج مِنْهَا بِغَيْر جوَار حَتَّى تَطوف بِالْكَعْبَةِ. قَالَ: فَرَأَيْت الظعينة (تخرج) من الْحيرَة حَتَّى تَطوف بِالْكَعْبَةِ» وَقد أسلفنا رِوَايَة هَذَا الحَدِيث، (عَن) ابْن سِيرِين، عَن حُذَيْفَة، من طَرِيق الإِمَام أَحْمد. وَرَوَاهُ الْبَغَوِيّ من حَدِيث [أبي عُبَيْدَة] بن حُذَيْفَة، قَالَ: كنت أسأَل النَّاس عَن عدي بن حَاتِم وَهُوَ إِلَى جَنْبي (لَا أسأله) فَأَتَيْته فَسَأَلته فَقَالَ: «بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
…
» وَفِيه: «هَل أتيت الْحيرَة؟ قلت: لم آتِهَا (و) قد علمت مَكَانهَا. قَالَ: توشك الظعينة أَن ترتحل من الْحيرَة بِغَيْر جوَار حَتَّى تَطوف بِالْبَيْتِ» . وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا، قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الْإِلْمَام» : قيل: سَنَده حسن.
رابعهم: عبد الْملك بن عُمَيْر، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث أبي
إِسْمَاعِيل (الْمُؤَدب) ، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر (عَنهُ)، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «ليَأْتِيَن عَلَى النَّاس زمَان تسير الظعينة من مَكَّة إِلَى الْحيرَة لَا يَأْخُذ أحد بِخِطَام راحلتها» .
خامسهم: تَمِيم بن عبد الرَّحْمَن، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا، وَرَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن مجَالد، عَن الشّعبِيّ عَنهُ. وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيث أَيْضا من طَرِيق جَابر بن سَمُرَة. (قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» ، قَالَ أبي: وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيث من طَرِيق جَابر بن سَمُرَة) ، وَمن طَرِيق عدي بن حَاتِم، وَهَذَا كَأَنَّهُ (أشبه) .
فَائِدَة: الْحيرَة - بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة - (بَلْدَة مَعْرُوفَة بِظهْر الْكُوفَة سكنها مُلُوك قحطان. قَالَه الْحَازِمِي فِي «أماكنه» وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ: هِيَ مَدِينَة النُّعْمَان مَعْرُوفَة من بِلَاد الْعرَاق)(قَالَ ابْن دحْيَة: سميت بذلك) لِأَن بخت (نصَّر) لما سلطه الله عَلَى الْعَرَب وقتلهم، وسبى
من سَبَى مِنْهُم (فسكن) السَّبي فِي هَذَا الْمَكَان فتحيروا هُنَالك فسُمِّيت: الْحيرَة. وَقَالَ صَاحب «التنقيب» : هِيَ مَدِينَة ملاصقة (للكوفة) سميت بذلك؛ لِأَن تُبَّع الْأَكْبَر لما قصد خُرَاسَان (ترك)(ضعفة جنده) بِهَذَا الْموضع، وَقَالَ لَهُم: حِيروا فِيهِ؛ أَي: أقِيمُوا. قَالَ: وَقيل: أول من نزلها مَالك بن زُهَيْر فَلَمَّا نزلها وَجعلهَا مَسْكَنه وأقطعها (قومه) فسميت (الْحيرَة) لذَلِك. قَالُوا: وثَمَّ حيرة أُخْرَى بخراسان (من) عمل نيسابور، وَلَيْسَت الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث. وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمَام» : هِيَ اسْم مُشْتَرك بَين مَوَاضِع أشهرها هَذَا الْموضع، وَهُوَ حيرة الْكُوفَة الَّتِي كَانَ ينزلها (الْمُلُوك) إِلَى (نصر) اللخميون، وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا: حيري، وحاري، والحيرة محلّة كَانَت بنيسابور كَبِيرَة (ينْسب) إِلَيْهَا طَائِفَة (جمة) من أهل الْعلم،
والحيرة قَرْيَة بِأَرْض فَارس، والحيرة بَلْدَة من أعالي (سقِِي الْفُرَات) قريبَة من (فرغانة) . ثمَّ قَالَ: ذكر هَذِه الْمَوَاضِع ياقوت الْحَمَوِيّ، (و) رَأَيْتهَا بعد (فِيهِ) .
والظعينة: الْمَرْأَة، وَأَصله الهَوْدَج وتُسمَّى الْمَرْأَة بِهِ، وَقيل: لَا تسمى إِلَّا الْمَرْأَة الراكبة، وَكثر حَتَّى اسْتعْمل فِي كل امْرَأَة حَتَّى (يَشْمَل) الْجمل الَّذِي ركب عَلَيْهِ ظَعِينَة، وَلَا يُقَال ذَلِك إِلَّا لِلْإِبِلِ الَّتِي عَلَيْهَا الهوادج. وَقيل: إِنَّمَا سميت ظَعِينَة؛ لِأَنَّهُ يظعن (بهَا) ويرحل. (وَعبارَة الْجَوْهَرِي: هِيَ الْمَرْأَة فِي الهودج فَإِن لم تكن فِيهِ فَلَيْسَتْ بظعينة) .
والجوار: بِالْكَسْرِ أفْصح من الضَّم.
تَنْبِيه: الرَّافِعِيّ رحمه الله قَالَ: احْتج للقائل بِأَن الْمَرْأَة لَهَا أَن تخرج وَحدهَا عِنْد الْأَمْن بِهَذَا الحَدِيث، وشُوحِح فِي الدّلَالَة عَلَى ذَلِك. وَقَالُوا: إِنَّمَا هَذَا إِخْبَار عَمَّا سيقع وَلَا يلْزم من إِخْبَار وُقُوعه جَوَازه.