الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسْتَلم الْحجر، قَالَ:(و) بذلك ثَبت الْخَبَر، عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ أسْند حَدِيثا عَن ابْن عَبَّاس فِيهِ ابْن أبي لَيْلَى، وَهُوَ مَشْهُور الْحَال.
الحَدِيث الْحَادِي بعد السّبْعين
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذا رميتم وحلقتم حل لكم كل شَيْء إِلَّا النِّسَاء» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» من حَدِيث حجاج عَن أبي بكر [بن] مُحَمَّد، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا:«إِذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطّيب وَالثيَاب وكل شَيْء إِلَّا النِّسَاء» . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» فَقَالَ: (ثَنَا) مُسَدّد، نَا (عبد الْوَاحِد) بن زِيَاد، نَا الْحجَّاج، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذا رَمَى أحدكُم جَمْرَة الْعقبَة فقد حل لَهُ كل شَيْء
إِلَّا النِّسَاء» . وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث الْحجَّاج بن أَرْطَاة، عَن أبي بكر بن عبد الله بن أبي الجهم، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا:«إِذا رَمَى (و) حلق وَذبح فقد حل لَهُ كل شَيْء إِلَّا النِّسَاء» وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث الْحجَّاج بن أَرْطَاة، عَن أبي بكر بن عَمْرو بن حزم، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا:«إِذا رميتم (وحلقتم وذبحتم) [فقد] حل لكم كل شَيْء إِلَّا النِّسَاء» وَعَن الْحجَّاج، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مثله. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث الْحجَّاج بن أَرْطَاة، عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن (عَمْرو بن) حزم، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا:«إِذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطّيب وَالثيَاب وكل شَيْء إِلَّا النِّسَاء» قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن أبي (بكر) - يَعْنِي: ابْن حزم - عَن يزِيد بن هَارُون؛ وَزَاد فِيهِ: «وذبحتم فقد حل لكم كل شَيْء الطّيب وَالثيَاب إِلَّا النِّسَاء» . هَذِه أَلْفَاظ رِوَايَة هَذَا الحَدِيث، ومدارها عَلَى الْحجَّاج، وَهُوَ ابْن أَرْطَاة كَمَا جَاءَ مُصَرحًا بِهِ فِي «الدَّارَقُطْنِيّ» و «الْبَيْهَقِيّ» كَمَا مَرَّ، وَهُوَ مِمَّن اخْتلف فِيهِ، ثمَّ فِيهِ عِلّة أُخْرَى و (هِيَ) الِانْقِطَاع؛ فَإِن الْحجَّاج لم يَرَ الزُّهْرِيّ وَلَا سمع مِنْهُ كَمَا نَص عَلَيْهِ غير وَاحِد من الْحفاظ، وَقد ضعف أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» هَذَا
الحَدِيث من هذَيْن الْوَجْهَيْنِ؛ فَقَالَ: هَذَا حَدِيث ضَعِيف، وَالْحجاج لم يَرَ الزُّهْرِيّ وَلم يسمع مِنْهُ. وَقَالَ المنذريُّ فِي «مُخْتَصر السّنَن» : ذكر عباد بن الْعَوام وَيَحْيَى بن معِين وَأَبُو حَاتِم وَأَبُو زرْعَة الرازيان أَن الْحجَّاج لم يسمع من الزُّهْرِيّ شَيْئا، وَذكر عَن الْحجَّاج نَفسه أَنه لم يسمع مِنْهُ شَيْئا. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : هَذَا الحَدِيث من تخليطات الْحجَّاج بن أَرْطَاة. قَالَ: وَإِنَّمَا الحَدِيث عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، كَمَا رَوَاهُ سَائِر النَّاس عَن عَائِشَة، ثمَّ سَاق بِإِسْنَادِهِ عَن الضَّحَّاك، عَن أبي الرِّجَال، عَن أمه، عَن عَائِشَة قَالَت:«طيبت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (لحرمه) حِين أحرم، ولحله قبل أَن يفِيض بأطيب مَا وجدت» . رَوَاهُ مُسلم فِي «صَحِيحه» ، وَأم [أبي] الرِّجَال هِيَ «عمْرَة» قَالَ - أَعنِي: الْبَيْهَقِيّ -: وَقد رويتُ (تِلْكَ اللَّفْظَة) فِي حَدِيث أُمِّ سَلمَة مَعَ حكم (آخر)، لَا أعلم أحدا من الْفُقَهَاء قَالَ بذلك. ثمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ إِلَى أُمِّ سَلمَة رضي الله عنها قَالَت: «كَانَت (اللَّيْلَة) الَّتِي يَدُور فِيهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مسَاء لَيْلَة النَّحْر، فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْدِي؛ فَدخل عليَّ وهبُ
بن زَمعَة وَرجل من (آل) أبي أُميَّة (متقمصين)، فَقَالَ لَهما رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أفضتما؟ (قَالَا) : لَا. قَالَ: فانزعا قميصكما. (فنزعاهما)، قَالَ وهب: ولِمَ يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ: هَذَا يَوْم أرخص لكم فِيهِ إِذا رميتم الْجَمْرَة، ونحرتم هَديا إِن كَانَ لكم فقد حللتم من كل شيءٍ حُرِمْتُم مِنْهُ إِلَّا النِّسَاء حَتَّى تطوفوا بِالْبَيْتِ، فَإِذا أمسيتم وَلم تفيضوا صرتم حرما كَمَا كُنْتُم أوَّل مرةٍ، حَتَّى تفيضوا بِالْبَيْتِ» . وَفِي رِوَايَة لَهُ:«إِن هَذَا يَوْم (رخَّص) لكم إِذا رميتم الْجَمْرَة أَن تَحِلُّوا من كل مَا حرمتم مِنْهُ إِلَّا النِّسَاء، فَإِذا أمسيتم قبل أَن تطوفوا بِهَذَا الْبَيْت (صرتم) حُرُمًا كهيئتكم قبل أَن ترموا الْجَمْرَة حَتَّى تطوفوا» . وَهَذَا الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» ثمَّ الحاكمُ فِي «مُسْتَدْركه» فِي كتاب الْحَج بِاللَّفْظِ الأول، وَفِي إِسْنَاده ابْن إِسْحَاق، (و) لَكِن صرَّح (بِالتَّحْدِيثِ) فَقَالَ:«ثَنَا أَبُو عُبَيْدَة بن عبد الله بن زَمعَة» . وَفِي «صَحِيح الْحَاكِم» وَقَالَ: صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ عَن عبد الله بن الزبير (أَنه) قَالَ: (مِنْ سُنَّة الْحَج أَن يُصَلِّي الإِمَام الظهرَ والعصرَ، والمغربَ والعشاءَ الآخرةَ، والصبحَ
بمنى، ثمَّ يَغْدُو إِلَى عَرَفَة فيقيل حَيْثُ قضي لَهُ، حَتَّى إِذا زَالَت الشَّمْس خطب الناسَ، ثمَّ صلَّى الظّهْر وَالْعصر (جَمِيعًا) ، ثمَّ وقف بِعَرَفَات حَتَّى تغيب الشَّمْس، ثمَّ يفِيض فيصلِّي بِالْمُزْدَلِفَةِ أَو حَيْثُ قَضَى الله، ثمَّ يقف بِجمع حَتَّى (أَسْفر دفع) قبل طُلُوع الشَّمْس، فَإِذا رَمَى الْجَمْرَة الْكُبْرَى حلَّ لَهُ كلُّ شَيْء حرم عَلَيْهِ إِلَّا النِّسَاء وَالطّيب، حَتَّى يزور الْبَيْت» . وَفِي «مُسْند أَحْمد» و «سنَن النَّسَائِيّ» وَابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:«إِذا رميتم الْجَمْرَة فقد حلّ لكم كلُّ شيءٍ إِلَّا النِّسَاء، فَقَالَ (لَهُ) (رجل) : يَا ابْن عَبَّاس، وَالطّيب؟ فَقَالَ: أما أَنا فقد رأيتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يضمح رَأسه بالطيب، (فَلَا أَدْرِي) أطيب ذَلِك أم لَا» . إِسْنَاده حسن كَمَا قَالَه الْمُنْذِرِيّ وَغَيره، إِلَّا أَن يَحْيَى بْنَ معِين وَغَيره قَالُوا: يُقَال: إِن الْحسن العرني لم يسمع من ابْن عَبَّاس نعم فِي «مُسْند أَحْمد» عَنهُ قَالَ: ذُكِرَ عِنْد ابْن عَبَّاس: «يقطع الصلاةَ المرأةُ والكلبُ والحمارُ؟ قَالَ: بئس مَا (عدلتم) بامرأةٍ مسلمة كَلْبا وَحِمَارًا
…
» (و) ذكر الحَدِيث بِطُولِهِ، وَظَاهر هَذَا سَمَاعه مِنْهُ. ثمَّ اعْلَم بعد ذَلِك
كُله أَن الرافعيَّ اسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث عَلَى أَن الْحلق نسك، قَالَ: فعلق الْحل بِالْحلقِ كَمَا علقه بِالرَّمْي. وَقد علمتَ ضعف الحَدِيث، فَإِن فِي بعض الرِّوَايَات علقه بِالذبْحِ، وَلَا قَائِل بِأَن التَّحَلُّل يقف عَلَيْهِ، وَلَو اسْتدلَّ لَهُ بِالْحَدِيثِ الآتى الثَّابِت فِي «الصَّحِيحَيْنِ» من طَرِيق عبد الله بن عَمرو:«أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: حلقتُ قبل أَن أرمي؟ فَقَالَ: ارْمِ وَلَا حرج» . وَجه الدّلَالَة مِنْهُ أَنه لَو لم يكن نُسكًا لما جَازَ تَقْدِيمه عَلَى الرَّمْي، وَفِي «صَحِيح أبي حَاتِم بن حبَان» (فِي) حَدِيث طَوِيل:«أَن للحالق بِكُل شَعْرَة سَقَطت من رَأسه نورا يَوْم الْقِيَامَة» وَوَقع لِابْنِ الرّفْعَة فِي هَذَا الحَدِيث شَيْء غَرِيب، فَإِنَّهُ لما ذكر قولَ صَاحب «التَّنْبِيه» : فَإِن قُلْنَا إِن الْحلق نسك، حصل لَهُ التَّحَلُّل الأول بِاثْنَيْنِ من ثَلَاثَة وَهِي: الرَّمْي وَالْحلق وَالطّواف. ثمَّ اسْتدلَّ بِلَفْظ أبي دَاوُد السالف، ثمَّ قَالَ: وَفِي كتب الْفُقَهَاء: « (إِذا) رميتم وحلقتم
…
» الحَدِيث، وَهُوَ غَرِيب؛ (فَإِنَّهُ عزاهُ) إِلَى كتب الْفُقَهَاء، ونفيه عَن كتب الحَدِيث هُوَ مَا أخرجه أَحْمد فِي «مُسْنده» وغيرُه كَمَا عَرفته، فتنبَّهْ (لذَلِك) ؛ فَإِنَّهُ من الْغَرِيب.