الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجلا يصيد فِي حرم الْمَدِينَة الَّذِي حرم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (فسلب ثَوْبه) فجَاء موَالِيه فكلموه فِيهِ، فَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حرم هَذَا الْحرم، وَقَالَ: من وجد أحدا يصيد فِيهِ فليسلبه، فَلَا أرد عَلَيْكُم طعمة أطعمنيها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلَكِن إِن شِئْتُم دفعت إِلَيْكُم ثمنه» .
رِجَاله كلهم ثِقَات، إِلَّا سُلَيْمَان بن أبي عبد الله، فَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ هُوَ بالمشهور لَكِن يعْتَبر بحَديثه، وَلم يُضعفهُ أَبُو دَاوُد، وَذكره أَبُو حَاتِم ابْن حبَان فِي «ثقاته» ، وَفِي رِوَايَة للبيهقي «أَن (سَعْدا) كَانَ يخرج من الْمَدِينَة فيجد الحاطب من الْحطاب مَعَه شجر رطب قد عضده من بعض شجر الْمَدِينَة فَيَأْخُذ سلبه، فَيُكَلَّم فِيهِ. فَيَقُول: لَا أدع غنيمَة غنمنيها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَإِنِّي لمن أَكثر النَّاس مَالا» .
وَرَوَاهُ الْحَاكِم بِهَذَا اللَّفْظ أَيْضا فِي «مُسْتَدْركه» ، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح (الْإِسْنَاد) .
الحَدِيث الرَّابِع بعد الثَّلَاثِينَ
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَيدُ وجّ مُحَرَّمٌ للهِ - تَعَالَى» .
هَذَا الحَدِيث (صَحِيح) ، أخرجه أَبُو دَاوُد (فِي «سنَنه» ) مُنْفَردا
بِهِ، عَن (حَامِد) بن يَحْيَى، عَن عبد الله بن الْحَارِث، عَن مُحَمَّد بن عبد الله الطَّائِفِي، عَن أَبِيه، عَن عُرْوَة بن الزبير، (عَن أَبِيه)، قَالَ:«لما أَقبلنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من لِيَّة حَتَّى إِذا كُنَّا عِنْد السِّدْرَة وقف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي طرف القَرْن الْأسود حذوها فَاسْتقْبل نَخِْبا ببصره - وَقَالَ مرّة: واديه - وقف حَتَّى (اتَّقَفَ) النَّاس كلهم، ثمَّ قَالَ: إِن صيدَ وجٍّ وعِضَاهه حَرْم مُحَرَّمٌ (لله» ) . وَذَلِكَ قبل نزُول الطَّائِف وحصاره لثقيف. سكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد، وَهُوَ عَلَى قَاعِدَته حسن أَو صَحِيح، وَكَذَا سكت عَلَيْهِ عبد الْحق، وَهُوَ قَاض بِصِحَّتِهِ عِنْده. (و) رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» ، عَن عبد الله بن الْحَارِث المَخْزُومِي: حَدَّثَني مُحَمَّد بن عبد الله بن إِنْسَان، وَأَثْنَى عَلَيْهِ خيرا، ثمَّ سَاقه، (وَمُحَمّد بن عبد الله هَذَا) قَالَ أَبُو حَاتِم: إِنَّه لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَفِي حَدِيثه نظر. وَذكره البُخَارِيّ فِي «تَارِيخه الْكَبِير» وَذكر لَهُ هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: لم يُتَابع عَلَيْهِ،
وَذكر أَبَاهُ وَذكر لَهُ هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: لم يَصح. وَكَذَا قَالَ الْأَزْدِيّ، وَقَالَ ابْن حبَان: رَوَى عَنهُ ابْنه مُحَمَّد، لم يَصح حَدِيثه. وَنقل مثل هَذِه الْعبارَة فِيهِ أَيْضا عَن البُخَارِيّ ابْن الْقطَّان فِي «علله» ، وَذكر ابْن أبي خَيْثَمَة، عَن ابْن معِين أَنه قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَذكر الْخلال فِي «علله» أَن أَحْمد ضعفه. وَقَالَ ابْن حبَان فِي «ثقاته» : كَانَ يُخطئ. وَمثل هَذِه الْعبارَة لَا تقال إِلَّا فِيمَن رَوَى عدَّة أَحَادِيث، فَأَما عبد الله فَهَذَا الحَدِيث أول مَا عِنْده وَآخره، فَإِن كَانَ قد أَخطَأ فَحَدِيثه مَرْدُود عَلَى قَاعِدَة ابْن حبَان.
وَقَالَ الْعقيلِيّ: لَا يُتَابع مُحَمَّد هَذَا إِلَّا من جِهَة تقاربها، قَالَ: وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء إِلَّا مَرَاسِيل، وَإسْنَاد آخر يُقَارب هَذَا.
وَسُئِلَ عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ فِي «علله» : يرويهِ عبد الله بن الْحَارِث المَخْزُومِي، عَن مُحَمَّد بن عبد الله (بن عبد الله) بن إِنْسَان، عَن أَبِيه، عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن الزبير، كَذَلِك رَوَاهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه. (والْحميدِي، وَحدث الْبَغَوِيّ، عَن أَحْمد بن حَنْبَل، عَن عبد الله بن الْحَارِث، فَقَالَ: عَن عبد الله بن عبد الله بن إِنْسَان. إِنَّمَا هُوَ
مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الله، كَذَلِك حدث بِهِ عبد الله بن أَحْمد ومُوسَى بن هَارُون، عَن أَحْمد بن حَنْبَل، وَكَذَلِكَ قَالَ الْحميدِي وَإِسْحَاق.
وَأغْرب الذَّهَبِيّ فَقَالَ فِي «مِيزَانه» : إِن الشَّافِعِي صحّح حَدِيثه وَاعْتمد عَلَيْهِ.
قلت: وَضَعفه من الْمُتَأَخِّرين: النَّوَوِيّ فَقَالَ فِي «شرح الْمُهَذّب، والتهذيب» : إِسْنَاده ضَعِيف. قَالَ: وَقَالَ البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» : لَا يَصح. وَخَالف الْمُنْذِرِيّ فَقَالَ فِي كَلَامه عَلَى أَحَادِيث الْمُهَذّب، فَقَالَ: إِنَّه حَدِيث حسن بعد أَن سَاقه من طَرِيق أبي دَاوُد، وَقد خَالف هَذَا فِي مُخْتَصر سنَن أبي دَاوُد بِمَا تقدم.
فَائِدَة: فِي ضبط مَا وَقع فِي هَذَا الحَدِيث من الْأَلْفَاظ الَّتِي قد تُصَحَّف: لِيَّة: بِكَسْر أَوله، وَتَشْديد ثَانِيه، كَذَا ضَبطه الْبكْرِيّ فِي «مُعْجَمه» . وَقَالَ صَاحب الإِمَام: هُوَ مكسور اللَّام. فَفِي رِوَايَة الْخَطِيب مُخَفّفَة، وَفِي رِوَايَة غَيره مُشَدّدَة كَذَا قَالَ الْبكْرِيّ، وَهِي من أَرض الطَّائِف عَلَى أَمْيَال يسيرَة، وَهِي عَلَى لَيْلَة من قرن.
والقَرْن: جبل صَغِير، قَالَه الْخطابِيّ، قَالَ: ورأيته يشرف عَلَى وهدة.
ونَخْب: بِفَتْح أَوله، وَإِسْكَان ثَانِيه بعده بَاء مُوَحدَة، وَاد من وَرَاء
الطَّائِف، قَالَه الْبكْرِيّ. قَالَ: وَحَكَى (السكونِي) نَخِب: بِكَسْر الْخَاء عَلَى وزن فَعِل.
قلت: وَكَذَا ضَبطه الْحَازِمِي فِي مؤتلفه نقلا عَنهُ، ثمَّ قَالَ. وَيُقَال: هُوَ وادٍ بالسِّرَاه، وَقَالَ الْأَخْفَش: وادٍ بِأَرْض هُذَيْل. وَقَالَ الْخطابِيّ: أرَاهُ جبلا أَو موضعا، وَلست أُحِقُّه.
وأيقف مُطَاوع وقف تَقول: وقفته فأيقف، مثل وعدته فأيعد وَالْأَصْل فِيهِ أييقف وأييعد، فَلَمَّا ثقل النُّطْق بِهِ أدغموا.
(قَالَ) ابْن الْأَثِير: والعِضَاه من الشّجر مَا كَانَ لَهُ شوك.
ووَجٌّ بواوٍ مَفْتُوحَة، ثمَّ جِيم مُشَدّدَة، قَالَ الرَّافِعِيّ فِي الْكتاب: وَهُوَ وادٍ بصحراء الطَّائِف. وَهَكَذَا قَالَه غَيره من أَصْحَابنَا الْفُقَهَاء، وَقَالَهُ الْخطابِيّ أَيْضا، وَهَذَا لَفظه: وَجٌّ ذكرُوا أَنه من نَاحيَة الطَّائِف. وَكَذَا قَالَه ابْن الْأَثِير فِي «جَامعه» : أَنه وادٍ بَين مَكَّة والطائف.
وَقَالَ الْجَوْهَرِي: وجٌّ بلد الطَّائِف. وَنَقله النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» و «التَّهْذِيب» عَن أهل اللُّغَة كلهم. وَقَالَ الْحَازِمِي فِي
مؤتلفه: وجٌّ: اسْم لحصون الطَّائِف، وَقيل لواحدٍ مِنْهَا.
وَقَالَ الْبكْرِيّ فِي «مُعْجَمه» : وَجَّ بِفَتْح أَوله وَتَشْديد ثَانِيه، هُوَ الطَّائِف، وَقيل هُوَ وادِ الطَّائِف، وَفِي الحَدِيث:«وَثَقِيف أَحَق النَّاس بوَجَّ» .
وَعَن خَوْلَة بنت حَكِيم امْرَأَة عُثْمَان بن مَظْعُون مَرْفُوعا: «إِن آخر وَطْأَة وَطئهَا الله - تَعَالَى - بوجّ» .
قَالَ (أَبُو مُحَمَّد) : يُرِيد أَن آخر مَا أوقع الله بالمشركين بوج، وَهِي الطَّائِف. وَكَذَلِكَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: آخر غَزْوَة غَزَاهَا رَسُول الله