الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْقصر والتنوين. وَقَالَ الرَّافِعِيّ: الَّذِي (يشْعر) بِهِ كَلَام المصنفين: أَن السُّفْلَى أَيْضا بِالْمدِّ، (ورد) عَلَيْهِ ذَلِك النَّوَوِيّ، (وَقَول الرَّافِعِيّ وَيدل عَلَيْهِ أَنهم كتبوها بِالْألف، وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّهَا بِالْيَاءِ، وَرَوَى فِيهِ شعرًا.
قلت: استدلاله بِالْكِتَابَةِ عَجِيب، فَإِن الْكِتَابَة بِالْألف لَا تَسْتَلْزِم أَن يكون ممدودًا؛ بل كل مَقْصُور لَا يمال كَمَا يعْصَى وَنَحْوه بِالْألف، وَكَذَلِكَ مَا أميل أَيْضا. وَكَلَامه فِي «الشَّرْح الصَّغِير» ظَاهر فِي تَرْجِيح الْقصر، وَهُوَ الصَّوَاب الَّذِي قطع بِهِ الْمُحَقِّقُونَ.
فَائِدَة (ثَانِيَة) : كدى - بِالتَّصْغِيرِ -: جبل مُرْتَفع قريب من مَكَّة فِي صوب الْيمن، وَفِيه أَيْضا ثنية ضيقَة، وَهِي فِي ذهَاب الشَّخْص إِلَى جبل ثَوْر، وَلَيْسَ بلغةٍ كَمَا توهَّمَه بَعضهم) .
الحَدِيث (الرَّابِع)
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الشَّافِعِي أَنا سعيد بن سَالم، عَن ابْن جريج: «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا رَأَى الْبَيْت رفع (يَدَيْهِ) وَقَالَ:
اللَّهُمَّ
…
» فَذكره كَمَا سَاقه الرَّافِعِيّ، إِلَّا أَنه قَالَ بدل:«وعظمه» : «وَكَرمه» وَسَيَأْتِي بِلَفْظ: «وعظمه» أَيْضا. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا مُنْقَطع. وَقَالَ ابْن الصّلاح وَالنَّوَوِيّ: مُرْسل معضل. وَقَالَ صَاحب «الإِمَام» : معضل فِيمَا بَين ابْن جريج وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ: هَكَذَا حدث بِهِ الشَّافِعِي مُنْقَطِعًا. وَقَالَ: لَيْسَ فِي رفع الْيَدَيْنِ شَيْء أكرهه وَلَا أستحبه عِنْد رُؤْيَة الْبَيْت وَهُوَ عِنْدِي حسن. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَكَأَنَّهُ لم يعْتَمد عَلَى الحَدِيث لانقطاعه.
قلت: وَسَعِيد بن سَالم هُوَ القداح، وَقد علمتَ حَاله فِي أَوَاخِر الْبَاب قبله، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَله شَاهد مُرْسل عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن أبي سعيد الشَّامي، عَن مَكْحُول، قَالَ:«كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا دخل مَكَّة (فَرَأَى) الْبَيْت رفع يَدَيْهِ وَكبر وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام، فحيِّنا رَبنَا بِالسَّلَامِ، اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْت تَشْرِيفًا وتعظيمًا وتكريمًا (ومهابة، وزد من حجه أَو اعتمره تَشْرِيفًا وتكريمًا) (وتعظيمًا) وبِرًّا» .
قلت: وَله شَاهد مُتَّصِل من حَدِيث حُذَيْفَة بن أسيد، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» عَن مُحَمَّد بن مُوسَى الْأَيْلِي الْمُفَسّر، ثَنَا عمر بن يَحْيَى الْأَيْلِي، نَا عَاصِم بن سُلَيْمَان الكوزي، عَن زيد بن أسلم، عَن
أبي الطُّفَيْل، عَن حُذَيْفَة بن أسيد «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا نظر إِلَى الْبَيْت قَالَ: اللَّهُمَّ زد بَيْتك هَذَا تَشْرِيفًا وتعظيمًا وتكريمًا وبرًّا ومهابة» . وَعَاصِم (هَذَا) كذبوه. وَفِي «سنَن سعيد بن مَنْصُور» : نَا (مُعْتَمر) بن سُلَيْمَان، حَدثنِي برد بن سِنَان أَبُو الْعَلَاء، قَالَ: سَمِعت عباد بن قسَامَة يَقُول: «إِذا رَأَيْت الْبَيْت فَقل: اللَّهُمَّ زد بَيْتك هَذَا تَشْرِيفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة، وزد من شرفه وعظمه وَكَرمه مِمَّن حجه (واعتمره) تَشْرِيفًا وتعظيمًا وتكريمًا وبرًّا» وفيهَا أَيْضا عَن سعيد بن الْمسيب، قَالَ: سَمِعت هَذَا من عمر، وَمَا بَقِي عَلَى الأَرْض سمع هَذَا مِنْهُ غَيْرِي «أَنه نظر إِلَى الْبَيْت فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام (فحيِّنا) رَبنَا بِالسَّلَامِ» وَفِي هَذَا إِثْبَات سَماع سعيد (من عمر) وَالْمَشْهُور خِلَافه.
فَائِدَة: وَقع فِي «مُخْتَصر الْمُزنِيّ» ذكر المهابة فِي هَذَا الحَدِيث فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وغلطه الْأَصْحَاب فِي ذَلِك وَقَالُوا: إِنَّمَا يُقَال فِي الثَّانِي «وبرًّا» لِأَن المهابة تلِيق بِالْبَيْتِ وَالْبر يَلِيق بالإنسان، (قَالَ الرَّافِعِيّ: وَالثَّابِت فِي الْخَبَر إِنَّمَا هُوَ الِاقْتِصَار عَلَى الْبر.
قلت: أَيْن الثُّبُوت؟ فَالْحَدِيث فِي نَفسه رَوَاهُ الشَّافِعِي مُرْسلا ومعضلاً) . وَوَقع فِي «الْوَجِيز» ذِكْر المهابة وَالْبر جَمِيعًا فِي (الأول) وَذكر الْبر وَحده ثَانِيًا، وَاعْتَرضهُ الرَّافِعِيّ فَقَالَ: لم (يَرَ) الْجمع بَينهمَا إِلَّا لَهُ، وَلَا ذكر لَهُ فِي الحَدِيث الْوَارِد بِهَذَا الدُّعَاء، وَلَا فِي كتب الْأَصْحَاب، وَالْبَيْت لَا يتَصَوَّر مِنْهُ بر، وَلَا يَصح إِطْلَاق هَذَا اللَّفْظ عَلَيْهِ إِلَّا أَن يَعْنِي الْبر عَلَيْهِ. وَأجَاب النَّوَوِيّ فَقَالَ فِي «تهذيبه» : لإِطْلَاق الْبر عَلَى الْبَيْت وَجه صَحِيح وَهُوَ أَن يكون (مَعْنَاهُ) أَكثر زائريه، فبِرّه بزيارته كَمَا أَن من جملَة بِرّ الْوَالِدين والأقارب والأصدقاء زيارتهم واحترامهم. وَلَكِن الْمَعْرُوف مَا تقدم، وَقد رَوَى الْأَزْرَقِيّ فِي «تَارِيخ مَكَّة» حَدِيثا عَن مَكْحُول، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم « (أَنه) كَانَ إِذا رَأَى الْبَيْت رفع يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْت تَشْرِيفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة وبِرًّا وزِدْ مَن شَرَّفه
…
» إِلَى آخِره، هَكَذَا ذكره، جمع أَولا بَين المهابة والبِرّ كَمَا وَقع فِي «الْوَجِيز» لَكِن هَذِه الرِّوَايَة مُرْسلَة، وَفِي (إسنادها) رجل مَجْهُول وَآخر ضَعِيف.