الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الثَّانِي
«أنَّه صلى الله عليه وسلم تحلل بالإحصار (عَام) الْحُدَيْبِيَة وَكَانَ محرما بِعُمْرَة» .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ من حَدِيث ابْن عمر رضي الله عنه قَالَ: «خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فحال كفار قُرَيْش دون الْبَيْت، فَنحر النَّبِي صلى الله عليه وسلم هداياه، وَحلق وَقصر أَصْحَابه» . وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس قَالَ: «أحْصر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فحلق رَأسه وجامع نِسَاءَهُ وَنحر هَدْيه حَتَّى اعْتَمر قَابلا» قَالَ الشَّافِعِي: وَالْحُدَيْبِيَة مَوضِع من الأَرْض مِنْهُ مَا هُوَ فِي الْحل وَمِنْه مَا هُوَ فِي الْحرم فَإِنَّمَا نحر الْهَدْي عندنَا فِي الْحل وَفِيه مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الَّذِي بُويِعَ فِيهِ تَحت الشَّجَرَة فَأنْزل الله فِيهِ (لقد رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤمنِينَ إِذْ يُبَايعُونَك تَحت الشَّجَرَة) .
فَائِدَة: الْحُدَيْبِيَة بتَخْفِيف الْيَاء وتشديدها كَمَا سلف وَكَانَت قصَّة الْحُدَيْبِيَة سنة سِتّ من الْهِجْرَة.
الحَدِيث الثَّالِث
هَذَا الحَدِيث صَحِيح أخرجه الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: «دخل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى ضباعة بنت الزبير فَقَالَ لَهَا: لَعَلَّك أردْت الْحَج؟ فَقَالَت: وَالله مَا أجدني إلَاّ وجعة. فَقَالَ: حجي واشترطي، وَقَوْلِي: اللَّهُمَّ محلي حَيْثُ حبستني وَكَانَت تَحت الْمِقْدَاد» وَفِي رِوَايَة لمُسلم قَالَت عَائِشَة: «دخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَلَى ضباعة بنت الزبير بن عبد الْمطلب فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أُرِيد الْحَج وَأَنا شاكية. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: «حجي واشترطي أَن محلي حَيْثُ حبستني» وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَيْضا «أَن ضباعة بنت الزبير بن عبد الْمطلب أَتَت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: إِنِّي امْرَأَة ثَقيلَة، وَإِنِّي أُرِيد الْحَج، فَمَا تَأْمُرنِي؟ قَالَ: أَهلِي بِالْحَجِّ واشترطي أَن محلي حَيْثُ حبستني. قَالَ: فأدركت» .
وَفِي رِوَايَة «أَن ضباعة أَرَادَت الْحَج، فَأمرهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن تشْتَرط. فَفعلت ذَلِكَ عَن أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم» وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ بأسانيد صَحِيحَة «أَنَّهَا أَتَت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أُرِيد الْحَج أفأشترط؟ قَالَ: نعم. قَالَت: كَيفَ أَقُول؟
قَالَ: قولي: «لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك، محلي من الأَرْض حَيْثُ تحبسني» زَاد النَّسَائِيّ: «فَإِن لَك عَلَى رَبك مَا استثنيت» قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : إِنَّه رُوِيَ مُسْندًا ومرسلاً وَهُوَ أصح. وَقَالَ الْأصيلِيّ: لَا يثبت فِي الِاشْتِرَاط إِسْنَاد صَحِيح. وَهُوَ عجب مِنْهُ؛ فَالْحَدِيث مَشْهُور ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَسنَن أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَسَائِر كتب الحَدِيث الْمُعْتَمدَة من طرق مُتعَدِّدَة بأسانيد كَثِيرَة عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَا أعلم أسْندهُ عَن الزُّهْرِيّ غير معمر. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: لم يسْندهُ عَن معمر غير عبد الرَّزَّاق فِيمَا أعلم. وَقَالَ الشَّافِعِي فِي كتاب «الْمَنَاسِك» وَهُوَ من الْجَدِيد: لَو ثَبت حَدِيث عُرْوَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الِاسْتِثْنَاء لم أعده إِلَى غَيره؛ لِأَنَّهُ لَا يحل عِنْدِي خلاف مَا ثَبت عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد ثَبت هَذَا الحَدِيث من أوجه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم. ثمَّ ذكر مَا سبق، وَقَالَ الْعقيلِيّ: رَوَى ابْن عَبَّاس قصَّة ضباعة بأسانيد ثَابِتَة جِيَاد انْتَهَى. وَثَبت عَن ابْن عمر «أَنه كَانَ يُنكر الِاشْتِرَاط فِي الْحَج» كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ ثمَّ الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ: عِنْدِي أَنه لَو بلغه حَدِيث ضباعة لصار إِلَيْهِ وَلم يُنكر الِاشْتِرَاط كَمَا لم يُنكره أَبوهُ فِيمَا روينَا عَنهُ.