الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الْحَادِي عشر
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «من رَاح فِي السَّاعَة الأولَى فَكَأَنَّمَا قرب بَدَنَة، وَمن رَاح فِي السَّاعَة الثَّانِيَة فَكَأَنَّمَا قرب (بقرة) » .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح كَمَا سلف وَاضحا فِي بَاب صَلَاة الْجُمُعَة.
الحَدِيث الثَّانِي عشر
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ مُسلم فِي «صَحِيحه» من حَدِيث جَابر، قَالَ:«لما وقف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَة، وَقَالَ: وقفت هَاهُنَا وعرفة كلهَا موقف، ووقفت هَاهُنَا بِجمع وَجمع كلهَا موقف، ونحرت هَاهُنَا وَمنى كلهَا منحر فَانْحَرُوا فِي رحالكُمْ» . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» بِنَحْوِ من لفظ الرَّافِعِيّ وَهَذَا لَفظه أَنه عليه السلام قَالَ: «كل عَرَفَة موقف وكل منى منحر، وكل مُزْدَلِفَة موقف، وكل فجاج مَكَّة طَرِيق ومنحر» .
هَذَا آخر الْكَلَام عَلَى أَحَادِيث الْبَاب بِحَمْد الله ومنِّه.
وَأما آثاره فَأَرْبَعَة: أَولهَا: عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنه أَنه قَالَ: «لَا حصر إِلَّا حصر الْعَدو» .
وَهَذَا الْأَثر صَحِيح رَوَاهُ الشَّافِعِي، عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن
ابْن طَاوس، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس. وَعَن عَمْرو بن دِينَار، عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ:«لَا حصر إِلَّا حصر الْعَدو» زَاد أَحدهمَا: «ذهب الْحصْر الْآن» . قَالَ النَّوَوِيّ: وَهَذَا إِسْنَاد عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ.
ثَانِيهَا: عَن سُلَيْمَان بن يسَار «أَن أَبَا أَيُّوب الْأنْصَارِيّ خرج حاجًّا حَتَّى إِذا كَانَ بالنازية من طَرِيق مَكَّة ضلت رَاحِلَته، فَقدم عَلَى عمر بن الْخطاب يَوْم النَّحْر فَذكر ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عمر: اصْنَع كَمَا يصنع الْمُعْتَمِر، ثمَّ قد حللت، فَإِذا أدْركْت الْحَج قَابلا فاحجج وأهد مَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي» .
وَهَذَا الْأَثر صَحِيح رَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» ثمَّ الشَّافِعِي ثمَّ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح، قَالَ الرَّافِعِيّ: واشتهر ذَلِكَ فِي الصَّحَابَة وَلم يُنكره مُنكر. والنازية بنُون ثمَّ زَاي ثمَّ مثناة تَحت، ثمَّ هَاء كَذَا ضَبطه صَاحب الإِمَام وَسَبقه إِلَيْهِ الْبكْرِيّ فِي «مُعْجَمه» فَقَالَ: النازية عَلَى وزن فاعلة مَوضِع.
الْأَثر الثَّالِث: عَن عمر رضي الله عنه «أَنه أَمر الَّذين فاتهم الْحَج بِالْقضَاءِ من قَابل، فَقَالَ: فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ» .
وَهَذَا الْأَثر صَحِيح رَوَاهُ مَالك فِي «الْمُوَطَّأ» بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيح عَن سُلَيْمَان بن يسَار «أَن هَبَّار بن الْأسود جَاءَ يَوْم النَّحْر وَعمر بن الْخطاب
ينْحَر هَدْيه فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَخْطَأنَا الْعدة كُنَّا نرَى أَن هَذَا الْيَوْم يَوْم عَرَفَة. فَقَالَ عمر: اذْهَبْ إِلَى مَكَّة فَطُفْ أَنْت وَمن مَعَك وانحروا هَديا إِن كَانَ مَعكُمْ، ثمَّ احْلقُوا أَو قصروا وَارْجِعُوا إِذا كَانَ (عَاما) قَابلا فحجوا وأهدوا، فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ» وَفِي رِوَايَة للبيهقي عَن الْأسود قَالَ:«سَأَلت عمر عَن رجل فَاتَهُ الْحَج، قَالَ: يهل بِعُمْرَة وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل، ثمَّ خرجت الْعَام الْمقبل فَلَقِيت زيد بن ثَابت فَسَأَلته عَن رجل فَاتَهُ الْحَج قَالَ: يهل بِعُمْرَة وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل» .
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرُوِيَ عَن إِدْرِيس الأودي عَنهُ فَقَالَ: «ويهريق دَمًا» . قَالَ: وَرَوَاهُ الْأسود قَالَ: «ويهل بِعُمْرَة ويحج من قَابل وَلَيْسَ عَلَيْهِ هدي. قَالَ: فَلَقِيت زيد بن ثَابت بعد عشْرين سنة فَقَالَ مثل قَول عمر» وَفِي رِوَايَة لَهُ عَن الْأسود قَالَ: «جَاءَ رجل إِلَى عمر قد فَاتَهُ الْحَج قَالَ عمر: اجْعَلْهَا عمْرَة وَعَلَيْك الْحَج من قَابل» وَفِي رِوَايَة لَهُ عَن الْحَارِث بن عبد الله بن أبي ربيعَة قَالَ: «سَمِعت عمر وجاءه رجل فِي وسط أَيَّام التَّشْرِيق وَقد فَاتَهُ الْحَج فَقَالَ لَهُ عمر: طف بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة وَعَلَيْك الْحَج من قَابل. وَلم يهد هَديا» قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذِه الرِّوَايَة وَمَا قبلهَا عَن الْأسود عَن عمر متصلتان، وَرِوَايَة سُلَيْمَان بن يسَار عَنهُ مُنْقَطِعَة. قَالَ الشَّافِعِي: الحَدِيث الْمُتَّصِل عَن عمر يُوَافق حديثنا عَن عمر وَيزِيد حديثنا عَلَيْهِ الْهَدْي، وَالَّذِي يزِيد فِي
الحَدِيث أولَى بِالْحِفْظِ من الَّذِي لم يَأْتِ بِالزِّيَادَةِ ورويناه عَن ابْن عمر كَمَا قُلْنَا مُتَّصِلا، وَفِي رِوَايَة إِدْرِيس الأودي - إِن صحت - «ويهريق دَمًا» وَهِي تشهد لرِوَايَة سُلَيْمَان بن يسَار بِالصِّحَّةِ، وَرَوَى إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن مُوسَى بن عقبَة، عَن نَافِع، عَن سُلَيْمَان بن يسَار، عَن هَبَّار بن الْأسود أَنه حَدثهُ «أَنه فَاتَهُ الْحَج
…
» فَذكره مَوْصُولا.
الْأَثر الرَّابِع: عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنه أَنه قَالَ: «الْأَيَّام المعلومات أَيَّام الْعشْر، والمعدودات أَيَّام التَّشْرِيق» .
وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ (الْبَيْهَقِيّ) عَنهُ بِإِسْنَاد صَحِيح، وَصَححهُ ابْن السكن وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور عَنهُ، وَإِنَّمَا نقل صَاحب الْبَيَان عَنهُ أَنه قَالَ:«إِن الْأَيَّام المعلومات أَرْبَعَة: يَوْم عَرَفَة والنحر ويومان بعده» . فَغَرِيب، وَالْمَعْرُوف عَنهُ مَا تقدم، وَنقل صَاحب الْبَيَان مثله عَن عَلّي، وَاتفقَ الْعلمَاء عَلَى أَن الْأَيَّام المعدودات هِيَ أَيَّام التَّشْرِيق، وَهِي ثَلَاثَة بعد يَوْم النَّحْر. قَالَ: ومذهبنا أَن الْأَيَّام المعلومات هِيَ الْعشْر الأول من ذِي الْحجَّة آخرهَا يَوْم النَّحْر. وَقَالَ مَالك: وَهِي ثَلَاثَة أَيَّام، يَوْم النَّحْر ويومان بعده. فالحادي عشر وَالثَّانِي عشر عِنْده من المعلومات والمعدودات. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: ثَلَاثَة أَيَّام: يَوْم عَرَفَة، والنحر، وَالْحَادِي عشر. كَذَا نَقله عَنهُ، وَنقل الزَّمَخْشَرِيّ (فِي كشافه) عَنهُ وَعَن
صَاحِبيهِ (كمذهبنا) قَالَ صَاحب الْبَيَان: وَفَائِدَة الْخلاف أَن عندنَا يجوز ذبح الْهَدَايَا والضحايا فِي أَيَّام التَّشْرِيق كلهَا، وَعند مَالك لَا يجوز فِي الْيَوْم الثَّالِث. وَقَالَ: فِي الْعِيد فَائِدَة وَصفه بِأَنَّهُ مَعْلُوم جَوَاز النَّحْر فِيهِ (وَفَائِدَة أَنه مَعْدُود، انْقِطَاع الرَّمْي فِيهِ) .