الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الثَّالِث
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: « (أَيّمَا) صبي حج ثمَّ بلغ فَعَلَيهِ حجَّة الْإِسْلَام، وَأَيّمَا عبد حج ثمَّ عتق فَعَلَيهِ حجَّة الْإِسْلَام» .
هَذَا الحَدِيث مَرْوِيّ مُرْسلا ومتصلاً، أما المرسلُ؛ فَمن حَدِيث مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي أُرِيد أَن أجدد فِي صُدُور الْمُؤمنِينَ، أَيّمَا صبي حجَّ بِهِ أَهله فَمَاتَ أَجْزَأَ عَنهُ، وَإِن أدْرك فَعَلَيهِ الْحَج، وَأَيّمَا مَمْلُوك حج بِهِ أَهله فَمَاتَ أَجْزَأَ عَنهُ، وَإِن أعتق فَعَلَيهِ الْحَج» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «مراسيله» هَكَذَا، قَالَ عبد الْحق: وَهُوَ مُرْسل ومنقطع وَلَيْسَ بِمُتَّصِل السماع.
قلت: وَسَببه أَن أَبَا دَاوُد رَوَاهُ (عَن) أَحْمد، ثَنَا وَكِيع، عَن يُونُس، قَالَ: سَمِعت شَيخا يحدث أَبَا إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن كَعْب، وَمُحَمّد تَابِعِيّ وَلم يذكر عَمَّن أَخذه.
وَأما الْمُتَّصِل؛ فَمن حَدِيث عبد الله (بن عَبَّاس) رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «أَيّمَا صبي حج ثمَّ بلغ الْحِنْث فَعَلَيهِ أَن يحجّ
حجَّة أُخْرَى، وَأَيّمَا أَعْرَابِي حج ثمَّ هَاجر فَعَلَيهِ حجَّة أُخْرَى، وَأَيّمَا عبد حج ثمَّ أعتق فَعَلَيهِ حجَّة أُخْرَى» . وَهُوَ حَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» و «خلافياته» ، وَأَبُو مُحَمَّد بن حزم فِي «محلاه» من حَدِيث مُحَمَّد بن الْمنْهَال، عَن يزِيد بن زُرَيْع، عَن شُعْبَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي ظبْيَان، عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا. وَاللَّفْظ الْمَذْكُور هُوَ لفظ الْبَيْهَقِيّ، وَلَفظ الْحَاكِم:«إِذا حج الصَّبِي (فَلهُ) حجَّة حَتَّى يعقل، (وَإِذا) عقل فَعَلَيهِ حجَّة أُخْرَى، وَإِذا حج الْأَعرَابِي (فَلهُ) حجَّة، وَإِذا هَاجر فَعَلَيهِ حجَّة أُخْرَى» وَلَفظ ابْن حزم: «إِذا حج الصَّبِي فَهِيَ لَهُ حجَّة صبي حَتَّى يعقل (فَإِذا) عقل فَعَلَيهِ حجَّة أُخْرَى، وَإِذا حج الْأَعرَابِي (فَهِيَ لَهُ حجَّة أَعْرَابِي (فَإِذا) هَاجر فَعَلَيهِ حجَّة أُخْرَى» ثمَّ ذكره بِلَفْظ الْبَيْهَقِيّ إِلَّا أَنه أسقط ذكر «الْأَعرَابِي» ) ، نعم ذكره كَذَلِك بِإِسْقَاط الصَّبِي فِي «كتاب الْإِعْرَاب» عَلَى مَا حَكَاهُ عبد
الْحق فِي «أَحْكَامه» عَنهُ. قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ. وَقَالَ ابْن حزم: هَذَا حَدِيث صَحِيح ورواتُه ثِقَات. وَقَالَ فِي (كتاب)«الْإِعْرَاب» : هَذَا إِسْنَاد رِجَاله أَئِمَّة وثقات. و (قَالَ) الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» بعد مقَالَة شَيْخه الْحَاكِم هَذِه: أَظن أَن شَيخنَا حمل حَدِيث عَفَّان وَغَيره عَلَى حَدِيث يزِيد بن زُرَيْع (فَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا رَوَاهُ أَصْحَاب شُعْبَة عَنهُ مَوْقُوفا سُوَى ابْن زُرَيْع)(فَإِن) مُحَمَّد بن الْمنْهَال (ينْفَرد) بِرَفْعِهِ عَنهُ. وَرَوَاهُ فِي «سنَنه» أَيْضا كَذَلِك مَوْقُوفا عَلَيْهِ، وَقَالَ: تفرد بِرَفْعِهِ مُحَمَّد بن الْمنْهَال، عَن يزِيد بن زُرَيْع، عَن شُعْبَة، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن (الْأَعْمَش) مَوْقُوفا، وَهُوَ الصَّوَاب.
قلت: وَلَك أَن تَقول: مُحَمَّد بن الْمنْهَال ثِقَة ضَابِط من رجال «الصَّحِيحَيْنِ» (فَلَا) يضر تفرده بِرَفْعِهِ، عَلَى أَنه لم ينْفَرد بِهِ؛ بل توبع. قَالَ ابْن (أبي) شيبَة فِي «مُصَنفه» : نَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي ظبْيَان، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: «احْفَظُوا عني - وَلَا تَقولُوا: قَالَ
ابْن عَبَّاس - أَيّمَا عبد حجَّ بِهِ أَهله ثمَّ أُعتق (فَعَلَيهِ) الْحَج، وَأَيّمَا صبي حج بِهِ أَهله صبيًّا ثمَّ أدْرك فَعَلَيهِ حجَّة الرجل، وَأَيّمَا أَعْرَابِي حج (أعرابيًّا) ثمَّ هَاجر فَعَلَيهِ حجَّة المُهَاجر» وَهَذَا ظَاهر فِي الرّفْع؛ بل قَطْعِيّ. وَكَذَا أخرجه الطَّحَاوِيّ (بِسَنَدِهِ) ، وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي «جمعه لحَدِيث الْأَعْمَش» من حَدِيث مُحَمَّد بن الْمنْهَال، عَن يزِيد بن زُرَيْع، وَمن حَدِيث الْحَارِث بن سُرَيج أبي عمر الْخَوَارِزْمِيّ (قَالَ) : نَا (يزِيد) بن زُرَيْع، عَن شُعْبَة بِهِ. (وَذكره) الْخَطِيب فِي «تَارِيخ بَغْدَاد» من حَدِيث ابْن الْمنْهَال والْحَارث قَالَا: ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع، عَن شُعْبَة
…
فَذكره بِلَفْظ الْحَاكِم، ثمَّ قَالَ: لم يرفعهُ إِلَّا يزِيد بن زُرَيْع، عَن شُعْبَة، وَهُوَ غَرِيب.
قلت: والْحَارث هَذَا هُوَ النقال - بالنُّون - ضعفه النَّسَائِيّ وَغَيره، وَقَالَ الْأَزْدِيّ: تكلمُوا فِيهِ حَسَدًا.
فَائِدَة: المُرَاد بالأعرابي هُنَا الْكَافِر إِذْ كَانَ الْكفْر هُوَ الْغَالِب حِينَئِذٍ عَلَى الْأَعْرَاب، وَقد نَبَّهَ عَلَى ذَلِك ابنُ الصّلاح فِي «مشكله» (قَالَ) : وَقد (جَاءَ)(إِطْلَاق) الْأَعْرَاب، وَالْمرَاد (بهم) الْكفَّار فِي غير