الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الثَّانِي
هَذَا الحَدِيث مَوْجُود فِي بعض نسخ الرَّافِعِيّ وَله طرق:
إِحْدَاهَا: من حَدِيث صَفْوَان بن أُميَّة «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اسْتعَار مِنْهُ أدرعًا يَوْم (حنين) . فَقلت: أغصب يَا مُحَمَّد؟ فَقَالَ: لَا؛ بل عَارِية مَضْمُونَة» .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث شريك، عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع، عَن أُميَّة بن صَفْوَان، عَن أَبِيه بِهِ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا فِي «سنَنه» وَالْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» وَذكر لَهُ شَاهدا من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَسَيَأْتِي، زَاد أَحْمد وَالنَّسَائِيّ:«فَضَاعَ بَعْضهَا، فَعرض عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يضمنهَا لَهُ، فَقَالَ: أَنا الْيَوْم يَا رَسُول الله فِي الْإِسْلَام (أَرغب) » قَالَ الْبَيْهَقِيّ: رَوَاهُ قيس بن الرّبيع عَن عبد الْعَزِيز
[عَن] ابْن أبي مليكَة [عَن أُميَّة] بن صَفْوَان عَن أَبِيه.
قلت: ورده ابْن حزم فَإِنَّهُ ذكره فِي «محلاه» من طَرِيق النَّسَائِيّ وَقَالَ: لَا يَصح (قَالَ:) وَشريك مُدَلّس للمنكرات، وَقد رَوَى البلايا وَالْكذب الَّذِي لَا شكّ فِيهِ عَن الثِّقَات.
وَتَبعهُ ابْن الْقطَّان فَقَالَ: إِنَّه من رِوَايَة شريك عَن عبد الْعَزِيز، وَلم يقل:«ثَنَا» وَهُوَ مُدَلّس. وَتوقف الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الْإِلْمَام» فِي تَصْحِيحه من وَجه آخر، وَهُوَ معرفَة حَال أُميَّة بن صَفْوَان، فَقَالَ - بعد أَن عزاهُ إِلَى «الْمُسْتَدْرك» -: لَعَلَّه (علم) حَال أُميَّة.
قلت: وحالته مَعْلُومَة، أخرج لَهُ مُسلم فِي «صَحِيحه» وَذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» قَالَ الْحَافِظ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ: هَذَا الحَدِيث مَحْفُوظ عَن صَفْوَان بن أُميَّة، وَيروَى عَن أُميَّة بن صَفْوَان أَيْضا عَن أَبِيه. قَالَ: وَرَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو زَكَرِيَّا من حَدِيث أُميَّة الْقرشِي.
قلت: وَرُوِيَ مُرْسلا من حَدِيث جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن (أَبِيه «أَن)
صَفْوَان بن أُميَّة أعَار رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سِلَاحا هِيَ ثَمَانُون درعًا، فَقَالَ لَهُ: أعارية مَضْمُونَة أم غصبا؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: بل عَارِية مَضْمُونَة» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث أنس بن عِيَاض اللَّيْثِيّ عَن جَعْفَر بِهِ، ثمَّ قَالَ: وَبَعض هَذِه الْأَخْبَار وَإِن كَانَ مُرْسلا؛ فَإِنَّهُ يقوى بشواهد مَعَ مَا تقدم من الْمَوْصُول.
قلت: وَرَوَاهُ الْحَارِث بن أبي أُسَامَة، عَن يَحْيَى بن أبي بكير، ثَنَا نَافِع، عَن صَفْوَان بن أُميَّة «أَنه اسْتعَار مِنْهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم (سِلَاحا) (قَالَ: مَضْمُونَة؟) فَقَالَ: مَضْمُونَة» رده ابْن حزم بِأَن قَالَ: الْحَارِث مَتْرُوك - وَلَيْسَ بجيد مِنْهُ - وَيَحْيَى هَذَا لم يدْرك نَافِعًا، وَأَعْلَى من عِنْده شُعْبَة، وَلَا نعلم لنافع سَمَاعا من صَفْوَان أصلا، وَالَّذِي لَا شكّ فِيهِ أَن صَفْوَان مَاتَ أَيَّام عُثْمَان قبل الْفِتْنَة.
الطَّرِيق الثَّانِي: من حَدِيث جرير، عَن [عبد الْعَزِيز بن] رفيع، عَن أنَاس من آل عبد الله بن صَفْوَان أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَا صَفْوَان، هَل عنْدك من سلَاح؟ قَالَ: عَارِية أم غصبا؟ قَالَ: لَا؛ بل عَارِية. فأعاره مَا بَين الثَّلَاثِينَ إِلَى الْأَرْبَعين درعًا، وغزا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حنينًا، فَلَمَّا هزم الْمُشْركين جُمعت دروع صَفْوَان، ففقد مِنْهَا أدراعًا، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّا قد فَقدنَا من أدرعك أدراعًا، فَهَل نغرمها لَك؟ قَالَ: لَا يَا رَسُول الله؛ لِأَن فِي قلبِي الْيَوْم مَا لم يكن يَوْمئِذٍ» .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» كَذَلِك ثمَّ رَوَاهُ من حَدِيث أبي الْأَحْوَص، عَن ابْن رفيع، عَن عَطاء، عَن نَاس من أهل صَفْوَان
…
فَذكره بِمَعْنَاهُ.
الطَّرِيق الثَّالِث: من حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اسْتعَار من صَفْوَان بن أُميَّة أدرعًا و (سِلَاحا) فِي غَزْوَة حنين، قَالَ: يَا رَسُول الله، أعارية مُؤَدَّاة؟ قَالَ: عَارِية مُؤَدَّاة» رَوَاهُ الْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» شَاهدا لحَدِيث صَفْوَان السالف أَولا، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم.
الطَّرِيق الرَّابِع: من حَدِيث جَابر بن عبد الله رضي الله عنهما «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَار إِلَى حنين
…
» فَذكر الحَدِيث، وَفِيه:«ثمَّ بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى صَفْوَان بن أُميَّة فَسَأَلَهُ أدراعًا عِنْده مائَة درع وَمَا يصلحها من عدتهَا، فَقَالَ: أغصبًا يَا مُحَمَّد؟ فَقَالَ: بل عَارِية مَضْمُونَة حَتَّى نؤديها [إِلَيْك] » .
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» وَقَبله شَيْخه الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» فِي أول مَنَاقِب سيدنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد.
الطَّرِيق الْخَامِس: من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن صَفْوَان بن أُميَّة «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (اسْتعَار من صَفْوَان بن أُميَّة دروعًا فَهَلَك بَعْضهَا، فَقَالَ
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم) : إِن شِئْت غرمناها لَك» .
رَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث إِسْرَائِيل عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن ابْن أبي مليكَة عَن عبد الرَّحْمَن بِهِ. وَعبد الرَّحْمَن هَذَا ذكره ابْن حبَان فِي طبقَة التَّابِعين، وَذكره غَيره فِي الصَّحَابَة، وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ لَهُ رِوَايَة. فَهَذِهِ طرق هَذَا الحَدِيث، وَبَعضهَا يقوى بِبَعْض، وَلما ذكر عبد الْحق (فِي «أَحْكَامه» ) الطَّرِيق الأول من جِهَة النَّسَائِيّ قَالَ: حَدِيث يعْلى أصح مِنْهُ. وَحَدِيث يعْلى ذكره قبله من عِنْد أبي دَاوُد قَالَ: قَالَ (لي) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذا أتتك رُسُلِي فادفع إِلَيْهِم ثَلَاثِينَ درعًا وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا. فَقلت: يَا رَسُول الله، أعارية مَضْمُونَة أم عَارِية مُؤَدَّاة؟ (قَالَ: بل مُؤَدَّاة) » قَالَ ابْن الْقطَّان (لماذا رجح عَلَيْهِ؟ ثمَّ بَينه بتدليس شريك كَمَا أسلفناه) .
قلت: وَصحح حَدِيث يعْلى هَذَا (أَبُو حَاتِم بن) حبَان فِي «صَحِيحه» . وَقَالَ ابْن حزم: إِنَّه حَدِيث حسن لَيْسَ فِي شَيْء مِمَّا رُوِيَ فِي الْعَارِية خبر يَصح (غَيره) وَأما مَا سواهُ فَلَيْسَ يُسَاوِي الِاشْتِغَال بِهِ.