الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَكَأَنَّهُ) قالهما (جَمِيعًا. وَفِي) الْبَيْهَقِيّ أَن «أَو» لَيست للشَّكّ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ مَالك؛ بل للتقسيم، وَالْمرَاد: يريق دَمًا سَوَاء تَركه عمدا أم سَهوا. وَرَوَاهُ الشَّافِعِي عَن مَالك كَمَا سلف، وَكَذَا الْبَيْهَقِيّ من جِهَته، ثمَّ قَالَ: وَرَوَى لَيْث بن أبي سليم، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ:« (إِذا) جَاوز الْوَقْت فَلم يحرم فَإِن خشِي أَن يرجع إِلَى الْوَقْت فَإِنَّهُ يحرم وأهراق (دَمًا لذَلِك) » .
الحَدِيث الْحَادِي الْعشْر
«أنَّه صلى الله عليه وسلم لم يحرم إِلَّا من الْمِيقَات» .
هَذَا لَا شكّ فِيهِ وَلَا ريب، وَمن تَأمل الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي «الصَّحِيحَيْنِ» وَغَيرهمَا فِي حجَّته حجَّة الْوَدَاع وجده مطابقًا لذَلِك.
الحَدِيث الثَّانِي عشر
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: «من أحرم من الْمَسْجِد الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام بِحجَّة أَو عمْرَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد من حَدِيث ابْن لَهِيعَة، عَن جَعْفَر بن ربيعَة، عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة، عَن أم حَكِيم السلمِيَّة، عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم (أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم) قَالَ: «من
أَحْرَمَ من بَيت الْمُقَدّس غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه» وَفِي لفظ: «من أَهَلَّ من الْمَسْجِد الْأَقْصَى بِعُمْرَة، أَو (بِحجَّة) » وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، عَن أَحْمد بن صَالح نَا ابْن أبي فديك، عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن يُحَنَّس، عَن يَحْيَى بن أبي سُفْيَان الأخنسي، عَن جدَّته حُكيمة أم حَكِيم، عَن أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول:«من أَهَلَّ بحجةٍ أَو عُمرةٍ من الْمَسْجِد الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام؛ غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر، أَو وَجَبت لَهُ الْجنَّة» شكّ عبد الله السالف أَيهمَا قَالَ. وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من طَرِيقين، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، إِحْدَاهمَا: عَنهُ قَالَ: حَدثنِي سُلَيْمَان بن سحيم، عَن أم حَكِيم بنت أُميَّة، عَن أم سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«من أَهَلَّ بِعُمْرَة من بَيت الْمُقَدّس غفر لَهُ» . (ثَانِيهمَا) : عَنهُ، عَن يَحْيَى بن أبي سُفْيَان، عَن أمه أم حَكِيم بنت أُميَّة، عَن أم سَلمَة، (قَالَت) : قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم «من أهل بِعُمْرَة من بَيت الْمُقَدّس، كَانَت كَفَّارَة لما قبلهَا من الذُّنُوب. (قَالَت) : فَخَرَجْتُ - (أَي) من بيتِ المقدسِ - بعمرةٍ» وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» من طرق إِحْدَاهَا: طَرِيق أبي دَاوُد وَلَفظه، إِلَّا أَنه قَالَ:«بحجٍّ» بدل «بحجَّةٍ»
وَقَالَ: «وَوَجَبَت لَهُ الْجنَّة» من غير شكّ. ثَانِيهَا كَذَلِك إِلَّا أَنه (قَالَ) : عَن يَحْيَى، عَن أمه، عَن أم سَلمَة - رفعته -:«من (أقدم) (من) بَيت الْمُقَدّس بِحَجّ أَو عمْرَة كَانَ من ذنُوبه (كَيَوْم) وَلدته أمه» وَفِي سَنَد هَذِه: الْوَاقِدِيّ، عَن عبد الله بن يحنس.
ثَالِثهَا: من طَرِيق ابْن مَاجَه الأولَى، لكنه قَالَ: عَن سُلَيْمَان بن سليم، عَن يَحْيَى بن أبي سُفْيَان، عَن أمه أم حَكِيم، عَن أم سَلمَة مَرْفُوعا:«من أهل بِحجَّة أَو عمْرَة من بَيت الْمُقَدّس غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه» وأعل هَذَا الحَدِيث (أَبُو مُحَمَّد) بن حزم فَإِنَّهُ ذكره فِي «محلاه» من طَرِيق أبي دَاوُد وَمن طَرِيق ابْن مَاجَه الأولَى، ثمَّ قَالَ:(هَذَانِ) الأثران لَا يشْتَغل بهما من لَهُ أدنَى علم بِالْحَدِيثِ (لِأَن) يَحْيَى بن [أبي] سُفْيَان الأخنسي، وجدته حكيمة، وَأم حَكِيم بنت أُميَّة لَا يُدْرى من هم من النَّاس، وَلَا يجوز مُخَالفَة مَا صَحَّ بِيَقِين بِمثل
هَذِه المجهولات الَّتِي لم تصح قطّ. هَذَا آخر كَلَامه ومقتضاهُ أنَّ أم حَكِيم غير حكيمة وَهِي هِيَ؛ فَإِنَّهَا أم حَكِيم حكيمة بنت أُميَّة بن الْأَخْنَس بن عبيد جدة يَحْيَى بن أبي سُفْيَان، وَقيل: أمه، وَقيل: خَالَته، رَوَى عَنْهَا (يَحْيَى) بن أبي سُفْيَان، (وَسليمَان) بن سحيم ذكرهَا ابْن حبَان فِي «ثقاته» . وَيَحْيَى بن أبي سُفْيَان الأخنسي رَوَى عَنهُ جمَاعَة، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: شيخ من شُيُوخ الْمَدِينَة لَيْسَ بالمشهور. وَذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» ، رَوَى عَن أم حَكِيم فارتفعت (عَنْهَا) الْجَهَالَة العينية والحالية، لَا جرم أخرجه ابْن حبَان فِي «صَحِيحه» من طَرِيق سُلَيْمَان بن سُحيم [عَن يَحْيَى بن أبي سُفْيَان الأخنسي] عَن أمه أم حَكِيم، عَن أم سَلمَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (يَقُول) :«من أهل من الْمَسْجِد الْأَقْصَى بِعُمْرَة غُفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه. (قَالَ) : (فركبَتْ) أمُّ حَكِيم إِلَى بَيت الْمُقَدّس (حَتَّى) (أَهَلَّتْ) بِعُمْرَة» . وأعلَّه عبد
الْحق بِمَا ناقشهُ فِيهِ ابْن الْقطَّان فَإِن (عبد الْحق) قَالَ: فِي إِسْنَاده يَحْيَى الأخنسي، قَالَ أَبُو حَاتِم فِيهِ: إِنَّه شيخ من شُيُوخ الْمَدِينَة، لَيْسَ بالمشهور مِمَّن يحْتَج بِهِ. قَالَ ابْن الْقطَّان: كَذَا ذكر عَن أبي حَاتِم، وَلَيْسَ عِنْده فِي كِتَابه لَفْظَة:«مِمَّن يحْتَج بِهِ» . وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَلَعَلَّ الإشبيلي ظَفَر بِهَذِهِ اللَّفْظَة فِي غير «الْجرْح وَالتَّعْدِيل» ، وأَعَلَّه غَيرهمَا بأمرٍ آخر، ذكر الدارقطني فِي «علله» أَنه اختُلِف فِي إِسْنَاده، وَهُوَ كَمَا قَالَ كَمَا شاهدته، وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ: اخْتلفت (الروَاة) فِي مَتنه وَإِسْنَاده اخْتِلَافا كثيرا. وَقَالَ فِي كَلَامه عَلَى «الْمُهَذّب» : إِنَّه حَدِيث غَرِيب. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : إِسْنَاده لَيْسَ بِالْقَوِيّ. ثمَّ أنكر عَلَى صَاحب «الْمُهَذّب» حَيْثُ رَوَى حَدِيث أم سَلمَة هَذَا بِلَفْظ: «وَوَجَبَت لَهُ الْجنَّة» بِالْوَاو، فَقَالَ: كَذَا وَقع فِي أَكثر كتب الْفِقْه. قَالَ: وَالصَّوَاب «أَو وَجَبت» ب «أَو» بِالشَّكِّ، أَي كَمَا تقدم عَن أبي دَاوُد، قَالَ: وَكَذَا هُوَ ب «أَو» فِي كتب الحَدِيث، وصرحوا بِأَنَّهُ شكّ من عبد الله بن عبد الرَّحْمَن. وَقد (أسلفناه) لَك من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث (عبد الله) الْمَذْكُور